الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الطعن 727 لسنة 46 ق جلسة 28 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 209 ص 922


جلسة 28 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، وأحمد موسى، وأحمد طاهر خليل.
------------
(209)
الطعن رقم 727 لسنة 46 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". حكم. تسبيبه. "تسبيب غير معيب".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم سندا للبراءة، متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة. وخلا حكمها من عيوب التسبيب.
إغفال الحكم القاضي ببراءة المتهم من تهمة إحراز مخدر مناقشة الدليل المستمد من كل قطعة أو فئات من المخدر المضبوط لا يعيبه متى أقيم على الشك في صحة واقعة الضبط برئها.

-----------
من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد احاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من باقي قطعة الحشيش الكبيرة - الذى لم يرسل للتحليل - ومن فئات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة، مردودا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة واقعة الضبط برمتها، فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد - إلى مناقشه الدليل المستمد من كل قطعة بعينها أو فئات من الجواهر محل هذا الضبط. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (أفيونا وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 6 مايو سنة 1974 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا (بدائرة أخرى) ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار، قد شابه قصور وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه أسس قضاءه على أنه ليس من المستساغ على حد رواية الشاهدين أن يترك المطعون ضده باب الحجرة - التي كان يجلس فيها محرزا الجواهر المخدرة المضبوطة - وباب مسكنه غير مغلقين ولا أن يقر لشاهدي الإثبات بإحرازه جزءا من هذه الجواهر دون الآخر، هذا إلى ثبوت خلو جيبه - الذى شهدا بضبط قطعة الحشيش الكبيرة فيه - من آثار أية مادة يشتبه فيها واختلاف أوزان الجواهر المرسلة للتحليل عما أثبت بشأنها في شهادة الوزن. في حين أن ترك الأبواب غير مغلقة وصدور الإقرار للشاهدين مقصورا على جزء من الجواهر المضبوطة لا يتنافر - كلاهما - مع مقتضيات العقل والمنطق، ومع أنه لا يلزم بالضرورة - ولو لم يكن المخدر مغلقا - أن تتخلف عنه آثار بالجيب الذى ضبط فيه. وأما اختلاف أوزان الجواهر - المشار إليه في الحكم - فليس من شأنه أن يؤدى إلى التشكيك في أنها هي بذاتها التي ضبطت مع المطعون ضده، ومن ثم فقد كان على المحكمة - وقد ساورها هذا الشك - أن تجرى تحقيقا بشأنه، وأن تستجلى حقيقة الأمر بالنسبة لباقي قطعة الحشيش الكبيرة - التي لم يرسل للتحليل، مع سائر الجواهر المضبوطة، سوى عينة منها لتدلى برأيها في الدليل المستمد منها. كل ذلك بالإضافة إلى أن الحكم قد التفت عن فتات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة المضبوطة مع المطعون ضده فلم يقل كلمته كذلك في الدليل المستمد من هذه الواقعة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت - التي استندت إليها سلطة الاتهام - والتي تنحصر في أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات والشرطي السرى الذى رافقه وقت الضبط وفى شهادة وزن الجواهر المخدرة المضبوطة وتقرير التحليل، أفصح عن عدم اطمئنانه إلى سلامة هذه الأدلة وخلص في أنها محاطة بالشك والريبة لأسباب عددها، حاصلها أنه ليس من المستساغ قول الشاهدين، مع كبر كمية الجواهر التي قيل بضبطها، ان يقبع المطعون ضده - الذى وصفه الشاهدان بأنه من تجار المخدرات الذين سبق ضبطهم في قضايا - في حجرة بمسكنه، وهو يحمل في جيوبه تلك الكمية، تاركا - دون حرص وحذر - بابي الحجرة والمسكن غير مغلقين، ولا أن يقر لهما عندما فوجئ بدخولهما الحجرة إحرازه جزءا من هذه الجواهر، وشفرة الحلاقة الملوثة بالحشيش، دون الجزء الآخر. هذا إلى ما كشف عنه تقرير التحليل من خلو جيبه - الذى شهدا بضبط قطعة الحشيش الكبيرة فيه - من آثار أية مادة يشبه فيها، مع أن هذه القطعة كانت - وفق الثابت بالتحقيق - عارية من أحد جوانبها، وإلى اختلاف الأوزان الواردة بتقرير التحليل عن تلك المثبتة بشهادة الوزن - إذ ورد بالتقرير أن وزن قطعة الأفيون 35 جم، والعينة المأخوذة من قطعة الحشيش الكبيرة 2.98، وقطعة الحشيش الصغيرة 85 جم، بينما أثبت بالشهادة أن وزن قطعة الأفيون 800 ملليجرام، وعينه الحشيش 3.300 جم وقطعة الحشيش الصغيرة جرام واحد - مع أن كل قطعة من هاتين القطعتين وكذلك العينة كانت مغلفة وبالتالي غير معرضة لعوامل الجفاف، ولم يمض بين تحريزها وتحليلها سوى ثمانية عشر يوما فقط. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن حسب محكمه الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من باقي قطعة الحشيش الكبيرة - الذى لم يرسل للتحليل - ومن فتات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة، مردودا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة واقعة الضبط برمتها، فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد - إلى مناقشة الدليل المستمد من كل قطعة بعينها أو فئات من الجواهر محل هذا الضبط. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 781 لسنة 46 ق جلسة 29 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 210 ص 926


جلسة 29 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، واسماعيل محمود حفيظ، وفاروق راتب.
------------
(210)

الطعن رقم 781 لسنة 46 القضائية

استئناف. "نظره والحكم فيه". "سقوطه". إعلان.

سقوط استئناف المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة. مناطه أن يكون عالما بالجلسة. لا يغني عن هذا العلم علم وكيله.

-----------

لما كانت المادة 412 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية واجبة النفاذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة. ويجب لكى يسأل المحكوم عليه عن عدم تقدمه للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاستئناف أن يكون عالما بتاريخ هذه الجلسة إما بتوقيعه بنفسه على تقرير الاستئناف بما يفيد هذا العلم أو بإعلانه به ولا يغنى عن اعلانه علم وكيله الذى قرر بالاستئناف نيابة عنه لأن علم الوكيل بالجلسة لا يفيد حتما علم الأصيل الذى لم يكن حاضرا وقت التقرير بالاستئناف.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 836 لسنة 1970 بأنه بدائرة مركز بيلا محافظة كفر الشيخ (أولا) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة بسرعة وبحالة ينجم عنها الخطر ولم ينتبه للطريق فصدم المجنى عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و7 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار الداخلية. ومحكمة جنح بيلا الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإٌيقاف التنفيذ. عارض، وقضى بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 1744 لسنة 1973 ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بسقوط الاستئناف. عارض، وقضى في معارضته بقبولها وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. وطعن الأستاذ ..... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقدم تقريرا بالأسباب موقعا عليه من الاستاذ ....... المحامي.


المحكمة
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض معارضته وتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي الصادر بسقوط استئنافه لأنه لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه على الرغم من أنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر استئنافه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم الغيابي الاستئنافي بعد أن أثبت في ديباجته أن الطاعن قرر بالاستئناف بواسطة وكيل عنه قضى بسقوط الاستئناف على أساس أنه لم يحضر الجلسة رغم علمه بها من تقريره بالاستئناف وإنه لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه أو يسدد الكفالة لوقف التنفيذ قبل جلسة نظر الاستئناف. وقد عارض الطاعن في هذا الحكم وقضى الحكم المطعون فيه بتأييده لأسبابه. لما كان ذلك، وكانت المادة 412 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيده للحرية واجبة النفاذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة. ويجب لكى يسأل المحكوم عليه عن عدم تقدمه للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاستئناف أن يكون عالما بتاريخ هذه الجلسة إما بتوقيعه بنفسه على تقرير الاستئناف بما يفيد هذا العلم أو بإعلانه به ولا يغنى عن إعلانه علم وكيله الذى قرر بالاستئناف نيابة عنه لأن علم الوكيل بالجلسة لا يفيد حتما علم الأصيل الذى لم يكن حاضرا وقت التقرير بالاستئناف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الاستئنافي الذى قضى بسقوط استئناف الطاعن استنادا إلى أنه لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة واستنادا إلى علمه بتاريخ الجلسة من تقريره بالاستئناف في حين أنه قد أثبت في ديباجته أن تقرير الطاعن بالاستئناف كان بواسطة وكيل عنه ولا يستفاد علمه بتاريخ هذه الجلسة من توقيع وكيله على تقرير الاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 808 لسنة 46 ق جلسة 12 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 211 ص 929


جلسة 12 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يعيش محمد رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدى عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
-------------
(211)
الطعن رقم 808 لسنة 46 القضائية

 (1)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحقق من علم المتهم بكنه المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغا.
(2) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
معنى جلب المخدر في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960.
متى يلتزم الحكم بالتحدث عن القصد من جلب المخدر ؟

---------------
1 - لما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شؤون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط داخل الأنابيب، وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص ردا سائغا في العقل والمنطق، يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافر فعليا - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
2 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجوهر المخدر التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فلا عليه - من بعد - إن هو لم يعرض للتحدث عن قصده من هذا الجلب، لما هو مقرر من أن الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - الذى يحكم واقعة الدعوى، إنما يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدر من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في هذا القانون - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا يلزم الحكم بالتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر المقول بجلبه لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12 نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم الميناء محافظة الإسكندرية، جلب جوهرا مخدرا (حشيشا) إلى جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت من مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) المرفق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، كما أخطأ في القانون. ذلك بأنه ساق للتدليل على علم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط ما لا يكفى لتوافر هذا العلم في حقه، ورد على دفاعه في هذا الخصوص بما لا يصلح ردا هذا إلى خطئه في معنى الجلب خطأ أدى به إلى إغفال استظهار قصد الاتجار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن قدم من بيروت إلى ميناء الاسكندرية وأثناء قيام مساعدة مأمور الجمرك بتفتيش أمتعته، عثرت بداخل حقيبة منها على عشرة أنابيب معجون تحوى مخدر الحشيش. وإذ واجهته بذلك، فقد أقر بأنه تسلم عشرين أنبوبة من آخر وسلم عشرا منها إلى طفل من ركاب الباخرة للخروج بها من الجمرك. ولما أنبأت أحد الضباط بهذه الواقعة وتمكن من ضبط الطفل وتولت هي تفتيش حقيبته، عثرت بداخلها على تسع أنابيب معجون قال الطفل إن الطاعن كلفه الخروج بها وتبين أنها تحوى بدورها مخدر الحشيش وأنها من النوع المضبوط ذاته. وبعد أن ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من شهادة مساعدة مأمور الجمرك والضابط المشار إليه ومن اعتراف الطاعن في التحقيق بإحضاره الأنابيب من بيروت وبتسليمه إلى الطفل ما ضبط معه منها، ومن أقوال هذا الطفل وتقرير التحليل والمحضر الذى أسفر عن أن المخدر زنته 588.7 جراما، عرض إلى دفاع الطاعن - القائم على أنه تسلم الأنابيب من آخر في بيروت وهو يجهل ما بداخلها وكان يهدف من الاستعانة بالطفل التخلص من دفع مبلغ كبير من الرسوم الجمركية - ورد عليه بقوله: "وحيث إن دفاع المتهم - الطاعن - مردود بما هو ثابت من التحقيقات أن المتهم إذ سئل في تحقيق النيابة عن المدعو .... الذى زعم أنه سلم إليه هذه الأنابيب لنقلها للإسكندرية قرر أنه جارى البحث عنه والاستدلال على اسمه الحقيقي ومحل إقامته، مما تستظهر منه المحكمة أن هذا الاسم الذى قاله المتهم هو اسم وهمى إذ لا يعقل أن يحمل المتهم التسع عشرة أنبوية التي ضبط بها المخدر الحشيش لينقلها لحساب شخص لا يعرفه معرفة حقيقية ولا يعرف محل إقامته الذى سيسلم فيه هذه الأشياء ويستفاد منه علم المتهم بكنه المخدر الموجود في الأنابيب المذكورة فأراد أن ينسبها لشخص لم يستطع الإرشاد عنه وثبت بإقراره أنه لا وجود له. يضاف إلى ذلك أن التسع عشرة أنبوبة لو كانت بها معجون أسنان أو معجون حلاقة فإنه لا يحصل عليها رسوم جمركية كبيرة كما يدعى المتهم التى تدعوه إلى إعطاء تسع أنابيب منها للطفل للخروج بها من الجمرك الأمر الذى يستفاد منه علم المتهم بكنه المخدر الموجود بهذه الأنابيب وأنه حاول اخراج جزء منها مع الطفل المذكور واستبقى جزء معه حتى لا يلفت النظر بكثرة الأنابيب فيقوم مأمور الجمرك بفتحها فيكشف كنه المخدر الذى بها. هذا علاوة على أن المتهم قرر أن صناعته بحار على البواخر التجارية وهذا الشخص له من الدراية والتجربة ما يدعوه إلى الحرص فلا يستساغ أن يحمل شيئا لينقله لشخص دون أن يعلم كنه ما بداخل الأنابيب المضبوطة وأن بداخلها مخدر "الحشيش". لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط داخل الأنابيب، وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص ردا سائغا في العقل والمنطق، يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافر فعليا - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجوهر المخدر التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فلا عليه - من بعد - إن هو لم يعرض للتحدث عن قصده من هذا الجلب، لما هو مقرر من أن الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - الذى يحكم واقعة الدعوى - إنما يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في هذا القانون - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا يلزم الحكم بالتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر المقول بجلبه لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك - وهو ما لم يتحقق في الدعوى المماثلة - لما كان ما تقدم - فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 826 لسنة 46 ق جلسة 13 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 212 ص 934


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ قصدي إسكندر عزت، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
---------------
(212)
الطعن رقم 826 لسنة 46 القضائية

1)،2 ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) حق محكمة الموضوع في تبين حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة. التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
 (2)عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة فقط. حقها في استخلاص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة. متى كان ذلك لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطق.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". زنا. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 276 من قانون العقوبات. بيانها الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا. عدم اشتراط أدلة خاصة بالزوجة. مرجع الأمر للقواعد العامة. واقتناع القاضي.
 (4)دفاع . "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(5) محكمة استئنافية ."إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". إثبات. "شهود".
محكمة ثاني درجة. تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. لها
أن تجرى من التحقيقات ما ترى لازما لإجرائه.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات . "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(7) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود. بفرض وقوعه. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم ومن باقي الأدلة استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.

---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
2 - المحكمة ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة - بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة، متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطق.
3 - من المقرر أيضا أن المادة 276 من عقوبات إنما تكلمت في الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، أما الزوجة نفسها فلم يشترط القانون بشأنها أدلة خاصة بل ترك الأمر في ذلك للقواعد العامة، بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة بارتكابها الجريمة فله التقرير بإدانتها وتوقيع العقاب عليها.
4 - المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استنادا إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - محكمة الدرجة الثانية وإن كانت تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق إلا أن لها أن تجرى من التحقيقات ما ترى لزوما لإجرائه واستكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، وإذ ما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدعى بالحقوق المدنية قد تمسك بسماع شهادة.... إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب فعاود التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية التي أجابته إلى طلبه واستمعت إلى شاهده فلا جناح عليها في ذلك ولا تثريب عليها إن هي عولت من بعد على شهادته لما هو مقرر من أن القانون قد جعل من سلطة قاضى الموضوع أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه.
6 - وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
7 - التناقض بين أقوال شاهدين - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهما ومن باقي الأدلة التي عولت عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة في قضية الجنحة رقم 8820 لسنة 1970 كلا من ..... (الطاعنة) و(2)..... بأنهما في يوم 12 من نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: ارتكبا معا جريمة الزنا حالة كون المتهمة الأولى متزوجة من..... مع علم الثاني بقيام الزوجية، وطلبت عقابهما بالمادتين 274 و275 من قانون العقوبات. وادعى...... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنح روض الفرج الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 376 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55 و56 من القانون ذاته بحبس كل من المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا وألزمت المتهمين بأن يدفعا متضامنين للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتي جنيه تعويضا عما لحقه من أضرار والمصاريف المدنية المناسبة وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهمان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 2800 سنة 1972. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض وقدم الاستاذ ...... المحامي عنها تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه.

المحكمة
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الزنا قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استخلص حصول الوطء بينها وبين المتهم الآخر استخلاصا غير سائغا لا تؤدى إليه ظروف الدعوى وملابساتها، والتفت عما أثاره الدفاع من أن المتهم المذكور يعانى من عجز جنسي لا يستطيع معه إتيان الركن المادي للجريمة، وعول في الإدانة على ما أسنده إلى زوج الطاعنة من قول بأنه عندما دخل مسكنه شاهد المتهم الآخر في الشرفة يرفع سرواله، على خلاف ما أدلى به في التحقيقات الأولى من أنه شاهده يقوم بتثبيت أزرار سرواله، هذا إلى أن المحكمة الاستئنافية سمعت الشاهد...... بناء على طلب المدعى بالحقوق المدنية رغم اعتراض الدفاع على ذلك لعدم ورود اسمه في التحقيقات وعولت على شهادته مع أنها لو عنيت بتمحيصها لتثبيت فسادها كما تساند الحكم إلى أقواله وأقوال الشاهد...... رغم تناقضهما، هذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يخلص أن زوج الطاعنة كان قد خرج من مسكنه في الساعة السادسة من صباح يوم الحادث ليركب القطار الذى ينقله إلى مقر عمله بالزقازيق وإذ لم يلحق به وعاد إلى منزله وجد بابه مغلقا من الداخل بالمزلاج فطرقه، إلا أن زوجة الطاعن لم تفتح له إلا بعد فوات نحو خمس عشرة دقيقة سمع خلالها أصواتا مريبة تنبئ عن تردد زوجته ذهابا وإيابا ولما دخل لاحظ ارتباكها وكانت ترتدى ملابس النوم ورأى السرير مبعثرا وشاهد المتهم الثاني يندفع إلى الشرفة منهمكا في رفع سرواله وإحكام أزراره فقام بضبطه، وقد عرض الحكم المطعون فيه لركن الوطء الواجب توافره في جريمة الزنا التي دان الطاعنة بها، استظهر، مما شهد به المجنى عليه من تواجد المتهم الآخر - الشريك - في الساعة 6 و55 ق من صباح يوم الضبط بمسكنه بعد خروجه لعمله وانفراده بزوجته الطاعنة التي تلكأت في فتح الباب له ومشاهدته له وهو يرفع سرواله في محاولة للاختفاء في الشرفة بمعاونة الطاعنة وما شهد به الشاهد...... من رؤية المتهم الشريك في شرفة مسكن المجنى عليها بملابسه الداخلية وكانت الطاعنة تناوله سرواله وقميصه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة - بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة - متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، كما أنه من المقرر أيضا أن المادة 276 عقوبات إنما تكلمت في الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، أما الزوجة نفسها فلم يشترط القانون بشأنها أدلة خاصة بل ترك الأمر في ذلك للقواعد العامة، بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة بارتكابها الجريمة فله التقرير بإدانتها وتوقيع العقاب عليها، ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من جماع الأدلة المطروحة عليها الصورة الحقيقية لواقعة، وعولت في حصول الوطء بين الطاعنة وشريكها المتهم الآخر على ما ساقته من ظروف وقرائن اطمأنت إليها في حدود سلطتها في تقدير الدليل بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وبأسباب تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها كما لا تقبل مجادلتها فيه، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استنادا إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بدعوى القصور في استظهار الركن المادي للجريمة وإغفال الرد على ما أثاره الدفاع من عجز شريك الطاعنة عن إثباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال المجنى عليه من أنه رأى المتهم الآخر في الشرفة يرفع سرواله ويحكم أزراره، له صداه في الأوراق مما ينتفى به عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، ولما كان من المقرر أن محكمة الدرجة الثانية وإن كانت تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق إلا أن لها أن تجرى من التحقيقات ما ترى لزوما لإجرائه واستكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، وإذ ما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدعى بالحقوق المدنية قد تمسك بسماع شهادة.... إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب، فعاود التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية التي أجابته إلى طلبه واستمعت إلى شاهده فلا جناح عليها في ذلك ولا تثريب عليها إن هي عولت من بعد على شهادته لما هو مقرر من أن القانون قد جعل من سلطة قاضى الموضوع أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه، لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع كما وأن التناقض بين أقوال الشاهدين...... و..... - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الادانة من أقوالهما ومن باقي الأدلة التي عولت عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله مستوجبا للرفض.

الطعن 828 لسنة 46 ق جلسة 13 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 213 ص 940


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ اسماعيل محمود حفيظ، ومحمود صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
--------------
(213)
الطعن رقم 828 لسنة 46 القضائية

محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات. "بوجه عام" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن" حكم. من الأسباب.
كفاية الشك في اسناد التهمة، للقضاء بالبراءة. متى كان ذلك عن بصر وبصيرة.
تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع. المجادلة فيه أمام النقض لا تجوز عدم ادعاء الطاعن صدر اعتراف من المطعون ضده مستقل عن الدليل الباطل يجعل ما يثيره مجرد جدل موضوعي.

---------------
لما كان يكفى في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها مما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام فيها خلص إلى أن التهمة الموجهة إلى المطعون ضده محل شك للأسباب السائغة التي أوردها والتي أفصح بها عن عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الضابط شاهد الإثبات بما فيها ما أسنده الضابط إلى المطعون ضده من اعتراف شفوي له وإذ كانت الطاعنة لا تدعى في وجه الطعن بصدور اعتراف من المطعون ضده في أية مرحلة من مراحل التحقيق مستقل عن اقوال الضابط التي أطرحتها المحكمة لعدم ثقتها فيها فإن ما يثيره في طعنها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم أول المنصورة محافظة الدقهلية أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1و2 و7 و34/ أ 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 12 من الجدول رقم واحد الملحق فقرر ذلك. في 3 مارس سنة 1974. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 42 القانون رقم 182 لسنة 1960 ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا حكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر المسندة إليه قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه أغفل دليلا ثابتا بالأوراق إذ لم يعرض لما شهد به الضابط شاهد الإثبات من أن المطعون ضده اعترف له بإحرازه المخدر المضبوط، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "فقد شهد الرائد ....... رئيس وحدة مباحث قسم أول المنصورة بأنه أثناء مروره لمراقبة حالة الأمن شاهد المتهم يجلس أمام مقهى.... وما أن شاهده المتهم حتى ألقى بلفافة سلوفانية استقرت أمامه على الأرض وبفضها وجد بها مادة داكنة اشتبه في أن تكون حشيشا فأجرى تفتيشه فعثر بجيب جاكتته الأيسر الداخلي على خمس قطع أخرى من ذات المادة كما عثر على مبلغ 12 ج و900 م بجيب بنطلونه الأيمن وبمواجهة المتهم بالمضبوطات اعترف بها وبمناقشته قرر أنه لم يمكن المتهم من التخلص من المخدر إذ أنه لم يمكنه من ذلك لأنه فاجأه من الخلف وأنه كان يرافقه آخرين من رجال الشرط السرية وأنهم كانوا يفقون بعيدا.
وبعد أن ساق الحكم دفاع المطعون ضده برر قضاء بالبراءة بقوله "ومن حيث أن المحكمة لا تطمئن إلى صحة تصوير الواقعة على النحو الذى أشار إليه الشاهد إذ لم يكن هناك مبرر لأن يلقى المتهم بالمخدر - أن صحت واقعة الإلقاء - ما دام أن الضابط قد قرر أنه قد أتى للمتهم من الخلف فضلا عن أن واقعة التخلي ذاتها.... مشكوك في حصولها لانتفاء الحكمة منها بعد أن قرر الشاهد أنه بتفتيشه للمتهم وجد معه كمية أخرى من المخدرات، ما كان يجديه هذا التخلي شيئا وفى جيبه منه. ومتى كان ذلك فإن التهمة المسندة إلى المتهم والمؤسسة على أقوال الشاهد سالف الذكر تكون مشكوكا في نسبتها إلى المتهم، ويتعين لذلك القضاء ببراءته منها. لما كان ذلك وكان يكفى في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها مما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وبأدلة الاتهام فيها، خلص إلى أن التهمه الموجهة إلى المطعون ضده محل شك للأسباب السائغة التي أوردها والتي أفضح بها عن عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الضابط شاهد الإثبات بما فيها ما أسنده الضابط إلى المطعون ضده من اعتراف شفوي له، وإذ كانت الطاعنة لا تدعى في وجه الطعن بصدور اعتراف من المطعون ضده في أية مرحلة من مراحل التحقيق مستقل عن أقوال الضابط التي أطرحتها المحكمة لعدم ثقتها فيها فإن ما يثيره في طعنها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير وفى سلطة المحكمة استنباط معتقدها مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 838 لسنة 46 ق جلسة 13 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 214 ص 943


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ قصدي إسكندر عزت، واسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق.
-------------
(214)
الطعن رقم 838 لسنة 46 القضائية

 (2 - 1)إثبات "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 (1)وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
 (2)استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. حق لمحكمة الموضوع.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". خطأ. مسئولية جنائية. رابطة سببية.
تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبه وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة. من عدمه موضوعي.
 (4)إثبات "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصها سائغا لا تناقض فيه.
(5) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره. متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لها.

------------
1 و2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، وهى - من بعد - لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا وكانت المحكمة أخذا بأقوال الشهود التي اطمأنت إليها خلصت إلى أن سبب الحادث إنما كان يرجع إلى أن الطاعن كان يقود السيارة النقل بسرعة للحاق بسيارة أخرى ولما أراد أن يفادى سيارة ثالثة كانت آتية في الاتجاه العكسي له انحرف بها يسارا دون مقتض مما أدى إلى انزلاقها إلى أقصى يسار الطريق واصطدامها بالكوبرى وإصابة المجنى عليهم بالإصابات التي أودت بحياة اثنين منهم واطرحت ما ذهب إليه الطاعن من تصوير الحادث على نحو آخر بدعوى أنه انحرف بالسيارة إلى أقصى اليسار ولمفاداة طفل عبر الطريق أمامه فجأة وأن عطل الفرامل المفاجئ لم يمكنه من إيقافها وأفصحت عن عدم اقتناعها بهذا التصوير الأسباب السائغة التي أوردتها والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا.
4 و5 - لما كان التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه وكان لا تثريب على المحكمة إن هي رجحت ما انتهى إليه المهندس الفني من أن تلف فرامل السيارة كان لا حقا على الحادث واستبعدت ما ذهب إليه من احتمال أن يكون تلفها سابقا على الواقعة لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وهو ما لم تخطيء المحكمة تقريره في واقعة الدعوى. لما كان هذا الذى أخذه الحكم من الدليل الفني لا يتناقض البتة مع مؤدى ما استخلصه من أقوال الشهود تصويرا على ذلك، فإن النعي بقيام التعارض بين الدليلين الفني والقولي لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز سوهاج محافظتها: (أولا) تسبب خطأ في موت .... و...... وإصابة ....... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة وبحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ولم يتأكد من خلو الطريق أمامه فصدم المجنى عليه ...... ثم سقطت السيارة بمصرف مياه وترتب على ذلك وفاة المجنى عليهما الأول والثاني وإصابة المجنى عليه الثالث بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية. (ثانيا) قاد سيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة (2) سمح بوجود ركاب على الأجزاء الخارجية للسيارة (3) قبل بالسيارة أكثر من العدد المحدد بالرخصة (4) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر (5) استعمل السيارة في غير الغرض المرخص والمحدد بالرخصة، وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات و1 و2 و84 و85 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار الداخلية، ومحكمة جنح مركز سوهاج الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات عن التهمة الأولى والتهمة الأولى والرابعة من التهمه ثانيا وغرامة خمسة وعشرين قرشا عن التهمتين الثانية والثالثة وخمسة وعشرين قرشا عن الخامسة (ثانيا) مع سحب الرخصة لمدة شهر بالنسبة للخامسة. فاستأنف المتهم هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة الأولى والثانية 1 و4 وتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم مائة قرش عن التهمة (ثانيا) - 3 و5 - مع سحب الرخصة لمدة شهر وبراءته عن التهمة ثانيا. فطعن الأستاذ....... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استظهر خطأ الطاعن في قيادته سيارة نقل بسرعة وانحرافه بها يسارا دون مقتض مما أدى إلى انقلابها واستند الحكم في ذلك إلى ما شهد به المجنى عليه...... مع أن أقواله غير مستساغة إذ أن متن السيارة كانت محملة بالماشية ولم تكن قد تجاوزت موقفها بنقطة المرور إلا بمسافة كيلو متر واحد مما لا يكفى لبلوغ سرعتها مع نقل حمولتها إلى مائة كيلو متر في الساعة حسبما ذهب إليه ذلك الشاهد مستهدفا تحقيق مصلحته في المطالبة بالتعويض في حين أن سبب الحادث يرجع في حقيقته إلى أن طفلا عبر الطريق فجأة أمام السيارة فاضطر الطاعن إلى الانحراف بها يسارا وضغط على فراملها للتوقف إلا أنه فوجئ بتلفها وقد تأيد ذلك بما ثبت من تقرير المهندس الفني ومناقشته في الجلسة من أن سبب الحادث إنما يرجع إلى تلف الفرامل فجأة وهو ما يقطع رابطة السببية بين ما يمكن أن ينسب إليه من خطأ وبين النتيجة، وقد أثار الدفاع ذلك في مرافعته إلا أن الحكم لم يعن بالرد عليه مع جوهرية أخذ بأقوال الشهود رغم تناقضها وتعارضها مع تقرير المهندس الفني مطروحا إياه بما لا يسيغ ذلك إذ استند في هذا الشأن إلى ما تبين من الغاية من وجود آثار لفراملها امتدت إلى مسافة خمسة عشر مترا وهو ما لا يصلح لإهدار ذلك الدليل الفني وكل هذا يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود وما ثبت من المعاينة وتقرير المهندس الفني وما تبين من مناقشته في الجلسة، ولما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، وهى - من بعد - لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وإذ كان من المقرر أيضا أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا وكانت المحكمة أخذا بأقوال الشهود التي اطمأنت إليها خلصت إلى أن سبب الحادث إنما كان يرجع إلى أن الطاعن كان يقود السيارة النقل بسرعة للحاق بسيارة أخرى ولما أراد أن يفادى سيارة ثالثة كانت آتية في الاتجاه العكسي له انحرف بها يسارا دون مقتض مما أدى إلى انزلاقها إلى أقصى يسار الطريق واصطدامها بالكوبرى وإصابة المجنى عليهم بالإصابات التي أودت بحياة اثنين منهم، وأطرحت ما ذهب إليه الطاعن من تصوير الحادث على نحو آخر بدعوى أنه انحرف بالسيارة إلى أقصى اليسار لمفاداة طفل عبر الطريق أمامه فجأة وأن عطل الفرامل المفاجئ لم يمكنه من إيقافها وأفصحت عن عدم اقتناعها بهذا التصوير للأسباب السائغة التي أوردتها والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين ما يمكن نسبته إليه من خطأ وبين النتيجة بسبب العطل المفاجئ للفرامل وأطرحه بما ثبت من المعاينة من أن السيارة قيادته تركت آثار فراملها خلفها في مسافة امتدت خمسة عشر مترا مما استخلصت منه المحكمة صلاحية الفرامل وسلامتها وقت الحادث، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام النقض، لما كان ذلك، وكان التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه وكان لا تثريب على المحكمة إن هي حجبت ما انتهى إليه المهندس الفني من أن تلف فرامل السيارة كان لاحقا على الحادث واستبعدت ما ذهب إليه عن احتمال أن يكون تلفها سابقا على الواقعة لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزم به لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وهو ما لم تخطيء المحكمة تقريره في واقعة الدعوى. لما كان هذا الذى أخذه الحكم من الدليل الفني لا يتناقض البته مع مؤدى استخلصته من أقوال الشهود تصويرا على ذلك، فإن النعي بقيام التعارض بين الدليلين الفني والقولي لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مستوجبا للرفض موضوعا.

