جلسة 19 من نوفمبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/
مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومحمد
طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(183)
الطعن رقم 29510 لسنة 63
القضائية
(1)نقض
"أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن في
الميعاد. دون إيداع الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) خطف. جريمة "أركانها". قانون
"تفسيره". عقوبة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
محكمة النقض "سلطتها".
المادتان 288، 290/ 1
عقوبات. مؤداهما: أن جريمتي اختطاف طفل ذكر لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة واختطاف
أنثى. تتفقان في أحكامهما العامة. وتختلفان في صفة المجني عليه وتشديد العقوبة في
الثانية عن الأولى.
تطبيق المادة 288 عقوبات
على واقعة خطف أنثى بالتحيل المنطبقة عليها المادة 290/ 1 عقوبات. خطأ. لا تستطيع
محكمة النقض تصحيحه. ما دام لم يطعن عليه من غير المتهم.
(3) إثبات "شهود".
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط ورود شهادة
الشهود على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها. كفاية أن تؤدي إلى
هذه النتيجة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة تتلاءم به مع عناصر الإثبات الأخرى.
(4) خطف. جريمة
"أركانها". إثبات "بوجه عام". اتفاق. اشتراك. فاعل أصلي. حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ثبوت اتفاق الطاعن
والمتهم الآخر على خطف المجني عليها بالتحيل. واستدراج ذلك المتهم واصطحابها
بمعرفة الطاعن إلى حيث احتجزها وأخفاها. ومساومتهما على إعادتها لذويها. أثره:
توافر جريمة الخطف بالتحيل في حق الطاعن باعتباره مساهماً أصلياً فيها.
(5) إثبات "بوجه
عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا عبرة بما اشتمل عليه
بلاغ الواقعة أو بما أورده الشهود. مغايراً لما استند إليه الحكم.
(6)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قول متهم على آخر. شهادة.
للمحكمة أن تعول عليها.
حق محكمة الموضوع الأخذ
بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين. متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها
للحقيقة والواقع.
(8)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
عدم التزام الأحكام بأن
تورد من أقوال الشهود. إلا ما تقيم عليه قضاءها.
عدم التزام المحكمة بسرد
روايات الشاهد إذا تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
حق المحكمة التعويل على
قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت اطمأنت إليها.
تناقض أقوال الشاهد
وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد
استخلصت الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير
الأدلة. غير جائز لدى محكمة النقض.
(9) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات
المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إعلان الشهود الذين
لم تدرج أسماؤهم في القائمة. المادة 214/ 2 مكرراً ( أ ) إجراءات.
عدم اتباع الطاعن ذلك
الطريق. أثره: لا جناح على المحكمة إن لم تستجب إلى طلب سماع شهوده.
2 - لما كانت المادتان 288، 290 فقرة أولى من قانون العقوبات المستبدلتان بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تعاقب أولاهما على اختطاف الأطفال الذكور الذين لم تبلغ سنهم ست عشرة سنة كاملة بما نصت عليه من أن "كل من خطف بالتحيل أو الإكراه طفلاً ذكراً لم تبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة" بينما تعاقب ثانيتهما على اختطاف الأنثى أياً كان سنها بما نصت عليه من أن "كل من خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه أنثى بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة..." وكان مؤدى هذين النصين أن هاتين الجريمتين وإن اتفقتا في أحكامهما العامة وسواء في ذلك الركن المادي القائم على فعل الخطف أو الركن المعنوي الذي يتخذ فيهما صورة القصد الجنائي العام من إرادة ارتكاب فعل الخطف والعلم المحيط بأركان الجريمة أو ما تتطلباه، كلتاهما، من تحيل أو إكراه، وكذلك كونهما جريمتين مستمرتين ما استمرت حالة إخفاء الصغير أو إبعاد الأنثى، إلا أن المشرع باين بينهما في صفة المجني عليه ومايز في العقاب بالتشديد في جريمة خطف الأنثى، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم - على السياق المتقدم - تعتبر جريمة اختطاف أثنى بالتحيل المنطبقة عليها الفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات وليست جريمة اختطاف طفل المنصوص عليها في الماد 288 من قانون العقوبات كما وصفتها النيابة العامة وذهب الحكم المطعون فيه، وكانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض، فإن هذه المحكمة لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه النتيجة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به مع ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من جماع الأدلة التي اعتمد عليها ثبوت الفعل المادي في الخطف بإبعاد المجني عليها عن المكان الذي خطفت منه وتوافر ركن التحيل، وكان ما أثبته في مدوناته كافياً للتدليل على اتفاق الطاعن مع المتهم الآخر على خطف المجني عليها بالتحيل من نوع الصلة بينهما واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهما وأن كلاً منهما قصد قصْد الآخر في إيقاعها. وكان الطاعن لا يجادل فيما نقله الحكم من أقوال الشهود من استدراج المتهم الآخر للمجني عليها ومن قول المتهم الآخر باصطحاب الطاعن المجني عليها إلى حيث احتجزها وأخفاها، ولا كذلك فيما نقله من أقوال الشهود في تحقيقات النيابة رقم.... لسنة.... بني مزار من مساومتهما على إعادة المجني عليها لذويها مما يعني استمراراً في إبعادها، فإن في ذلك ما يكفي لتوافر جريمة الخطف بالتحيل واعتبار الطاعن مساهماً أصلياً فيها، ويضحى منعاه في هذا الشأن غير سديد.
5 - من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره الشهود مغايراً لما استند إليه الحكم، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه مما استخلصته بعد التحقيقات.
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها صداها وأصلها الثابت في الأوراق.
7 - لما كان قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
8 - لما كانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن تعول على قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله، أو مع أقوال غيره من الشهود، لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن بصدد أقوال جد المجني عليها والمتهم الآخر - بفرض صحته - يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
9 - لما كان نص المادة 214 مكرراً ( أ ) فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية صريحاً في وجوب إعلان الخصوم شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة المنصوص عليها في المادة 214 منه، ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب سماع شهود الطاعن ما دام لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلانهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهما قاما باختطاف الطفلة.... عن طريق التحايل حال كونها لم تبلغ ست
عشرة سنة كاملة وذلك على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة جنايات
المنيا لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والدا المجني
عليها مدنياً قبل المتهمين ووزير التربية والتعليم بصفته مسئولاً عن الحقوق
المدنية متضامنين بمبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً نهائياً. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمادة 288 من قانون العقوبات بمعاقبة - المتهمين بالأشغال الشاقة
لمدة عشرة سنوات وإلزامهما والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤديا للمدعيين بالحق
المدني مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي.
فطعن المحكوم عليهما في
هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن
الأول.... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم
يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بالمادة 34 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن مبنى أوجه الطعن
التي تضمنتها مذكرتا الأسباب المقدمتان من الطاعن الثاني أن الحكم المطعون فيه إذ
دانه بجريمة الخطف بالتحيل قد شابه الفساد في الاستدلال والتناقض في التسبيب
والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه تساند إلى أقوال الشهود الذين أسندوا واقعة استدراج
المجني عليها من مدرستها إلى خارج القرية إلى المتهم الآخر وحده، وإلى قول جد
المجني عليها بالجلسة عن خلافات قديمة بينه وشقيق الطاعن رغم تناقضه وما ابتنى
عليه بلاغه وأكده بالاستدلالات والتحقيقات من انتفاء الخصومات بينه والغير ونفيه
شبهة غيابها جنائياً، ومع أنه لا صلة للطاعن بهذه الخلافات ولا تقوم عقلاً كسبب
للانتقام من المجني عليها، وعول على قول المتهم الآخر بمساهمة الطاعن معه في
الجريمة، رغم إنكاره في بدء التحقيقات مقارفتها، وتناقضه وأقوال الشهود، وأخيراً
فقد أطرح طلبه سماع شهود نفي بما لا يسوغه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى بقوله أن المتهم الثاني (الطاعن الثاني)، لضغينة قديمة بين
شقيقه وجد المجني عليها، اتفق وصهره المتهم الأول الذي يعمل مدرساً بالمدرسة
الابتدائية التي تدرس بها المجني عليها البالغة سنها ثماني سنوات على اختطافها
بالتحيل، وبتاريخ.... بعث المتهم الأول بتلميذ من فصله إلى زميله معلم الفصل الذي
به المجني عليها يخبره أن خالها الذي يعمل زميلاً لهما في مدرسة أخرى يرغب في
لقائها ويستأذنه أن تخرج لمقابلته، فانخدع معلم الفصل بهذه الحيلة وأذن لها بالخروج
فلحقها المتهم الأول واستدرجها خلفه إلى خارج القرية حيث كان في انتظاره المتهم
الثاني الذي تسلمها منه وصحبها إلى حيث أخفاها في مكان غير معلوم، وإذ تأخرت
عودتها بعد انتهاء اليوم الدراسي جد أهلها في البحث عنها، حتى علموا باختطاف
المتهمين لها فضرب المتهم الثاني موعداً لإعادتها شريطة عدم الإبلاغ عنه وصاحبه،
ثم نكل عما وعد، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة
استمدها من أقوال الشهود وقول كل متهم في حق الآخر، وخلص إلى إدانة المتهمين
بجريمة اختطاف المجني عليها التي لم تبلغ ست عشرة سنة كاملة بالتحيل وطبق في حقهما
المادة 288 من قانون العقوبات وعاقب كلاً منهما بالأشغال الشاقة عشر سنوات. لما
كان ذلك، وكانت المادتان 288، 290 فقرة أولى من قانون العقوبات المستبدلتان
بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تعاقب أولاهما على اختطاف الأطفال الذكور الذي لم تبلغ
سنهم ست عشرة سنة كاملة بما نصت عليه من أن "كل من خطف بالتحيل أو الإكراه
طفلاً ذكراً لم تبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال
الشاقة المؤقتة" بينما تعاقب ثانيتهما على اختطاف الأنثى أياً كان سنها بما
نصت عليه من أن "كل من خطف بالتحيل أو الإكراه أنثى بنفسه أو بواسطة غيره
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة..." وكان مؤدى هذين النصين أن هاتين الجريمتين
وإن اتفقتا في أحكامهما العامة وسواء في ذلك الركن المادي القائم على فعل الخطف أو
الركن المعنوي الذي يتخذ فيهما صورة القصد الجنائي العام من إرادة ارتكاب فعل
الخطف والعلم المحيط بأركان الجريمة أو ما تتطلباه، كلتاهما، من تحيل أو إكراه،
وكذلك كونهما جريمتين مستمرتين ما استمرت حالة إخفاء الصغير أو إبعاد الأنثى، إلا
أن المشرع باين بينهما في صفة المجني عليه ومايز في العقاب بالتشديد في جريمة خطف
الأنثى، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم - على المساق المتقدم - تعتبر جريمة
اختطاف أثنى بالتحيل المنطبقة عليها الفقرة الأولى من المادة 290 من قانون
العقوبات وليست جريمة اختطاف طفل المنصوص عليها في المادة 288 من قانون العقوبات
كما وصفتها النيابة العامة وذهب الحكم المطعون فيه، وكانت النيابة العامة لم تطعن
في هذا الحكم بطريق النقض، فإن هذه المحكمة لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع
فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في
شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها
على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه النتيجة
باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به مع ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع
عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من
جماع الأدلة التي اعتمد عليها ثبوت الفعل المادي في الخطف بإبعاد المجني عليها عن
المكان الذي خطفت منه وتوافر ركن التحيل، وكان ما أثبته في مدوناته كافياً للتدليل
على اتفاق الطاعن مع المتهم الآخر على خطف المجني عليها بالتحيل من نوع الصلة
بينهما واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهما وأن كلاً منهما قصد قصْد الآخر في
إيقاعها، وكان الطاعن لا يجادل فيما نقله الحكم من أقوال الشهود من استدراج المتهم
الآخر للمجني عليها ومن قول المتهم الآخر باصطحاب الطاعن المجني عليها إلى حيث
احتجزها وأخفاها، ولا كذلك فيما نقله من أقوال الشهود في تحقيقات النيابة رقم...
لسنة... بني مزار من مساومتهما على إعادة المجني عليها لذويها مما يعني استمراراً
في إبعادها، فإن في ذلك ما يكفي لتوافر جريمة الخطف بالتحيل واعتبار الطاعن
مساهماً أصلياً فيها، ويضحى منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا عبرة
بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره الشهود مغايراً لما استند إليه الحكم،
وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته بعد التحقيقات. وكان لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها صداها
وأصلها الثابت في الأوراق. وكان قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ
للمحكمة أن تعول عليها، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بأقوال
المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة
والواقع، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم
عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها
بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن
تعول على قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله، أو مع أقوال غيره من الشهود، لا يعيب الحكم ما
دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه -
كما هو الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن بصدد أقوال جد المجني عليها والمتهم
الآخر - بفرض صحته - يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في
الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك،
وكان نص المادة 214 مكرراً ( أ ) فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية صريحاً
في وجوب إعلان الخصوم شهودهم الذي لم تدرج أسماؤهم في القائمة المنصوص عليها في
المادة 214 منه، ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب سماع شهود
الطاعن ما دام لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلانهم. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق