الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 يناير 2016

الجريدة الرسمية 2016

يناير
العدد 3 مكرر
العدد 3 مكرر أ
العدد 3 مكرر ب
العدد 4

العدد 4 مكرر
فبراير
العدد 5 مكرر 
العدد 5 مكرر أ
العدد 5 مكرر ب
العدد 5 مكرر ج
ابريل
العدد 19 مكرر
العدد 19 مكرر أ
العدد 20 مكرر
يونيو
العدد 22 مكرر
العدد 22 مكرر أ
العدد 22 مكرر ب 
العدد 30 مكرر
العدد 30 مكرر أ
العدد 30 مكرر ب
العدد 31
العدد 32 مكرر أ
العدد 33
العدد 37
العدد 46 تابع
العدد 47
العدد 53
العدد 54
العدد 55
العدد 56
العدد 59
العدد 60
العدد 61

الطعن 16221 لسنة 83 ق جلسة 20 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 89 ص 583

جلسة 20 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ يحيي جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدي مصطفي، رفعت هيبة وأحمد فاروق عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة.
-------------

(89)

الطعن رقم 16221 لسنة 83 القضائية

قانون "ماهية القانون".
القانون. ماهيته. كل قاعدة قانونية مجردة صادرة من السلطة المختصة وتنشأ عنها حقوق. مؤداه. عدم قصره على ما تسنه السلطة التشريعية تطبيقه من عمل القاضي وحده. المادتين 176، 178 مرافعات والمذكرة الإيضاحية لقانون إنشاء محكمة النقض. (مثال لتسبيب معيب بشأن سبل تقدير مقابل الانتفاع للأراضي المملوكة للدولة).

----------------

مؤدي نص المادتين 176، 178 من قانون المرافعات أن تطبيق صحيح القانون على طلبات الخصوم وما يبدونه من أسانيد أو يقدمونه من أدلة هو من عمل القاضي وحده، والمقصود بالقانون - كما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون إنشاء محكمة النقض - لا يقتصر على ما تسنه السلطة التشريعية، بل يشمل كل أمر يصدر من السلطة المختصة وتنشأ عنه حقوق، ومن ثم يصدق على كل قاعدة قانونية عامة مجردة سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية من لوائح تنفيذية صادرة من الوزراء أو المحافظين وفقا لأحكام الدستور والقانون، وإذ كانت الطاعنات قد تمسكن في دفاعهن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن مقابل الانتفاع عن مساحة 1500 م من أرض النزاع التي تسلمها مورثهن بتاريخ 12/9/1979 بعد صدور قرار تخصيصها له يخضع في تقديره ومدة استحقاقه لأحكام المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار رقم 686 لسنة اللتين تحددان القيمة الإيجارية للأرض الصادر بشأنها قرار تخصيص بنسبة 7 % من ثمن الأرض وقت التأجير متى تقدم المخصص له بشرائها خلال السنوات الخمس الأولى من تاريخ استلام الأرض ودفع المبلغ المقرر لضمان جدية الشراء، وكان البين من الأوراق أن الخلاف بين طرفي النزاع في شأن سريان أحكام المادتين 13، 14 من القرار المذكور على المساحة المخصصة لمورث الطاعنات ينحصر في تحقق شرط إقامة المشروع وتداوله النشاط المخصصة من أجله الأرض من عدمه، وكان النص في المادة 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 686 لسنة 1996 على أن "...2 - ثبوت إقامة المشروع ومزاولة النشاط وذلك بإحدى الوسائل الآتية: رخصة تشغيل من الجهات المنوط بها إصدار الترخيص للموقع. ما يفيد إخطار صاحب الشأن لمصلحة الضرائب بتاريخ بدء مزاولة النشاط على الموقع. معاينة الحي المختص وجهاز حماية أملاك الدولة للموقع لإثبات بدء مزاولة النشاط وتأكيد مباشرته في تاريخه السابق ... "يدل على أن ثبوت إقامة المشروع ومزاولة النشاط على الأرض الصادر بشأنها قرار التخصيص بإحدى الوسائل الواردة في ذلك النص يكفي لإثبات تحقق شرط إقامة المشروع ومزاولة النشاط، وكان الثابت من الصورة الضوئية - غير المجحودة - من مذكرة المستشار القانوني لجهاز حماية أملاك الدولة بالإسكندرية المؤرخة 28/6/2004 التي وافق عليها رئيس الجهاز أن الثابت من ملف مورث الطاعنات أنه قدم شهادة من حي شرق تتضمن تقدمه للحصول على ترخيص أعمال بتاريخ 9/4/1986، وكذلك حصوله على بطاقة ضريبية رقم .... / .... - ...... كما ثبت من المعاينة على الطبيعة بتاريخ 15/5/1993 أن الأرض المخصصة مسورة وفيها مبنى إداري على مسطح 162 م ومخازن على مسطح 175 م وباقي المسطح ورشة بها عربات نقل تحت التصليح بإجمالي 2736 م، وهو ما تأكد من تقرير المعاينة المؤرخ 15/6/1996، ومن ثم يكون شرط إقامة المشروع ومزاولة النشاط قد ثبت بثلاث وسائل على النحو سالف البيان والذي يكفي ثبوته بإحداها، وكان لا خلاف بين الطرفين حول توفر باقي شروط تطبيق نصوص المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 686 لسنة 1996 على المساحة المخصصة لمورث الطاعنات، وبالتالي يتحدد مقابل الانتفاع بهذه الأرض وفقا لأحكامها بالقيمة الإيجارية التي تقدر بنسبة 7 % من ثمن الأرض وقت التأجير، ومن ثم فإن تقدير المطعون ضدهم الثلاثة الأول مقابل الانتفاع عن تلك الأرض طبقا لأحكام المادة الخامسة من قرار محافظ الإسكندرية سالف الذكر يكون على غير أساس، وكان الثابت أن مورث الطاعنات قد وضع اليد على باقي مساحة أرض النزاع ومقدارها 1700 م في تاريخ سابق على العمل بقرار محافظ الإسكندرية رقم 324 لسنة 1982، وتقدم بثلاثة طلبات لشراء هذه المساحة بتواريخ 20/10/1983، 5/8/1984، 10/11/1984 وفقا لما جاء بمذكرة المستشار القانوني لجهاز حماية أملاك الدولة سالفة الذكر، ومن ثم يسري في شأنه تقدير مقابل الانتفاع بهذه المساحة أحكام قرار محافظ الإسكندرية رقم 324 لسنة 1982 المعدل بالقرار 193 لسنة 1999 في شأن تسوية أوضاع الحائزين للأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية في نطاق محافظة الإسكندرية حتى 24/1/1982، وكان مؤدي نص المادتين 7، 8 من هذا القرار أن مقابل الانتفاع بهذه الأرض يقدر بنسبة %7 من ثمنها وقت وضع اليد عليها عن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبأن هذا المقابل يكون مستحق الأداء خلال ستة شهور من تاريخ إخطار طالب الشراء بالموافقة على البيع، وكان لا خلاف بين الطرفين في أن تلك الأرض التي تقدم المورث لشرائها لم يقدر ثمنها بعد من اللجنة المختصة، ولم تصدر الموافقة على بيعها إلى المورث والطاعنات من بعده، ومن ثم يكون مقابل الانتفاع بها غير مستحق قبل صدور قرار من الجهة المختصة بقبول أو رفض طلب الشراء، فإن المطالبة بمقابل الانتفاع عن مساحة الأرض غير المخصصة من أرض النزاع يكون على غير أساس، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. لما تقدم، وكان تطبيق أحكام المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 686 لسنة 1996 على المساحة المخصصة لمورث الطاعنات والقرار 324 لسنة 1982 المعدل بالقرار 193 لسنة 1999 على الباقي من مساحة أرض النزاع يترتب عليه براءة ذمة المورث ومن بعده الطاعنات من المبالغ المطالب بها موضوع الدعوى وفقا لما انتهى إليه الخبير المندوب في تقريره، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة ذمة المورث وورثته من بعده من المبالغ المطالب بها.