الطعن 842 لسنة 46 ق جلسة 19 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 215 ص 948


جلسة 19 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ويعيش رشدي، ومحمد وهبة، وأحمد موسى.
--------------
(215)
الطعن رقم 842 لسنة 46 القضائية

)1،2 ) إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما يوفره.
1 - نزول المدافع عن المتهم عن سماع الشهود. لا يحول دون عدوله عنه. شفاهة أو كتابة. طالما كانت المرافعة لم تتم بعد.
2 - طلب سماع الشهود الغائبين إذا ما اتجهت المحكمة إلى غير البراءة. طلب جازم. عند القضاء بغير البراءة. القضاء بالإدانة دون إجابة هذا الطلب. إخلال بحق الدفاع.

------------------
1 - من المقرر - وفق المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - أن الأصل في المحاكمات إنها تقوم على التحقيق الشفوي، الذى تجريه المحكمة - في مواجهة المتهم - بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها، ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأى سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عند ذلك - قبولا صريحا أو ضمنيا - وإذ كان ذلك، وكان حق الدفاع - الذى يتمتع به المتهم - يخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لم يزل مفتوحا، ومن ثم فإن نزول المدافع عن الطاعن - بادئ الأمر - عن سماع الشهود واسترساله في المرافعة لا يحرمه العدول عن هذا النزول ولا يسلبه حقه في العودة إلى التمسك بطلب سماعهم - سواء كان هذا التمسك في دفاعه الشفوي أو في دفاعه المكتوب - طالما كانت المرافعة وقت حصوله، ما زالت دائرة لم تتم بعد. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المذاكرة المتممة للدفاع الشفوي - التي قدمها المدافع عن الطاعن عقب مرافعته وأشار إليها الحكم المطعون فيه - إنما قدمت والمرافعة ما زالت دائرة، لما هو ثابت من ذلك المحضر من أن محاميا آخر عن الطاعن شرع في استكمالها بعد تقديم المذكرة المشار إليها. ومن ثم يحق للدفاع أن يعدل عن نزوله عن سماع الشهود - الذى تضمنه ما أثبت بمستهل جلسة المحاكمة من اكتفائه بمناقشة شهاداتهم الواردة بالتحقيقات - وأن يعود فيتمسك في تلك المذكرة بطلب سماع شهود الإثبات.
2 - إن التمسك بطلب سماع الشهود الغائبين إذا ما اتجهت المحكمة إلى غير البراءة يعد بمثابة طلب جازم عند الاتجاه إلى القضاء بغير البراءة، ومن ثم فإن الحكم إذ عول في إدانة الطاعن على شهادة هؤلاء الشهود الواردة بالتحقيقات دون الاستجابة إلى طلب سماعهم يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز قنا محافظة قنا أحرز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1961 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966. والبندين 1 و12 من الجدول رقم واحد الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم واحد الملحق به بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جواهر مخدرة قد شابه إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه على الرغم من تمسك المدافع عن الطاعن - في المذكرة المتممة لدفاعه الشفوي - بطلب سماع شهود الاثبات إذا ما اتجهت المحكمة إلى القضاء بغير البراءة، فقد عول الحكم على شهادتهم الواردة بالتحقيقات دون إجابة هذا الطلب استنادا إلى أن الدفاع قد سبق له أن اكتفى - في مستهل جلسة المحاكمة - بمناقشة تلك الشهادة وقررت المحكمة تلاوتها، فلا يحل له - من بعد الفراغ من نظر الدعوى - أن يعدل عن نزوله عن سماع شهود الإثبات طالما لم يجد ما يبرر هذا العدول، في حين أن المذكرة المشار إليها إنما قدمت والمرافعة ما زالت دائرة لم تتم بعد، ومن ثم يحق للدفاع أن يعود في نزوله هذا ويتمسك - في تلك المذكرة - بطلب سماع هؤلاء الشهود.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد ما أشار إلى أن المدافع عن الطاعن انتهى في مذكرته - المتممة لدفاعه الشفوي - إلى التصميم على البراءة منوها بأنه إذا ما اتجهت المحكمة إلى غير ذلك فإنه يتمسك بطلب سماع الشهود الغائبين، رد على هذا الطلب بقوله "أنه" - لما كان الدفاع عند بدء مواجهته للدعوى بجلسة المحاكمة قد اكتفى بمناقشة أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات وقد أمرت المحكمة بتلاوتها وتليت - على ما هو ثابت بمحضر الجلسة - فإنه لا يقبل من الدفاع أن يعود في نهاية مذكرته - وبعد الفراغ من نظر الدعوى - إلى القول بتمسكه بسماع شهود الإثبات إذا اتجهت المحكمة لغير البراءة إذ لا يسانده في هذا قانون أو منطق سليم، وتناوله عن سماع شهود الإثبات مفيد له طالما أنه لم يجد ما يبرر العودة إلى التمسك بسماعهم" لما كان ذلك وكان من المقرر - وفق المادة 219 من قانون الإجراءات الجنائية - أن الأصل في المحاكمات أنها تقوم على التحقيق الشفوي، الذى تجريه المحكمة - في مواجهة المتهم - بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها، ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأى سبب من الأسباب أو قبل المتهم - أو المدافع عنه ذلك - قبولا صريحا أو ضمنيا - وإذا كان ذلك، وكان حق الدفاع - الذى يتمتع به المتهم يخوله إبداء ما يعن من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لم يزل مفتوحا، فإن نزول المدافع عن الطاعن - بادئ الأمر - عن سماع الشهود واسترساله في المرافعة لا يحرمه من العدول عن هذا النزول ولا يسلبه حقه في العودة إلى التمسك بطلب سماعهم - سواء كان هذا التمسك في دفاعه الشفوي أو في دفاعه المكتوب - طالما كانت المرافعة، وقت حصوله، ما زالت دائرة لم تتم بعد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المذاكرة المتممة للدفاع الشفوي - التي قدمها المدافع عن الطاعن عقب مرافعته وأشار إليها الحكم المطعون فيه - إنما قدمت والمرافعة ما زالت دائرة، لما هو ثابت من ذلك المحضر من أن محاميا آخر عن الطاعن شرع في استكمالها بعد تقديم المذكرة المشار إليها، ومن ثم يحق للدفاع أن يعدل عن نزوله عن سماع الشهود - الذى تضمنه ما أثبت بمستهل جلسة المحاكمة من اكتفائه بمناقشة شهاداتهم الواردة بالتحقيقات - وأن يعود فينمسك في تلك المذكرة بطلب سماع شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان هذا الطلب - على الصورة التي أوردها الحكم - يعد بمثابة طلب جازم عند الاتجاه إلى القضاء بغير البراءة، فإن الحكم إذ عول في إدانة الطاعن على شهادة هؤلاء الشهود الواردة بالتحقيقات دون الاستجابة إلى طلب سماعهم يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع. ولا يشفع له في ذلك كونه قد عول في قضائه - علاوة على تلك الشهادة - على أدلة أخرى، أخصها اعتراف الطاعن في التحقيق بأنه المالك للسنجة المضبوطة الملوثة بآثار جوهر الأفيون وبأنه أقر للضابط بملكيته لسائر المضبوطات، ذلك بأن الأصل في المواد الجنائية أنها متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة فليس من المستطاع - والحالة كذلك - أن يعرف مصير قضاء محكمة الموضوع ماذا يكون فيما لو استمعت بنفسها إلى شهادة شهود الاثبات التي كانت عنصرا من عناصر عقيدتها في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.