الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 يوليو 2023

الطعن 64 لسنة 33 ق جلسة 22 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 51 ص 327

جلسة 22 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-----------------

(51)
الطعن رقم 64 لسنة 33 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". كفالة.
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور. أساسها فكرة الضمان القانوني. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. رجوع المتبوع على تابعه بما أوفاه من التعويض كله. قاعدة قننتها المادة 175 مدني. لم يستحدث المشرع بها للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه في حالة الوفاء.
(ب) كفالة. "كفالة تضامنية". "رجوع الكفيل المتضامن على المدين". التزام. "التضامن".
الحكم على الكفيل المتضامن ليس حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً في الدعوى. نص المادة 110 مدني قديم بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين بالدين تسري على باقي المدينين. عدم انطباقه على الكفيل المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى التزاماً تبعياً. مقتضى نص المادة 296 من القانون المدني القائم إنه حتى بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم ضد أحدهم حجة على الباقين ومن وباب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين.
(ج) مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". دعوى. "رجوع المتبوع على تابعه". أساسها. "التزام". "الحلول القانوني".
رجوع المتبوع - وهو كفيل متضامن - على تابعه عند وفائه التعويض للدائن المضرور لا يكون بالدعوى الشخصية التي قررتها المادة 800 مدني وإنما بدعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 مدني وهي تطبيق للقاعدة العامة في الحلول القانوني. عدم جواز رجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده وضمان المتبوع لأعمال تابعه قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور.
(د) كفالة. "رجوع الكفيل على المدين". "دعوى الحلول القانوني". التزام. تقادم. "تقادم مسقط".
للمدين في حالة رجوع الكفيل عليه بدعوى الحلول القانوني أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن ومن ذلك الدفع بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 مدني. رفع المضرور دعواه على المتبوع دون التابع لا يقطع التقادم بالنسبة للتابع ولا يعد الحكم الذي يصدر فيها حجة عليه.
(هـ) مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "رجوع المتبوع على التابع". تقادم. "تقادم مسقط".
وفاء المتبوع بالتعويض للدائن المضرور. حلوله محل هذا الدائن في نفس حقه. انتقال هذا الحق إليه بما يرد عليه من دفوع. للمدين التابع التمسك بانقضاء هذا الحق بالتقادم. هذا الدفع يرد على حق الدائن الأصلي لا على حق المتبوع في الرجوع على هذا التابع.
(و) تقادم. "تقادم مسقط". "مدة التقادم".
مدة التقادم لا تتغير بصدور حكم بالدين طبقاً للمادة 385/ 2 مدني إلا بالنسبة لمن يعتبر الحكم حجة عليهم وله قوة الأمر المقضي قبلهم.

-----------------
1 - مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد ومن ثم فإذا أوفى المتبوع التعويض للمضرور كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه. وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني القائم بعد أن اختلف الرأي في ظل القانون الملغي حول ما يرجع به المتبوع على تابعه وأساس هذا الرجوع ولم يقصد المشرع من وضع هذه المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه في حالة وفائه بالتعويض للمضرور.
2 - الحكم الذي يصدر على الكفيل المتضامن لا يعتبر حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً في الدعوى وذلك سواء في القانون المدني الملغي أو في القانون القائم فقد استقر قضاء محكمة النقض في ظل القانون الملغي على أن حكم المادة 110 منه الذي يقضي بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين بسريانه على باقي الدينين؛ هذا الحكم لا يسري إلا فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض ولا يجوز أن يسوى في حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن والمدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى التزامه تبعياً. أما القانون القائم فقد نص في المادة 296 منه على أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ومقتضى ذلك أنه حتى فيما بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم الصادر ضد أحدهم حجة على باقيهم ومن باب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين.
3 - لما كان المتبوع - وهو في حكم الكفيل المتضامن - لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه التعويض للدائن المضرور بالدعوى الشخصية التي قررها القانون في المادة 800 من القانون المدني للكفيل قبل المدين وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره لمصلحة الدائن المضرور وحده فإنه لا يكون للمتبوع في رجوعه على المدين إلا دعوى الحلول المنصوص عليه في المادة 799 من القانون المدني وهي تطبيق للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفى يحل محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بوفاء الدين عن المدين.
4 - للمدين في حالة رجوع الكفيل عليه بدعوى الحلول القانوني أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن ومن ذلك الدفع بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني القائم لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع ومن ثم للمطعون ضده (التابع) أن يتمسك قبل الطاعنة (المتبوع) بهذا التقادم متى انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه ثلاث سنوات من تاريخ العمل بالقانون المدني القائم الذي استحدث هذا التقادم دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض وعلى أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع لا يقطع التقادم بالنسبة للتابع كما لا يعتبر الحكم الذي يصدر في تلك الدعوى حجة عليه إذا لم يختصم فيها.
5 - إن المتبوع حين يوفى التعويض إلى الدائن المضرور إنما يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع ومن ثم يجوز للمدين التابع بانقضاء هذا الحق بالتقادم كما كان يستطيع التمسك بذلك قبل الدائن فهذا الدفع إنما يرد على حق الدائن الأصلي الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه وليس على حق المتبوع في الرجوع على هذا التابع.
6 - مدة التقادم لا تتغير بصدور حكم بالدين طبقاً للمادة 385/ 2 من القانون المدني - كصريح هذا النص - إلا بالنسبة لمن يعتبر الحكم حجة عليهم وله قوة الأمر المقضي قبلهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه في يوم 17 من يناير سنة 1948 اصطدمت إحدى سيارات الامنوبوس التابعة لشركة الشرق بقطار السكة الحديدية أثناء عبورها مزلقان بحر مويس ونجم عن ذلك قتل بعض ركابها من بينهم المرحوم عزير مرقص حنا المفتش بالشركة المذكورة وقد حققت الواقعة وقيدت برقم 88 سنة 1948 جنح مركز الزقازيق ضد سائق السيارة بتهمة القتل الخطأ وأمرت النيابة بحفظ القضية لانقضاء الدعوى العمومية بوفاته وصرفت النظر عن الاتهام الموجه إلى خفير المزلقان - بعد ذلك أقام ورثة مفتش السيارات الذي لقي حتفه في الحادث الدعوى المدنية رقم 1351 سنة 1949 بندر الزقازيق على الممثل القانوني لشركة السيارات ومدير مصلحة السكة الحديدية طالبين إلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التي أصابتهم بسبب مورثهم ولم يختصم الورثة في دعواهم تلك خفير المزلقان (المطعون ضده) وبتاريخ 29/ 1/ 1950 قضت محكمة بندر الزقازيق بإلزام شركة الأوتوبيس ومصلحة السكة الحديد متضامنين بأن يدفعا للورثة المدعين مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المناسبة وأسست قضاءها بذلك على وقوع خطأ مشترك من خفير المزلقان وسائق السيارة أدى إلى وقوع الحادث وأن كلاً من المصلحة والشركة ملزمة بتعويض الضرر الناشئ عن خطأ تابعها عملاً بالمادة 152 من القانون المدني القديم. واستأنفت المصلحة والشركة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 49، 53 سنة 1950 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية. وفي 27 من مارس سنة 1951 قضت تلك المحكمة - بهيئة استئنافية - برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المستأنفتين بمصروفات استئنافها. وقد قامت شركة السيارات بأداء المبلغ المحكوم به ومصروفاته إلى الورثة المحكوم لهم ثم طالبت مصلحة السكة الحديدية بنصفه وقدره 536 ج و100 م فدفعته لها في 6 نوفمبر سنة 1952 ثم أقامت المصلحة الدعوى الحالية رقم 417 سنة 1956 كلي الزقازيق بتاريخ 26 يونيه سنة 1956 على خفير المزلقان المطعون ضده طالبة إلزامه بأن يدفع لها المبلغ الذي أوفته عنه وقدره 536 ج و100 م تأسيساً على أن الحكم الذي ألزمها بالتعويض أقام مسئوليتها على ثبوت وقوع الخطأ من تابعها المذكور وأنها مسئولة عن تعويض الضرر الناتج عن هذا الخطأ مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة ولم يثبت الحكم وقوع خطأ شخصي منها وأنها وقد أوفت بهذا المبلغ عن المطعون ضده فإن من حقها أن ترجع عليه به طبقاً للمادة 175 من القانون المدني القائم وبتاريخ 6 من يونيه سنة 1962 قضت محكمة الزقازيق الابتدائية برفض هذه الدعوى تأسيساً على أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1351 سنة 1949 بندر الزقازيق والمؤيد استئنافياً ليس له حجية على المطعون ضده لعدم اختصامه في تلك الدعوى وأن حق المصلحة في الرجوع عليه قد تقادم بمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ العمل بالقانون المدني القائم عملاً بالمادة 172 منه وأن للمطعون ضده أن يدفع بهذا التقادم في مواجهة المصلحة لأن الأساس الحقيقي لدعواها حلولها محل الدائن المضرور في حقوقه قبل تابعها المطعون ضده فاستأنفت هيئة السكة الحديد (الطاعنة) التي حلت محل مصلحة السكة الحديد هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافها برقم 166 سنة 5 قضائية وبنت استئنافها على أن الحكم المستأنف قد أخطأ في تكييف دعواها بأنها دعوى حلول إذ أنها دعوى شخصية سواء كان أساسها الضمان أو الكفالة وأن حقها في الرجوع على تابعها لا يتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ وفائها بالدين المضمون وأن حكم التعويض الصادر ضدها في الدعوى رقم 1351 سنة 1949 بندر الزقازيق والذي أصبح نهائياً يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للتابع (المطعون ضده) لأنه متضامن معها في المسئولية وطبقاً لأحكام القانون المدني الملغي تعتبر مطالبة الدائن لأحد المدينين المتضامنين مطالبة للباقين وتتولد آثار هذه المطالبة القضائية بالنسبة لهم جميعاً - وبتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعنت هيئة السكة الحديد في قضائها بطريق النقض بتقرير تاريخه أول فبراير سنة 1964 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواها على أنه لا يجوز لها أن ترجع على تابعها المطعون ضده بالدعوى الشخصية المقررة للكفيل في المادة 800 من القانون المدني لعدم انعقاد الكفالة لمصلحة المدين (المطعون ضده) ولعدم إخطاره له قبل قيامها بوفاء الدين عنه وأن رجوع الطاعنة بدعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 329 من القانون المذكور يجيز للمدين أن يدفعها بما كان يحق له أن يدفع دعوى الدائن المضرور من تقادم حقه في مطالبته بالتعويض عن العمل غير المشروع بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 172 كما أن رجوع الطاعنة بالدعوى الشخصية المستندة إلى المادة 324 وهي بذاتها دعوى الإثراء بلا سبب يصطدم بالدفع بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 180 والذي تمسك به المطعون ضده - وترى الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في هذا الذي أقام عليه قضاءه ذلك أن رجوعها على تابعها المطعون ضده إنما يستند إلى الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 175 من القانون المدني والتي تخول للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر وهذه المادة وردت في باب المسئولية عن عمل الغير ولم ينص المشرع على سقوطها بمدة تقادم خاص ومن ثم يخضع تقادمها للقاعدة العامة الواردة في المادة 374 مدني فلا تتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ولا محل لإعمال التقادم الثلاثي الوارد في المادة 172 والخاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشرع لأن هذا التقادم لا يسري إلا على دعوى التعويض التي يرفعها الدائن المضرور على التابع أو المتبوع أو عليهما معاً مستنداً فيها إلى العمل غير المشروع الواقع من التابع، أما حين يصدر حكم في هذه الدعوى بالتعويض ويفي به المتبوع للدائن المضرور فإنه يحق لهذا المتبوع أن يرجع على تابعه بما وفاه عنه طبقاً للمادة 175 آنفة الذكر وليس على المتبوع عندئذ أن يثبت خطأ التابع بعد أن أثبته حكم التعويض ودعوى الرجوع هذه لا يبدأ تقادمها إلا من تاريخ وفاء المتبوع الدين للدائن المضرور إذ من هذا التاريخ فقط يثبت حق المتبوع في الرجوع على التابع وإذ كانت الطاعنة قد أوفت بالتعويض المحكوم به عليها في 6 نوفمبر سنة 1952 وأقامت الدعوى على المطعون ضده في 26 يونيه سنة 1956 بطلب المبلغ الذي أوفته عنه فإنه هذه الدعوى تكون قد رفعت قبل انقضاء المدة المقررة لتقادمها وما دام مصدر الالتزام في دعوى رجوع المتبوع على التابع المنصوص عليها في المادة 175 هو القانون فإنه لا محل للذهاب إلى غير أحكام هذه المادة لتحديد مدى هذا الرجوع وآثاره ومدة تقادم الحق فيه ولا يغير من الأمر شيئاً استناد الحكم المطعون فيه إلى ما قررته بعض أحكام النقض من اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد لأن مؤدى ذلك أن كفالة المتبوع للتابع هي كفالة قانونية فلا تسري عليها قواعد الكفالة الاتفاقية الواردة في الباب الخامس من القانون المدني وإنما ينطبق عليها النص الخاص الوارد بشأنها وهو نص المادة 175 - على أنه مع التسليم جدلاً بانطباق قواعد الكفالة الاتفاقية فيما توجبه على الكفيل من إخطار المدين قبل أن يقوم بوفاء الدين فإن عدم الإخطار المانع من الرجوع بدعوى الكفيل الشخصية هو الذي يترتب عليه ضرر للمدين وإذ كان لم يترتب على عدم إخطار المطعون ضده أي ضرر له لأن الوفاء كان تنفيذاً لحكم حائز لقوة الأمر المقضي فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر عدم جواز رجوع الطاعنة على المطعون ضده بالدعوى الشخصية المقررة للكفيل لعدم حصول ذلك الإخطار يكون مخطئاً في القانون، هذا إلى أن المادة 175 التي استندت إليها الطاعنة في الرجوع على المطعون ضده والواجبة التطبيق دون غيرها على الكفالة القانونية التي يكفل بها المتبوع تابعه لم تقيد حق المتبوع في الرجوع على التابع بإخطار التابع قبل الوفاء للدائن المضرور لأنه من غير المنتج إلزام المتبوع بهذا الإخطار ما دام هو ملزم بتنفيذ حكم التعويض دون توقف ذلك على موافقة التابع، ولا محل لحديث الحكم المطعون فيه عن دعوى الإثراء بلا سبب لأن الطاعنة لم تستند إليها في رجوعها على المطعون ضده كذلك أخطأ الحكم فيما قرره من أن مؤدى حلول الطاعنة محل الدائن المضرور أنه يجوز للتابع أن يدفع بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني ذلك أن هذه المادة لا تطبق إلا في العلاقة بين الدائن من جهة وبين التابع والمتبوع من جهة أخرى ودعوى التعويض قد رفعت من المضرور قبل انقضاء هذا التقادم هذا علاوة على أن حق الدائن قد تقوى بصدور حكم التعويض وصار لا يسقط إلا بمضي 15 سنة فإذا حل فيه المتبوع محل الدائن - إن جاز تطبيق قواعد الحلول - فإن المتبوع يكون قد حل في حق لا يسقط إلا بانقضاء 15 سنة على تاريخ تنفيذ حكم التعويض بالوفاء للدائن المضرور ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حينما أخضع دعوى الطاعنة للتقادم الثلاثي وحينما طبق قواعد الحلول الواردة في المادة 799 في باب الكفالة والمادتين 326، 329 بشأن الحلول العادي والمادة 180 التي تعالج دعوى الإثراء بلا سبب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد ومن ثم فإذا أوفى المتبوع التعويض للمضرور كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه المسئول عنه وليس مسئولاً معه وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني القائم بعد أن اختلف الرأي في ظل القانون الملغي حول ما يرجع به المتبوع على تابعه وهل يعتبر مسئولاً معه عن الفعل الضار على أساس وقوع خطأ شخصي منه في اختيار تابعه أو في رقابته وتوجيهه فلا يكون له أن يرجع عليه إلا بقدر نصيبه في المسئولية أو هو مسئول عنه فقط على أساس الكفالة القانونية أو الضمان فيرجع عليه بكل ما أوفاه للدائن المضرور من التعويض فقضى المشرع على هذا الخلاف بنصه في المادة 175 على أن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر ولم يقصد المشرع من وضع هذه المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه في حالة وفائه بالتعويض للمضرور - لما كان ذلك وكان الحكم الذي يصدر على الكفيل المتضامن لا يعتبر حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً في الدعوى وذلك وفقاً لأحكام القانون المدني الملغي والقانون القائم على السواء فلقد استقر قضاء هذه المحكمة في ظل القانون الملغي على أن حكم المادة 110 منه الذي يقضي بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين بسريان على باقي المدينين هذا الحكم لا يسري إلا فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض ولا يجوز أن يسوى في حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن والمدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى التزامه تبعياً أما القانون القائم فقد نص في المادة 296 منه على أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ومقتضى ذلك أنه حتى فيما بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم الصادر ضد أحدهم حجة على باقيهم ومن باب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين؛ لما كان ذلك وكان المتبوع - وهو في حكم الكفيل المتضامن - لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه التعويض للدائن المضرور بالدعوى الشخصية التي قررها القانون في المادة 800 من القانون المدني للكفيل قبل المدين وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده ومن ثم لا يكون للمتبوع في رجوعه على المدين إلا دعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني وهذه المادة إن هي إلا تطبيق للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفى يحل محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بوفاء الدين عن المدين. وإذ كان للمدين في حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن فقد كان من حق المطعون ضده أن يتمسك قبل الطاعنة بانقضاء حق الدائن المضرور بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني الجديد لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع وذلك على أساس أنه انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ العمل بالقانون المدني القائم الذي استحدث هذا التقادم دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض وعلى أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع (الطاعنة) لا يقطع التقادم بالنسبة له كما لا يعتبر الحكم الصادر ضدها في تلك الدعوى حجة عليه لعدم اختصامه فيها وذلك طبقاً لما سلف بيانه. ولا يقدح في ذلك ما تقوله الطاعنة من أن محل التمسك بهذا التقادم إنما يكون في دعوى المسئولية التي يرفعها المضرور على التابع أو المتبوع أو عليهما سوياً ولا يجوز للتابع أن يتمسك به في الدعوى التي يرجع بها متبوعه عليه بما أوفاه عنه الدائن المضرور وأن هذه الدعوى لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة تبدأ من تاريخ وفائها بالتعويض المضرور - ذلك بأن المتبوع حين يوفى هذا التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع ومن ثم يجوز للمدين التابع أن يتمسك بانقضاء هذا الحق بالتقادم كما كان يستطيع التمسك بذلك قبل الدائن فهذا الدفع إنما يرد على حق الدائن الأصلي الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه وليس على حق المتبوع في الرجوع على هذا التابع؛ كذلك لا وجه لما تقوله الطاعنة من أن حق الدائن قد تقوى بالحكم الصادر له بالتعويض وصار لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للمادة 385/ 2 من القانون المدني ذلك أن مدة التقادم لا تتغير بصدور هذا الحكم كصريح هذا النص إلا بالنسبة لمن يعتبر الحكم حجة عليهم وله قوة الأمر المقضي قبلهم وإذ كان حكم التعويض الصادر ضد الطاعنة ليست له قوة الأمر المقضي بالنسبة له على ما تقدم ذكره فإن مدة تقادم حق الدائن قبله لا تتغير بصدور هذا الحكم - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه الذي أخذ بهذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنة على أساس أنه ليس لها أن ترجع على المطعون ضده بالدعوى الشخصية المقررة للكفيل لتخلف شروطها وأن رجوعها بدعوى الحلول يصطدم بالدفع الذي أبداه المطعون ضده بسقوط حق الدائن المضرور في مطالبته بالتعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني وأنه إذا كيفت دعوى الطاعنة بأن مبناها الإثراء بلا سبب فإنها تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 180 مدني والذي تمسك به المطعون ضده فإن هذا الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بما تضمنه سبب الطعن على غير أساس. ويتعين لذلك رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق