الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 سبتمبر 2021

الطعن 13 لسنة 27 ق جلسة 4 / 4 / 1962 مكتب فني 13 ج 2 أحوال شخصية ق 59 ص 403

جلسة 4 من أبريل سنة 1962

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين/ فرج يوسف، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكرى.

---------------

(59)
الطعن رقم 13 لسنة 27 ق (أحوال شخصية)

( أ ) موظفون "الفصل بغير الطريق التأديبي". "مناط حق الفصل الإداري".
لجهة الإدارة الحق في فصل موظفيها بلا محاكمة تأديبية. سلطة تقديرية مطلقة من حيث موضوعها. مقيدة من حيث غايتها. حق الفصل مقيد بعدم تجاوز السلطة أو التعسف في استعمالها.
(ب) موظفون. "فصل الموظف إداريا" "أسباب الفصل" "رقابة المحاكم".
عدم التزام جهة الإدارة بتسبيب قرار الفصل. خضوع أسباب الفصل الظاهرة من القرار الصادر به لرقابة المحاكم.
(جـ) مرافق عامة. مؤسسات عامة. "علاقتها بموظفيها" "إدارة النقل المشترك بالإسكندرية". "القانون الواجب التطبيق".
إدارة النقل العام بمدينة الإسكندرية تباشر مرفقا عاما من مرافق الدولة ولها شخصية معنوية مستقلة. اعتبارها مؤسسة عامة. علاقتها بموظفيها علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح. لا يعيب الحكم استناده إلى أحكام قانون عقد العمل الفردي طالما أن النتيجة التي انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق.

------------------
1 - لجهة الإدارة الحق في فصل موظفيها بلا حاجة إلى محاكمة تأديبية وهي تنفرد بتقدير صلاحية الموظف واستمرار استعانتها به أو عدم استمرارها، إلا أنه ليس معنى ذلك أن تستعمل هذا الحق على هداها ذلك أن هذه السلطة التقديرية وإن كانت مطلقة من حيث موضوعها إلا أنها - على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - مقيدة من حيث غايتها التى يلزم أن تقف عند حد تجاوز هذه السلطة والتعسف في استعمالها(1).
2 - لا تلتزم جهة الإدارة ببيان أسباب فصل الموظف إلا أنه إذا بدت هذه الأسباب من القرار الصادر به فإنها تكون خاضعة لسلطة المحاكم التقديرية(2).
3 - لإدارة النقل المشترك بمنطقة الإسكندرية الشخصية المعنوية وهى مؤسسة عامة ولذلك تكون علاقتها بموظفيها علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح - وإذا كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه إلى أحكام قانون عقد العمل الفردي دون تلك القوانين واللوائح فان ذلك لا يعيبه طالما أن النتيجة التي انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق(3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 20 لسنة 1955 كلى الإسكندرية ضد الطاعنة مطالبا بمبلغ 20000 جنيه وقال شرحا لدعواه إنه تخرج من كلية الهندسة بتفوق سنة 1924 وعين إثر ذلك مهندسا بقسم الكهرباء بالسكة الحديدية ثم سافر في بعثة إلى سويسرا للتخصص في السكك الحديدية والكهربائية وبعد عودته ندب مراقبا فنيا بسكة حديد الرمل (وقد سميت فيما بعد بإدارة النقل المشترك) واستمر في عمله على خير وجه حتى عين كبيرا لمهندسيها وفى سنة 1945 استقال من وظيفته من مصلحة السكك الحديدية وفى 22 يناير سنة 1946 صدر قرار من مجلس إدارة النقل المشترك بإعادة تعيينه فيها واستمر في عمله بجد وعناية حتى فوجئ في 11 فبراير سنة 1954 بالاستغناء عن خدماته دون سابق إنذار ورغم ما في سجل خدمته من شهادات رسمية تدل على كفايته وقيامه بعمله على خير وجه وفصل مفردات المبلغ المطلوب طبقا للبيان الآتي:

مليم

جنيه

 

280

99

مرتب شهر إنذار.

840

297

مرتب ثلاثة شهور أجازة متوفرة.

800

2233

مكافأة عن مدة الخدمة.

080

12369

تعويض مادى عن المدة الباقية له حتى بلوغ السن القانونية.

000

5000

تعويض أدبى.

000

20000

المجموع.

فدفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن الاختصاص منعقد للقضاء الإداري وفى الموضوع طلبت رفض الدعوى مع إثبات عرضها صرف مبلغ 1194 جنيها و945 مليما الذى سبق أن عرضته على المطعون عليه بخطاب سابق وهو يشمل المكافأة وبدل الإنذار والأجازة فقضت المحكمة في 30 أكتوبر سنة 1955 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 4202 ج و459 مليما والمصروفات المناسبة ومقابل أتعاب المحاماة ورفضت الدفع بعدم الاختصاص في أسباب حكمها وأسست قضاءها على أن المطعون عليه لا يعتبر موظفا عموميا وأن العلاقة بينه وبين الطاعنة تعاقدية يحكمها قانون عقد العمل الفردي وبينت المبلغ المحكوم به على الوجه الآتي:

مليم

جنيه

 

280

99

مرتب شهر بدل إنذار.

840

297

مرتب ثلاثة شهور مقابل الأجازة.

059

1224

مكافأة.

280

2581

تعويض عن الفصل.

459

4202

المجموع.

فطعن المطعون عليه على هذا الحكم بالاستئناف رقم 425 سنة 11 ق إسكندرية طالبا تعديله إلى مبلغ 20000 جنيه كما أقامت الطاعنة استئنافا عنه قيد برقم 444 سنة 11 ق استئناف الإسكندرية طالبة عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بالنسبة للمكافأة ورفض التعويض فيما زاد على مبلغ 1194 جنيها و945 مليما. وضم الاستئنافان معا وقضى فيهما بجلسة 3 إبريل سنة 1956 بالنسبة لطلب المكافأة بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص المحكمة المدنية بنظره وبالنسبة لما عدا ذلك من الطلبات بتأييد الحكم المستأنف وقد أعلن الحكم للطاعنة في 15 ديسمبر سنة 1956 فطعنت فيه بطريق النقض بتاريخ 13 يناير سنة 1957 وطلبت نقضه للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 26 نوفمبر سنة 1960 فقررت إحالته على هذه الدائرة، ونظر بجلسة 17 يناير سنة 1962 حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الحكم برفضه وصممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل الأول والثاني منها في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وشابه القصور والتخاذل في التسبيب والخطأ في الإسناد ذلك أن الطاعنة دفعت الدعوى بأن فصل المطعون عليه يرجع إلى عدم صلاحيته ولكن المحكمة رفضت هذا الدفاع بمقولة إن هذا السبب لم يذكر في قرار الفصل ولم يقم الدليل عليه في حين إن العمل جرى على عدم ذكر سبب الفصل في القرار رعاية للموظف المفصول وان إدارة النقل هى سلطة إدارية عامة تقع على عاتقها مسئولية إدارة المرفق لها الحق في اختيار موظفيها ومراقبتهم وفصل غير الصالح منهم لأن هذا الحق نتيجة حتمية لمسئوليتها وليس للمحكمة إلا أن تبحث الأمر الإداري بالفصل للتحقق من صدوره من الموظف المختص طبقا للأوضاع المقررة في القوانين واللوائح دون أن تطالب الإدارة بالإفصاح عن أسبابه لأن المفترض أن القرارات الإدارية تصدر تحقيقا لمصلحة عامة فإذا ادعى الموظف عكس ذلك كان عليه عبء إثبات ما يدعيه وقد قدمت الطاعنة لمحكمة الموضوع الأسباب المبررة لفصل المطعون عليه وهى تستند إلى تقارير ديوان المحاسبة التى فصلت المخالفات المنسوبة للمطعون عليه ولكن الحكم المطعون فيه قد اطرح هذه الأسباب بحجة أن الطاعنة لم تجر تحقيقا مع المطعون عليه في هذه المخالفات من تاريخ اكتشافها إلى تاريخ فصله وهذا الذى قرره الحكم يدخل في صميم السلطة التقديرية للطاعنة، ولما كانت الطاعنة قد أفصحت عن المبررات التي حدت إلى فصل المطعون عليه وهى ترجع إلى تحقيق المصلحة العامة وقائمة بذات المطعون عليه ولم يقم هو الدليل على أن الفصل كان ابتغاء غاية غير المصلحة العامة فإن المحكمة لم يكن لها أن تعدل عن القرينة القانونية على صحة بواعث الأمر الإداري وغايته ولا أن تبحث في ملاءمته أو عدم ملاءمة قرارها لخروج ذلك عن سلطة المحكمة كما أن استناد الحكم على المادة 29 من قانون عقد العمل الفردي للقول بسقوط المخالفات المنسوبة للمطعون عليه بمضي المدة في غير محله لأن هذا القانون لا يحكم العلاقة بين الطاعنة والمطعون عليه وإنما تحكمها اللائحة الداخلية للمرفق.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته ذلك أنه يبين من القوانين واللوائح الخاصة بإدارة النقل المشترك بمنطقة الإسكندرية (الطاعنة) أن علاقة هذه الإدارة بموظفيها ومستخدميها هي علاقة تنظيمية عامة تحكمها القوانين واللوائح. ففي 17 أكتوبر سنة 1946 صدر مرسوم بمنح هذه الإدارة الشخصية المعنوية وبذلك أصبحت مؤسسة عامة وفى 9 من يناير سنة 1954 صدر القانون رقم 22 لسنة 1954 بإنشاء إدارة النقل العام لمنطقة الإسكندرية، وحل محل المرسوم سالف الذكر، ونصت الفقرة العاشرة من المادة الخامسة من هذا القانون على أن مجلس الإدارة هو السلطة العليا التي تفصل في كل شئون الإدارة وله على وجه خاص وضع اللائحة الداخلية للإدارة على أن يبين فيها على الأخص النظم الخاصة بالموظفين والعمال دون التقيد بنظام موظفي الدولة وقد أصدر مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة في 24 أبريل سنة 1954 اللائحة الداخلية المشار إليها ونصت على أن مجلس الإدارة يختص بفصل الموظفين الذين يتقاضى كل منهم مرتبا شهريا يزيد على 25 جنيها أو الاستغناء عنهم، إذ كان ذلك، وكان حق الإدارة في صل موظفيها بلا حاجة إلى محاكمة تأديبية وتفردها بتقدير صلاحية الموظف واستمرار استعانتها به أو عدم استمرارها ليس معناه أن تستعمله على هداها ذلك أن هذه السلطة التقديرية وإن كانت مطلقة من حيث موضوعها، إلا أنها، وكما جرى به قضاء هذه المحكمة، مقيدة من حيث غايتها التي يلزم أن تقف عند حد تجاوز هذه السلطة والتعسف في استعمالها وأن الإدارة وإن كانت غير ملزمة ببيان أسباب فصل الموظف إلا أن هذه الأسباب إذا تبينت من القرار الصادر به فإنها تكون خاضعة لتقدير المحاكم، وكان الحكم المطعون فيه وهو بسبيل بحث دفاع الطاعنة في هذا الصدد قرر أن ملف المطعون عليه يدل على أنه ليس فيه ما يشينه وأنه "تقدم للإدارة في 3 يناير سنة 1954 بطلب استقالته من وظيفته مع ضم سنتين لمدة خدمته وأن مجلس إدارة النقل قرر فصله بجلسة 11 فبراير سنة 1954 وأثبت في هذا القرار العبارة الآتية عن مقدمي الاستقالة بشرط دفع مرتب سنتين - قرر المجلس الاستغناء ابتداء من 11 فبراير سنة 1954 عن خدمات السادة أحمد رضا كامل... مع صرف مكافآتهم... (تراجع صورة هذا القرار بملف خدمته ورقة رقم 306) مما تستخلص منه المحكمة أنه عندما صدر قرار مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 4 نوفمبر سنة 1953 المتضمن ضم مدة خدمة لا تتجاوز السنتين مع أداء الفرق بين المرتب والمعاش لموظفي الدرجة الثانية فأعلى الذين يقدمون طلبا في خلال ستين يوما باعتزال الخدمة متى أجاز المجلس ذلك - تقدم المهندس أحمد رضا كامل - المطعون عليه - كما تقدم غيره من كبار الموظفين بطلب اعتزال الخدمة مع ضم سنتين في الميعاد فلما صدر القانون رقم 22 لسنة 1954 الخاص بإنشاء إدارة النقل العام عرض هذا الطلب على مجلس الإدارة فقرر المجلس الاستغناء عن خدماته وخدمات مقدمي الاستقالة الآخرين مع حفظ حقهم في المكافأة وأغفل ضم السنتين مع ملاحظة أن المهندس أحمد رضا كامل لم يتقدم باستقالته إلا تطلعا منه إلى الميزة الخاصة والاستثنائية التي ينتفع بها في تلك الفترة المحدودة التي تعهدت فيها الحكومة لمن تقبل استقالته أن تضم لمدة خدمته سنتين هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن ضم السنتين هو شرط من شروط العمل بقرار مجلس الوزراء سالف الذكر. فلم يكن لإدارة النقل أن تقرر الاستغناء عنه دون صرف مرتب السنتين وليس لها أن تدعى أنها فصلته لعدم الصلاحية لتتنصل من هذا الالتزام وعرض الحكم المطعون فيه إلى دفاع الطاعنة من أنها فصلت المطعون عليه للمخالفات التى وردت في تقارير ديوان المحاسبة عن مراجعته لأعمال الإدارة والتي استدلت الطاعنة بها على عدم صلاحية المطعون عليه فقرر الحكم أن هذه التقارير مؤرخة في 22/ 11/ 1949، 7/ 8/ 1951، 16/ 12/ 1951 ولم تقدم الإدارة ما يثبت حصول تحقيق فيها ولا ما اتخذته ضد المهندس أحمد رضا كامل من إجراءات إلى تاريخ فصله في 11/ 2/ 1954 وحيث إن قرار مجلس إدارة النقل الخاص بالاستغناء عن خدماته لم يؤسس على أى مخالفة ارتكبها وأنه لو كان - كما تدعى إدارة النقل - فصل لعدم صلاحيته لكانت الإدارة قد فصلته في المدة من 3 يناير إلى 14 يناير سنة 1954 طبقا للقانون الخاص بفصل الموظفين الذين تبين عدم صلاحيتهم للوظيفة والذى كان يعطى الإدارة هذا الحق بالنسبة لموظفيها غير الصالحين... وحيث إنه يستفاد من القوانين الخاصة بإدارة النقل العام ولوائحها أن بالإدارة مجلس وعضو مجلس إدارة منتدب ومدير عام وكل له اختصاصه في وضع السياسة العامة للإدارة والإشراف عليها سواء أكانت إدارية أو فنية أو مالية - وما عمل المستأنف (المطعون عليه) إلا تنفيذ قراراتهم وهو مقيد بتنفيذها ولم تترك له الحرية والاستقلال في تنظيم العمل والصرف عليه على وجه يجعله مسئولا إن حدث خلل فيه فإذا كان هناك خلل أو خسائر وقعت للمصلحة فالمسئول عن هذا الخلل وهذه الخسائر هم المنوط بهم وضع السياسة العامة للإدارة والإشراف عليها والقائمين بالصرف لا المهندس المنفذ لقراراتهم وحيث إنه مما تقدم جميعه فمبررات الفصل التي ذكرتها إدارة النقل غير مقبولة"، وهذا الذى أورده الحكم تقدير موضوعي مما يدخل في سلطة المحكمة التقديرية ولا مخالفة فيه للقانون، إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس ويتعين رفضه ولا يعيب الحكم أن يكون قد استند إلى أحكام قانون عقد العمل الفردي ما دام أن النتيجة التي انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه التخاذل في تسبيبه في خصوص تقدير التعويض المحكوم به وذلك أنه قدره على أساس مرتب المطعون عليه في سنتين ثم أضاف إلى هذا التقدير المكافأة التي تستحق عن هاتين السنتين استنادا إلى أن الأخير كان قد قدم استقالته في 3 يناير سنة 1954 وطلب معاملته على مقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 نوفمبر سنة 1954 بتيسير خروج موظفي الحكومة من خدمتها، ومن ثم لم يكن للطاعنة أن تفصله من عمله دون ضم السنتين وفات الحكم أن الأمر لم يكن خاصا بقبول استقالته وإنما هو استعمال مجلس الإدارة لسلطته في الاستغناء عن خدمة المطعون عليه مما لا يدع مجالا لإعمال قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن وأنه على فرض صحة ما ذهب إليه الحكم فان هذا يؤدى إلى استحقاق مرتب سنتين فقط دون مرتب شهر عن مهلة الإنذار أو مرتب ثلاثة شهور مقابل الأجازة أو مرتب شهرين قيمة المكافأة عن السنتين المطلوب ضمهما.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تقدير مبلغ التعويض وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة مما تستقل به محكمة الموضوع ولم يعرض الحكم المطعون فيه إلى ما كان يستحقه المطعون عليه في حالة قبول طلب استقالته إلا من باب الاستئناس فقط في تقدير التعويض، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس متعين الرفض.


 (1)و (2) راجع نقض 29 مارس سنة 1962 مجموعة المكتب الفني ع 1 س 13 رقم 55 وهامش الصفحة 351 من العدد المذكور.
 (3)راجع نقض 15/ 2/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ع 1 رقم 38 "إدارة النقل العام بمدينة الإسكندرية تباشر مرفقا عاما ولها شخصية معنوية مستقلة. اعتبارها من أشخاص القانون العام".

الطلبات 21 سنة 28 و48 سنة 28 و1 سنة 29 ق جلسة 28 / 4 / 1962 مكتب فني 13 ج 2 رجال القضاء ق 3 ص 383

جلسة 28 من إبريل سنة 1962

برياسة السيد/ محمد عبد الرحمن يوسف نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين/ أحمد زكى كامل، ومحمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكى محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد الحميد السكرى.

------------------

(3)
الطلبات أرقام 21 سنة 28 و48 سنة 28 و1 سنة 29 ق "رجال القضاء"

(أ) أهلية (1). "ترقية". مجلس القضاء الأعلى.
وجود تقرير واحد للطالب بدرجة فوق المتوسط لا يكفى لتوافر الأهلية اللازمة للترقية طالما أن مجلس القضاء الأعلى لم ينتهج بالنسبة لزملائه الذين رقوا بمقتضى القرار المطعون فيه معيارا آخر لتقرير أهليتهم للترقية بأقل من تقريرين سابقين ومتتاليين بدرجة "فوق المتوسط".
(ب) تفتيش قضائي. "إيداع تقرير لاحق لصدور الحركة القضائية". أثره.
متى كان تقرير التفتيش القضائي يدل على حالة ثابتة تتعلق بأهلية الطالب وقت عمله في فترة سابقة على صدور القرار المطعون فيه فان إيداع هذا التقرير في تاريخ لاحق للقرار المذكور لا أثر له. اعتباره حاصلا في الفترة التي انصب عليها وبالتالي ينسحب إليها.

--------------
1 - وجود تقرير واحد للطالب بدرجة "فوق المتوسط" وقت صدور القرار المطعون فيه لا يكفى لمنحه الأهلية اللازمة للترقية أسوة بزملائه الذين رقوا بمقتضى هذا القرار طالما أنه لم يثبت أن مجلس القضاء الأعلى قد انتهج بالنسبة لهم معيارا آخر لتقرير أهليتهم للترقية بأقل من تقريرين سابقين ومتتاليين بدرجة فوق المتوسط".
2 - متى كان تقرير التفتيش القضائي - المودع ملف الطالب - يدل على حالة ثابتة تتعلق بأهليته وقت عمله في فترة سابقة على صدور القرار المطعون فيه فان إيداع ذلك التقرير في تاريخ لاحق للقرار المذكور لا أثر له في استظهار هذه الحالة في الفترة التي انصب عليها باعتباره حاصلا فيها ومنسحبا إليها(2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن المحكمة ترى ضم الطلبين رقمى 48 سنة 28 ق، 1 سنة 29 ق رجال قضاء إلى الطلب رقم 21 سنة 28 ق رجال قضاء ليصدر فيها جميعها حكم واحد للارتباط.
وحيث إن الطلبات الثلاثة قد استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الطلبات الثلاثة وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 17/ 5/ 1958 تقدم الطالب إلى قلم كتاب هذه المحكمة يطعن في القرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958 والمنشور في 24/ 4/ 1958 بتعيينات وتنقلات قضائية لتضمنه ترقية عشرة من زملائه التالين له في الأقدمية إلى درجة وكيل محكمة دون أن يشمله بهذه الترقية، وقيد الطلب برقم 21 سنة 28 ق رجال قضاء.
وبنى الطالب طلبه على مخالفة القرار المطعون فيه للقانون إذ تخطاه في الترقية إلى هذه الدرجة رغم توافر عناصر الأهلية له، كما بناه على إساءة استعمال السلطة لعدم قيام الوزارة بالتفتيش على عمله في السنتين السابقتين على القرار المطعون فيه، مما ترتب عليه إغفال ترقيته به. وطلب إلغاء القرار الجمهوري السالف الذكر فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها والحكم باستحقاقه للترقية إليها اعتبارا من تاريخ صدور القرار الجمهوري المذكور في 23/ 4/ 1958، على أن تكون أقدميته قبل الأستاذ....... وردت وزارة العدل على هذا الطلب بقولها إن الطالب لم يبلغ عند صدور القرار المطعون فيه درجة الأهلية التي بلغها زملاؤه الذين رقوا به إذ لم يكن قد حصل على تقريرين متعاقبين بدرجة فوق المتوسط وفقا للقاعدة التي أخذ بها مجلس القضاء في قراراته السابقة، وعقب الطالب على ذلك قائلا إنه قد تم التفتيش على عمله في يناير وفبراير سنة 1958 أى في فترة سابقة على صدور القرار المطعون فيه، ونال بهذا التفتيش درجة فوق المتوسط، فلا يؤثر على حقه بعد ذلك إيداع هذا التقرير في 17/ 1/ 1959 أي في تاريخ لاحق على القرار المطعون فيه. وأضاف الطالب يقول إن الرأي لدى الوزارة وإن جرى على قياس الأهلية للترقية بتقريرين متتاليين بدرجة فوق المتوسط، إلا أنها لم تثبت على هذا الرأي إذ رقت بالقرار الجمهوري الصادر في 15/ 9/ 1958 زملاء بتقرير واحد. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها قالت فيها عن القرار المطعون فيه لم يخالف القانون، ولا ينطوي على إساءة لاستعمال السلطة، إذ لم يبلغ الطالب حين صدوره درجة الأهلية التي وصلها زملاؤه الذين تخطوه في الترقية، وهى استقرار حالته بدرجة فوق المتوسط في التقريرين الأخيرين المتتاليين، ولا محل للاعتداد بالتقرير الذى أودع بملف الطالب في 17/ 1/ 1959، إذ أن هذا الإيداع اللاحق لا ينسحب أثره إلى القرار المطعون فيه، لأن العبرة بما يوجد بملف الطالب من تقارير وقت صدور القرار المطعون فيه. وفى 13/ 10/ 1958 تقدم الطالب بالطعن في القرار الجمهوري الصادر في 15/ 9/ 1958 طالبا إلغاؤه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها، واستحقاقه للترقية إليها اعتبارا من تاريخ صدور القرار الجمهوري المطعون فيه، على أن تكون أقدميته بعد الأستاذ....... وقبل الأستاذ.........، وقيد الطلب برقم 48 سنة 48 ق رجال قضاء، وقال الطالب إن الوزارة لم تشمله بالترقية في القرار المطعون فيه، ورقت زملاء تالين له في الأقدمية يبلغ عددهم مائة وتسعة زميلا، فخالفت بذلك القانون كما أساءت استعمال سلطتها إذ لم تجر التفتيش على عمله وأغفلت ترقيته. وردت الوزارة على هذا الطلب وعقب الطالب على ردها بما لا يخرج عما سبق ذكره بصدد تحصيل وقائع الطلب الأول، فيما عدا ما أضافه الطالب من أن القول بأن الأهلية للترقية تقاس بتقريرين أخيرين متتاليين بدرجة فوق المتوسط - هذا القول لم تتبعه الوزارة بالقرار المطعون فيه بالذات، إذ رقت بموجبه زملاء له بتقرير واحد بدرجة فوق المتوسط. وقدمت النيابة العامة مذكرة ضمنتها الرأي السابق لها إبداؤه بالطلب الأول، وانتهت فيها إلى أن مقارنة أهلية الطالب بزملائه الذين رقوا بالقرار المطعون فيه أمر متروك لتقدير المحكمة. وتقدم الطالب في 9/ 3/ 1959 بالطعن في القرار الجمهوري الصادر في 22/ 2/ 1959، وقيد طلبه برقم 1 سنة 29 ق رجال قضاء، وطلب إلغاؤه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، واستحقاقه للترقية إليها اعتبارا من تاريخ صدور القرار المطعون فيه، على أن تكون أقدميته قبل الأستاذ.......، ذلك أن القرار المذكور لم يشمله بالترقية ورقى بمقتضاه زملاء تالين له في الأقدمية يبلغ عددهم ستة عشر زميلا، مما يعد مخالفة للقانون وإساءة لاستعمال السلطة. ودفعت الوزارة بعدم اختصاص الهيئة بنظر هذا الطلب عملا بالمادة 23 من مواد إصدار قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 لصدور القرار المطعون فيه خلال ثلاثة أيام من تاريخ العمل بقانون السلطة القضائية المشار إليه، وفى الحدود الاستثنائية المقررة بالمادة 23 السالفة الذكر، وبالنسبة للموضوع قالت إن الطالب لم يكن قد بلغ وقت صدور القرار المطعون فيه الأهلية التي وصل إليها زملاؤه الذين تخطوه في الترقية، وطلبت الحكم بعدم اختصاص الهيئة بنظر الطلب واحتياطيا برفضه. وعقب الطالب على ذلك بقوله إن هذا الطلب يعد أثرا من آثار الطلب السابق ومكملا له مما تختص به الهيئة العامة لمحكمة النقض. وأن له حق الطعن في قرار 22/ 2/ 1959 بعد صدوره، طالما أنه لم تتح له فرصة التظلم أمام مجلس القضاء الأعلى قبل صدوره، ولم ينص على عدم القابلية للطعن في القرارات التي تصدر في حدود الاستثناء الوارد بالمادة 23 السالفة الذكر. وبالنسبة للموضوع قال الطالب إن كفايته عن عمله السابق على صدور القرار المطعون فيه قد قدرت فوق المتوسط بتقريرين الأول عن عمله في يناير وفبراير سنة 1958 والثاني عن عمله في ديسمبر سنة 1958 ويناير سنة 1959، وأنه وإن تم إيداع هذين التقريرين بعد صدور القرار المطعون فيه، إلا أن هذا الإيداع اللاحق لا يؤثر على حقه المترتب على حصوله على هذه الدرجة عن مدة سابقة على صدور القرار المطعون فيه، مما تتوافر معه عناصر الأهلية التي تسمح بترقيته أسوة بزملائه الذين تخطوه، وقد رقى بعض هؤلاء بتقرير واحد بدرجة فوق المتوسط رغم إيداع هذا التقرير بعد صدور القرار المطعون فيه، وذلك لتعلقه بعملهم السابق على صدوره.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الملف الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير وأوراق أنه قد أجرى التفتيش على عمله في شهري يناير وفبراير سنة 1955، وقدرت كفايته بدرجة وسط، وأودع التقرير ملفه الخاص في 15/ 1/ 1956. كما أجرى التفتيش على عمله في شهري مارس وأبريل سنة 1956، وقدرت كفايته بدرجة وسط، وأودع التقرير ملفه الخاص في 19/ 6/ 1957. وأجرى التفتيش على عمله في شهري يناير وفبراير سنة 1958 وأودع التقرير ملفه الخاص في 17/ 1/ 1959 حيث قدرت فيه كفايته بدرجة فوق المتوسط. وأجرى التفتيش على عمله في ديسمبر سنة 1958 ويناير سنة 1959 وقدرت كفايته بدرجة فوق المتوسط، وأودع التقرير ملفه الخاص في 18/ 5/ 1959.
وحيث إنه بالنسبة للطلب الأول رقم 21 سنة 28 ق رجال قضاء الذى ينعى فيه الطاعن على القرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958 تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها، فإن الثابت على ما سبق ذكره مما يبين من الملف الخاص بالطالب أنه لم تكن له وقت صدور هذا القرار الأهلية التي تؤهله للترقية إلى هذه الدرجة إذ أن كفايته قدرت بدرجة وسط فقط في التقارير المودعة بملف خدمته والتي كانت تحت نظر مجلس القضاء عند بحث الحركة التي صدر بها القرار المطعون فيه. ولا محل للاعتداد في هذا الخصوص بالتقرير الذى أودع بالملف الخاص بالطالب في 17/ 1/ 1959، ذلك أنه وإن تعلقت أهليته بهذا التقرير وقت صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 23/ 4/ 1958 باعتباره منصبا على عمله في يناير وفبراير سنة 1958 السابق عليه، إلا أن وجود تقرير واحد للطالب بدرجة فوق المتوسط وقت صدور القرار المذكور لا يكفى لمنحه أهلية الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها أسوة بزملائه الذين رقوا إلى هذه الدرجة بمقتضى هذا القرار، طالما أنه لم يثبت أن مجلس القضاء الأعلى قد انتهج بالنسبة لهم معيارا آخر لتقدير أهليتهم للترقية بأقل من تقريرين سابقين ومتتاليين بدرجة فوق المتوسط، وهو ما لم يتحقق للطالب، مما يتعين معه رفض هذا الطلب.
وحيث إنه على الطلب الثاني رقم 48 سنة 28 ق رجال قضاء الذى يأخذ فيه الطالب على القرار الجمهوري الصادر في 15/ 9/ 1958 أنه لم يشمله بالترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها، ورقى إلى هذه الدرجة زملاء تالين له في الأقدمية يبلغ عددهم مائة وتسعة زميلا، فإنه وإن ثبت أنه لم يكن مودعا بالملف الخاص بالطالب وقت أن بحث مجلس القضاء الحركة التي صدر بها القرار الجمهوري المطعون فيه ثمة تقرير بدرجة فوق المتوسط، إلا أنه أودع بعدها في 17/ 1/ 1959 تقرير قدرت فيه كفاية الطالب بهذه الدرجة عن عمله في شهري يناير وفبراير سنة 1958، ولما كان هذا التقرير يدل على حالة ثابتة تتعلق بأهلية الطالب وقت عمله السابق على صدور القرار المطعون فيه، فليس لإيداعه اللاحق على هذا القرار من أثر في استظهار هذه الحالة في الوقت الذى انصب عليها باعتباره حاصلا فيها ومنسحبا إليها. ولما كان الثابت من البيانات المستخرجة من السجلات الرسمية لزملاء الطالب التالين له في الأقدمية أن عددا منهم قد رقى إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها بالقرار الجمهوري المطعون فيه بالذات بتقرير واحد بدرجة فوق المتوسط، لما كان ذلك فقد توافرت للطالب الترقية إلى الدرجة التي نالها هؤلاء الزملاء، طالما أنه لم يقدم الدليل ضده على قيام مسوغ يمنع من ترقيته إليها. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر في 15/ 9/ 1958 قد خالف القانون إذ لم يشمل الطالب بالترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها أسوة بزملائه الذين رقوا إلى هذه الدرجة بموجب القرار المذكور، مما يتعين معه إلغاؤه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة.
وحيث إنه بالنسبة للطلب الثالث رقم 1 سنة 29 ق رجال قضاء الذى يطعن فيه الطالب على القرار الجمهوري الصادر في 22/ 2/ 1959 فانه يعد أثرا للطلب السابق الموجه إلى القرار الصادر في 15/ 9/ 1958 والذى تختص هذه المحكمة بنظره، الأمر الذى من شأنه أن يجعل الاختصاص معقودا لهذه الهيئة بنظر هذا الطلب أيضا، مما يتعين معه رفض الدفع بعدم اختصاص هذه الهيئة بنظره وباختصاصها. ولما كان قد قضى بإلغاء القرار الجمهوري السابق الصادر في 15/ 9/ 1958 فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها فإن القرار اللاحق الصادر في 22/ 2/ 1959 يكون متعين الإلغاء كذلك فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية، وذلك باعتبار إلغاء القرار اللاحق نتيجة لازمة لإلغاء القرار السابق.


 (1)راجع نقض 25/ 11/ 1961 (الهيئة العامة للمواد المدنية) في الطلب رقم 44 سنة 28 ق "لم يورد القانون تعريفا لدرجة الأهلية. للجهات المختصة بإجراء الحركة القضائية أن تضع قواعد للتقدير تلتزمها بصفة مطلقة بين القضاة جميعا" ونقض 25/ 3/ 1961 (هيئة عامة) في الطلب رقم 19 سنة 28 ق "درجة الأهلية لا تقدر بعنصر الكفاءة الفنية وحده بل بجميع العناصر الأخرى الواجب توافرها في تحقيق الأهلية ودرجاتها".
 (2)راجع نقض 27/ 2/ 1965 (الهيئة العامة) في الطلبين 17 و40 س 28 ق.

الطعن 501 لسنة 26 ق جلسة 29 / 3 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 58 ص 373

جلسة 29 من مارس سنة 1962

برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.

------------------

(58)
الطعن رقم 501 لسنة 26 القضائية

نقل برى. "نقل الأشياء". "مسئولية الناقل". "الإعفاء من المسئولية".
يضمن أمين النقل تلف أو هلاك الأشياء المراد نقلها ما لم يكن ذلك راجعا إلى عيب فيها أو إلى قوة قاهرة أو خطأ أو إهمال من المرسل. نص المادة 97 تجارى غير متعلق بالنظام العام. جواز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية.

----------------
تنص المادة 97 من قانون التجارة على أن "أمين النقل ضامن للأشياء المراد نقلها إذا تلفت أو عدمت ما لم يكن ذلك راجعا إلى عيب ناشئ عن نفس الأشياء المذكورة أو إلى قوة قاهرة أو خطأ أو إهمال من مرسلها". ولما كان هذا النص غير متعلق بالنظام العام فإنه يصح الاتفاق على عكسه، ولذلك أجازت الفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المدني، الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم، ومن ثم فيكون الاتفاق في سند الشحن على إعفاء مصلحة السكة الحديد من المسئولية عن الأضرار التي تلحق بالبضائع صحيحا طالما أن تلك الأضرار لم تنشأ عن غش أو خطأ جسيم من جانبها، وإذن فإذا كان سند الشحن قد تضمن شرطا بإعفاء الطاعنة (مصلحة السكة الحديد) من المسئولية الناشئة عن فقد البضائع أو تلفها بعد فوات موعد استحقاق رسوم الأرضية وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها الأولى (المرسل إليها) قد تراخت في استلام البضاعة من محطة الوصول إلى ما بعد استحقاق رسوم الأرضية واكتشف العجز في البضاعة عند ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أهدر شرط الإعفاء من المسئولية في هذه الصورة يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الثاني باع إلى المطعون عليها الأولى جوالات خيش فارغة زنتها 25625 كيلو جراما تولى شحنها لحساب المشترية من محطة سكة حديد القباري بالإسكندرية إلى محطة الشلال بمقتضى سندى شحن مؤرخين 24 و26 يناير سنة 1953 غير أنه تبين للمطعون عليها الأولى عند قيامها باستلام البضاعة من محطة الشلال وجود عجز بها قدره 2291 كيلو جراما. فأقامت الدعوى رقم 2920 سنة 1953 تجارى كلى القاهرة على مصلحة السكة الحديد (الطاعنة) والمطعون عليه الثاني وطلبت الحكم بإلزامهما متضامنين بمبلغ 528 جنيها و485 مليما كتعويض عن هذا العجز، تمسكت الطاعنة في دفاعها بنص المادة 26 من لائحة تعريفة البضائع التي تم النقل على أساسها والتي تعفي مصلحة السكة الحديد من المسئولية الناشئة عن العجز في البضائع إذا تراخى صاحبها في استلامها من محطة الوصول وظهر العجز بعد فوات موعد استحقاق رسوم الأرضية عليها، وبتاريخ 4 يونيه سنة 1955 حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة والمطعون عليه الثاني متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليها الأولى مبلغ 282 جنيها و30 مليما، استأنف كل من الطاعنة والمطعون عليه الثاني هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 624 و635 سنة 72 ق القاهرة، كما رفعت المطعون عليها الأولى استئنافا مقابلا تقيد برقم 256 سنة 73 ق، وبتاريخ 15 مايو سنة 1956 حكمت محكمة استئناف القاهرة (أولا) في موضوع الاستئناف رقم 624 سنة 72 ق المرفوع من المطعون عليه الثاني بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى قبله مع إلزام المطعون عليها الأولى بمصروفات هذا الاستئناف (ثانيا) في موضوع الاستئناف رقم 635 سنة 72 ق المرفوع من الطاعنة وفى موضوع الاستئناف المقابل المرفوع من المطعون عليها الأولى برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لهما مع إلزام كل بمصاريف استئنافه مؤسسة قضاءها بمسئولية الطاعنة على ما قررته محكمة الدرجة الأولى من أن المادة 97 من قانون التجارة تجيز إعفاء أمين النقل من المسئولية إلا لعيب في البضاعة أو بسبب قوة قاهرة أو إهمال من المرسل وأضافت محكمة الاستئناف إلى ذلك ردا على دفاع الطاعنة الخاص بإعفائها من المسئولية طبقا للمادة 26 من لائحة تعريفة البضائع الصادر بها القرار الوزاري رقم 6 سنة 1930 أنه لا يصح أن يعطل هذا النص أحكام المواد 94 و97 و98 من قانون التجارة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 7 نوفمبر سنة 1956 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15 يناير سنة 1961 وفيها صممت النيابة على طلب نقض الحكم، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وقدم المطعون عليه الثاني في مذكرة طلب فيها إخراجه من الطعن، وقد نظر الطعن أخيرا أمام هذه الدائرة بجلسة 22/ 3/ 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله مخالفة الحكم المطعون فيه للمادة 217 من القانون المدني، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أهدر البند 26 من لائحة تعريفة البضائع الصادر بها القرار الوزاري رقم 6 سنة 1930 المتضمن إعفاء مصلحة السكة الحديد من المسئولية الناشئة عن فقد البضائع بعد فوات موعد استحقاق رسوم الأرضية عليها، حالة أن هذا الإعفاء هو شرط تعاقدي ورد في سند الشحن، وهو شرط صحيح جائز قانونا عملا بالفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المدني التي تجيز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه إلا ما نشأ عن غش أو خطأ جسيم وهو لا يتعارض أيضا مع حكم المادة 97 من قانون التجارة لعدم تعلق النص المذكور بالنظام العام مما يصح الاتفاق على خلافه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كانت المادة 97 من قانون التجارة قد نصت على أن "أمين النقل ضامن للأشياء المراد نقلها إذا تلفت أو عدمت إلا إذا حصل ذلك بسبب عيب ناشئ عن نفس الأشياء المذكورة، أو بسبب قوة قاهرة أو خطأ أو إهمال من المرسل" غير أنه لما كان هذا النص ليس متعلقا بالنظام العام مما يصح الاتفاق على عكسه، وكانت الفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المدني تنص على أنه يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم فإن الاتفاق على إعفاء الطاعنة من المسئولية عن الأضرار التي تلحق بالضائع يكون صحيحا طالما أن تلك الأضرار لم تنشأ عن غش أو خطأ جسيم من جانبها، لما كان ذلك، وكان سند الشحن موضوع الدعوى قد تضمن شرطا بإعفاء الطاعنة من المسئولية الناشئة عن فقد البضائع أو تلفها بعد فوات موعد استحقاق رسوم الأرضية، وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها الأولى تراخت في استلام البضاعة من محطه الوصول إلى ما بعد استحقاق رسوم الأرضية واكتشف العجز في البضاعة عند ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أهدر شرط الإعفاء من المسئولية في هذه الصورة يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها، ولما سلف ولما ثبت من تقريرات الحكم من أن المطعون عليها الأولى لم تسند إلى الطاعنة خطأ أو غشا عن فقد البضاعة فإن دعوى المطعون عليها الأولى تكون واجبة الرفض.
وحيث إنه لما كانت الطاعنة قد أدخلت المطعون عليه الثاني في الطعن، ولم تضمن أسباب طعنها أي مطعن على ما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض الدعوى قبله، كما أنه لم يكن بين الطاعنة والمطعون عليه الثاني أمام محكمة الموضوع خصومة مرددة، فإن إدخاله في الطعن يكون في غير محله ويتعين لذلك إخراجه من الطعن مع إلزام الطاعنة بمقابل أتعاب المحاماة له.

الطعن 184 لسنة 27 ق جلسة 3 / 1 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 2 ص 21

جلسة 3 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة/ فرج يوسف، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكرى المستشارين.

-----------------

(2)
الطعن رقم 184 لسنة 27 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". تقادم. "قطع التقادم":
في الفترة السابقة على نفاذ القانون رقم 146 لسنة 1950: لم يكن أى من النموذجين 19، 20 ضرائب يتضمن إخطارا من المأمورية للممول بتحديد عناصر ربط الضريبة أو بربطها. اختصاص المأمورية كان منحصرا في تقدير أرباح الممول بصورة تقريبية لجنة التقدير كانت هى الجهة المختصة ابتداء بربط الضريبة. الإجراء القاطع للتقادم في هذه الفترة يمثل في إخطار الممول من قبل المصلحة بربط الضريبة بعد حصول اتفاق أو بعد صدور قرار لجنة التقدير.
في الفترة اللاحقة لنفاذ القانون رقم 146 لسنة 1950: ينقطع التقادم طبقا للمادة الثانية من القانون 349 سنة 1952 بإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو بربطها.

------------------
جرى قضاء محكمة النقض على أنه "لم يكن أي من النموذجين 19، 20 ضرائب - في الفترة السابقة على نفاذ القانون رقم 146 لسنة 150 - يتضمن إخطارا من المأمورية للمول بتحديد عناصر ربط الضريبة أو بربطها إذ أن اختصاص المأمورية كان منحصرا في تقدير أرباح الممول بصورة تقريبية على النموذجين المذكورين بغية الوصول إلى اتفاق يكون أساسا لربط الضريبة فإذا تعذر كانت لجنة التقدير هي الجهة المختصة ابتداء بربط الضريبة بموجب قرار تصدره يعتبر السند الذى تستمد منه المصلحة حقها في مطالبة الممول بأداء الضريبة ومن ثم فإن ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 349 سنة 1952 من أن التقادم ينقطع بإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو بربطها في الفترة ما بين أول يناير سنة 1948 وآخر ديسمبر سنة 1952 لا يمكن أن ينصرف إلا إلى الفترة اللاحقة لنفاذ القانون رقم 146 سنة 1950 في 24 سبتمبر سنة 1950 أما الفترة الأولى السابقة على نفاذه فإن الإجراء القاطع للتقادم الذى عناه الشارع يتمثل في إخطار الممول من قبل المصلحة بربط الضريبة من حصول الاتفاق أو من صدور قرار لجنة التقدير وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الغرض من الإخطار هو إحاطة الممول علما بمقدار أرباحه وقد تحقق هذا الغرض باستلام الإخطار الذى وجهته مصلحة الضرائب إلى الشركة على النموذج رقم 19 متضمنا بيان مرتبه ورتب على ذلك اعتبار الإخطار قاطعا للتقادم في حين أنه ليس كذلك، فإنه يكون قد خالف القانون(1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع النزاع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن وآخر يدعى جاك كرمونا رفعا الطعن رقم 373 سنة 1955 تجارى القاهرة الابتدائية بطلب إلغاء قرار لجنة الطعن فيما قضى به من رفض الدفاع بالتقادم واحتياطيا إلغاءه فيما قرره من إخضاع مرتبات الطاعنين في السنوات من 1943 لغاية 1947 لضريبة الأرباح التجارية والصناعية. وقالا شرحا لطعنهما إنه بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1949 أعلنت مأمورية ضرائب الأزبكية "شركة ممفيس الكيماوية" وهى شركة توصية بالأسهم بالتعديلات التي رأت إدخالها على أرباح الشركة في السنوات من أول يونيه سنة 1940 لغاية 31 ديسمبر سنة 1947 بما فيها مرتبات سعد إبراهيم سرور والطاعنين باعتبارهم شركاء متضامنين فيها وأنه بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1949 أخطرت المأمورية كلاً منهم بتحديد رأس ماله المستثمر بمبلغ 3000 جنيه في أول كل سنة من سنى النزاع دون أن تخطر أيهم بتقدير أرباحه الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية. وأنه بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1949 أخطرت المأمورية الشركة بتمسكها بالتقديرات السابق إعلانها بها في 25 أكتوبر سنة 1949. فطعنت الشركة في هذه التقديرات وعرض الخلاف على لجنة الطعن فأصدرت بتاريخ 16 ديسمبر سنة 1952 قرارا حددت فيه أرباح الشركة بعد أن استبعدت مرتبات سعد إبراهيم وجاك كرمونا والطاعن. وأنه عقب صدور هذا القرار أعلنت مأمورية ضرائب الأزبكية الطاعن وزميله كرمونا في 4 مارس سنة 1953 بالنموذج 19 ضرائب متضمنا تقديراتها لأرباحهما في سنوات النزاع. فطعنا على هذه التقديرات أمام لجنة الطعن وتمسكا بسقوط الضريبة لعدم إعلانهما بأي إجراء قبل 4 مارس سنة 1953 كما دفعا بأنهما لم يكونا شريكين متضامنين في الشركة وإنما كانا موظفين بها. وأن اللجنة قررت رفض طعنهما وأن قرارها غير صحيح لأن الإخطار الذى وجهته المأمورية إلى الشركة بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1949 وكذا الإخطار الذى أعلنتها به في 10 نوفمبر 1949 لا يحتج به عليهما. وأن الإخطار الذى أعلنتهما به المأمورية في 25 أكتوبر سنة 1949 خاص بالأرباح الاستثنائية فلا يقطع التقادم بالنسبة للأرباح العادية وأنهما لم يكونا شريكين متضامنين في الشركة. وبتاريخ 14 يناير سنة 1959 قضت المحكمة برفض الطعن وأقامت قضاءها على أن الطاعن وزميله كرمونا كانا شريكين متضامنين. وأن التقادم يبدأ في أول مارس من كل سنة تطبيقا للمادة 97 مكررا من القانون 14 سنة 1939 المضافة بالقانون 349 لسنة 1952. وأنه إعمالا للقانون 29 سنة 1949 تسقط الضرائب المستحقة عن سنى 1943، 1944، 1945 في آخر فبراير سنة 1951 والمستحقة عن سنة 1946 في آخر فبراير سنة 1952 والمستحقة عن سنة 1947 في آخر فبراير سنة 1953 ويضاف إلى هذه الآجال مدة الوقف المقررة بالقانون 189 سنة 1950. وأن الأخطار الموجه من مأمورية الضرائب إلى الشركة في 25 أكتوبر سنة 1949 قد تضمن مرتبات الطاعن وزميله كرمونا. وأن هذا الإخطار قد تأيد بالإخطار اللاحق الذى أعلن للشركة في 10 نوفمبر سنة 1949 وأن أثر هذين الإخطارين لا يقتصر على الشركة بل ينصرف إلى الطاعن وزميله. كذلك فإن المأمورية قد أعلنتهما في 25 أكتوبر سنة 1949 بتقدير رأس مالهما المستثمر وهذا الإخطار يعتبر قاطعا للتقادم لأن وعاء الضريبة الاستثنائية يتحدد بوعاء الضريبة العادية. وأن هذه الإخطارات الثلاثة تندرج ضمن أسباب قطع التقادم التي قررتها المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 349 سنة 1952 وقد تم الإخطار بها قبل أن يكتمل أجل التقادم. واستأنف الطاعن وزميله كرمونا هذا الحكم بالاستئناف رقم 425 سنة 73 ق استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بطلباتهما التي تقدما بها إلى محكمة أول درجة. وبجلسة 3 يناير سنة 1957 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 23 أكتوبر سنة 1960 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 20 ديسمبر سنة 1961 وفيها تمسك الطاعن بطلباته وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها طالبة نقض الحكم.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنما مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الشريك المتضامن في شركة التوصية يعتبر ممولا مستقلا عن الشركة طبقا للمادة 34 من القانون رقم 14 لسنة 1939 مما كان يتعين معه على مأمورية الضرائب المختصة أن توجه إليه إخطارا مستقلا بإجراءات الربط وعلى ذلك فإن الإخطار الذى وجه إلى الشركة في 25 أكتوبر سنة 1949 لا يعتبر ساريا في حقه وقد أخطأ الحكم فيما ذهب إليه من أنه ليس في القانون ما يمنع من إرسال إخطار للشركة وللشريك المتضامن وفيما رتبه على ذلك من اعتبار الإخطار سالف الذكر قاطعا للتقادم بالنسبة له.
ومن حيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه "لم يكن أي من النموذجين 19 و20 ضرائب في الفترة السابقة لنفاذ القانون 146 سنة 1950 يتضمن إخطارا من المأمورية للممول بتحديد عناصر ربط الضريبة أو بربطها إذ أن اختصاص المأمورية كان منحصرا في تقدير أرباح الممول بصورة تقريبية على النموذجين المذكورين بغية الوصول إلى اتفاق يكون أساسا لربط الضريبة فاذا تعذر كانت لجنة التقدير هي الجهة المختصة ابتداء بربط الضريبة بموجب قرار تصدره يعتبر السند الذى تستمد منه المصلحة حقها في مطالبة الممول بأداء الضريبة. ومن ثم فان ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 349 سنة 1952 من أن التقادم ينقطع بإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو بربطها في الفترة ما بين أول يناير سنة 1948 وآخر ديسمبر سنة 1952 لا يمكن أن ينصرف إلا إلى الفترة اللاحقة لنفاذ القانون 146 سنة 1950 في 24 سبتمبر 1950 وأما الفترة الأولى السابقة لنفاذه فان الإجراء القاطع للتقادم الذى عناه الشارع يتمثل في إخطار الممول من قبل المصلحة بربط الضريبة بعد حصول الاتفاق أو بعد صدور قرار لجنة التقدير" ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقيم على نظر حاصله "أن الغرض من الإخطار هو إحاطة الممول علما بمقدار أرباحه وقد تحقق هذا الغرض لدى الطاعن باستلامه الإخطار الذى وجه إلى الشركة في 25 أكتوبر سنة 1949 - على النموذج 19 ضرائب - متضمنا بيان مرتبه وأن تلك قرينة قاطعة على علمه بربحه وهذا العلم يكون له حكم الإخطار المستقل. وتفريعا على ذلك يكون هذا الإخطار قاطعا للتقادم طبقا للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 349 سنة 1952 وقد تبين أنه قد وجه قبل انقضاء المواعيد المقررة لسقوط الضريبة. وأن في ذلك ما يغنى عن إبداء الرأي فيما عرض له حكم محكمة أول درجة من أثر للإخطارين الآخرين اللذين وجه أحدهما للطاعن في 25 أكتوبر سنة 1949 ووجه ثانيهما للشركة في 10 نوفمبر سنة 1949" - وكان دعامته الأساسية أن الإخطار الحاصل بالنموذج 19 ضرائب بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1949 يعد سببا من أسباب قطع التقادم في حين أنه ليس كذلك يكون قد خالف القانون. ومن ثم يتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.


 (1)نفس المبدأ نقض مدنى في 23/ 6/ 1960 في الطعن 475 سنة 25 ق.


الطعن 135 لسنة 26 ق جلسة 3 / 1 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 1 ص 13

جلسة 3 من يناير سنة 1962

برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكرى المستشارين.

----------------

(1)
الطعن رقم 135 سنة 26 القضائية

(أ ) نقض. "الخصوم في الطعن".
لا يجوز أن يختصم في الطعن بالنقض من لم يكن خصما في النزاع أمام محكمة الموضوع.
(ب) إثبات "حجية الأمر المقضي". دعوى. التحكم في منازعات العمل.
شرط قيام حجية الأمر المقضي توافر وحدة الموضوع والخصوم والسبب. قرارات هيئة التحكم تحوز حجية الشيء المقضي. جواز إعادة النظر فيها إذا تغيرت الظروف الاقتصادية.
(جـ) عقد. "تفسيره".
إذا كان هناك محل لتفسير العقد يجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ. الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي توافره من أمانة وثقة وقفا للعرف الجاري في المعاملات. مثال.

----------------
1 - لا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض من لم يكن خصما في النزاع الذى فصل فيه الحكم أو القرار المطعون فيه فإذا اختصم في الطعن من لم يكن خصما في النزاع أمام المحكمة التي أصدرته كان الطعن بالنسبة له غير مقبول.
2 - لا يجوز الحكم حجية الأمر المقضي إلا إذا اتحد الموضوع والخصوم والسبب في الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة بحيث إذا تخلف أحد هذه العناصر كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه غير متوافر الأركان. وتقدير اختلاف الموضوع في الدعويين مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، وإذ كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد جرى في قضائه على إمكان إعادة النظر في قرارات هيئة التحكيم إذا تغيرت الظروف الاقتصادية فإن هذا النظر لا مخالفة فيه للقانون.
3 - إذا لم تبلغ عبارات العقد من الوضوح الحد الذى يدعوا إلى عدم الانحراف عنها تعين عند تفسيره البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات (المادة 150/ 2 مدنى) وينبني على ذلك أنه متى أولت هيئة التحكيم عبارات عقد الصلح المبرم بين الطرفين بأنها تنطوي على إقرار من الشركة (صاحب العمل) بحق المستخدمين والعمل في "المنحة" على أن يكون تقديرها مرتبطا بحالة الشركة المالية وبنت على ذلك تقديرها للمنحة فإنها لا تكون قد خالفت عبارات العقد أو انحرفت عن مدلول عباراته، ولا وجه للتحدي بأنه يشترط في المنحة أن تكون ثابتة المقدار لأن هذا الثبات إنما يشترط توافره عندما يكون مصدر المنحة العرف الذى جرى بإعطائها لا الاتفاق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن النقابة المطعون عليها تقدمت في 4 يناير سنة 1954 بشكوى لمكتب العمل بطنطا ضد الشركة الطاعنة طلبت فيها إلزامها بأن تدفع للموظفين مرتب شهرين ونصف وللعمال مرتب 15 يوما منحة عن سنة 1953 أسوة بما تم في سنة 1952 مع إلزام الشركة بالمصروفات وقالت النقابة إن النزاع عن سنة 1952 أحيل إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف الإسكندرية وقيد برقم 8 سنة 1953 وانتهى بصلح عقد بين الطرفين وأثبت بمحضر جلسة 7 أكتوبر سنة 1953 وتضمن الاتفاقات الآتية أولا - تعهد مدير الشركة بأن يصرف إلى الموظفين مرتب نصف شهر علاوة على المنحة التي تقاضوها عن سنة 1951 - 1952 وأن يصرف للعمال خمسة أيام لكل عامل علاوة على الأجر الذى منح لهم فعلا عن تلك السنة ثانيا - قرر مندوب النقابة الحاضر عن الموظفين والعمال أنه يقبل هذا التعاقد ويتنازل عما زاد عنه ثالثا - تكون الشركة هي صاحبة الحرية المطلقة في تقدير المنح للموظفين والعمال طبقا لما تراه نتيجة لحالتها المالية على أن يكون الموظفون والعمال محل رعاية الشركة وعطفها مستقبلا وصدقت هيئة التحكيم على هذا المحضر واعتبرته في قوة سند واجب التنفيذ واعتبرت النزاع منتهيا. وقد أحيل النزاع الحالي على هيئة تحكيم الإسكندرية وقيد بجدولها برقم 1 لسنة 1954 تحكيم ودفعت الشركة بعدم قبول الطلب في هذا النزاع الحالي عن سنة 1953 لسابقة الفصل فيه بالطلب رقم 8 لسنة 1953 تحكيم الإسكندرية المشار إليه وفى الموضوع برفضه وبتاريخ 28 يونيو سنة 1954 قررت هيئة التحكيم رفض الدفع وقبول الطلب وإلزام الشركة بأن تدفع لموظفي وعمال مصانعها بكفر الزيات منحة عن سنة 1953 بما يوازى مرتب شهرين لكل موظف وثلاثة عشر يوما لكل عامل فطعنت الشركة في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بصحفية أودعتها سكرتارية المحكمة في 26 يوليو سنة 1954 وقضت المحكمة المذكورة في 6 مارس سنة 1956 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت في 3 ديسمبر سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليهم الثلاثة الأول بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم لأنهم لم يكونوا خصوما في القرار المطعون فيه ولم يحضر أحد عن النقابة ولم تبد دفاعا وصممت النيابة على رأيها من عدم قبول الطلب بالنسبة للمطعون عليهم الثلاثة الأول ونقض القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الدفع المبدى من المطعون عليهم الثلاثة الأول بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليهم لعدم اختصامهم في القرار المطعون فيه، في محله لما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن لا يجوز أن يختصم أمامها من لم يكن خصما في النزاع الذى فصل فيه الحكم أو القرار المطعون فيه ويبين من القرار المطعون فيه أن المطعون عليهم المذكورين لم يكونوا خصوما في النزاع أمام هيئة التحكيم ومن ثم يتعين قبول الدفع والحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليهم.
ومن حيث إن حاصل السبب الأول من أسباب الطعن مخالفة القرار المطعون فيه للقانون فيما قرره من رفض الدفع بعدم قبول الطلب لسابقة الفصل فيه لأن هذا الرفض أسس على سببين متناقضين الأول أن النزاع رقم 8 لسنة 1953 كان خاصا بمنحة سنة 1952 بينما النزاع الحالي خاص بمنحة سنة 1953 فالموضوع مختلف في كل من الطلبين والسبب الثاني أن قرارات هيئة التحكيم لا تحوز قوة الأمر المقضي ولا تمنع من إعادة النظر فيها إذا تغيرت الظروف وتقول الشركة الطاعنة إن السبب الأول غير صحيح لأن محضر الصلح انصب على مبدأ المنح بالنسبة للمستقبل فجعلها خاضعة لإدارة الشركة المطلقة كما أن السبب الثاني مخالف للمادة /16 من القانون رقم 318 سنة 1952 إذ تنص على أن القرار الذي يصدر من هيئة التحكيم هو بمثابة حكم صادر من محكمين فيحوز قوة الأمر المقضي بمجرد وضع الصيغة التنفيذية عليه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في شقيه بما أورده القرار المطعون فيه من أن الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا إذا اتحد الموضوع والخصوم والسبب في كل من الدعويين بحيث إذا تخلف أحدها أصبح الدفع غير متوافر الأركان - وحيث إن موضوع النزاع رقم 8 لسنة 1953 تحكيم الإسكندرية كان خاصا بمنحة سنة 1952 بينما النزاع الحالي خاص بمنحة سنة 1953 فالموضوع مختلف في كل من الطلبين - وحيث إنه من ناحية أخرى فان قرارات هيئة التحكيم بطبيعتها لا تحوز قوة الشيء المقضي إذ ليس ثمت ما يمنع إذا تغيرت الظروف من عرض الموضوع نفسه على هذه الهيئة لتعيد النظر فيه بما يتفق والظروف الجديدة إذ أن المقصود بذلك ضمان التنفيذ وسرعة القضاء على الخلافات التي تمس حياة البلاد الاقتصادية، وهذا الذى أثبته القرار من عدم قيام حجة الأمر المقضي إذا اختلف الموضوع صحيح في القانون ويكفى لحمل القرار في هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان تقدير اختلاف الموضوع في الطلبين مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع كما جرى به قضاء هذه المحكمة وكان القرار المطعون فيه إذ استطرد إلى القول بأن قرارات الهيئة لا تحوز قوة الشيء المقضي قد ربط ذلك بإمكان إعادة النظر فيها إذا تغيرت الظروف على ما سلف بيانه فان هذا النظر لا مخالفة فيه للقانون ومن ثم فان هذا النعي يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن حاصل الأسباب الثلاثة التالية من أسباب الطعن أن القرار المطعون فيه خالف القوة الملزمة لعقد الصلح لمخالفته نص المادتين 549، 553 من القانون المدني ذلك أن الصلح قد حسم النزاع القائم بشأن هذه المنحة وكان هذا يقتضى من الهيئة أن ترفض إعادة النظر في النزاع كما أن القرار المطعون فيه قد شابه البطلان للقصور في التسبب مخالفا بذلك المادة 16 فقرة 3 من القانون رقم 318 لسنة 1952 التي نصت على أن يكون قرار الهيئة مسببا إذ أن القرار لم يرد على ما أثارته الشركة في شأن حجية الصلح ونهائيته كما تنعى الطاعنة على القرار المطعون فيه أنه جاء مخالفا للقانون لأن عبارة محضر الصلح واضحة لا غموض فيها ومؤداها أن للشركة الطاعنة الحرية المطلقة في تقدير المنح فلها أن تعطيها أو تمنعها ولو أن المنحة كانت جزءا من الأجر لما أمكن تصور أن يترك أمر تقديرها للشركة الطاعنة لأن الأجر يتحدد باتفاق الطرفين المتعاقدين فلا يجوز لأيهما الاستقلال بتعديله وما دار بمحضر الجلسة التي تم فيها الصلح يؤيد أن المنحة تبرع من الشركة فلا تلزم بأدائها وقد خالف القرار المطعون فيه نص المادة 150 من القانون المدني حينما انحرف في تفسيره لمحضر الصلح عن عبارته الواضحة على أنه إذا قيل بوجود غموض في هذه العبارة فكان يجب البحث عن نية الطرفين المشتركة لا الوقوف عند نية أحدهما فقط ولا يمكن القول بأن نية الشركة كانت متجهة إلى إعطاء هذه المنح، كما أنه لا يمكن القول بأن الشركة التزمت في محضر الصلح بإعطاء هذه المنح لأنه طبقا للمادتين 133 و134 من القانون المدني يجب أن يكون محل الالتزام محددا أو قابلا للتحديد وهذا غير متوافر في هذا النزاع ومن جهة أخرى فإنه إذا قيل بأن الالتزام متروك لتقدير الشركة فانه يكون التزاما متوقفا على شرط إرادي محض ومن ثم فهو باطل وفضلا عن ذلك فان الشروط الواجب توافرها في المنحة طبقا للمادة 683 من القانون المدني ومنها شرط تحديد قيمتها غير متوافرة في هذا النزاع.
ومن حيث إن هذا النعي في جملته مردود بما جاء في القرار المطعون فيه من أنه "يبين من استعراض دفاع طرفي الخصومة كما سبق البيان أن الشركة تتمسك بأن قرار هيئة التحكيم الصادر بتاريخ 7 أكتوبر سنة 1953 في النزاع رقم 8 لسنة 1953 تحكيم إسكندرية المضموم والقاضي باعتبار النزاع منتهيا بين الطرفين لتصالحهما على النحو المبين بمحضر الجلسة قد حسم أمر الخلاف بين الطرفين حيث يمتد أثره إلى النزاع الحالي إذ أقر الموظفون والعمال في هذا المحضر بأن المبالغ التي تدفعها الشركة لهم تعتبر تبرعا لا أجرا فلا تلتزم بأدائها إليهم بينما تتمسك النقابة بأن مبدأ المنحة لم يكن محل خلاف بينها وبين الشركة وإنما قام الخلاف على قيمة هذه المنحة ومن يستقل بتقديرها وأن محضر الصلح قد حسم أمر هذا الخلاف بحيث أصبحت الشركة ملتزمة بمقتضى هذا المحضر بأداء منح للمستخدمين والعمال تبعا لحالتها المالية" وبعد أن أثبتت الهيئة نص محضر الصلح المبين فيما سبق قالت. وحيث إنه واضح من دفاع طرفي الخصومة أنهما مختلفان حول تفسير عبارات البند الثالث من محضر الصلح سالف الذكر إذ ذهب كل منهما في تفسيرها تفسيرا يتفق ووجهة نظره في النزاع لأن هذه العبارات لم تبلغ من الموضوع الحد الذى يدعو إلى عدم الانحراف عنها - وحيث إنه يتعين لذلك البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات وذلك بالتطبيق لحكم المادة 150/ 2 من القانون المدني - وحيث إنه بمطالعة البند الثالث من محضر الصلح المذكور يبين أن الشركة أقرت بحق مستخدميها وعمالها في الحصول على المنحة وربطت هذا الحق بحالتها المالية. مؤدى ذلك أن الشركة إذا حققت أرباحا في سنة تعين عليها أن تصرف لهم منحا من هذه الأرباح تبعا لهذه الحالة يؤكد هذا المعنى ما ورد بنهاية العبارة من أن يكون العمال والموظفون محل رعاية الشركة وعطفها مستقبلا وليس من المعقول أن يكون الموظفون والعمال قد قصدوا ترك أمر مكافآتهم للشركة تصرفها لهم متى شاءت وتمنعها عنهم متى أرادت حتى في حالة حصولها على أرباح وفيرة يرجع إلى مجهوداتهم ونشاطهم تحقيق الكثير منها وإنما قصد الطرفان بما ورد في هذا البند التمشي مع العرف الاقتصادي والنشاط المطلوب للأعمال الحرة... وحيث إنه بمطالعة كشف بيان المنح التي أدتها الشركة لعمالها وموظفيها في السنوات الأخيرة والمقدم من الشركة.. بين أنها دأبت منذ سنة 1942 حتى سنة 1952 على منح مستخدميها منحة سنوية بحد أدنى هو شهر واحد كما أنها سارت أيضا على منح عمالها منحة سنوية منذ هذا التاريخ حتى سنة 1952 فيما عدا سنتي 1946، 1951 بحد أدنى هو ثلاثة أيام وحيث إنه يبين من ذلك أن مبدأ منح الشركة مكافآت سنوية لموظفيها وعمالها كان مقررا من جانبها وإن اختلفت هذه المكافآت من ناحية القيمة في سنة عنها من أخرى فاذا ما جاءت الشركة بعد ذلك وأكدت ذلك الحق في اتفاق بينها وبين الموظفين والعمال التزمت بمقتضاه أن تصرف لهم هذه المنحة والمكافآت تبعا لحالتها المالية تعين عليها تنفيذ التزامها وليس لها بعد ذلك أن تتمسك بأن هذه المنحة تعتبر تبرعا من جانبها لها أن تمنحها أو تمنعها وفقا لمشيئتها وإرادتها لعدم ثبات هذه المنح واستقرارها في الماضي إذا أصبح الخلاف بينها وبين العمال حول صفة هذه المنحة منتهيا ومحكوما بهذا الاتفاق الذى تم بينهما وهو قانونها الذى يحكم العلاقة بينهما وهو اتفاق صحيح وجائز وليس فيه ما يخالف النظام العام فهو منتج لآثاره القانونية ويتعين على الشركة أن تقوم بصرف هذه المنح لموظفيها وعمالها تبعا لحالتها المالية تنفيذا لهذا الاتفاق وبما ينبغي من أمانة وثقة بينها وبين المتعاقد معها فان هي تقاعست عن الوفاء أو وفت به متعسفة في استعمال حقها أجبرت على التنفيذ قانونا". وهذا الذى أورده القرار المطعون فيه مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى كان محمولا على أسباب سائغة كما هو الشأن في خصوص هذا النعي وأما نعى الطاعنة بأن التزامها بأداء المنح لو صح أنه متروك لتقديرها فانه يكون إراديا محضا فهو مردود بأن القرار قد جعل تقديرها للمنحة مرتبطا بحالتها المالية كما أنه لا وجه لقول الطاعنة إنه يشترط في المنحة أن تكون ثابتة في تحديدها ذلك أن هذا الثبات إنما يشترط توافره عندما يكون مصدر المنحة العرف الذى جرى بإعطائها وإذا أوّلت الهيئة عبارة الصلح بأنها تنطوي على إقرار الشركة بحق المستخدمين والعمال في المنحة على أن يكون تقديرها مرتبطا بحالة الشركة المالية إذ كان ذلك وكانت الهيئة قد قدرتها في ضوء حالتها المالية فإنها لا تكون قد خالفت عبارة الصلح المشار إليه أو انحرفت عن مدلول عباراته.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن القرار المطعون فيه قد شابه القصور في فهم ميزانيات الشركات ذلك أنه لم يقم وزنا إلا للأرباح التي ظهرت فعلا لكى توزع على المساهمين دون بحث مدى مديونية الشركة للبنوك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود ذلك أن القرار المطعون فيه وهو بسبيل البحث في حالة الشركة المالية لتقدير قيمة المنحة جاء فيها "وحيث إن الشركة امتنعت عن صرف شئ لموظفيها وعمالها من هذه المنح عن سنة 1953 رغم ما سجلته ميزانيتها من أن صافى ربحها في السنة المذكورة مبلغ 120397 ج و662 م مما يتعين معه إلزامها بصرف منح لهم عن هذه السنة".
وحيث إنه على ضوء ما ثبت من مراجعة ميزانية الشركة عن سنة 1952 من أن صافى ربحها في تلك السنة بلغ 133558 ج و927 م وعلى ضوء ما ورد بمحضر الصلح المحرر بين النقابة والشركة في النزاع رقم 8 سنة 1953 تحكيم الإسكندرية من أن الشركة صرفت للموظفين مرتب شهرين ونصف وللعمال مرتب 15 يوما وذلك عن سنة 1952 ومراعاة للظروف الاقتصادية الحالية ترى الهيئة إلزام الشركة بأن تؤدى للموظفين مرتب شهرين وللعمال أجر ثلاثة عشر يوما عن سنة 1953 وهذا الذى أورده القرار هو تقدير موضوعي مما يدخل في سلطة الهيئة التقديرية وقد بنى على اعتبارات سائغة وكافية لحمله ومن ثم يكون النعي عليه في غير محله.
ومن حيث أنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.


الطعن 14 لسنة 30 ق جلسة 31 / 3 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 رجال القضاء ق 1 ص 5

جلسة 31 من مارس سنة 1962

برياسة السيد محمد عبد الرحمن يوسف نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: أحمد زكى كامل، ومحمد زعفراني سالم، عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكى محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على المستشارين.

-----------------

(1)
الطعنان رقما 14 و24 لسنة 30 ق رجال القضاء

)أ) اختصاص "اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض". أقدمية.
طلب تحديد أقدمية الطالب وأحقيته في درجة مستشار ومرتبها إعمالا لحكم سابق صادر لمصلحته من الهيئة العامة للمواد المدنية. النزاع بين الطالب ووزارة العدل حول أثر الحكم من اختصاص هذه الهيئة الفصل فيه.
(ب) ترقيه. أهلية.
الحكم الصادر بإلغاء القرار الجمهوري فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها لا يقتصر على ترقيته إلى هذه الدرجة فحسب وإنما ينسحب أثره إلى القرارات اللاحقة متى كان من شأنها إقصاؤه عن الترقية أسوة بزملائه الذين يلونه في الأقدمية، ولو لم يطلب إلغاء هذه القرارات، طالما لم يطرأ على أهليته ما يحول دون ترقية الطالب قبل صدور الحكم لمصلحته. لا يستنفد بهذه الترقية إلا جزءا من حقه في ذلك الحكم، وحقه في متابعة زملائه يبقى قائما بما يوجب اللحاق بهم عند ترقيتهم إلى درجة مستشار كأثر من آثار الحكم الصادر لمصلحته.
(ج) أقدمية. ترقية. معاش.
طلب تحديد الأقدمية والأحقية في الترقية إلى درجة مستشار يكون - بعد إحالة الطالب إلى المعاش - قاصرا على الحكم بأحقيته لمرتب هذه الدرجة من تاريخ استحقاقه للترقية إليها وهو ما ينبغي الحكم به.

---------------
1 - إذا كان الطلب قد قصد من طلب تحديد أقدميته وأحقيته في درجة مستشار ومرتبها، إعمال آثار حكم سابق صادر لمصلحته من الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض بالاعتراض على تنفيذه على النحو الذى أرادته وزارة العدل إذ أوقفت أثره عند حد ترقيته إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها فإن هذا الطلب يدخل في اختصاص هذه الهيئة.
2 - إذا كان الحكم الصادر من الهيئة العامة بإلغاء القرار الجمهوري فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، قد استند إلى أنه قد توافرت لديه الأهلية التي كانت متوافرة لزملائه الذين تخطوه، فإن مؤدى ذلك ليس اعتباره في درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها فحسب، وإنما انسحاب أثر إلغاء ذلك القرار إلى القرارات اللاحقة متى كان من شأنها إقصاؤه عن الترقية أسوة بزملائه الذين يلونه في الأقدمية، ولو لم يطلب إلغاءها طالما أنه لم يطرأ على أهليته ما يحول دون ترقيته. وإذن فإذا كانت أهلية الطالب باقية على أصلها ورقته الوزارة إلى درجة رئيس محكمة قبل صدور الحكم سالف الذكر لمصلحته مما يؤكد أهليته للترقية وكان الطالب لا يستنفذ بهذه الترقية إلا جزءا من حقه في ذلك الحكم، فإن حقه في متابعة زملائه يبقى قائما بما يوجب اللحاق بهم عند ترقيتهم إلى درجة مستشار وذلك كأثر من آثار الحكم الصادر لمصلحته.
3 - متى بلغ الطالب سن المعاش فإن مصلحته في طلب تحديد قدميته وأحقيته في الترقية إلى درجة مستشار تكون قاصرة على الحكم بأحقيته لمرتب هذه الدرجة من تاريخ استحقاقه للترقية إليها وهو ما ينبغى الحكم له به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق، تتحصل في أنه بتاريخ 12/ 4/ 1960 تقدم الطالب بالطلب رقم 14 سنة 30 ق رجال قضاء، وقال في شرحه إنه في 12/ 5/ 1958 طعن أمام هذه الهيئة بالطعن رقم 17 سنة 28 ق في القرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958، وطلب أصليا إلغاءه فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى درجة مستشار أو ما يعادلها، واحتياطيا إلغاءه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، وأثناء نظر هذا الطلب صدر قرار جمهوري في 15/ 9/ 1958 بتعيينات قضائية أخرى لم تشمله بالترقية فطعن فيه بتاريخ 6/ 10/ 1958 بالطعن رقم 40 سنة 28 ق وطلب إلغاءه فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى درجة مستشار أو ما يعادلها. وفى 27/ 2/ 1960 قضت المحكمة في الطعنين بقبولهما شكلا، وفى الموضوع بالنسبة للطلب الأول بإلغاء القرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958 فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها ورفضه فيما عدا ذلك، وبالنسبة للطلب الثاني برفضه. وأسست قضاءها برفض طلب إلغاء القرارين الجمهوريين الصادرين في 23/ 4/ 1958، 15/ 9/ 1958 فيما تضمناه من عدم ترقية الطالب إلى درجة مستشار، وهو موضوع الطلب الأصلي في الطعن رقم 17 سنة 28 ق والطعن رقم 40 سنة 28 ق برمته - أسست قضاءها في هذا الطلب على أنه يعتبر أثرا من آثار طعنين سبق للطالب أن رفعهما ولكن قضى برفضهما. أما الطلب الاحتياطي من الطعن الأول رقم 17 سنة 28 ق فقد أجابت الطالب إليه استنادا إلى أن القرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958 تخطى الطالب فعلا في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، ورتبت على ذلك قضاءها بإلغائه في هذا الخصوص واستطرد الطالب يقول إن أسباب هذا الحكم المرتبطة بمنطوقه قد اتجهت إلى وجوب ترقيته إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها على أن يكون سابقا في أقدميته بهذه الدرجة على من تخطوه بالقرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958، وإنه وقد صدر في 1/ 9/ 1959 أثناء نظر الطعن موضوع الحكم المشار إليه قرار جمهوري آخر بترقية خمسة من زملائه إلى درجة مستشار ممن تخطوه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، فإن مؤدى ذلك هو ترقيته إلى درجة مستشار، على أن يكون سابقا على زملائه المذكورين في أقدميته بها، إذ لم تقم لدى الوزارة أسباب تبرر تخطيه في هذه الترقية، ذلك أنه رقى فعلا رئيسا للنيابة في درجة رئيس محكمة في سبتمبر سنة 1958، ولم يخطر بتركه في الترقية طبقا لأحكام القانون رقم 56 سنة 1959، ولكن الوزارة أخطأت إذ رأت أن التفسير الصحيح للحكم الصادر لمصلحته في 27/ 2/ 1960 يقف به عند حد الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، والتمس الطالب الحكم بقبول طلبه شكلا، وفى الموضوع بتفسير الحكم الصادر من هذه الهيئة في 27/ 2/ 1960 في الطلب رقم 17 سنة 28 ق رجال قضاء باعتباره سابقا في الأقدمية على السادة زملائه الذين تخطوه بالقرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958 في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، وإعمال هذه الأقدمية بعد ذلك باعتباره مستشارا سابقا عليهم. وبتاريخ 22/ 6/ 1960 تقدم الطالب بالطلب رقم 24 سنة 30 ق رجال قضاء وشرحه بما سبق بيانه بالطلب الأول، وأضاف يقول إن وزارة العدل قد قصرت تنفيذ الحكم الصادر لمصلحته في 27/ 2/ 1960 على اعتبار أنه رئيس محكمة من 23/ 4/ 1958 دون أن تتبع آثاره اللاحقة باعتباره مستشارا منذ 1/ 9/ 1959 أسوة بزملائه الذين رقوا إلى هذه الدرجة، مما يعد إساءة لاستعمال السلطة كان من آثاره أن حرم من مرتب مستشار وقدره 1300 جنيه في السنة اعتبارا من 1/ 9/ 1959 وطلب الحكم بأحقيته لمرتب مستشار وقدره 1300 جنيه في السنة اعتبارا من هذا التاريخ وصرف ما تجمد له من فروق حتى 1/ 7/ 1960 وهو تاريخ انتهاء خدمته بعد بلوغه سن المعاش في 15/ 12/ 1959. أودعت وزارة العدل مذكرتها الأولى في الطلب رقم 14 سنة 30 ق وقالت فيها إن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحة الطالب في 27/ 2/ 1960 يوجب إرجاع ترقيته إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها إلى تاريخ 23/ 4/ 1958، ثم أودعت مذكرتها الثانية في ذات الطلب ومذكرة في الطلب رقم 24 سنة 30 ق، ودفعت فيهما بعدم اختصاص الهيئة بطلب تحديد أقدمية الطالب وبأحقيته في درجة مستشار ومرتبها وبالنسبة للموضوع طلبت رفض الطلبين إذ لا غموض في الحكم الصادر لمصلحة الطالب. وقدمت النيابة العامة مذكرة أولى قالت فيها إن مؤدى الحكم الصادر في 27/ 2/ 1960 هو وضع الطالب في أقدميته بين زملائه المرقين في حركة 23/ 4/ 1958، وأنه لا تجوز ترقيته في الحركة القضائية الصادرة في 15/ 9/ 1958 احتراما ما لحجية الحكم المشار إليه، إذ قضى برفض ترقية الطالب إلى درجة مستشار. وطلبت بالنسبة للطلب 14 سنة 30 ق ترقية الطالب إلى درجة مستشار إذا أدركه الدور في الترقية إليها في قرارات التعيينات اللاحقة حتى بلوغه سن المعاش في 15/ 12/ 1959 تأسيسا على أقدميته كرئيس محكمة في 23/ 4/ 1958، وذلك ما لم يقع مانع لدى الوزارة وهو ما لم تدعيه، وبالنسبة للطلب رقم 24 سنة 30 ق طلبت اعتباره أثرا من آثار الطلب الأول، وذلك باستحقاق الطالب أول مربوط درجة مستشار منذ أن أدركه الدور للترقية إليها، إلا أنها عدلت عن هذا الرأي بمذكرتها الثانية بأن شاطرت وزارة العدل رأيها الثاني دفعا وموضوعا.
وحيث إن المحكمة ترى ضم الطلب الثاني رقم 24 سنة 30 ق إلى الطلب الأول رقم 14 سنة 30 ق قضاء لارتباطهما.
وحيث إن الدفع الذى أثارته الوزارة وشاركتها فيه النيابة العامة مردود ذلك أن الطلبين رقمي 14 و24 سنة 30 ق رجال قضاء وإن رفعا بعد صدور قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959، إلا أن الطالب قصد من رفعهما إعمال آثار حكم سابق صدر لمصلحته من هذه الهيئة في 27/ 2/ 1960 بالاعتراض على تنفيذه على النحو الذى أرادته الوزارة، إذ أوقفت أثره عند حد ترقيته إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها اعتبارا من 23/ 4/ 1958، بينما يطلب الطاعن إعماله بترقيته إلى درجة مستشار منذ 1/ 9/ 1959، فيعد طلب الطاعن بذلك أثرا من آثار هذا الحكم السابق، مما يترتب عليه تحقق الاختصاص لهذه الهيئة عملا بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
حيث إن الطلبين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الصادر في 27/ 2/ 1960 أنه إذ قضى في الطلب رقم 17 سنة 28 ق بإلغاء القرار الجمهوري الصادر في 23/ 4/ 1958 فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، قد استند إلى أنه قد توافرت للطالب الأهلية التي كانت متوافرة لزملائه الذين تخطوه في الترقية بمقتضى المرسوم المشار إليه. ومؤدى هذا القضاء - طبقا لأسبابه المرتبطة بمنطوقه ليس اعتبار الطالب في درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها منذ 23/ 4/ 1958 فحسب وإنما انسحاب أثر إلغاء القرار الجمهوري الصادر في هذا التاريخ إلى القرارات اللاحقة متى كان من شأنها إقصاؤه عن الترقية أسوة بزملائه الذين يلونه في الأقدمية، ما دامت لم تقدم الوزارة دليلا على وجود مسوغ طارئ من شأنه أن يحول دون ترقيته. ولما كان الثابت أن أهلية الطالب التي تمت مقارنته بزملائه على أساسها لا تزال باقية على أصلها، إذ رقته الوزارة، قبل أن يصدر الحكم لمصلحته رئيسا للنيابة بدرجة رئيس محكمة في 15/ 9/ 1958 مما يعد تسليما منها بأهليته للترقية، وكان ما ذهبت إليه الوزارة من أن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحة الطالب في 27/ 2/ 1960 طبقا لمنطوقه يقف به عند حد ترقيته إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها اعتبارا من 23/ 4/ 1958 بعد دفاعا مردودا، إذ لم يستنفد الطالب بهذه الترقية التي أقرت بها الوزارة إلا جزءا من حقه في الحكم الصادر لمصلحته، لما كان ذلك، فإن حقه في متابعة زملائه المذكورين يبقى قائما بما يوجب لحاقه بهم عند ترقيتهم إلى درجة مستشار بالقرار الجمهوري الصادر في 1/ 9/ 1959، وتعد ترقيته لهذه الدرجة منذ هذا التاريخ أسوة بهؤلاء الزملاء إعمالا لآثار الحكم الصادر لمصلحته في 27/ 2/ 1960 بإلغاء قرار 23/ 4/ 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها، باعتبار هذا القرار أساسا للقرار اللاحق الصادر في 1/ 9/ 1959 يسبغ عليه حكمه بما يؤدى إلى تأثير مصلحة الطالب بهذا القرار الأخير ولو لم يطلب إلغاءه، طالما لم تطرأ على أهليته في الفترة القصيرة التي مضت بين القرارين ما يحول دون ترقيته، وهو الأمر الذى لم تدعيه الوزارة وإنما قام الدليل على عكسه على ما سبق بيانه، غير أنه وقد بلغ الطالب سن المعاش في 15/ 12/ 1959 فقد أصبحت مصلحته في طلبيه رقمي 14 و24 سنة 30 ق رجال قضاء قاصرة على الحكم بأحقيته لمرتب مستشار وقدره 1300 جنيه اعتبارا من 1/ 9/ 1959 بما يوجب الحكم باستحقاقه لهذا المرتب من التاريخ المذكور.