برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة, وعضوية
السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر, وفوزي أسعد, وعبد الرحيم نافع, ومصطفى عبد
الرازق.
-------------
- 1 حكم " بطلان الحكم" "بيانات
الحكم .بيانات الديباجة".
خلو الحكم من تاريخ إصداره. يبطله. أثر ذلك.
متى كان الحكم الابتدائي قد خلا من تاريخ إصداره فإنه يكون مشوباً
بالبطلان ويتعين إلغاؤه والحكم في موضوع الدعوى عملاً بنص المادة 331 و419/1 من
قانون الإجراءات الجنائية والمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
- 2 طعن .
عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه. المادة 43 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
لئن كانت محكمة أول درجة قد التفتت في حكمها الصادر بتاريخ 6/6/1970
عن تطبيق أحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 بالنسبة لكمية الدخان التي وصفتها مصلحة
الجمارك بأنها مهربة من الرسوم الجمركية - إلا أنه لما كان استئناف الحكم السابق
ثم نقضه حاصلاً بناء على طلب المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة فإنه لا يجوز
أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة
النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
- 3 تهريب جمركي .
حيازة السلعة من غير المهرب لها وراء الدائرة الجمركية لا تعد تهريبا.
حد ذلك؟
قضاء محكمة النقض قد جرى في تفسير قوانين التهريب الجمركي بعامة,
والقانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ بخاصة على أنه لا تعد حيازة السلعة
من غير المهرب لها - فاعلاً كان أو شريكاً - وراء الدائرة الجمركية تهريباً إلا
إذا توافر فيما يختص بتهريب التبغ إحدى حالات التهريب الحكمي المنصوص عليها في
المادة الثانية من القانون المذكور, وأن الأصل هو أن البضائع الموجودة فيما وراء
الدائرة الجمركية تعتبر خالصة الرسوم الجمركية وأن مدعي خلاف ذلك هو المكلف
قانوناً بإثباته.
- 4 استدلال .تبغ . تهريب جمركي .دعوى " دعوي جنائية . تحريكها".
خطاب الشارع في المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب
التبغ. موجه إلى النيابة العامة. بوصفها السلطة صاحبة الولاية في رفع الدعوى
الجنائية دون غيرها من جهات الاستدلال. أثر ذلك؟
إن خطاب الشارع في المادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن
تهريب التبغ موجه إلى النيابة العامة بوصفها السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق برفع
الدعوى الجنائية, باعتبار أن أحوال الطلب كغيرها من أحوال الشكوى والإذن, إنما هي
قيود على حريتها في تحريك الدعوى استثناء من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن
مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ في تفسيره بالتضييق, ولا ينصرف فيه الخطاب
إلى غيرها من جهات الاستدلال ومنها مصلحة الجمارك المكلفة أصلاً من الشارع بتنفيذ
قانون تهريب التبغ والمنوط بها من بعد توجيه الطلب إلى النيابة العامة بالبدء في
إجراءات الدعوى الجنائية, التي لا تبدأ إلا بما تتخذه هذه من أعمال التحقيق في
سبيل تسييرها تعقباً لمرتكبي الجرائم باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى
وطلب العقاب.
- 5 دعوى " دعوي جنائية . تحريكها".
مناط انعقاد الخصومة في الدعوى الجنائية وتحريكها.
لا تنعقد الخصومة ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه
النيابة العامة دون غيرها، بوصفها سلطة تحقيق، سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا
الغرض من مأموري الضبط القضائي، أو برفع الدعوى أمام جهات الحكم. ولا تعتبر قد
بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة.
- 6 استدلال .
إجراءات الاستدلال من الإجراءات السابقة على رفع الدعوى الجنائية. عدم
ورود قيد من الشارع على مباشرتها.
من المقرر في صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها
لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هي من الإجراءات الأولية التي لا يرد
عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وتحرياً
للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء و تحديداً لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه
الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات الممهدة لنشوئها، إذ لا يملك تلك الدعوى أصلاً
غير النيابة العامة وحدها. لما كان ذلك وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 74
لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش مصانع
الدخان ومخازنه وحوانيت بيعه في أي وقت كما أن له الحق في أخذ عينات من أنواع
الأدخنة الموجودة بالمصنع أو المخزن لتحليلها، فإن أعمال الاستدلال التي قام بها
مفتش الإنتاج تكون قد تمت استناداً إلى الحق المخول أصلاً لرجل الضبط القضائي مما
لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب .
- 7 تبغ . تهريب جمركي .
قرارا وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941 المعدل عدم سريانه بشأن
الدخان. علة ذلك.
حيث أنه عن الدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة لعدم إعلان صاحب الشأن
بنتيجة التحليل في الأجل المحدد بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941
المعدل بالقرار الوزاري رقم 35 لسنة 1945 فإنه مرفوض بدوره لأن هذا القرار خاص
بالمواد الغذائية والدخان ليس منها فضلاً عن أن نص المادة الخامسة منه فيه تجاوز
للسلطة التي أمده بها القانون رقم 48 لسنة 1941 الذي صدر القرار تنفيذاً له ولذلك
فإن للمحكمة أن تقدر أدلة الدعوى حسبما تطمئن هي إليها دون التفات لهذا النص .
- 8 إثبات " خبرة".
تقدير أراء الخبراء. موضوعي.
الأمر في تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من
اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع، وللمحكمة كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية
لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 26 من ديسمبر سنة 1974. أحرز
الدخان الليبي المعروف بالطرابلسى وطلبت عقابه بالمواد 1, 2, 3, 4 من القانون 160
لسنة 1959 والمادة الثانية من القانون رقم 623 لسنة 1955 والمادتين 121, 122 من
القانون رقم 66 لسنة 1963 وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ 18786.34
جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح الظاهر قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بتغريم
المتهم مائة جنية وإلزامه أن يؤدي لمصلحة الجمارك مبلغ ثماني عشر ألف جنيه
وسبعمائة وستة وثمانون جنيها وأربعة وثلاثون مليما شاملا التعويض وبدل المصاريف.
فأستأنف المحكوم عليه. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا
بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ .....
المحامي نائبا عن الأستاذ ...... المحامي في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه
بقبوله شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة
الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى
المحكمة المشار إليها وقضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد
الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ ........ المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وقدم تقريرا بأسباب الطعن في التاريخ ذاته موقعا
عليه منه. وبجلسة ....... حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم
المطعون فيه وحددت جلسة ...... لنظر الموضوع وعلى النيابة إعلان المتهم والشاهدين
محرر المحضر والمحلل الكيماوي ثم تداولت القضية بالجلسات وبجلسة اليوم ... إلخ.
----------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه لثاني مرة وحددت جلسة
لنظر الموضوع.
وبعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص والمرافعة والمداولة
قانونا.
وحيث أن الاستئناف المرفوع من المتهم قد استوفى الشكل المقرر في
القانون.
وحيث أن الحكم الابتدائي قد خلا من تاريخ إصداره فإنه يكون مشوبا
بالبطلان ويتعين إلغاؤه والحكم في موضوع الدعوى عملا بنص المادتين 331 و419/1 من
قانون الإجراءات الجنائية والمادة 45 من قانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث أن الواقعة على ما يبين من الاطلاع على أوراقها وما تم فيها من
تحقيقات تخلص فيما أثبته مفتش إنتاج القاهرة في محضره المؤرخ 26/12/1964 من أنه
بناء على معلومات وصلت إليه من مخابرات منطقة السواحل الوسطى عن قيام .... وشهرته
.... بصناعة الدخان المعسل من أدخنة ليبية مهربة ومحظور استيرادها. انتقل ومعه قوة
من رجال إدارة الإنتاج وخفر السواحل إلى مصنع المتهم الكائن بشارع ...... وباشر
تفتيش المصنع في حضور صاحبه وأسفر ذلك عن ضبط كمية من الدخان المعسل السائب وكمية
أخرى تمت تعبئتها بالمصنع فضلا عن كمية من الدخان الجاف بالمخزن، وثبت من تحليل
العينات المأخوذة من الأدخنة المضبوطة أن قدرا من الدخان المعسل يبلغ وزنه 229
كيلو جرام ونصف يحتوي على دخان طرابلسي وإن كانت نسب الخلط فيه في حدود ما جاء
بالقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933، وأن الأدخنة الجافة البالغ وزنها 372 كيلو
جراما عبارة عن دخان طرابلسي.
وتبين من مراجعة دفاتر المصنع والقسائم الجمركية المقدمة من المتهم
أنه قام باستخدام كمية من الأدخنة المطابقة يبلغ وزنها 357.800 كيلو جرام لم يثبت
أداء الرسوم الجمركية المقررة عليها.
وقد طلب مدير جمرك القاهرة بكتابة رقم ... بتاريخ 2/8/1966 إقامة
الدعوى الجنائية ضد المتهم طبقا لأحكام القانون رقم 92 لسنة 1964 بناء على التفويض
الصادر إليه من وزير الخزانة بالقرار رقم 83 لسنة 1965 مع مطالبته بتعويض قدره
18786.034 يتضمن مثلي القيمة كبدل مصادرة عن المضبوطات التي تصرف فيها صاحب
المصنع، كما طلب أيضا إقامة الدعوى الجنائية ضده عملا بأحكام القانون رقم 69 لسنة
1963 بالنسبة إلى الأدخنة التي لم يثبت أداء الرسوم الجمركية المقررة.
عليها وبتعويض مدني قدره 3046.695 وهو ما يعادل مثلي الرسوم ومثل
القيمة كبدل مصادرة.
وادعى محامي الحكومة مدنيا بجلسة 22/9/1969 أمام محكمة أول درجة بمبلغ
18786.034 كتعويض لمصلحة الجمارك.
وحيث أن المتهم أنكر الاتهام المسند إليه مقررا أن جميع الأدخنة التي
يستخدمها في مصنعه قد استوردت بطرق مشروعة وأديت عنها الرسوم الجمركية المقررة
وليس من بينها أدخنة مهربة أو محظور استيرادها وعزا زيادة أوزان الدخان المعسل عن
مشمول الفواتير المقدمة منه إلى احتمال الخطأ في الوزن عند التعبئة وتجمع فائض من
العمليات المتعاقبة، وجحد ما جاء بتقرير التحليل من وجود دخان طرابلسي في العينات
المأخوذة من الدخان الجاف ومن بعض كميات الدخان المعسل التي تعبأ، ودفع أمام محكمة
أول درجة ببطلان إجراءات التفتيش والضبط إذ لم يسبقها صدور إذن برفع الدعوى
الجنائية، كما دفع ببطلان محضر أخذ العينة وما أسفر عنه التحليل من نتائج لورود
التقرير بعد الميعاد المحدد في قرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941 كما
قدم تقريرا استشاريا من رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة .... يبين صعوبة
التمييز بين أنواع التبغ بالفحص الميكرسكوبي، وطلب المتهم في مذكرته المقدمة إلى
هذه المحكمة بجلسة 28/4/1980 إعادة إجراءات التحليل.
وحيث أنه لئن كانت محكمة أول درجة قد التفتت في حكمها الصادر بتاريخ
6/6/1970 عن تطبيق أحكام القانون رقم 66 لسنة 1963 بالنسبة لكمية الدخان التي
وصفتها مصلحة الجمارك بأنها مهربة من الرسوم الجمركية - إلا أنه لما كان استئناف
الحكم السابق ثم نقضه حاصلا بناء على طلب المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة
فإنه لا يجوز أن يضار بطعنه عملا بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، هذا فضلا عن أن قضاء محكمة
النقض قد جرى في تفسير قوانين التهريب الجمركي بعامة، والقانون رقم 92 لسنة 1964
في شأن تهريب التبغ بخاصة على أنه لا تعد حيازة السلعة من غير المهرب لها - فاعلا
كان أو شريكا - وراء الدائرة الجمركية تهريبا إلا إذا توافر فيما يختص بتهريب
التبغ إحدى حالات التهريب الحكمي المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون
المذكور وأن الأصل هو أن البضائع الموجودة فيما وراء الدائرة الجمركية تعتبر خالصة
الرسوم الجمركية وأن مدعي خلاف ذلك هو المكلف قانونا بإثباته. ومن ثم فلا محل
لمساءلة المتهم عن الأدخنة المطابقة البالغ وزنها 357.800 كيلو جرام.
وحيث أنه عن الدفع ببطلان إجراءات التفتيش والضبط لاتخاذها قبل صدور
الإذن برفع الدعوى فإنه مردود بما هو مقرر من أن خطاب الشارع في المادة الرابعة من
القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ موجه إلى النيابة العامة بوصفها
السلطة صاحبة الولاية فيما يتعلق برفع الدعوى الجنائية، باعتبار أن أحوال الطلب
كغيرها من أحوال الشكوى والإذن، إنما هي قيود على حريتها في تحريك الدعوى استثناء
من الأصل المقرر من أن حقها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا بنص خاص يؤخذ
في تفسيره بالتضييق، ولا ينصرف فيه الخطاب إلى غيرها من جهات الاستدلال ومنها
مصلحة الجمارك المكلفة أصلا من الشارع بتنفيذ قانون تهريب التبغ والمنوط بها من
بعد توجيه الطلب إلى النيابة العامة بالبدء في إجراءات الدعوى الجنائية، التي لا
تبدأ إلا بما تتخذه هذه من أعمال التحقيق في سبيل تسييرها تعقبا لمرتكبي الجرائم
باستجماع الأدلة عليهم وملاحقتهم برفع الدعوى وطلب العقاب، ولا تنعقد الخصومة
وتتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة دون غيرها، بوصفها
سلطة تحقيق، سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الغرض من مأموري الضبط القضائي، أو
برفع الدعوى أمام جهات الحكم، ولا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به
سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة، إذ أنه من المقرر في صحيح القانون
أن إجراءات الاستدلال أياً كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية
بل هي من الإجراءات الأولية التي لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على الطلب
رجوعا إلى حكم الأصل في الإطلاق وتحرياً للمقصود من خطاب الشارع بالاستثناء
وتحديدا لمعنى الدعوى الجنائية على الوجه الصحيح دون ما يسبقها من الإجراءات
الممهدة لنشوئها، إذ لا يملك تلك الدعوى أصلا غير النيابة العامة وحدها. لما كان
ذلك، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة
الدخان تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش مصانع الدخان ومخازنه وحوانيت بيعه في أي
وقت كما أن له الحق في أخذ عينات من أنواع الأدخنة الموجودة بالمصنع أو المخزن
لتحليلها، فإن أعمال الاستدلال التي قام بها مفتش الإنتاج تكون قد تمت استنادا إلى
الحق المخول أصلا لرجل الضبط القضائي مما لا يرد عليها قيد الشارع في توقفها على
الطلب ويكون هذا الدفاع على غير أساس من القانون متعينا الرفض.
وحيث أنه عن الدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة لعدم إعلان صاحب الشأن
بنتيجة التحليل في الأجل المحدد بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 63 لسنة 1941
المعدل بالقرار الوزاري رقم 35 لسنة 1945 فإنه مرفوض بدوره لأن هذا القرار خاص بالمواد
الغذائية والدخان ليس منها فضلا عن أن نص المادة الخامسة منه فيه تجاوز للسلطة
التي أمده بها القانون رقم 48 لسنة 1941 الذي صدر القرار تنفيذا له ولذلك فإن
للمحكمة أن تقدر أدلة الدعوى حسبما تطمئن هي إليها دون التفات لهذا النص.
وحيث أنه يبين من مطالعة تقرير معمل الدخان التابع لمصلحة الكيمياء أن
العينتين المأخوذتين من الدخان المعسل تحتويان على دخان طرابلسي وأن عينات الدخان
الجاف الثلاثة عبارة عن دخان طرابلسي وكان الأمر في تقدير آراء الخبراء والفصل
فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع، وللمحكمة كامل
الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب
خبير آخر وكانت المحكمة تطمئن إلى النتيجة التي انتهى إليها تقرير المعمل الكيماوي
وإلى شهادة رئيس قسم التحليل بمصلحة الكيمياء الذي سمعته محكمة ثاني درجة بجلسة
14/1/1978 في القضية موضوع الطعن رقم .... لسنة 1948 ق التي كانت منظورة مع هذه
القضية بالجلسة ذاتها وجاءت شهادته قاطعة في أن الأدخنة المضبوطة من النوع
الطرابلسي المحظور استيراده إذ تبين من مناظرتها أنها أسمك ولونها أعمق من النوع
العادي كما تبين من الفحص الميكرسكوبي وجود شعيرات لا غدية على خلاف النوع العادي
الذي يتميز بالشعيرات الغدية فضلا عن وجود أملاح كشف عنها التحليل الكيميائي. لما
كان ذلك فإن ما يثيره المتهم في شأن عدم كفاية ذلك التقرير وطلبه إعادة إجراءات
التحليل لا يكون لهما محل.
وحيث أنه ترتيبا على ما تقدم فإنه يكون قد ثبت للمحكمة أن المتهم ....
قد حاز بمصنعه كمية الدخان المعسل تحتوي على دخان طرابلس فضلا عن قدر من الدخان
الطرابلسي الجاف بلغت جملة وزنها 601 كيلو جراما ونصف مما يتعين معه عقابه عملا
بالمواد 1، 2 (ثانيا)، 3 من القانون رقم 92 لسنة 1964 ويكون التعويض المستحق على
هذه الكمية طبقا لما جاء بالبند (ب) من المادة الثالثة من القانون المذكور هو
12040 جنيها بواقع عشرين جنيه عن كل كيلو جرام أو جزء منه من التبغ الجاف أو
منتجاته أو فضلا عن مبلغ 6746.034 جنيها وهو ما يعادل مثلي القيمة كبدل مصادرة عن
المضبوطات التي تصرف فيها المتهم عملا بالفقرة قبل الأخيرة من المادة سالفة الذكر
ومن ثم يتعين إلزام المتهم بأداء مبلغ 18786.034 جنيها كتعويض لمصلحة الجمارك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف
وبتغريم المتهم مائة جنيه وبإلزامه بأن يؤدي لمصلحة الجمارك مبلغ 18786.034 ثمانية
عشر ألفا وسبعمائة ستة وثمانين جنيها وأربعة وثلاثين مليما بلا مصروفات.