جلسة 22 من نوفمبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وبهيج حسن القصبجي نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.
------------------
(185)
الطعن رقم 10217 لسنة 61 القضائية
(1) طرق عامة. قانون "تفسيره" "تطبيقه".
نطاق تطبيق المادة 13/ 4 من القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون 146 لسنة 1984 بشأن الطرق العامة. قصره. على أعمال التعدي بإقامة مبان أو منشآت على الطرق العامة ذاتها. متى وقعت بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق. علة ذلك؟
تحميل القانون المذكور الأملاك الواقعة على جانبي الطرق العامة ببعض القيود. مؤداه؟
(2) طرق عامة. قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية. القياس محظور في مجال التأثيم.
جريمة إقامة منشآت بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق العام. مناط تحققها؟
معاقبة الحكم الطاعن عن جريمة غير مؤثمة. خطأ في تطبيق القانون. يوجب النقض وإلغاء الحكم المستأنف والبراءة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تعدى على الطريق العام بأن أقام بناء على الأرض الواقعة على جانبيه دون الحصول على موافقة الجهات المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 12، 13/ 3، 15، 17 من القانون 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون 146 لسنة 1984 ومحكمة جنح الشهداء قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بتغريمه خمسين جنيهاً ورد الشيء لأصله. استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على الطريق العام بإقامة بناء على جانبيه بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الواقعة تعد فعلاً غير مؤثم، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه في يوم 25/ 8/ 1990 تعدى على الطريق العام بأن أقام بناء على الأرض الواقعة على جانبيه دون موافقة الجهات المختصة، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 1، 2، 12، 13/ 3، 15، 17 من القانون رقم 84 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984، ومحكمة أول درجة دانته على هذا الأساس وقضت بتغريمه خمسين جنيهاً وإلزامه بمصاريف رد الشيء لأصله، فاستأنف ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان قانون الطرق العامة الصادر بالقانون رقم 84 لسنة 1968 والمعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1984 وإن نص في مادته العاشرة على تحميل ملكية الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة لمسافات معينة فصلها النص - لخدمة أغراض القانون - بأعباء نص عليها من بينها عدم جواز استغلال هذه الأراضي في أي غرض غير الزراعة واشترط عدم إقامة منشآت عليها، ونص في المادة الثانية عشرة منه على أنه "لا يجوز بغير موافقة الجهة المشرفة على الطريق إقامة أية منشآت على الأراضي الواقعة على جانبي الطريق العام ولمسافة توازي مثلاً واحداً للمسافة المشار إليها في المادة 10 منه" إلا أنه حين عرض لبيان الجرائم والعقوبات المقررة لكل منها فقد نص في المادة 13 الواردة بالباب الرابع تحت عنوان "العقوبات" على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعدى على الطرق العامة بأحد الأعمال الآتية: 1 - .... 2 - .... 3 - اغتصاب جزء منها 4 - إقامة منشآت عليها بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق 5 - .... 6 - إتلاف الأشجار المغروسة على جانبيها أو العلامات المبينة للكيلو مترات 7 - .... 8 - ...." فقد دل بذلك على أن الشارع قصر في نطاق تطبيق الفقرة الرابعة من المادة الثالثة عشر المشار إليها على أعمال التعدي بإقامة مبان أو منشآت على الطرق العامة ذاتها متى وقعت بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق ولو أراد أن يبسط نطاق تطبيقها على المنشآت التي تقام على جانبي الطريق لما أعوزه النص على ذلك صراحة على غرار ما جرى عليه نص الفقرة السادسة من المادة ذاتها يؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 84 لسنة 1968 المار ذكره من تعريف الطرق العامة بأنها الطرق المعدة للمرور العام غير المملوكة للأفراد أو الهيئات الخاصة لما كان ذلك، وكان البين مما سلف أن القانون المذكور وإن حمل الأملاك الواقعة على جانبي الطرق العامة في الحدود التي قدرها ببعض القيود إلا أنه لم ينص على اعتبارها جزءاً منها ولم يلحقها بها بحيث يمكن أن تأخذ في مقام التجريم حكم الأعمال المخالفة التي تقع على الطرق العامة ذاتها. وإذ كان من المقرر أن الأصل هو وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل وأن القياس محظور في مجال التأثيم، وكان مفهوم دلالة نص الفقرة الرابعة من المادة الثالثة عشرة سالفة الذكر أن جريمة إقامة منشآت بدون إذن من الجهة المشرفة على الطريق لا تتحقق إلا إذا وقع فعل التعدي المذكور على الطريق العام ذاته. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي دين الطاعن بارتكابها - حسبما يبين من وصف التهمة - تعد فعلاً غير مؤثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دانه بارتكابها وعاقبه بالعقوبة الواردة به يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعن وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.