---------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنات أقمن على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 2009 مدني كلي الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم - أصليا - ببراءة ذمتهم من المبالغ محل المطالبة المؤرخة 23/1/2008 بإجمالي مبلغ مقداره [80، 301، 141جنيها] مع ما يترتب على ذلك من آثار - واحتياطيا - ندب خبير، وفي بيان ذلك قلن إنه بتاريخ 18/3/1976 تقدم مورثهن بطلب لجهاز حماية أملاك الدولة ابتغاء تخصيص قطعة أرض لإقامة ورشة ميكانيكا وتمت الموافقة على تخصيص مساحة 1050 م، ثم تقدم بطلبات أخرى لتخصيص مساحات أخرى وتم تخصيص مساحة 1274 م واستلمها في 12/9/1979، وإذ تقدم لجهاز حماية أملاك الدولة بضم المساحتين فحدد الجهاز المساحة المسلمة لمورثهن با 1500 م وتم تقدير سعر المتر ب 10 جنيهات وفقا لقرار اللجنة العليا الصادر في 1980 وقام بسداد القيمة الإيجارية لهذه المساحة، وبتاريخ 13/1/1985 أصدرت اللجنة الرباعية المشكلة بمعرفة رئيس حي غرب بموافقتها على ضم المساحة المطلوبة على أن يطبق عليها القرار 324 لسنة 1982 ونفاذا لذلك قام مورثهن بتوريد مبالغ مالية كرسوم تأمين ومصاريف خاصة بالجهاز، ثم تقدم وهن من بعده بموجب إبداء رغبتهن في شراء المساحة المنوه عنها بالمطالبة المشار إليها بشأن تحصيل المبالغ النقدية محل هذه المطالبة كمقابل انتفاع بهذه المساحة رغم قيام مورثهن وهن من بعده بسداد القيمة الإيجارية من وقت تخصيصها وحتى إيقاف مقابل الانتفاع سنة 1997 تاريخ التقدم بطلب الشراء، ومن ثم كانت دعواهن. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت برفضها بحكم استأنفته الطاعنات بالاستئناف رقم ... لسنة 68 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية والتي قضت بتاريخ 5/6/2013 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنات على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ تمسكن في دفاعهن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن تقدير مقابل الانتفاع عن مساحة 1500 م 2 من أرض النزاع التي تسلمها مورثهن في 12/9/1979 بعد تخصيصها له يخضع لأحكام المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 686 لسنة 1996 اللتين تحددان القيمة الإيجارية للأرض المخصصة بنسبة 7 % من ثمن الأرض وقت التأجير متى تقدم المخصص لشرائها خلال الخمس سنوات الأولى من تاريخ استلام الأرض ودفع مبلغ 20 جنيها عن المتر المربع ضمانا لجدية الشراء، كما تمسكن بأن باقي أرض النزاع ومساحتها 1700م تخضع لأحكام قرار المحافظ رقم 433 لسنة 1982 المعدل بالقرار 193 لسنة 1999 بشأن تسوية أوضاع الحائزين للأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية في نطاق محافظة الإسكندرية حتى 24/1/1982 والتي تحدد مقابل الانتفاع عن هذه الأرض بواقع 7 % من ثمن الأرض وقت وضع اليد عليها عن مدة لا تزيد على خمس سنوات ولا يستحق هذا المقابل إلا من تاريخ الموافقة على البيع، وبأن تطبيق أحكام القرارات السالفة الذكر يترتب عليها براءة ذمتهن من المبالغ المطالب بها، إلا أن الحكم لم يعن ببحث مدى توفر شروط تطبيق هذه القرارات، ولم يعرض للمستندات المقدمة منهن تأييدا لدفاعهن المتقدم، واكتفى بالقول بأن المطعون ضدهن التزمن بالقرارات الصادرة من السلطة المختصة في تقدير مقابل الانتفاع المطالب به عن أرض النزاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان مؤدى نص المادتين 176، 178 من قانون المرافعات أن تطبيق صحيح القانون على طلبات الخصوم وبما يبدونه من أسانيد أو يقدمونه من أدلة هو من عمل القاضي وحده، والمقصود بالقانون - كما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون إنشاء محكمة النقض - لا يقتصر على ما تسنه السلطة التشريعية، بل يشمل كل أمر يصدر من السلطة المختصة وتنشأ عنه حقوق، ومن ثم يصدق على كل قاعدة قانونية عامة مجردة سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية من لوائح تنفيذية صادرة من الوزراء أو المحافظين وفقا لأحكام الدستور والقانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنات قد تمسكن في دفاعهن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن مقابل الانتفاع عن مساحة 1500 م من أرض النزاع التي تسلمها مورثهن بتاريخ 12/9/1979 بعد صدور قرار تخصيصها له يخضع في تقديره ومدة استحقاقه الأحكام المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار رقم 686 لسنة 1996 اللتين تحددان القيمة الإيجارية للأرض الصادر بشأنها قرار تخصيص بنسبة 7 % من ثمن الأرض وقت التأجير متى تقدم المخصص له بشرائها خلال السنوات الخمس الأولى من تاريخ استلام الأرض ودفع المبلغ المقرر لضمان جدية الشراء، وكان البين من الأوراق أن الخلاف بين طرفي النزاع في شأن سريان أحكام المادتين 13، 14 من القرار المذكور على المساحة المخصصة لمورث الطاعنات ينحصر في تحقق شرط إقامة المشروع وتداوله النشاط المخصصة من أجله الأرض من عدمه، وكان النص في المادة 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 689 لسنة 1996 على أن "... 2- ثبوت إقامة المشروع ومزاولة النشاط وذلك بإحدى الوسائل الأتية: رخصة تشغيل من الجهات المنوط بها إصدار الترخيص للموقع. ما يفيد إخطار صاحب الشأن لمصلحة الضرائب بتاريخ بدء مزاولة النشاط على الموقع. معاينة الحي المختص وجهاز حماية أملاك الدولة للموقع لإثبات بدء مزاولة النشاط وتأكيد مباشرته في تاريخه السابق ..." يدل على أن ثبوت إقامة المشروع ومزاولة النشاط على الأرض الصادر بشأنها قرار التخصيص بإحدى الوسائل الواردة في ذلك النص يكفي لإثبات تحقق شرط إقامة المشروع ومزاولة النشاط، وكان الثابت من الصورة الضوئية - غير المجحودة - من مذكرة المستشار القانوني لجهاز حماية أملاك الدولة بالإسكندرية المؤرخة 28/6/2004 التي وافق عليها رئيس الجهاز أن الثابت من ملف مورث الطاعنات أنه قدم شهادة من حي شرق تتضمن تقدمه للحصول على ترخيص أعمال بتاريخ 9/4/1986 وكذلك حصوله على بطاقة ضريبية رقم ... / .... - .../.../.../.../...، كما ثبت من المعاينة على الطبيعة بتاريخ 15/5/1993 أن الأرض المخصصة مسورة وفيها مبنى إداري على مسطح 162 م ومخازن على مسطح 175 م وباقي المسطح ورشة بها عربات نقل تحت التصليح بإجمالي 2736 م، وهو ما تأكد من تقرير المعاينة المؤرخ 15/6/1996، ومن ثم يكون شرط إقامة المشروع ومزاولة النشاط قد ثبت بثلاث وسائل على النحو سالف البيان والذي يكفي ثبوته بإحداها، وكان لا خلاف بين الطرفين حول توفر باقي شروط تطبيق نصوص المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 686 لسنة 1996 على المساحة المخصصة لمورث الطاعنات، وبالتالي يتحدد مقابل الانتفاع بهذه الأرض وفقا لأحكامها بالقيمة الإيجارية التي تقدر بنسبة 7 % من ثمن الأرض وقت التأجير، ومن ثم فإن تقدير المطعون ضدهم الثلاثة الأول مقابل الانتفاع عن تلك الأرض طبقا لأحكام المادة الخامسة من قرار محافظ الإسكندرية سالف الذكر يكون على غير أساس، وكان الثابت أن مورث الطاعنات قد وضع اليد على باقي مساحة أرض النزاع ومقدارها 1700 م في تاريخ سابق على العمل بقرار محافظ الإسكندرية رقم 324 لسنة 1982، وتقدم بثلاثة طلبات الشراء هذه المساحة بتواريخ 20/10/1983، 5/8/1983، 10/11/1983 وفقا لما جاء بمذكرة المستشار القانوني لجهاز حماية أملاك الدولة سالفة الذكر، ومن ثم يسري في شأنه تقدير مقابل الانتفاع بهذه المساحة أحكام قرار محافظ الإسكندرية رقم 324 لسنة 1982 المعدل بالقرار 193 لسنة 1999 في شأن تسوية أوضاع الحائزين للأراضي المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية في نطاق محافظة الإسكندرية حتى 24/1/1982، وكان مؤدي نص المادتين 7، 8 من هذا القرار أن مقابل الانتفاع بهذه الأرض يقدر بنسبة 7 % من ثمنها وقت وضع اليد عليها عن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبأن هذا المقابل يكون مستحق الأداء خلال ستة شهور من تاريخ إخطار طالب الشراء بالموافقة على البيع، وكان لا خلاف بين الطرفين في أن تلك الأرض التي تقدم المورث لشرائها لم يقدر ثمنها بعد من اللجنة المختصة ولم تصدر الموافقة على بيعها إلى المورث والطاعنات من بعده، ومن ثم يكون مقابل الانتفاع بها غير مستحق قبل صدور قرار من الجهة المختصة بقبول أو رفض طلب الشراء فإن المطالبة بمقابل الانتفاع عن مساحة الأرض غير المخصصة من أرض النزاع يكون على غير أساس، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان تطبيق أحكام المادتين 13، 14 من قرار محافظ الإسكندرية رقم 323 لسنة 1982 المعدل بالقرار 686 لسنة 1996 على المساحة المخصصة لمورث الطاعات والقرار 324 لسنة 1982 المعدل بالقرار 193 لسنة 1999 على الباقي من مساحة أرض النزاع يترتب عليه براءة ذمة المورث ومن بعده الطاعنات من المبالغ المطالب بها موضوع الدعوى وفقا لما انتهى إليه الخبير المندوب في تقريره، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة ذمة المورث وورثته من بعده من المبالغ المطالب بها.

الجمعة، 29 يناير 2016

الطعن رقـم 3339 لسنـة 85 ق جلسة 15 / 12 / 2015

      محكمة النقـض
     الدائـــــرة المدنيـــــة
دائرة الثلاثاء ( أ ) المدنية
          ـــــــــــــــــــــــــ
باســم الشعــب
ــــــــــــــ
برئاسة السيد المستشـــــار/ جــرجـــــــــــس عدلــــــى     نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / معتــــز مبــــــروك    ،    محمــــد منصـــــــــور     
                                صــــــــــــلاح المنســـى    و   حمـــــدى الصالحــى  
                                                  نواب رئيس المحكمة
وبحضور رئيس النيابة / محمد دسوقى .
وأمين السر / أحمد مصطفى النقيب
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الثلاثاء 4 من ربيع أول سنة 1437 هـ الموافق 15 من ديسمبر سنة 2015 م .
أصدرت الحكم الآتـى :
فـى الدعوى المقيده فى جدول المحكمة برقم 3339 لسنـة 85 ق .
المرفـوع من
............... المقيم / بناحية .......... حضر عنه الاستاذ / ......... المحامى .
ضــــــــــــــــــد
أولاً :- وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لعموم أقلام الكتاب بسائر الجمهورية .
ثانياً :- رئيس وحدة المطالبة بمحكمة حلوان الكلية
يعلنا / بهيئة قضايا الدولة – بمجمع التحرير – قصر النيل – محافظة القاهرة
حضر عنهما الاستاذ / .......... المستشار بهيئة قضايا الدولة .
" الوقائـــــــــــــــــع "
في يوم 21/2/2015 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 6/1/2015 في الاستئناف رقم 10131 لسنة 131 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه و الاحالة.
وفى 14/3/2015 أعلن المطعون ضدهما بصحيفة الطعن .
وفى 18/3/2015 أودع المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها أولا: عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى ، ثانيا : قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وبجلسة 17/11/2015 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة و بها سُمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم كل من محامى الطاعن والمطعون ضدهما والنيابة على ما جاء بمذكراتهم و المحكمة أصدرت الحكم الآتى .
المحكمــة
   بعــــد الاطـــلاع علــى الأوراق وسمــاع التقريــر الذى تلاه السيـــــــــــد المستشار المقـــــــرر/   ....  " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة ، وبعد المداولة .     
     حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما بصفتهما الدعوى رقم 332 لسنة 2014 محكمة جنوب القاهرة الابتدائية " مأمورية حلوان " بطلب الحكم بإلغاء أمرى تقدير الرسوم القضائية الصادرين في الدعوى رقم 5 لسنة 2012 محكمة جنوب القاهرة الابتدائية " مأمورية حلوان " على سند من أنه لا يستحق عليه رسوم سوى ما سدد منها عند رفعها إذ قضى نهائياً برفضها . حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 10131 لسنة 131 ق القاهرة وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى بصفته لكونه تابعاً للمطعون ضده الأول بصفته والذي يمثل الوزاره أمام القضاء وأبدت الرأى بنقض الحكم المطعون فيه . عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الوزير هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه الوزاره والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها واسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة فى الحدود التى بينها القانون . لما كان ذلك ، وكان – وزير العدل – بصفته الرئيس الأعلى لوزارة العدل والممثل لها أمام القضاء فى حين أن المطعون ضده الثانى بصفته تابع له ولا يجوز له تمثيل المحكمة التى أصدرت أمرى تقدير الرسوم أمام القضاء مما يكون اختصام المطعون ضده الثانى بصفته فى الطعن غير مقبول .
        وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – استوفى أوضاعه الشكلية .
        وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذ أسس قضاءه بتأييد أمرى تقدير الرسوم محل المنازعة استناداً إلى أن الطاعن يلتزم بإداء الرسوم المستحقة بعد صدور الحكم فيها سواء قضى له بطلباته أو قضى برفضها فى حين أنه إذا قضى فى الدعوى نهائياً برفضها فلا يكون قد حكم له بشئ ولا يستحق عليها أكثر مما حصل عند رفعها اعمالاً لحكم المواد 1 ، 9 ، 21 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
        وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن النص فى المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقوانين رقمى 66 لسنة 1964 ، 126 لسنة 2009 على أن يفرض فى الدعاوى معلومة القيمة رسم نسبى حسب الفئات الأتية 2 % لغاية 250 جنيهاً 3 % فيما زاد على 250 جنيهاً حتى 2000 جنيه 4 % فيما زاد على 2000 جنيه لغايه 4000 جنيه 5 % فيما زاد على 4000 جنيه ويفرض فى الدعاوى مجهولة القيمة رسم ثابت كالآتى ... " والنص فى المادة التاسعة من ذات القانون على أنه " لا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من ألف جنيه ... " وفى جميع الأحوال يسوى الرسم على أساس ما حكم به والنص فى المادة 21 منه على أنه فى الدعاوى التى تزيد قيمتها على ألف جنيه يسوى الرسم على أساس ألف جنيه فى حالة الغاء الحكم أو تعديله ما لم يكن قد حكم بأكثر من هذا المبلغ فيسوى الرسم على أساس ما حكم به .... " والنص فى المادة 75 من ذات القانون على أن يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على الوجه الآتى أولاً :- على المبالغ التى يطلب الحكم بها . مؤداه أن الرسم النسبى يحسب عند رفع الدعوى على قيمة الحق المدعى به ولا يحصل من هذا الرسم مقدماً إلا ما هو مستحق على الألف جنيه الأولى ، وأن الرسم الذى يستحقه قلم الكتاب بعد الحكم فى الدعوى يكون على نسبة ما حكم به من طلبات فى آخر الأمر زائداً على ما تم تحصيله عند رفع الدعوى فإذ لم يقض الحكم بإلزام أى من طرفى الخصومة بثمة التزام وقضى برفض الدعوى فإنه لا يكون قد حكم لأى منهما بشئ فلا يستحق قلم الكتاب رسم أكثر مما حصل عند رفع الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى نهائياً برفض الدعوى فإنه لا يكون قد حكم بشئ فلا يستحق عليه رسم أكثر مما حصل عند رفع الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد أمرى التقدير فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه .
        وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم .
لذلــــــــــــــــــــك
            نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه والزمت المطعون ضده بصفته بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 10131 لسنة 131 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء أمرى التقدير موضوع المطالبة رقم 286 لسنة 2012 / 2013 والزمت المستأنف ضده الأول بالمصاريف عن درجتى التقاضى ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه .
        أمين السر                                              نائب رئيس المحكمة

الخميس، 28 يناير 2016

قرار رئيس الجمهورية 457 لسنة 2000 باتفاقية الاستثمار بين مصر وقطر

قرار رئيس الجمهورية 457 لسنة 2000 بشأن الموافقة على الاتفاق الموقع في الدوحة بتاريخ 2/12/1999 لتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين حكومتي جمهورية مصر العربية ودولة قطر.

الجريدة الرسمية العدد 33 بتاريخ 17 / 8 / 2006 

المادة 1
ووفق على الاتفاق الموقع في الدوحة بتاريخ 2/12/1999 لتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين حكومتي جمهورية مصر العربية ودولة قطر, وذلك مع التحفظ بشرط التصديق.

مقدمة
إن حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة دولة قطر والمشار إليهما فيما بعد بالطرفين المتعاقدين؛ 
رغبة منهما في توسيع وتعميق التعاون الاقتصادي المتفق عليه بين الطرفين المتعاقدين في اتفاقية التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والتقني وتشجيع الاستثمار الموقع منهما في مدينة القاهرة في 2/1/1990 لما فيه مصلحة البلدين، وعلى وجه الخصوص في إيجاد ظروف مواتية لاستثمارات مستثمري أي من الطرفين المتعاقدين في إقليم الطرف المتعاقد الأخر؛ 
وإقرارا منهما بالحاجة إلى زيادة تشجيع وحماية استثمارات مستثمري كلا البلدين، وإلى تحفيز تدفق الاستثمارات والمبادرات الفردية في العمل التجاري لغاية الازدهار الاقتصادي لدى كلا البلدين الشقيقين، وذلك دون الإخلال بأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية والتي أقرت في إطار جامعة الدول العربية؛ 
فقد اتفقتا على ما يلي:

المادة 1 اتفاق
لأغراض هذا الاتفاق: 
1- تعني كلمة" استمارات كل نوع من أنواع الأصول المستثمرة وتشمل على وجه الخصوص لا الحصر: 
(‌أ) الأموال المنقولة وغير المنقولة وغيرها من الحقوق العينية كالرهونات العقارية والحيازة وحقوق الامتياز, بالإضافة إلى الكفالات وغيرها من الضمانات. 
(‌ب) أسهم الشركات وسنداتها والأوراق المالية والحصص في ملكية الشركات. 
(‌ج) حقوق الملكية الصناعية والفكرية وتشمل الحقوق المتعلقة بالنشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والأسماء التجارية والتصاميم الصناعية والأسرار التجارية وعمليات التصنيع التقني والمعرفة الحرفية والسمعة التجارية. 
(‌د) امتيازات الأعمال التجارية الممنوحة بقانون أو عقد, تشمل امتيازات البحث عن الموارد الطبيعية أو تنميتها أو استخراجها أو استغلالها. 
ولا يحل أي تعديل في شكل استثمار الأصول بصفته استثمار, بشرط ألا يكون هذا التعديل مخالفا لتشريع الطرف الآخر المتعاقد في الإقليم الذي أقيم عليه هذا الاستثمار. 
2- تعني كلمة" عائدات" المبالغ التي يدرها استثمار خلال فترة معينة وتشمل على وجه الخصوص لا الحصر الأرباح, والفوائد, وأرباح الأسهم, والإتاوات والمكاسب الرأسمالية, والأتعاب, ويتمتع عائد الاستثمار في حالة إعادة استثمار بنفس الحماية التي يتمتع بها الاستثمار. 
3- تعني كلمة" مستثمر": 
(‌أ) أي شخص طبيعي يحمل جنسية طرف متعاقد وفق قوانينه. 
(‌ب) أي شخص اعتباري متخذا شكل شركة عامة أو خاصة أو مختلطة أيا كان نوعها, أو اتحاد شركات, أو مؤسسة عامة, أو هيئة عامة, أو جمعية, أو منشأة فردية, أو مشروع مؤسس أو منشأ على إقليم طرف متعاقد وفقا للقوانين المعمول بها لديه, أو يديره ويشرف عليه, سواء بطريق مباشر أو غير مباشر, مواطنون من طرف متعاقد. 
(‌ج) أي من الطرفين المتعاقدين. 
4- تعني كلمة" إقليم": 
بالنسبة لجمهورية مصر العربية": 
الأراضي الواقعة داخل الحدود الدولية لجمهورية مصر العربية والمياه الداخلية والبحر الإقليمي والجرف القاري والمنظمة الاقتصادية البحرية الخاصة الخاضعة لسيادة مصر العربية أو لولايتها الإقليمية وفق أحكام القانون الدولي. 
بالنسبة لـ" دولة قطر": 
إقليم دولة قطر بما في ذلك مياهها الإقليمية وجرفها القاري, والتي تملك عليها دولة قطر, وفقا للقانون القطري والقانون الدولي, حقوق سيادة وسلطة قضائية.

المادة 2 اتفاق
1- يشجع الطرفان المتعاقدان ويهيئان ظروفا مواتية لمستثمري الطرف المتعاقد الآخر لاستثمار رؤوس الأموال في إقليمه, ويقبل مثل هذه الاستثمارات وفق قوانينه وأنظمته. 
2- تعامل استثمارات مستثمري أي من الطرفين المتعاقدين في جميع الأوقات معاملة منصفة, وتتمتع بحماية وأمان كاملين وكافيين في إقليم الطرف المتعاقد الآخر.

المادة 3 اتفاق
1- تحظى استثمارات مستثمري أي من الطرفين المتعاقدين في إقليم الطرف المتعاقد الآخر بمعاملة عادلة ومنصفة ولا تقل في أفضليتها عن تلك الممنوحة لاستثمارات مستثمري أية دولة ثالثة. 
2- المستثمرون من طرف متعاقد والذين تصاب استثماراتهم في إقليم الطرف المتعاقد الآخر بخسائر ناجمة عن حرب أو أي نزاع مسلح آخر أو ثورة أو حالة طوارئ على المستوى القومي أو تمرد أو عصيان أو اضطرابات أو أحداث شبيهة أخرى في إقليم الطرف المتعاقد الآخر, يجب أن يمنحهم هذا الطرف المتعاقد معاملة, فيما يختص بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه أو رد الخسائر أو التعويض أو أية تسوية أخرى, لا تقل في رعايتها عن المعاملة التي يمنحها ذلك الطرف المتعاقد للمستثمرين التابعين له أو المستثمرين التابعة لأية دولة ثالثة أيهما تكون أكثر رعاية, ويتكون المدفوعات الناتجة حرة التحويل. 
3- إن معاملة الدولة الأكثر رعاية يجب ألا تفسر بحيث تلزم طرفا متعاقدا بأن يمنح المستثمرين والاستثمارات التابعة للطرف المتعاقد الآخر الميزات الناتجة عن أي اتحاد جمركي أو اقتصادي قائم حاليا أو سينشأ مستقبلا, أو عن منطقة تجارة حرة أو منظمة اقتصادية إقليمية يكون أو قد يصبح أي من الطرفين المتعاقدين عضوا فيها. ولا يجب أن تتعلق تلك المعاملة, بأية ميزة يوليها أي من الطرفين المتعاقدين لمستثمرين من بلد ثالث بموجب اتفاقية حول الازدواج الضريبي أو اتفاقيات أخرى على أساس متبادل بشأن أمور الضرائب.

المادة 4 اتفاق
لا يجوز لأي من الطرفين المتعاقدين اتخاذ إجراءات لنزع الملكية أو التأميم ضد استثمارات أي مستثمر من الطرف المتعاقد الآخر, إلا تحت الظروف التالية: 
1- أن تكون هذه الإجراءات متخذة لغاية مشروعة ووفق تطبيق صحيح للقانون. 
2- أن تكون هذه الإجراءات غير متحيزة. 
3- أن تكون هذه الإجراءات مقرونة بمخصصات لدفع تعويض عاجل وفعال, على أن تكون قيمة التعويض مساوية لقيمته الاقتصادية وقت الإعلان عن اتخاذ قرار نزع الملكية, على أن تكون التعويضات بعملة قابلة للتحويل لدى الطرف المتعاقد, وأي تأخير في دفع التعويض تحسب له فائدة بالسعر المعلن من البنك المركزي للطرف المتعاقد المقام الاستثمار على إقليمه.

المادة 5 اتفاق
1- يسمح كل من الطرفين المتعاقدين حسب القوانين والأنظمة المعمولة بها لديه, ودون تأخير لا مبرر له, بتحويل ما يلي بأية عمل قابلة للتحويل: 
(‌أ) الأرباح الصافية وأرباح الأسهم, العائدات, والمساعدات الفنية, الأتعاب الفنية, والفائدة وغير ذلك من الدخل الجاري الناتج عن استثمارات مستثمري الطرف المتعاقد الآخر. 
(‌ب) عائدات البيع أو التصفية الجزئية أو الكلية لأي استثمار تابع لمستثمري الطرف المتعاقد الآخر. 
(‌ج) الأموال المخصصة لسداد الديون والقروض المقدمة من مستثمرين من طرف متعاقد إلى مستثمرين من الطرف المتعاقد الآخر مما اعتبره الطرفان استثمارا. 
(‌د) دخول ومكتسبات مواطني والعاملين لدى أي من الطرفين المتعاقدين المستخدمين والمسموح لهم بالعمل فيما يتصل باستثمار في إقليم الطرف المتعاقد الآخر. 
2- تكون أسعار صرف العملة المطبقة على التحويلات المذكورة في الفقرة (1) من هذه المادة هي نفس أسعار صرف العملة السائدة في وقت التحويل. 
3- يتعهد الطرف المتعاقد الذي وظفت الاستثمارات في أراضيه بمعاملة التحويلات المشار إليها في الفقرة (1) من هذه المادة معاملة مماثلة في أفضليتها للمعاملة التي يمنحها للتحويلات الناتجة عن استثمارات مستثمري أي بلد ثالث.

المادة 6 اتفاق
1- أي منازعة قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين أي من الطرفين المتعاقدين واحد مستثمري الطرف الآخر, تتم تسويتها وديا بين طرفيها المعنيين. 
2- إذا لم تتم تسوية هذه المنازعة خلال ستة أشهر من تاريخ إثارتها كتابة من أي من طرفي المنازعة, فتتم تسويتها, بناء على طلب واختبار أي من هذه الطرفين, بأحد الطرق التالية: 
(‌أ) المحكمة المختصة في إقليم الطرف المتعاقد المقام الاستثمار على إقليمه. 
(‌ب) المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار المنصوص عليه في معاهدة تسوية نزاعات الاستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى الموقعة في واشنطن في 18/3/1965. 
(‌ج) هيئة تحكيمية خاصة. 
ولا يجوز لأي من طرفي منازعة الاستثمار متى اختار إحدى طرق التسوية المذكورة أن يختار أي من الطرق الأخرى. 
3- يتم تشكيل هيئة التحكيم المنصوص عنها في البند (2/ جـ) من هذه المادة, كما يلي: 
(‌أ) يعين كل طرف من طرفي المنازعة محكما ويختار المحكمان بالاتفاق فيما بينهما محكما ثالثا يكون منتميا بجنسيته لدولة ثالثة لرئاسة الهيئة, ويجب أن يتم تعيين جميع هؤلاء المحكمين خلال شهرين من تاريخ تسلم أحد الطرفين من الطرف الآخر إعلانا يخطره فيه بنيته في رفع النزاع إلى هيئة التحكيم. 
(‌ب) إذا لم تتم التعيينات خلال المدة المحدودة في الفقرة السابقة يجوز لأي من الطرفين, في غياب أي اتفاق آخر, أن يطلب من الأمين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي إجراء التعيينات اللازمة.
(‌ج) تتخذ الهيئة قراراتها بأغلبية الأصوات, وتكون قراراتها نهائية وملزمة للطرفين ويتم تنفيذها وفقا للقوانين المحلية, وتتخذ الهيئة قراراتها وفقا لأحكام هذه الاتفاقية وقوانين الطرف المتعاقد المقام الاستثمار على إقليمه وقواعد القانون الدولي. 
وتضع الهيئة إجراءاتها بما يتمشى مع قواعد التحكيم الخاصة بلجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية الـ (يونسترال), وتقوم بتفسير حكمها الذي أصدرته بناء على طلب أي من الطرفين المتعاقدين ما لم يتم الاتفاق بينهما على خلاف ذلك. 
ويكون مكان التحكيم بمقر المحكمة الدائمة للتحكيم بلاهاي (هولندا). 
4- لا يحق للطرف المتعاقد الذي هو طرف في المنازعة في أي مرحلة من مراحل تسوية نزاعات الاستثمار, التمسك بأي دفوع بحصانته أو بأن المستثمر قد تسلم تعويضا بموجب عقد تأمين يغطي جميع أو جزء من الأضرار أو الخسائر التي تكبدها.

المادة 7 اتفاق
مع مراعاة أحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية المشار إليها, يتم تسوية الخلافات بين الطرفين المتعاقدين على النحو التالي: 
1- في حال نشوء أي خلاف يتعلق بتفسير أو تطبيق هذا الاتفاق يحاول الطرفان المتعاقدان تسوية الخلاف عن طريق المفاوضات. 
2- إذا تعذر تسوية الخلاف وفقا للبند (1) أعلاه خلال ستة أشهر من تاريخ بدء المفاوضات, يجوز عرض الخلاف بناء على طلب أحد الطرفين المتعاقدين على هيئة تحكيمية خاصة. 
3- تتكون هيئة التحكيم الخاصة بأن يقوم كل طرف متعاقد بتعيين محكما واحدا, ويختار المحكمان أحد رعايا دولة ثالثة رئيسا لهيئة التحكيم, ويتم تعيين المحكمين خلال ثلاثة أشهر, والرئيس في مدة أقصاها خمسة أشهر ابتداء من تاريخ استلام إعلان التحكيم. 
4- إذا تعذر تشكيل أعضاء الهيئة التحكيمية خلال المدة المنصوص عليها, وفي غياب أي اتفاق آخر, يمكن لأي من الطرفين المتعاقدين دعوة رئيس محكمة العدل الدولية للقيام بالتعيينات اللازمة. إلا إذا كان حاملا لجنسية أحد الطرفين المتعاقدين, أن يقوم التعيينات اللازمة. 
5- تصدر هيئة التحكيم الدولي قراراتها على أساس احترام القانون وأحكام هذه الاتفاقية وكذلك مبادئ القانون الدولي. 
6- تحدد هيئة التحكيم بنفسها الإجراءات الخاصة بها, وتتخذ الهيئة قراراتها بأغلبية الأصوات, وتكون هذه القرارات نهائية وملزمة للطرفين. 
7- يتحمل كل طرف متعاقد المصاريف المتعلقة بالحكم الذي يعينه وكذلك المتعلقة بتمثيله, ويتقاسم الطرفان المتعاقدان بالتساوي المصاريف المتعلقة بالرئيس وكذلك المصاريف الأخرى ما لم تقرر هيئة التحكيم خلاف ذلك وفقا لظروف خاصة. 
ما لم يتفق الطرفان المتعاقدان خلال ستة أشهر على مكان التحكيم, يتولى رئيس المحكمة تحديده.

المادة 8 اتفاق
إذا دفع أحد الطرفين المتعاقدين مبلغا لأي من مستثمريه بموجب ضمان منحه له في شأن استثمار, فعلى الطرف المتعاقد الآخر, وبدون إخلال بحقوق الطرف المتعاقد الأول بموجب المادة (6), أن يعتبر بتحويل أي حق أو دعوى للمستثمر إلى الطرف المتعاقد الأول وبحلول هذا الطرف محل المستثمر في الحق أو الدعوى, ولا يجوز أن يتجاوز الحق المحال أو الدعوى, الحق الأصلي أو الدعوة المقررة للمستثمر المذكور.

المادة 9 اتفاق
يطبق هذا الاتفاق على الاستمارات القائمة التي وظفها أو يوظفها مستثمرون من أي من الطرفين المتعاقدين في إقليم الطرف المتعاقد الآخر وفق تشريعاته وقوانينه وأنظمته قبل سريان هذا الاتفاق, بيد أن هذا الاتفاق لا يسري على النزاعات التي تكون قد نشأت قبل سريان مفعوله.

المادة 10 اتفاق
1- يصبح هذا الاتفاق نافذ المفعول بعد مضي ثلاثين يوما من تاريخ الإشعار الأخير الدال على استيفاء كلا الطرفين المتعاقدين لمتطلباته الدستورية اللازمة لنفاذه. 
2- يظل هذا الاتفاق ساري المفعول لمدة عشر سنوات ويجدد تلقائيا لمدد أخرى مماثلة ما لم يتم إنهاؤه وفقا للفقرة (3) من هذه المادة. 
3- لأي من الطرفين المتعاقدين الحق في إنهاء هذا الاتفاق في نهاية مدته أو في أي وقت بعد انقضاء مدة السنوات العشر الأولى وذلك بإشعار خطي يقدمه إلى الطرف المتعاقد الآخر قبل سنة من تاريخ الإنهاء المقصود. 
4- في خصوص الاستثمارات التي سبقت في إقامتها أو في الحصول عليها تاريخ إنهاء هذا الاتفاق, تبقى جميع أحكام المواد الأخرى من هذا الاتفاق ساري المفعول مدة عشر سنوات من تاريخ الإنهاء. 
وإثباتا لذلك قام الموقعان أدناه المفوضان حسب الأصول كل عن حكومته بتوقيع هذا الاتفاق.

الخميس، 7 يناير 2016

محكمة التمييز القطرية المواد الجنائية الطعن رقم: 229 /2010

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". تمييز "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "الطعن للمرة الثانية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع شرعي. دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". قتل عمد. محكمة التمييز "سلطتها في نظر الطعن والحكم فيه". 
ثبوت أن كلاً من المتهم والمجني عليه كان يقصد الاعتداء على الآخر. أثره: عدم توافر حق الدفاع الشرعي لدى أي منهما. علة ذلك: الدفاع الشرعي شرع لرد الاعتداء لا للانتقام.
مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. يوجب تمييزه.
مثال لتسبيب معيب في إثبات توافر حق الدفاع الشرعي.
قبول الطعن للمرة الثانية وصلاحية موضوع الطعن للفصل فيه. لمحكمة التمييز التصدي له. أساس ذلك: المادة (298) إجراءات جنائية.
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة التمييز لدى نظرها موضوع الدعوى في جرائم القتل العمد، وإحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص، والإتلاف العمد وإطلاق أعيرة نارية في الطرق العامة.

(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في طلب ندب خبير آخر" "سلطتها في تقدير عمل الخبير". 
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر في الدعوى. مادامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.

(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر قصد القتل". 
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.

(4) شريعة إسلامية. عقوبة "توقيعها". قتل عمد. قصاص. 
القصاص في الشريعة الإسلامية على القاتل العمد إذا قتل بغير حق. واجب. أساس ذلك؟
مصدر القصاص وأركانه؟
شروط استيفاء القصاص: أن يكون المستحق له عاقلاً بالغاً. وأن يتفق أولياء الدم جميعاً على استيفائه. وألا يتعدى الجاني إلى غيره. مؤدى ذلك: إذا كان الوارث غائباً أو صغيراً أو مجنوناً وجب انتظار الغائب حتى يرجع والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق مع حبس القاتل. علة ذلك؟
إدانة المطعون ضده بتهمة القتل العمد ومعاقبته بالقتل قصاصاً. ثبوت أن للمجني عليه صغيرتين لم تبلغا. أثره: وجوب إرجاء تنفيذ القصاص على الطاعن مع حبسه لحين بلوغهما وإعلان رغبتهما في القصاص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الثابت من وقائع وظروف الدعوى إنه نظراً لسبق قيام ثلاثة أشخاص من طرف المجني عليه بالاعتداء على شخص في حماية والد المتهم، وأنهم كانوا يوم الواقعة معروضين على قاضي المعارضات بمحكمة الريان للنظر في تجديد حبسهم، فقد توجه فريقان من أهل المتهم والمجني عليه يحمل كل منهما سلاحه منتوياً الاعتداء على الآخر ونفذ كل منهما مقصده حيث قامت مشاجرة بين الطرفين بالمحكمة وتبادلا الاعتداء على بعضهما وإحداث إصابات بكل فريق، وكان المجني عليه أحد أطراف تلك المشاجرة، كما حضر المطعون ضده بسيارته حاملاً سلاحه الناري خارج المحكمة إلا أن ذويه أخبروه بأن الشرطة تدخلت لإنهاء المشاجرة، فعاد بسيارته إلى منزل والده، وفور وصوله حضر المجني عليه بسيارته حاملاً سلاحه الناري فتبادلا إطلاق النار حيث سقط المجني عليه قتيلاً، وإذ كان ذلك، فإن كل منهما يكون معتدياً لأنه كان قاصداً العدوان في ذاته لا رد اعتداء واقع عليه، ويكون كل منهما معاقباً على فعلته بلا تفريق بين من بدأ بالعدوان، وهو ما ينتفي به حالة الدفاع الشرعي، لأنه لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه. لما كان ذلك، وكان موضوع الطعن صالحاً للفصل فيه، فإن المحكمة تتصدى له عملاً بالمادة (298) من قانون الإجراءات الجنائية.

2- لما كان المتهم قد طلب ندب خبير آخر من الطب الشرعي لإبداء الرأي الفني في وفاة المجني عليه فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التقرير الطبي الشرعي الخاص بتشريح جثة المجني عليه الذي جاء مفصلاً واضحاً مبيناً ما به من إصابات وسبب حدوثها وعلاقتها بالوفاة ومن ثم وإذ كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة فإنها لا ترى لزوماً إلى إجابة هذا الطلب ويتعين رفضه.

3- لما كانت نية القتل وهي بطبيعتها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالأمارات والمظاهر الخارجية والظروف والملابسات المحيطة بالواقعة، وإذ كانت المحكمة تستشف من تلك العوامل مجتمعة توافر نية القتل لدى المتهم وآية ذلك اعتراف المتهم بأنه كان يحمل سلاحه الناري منذ فجر المشاجرة ليضرب به وهو آلة قاتلة بطبيعتها وقد أمطر المجني عليه بعدة أعيرة منه بصورة وحشية فأحدث إصاباته المميتة المبينة تفصيلاً بالتقرير الطبي الشرعي والذي انتهى التقرير الطبي إلى أنها سبب الوفاة ولم يترك المجني عليه حتى سقط أرضاً الأمر الذي يوفر للمحكمة القناعة الكافية بأن قصد المتهم انصرف إلى قتل المجني عليه.

4- لما كان الشارع الحكيم أوجب القصاص على القاتل العمد إذا قتل بغير حق وذلك للردع والزجر عن الإقدام على مثل هذه الجريمة النكراء ولذا فإن الشريعة الإسلامية قد بينت المصلحة المتحققة عن عقوبة القصاص وهي منع الافتئات والمغالاة في أخذ الثأر وإهدار دماء الآخرين –من غير حق- بدافع الحقد والتشفي وعلى هذا فإن عقوبة القصاص تحقق مصلحة لأهل الجاني بتوفير الأمن لهم والطمأنينة في نفوسهم عندما يكفيهم القصاص من الجاني شر الترقب والخوف من الطلب والانتقام، وتحقق في الوقت ذاته مصلحة لأهل المجني عليه بشفاء غيظهم من الجاني وكفايتهم أخذ الثأر والانتقام الشخصي الذي هو عبء على النفوس من حيث لا ضابط له ولا حدود لآثاره، ومما لا شك فيه أيضاً أن القصاص فيه مصلحة للمجتمع بتقرير نظامه وحفظ حرمته وعـدم تسرب القهر والإرغام والفوضى إلـى ربوعه، ومصدر عقوبـة القصاص هو القرآن الكريم والسنة فالله جل شأنه يقول: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" (البقرة 178، 179) ويقول جل شأنه: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (المائدة 45) وجاءت السنة مؤكدة لما جاء به القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من اعتبط مؤمناً بقتل فهو قود به، إلا أن يرضى ولى المقتول" ويقول: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين، إن أحبوا فالقود، وأن أحبوا فالعقل –أي الدية-"، ومن المقرر أن أركان القصاص ثلاثة هي القاتل والمقتول والقتل. ويشترط في الركن الأول- القاتل- أربعة شروط لتكون جناية كاملة فيستوجب معها القصاص به، وهذه الشروط هي: 1-أن يكون القاتل عاقلاً. 2-أن يكون القاتل بالغاً. 3-أن يكون القاتل مختاراً. 4-أن يكون القاتل متعمداً في القتل قاصداً للمقتول. كما يشترط في الركن الثاني –المقتول- ثلاثة شروط وهي: 1-أن لا يكون المقتول جزءاً من القاتل. 2-أن لا يكون المقتول ملكاً للقاتل. 3-أن يكون المقتول معصوم الدم مطلقاً. أما الركن الثالث –القتل- فإن شرطه أن يكون عمداً عدواناً، وهو ما كان الجاني فيه عامداً في الفعل والقصد والآلة المستعملة من شأنها أن تقتل غالباً سواء تم القتل بالمباشرة أو بالشرط أو بالسبب، ويمكن حصر القتل العمد الموجب للقصاص في نوعين أولهما القتل بالمحدد والثاني القتل بغير المحدد، ويلزم توافر الشروط في كل ركن من هذه الأركان ليجب القصاص وفقدان أي شرط من هذه الشروط يقتضي بالضرورة إيقاف القصاص نفسه لتؤول العقوبة إلى ما هو أدنى من القصاص كما لو كانت دية مغلظة أو دية عادية أو تعزيزاً ونحو ذلك من صور العقاب. وكان الراجح في فقه الحنابلة بالنسبة لاستيفاء القصاص أنه يشترط لاستيفاء القصاص ثلاثة شروط: 1-أن يكون المستحق له عاقلاً بالغاً فإذا كان مستحقه صبياً أو مجنوناً لم ينب عنهما أحد في استيفائه لا أب ولا وصي ولا حاكم، فإنما يحبس الجاني حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون، فقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة ولم ينكر عليه أحد. 2-أن يتفق أولياء الدم جميعاً على استيفائه وليـس لبعضهم أن ينفرد به، فإذا كان بعضهم غائباً أو صغيراً أو مجنوناً وجب انتظار الغائب حتى يرجع والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق قبل أن يختار، لأن من كان له الخيار في أمر لم يجز الافتيات عليه لأن في ذلك إبطال خياره. 3-ألا يتعدى الجاني إلى غيره فإذا قتل الآدمي استحق القصاص ورثته كلهم، لما روى أبو شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" رواه أبو داود، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظيرين إما أن يقتل وإما أن يفتدى" ولأنه متى يستحقه الوارث من جهة موروثه فأشبه بالمال، فإن كان الوارث صغيراً لم يستوف له الولي وعنه للأب استيفاؤه، ولأن القصد التشفي ودرك الغيظ ولا يحصل ذلك باستيفاء الأب فلم يملك استيفاءه كالوصي والحاكم، فعلى هذا يحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير ويعقل المجنون ويقدم الغائب، لأن فيه حظاً للقاتل بتأخير قتله وحظاً للمستحق بإيصال حقه إليه، فإن كان القصاص بين كبير وصغير أو مجنون وعاقل أو حاضر وغائب لم يجز للكبير العاقل الحاضر الاستيفاء لأنه حق مشترك بينهما فلم يجز لأحدهما الانفراد باستيفائه كما لو كان بين بالغين عاقلين.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فقد استقر في يقين المحكمة وثبت لديها على وجه قاطع وحازم أن المتهم.... في يوم 6/8/2007 بدائرة أمن العاصمة: 1-قتل عمداً ..... بأن أطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بتلك الجناية جنايتان أُخريان وهما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان أحرز سلاحاً نارياً مششخناً– رشاش كلاشينكوف- وذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. 2-أتلف عمداً سيارة المجني عليه. 3-أطلق أعيرة نارية في الطرق العامة والمناطق السكنية. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 1/ 2، 389/1 من قانون العقوبات والمواد 2، 3، 8، 46/1، 52، 53 من القانون رقم (14) لسنة 1998 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2001 بشأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والبند رقم 3 من القسم الأول من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة (85) من قانون العقوبات بتطبيق العقوبة الأشد لجريمة القتل العمد، وعملاً بالمادة (234/2) من قانون الإجراءات الجنائية. وذلك بمعاقبته بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص مع إرجاء تنفيذ القصاص وحبس المتهم لحين بلوغ الصغيرتين.... و.... كريمتي المجني عليه وإعلان رغبتهما في القصاص فيتم تنفيذه إثر ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ..... (المطعون ضده) 2- ..... 3- ..... 4- ..... 5- ..... 6- ..... 7- ..... 8- ..... 9- ..... 10- ..... 11- ..... 12- ..... 13- ..... بأنهم: أولاً: المتهم الأول: قتل عمداً /.... وذلك بأن أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بتلك الجناية جنايتان أخريان وهي أنه في الزمان والمكان سالفي البيان أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "رشاش كلاشينكوف" وذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه على النحو المبين بالأوراق. (ب) أتلف عمداً سيارة المجني عليه على النحو المبين بالأوراق. (ج) أطلق أعيرة نارية في الطريق العام والمناطق السكنية على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: المتهمون من الثاني إلى الثامن: (أ) شرعوا في قتل المجني عليهم ..... مع سبق الإصرار وذلك بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتلهم وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء سكاكين وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجد المجني عليهم به وما أن ظفروا بهم قاموا بالتعدي عليهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه على النحو المبين بالأوراق. (ب) أحرزوا أسلحة بيضاء "سكاكين" بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو المهنية. ثالثاً: المتهمون من التاسع إلى الثالث عشر: (أ) شرعوا في قتل المجني عليهما ....... بأن قاموا بطعنهما عدة طعنات قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية وأوقف اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجني عليهما بالعلاج. (ب) أحرزوا أسلحة بيضاء "سكاكين" بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو المهنية.رابعاً: المتهمون من الثاني إلى الثالث عشر: قاموا بتخريب وإتلاف مرفق عام وهو قاعة ومكاتب محكمة الريان وذلك بأن قللا من صلاحيتها للاستعمال على النحو المبين بالأوراق. خامساً: المتهم الحادي عشر: اعتدى عمداً على سلامة جسم المجني عليه ...... وذلك بأن أحدث إصابته المبينة بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. سادساً: المتهم الثاني عشر: اعتدى على سلامة جسم المجني عليه .... وذلك بأن أحدث إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشـرعي والتـي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وطلبت معاقبتهم بالمواد (1)، (29/1)، (237)، (300/5)، (301/1)، (302)، (309)، (389/1)، من قانون العقوبات والمواد (2)، (3)، (8)، (44)، (46/1)، (52)، (53) من القانون رقم (14) لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2001 والبند رقم (3) من القسم الأول من الجدول رقم (2) والبند رقم (5) من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً في 30/6/2008 عملاً بمواد الاتهام أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة (الأول) بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص لقتله المجني عليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين. ثانياً: بمعاقبة كل من المتهمين السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بالحبس لمدة ثلاث سنوات عن جريمة التخريب والإتلاف والتعطيل، وبالحبس لمدة سنة واحدة عن جريمة الاعتداء العمدي على سلامة جسم المجني عليهم، وبتغريم كل منهم عشرة آلاف ريال عن جريمة حيازة سلاح أبيض بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية وبمصادرة الأسلحة البيضاء المضبوطة. ثالثاً: بإلزام المتهمين الثاني عشر والثالث عشر بالتضامن فيما بينهما بدفع مبلغ خمسة وسبعين ألف ريال كأرش إصابة المجني عليه ..... رابعاً: بإلزام المتهم الثاني عشر بدفع مبلغ ثلاثة آلاف ريال للمجني عليه .... كأرش لإصابته. خامساً: بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم ..... بشأن الاعتداء على المجني عليه ..... سادساً: ببراءة المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس مما أسند إليهم. استأنف المحكوم عليهم ومحكمة الاستئناف قضت بقبول الاستئناف ومذكرة عرض النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع أولاً: بإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف وبإرجاء تنفيذ القصاص حتى بلوغ أولياء الدم بالنسبة للمتهم الأول وبحبسه لحين بلوغ الصغيرين وإعلان رغبتهما في القصاص. ثانياً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة بالنسبة لتهمتي الاعتداء وحيازة سلاح أبيض بالنسبة للمستأنفين..... وبراءتهم مما نسب إليهم. وثالثاً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس عن تهمة التعدي فقط بالنسبة لكل من السادس والسابع والتاسع لانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل وتأييده فيما قضى به من عقوبة الغرامة عن تهمة حيازة سلاح أبيض. رابعاً: بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس بالنسبة للمستأنفين السادس والسابع والثاني عشر والثالث عشر عن تهمة تعدي كل منهم على الآخر والاكتفاء بحبس كل منهم ستة أشهر وتأييده فيما عدا ذلك. خامساً: بتعديل الحكم المستأنف فيما قضي به من أرش بالتضامن فيما بين المستأنفين الثاني عشر والثالث عشر يجعله مبلغ خمسين ألف ريال. سادساً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى له من عقوبة بالنسبة لتهمة التخريب والإتلاف والإضرار العمدي بمرفق عام بالنسبة لجميع المستأنفين وبراءتهم مما أُسند إليهم. سابعاً: تأييد الحكم المستأنف فيما عدا ما تقدم.
فطعن المحكوم عليه الأول (المطعون ضده) في هذا الحكم بطريق التمييز للمرة الأولى- قيد بجدول المحكمة برقم 90 لسنة 2009- ومحكمة التمييز قضت بتاريخ 20/4/2009 بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة أخرى. ومحكمة الإعادة –بهيئة مغايرة- قضت حضورياً في 25/11/2010 أولاً: وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من معاقبة المحكوم عليه بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص لقتله المجني عليه والقضاء مجدداً ببراءته من هذه التهمة وتهمتي الإتلاف العمدي وإطلاق أعيرة نارية في الطرق العامة والمناطق السكنية. ثانياً: بحبسه ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف ريال عن تهمة إحرازه لسلاح ناري وذخيرة مما تستخدم على ذلك السلاح دون ترخيص وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز للمرة الثانية وقدمت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها من محامٍ عامٍ بها.
---------------------
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه انه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهم القتل العمد والإتلاف العمد وإطلاق أعيرة نارية في الطرق العامة وإدانته عن تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة مما تستخدم فيه بدون ترخيص قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن ظروف الدعوى التي حصلها الحكم تفيد أن تقابل كل من المطعون ضده والمجني عليه أمام مسكن والد الأول هو امتداد للمشاجرة التي كان طرفاها فريق كل منهما بالمحكمة وأن كلاً منهما كان يرغب في الانتقام والاعتداء على الفريق الآخر، وهو ما ينتفي به توافر حالة الدفاع الشرعي خلافاً لما انتهى إليه الحكم، مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الثابت من وقائع وظروف الدعوى إنه نظراً لسبق قيام ثلاثة أشخاص من طرف المجني عليه بالاعتداء على شخص في حماية والد المتهم، وأنهم كانوا يوم الواقعة معروضين على قاضي المعارضات بمحكمة الريان للنظر في تجديد حبسهم، فقد توجه فريقان من أهل المتهم والمجني عليه يحمل كل منهما سلاحه منتوياً الاعتداء على الآخر ونفذ كل منهما مقصده حيث قامت مشاجرة بين الطرفين بالمحكمة وتبادلا الاعتداء على بعضهما وإحداث إصابات بكل فريق، وكان المجني عليه أحد أطراف تلك المشاجرة، كما حضر المطعون ضده بسيارته حاملاً سلاحه الناري خارج المحكمة إلا أن ذويه أخبروه بأن الشرطة تدخلت لإنهاء المشاجرة، فعاد بسيارته إلى منزل والده، وفور وصوله حضر المجني عليه بسيارته حاملاً سلاحه الناري فتبادلا إطلاق النار حيث سقط المجني عليه قتيلاً، وإذ كان ذلك، فإن كل منهما يكون معتدياً لأنه كان قاصداً العدوان في ذاته لا رد اعتداء واقع عليه، ويكون كل منهما معاقباً على فعلته بلا تفريق بين من بدأ بالعدوان، وهو ما ينتفي به حالة الدفاع الشرعي، لأنه لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه.
لما كان ذلك، وكان موضوع الطعن صالحاً للفصل فيه، فإن المحكمة تتصدى له عملاً بالمادة (298) من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما وقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من كافة أوراقها- بالنسبة لما اسند للمتهم .... (المطعون ضده)- تتحصل في أن كلاً من......... كانوا قد سبق لهم التعدي على.... رغم أنه كان في حماية والد المتهم وهو ما يمثل له وعائلته إهانة كبيرة وعاراً عليهم وعلى القبيلة التي ينسبون إليها إن لم يأخذوا بالثأر من المعتدين، وقرر أفراد العائلة الانتقام من المعتدين، وقد سنحت لهم الظروف بذلك إذ علموا بأن هؤلاء المعتدين سوف يتواجدون بمبنى المحكمة الكائن بمنطقة الريان لتجديد حبسهم إثر تحقيقات النيابة العامة بهذا الشأن، فتوجه بعض منهم إلى المحكمة، ولحق بهم المتهم (المطعون ضده) بسيارته البيك أب ومعه سلاح ناري (رشاش كلاشينكوف) للانتقام منهم وتربص لهم أمام المحكمة انتظاراً لخروجهم لتنفيذ مأربه، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، وانصرف من المكان عائداً إلى منزل والده فوجد ضالته لتحقيق ذلك الانتقام في المجني عليه .... الذي حضر بسيارته (تويوتا- الكامري) فور وصول المتهم بسيارته- حاملاً معه مسدس عيار 38 للانتقام ممن قاموا بالاعتداء على أشقاء زوجته بالمحكمة وأوقف السيارة أمام منزل والد المتهم في منتصف الطريق وفتح بابها وقام بإطلاق عيارين ناريين فقام المتهم من فوره وأمطر المجني عليه وسيارته بوابل من الطلقات النارية من سلاحه الكلاشينكوف أصابت السيارة من الناحية اليسرى وأصابت ست منها المجني عليه من الأمام والخلف في جسده في منطقة الصدر والظهر والفخذين ارتدت إحداها في إحدى قدمي المجني عليه بخلاف ثلاث شظايا أصابت إحداها منطقة الصدر والثانية أعلى المقعدة من الناحية اليمنى والثالثة نفذت من أسفل الركبة اليسرى سقط على إثرها المجني عليه حيث كان الرأس والجزء الأعلى من الجسد على مقعد القيادة وتدلى باقي الجسد خارج السيارة قاصداً من ذلك إزهاق روحه تحقيقاً لما ضمر في نفسه من ثورة عارمة ورغبة في الانتقام والثأر لوالده وعائلته وقبيلته، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته، ولاذ بالفرار إثر ذلك مباشرةٍ.
وحيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قام الدليل على صحتها ونسبتها إلى المتهم وثبوتها في حقه مما شهد به .... والطبيب الشرعي .... ، و .... و.... و ..... الخبراء بالمختبر الجنائي ومن تقارير الصفة التشريحية والمختبر الجنائي ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث والتقرير المصور المرفق بالأوراق واعتراف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة. فقد شهد ..... بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة أنه بتاريخ الواقعة تم عرضه وشقيقيه ... و .... على المحكمة بالـريان للنظر في أمر تجديد حبسهم بشأن اتهامهم بالاعتداء على المجني عليه ....، وأن المجني عليه....ذكر له عندما كان يزوره في محبسه بألا يخرجوا من السجن إذا تم إخلاء سبيلهم لوجود تهديد لهم من .... و .... كما شهد.... -طبيب شرعي بإدارة الخدمات الطبية- بأنه قام بالكشف الظاهري على ملابس وجثه المجني عليه ..... وتبين عدم وجود أي عنصر من عناصر الإطلاق القريب وأن بها إصابات لعيارات نارية وشظايا معدنية الأول يقابل الضلع السادس الأيمن عند الخط الإبطي الأمامي ومخرجه يقابل نهاية الضلعين الرابع والخامس عند منتصف مقدمة الصدر من الجهة اليمنى وكان اتجاه الإطلاق من الخلف جهة اليمين ومن أسفل، والثاني بمدخل طلق ناري أعلى الناحية اليسرى من الظهر وأسفل الكتف الأيسر ومخرجه تمزق رضي في الناحية الخارجية للكتف الأيسر باليد اليسرى من أعلى واتجاه الإطلاق أفقي ومن الخلف جهة اليمين، والثالث مدخل طلق ناري من أعلى الظهر أسفل لوح الكتف الأيمن وخرج من أسفل الإبط الأيسر واتجاه إطلاقه من الخلف جهة اليمين ومن أسفل، والرابع مدخل طلق ناري أعلى الفخذ الأيمن الخارجي ومخرجه أعلى الفخذ الأيمن من الناحية الأمامية واتجاه الإطلاق من الخلف جهة اليمين ومن أسفل، والخامس مدخل طلق ناري مشوه في الناحية الأمامية للفخذ الأيمن ومخرجه في الناحية الخلفية للفخذ نفسه واتجاه الإطلاق من الأمام جهة اليسار ومن أعلى وترتب عليه جرح ميزابي طولي بالوجه الخلفي للساق اليمنى عقب خروج الطلقة نتيجة لعدم وجود ساق القتيل آنذاك بوضع مستقيم مع جسمه، والسادس مدخل طلق ناري مشوه أسفل الناحية الخارجية للفخذ الأيسر ومخرجه بوسط الناحية الداخلية للفخذ الأيسر واتجاه الإطلاق من الأمام جهة اليسار ومن أسفل، والسابع جرح ميزابي أعلى إبهام القدم اليسرى أحدثته طلقة نارية سابقة وعدد ثلاث شظايا معدنية استقرت اثنتان منها بجسد المتوفى إحداهما أعلى أيسر الصدر والثانية أعلى الإلية اليمنى والثالثة نفذت من أسفل الركبة اليسرى، وبتشريح الجثة تبين خلوها من الآفات المرضية ووجود كسور متنوعة ونزيف دموي ناتج من فعل الطلقات النارية آنفة البيان وتم استخراج الشظيتين المعدنيتين وسبب الوفاة الإصابات المميتة المتعددة من طلقات نارية متعددة من سلاح ناري محلزن الماسورة عيار (7.62مم) وتم أخذ عينات من دم وبول المتوفى وأن مسافة الإطلاق تزيد عن المتر وعلل الطوق الأسود المحيط بتمزقات ملابس المجني عليه بأن ماسورة السلاح المستخدم في الحادث كانت مشحمة من الداخل وتجمعت هذه الشحوم في الطلقات أثناء خروجها من ماسورة السلاح واختراقها لملابس القتيل تركت ما عليها من شحوم وأوساخ على شكل طوق أسود. وشهد ....و .... بمضمون ما أثبتاه بتقرير المختبر الجنائي المؤرخ 15/8/2007 بشأن معاينة مكان الحادث وسيارة المجني عليه، كما شهد... بمضمون ما أثبته بتقرير المختبر الجنائي المؤرخ 27/8/2007 بشأن عينة مسحة اليد لكل من المتهم والمجني عليه، وثبت بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ 9/8/2007 بتشريح جثة المجني عليه ذات الإصابات المبينة بأقوال الطبيب الشرعي السالف بيانها، وثبت بتقرير إدارة المختبر الجنائي المؤرخ 13/8/2007 أن آثار البقع الحمراء اللون على العينة بالفانلة الممزقة بلون أحمر هي آثار لدماء آدمية وتتطابق الأنماط الوراثية لآثار الدماء مع الأنماط الوراثية لعينة الدم السائل للمجني عليه، وأن آثار البقع الحمراء اللون على السروال هي آثار لدماء آدمية ولتحلل العينة لا توجد أي نتيجة، وثبت بتقرير إدارة المختبر الجنائي المؤرخ 15/8/2007 أن السيارة التويوتا الكامري بيضاء اللون رقم (.....) وجدت بمنتصف الشارع وباب السائق في وضعية الفتح وإطارها الأمامي الأيمن مفرغ من الهواء وزجاج الأبواب الأمامية الخلفي الأيسر متهشم وبها اثني عشر ثقباً وفتحة حديثة نافذة لجسم السيارة من الناحية اليسرى ويرجح حدوثها من اختراق أجسام صلبة مدببة الرأس ذات سرعات عالية مثل المقذوفات النارية وجميعها ناتجة من عملية الإطلاق الناري من الناحية اليسرى المائلة لمؤخرة السيارة وحدثت في وضعية فتح الباب الأمامي الأيسر وتم العثور بداخل السيارة على بعض أجزاء من مقذوفات نارية من العيار (7.62×39مم) كما تم العثور بأرضية الشارع على أربعة عشر ظرفاً فارغاً لطلقات نارية حول الجانب الأيسر ومؤخرة السيارة وأنها جميعاً لطلقات نارية من عيار (7.62×39مم) كما تم العثور على مسدس عيار (38 مم) أسفل الباب الخلفي للسيارة، كما تبين وجود ثقبين غير نافذين بسور المنزل الذي يقع بالجهة الغربية يمين السيارة وعثر بأحدهما على قلب سبيكة من الصلب لمقذوف ناري وحدثا من ارتطام مقذوفات نارية من ذات جهة الإطلاق الذي تم على السيارة وثقب دائري غير نافذ بواجهة المنزل رقم (9) الواقع بالجهة الشرقية يسار السيارة وعثر بداخله على سبيكة مـن الرصاص وتحمل طبعات خطوط ششخان الخاصة بالعيار (38.sp) مع آثار احتكاك لجسم معدني من الرصاص بإطار العارضة العلوية لنافذة المنزل رقم (9) أحدث ثقباً بالجدار المواجه للنافذة وعثر بأرضية الحجرة (المجلس) على سبيكة من الرصاص يتعذر تحديد عيارها، وبفحص السيارة البيك أب رقم (.....) نقل خاص تبين عدم وجود آثار تشير إلى اختراق أو ارتطام مقذوفات نارية بها، وأن البندقية الكلاشينكوف بماسورة مششخنة عيار (7.62×39مم) كاملة الأجزاء وصالحة للاستعمال وسبق الإطلاق ولكن يتعذر تحديد زمن الإطلاق وتنتمي إلى البند (3) من القسم الأول من الجدول رقم (2) من القانون رقم 14 لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2001 وهي غير مسجلة لدى أرشيف قسم الأسلحة والآلات وبفحص الطلقات الواردة بمخزنها وعددها إحدى عشرة طلقة تبين أنها كاملة الأجزاء غير مطرقة الكبسولة وتستخدم على سلاح ناري عيار (7.62×39مم) وصالحة للاستعمال، وأن المسدس بماسورة مششخنة عيار (38.sp) كامل الأجزاء وصالح للاستخدام وتم الإطلاق ويتعذر فنياً تحديد زمن الإطلاق وصالح للاستعمال، وتبين أن الأظرف الفارغة (14) والأظرف الفارغة المرفوعة من السيارة البيك أب تبين تطابقها وأنها أطلقت من البندقية وأن أجزاء المقذوفات المرفوعة من أرضية الشارع ومن داخل السيارة التويوتا تبين تطابقها وأنها أطلقت من ذات البندقية، وأن الظرفين الفارغين الواردين مع المسدس تم إطلاقهما من المسدس وأن أحد المقذوفين المعثور عليهما بواجهة وداخل المنزل رقم (9) أطلق من ذات المسدس. وثبت بتقرير إدارة المختبر الجنائي المؤرخ 27/8/2007 وجود آثار لاحتراق البارود على عينة مسحة اليد اليمنى للمجني عليه وكذا وجود آثار لاحتراق البارود على عينتي مسحة اليد اليمنى واليسرى للمتهم وآثار احتراق البارود على ملابسه، وثبت من معاينة النيابة العامة أن سيارة المجني عليه هي تويوتا كامري بيضاء اللون تتوسط الشارع وتتناثر حولها الأعيرة النارية من الخلف والجانب الأيسر وبها آثار فتحات دخول الأعيرة النارية بالباب الأيسر من الجهة الخلفية وبمقدمة السيارة وغطاء المحرك وأسفل الباب الأيسر الأمامي وتهشم زجاج بالبابين بالجانب الأيسر ووجد سلاح ناري –مسدس- بساقية بجانبه سكين صغيرة الحجم أسفل الإطار الخلفي الأيسر ونعال خاص بالمجني عليه – الأيسر - به آثار طلق ناري وهاتف جوال على كرسي السائق وآثار دماء تغطي أسفل الكرسي الأيسر وسكين بجراب مثبت بجوار ناقل الحركة وتحطم بزجاج الباب الأمامي الأيمن وآثار خروج طلقات نارية من الباب الأيمن وانفجار الإطار الأمامي للسيارة مع وجود آثار لأعيرة نارية بالحائط المقابل لأحد المساكن، وقرر المتهم (المطعون ضده) بمحضر جمع الاستدلالات أنه منذ حوالي شهر قام ثلاثة أشخاص كويتيين بالاعتداء على .... الذي كان في حماية والده وهو ما يمثل عيباً في حقهم لدى قبيلتهم فاتفق مع أفراد عائلته على الانتقام منهم رداً لهذا العيب في حقهم وفي يوم الواقعة أبلغه.... تليفونياً بتواجد الكويتيين بالمحكمة بشارع الريان فتوجه إليها وكان على اتصال بأفراد أسرته بالمحكمة تليفونياً وظل منتظراً بالسيارة حاملاً سلاحه الناري –رشاش كلاشينكوف- للنيل من المذكورين وظل يلف بالسيارة حول المحكمة للتأكد من وجود أشخاص آخرين وعندما شاهد شخصين من أفراد عائلته خارجين من المحكمة توجه على الفور إلى منزل والده بالمرة الغربية ولدى وصوله باب المنزل شاهد المجني عليه يحضر بسيارة كامري بيضاء اللون أوقفها على بعد ستة أمتار منه وترجل منها شاهراً سلاحاً نارياً –مسدساً- وأطلق منه عيارين صوبه حيث كان يحتضن سلاحه الناري -رشاش كلاشينكوف- فقام بإطلاق عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه لا يعرف عددها وبعد أن شاهد المجني عليه يسقط أرضاً تحرك بسيارته إلى منزل ....، وقرر بتحقيقات النيابة العامة بمضمون ما ردده بمحضر جمع الاستدلالات وأضاف بأنه غير مرخص له بحمل السلاح الناري والذخيرة وأنه كان بحوزته بالسيارة وتوجه به إلى المحكمة لضرب الأشخاص الكويتيين لاعتدائهم على شخص في حماية والده وأنه يعرف المجني عليه.
وحيث إنه بجلسة المحاكمة مثل المتهم ودفاعه وأنكر التهمة وقدم مذكرة طلب فيها أصلياً البراءة استناداً إلى أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واحتياطياً ندب خبير آخر من الطب الشرعي لإبداء الرأي الفني في وفاة المجني عليه، ومثل–والد المجني عليه- وقدم شهادة حصر ورثة رقم 6752 لسنة 2007 توثيق المحكمة الابتدائية في 28/11/2007 تفيد أن أولياء الدم للمجني عليه .... هم والده و والدته.... وزوجته .... وابنتيه من زوجته المذكورة وهما ...المولودة في 3/7/2006 و .... المولودة في 25/5/2007 كما قدم توكيلاً من والدته ومن زوجته له للمطالبة بالقصاص من المتهم كما طالب هو بالقصاص من المتهم.
وحيث إنه عن دفاع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس فإن المحكمة وقد انتهت على نحو ما سلف بيانه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي باعتبار أن الواقعة كانت مشاجرة يحمل كل من المجني عليه والمتهم سلاحه منتوياً الاعتداء على الآخر وقد نفذ كل منهما مقصده، ومن ثم فإن دفاع المتهم في هذا الشأن يكون ولا محل له.
وحيث إنه عن طلب المتهم ندب خبير آخر من الطب الشرعي لإبداء الرأي الفني في وفاة المجني عليه فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التقرير الطبي الشرعي الخاص بتشريح جثة المجني عليه الذي جاء مفصلاً واضحاً مبيناً ما به من إصابات وسبب حدوثها وعلاقتها بالوفاة ومن ثم وإذ كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة فإنها لا ترى لزوماً إلى إجابة هذا الطلب ويتعين رفضه.
وحيث إنه عن نية القتل وهي بطبيعتها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالأمارات والمظاهر الخارجية والظروف والملابسات المحيطة بالواقعة، وإذ كانت المحكمة تستشف من تلك العوامل مجتمعة توافر نية القتل لدى المتهم وآية ذلك اعتراف المتهم بأنه كان يحمل سلاحه الناري منذ فجر المشاجرة ليضرب به وهو آلة قاتلة بطبيعتها وقد أمطر المجني عليه بعدة أعيرة منه بصورة وحشية فأحدث إصاباته المميتة المبينة تفصيلاً بالتقرير الطبي الشرعي والذي انتهى التقرير الطبي إلى أنها سبب الوفاة ولم يترك المجني عليه حتى سقط أرضاً الأمر الذي يوفر للمحكمة القناعة الكافية بأن قصد المتهم انصرف إلى قتل المجني عليه.
وحيث إن الشارع الحكيم أوجب القصاص على القاتل العمد إذا قتل بغير حق وذلك للردع والزجر عن الإقدام على مثل هذه الجريمة النكراء ولذا فإن الشريعة الإسلامية قد بينت المصلحة المتحققة عن عقوبة القصاص وهي منع الافتئات والمغالاة في أخذ الثأر وإهدار دماء الآخرين –من غير حق- بدافع الحقد والتشفي وعلى هذا فإن عقوبة القصاص تحقق مصلحة لأهل الجاني بتوفير الأمن لهم والطمأنينة في نفوسهم عندما يكفيهم القصاص من الجاني شر الترقب والخوف من الطلب والانتقام، وتحقق في الوقت ذاته مصلحة لأهل المجني عليه بشفاء غيظهم من الجاني وكفايتهم أخذ الثأر والانتقام الشخصي الذي هو عبء على النفوس من حيث لا ضابط له ولا حدود لآثاره، ومما لا شك فيه أيضاً أن القصاص فيه مصلحة للمجتمع بتقرير نظامه وحفظ حرمته وعـدم تسرب القهر والإرغام والفوضى إلـى ربوعه، ومصدر عقوبـة القصاص هو القرآن الكريم والسنة فالله جل شأنه يقول: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" (البقرة 178، 179) ويقول جلَّ شأنه: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (المائدة 45) وجاءت السنة مؤكدة لما جاء به القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من اعتبط مؤمناً بقتل فهو قود به، إلا أن يرضى ولى المقتول" ويقول: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين، إن أحبوا فالقود، وأن أحبوا فالعقل –أي الدية-" ومن المقرر أن أركان القصاص ثلاثة، هي القاتل والمقتول والقتل. ويشترط في الركن الأول القاتل أربعة شروط لتكون جناية كاملة فيستوجب معها القصاص به، وهذه الشروط هي: 1-أن يكون القاتل عاقلاً. 2-أن يكون القاتل بالغاً. 3-أن يكون القاتل مختاراً. 4-أن يكون القاتل متعمداً في القتل قاصداً للمقتول. كما يشترط في الركن الثاني –المقتول- ثلاثة شروط وهي: 1-أن لا يكون المقتول جزءاً من القاتل. 2-أن لا يكون المقتول ملكاً للقاتل. 3-أن يكون المقتول معصوم الدم مطلقاً. أما الركن الثالث –القتل- فإن شرطه أن يكون عمداً عدواناً، وهو ما كان الجاني فيه عامداً في الفعل والقصد والآلة المستعملة من شأنها أن تقتل غالباً سواء تم القتل بالمباشرة أو بالشرط أو بالسبب ويمكن حصر القتل العمد الموجب للقصاص في نوعين أولهما القتل بالمحدد والثاني القتل بغير المحدد، ويلزم توافر الشروط في كل ركن من هذه الأركان ليجب القصاص وفقدان أي شرط من هذه الشروط يقتضي بالضرورة إيقاف القصاص نفسه لتؤول العقوبة إلى ما هو أدنى من القصاص كما لو كانت دية مغلظة أو دية عادية أو تعزيزاً ونحو ذلك من صور العقاب. وكان الراجح في فقه الحنابلة بالنسبة لاستيفاء القصاص أنه يشترط لاستيفاء القصاص ثلاثة شروط: 1-أن يكون المستحق له عاقلاً بالغاً فإذا كان مستحقه صبياً أو مجنوناً لم ينب عنهما أحد في استيفائه لا أب ولا وصي ولا حاكم، فإنما يحبس الجاني حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون، فقد حبس معاوية هدبه بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة ولم ينكر عليه أحد. 2-أن يتفق أولياء الدم جميعاً على استيفائه وليـس لبعضهم أن ينفرد به، فإذا كان بعضهم غائباً أو صغيراً أو مجنوناً وجب انتظار الغائب حتى يرجع والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق قبل أن يختار، لأن من كان له الخيار في أمر لم يجز الافتيات عليه لأن في ذلك إبطال خياره. 3-ألا يتعدى الجاني إلى غيره فإذا قتل الآدمي استحق القصاص ورثته كلهم، لما روى أبو شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" رواه أبو داود، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظيرين إما أن يقتل وإما أن يفتدى" ولأنه متى يستحقه الوارث من جهة موروثه فأشبه بالمال، فإن كان الوارث صغيراً لم يستوف له الولي وعنه للأب استيفاؤه، ولأن القصد التشفي ودرك الغيظ ولا يحصل ذلك باستيفاء الأب فلم يملك استيفاءه كالوصي والحاكم، فعلى هذا يحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير ويعقل المجنون ويقدم الغائب، لأن فيه حظاً للقاتل بتأخير قتله وحظاً للمستحق بإيصال حقه إليه، فإن كان القصاص بين كبير وصغير أو مجنون وعاقل أو حاضر وغائب لم يجز للكبير العاقل الحاضر الاستيفاء لأنه حق مشترك بينهما فلم يجز لأحدهما الانفراد باستيفائه كما لو كان بين بالغين عاقلين.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فقد استقر في يقين المحكمة وثبت لديها على وجه قاطع وحازم أن المتهم.... في يوم 6/8/2007 بدائرة أمن العاصمة: 1-قتل عمداً ..... بأن أطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بتلك الجناية جنايتان أُخريان وهما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان أحرز سلاحاً نارياً مششخناً –رشاش كلاشينكوف- وذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. 2-اتلف عمداً سيارة المجني عليه. 3-أطلق أعيرة نارية في الطرق العامة والمناطق السكنية. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 1/ 2، 389/1 من قانون العقوبات والمواد 2، 3، 8، 46/1، 52، 53 من القانون رقم (14) لسنة 1998 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2001 بشأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والبند رقم 3 من القسم الأول من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة (85) من قانون العقوبات بتطبيق العقوبة الأشد لجريمة القتل العمد، وعملاً بالمادة (234/2) من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بمعاقبته بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص مع إرجاء تنفيذ القصاص وحبس المتهم لحين بلوغ الصغيرتين .... و .... كريمتي المجني عليه وإعلان رغبتهما في القصاص فيتم تنفيذه إثر ذلك، ويبقى الباب مشرعاً لأولياء الدم في العفو أو الدية إن رغبوا شيئاً من ذلك مع مصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة لدى المتهم.