جلسة 16 من أبريل سنة 2018
برئاسة السيـد القاضي / يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدى مصطفى، على جبريل ورفعـت هيبة نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(82)
الطعن رقم 6759 لسنة 81 القضائية
(1) بيع " آثار عقد البيع : التزامات البائع : الالتزام بتسليم المبيع " .
الالتزام بتسليم المبيع . التزام بتحقيق غاية . الوفاء به . وقوعه على عاتق البائع . ماهيته . وضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق . المادتان 431 ، 435 /1 مدنى .
(3،2) قوة قاهرة " شروطها " .
(2) السبب الأجنبي للإعفاء من المسئولية . ماهيته . قوةٌ قاهرة أو حادثٌ فجائيٌ أدى إلى استحالة تنفيذ المدين لالتزامه . توافره . شرطه . عدم إمكان توقعه مطلقًا واستحالة دفعه . إشارة الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله . كفايتها لاعتباره ممكن التوقع . عدم علم المدين بهذه الظروف . شرطه . عدم إخفائها على الشخص شديد اليقظة والتبصر . المواد 165 ، 215 ، 373 مدني .
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بالزام الطاعن برد السيارة محل العقد دون دليل على استلامها ورفض طلبه بالزام البنك المطعون ضده بالتعويض عن فسخ العقد تأسيساً على استحالة تنفيذ الأخير لالتزاماته لسبب أجنبي رغم عدم توافر شروطه. خطأ وفساد . علة ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادتين 431، 435 /1 مدني يدل على أن البائع يلتزم بتسليم المبيع للمشترى، والتسليم الذى يعتبر وفاءً بهذا الالتزام وطريقًا لانقضائه هو وضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق . وذلك الالتزام هو التزام بتحقيق غاية يقع على عاتق البائع إثبات الوفاء به فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا أثبت هو تسليم المبيع.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن المقصود بالسبب الأجنبي في مفهوم نصوص المواد 165، 215، 373 من التقنين المدني والذى يصلح سببًا قانونيًّا للإعفاء من المسئولية هو الأمر الذى لا يدَّ للمدين فيه وأدى إلى استحالة تنفيذ الالتزام، وهو لا يكون إلا قوةً قاهرةً أو حادثًا فجائيًا ويشترط فيه عدم إمكان التوقع واستحالة دفعه، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الأمر صفة السـبب الأجنبي، ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يقع وفقًا للمألوف من الأمور بل يكفى لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله، كما لا يلزم أن يكون المدين على علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على الشخص شديد اليقظة والتبصر لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوافر السبب الأجنبي يجب أن يكون مطلقًا لا نسبيًا فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي.
3- إذ كان الطاعنُ قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البنك المطعون ضده لم يوف بالتزامه بتسليم السيارة المبيعة دون أن ينازع البنك في ذلك ويقدم الدليل على وفائه بهذا الالتزام إلَّا أن الحكم المطعون فيه افترض بغير دليل استلام الطاعن السيارة المبيعة وألزمه بردها، كما اعتنق ما ذهب إليه البنك من أن استحالة تنفيذ التزامه بتسليم الطاعن الإفراج الجمركي عن السيارة واللازم لاستخراج الترخيص بتسييرها ناشئ عن سبب أجنبي لا يدَّ له فيه هو الاستغناء عن هذا الإفراج – دشته – لفوات ما يزيد على خمس وعشرين سنةً على صدوره في حين أن مرور هذه المدة الطويلة لا يجعل في الاستغناء عنه أمرًا متوقعًا فحسب بل هو الاحتمال الأقرب للمجرى العادي للأمور، ومن ثم لا يعدُّ من قبيل القوة القاهرة التي تصلح سببًا قانونيًا لإعفاء البنك من المسئولية عما لحق الطاعن من أضرار نتيجة انفساخ العقد بسبب استحالة تنفيذ ذلك الالتزام ويكون البنك مسئولًا عن تعويض هذه الأضرار . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيثُ إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكليَّة.
وحيثُ إنَّ الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسار الأوراق – في أن الطاعن أقام الدعوى ... لسنة 2010 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك المطعون ضده برد مبلغ خمسين ألف جنيه ثمن السيارة المبيعة إليه بالمزاد الذى أجراه البنك المطعون ضده و 5% خبرة تثمين ومثلها قيمة ضريبة مبيعات، 55% رسوم رقابة تجارية وإلزامه بغرامة تأخير مائة جنيه عن كل يوم تأخير من 12/12/2007 حتى الفصل فى الدعوى وعشرة ملايين جنيه تعويضًا عما حاق به من أضرار، وقال شارحًا دعواه : إنه اشترى السيارة المبينة بالأوراق من المطعون ضده بالمزاد الذى أجراه البنك وسدد الثمن كاملًا إلَّا إنه تعذر عليه نقل ملكية السيارة لتقاعس البنك عن تسليمه السيارة والإفراج الجمركي الخاص بها مما ألحق به أضرارًا مادية وأدبية، ومن ثم أقام الدعوى . حكمت المحكمة بفسخ عقد المزايدة المؤرخ 23/12/2007 وإلزام البنك المطعون ضده برد خمسين ألف جنيه وأداء مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه كتعويض مادي وأدبي. استأنف المطعونُ ضده هذا الحكم برقم ... لسنة 127 ق القاهرة والطاعن برقم ... لسنة 127 ق القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين وقضت بتاريخ 23/2/2011 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبإلزام الطاعن برد السيارة بالحالة التى كانت عليها والتأييد فيما عدا ذلك . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعنُ على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – أمرت استعمالًا لحقها المخول بالمادة 263/5 من قانون المرافعات – باستبعاد السبب الثاني من سببي الطعن لعدم قبوله، وحددت جلسة لنظر السبب الأول التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّ حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من سببي الطعن الفساد فى الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإلزامه برد السيارة المبيعة كأثر لفسخ عقد المزايدة موضوع الدعوى رغم أنه تمسك في دفاعه بأنه لم يتسلمها دون أن ينازع البنك المطعون ضده في ذلك، كما رفض طلبه بالتعويض عما لحقه من أضرار استنادًا إلى أن استحالة تنفيذ البنك لالتزاماته ناشئة عن سبب أجنبي رغم عدم توافر شروطه، مما يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 431 من التقنين المدني على أنه :- " يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى بالحالة التي كان عليها وقت البيع " . وفى الفقرة الأولى من المادة 435 منه على أنه :- " يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ... " يدل على أن البائع يلتزم بتسليم المبيع للمشترى، والتسليم الذى يعتبر وفاءً بهذا الالتزام وطريقًا لانقضائه هو وضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق . وذلك الالتزام هو التزام بتحقيق غاية يقع على عاتق البائع إثبات الوفاء به فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا أثبت هو تسليم المبيع. وكان المقصود بالسبب الأجنبي في مفهوم نصوص المواد 165، 215، 373 من التقنين المدني والذي يصلح سببًا قانونيًا للإعفاء من المسئولية هو الأمر الذى لا يدَّ للمدين فيه وأدى إلى استحالة تنفيذ الالتزام، وهو لا يكون إلا قوةً قاهرةً أو حادثًا فجائيًا ويشترط فيه عدم إمكان التوقع واستحالة دفعه، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الأمر صفة السبب الأجنبي، ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يقع وفقًا للمألوف من الأمور بل يكفى لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله، كما لا يلزم أن يكون المدين على علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على الشخص شديد اليقظة والتبصر لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوافر السبب الأجنبي يجب أن يكون مطلقًا لا نسبيًا فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي. لمَّا كان ذلك، وكان الطاعنُ قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البنك المطعون ضده لم يوف بالتزامه بتسليم السيارة المبيعة دون أن ينازع البنك في ذلك ويقدم الدليل على وفائه بهذا الالتزام إلَّا أن الحكم المطعون فيه افترض بغير دليل استلام الطاعن السيارة المبيعة وألزمه بردها، كما اعتنق ما ذهب إليه البنك من أنَّ استحالة تنفيذ التزامه بتسليم الطاعن الإفراج الجمركي عن السيارة واللازم لاستخراج الترخيص بتسييرها ناشئٌ عن سبب أجنبي لا يدَّ له فيه هو الاستغناء عن هذا الإفراج – دشته – لفوات ما يزيد على خمس وعشرين سنة على صدوره فى حين أن مرور هذه المدة الطويلة لا يجعل فى الاستغناء عنه أمرًا متوقعًا فحسب بل هو الاحتمال الأقرب للمجرى العادي للأمور، ومن ثم لا يعدُّ من قبيل القوة القاهرة التى تصلح سببًا قانونيًا لإعفاء البنك من المسئولية عما لحق الطاعن من أضرار نتيجة انفساخ العقد بسبب استحالة تنفيذ ذلك الالتزام ويكون البنك مسئولًا عن تعويض هذه الأضرار. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بالفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به من إلزام الطاعن برد السيارة المبيعة ورفض طلب الطاعن تعويضه عما لحقه من أضرار بسبب انفساخ عقد المزايدة موضوع الدعوى.
وحيثُ إنَّ الموضوع صالحٌ للفصل فيه، ولِمَا تقدم، وكان الحكم المستأنف قد أقام قضاءه بإلزام البنك بالتعويض الذي قدره على ثبوت الخطأ في جانبه وعلاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر الذي أصاب الطاعن وهي الأركان اللازمة لقيام المسئولية التقصيرية فلا يعيبه وصف خطأ البنك بأنه خطأ عقدي مادام أن ذلك لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ومن ثم يتعين تأييده في هذا الخصوص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق