جلسة 9 من مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين
الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق.
--------------
(120)
الطعن رقم 958 لسنة 46
القضائية
(1) محكمة الموضوع. "سلطنها في تقدير الدليل". إجراءات.
"إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه عام". "قرائن".
حق القاضي في تكوين
عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
(2) محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود".
استيلاء على مال إحدى الشركات المملوكة للدولة.
جناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على
مال لإحدى الشركات أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها. ليس لها
طريق خاص للإثبات.
تقدير أدلة الدعوى من
إطلاقات محكمة الموضوع.
(3) دفاع. "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "بوجه عام".
لا يعيب الحكم التفاته عن
دفاع المتهم الموضوعي. حسبه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.
(4)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع.
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". "إجراءات المحاكمة"
إثبات. "بوجه عام".
حق المحكمة في الإعراض عن
تحقيق دفاع الطاعن ما دامت الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى قد وضحت لديها.
(5) محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهود". دفاع.
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود
وتقديرها. موضوعي
(6) محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام"
عدم تقيد المحكمة
بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر فقط. حقها في الركون في سبيل تكوين عقيدتها
إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة.
(7)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات.
"بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد
الجنائية.
(8) إثبات. "شهود".
حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناقضة الصورة الصحيحة
التي ارتسمت في وجدان القاضي. مستمداً إياها مما له معينه من الأوراق. غير مقبولة.
(9)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "بوجه
عام". "شهود".
وجوب طرح كافه المستندات وأدلة الثبوت على بساط
البحث بالجلسة. أساس ذلك.
--------------
1 - من المقرر أن الأصل
في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن
يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص
عليه.
2 - لما كان القانون
الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة أو الإضرار
العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها طريقاً خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه عول
على أقوال شهود الإثبات وما خلص إليه تقرير لجنه الفحص وما ثبت للمحكمة من اطلاعها
على مستندات الصرف في ثبوت الاتهام وإدانة الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدير أدلة
الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع فلا يعيبه الالتفات عن أي دفاع موضوعي.
3 - لا يعيب الحكم
التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع موضوعية وحبسه أنه أورد
الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليهما ولا
عليه إن هو لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها
أنه أطرحها.
4 - لما كانت الواقعة قد
وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي ارتسمت في
وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل في الأوراق،
فإنه لا تثريب عليها إن هي أعرضت عن دفاع الطاعنين بمعاينة السيارات أو ضم مستندات
أخرى بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد من التحقيق.
لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن دعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق
الدفاع لا يكون له محل.
5 - وزن أقوال الشهود
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - قول الدفاع بوهمية
الإصلاحات مردود بأن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها
الظاهر بل لها أن تركن في سبيل عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب
الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المطروحة عليها.
7 - الأدلة في المواد
الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى
دليل بعينه على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة
مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما
انتهت إليه.
8 - لما كان الطاعنان لا
يماريان في أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود له معينه من الأوراق فلا يعدو الطعن
بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من
ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما
لا يقبل لدى محكمة النقض.
9 - لما كان البين من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة بجلسة 11/ 3/ 1970 عرضت على الشاهد
الأوراق المودعة بالقضية وطلبت منه الإرشاد عن الفواتير ومدى اتصالها بالمتهمين
وذلك في حضور الطاعنين والمدافع عنهما. كما عرضت عليه إحدى الفواتير لإبداء
ملحوظاته عليها، الأمر الذي يفيد أن الفواتير المزورة كانت على بساط البحث
والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنها هي
التي دارت مرافعته عليها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون
غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين
وآخرين بأنهم خلال الفترة من يناير سنة 1965 حتى يونيه سنة 1965 المتهمون الأول
والثاني والثالث (أولاً) بصفتهم موظفين عموميين الأول رئيس ورشة فرع الزقازيق
بشركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التابعة للقطاع العام والثاني المدير
المالي لها والثالث رئيس قسم المراجعة والميزانية المالية بها – سهلوا للمتهم
الرابع الاستيلاء بغير حق على مبلغ 500 م 2494 جنيهاً من مال الشركة المذكورة بأن
قاموا باعتماد فواتير غير صحيحة قدمها المتهم الرابع والتي تفيد القيام بعمليات
إصلاح وهمية والتأشير عليها بما يفيد مراجعتها وصلاحيتها للصرف وبذلك مكنوا للمتهم
الرابع من صرف قيمتها. (ثانياً) بصفتهم السابقة أحدثوا عمداً إضراراً بأموال
ومصالح شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التي يعملون بها بأن تسببوا بالطرق
السابقة قى ضياع أموالها. المتهمان الأول والثاني أيضاً بصفتهما السابقة البيان
سهلا للمتهم الرابع الاستيلاء كذلك بغير حق على مبلغ 3113 جنيهاً من مال الشركة
المذكورة بأن قام باعتماد فواتير غير صحيحة قدمها المتهم الرابع بقصد إثبات عمليات
إصلاح وهمية وأشر عليها بما يفيد الاعتماد والصلاحية للصرف فمكناه بذلك من صرف هذا
المبلغ. المتهم الرابع (أولاً) اشترك مع المتهمين الثلاثة الأول بطريق الإنفاق في
ارتكاب الجريمتين سالفتي الذكر بأن اتفق معهم على تقديم فواتير غير صحيحة تفيد
قيامه بإجراء إصلاحات وهمية لصرف قيمتها إليه وذلك بأن اصطنع هذه الفواتير تنفيذاً
لهذا الاتفاق وقدمها لهم فأشروا عليها بما يفيد الاعتماد والصلاحية للصرف فكان أن
تمت هاتين الجريمتين بناء على ذلك الاتفاق. (ثانياً) ارتكب تزويراً في محررات شركة
النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التابعة للقطاع العام بأن اصطنع الفواتير أرقام
8024 و8025 و8028 و8031 و8030 و8017 و8270 و8017 و8317 و8368 و8365 و8373 و8376
و8378 و8381 و8384 و8387 وأثبت فيها على خلاف الحقيقة قيامه بإجراء إصلاحات وهمية
لبعض معدات الشركة بغية الحصول على قيمة هذه الإصلاحات بغير وجه حق. (ثالثاً)
استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن حولها لهؤلاء الموظفين
لاتخاذ اللازم نحو اعتمادها وصرفها إليه. المتهم الثاني أيضاً: اشترك بطريق
المساعدة مع موظف حسن النية هو....... الموظف بالإدارة المالية بالشركة في ارتكاب
تزوير في محررات الشركة هي أوامر الإصلاح المبينة بالأوراق بأن قدمها له وطلب منه
تحرير أوامر الإصلاح المذكورة من واقع الفواتير المزورة سالفة الذكر فكان أن تمت
الجريمة بناء على هذه المساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة
الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فصدر قراره بذلك.
ومحكمة جنايات القاهرة قضت في الدعوى حضورياً (أولاً) بمعاقبة كل من.......
(الطاعن الأول)....... و........ و.......... (الطاعن الثاني) بالأشغال الشاقة مدة
خمس سنوات.(ثانياً) بعزل المتهمين الثلاثة الأول من وظائفهم. (ثالثاً) بإلزامهم
جميعاً برد مبلغ 2994 ج و500 م وتغريمهم مثله. (رابعاً) بإلزام الأول والثاني والرابع
برد مبلغ 3113 وتغريمهم مثله. (خامساً) باعتبار المدعين بالحق المدني تاركين
لدعواهم وإلزامهم المصاريف. فطعن المحكوم عليهما الأول والرابع في هذا الحكم بطريق
النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الطاعن الأول – مع آخرين – بجرائم تسهيل
الاستيلاء بغير وجه حق على مال لإحدى شركات القطاع العام والإضرار عمداً بمصالحها
والطاعن الثاني بالاشتراك في ذلك وتزوير محررات الشركة واستعمالها قد شابه القصور
في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والبطلان
في الإجراءات، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين تمسك بأن الإصلاحات التي تضمنتها
الفواتير هي إصلاحات حقيقية تمت بالفعل بسيارات الشركة وكانت في حاجة إليها بحكم
قدمها واستهلاكها وطلب معاينتها بمعرفة الخبراء الفنيين للوقوف على حقيقتها غير أن
المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع ولم تعن بتحقيقه رغم جوهريته. كما التفتت عن طلبه
استكمال مستندات الدعوى الناقصة والتي كانت مجال تحقيقات سابقة من جهات الرقابة
انتهت إلى عدم صحة ما نسب إلى الطاعنين. كما استدل الحكم على وهمية الإصلاحات
الموضحة بالفواتير موضوع الدعوى بما قرره شهود الإثبات وما أثبته تقرير لجنة الفحص
من مخالفتها للإجراءات والأصول المقررة باللوائح والكتب الدورية للشركة في حين أن
دفاع الطاعنين قد انصبت على أنه لم تكن هناك لائحة منظمة لقواعد العمل في غضون
الواقعة بل صدرت لائحة لاحقة عليها في سنة 1970، وأن بعض شهود الإثبات شهدوا بعدم
وجود تعليمات أو لائحة تحكم قواعد الإصلاح ولم يجزموا بوهمية الإصلاحات وبالرغم من
ذلك تساند الحكم إلى أقوالهم. كما خلت محاضر جلسات المحاكم مما يفيد فحص مستندات
الدعوى في حضرة المتهمين أو المدافعين عنهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين في مدوناته ما تكفى لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما بيتها المحكمة وبما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها
في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير لجنة الفحص في شأن ما أسفر
عنه فحص مستندات الصرف وفحص دفتر بوابة فرع القاهرة وما ثبت للمحكمة من الاطلاع
على الفواتير موضوع التحقيق ومستندات صرفها وما ورد بتعليمات رئيس مجلس إدارة
الشركة بتاريخ 17 مارس سنة 1963 في شأن الإصلاحات الخارجية وهى أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في
المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون
عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص
عليه. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تسهيل الاستيلاء
بغير حق على مال الشركة أو الإضرار العمدي بمصالحها أو التزوير في محرراتها طريقاً
خاصاً، وكان الحكم المطعون فيه عول على أقوال شهود الإثبات وما خلص إليه تقرير
لجنة الفحص وما ثبت للمحكمة من اطلاعها على مستندات الصرف من ثبوت الاتهام وإدانة
الطاعنين، وكان من المقرر أن تقدر أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع، وكان لا
يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع موضوعية وحسبه أنه
أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما أستخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليهما
ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته
عنها أنه أطرحها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت من واقع تقرير لجنة فحص
المستندات وأقوال....... رئيس اللجنة أن حجم عمليات الإصلاح الخارجية التي تم
صرفها من خزينة الإدارة العامة خلال الفترة من يناير سنة 1962 إلى آخر يونيه سنة
1965 قد انفرد بها الطاعن الثاني وبلغت قيمة المبالغ المنصرفة عن هذه العمليات
23137 ج و300 م وبلغ عدد أذون الصرف الخاصة بهذه العمليات 59 إذناً لم يعثر منها
إلا على اثنى عشر إذناً مجموع قيمتها 5607 ج و500 م قدم منها ثلاثة وعشرين فاتورة
وهى المتعلقة بالفترة من يناير إلى يونيه سنة 1965 والتي دار في شأنها تحقيق
النيابة، وأنه تبين من فحص أذون الصرف سالفة الذكر والمستندات المرفقة بها أن
عمليات الإصلاح تكاد تكون متشابهة وبأعداد ضخمة متقاربة وأنه لم يتخذ بشأنها
الإجراءات السليمة التي تتطلبها مثل تلك العمليات لعدم وجود مقايسة من المهندس
المختص بتحديد الأصناف المطلوب عمل إصلاحات لها والقيمة التقديرية للإصلاحات التي
تتطلبها وعدم إيضاح رأى الورش الفنية التابعة للشركة في شأن إمكانية قيامها
بالإصلاح المطلوب وعدم إجراء مناقصة أو ممارسة لمثل تلك العمليات وعدم وجود
إجراءات مخزنية تفيد خروج الأدوات المستعملة من مخزن الاستبدال أو إعادتها إليه
بعد عمليات الإصلاح وعدم وجود محضر لجنة الفحص بتقرير حاله القطع المستصلحة وأن
الطاعن الأول لم يقم باستيفاء الإجراءات الضرورية سالفة الذكر وبالنسبة للفواتير
موضوع التحقيق وأنه نظراً لوهميتها فقد أشر على أوامر إصلاحها بإرسالها للإدارة
العامة للصرف حتى يظل أمر وهمية ما بها من إصلاحات خافياً على فرع القاهرة المختص
بالصرف في حين أنه كان يلتزم التعليمات والإجراءات السليمة فيما يختص بالفواتير
المنصرفة من خزينة الفرع قد ثبت من فحص دفاتر مخزن القاهرة ودفتر البوابة أن شيئاً
مما دون بالفواتير موضوع التحقيق قد قيد بأن الدفترين بالرغم من إثبات فواتير أخرى
مقدمة من الطاعن الثاني عن إصلاحات حقيقية أجراها لحساب فرع القاهرة ووجدت مقيدة
بدفتر البوابة وبدفتر المخزن حال إرسالها وحال إعادتها. لما كان ذلك، وكانت
الواقعة قد وضحت للمحكمة مما ساقته من أدلة وقرائن وخلصت إلى صورتها الصحيحة التي
ارتسمت في وجدانها من جماع الأدلة المطروحة أمامها على بساط البحث والتي لها أصل
في الأوراق، فإنه لا تترتب عليها إن هي أعرضت عن دفاع الطاعنين بمعاينة السيارات
أو ضم مستندات أخرى بعد أن توصلت إلى حقيقة الأمر في الدعوى مما لا يدعو إلى مزيد
من التحقيق. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن دعوى القصور في التسبيب
والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه
بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها
الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن
تعويل الحكم على أقوال الشهود لا يكون له محل. أما من دفاعهما بأن بعض الشهود لم
تجزم بوهمية الإصلاحات فمردود بأن المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة
أو مدلولها الظاهرة بل لها أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع
العناصر المطروحة عليها، وأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً
ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه على حدة دون باقي الأدلة
بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في
اكتمال قناعة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ولما كانت الأدلة التي حمل
عليها الحكم قضاءه بإدانة الطاعنين سائغة ومقبولة لترتيب استخلاصه لواقعة الدعوى
وهى منتجة فيما أسند إليهما من جرائم فإن نعيهما على الحكم بقالة الفساد في
الاستدلال يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لا يماريان في أن ما حصله
الحكم من أقوال الشهود له معينه من الأوراق فلا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد
أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة
التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة
النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة 11
مارس 1975 عرضت المحكمة على الشاهد....... الأوراق المودعة بالقضية وطلبت منه
الإرشاد عن الفواتير ومدى اتصالها بالمتهمين وذلك في حضور الطاعنين والمدافع
عنهما. كما عرضت عليه إحدى الفواتير لإبداء ملحوظاته عليها، الأمر الذي يفيد أن
الفواتير المزورة كانت على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل
منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أنها هي التي دارت مرافعته عليها. لما كان ذلك، فإن ما
يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.