جلسة 22 من يوليه سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم وفا، محمد السعيد رضوان نائبي رئيس المحكمة، حماد الشافعي وعزت البنداري.
---------------
(229)
الطعن رقم 473 لسنة 56 القضائية
(1، 2) خبرة. محكمة الموضوع. مسئولية. نقض.
(1) مباشرة الخبير الحسابي للمأمورية. النعي بأنه لا دراية له بالمسائل الهندسية. لا محل له. علة ذلك.
(2) تكييف محكمة الموضوع للفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية من سلطة محكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغاً.
(3) تأمينات اجتماعية. "إصابة عمل". تعويض. عمل.
حق المؤمن عليه المصاب في اللجوء إلى القضاء للحصول على تعويض تكميلي من صاحب العمل أياً كانت درجة خطأ هذا الأخير م 68 ق 79 لسنة 1975.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 631 لسنة 1981 عمال كلي شمال القاهرة على الطاعنة - مؤسسة مصر للطيران – وطلب الحكم بإلزامها بدفع مبلغ ثمانية آلاف جنيه على سبيل التعويض. وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 8/ 1978 أصيب أثناء قيامه بإصلاح المحرك الأيسر للطائرة 737 إذ فوجئ بدوران المحرك وشفطه لذراعه الأيمن ونتج عن ذلك إصابته بعجز مستديم بفقد يده اليمنى وبترها من أسفل الكوع، وقد وقعت هذه الإصابة نتيجة لعدم اتخاذ جانب العناية والحيطة والتحذير والتنبيه عند إدارة المحرك للتجربة للابتعاد عن أماكن الخطر في مثل هذه الأحوال وعدم إتباع الطاعنة أساليب الوقاية اللازمة وأن المبلغ المطلوب هو تعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء ذلك ومن ثم أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبتاريخ 24/ 12/ 1984 حكمت برفض الدعوى استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 240 لسنة 102 ق لدى محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ 18/ 12/ 1985 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده تعويضاً قدره خمسة آلاف جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين أولهما من ثلاثة أوجه تنعى الطاعنة بالوجه الثالث منها على الحكم المطعون فيه البطلان للقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف ببطلان تقرير الخبير وانعدامه وطلبت إعادة المأمورية لمكتب الخبراء لندب خبير هندسي في الطيران بدلاً من الخبير الحسابي الذي باشر المأمورية التي تقوم على معرفة ما إذا كان هناك خطأ في جانبها وهي بذلك تستلزم خبيراً فنياً على درجة معينة من الإلمام بهندسة الطيران، وإذ اعتمد الحكم تقرير الخبير فإن هذا القضاء يكون واضح الفساد وقد أخل بحقها في الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بهذا الوجه مردود ذلك أنه من المقرر أن للخبير أن يستعين عند القيام بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها، وأن الرأي الذي ينتهي إليه الخبير في تقريره نتيجة أبحاثه الشخصية يكون محل مناقشة من الخصوم ومحل تقدير موضوعي من المحكمة مما لا وجه معه للنعي بأن الخبير الذي باشر المأمورية خبير حسابي لا دراية له بالمسائل الهندسية التي يتطلبها بحث موضوع النزاع، ويضحى النعي بذلك على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الثابت من التحقيقات أن المطعون ضده هو الذي تسبب بخطئه في وقوع الحادث بعدم اتخاذ التدابير الواقية والحيطة الواجبة عند إدارته للمحرك، وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى ثبوت الخطأ في جانبها في عبارة مبتسرة واستخلاص غير سائغ، كما أنه بفرض ثبوت الخطأ فإنه لا يكفي إذ يجب لإلزامها بالتعويض أن يكون هذا الخطأ جسيماً، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه وبين الضرر هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته بصدد استخلاص خطأ المؤسسة الطاعنة وما نتج عنه من ضرر بقوله"... وكان الثابت من تقرير الخبير أن الشركة المستأنف عليها قد عقدت اجتماعاً في 26/ 8/ 1978 لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع الحوادث وسرعة تنفيذ تجهيز الحبال لاستعمالها كاردون أمام وخلف جميع المحركات لحين البت في أمر شراء أو عمل شبكة واقية الأمر الذي يقطع بأن المستأنف عليه بصفته لم يتخذ التدابير اللازمة لوقاية المستأنف وأن الضرر وقع للمستأنف نتيجة إهمال المستأنف عليه في اتخاذ تلك التدابير..." فإن الحكم يكون قد استند في استخلاص خطأ الطاعنة إلى أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويضحى التمسك بثبوت الخطأ في جانب المطعون ضده دون الطاعنة جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة لما كان ذلك وكان النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذي يحكم واقعة النزاع على أنه "لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقاً لأي قانون آخر. كما لا يجوز لهم ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه "يدل على أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها المنصوص عليه في الباب الرابع في تأمين إصابات العمل لا يخل بحق المؤمن عليه في اللجوء إلى القضاء للحصول على تعويض تكميلي من صاحب العمل إذا كان التعويض المقرر له بمقتضى قانون التأمين الاجتماعي غير كاف لجبر الضرر الذي لحق به بسبب الإصابة أياً كانت درجة خطأ صاحب العمل أي دون التفات إلى جسامة الخطأ أو بساطته. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون النعي على الحكم بسببيه على غير أساس مما يتعين معه رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق