الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 يوليو 2023

الطعن 442 لسنة 11 ق جلسة 12 / 11 / 1966 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 15 ص 162

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

--------------------

(15)

القضية رقم 442 لسنة 11 القضائية

(أ) سفر للخارج. سلطة تقديرية. 

القانون رقم 74 لسنة 1952 و97 لسنة 1959 الترخيص بالسفر إلى الخارج من الأمور المتروكة لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع الصالح العام - لا يحد منها ما فرضه القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1959 من شروط يتعين على الموظفين المختصين مراعاتها في منح تأشيرات الخروج.
(ب) سفر للخارج. هجرة. 

هجرة المواطنين إلى الخارج - سلطة وزارة الداخلية في بحث طلبات التصريح بالهجرة والبت فيها يستهدف رعاية مصلحة الوطن والتحقق من جدية رغبة المهاجر واحتمال نجاحه.

--------------------
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الترخيص أو عدم الترخيص في السفر إلى خارج البلاد هو من الأمور المتروكة لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع الصالح العام فلها أن ترفض الترخيص إذا قام لديها من الأسباب ما يبرر ذلك ولا يقدح في سلامة هذا المبدأ أن قرار وزير الداخلية رقم 65 لسنة 1959 في شأن الحصول على إذن لمغادرة أراضي الجمهورية قد تضمن النص على أن يصدر هذا الإذن من الموظف المختص في الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تقتضيها دواعي الأمن العام - ذلك أنه بتقصي الأحكام التي تنظم السفر إلى الخارج يبين أنه في 26 من مايو سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 في شأن جوازات السفر وإقامة الأجانب متضمناً النص في المادة الأولى منه على أنه لا يجوز دخول الأراضي المصرية أو الخروج منها إلا لمن يحمل جواز سفر ساري المفعول - ثم في 16 من يونيو سنة 1956 صدر القانون رقم 254 لسنة 1956 بتعديل أحكام المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 متضمناً النص على إضافة مادة إليه برقم 1 مكرراً نصها (يجوز لوزير الداخلية بقرار منه أن يوجب على المصريين والأجانب الحصول على إذن خاص "تأشيرة لمغادرة الأراضي المصرية" ويعين في القرار شروط منح الإذن والسلطة التي يرخص لها بمنحه ومدة صلاحيته...) وأشارت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور إلى الأوامر العسكرية التي كانت تحتم الحصول على تأشيرة خاصة لمغادرة الأراضي المصرية وقالت أنه (لما كانت النية متجهة إلى إلغاء الأحكام العرفية فإن هذه الأوامر العسكرية التي توجب الحصول على تأشيرة خاصة لمغادرة الأراضي المصرية تصبح عديمة الأثر كما وأن اعتبارات الأمن وسلامة الدولة في الداخل والخارج وحماية الاقتصاد القومي لا تزال تتطلب الإبقاء على نظام وجوب الحصول على تأشيرة الخروج بالنسبة للمصريين والأجانب على السواء - فقد أعدت وزارة الداخلية مشروع القانون المرافق على نحو روعيت فيه هذه الاعتبارات حتى يتسنى لوزير الداخلية بقرار منه أن يفرض على المصريين والأجانب الحصول على تأشيرة خاصة لمغادرة الأراضي المصرية في الوقت الذي يرى فيه ضرورة لذلك وبالشروط والأوضاع التي يحددها القرار) ثم في 3 من مايو سنة 1959 صدر القانون رقم 91 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر متضمناً النص في المادة الأولى منه على أنه (لا يجوز لمن يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة مغادرة أراضي الجمهورية أو العودة إليها إلا إذا كانوا يحملون جوازات سفر وفقاً لهذا القانون...) وفي المادة الثانية منه على أنه (يجوز لوزير الداخلية بقرار يصدره أن يوجب على من يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة قبل مغادرتهم الأراضي الحصول على إذن خاص "تأشيرة" وله أن يبين حالات الإعفاء من الحصول على هذا الإذن ويحدد في هذا القرار شروط منح الإذن والسلطة التي يرخص لها في منحه ومدة صلاحيته...) كما نص في المادة 11 منه على أنه (يجوز بقرار من وزير الداخلية لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر وتجديده، كما يجوز له سحب الجواز بعد إعطائه) - واستناداً إلى هذا القانون أصدر وزير الداخلية القرار رقم 65 لسنة 1959 في شأن الحصول على إذن (تأشيرة) لمغادرة أراضي الجمهورية العربية المتحدة وقد نص هذا القرار في المادة الأولى منه على أنه (لا يجوز لأحد ممن يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة بأن يغادر أراضي الجمهورية إلا إذا كان حاصلاً على إذن خاص بذلك (تأشيرة) كما نص في المادة الثانية منه على أن (يصدر الإذن المشار إليه في المادة الأولى من مدير مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية أو من رؤساء مكاتب تأشيرات الخروج بالمصلحة وفروعها... وفي الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تقتضيها دواعي الأمن العام) والمستفاد من أحكام القانون أنه لا يجوز مغادرة أراضي الجمهورية إلا بجواز سفر وأنه منذ أن فرض الحصول على تأشيرة سفر بمقتضى قرار وزير الداخلية الصادر وتنفيذاً للقانون أصبح لا يكفي لمغادرة البلاد الحصول على جواز سفر بل صار من المتعين الحصول أيضاً على تأشيرة سفر ولا شك في أنه وفقاً لأحكام القانون وعلى الأخص المادة 11 منه تكون للجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية في الترخيص أو عدم الترخيص بالسفر عن طريق الموافقة على منح جواز السفر أو رفض منحه أو سحبه للأسباب العامة التي تقدرها ولا يحد من هذه السلطة المستمدة من نصوص القانون الخاصة بمنح جوازات السفر أو رفض منحها أو سحبها - ما فرضه القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1959 من شروط يتعين على الموظفين المختصين مراعاتها في منح تأشيرات الخروج وهي أن يكون منحها في الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تقتضيها دواعي الأمن وهي حسبما هو مستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 254 لسنة 1956 ذات الاعتبارات التي دعت إلى فرض وجوب الحصول على تلك التأشيرات لمغادرة البلاد بمقتضى القرار الوزاري المذكور.
2 - أن وزارة الداخلية وضعت قواعد تنظيمية تسير على سننها في بحث طلبات التصريح بالهجرة والبت فيها منها وجوب تقديم شهادات ميلاد الطالب وأفراد أسرته ووثيقة الزواج - وموافقة سفارة دولة الهجرة - وموافقة مبدئية على الهجرة من الجهة التي يعمل بها رب الأسرة وأفراد عائلته - والمؤهلات العلمية الحاصلين عليها - ومما يثبت إجادة طالب الهجرة للغات الأجنبية وموافقة إدارة التعبئة بالنسبة إلى الأطباء والصيادلة والمهندسين وبعض الفئات الأخرى وما يفيد إعفاء هؤلاء من التكليف أو عدم خضوعهم له - ومن القواعد المذكورة ألا يسمح بالهجرة إلا في البلاد التي يسمح نظامها بقبول مهاجرين إليها - ووجوب أن تشمل الهجرة العائلة بأكملها ضماناً لجدية الرغبة فيها وحفاظاً على وحدة العائلة من التشتت الأمر الذي تسعى لتحقيقه دول الهجرة أيضاً - ومنح المهاجرين بعض المزايا النقدية والجمركية لتحويل مبلغ في حدود خمسمائة جنيه وتصدير منقولات شخصية في حدود 200 جنيه وذلك تمشياً مع سياسة الدولة في تشجيع هجرة المواطنين إلى الخارج - وواضح من هذه القواعد أن الجهة الإدارية قد استهدفت بها رعاية مصلحة الوطن بعدم الترخيص بهجرة الكفاءات العلمية والفنية والمهنية التي تعاني الدولة ومرافقها نقصاً فيها - ومن ناحية أخرى التحقق من جدية رغبة المهاجر في الهجرة ومن مدى احتمال نجاحه في الهجرة والاستقرار فيه مستهدية في ذلك بسنه وثقافته ومؤهلاته ومدى إلمامة بلغة المهجر وحالته الاجتماعية وظروفه المعيشية ونوع عمله وخبرته وغير ذلك من الأمور التي يستشف منها مدى صلاحيته لتحمل التزامات الهجرة وأعبائها وذلك حرصاً من جانب الدولة وهي في أول عهدها بتنظيم الهجرة على اختيار العناصر الصالحة لتكوين نواة طيبة للجاليات العربية في المهجرة بقصر الهجرة على العناصر الصالحة من المواطنين حتى تستفيض حسن السمعة لأبناء وطنهم فلا تغلق بلدان المهجر أبوابها في وجوه النازحين إليها من الجمهورية العربية المتحدة وحتى لا تتكبد الدولة - في حالة فشل المهاجر - مبالغ من العملات الأجنبية دون مقتض في وقت اشتدت فيه حاجة مرافقها إلى تلك العملات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 29 من أكتوبر سنة 1964 أقام السيد/ شفيق حلمي داود الدعوى رقم 182 لسنة 19 القضائية ضد السيد وزير الداخلية والسيد المدير العام لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية طالباً الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف القرار الصادر عن السيد المدير العام المذكور فيما تضمنه من رفض طلبه للهجرة إلى كندا.
وثانياً: بالنسبة للطلبات الموضوعية بقبول الطعن شكلاً لتقديمه. في الميعاد القانوني وفي الموضوع بإلغاء القرار سالف الذكر وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شارحاً لدعواه أنه قدم طلب هجرة إلى كندا في 13 من سبتمبر سنة 1964 إلى مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بالإسكندرية بناء على موافقة من سفارة كندا التي أرسلت إليه في 2 من سبتمبر سنة 1964 - إلا أن المصلحة رفضت طلبه في 20 من أكتوبر سنة 1964 دون إبداء الأسباب وقال أن هذا الرفض يعتبر صورة من صور الانحراف بالسلطة كما أنه يعتبر إخلالاً بمبدأ متعلق بحقوق الإنسان وهو حرية العمل.
وأودع المدعي مذكرة بدفاعه قال فيها أنه بعد أن كانت وزارة الداخلية قد وافقت على هجرته رفضت طلبه بناء على شكوى من مطلقته السيدة نوال عبد القادر عمار أدعت فيها أنه سوف يهاجر تاركاً نجله هشام دون نفقة وأنها أقامت ضده دعوى مطالبة بمؤخر الصداق الخاص بها - وذكر أنه أمن مستقبل ابنه المذكور بتخصيص مبلغ 391 جنيهاً لدى شركة مياه الإسكندرية كنفقة له فضلاً عن أنه تنازل له عن ممتلكاته وقام بإجراءات نقل الملكية إليه وأنه عند بلوغ ابنه سن التاسعة وهو أقصى سن للحضانة سيحضر لضمه إليه وضم أخيه الآخر والسفر بهما إلى كندا وبذلك تسقط حجة تهربه من نفقة ابنه. وأضاف أن ما ادعته مطلقته من أن لها مؤخر صداق مردود بأنها أقامت الدعوى رقم 93 لسنة 1962 أمام محكمة باب شرقي وقضى برفضها فاستأنفت الحكم وعلى ذلك فدعواها لا تصلح سنداً قانونياً يجيز منعه من الهجرة وذكر أنه قدم إلى الإدارة ضامناً لدفع نفقه ولديه هو أخوه فؤاد حلمي الذي وقع إقراراً بهذا الضمان وأن سابقة زواجه ثلاث مرات حق من حقوقه الشخصية التي لا يجوز للدولة التدخل فيما ما دام قد استعمل حقوقه المشروعة في حدود القانون ووفى بكافة الالتزامات المترتبة على هذا الزواج.
وأودعت الوزارة مذكرة بدفاعها قالت فيها إن الهجرة ليست حقاً تنشئه المستندات أو تحديد موعد الوصول إلى بلد المهجر وإنما هي هدف من أهداف الدولة تشرف جهة الإدارة المختصة بما لها من سلطة تقديرية على تحقيق الغرض منه وأن الجمهورية العربية المتحدة تشجع هجرة المواطنين للسعي وراء الرزق في البلاد التي تقبل الهجرة لتحقيق غرض معين هو حل مشكلة تزايد السكان وتحكم الهجرة اعتبارات عامة منها اختلاف وضع المواطن المهاجر عن وضع المواطن العادي في أنه وهو يغادر بلاده الأصلية يعتزم الإقامة في بلد المهجر ويظل محتفظاً بجنسيته الأصلية ما لم يفقدها لأي سبب من الأسباب القانونية - وأن المهاجرين يكونون نواة لوطن صغير في بلد المهجر بما ينشرونه من عادات وطنهم وثقافته كما يحكمها مدى احتمال نجاح المواطن الراغب في الهجرة في بلد المهجر وكونه دعاية حسنة لبلاده فيها - وأنه لذلك كان لزاماً على جهة الإدارة المشرفة على تحقيق الغرض من المهجر أن تراعى في دراسة أسبابها ودوافعها هذه الاعتبارات لمنع التحايل واستغلال الهجرة للإضرار بالمصلحة العامة. وذكرت الوزارة أنه تبين من فحص طلب المدعي أنه استخرج جواز سفر بمهنة موظف بشركة مياه الإسكندرية وقرر في طلب الهجرة أنه يعمل موظفاً عادياً وقدم شهادة بذلك من الشركة - وثبت أنه يحمل دبلوم مدرسة الهندسة التطبيقية العليا (قسم الميكانيكا) ومقيد بنقابة المهن الهندسية وبمواجهته بإنكار مهنته كمهندس قرر أن الشركة لم تسند إليه مسئوليات المهندس - كما ثبت أنه كان متزوجاً من السيدة ليلى مصطفى المدني المدرسة بإحدى المدارس الثانوية وأنجب منها الطفل عبد العزيز ثم طلقها وحكم للطفل بنفقة شهرية قدرها ثمانية جنيهات كما أنه تزوج السيدة نوال عبد القادر عمار وأنجب منها الطفل هشام وطلقها في 17 من يناير سنة 1961 وحكم للطفل بنفقة شهرية ثمانية جنيهات ونصف - وثبت من بحث حالته الاجتماعية أنه متزوج من سيدة أخرى تدعى سميحة شهبندر وبمواجهته بإنكار زواجه منها قرر أنه طلقها ولم يقدم ما يثبت الطلاق - وأضافت الوزارة أن طلبه رفض لعدم خبرته العلمية باعتباره موظفاً عادياً منذ سنة 1949 بشركة مياه الإسكندرية ولفشله في الحياة العملية المستشف من قنوعه بوظيفة عادية طوال هذه المدة برغم مؤهله ولأن حالة عدم الاستقرار التي تلازمه والمستشفة من فشله في الاستقرار العائلي تجعل من المشكوك فيه قدرته على الاستقرار في بلد المهجر - كما أن رغبته الشديدة في التحايل على السفر بأسرع وقت تدل على أنه قصد التهرب من المسئولية الملقاة على عاتقه من نفقة وقضايا والتهرب من القيود المفروضة على سفر المهندسين وذلك بالإضافة إلى أنه لا يجيد لغة أجنبية - وكل ذلك يقطع بعدم صلاحيته للهجرة - وذكرت الوزارة أن المصلحة حين باشرت سلطتها التقديرية في رفض الطلب لم تنحرف في استعمال هذه السلطة بل استهدفت تجنب تهجير شخص لا يصلح للهجرة وأن الترخيص في السفر إلى الخارج هو من الأمور المتروكة لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع الصالح العام - وانتهت في مذكرتها إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وذلك تأسيساً على أنه خالف بعض شروط الهجرة لعدم تقديمه موافقة إدارة التعبئة على هجرته وما يفيد إعفاءه من أوامر التكليف أو عدم خضوعه لها بوصفه مهندساً وما يفيد إجادته اللغة الإنجليزية ولإخفائه واقعة كونه متزوجاً وقت تقديم طلبه تحايلاً على شرط شمول الهجرة العائلة بأكملها فضلاً عن إدلائه ببيانات غير صحيحة إلى إدارة الجوازات والجنسية عند تقديم طلبه وأنه لذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً قائماً على أسباب تبرره.
وعقب المدعي على تقرير هيئة المفوضين بمذكرة قال فيها أنه ثابت من المستندات المقدمة أنه يجيد اللغة الإنجليزية إذ أنه يعمل بشركة كانت إنجليزية قبل تأميمها وكانت تشترط في جميع موظفيها إجادة تلك اللغة كما أنه التحق بالمكتبة الأمريكية لدراسة اللغة الإنجليزية ووصل إلى المرحلة المتوسطة وذكر أنه عقد زيجاته جميعاً في حدود القانون وتقدم بالضمانات الكافية لسداد نفقة نجله هشام وأن والدة نجله عبد العزيز قد تكفلت بالإنفاق عليه كما أنه قدم ما يثبت طلاقه لزوجته الثالثة - وأضاف أن إدارة التعبئة قد وافقت على هجرته - وأن مصلحة الجوازات والجنسية قد وافقت أيضاً ولم تعدل عن موافقتها إلا بسبب شكوى مطلقته نوال عبد القادر وانتهى المدعي إلى التصميم على طلباته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه على أن الجهة الإدارية قد بررت سبب رفضها السماح للمدعي بالهجرة بعدم خبرته وعدم استقراره وعدم إجادته لغة أجنبية وإدلائه بأقوال غير صحيحة ولم تبن هذا الرفض على أسباب تتعلق بالتزامات عامة قبل الدولة أو بخشية مساس وجوده بالمهجر بسلامة الدولة أو بأمنها أو سمعتها في الداخل أو في الخارج أو بوجود مصلحة الدولة في بقائه فيها وعدم هجرته منها - وأنه بالنسبة لعدم الخبرة فثابت أن المدعي حاصل على دبلوم مدرسة الهندسة التطبيقية العليا في سنة 1947 وأنه عمل مهندساً حتى شهر ديسمبر سنة 1955 ومنحته نقابة المهن الهندسية لقب مهندس فلا يسوغ القول بعد ذلك بأنه ليست لديه الخبرة للعمل خارج البلاد كما أن هذا المؤهل يستلزم الإلمام باللغة الإنجليزية ويفترض إلمامه بها الإلمام الكافي الذي يسمح له بالعمل خارج البلاد فضلاً عما يفيده من إقامته في البلد الأجنبي من إتقان لغته فيكون من التجني على الواقع القول بأنه لا يجيد اللغة الإنجليزية - وأنه بالنسبة إلى التذرع بعدم استقرار المدعي الذي استخلصته الجهة الإدارية من أنه طلق ثلاث زوجات فليس في ذلك ما يشير إلى عدم استقراره أو إلى أن أسباب الطلاق ترجع إليه كما لا يبين منه أن هذا الطلاق قد انعكس على عمله أو أثر في كفايته أو سمعته ولم يثبت أن شيئاً من ذلك كله له صلة بالصالح العام الذي يتعين أن يكون رائد الجهة الإدارية في رفضها التصريح له بالهجرة - وأنه بالنسبة إلى الإدلاء بواقعة غير صحيحة إذ نسبت إليه الجهة الإدارية أنه لم يبين في طلبه أنه يعمل مهندساً وأنه أبان أن الشركة عهدت إليه أخيراً بأعمال إدارية وليست هندسية وأنه لم يكن يعمل مهندساً عندما قدم طلب استقالته فإنه حتى على فرض القول بأن هذه الواقعة غير صحيحة فإنه لا يسوغ للجهة الإدارية إعمال سلطتها التقديرية في التصريح بالسفر أو منعه كجزاء على الإدلاء بأقوال غير صحيحة بل يجب عليها أن تتغيا في إصدار قرارها الأهداف التي حددها المشرع والتي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 254 لسنة 1956 وهي اعتبارات الأمن العام وسلامة الدولة في الداخل والخارج وحماية الاقتصاد القومي - وأنه لما تقدم فإن قرار الجهة الإدارية بالامتناع عن التصريح للمدعي بالهجرة لا يقوم على أسباب تبرره من حيث الواقع أو القانون - وأنه مما يدل على حسن نية المدعي وأنه لم يقصد من الهجرة التهرب من نفقة ولديه أنه خصص المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته بشركة مياه الإسكندرية لأداء النفقة المستحقة عليه لهما وقدم إقراراً من الشركة يفيد ذلك ضمنه أخوه في أداء النفقة المحكوم بها لهما وقدم شهادة رسمية تدل على أنه نقل ملكية العقار الذي يملكه إلى ولده هشام.
ومن حيث إن الطعن يقوم على:
(أولاً) أن الحكم قد خالف القانون إذ قرر أن القرار المطعون فيه لم يقم على أسباب تبرره وقد تعرض الحكم للسبب نفسه ولم يتعرض للعيب الذي يشوب القرار استناداً لركن السبب وهو إما مخالفته القانون لعيب في محل القرار أو الانحراف لعيب في أهداف القرار والقرار المطعون فيه لا يشوبه عيب في محله أو هدفه فالمصلحة حينما أصدرته استهدفت الصالح العام وهو منع شخص غير صالح للهجرة قد تؤدي هجرته إلى الإساءة لسمعة البلد وفقاً لما قدرته واستخلصته من الظروف المحيطة بحاله والتي لها مطلق الحرية في تقديرها وكان على المحكمة أن تسلط رقابتها على ما إذا كان تقدير المصلحة حقق الهدف الذي قصدته بإصدار قرارها وأن تصدر حكمها بالإلغاء إذا وجدت أن هناك انحرافاً لعيب في الهدف لا لعدم وجود سبب فالسبب قائم والهدف هو مجال الرقابة فيما إذا كان القرار قد حققه أم لم يحققه.
(ثانياً) أن ما استندت إليه المحكمة من أنه ما كان يجوز لجهة الإدارة إعمال سلطتها التقديرية استناداً إلى إدلاء المطعون ضده بأقوال غير صحيحة وأنه يجب أن تتغيا الأهداف التي قصدها المشرع من القانون رقم 254 لسنة 1956 فإن هذا هو ما قامت به الإدارة فالهجرة ليست حقاً ينشئه القانون فحسب بل أنها هدف تحكمه اعتبارات هامة يجب توافرها في المواطن وكل ذلك ثابت من أقوال المدعي بسبب إعطائه بيانات غير صحيحة وإنكار صفته كمهندس وعدم استقرار حياته العائلية. كل هذا استخلصته الجهة الإدارية أنه لا يصلح للهجرة وهي حرة في تكوين عقيدتها ما دام قرارها غير مشوب بالانحراف وهي لم تنحرف كما أن الهدف من الهجرة هو تحسين حالة المواطن وفتح الباب أمامه لتحسين حالته المادية ولم يكن المطعون ضده في حاجة إلى هذا التحسين لأنه يتقاضى مرتباً 97 جنيهاً و250 مليماً علاوة على حصة يملكها في بعض العقارات والبلاد في حاجة إليه لممارسة الأعمال الهندسية والميكانيكية التي تقوم بها الشركة التي يعمل بها وهي من القطاع العام - ومرحلة العمل القادمة في حاجة إلى جهود كل الفنيين.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً برأيها انتهت إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الحكومة المصروفات مؤيدة في ذلك الحكم المطعون فيه وما قام عليه من أسباب.
ومن حيث إن الوزارة الطاعنة قد أودعت مذكرة بدفاعها رددت فيها ما تضمنه دفاعها أمام محكمة القضاء الإداري وأضافت أن الإدارة قد أخطرت المدعي برفض طلبه وأثر تظلمه من هذا القرار أفهم بأن هذا الرفض يرجع إلى فقدانه للمقومات والشروط التي يجب توافرها في طالب الهجرة - وذكرت أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهب إليه من اعتبار الهجرة من الحقوق المتعلقة بالحريات العامة ذلك أن القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر يقضي في المادة الأولى منه بأنه لا يجوز مغادرة أراضي الجمهورية أو العودة إليها إلا بجواز سفر وفي المادة الثانية بعدم جواز مغادرة البلاد أو العودة إليها إلا في الأماكن المخصصة لذلك وبإذن من الموظف المختص بالرقابة وأن القرار رقم 65 لسنة 1959 يقضي في المادة الأولى منه بأنه لا يجوز لأحد ممن يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أن يغادر أراضي الجمهورية إلا إذا كان حاصلاً على إذن خاص بذلك (تأشيرة) وأنه بمقتضى هذه الأحكام يحظر على أي مواطن السفر إلى الخارج ما لم توافق جهة الإدارة المختصة على الترخيص له بذلك بمنحه جواز السفر والإذن له بمغادرة البلاد وللإدارة سلطة واسعة في الترخيص أو عدم الترخيص في السفر إلى الخارج وتسري هذه المبادئ في شأن الترخيص بالهجرة باعتبارها من حالات السفر للخارج - وقالت الوزارة أن الغرض الأساسي الذي تهدف إليه الدولة من تقدير نظام الهجرة هو إيجاد التناسب بين عدد السكان وإمكانيات أرض الوطن بما يحقق الصالح العام فضلاً عما يحققه من إيجاد علاقات تجارية واقتصادية مع الدولة المهجر - وأنها تراعي في مجال الهجرة إلى جانب قيام الطالب بالتزاماته قبل الدولة عدة اعتبارات هي احتياج الوطن لمختلف الكفايات وأن تكون الهجرة إلى إحدى البلاد التي يسمح نظامها القانوني بقبول المهاجرين وتقدير مدى احتمال نجاح المواطن في دولة المهجر وأنه روعي في بادئ الأمر أن يكون التهجير في نطاق ضيق وانتفاء العناصر الصالحة للهجرة حتى يتحقق بهم حسن السمعة في بلدان المهجر – ومضت الوزارة تقول أنها استخلصت حالة القلق وعدم الاستقرار التي تلازم المدعي وبالتالي عدم صلاحيته للهجرة من عناصر ثابتة وأنها لم تمنعه من الهجرة كجزاء على إدلائه بأقوال غير صحيحة وإنما قدرت وهي بصدد تكوين عقيدتها ما تثيره هذه الواقعة من تعذر التعرف على حقيقة ميوله وحياته الاجتماعية على النحو الذي يمكن معه تقدير مدى كفاءته وقدراته وأنه لذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مستنداً إلى سبب صحيح مستمداً من الوقائع الثابتة بهدف تحقيق الصالح العام.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على الطعن وعلى مذكرة الوزارة بمذكرة قال فيها أنه لم يخف عن الإدارة شيئاً وأنه قد اتفق مع زوجته الجديدة على الطلاق بعد أن رفضت الهجرة معه وأصبح الطلاق واقعاً شرعاً قبل تقدمه بطلب الهجرة وتمت الإجراءات الشكلية بوثيقة مؤرخة في 4 من أكتوبر سنة 1964 قدمها إلى الإدارة قبل أن تصدر قرارها ولكن ترتب على شكوى مطلقته نوال عبد القادر رفضه طلبه وذكر أن الدعوى يحكمها القانون رقم 74 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 254 لسنة 1956 وأشار إلى المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير وإلى أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 والقرار رقم 65 لسنة 1959 الصادر تنفيذاً له وقال أنه يتضح من هذا القرار أن قيد منح تأشيرة الخروج مقصور على حالتين هما الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا - والحدود التي تفرضها مصلحة الأمن العام في مصر - فإذا وضعت المصلحة قيوداً تخرج عن هذه الحدود كان ذلك خروجاً على مقتضى التفويض - وذكر أن الإدارة قد أفصحت عن أسباب قرارها برفض طلبه فتخضع لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مطابقتها للواقع وللقانون وما دامت قد أفصحت عن هذه الأسباب فقد استغلق عليها أن تضيف أسباباً جديدة إذا استشفت أثناء سير الدعوى أن الأسباب الأولى لا تقوم على سند من واقع أو قانون - وقال أن الأسباب التي تذرعت بها الإدارة غير صحيحة وبعيدة عن الأسباب التي تتصل بمصالح البلاد العليا ودواعي الأمن العام - وأنه لم يتهرب من مسئولياته العائلية - وأن السبب الذي قام عليه قرار الرفض هو تدخل مطلقته نوال عبد القادر عمار بعد إن كانت الموافقة على طلب الهجرة وعلى وشك الصدور بعد أن وردت موافقات إدارة التعبئة والمباحث العامة فيكون القرار قد اتسم بدوافع شخصية لا تمت إلى الصالح العام بصلة.
ومن حيث إنه بجلسة 26 من يونيو سنة 1965 حكمت المحكمة في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض هذا الطلب وقررت بالنسبة إلى طلب الإلغاء إعادة الطعن إلى المرافعة لتقدم الحكومة ما يفيد رأي الجهات الإدارية التي لم تبد رأيها بعد في طلب الهجرة ولبيان رأي السيد الوزير المختص بذلك وفقاً للقواعد التنظيمية المعمول بها في هذا الشأن - وبنت المحكمة قضاءها في طلب وقف التنفيذ على أن الأسباب التي قدمها المدعي لم يكن من شأنها حتى تاريخ صدور الحكم أن تحمل على ترجيح إلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن الوزارة قد أودعت مذكرة تكميلية أضافت فيها إلى ما سبق أن أبدته من دفاع أن ما وقع من أحداث خلال نظر الطعن قد أكد سلامة القرار:
(1) فقد اعتقل المطعون ضده خلال الفترة من 6 سبتمبر إلى 8 من ديسمبر سنة 1965 لأسباب تتعلق بالأمن العام ضمن الإجراءات التي اقتضتها مواجهة تحركات الرجعية وكشف مؤامرة جماعة الإخوان.
(2) وباستطلاع رأي المباحث العامة بشأن التصريح له بالهجرة أفادت بأنه بعرض الموضوع على السيد رئيس الوزراء ووزير الداخلية في 10 من نوفمبر سنة 1965 لم يوافق على ذلك.
(3) وتقرر إدراج المذكور في قوائم الممنوعين من السفر في 3 من يناير سنة 1966 وسيستمر هذا الإدراج والآثار المترتبة عليه لمدة خمس سنوات.
- وأضافت الوزارة أنه لم يعد هناك جدوى من إلغاء القرار إذ صدر قرار السيد رئيس الوزراء ووزير الداخلية في 10 من نوفمبر سنة 1965 بعد الموافقة على هجرة المدعي وقرار إدراجه في قوائم الممنوعين.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على هذه المذكرة بمذكرة قال فيها أنه بالنسبة إلى ما أثير في شأن النزاع بينه وبين مطلقاته قد قام:
(1) صورة رسمية من حكم صادر لصالحه ضد مطلقته ليلى مصطفى بإلزامها بأن تسلم له أبنه عبد العزيز ليتولى إكمال تربيته وبكفها عن مطالبته بنفقته وذلك اعتباراً من 22 من يناير سنة 1962.
(2) حكم صادر لصالحه ضد مطلقته نوال عبد القادر بكف يدها عن مطالبته بنفقة ولدها هشام تأسيساً على أن للصغير مالاً يصدر له ريعاً ومن ثم تكون نفقته في ماله.
(3) المستندات المثبتة لتلاعب مطلقته سميحه محمد جلال التي أقامت دعوى مدعية أنه راجعها فقضت المحكمة بعدم صحة ادعائها وخلص المدعي من هذه المستندات إلى أن موضوع التهرب من نفقة الأولاد ظاهر البطلان.
- وذكر أن الوزارة قد ابتدعت بعد إقامة الدعوى سببين جديدين هما:
(1) أن القوانين الصادرة خاصة بالسفر أما الهجرة فحص للدولة.
(2) أن رئيس الوزراء قد رفض أخيراً الموافقة على سفره كما أعيد إدراج اسمه في سجل الممنوعين.
- وعقب على السبب الأول بقوله أن القانون رقم 97 لسنة 1959 والقرار رقم 65 لسنة 1959 يسريان على الهجرة وقد نص القرار على صدور الإذن (تأشيرة الخروج) في الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تفرضها دواعي الأمن العام وبذلك يخرج ما دونها سواء كان متصلاً بمصلحة البلاد ومن باب أولى ما كان متصلاً بمصالح الأفراد من نزاع زوجي أو نفقة أو غير ذلك - وذكر أن القرار رقم 65 لسنة 1959 بعد أن نص على الجهة المختصة بإعطاء الإذن في حدود مصلحة البلاد العليا ودواعي الأمن العام نص في المادة الثانية على أن (يعهد بمراعاة هذه الاعتبارات إلى ضابط يعين في كل من الإقليمين لهذا الغرض) - وقال أنه إذا كان الضابط المختص وهو مفتش المباحث العامة بالإسكندرية قد أخطر إدارة الجوازات بالإسكندرية بأنه لا توجد لديه موانع سياسية من إجابة الطلب فتصدى تلك الإدارة بالرفض يعتبر تصدياً من غير مختص - وعقب على السبب الثاني بقوله أن القرار الذي قيل بصدوره من رئيس مجلس الوزراء إنما كان بناء على تظلم جديد تقدم هو به في 18 من أغسطس سنة 1965 وحررت في شأنه مذكرة اختير لعرضها الوقت الذي كان فيه قد أعتقل كإجراء وقائي فكان طبيعياً أن يرفض - فرفضه ليس قراراً جديداً فضلاً عن أنه ليس محل الطعن - ثم تحدث المدعي عما أثير في شأن استمرار وضعه في قائمة الممنوعين في 3 من يناير سنة 1966 فذكر أنه موضوع في القائمة منذ سنة 1955 ورغم ذلك وافقت المباحث العامة على هجرته بأن قررت أنه لا توجد موانع سياسية تحول دون ذلك - وأن الوضع في القائمة ليس معناه منع السفر وإنما معناه أنه يتعين على إدارة الجوازات الرجوع إلى المباحث العامة أولاً.
ومن حيث إنه بعد أن قررت المحكمة تكليف الحكومة بتقديم ما لديها من إيضاحات في شأن ما يدعيه المدعي من أن قرار السيد وزير الداخلية في 10 من نوفمبر سنة 1965 بعدم الموافقة على هجرته إنما كان رفضاً لتظلم مقدم منه وليس قراراً جديداً وبإيداع التظلم قرار الوزير المشار إليه - أودع الحاضر عن الوزارة بجلسة 8 من أكتوبر سنة 1966 حافظة تضمنت صورة مذكرة مكتب السيد رئيس الوزراء ووزير الداخلية مؤرخة في أول نوفمبر سنة 1965 جاء بها أن المدعي طلب الهجرة إلى كندا وأخفى صفته كمهندس وسبق له الزواج والطلاق مرتين وله أولاد منهما ثم تزوج من ثالثة ولما علم أنها قد تكون عقبة أمامه في الهجرة طلقها ورفضت مصلحة الجوازات السماح له بالهجرة نظراً لحالة عدم الاستقرار النفسي التي يعانيها حيث لا تتوفر فيه شروط الصلاحية كمهاجر واستعداده للاستقرار في المهجر - ولحرمانه من الميزات النقدية والجمركية (تحويل 500 جنيه ومتعلقات شخصية 200 جنيه) وأنه رفع دعوى لإلغاء قرار عدم التصريح له بالهجرة وحكم لصالحه وطعنت الجوازات في الحكم وطلبت المحكمة الإدارية العليا موافاتها برأي وزير الداخلية وإدارة المباحث وتبين أن المذكور معتقل بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1965 - وانتهت المذكرة بعبارة:
(رجاء الموافقة على إخطار المحكمة بناء على طلبها أن الوزارة لم تصرح له بالهجرة لأسباب تتعلق بالأمن العام) ومؤشر عليها بعبارة (معاد بعد العرض بالموافقة).
ومن حيث إن المدعي قد عقب على المذكرة المشار إليها بقوله أنه واضح منها أن أسباب رفض طلبه هي حالة عدم الاستقرار النفسي التي يعانيها حيث لا تتوافر فيه شروط الصلاحية كمهاجر ولحرمانه من المميزات النقدية والجمركية - وأن الإشارة إلى اعتقاله في 6 من سبتمبر سنة 1965 لأنه من الإخوان كانت في صدد الرد لا السبب - وأن المصلحة طلبت الموافقة على إخطار المحكمة بناء على طلبها بأن الوزارة لم تصرح له بالهجرة لأسباب تتعلق بالأمن العام - وذكر المدعي أن هذه العبارة قاطعة في أنه لم يصدر قرار ولم يطلب إصدار قرار بالمنع من السفر وإنما طلب مجرد إخطار المحكمة بناء على طلبها - والموافقة إنما تنصب على إخطار المحكمة بالسبب الذي من أجله صدر قرار رفض الهجرة ولم يكن الأمر أمر استصدار قرار جديد أو بناء على أسباب جديدة لتدعيم قرار سابق بل كان مجرد استئذان لموافاة المحكمة العليا بما قيل أنها طلبته وهنا عمدت مصلحة الجوازات إلى إقحام سبب المنع بأن متعلق بالأمن العام - وأضاف أن هذه المصلحة لم يكفها أنها خرجت على القانون بإقحامها نفسها في خلافات عائلية من أجلها شرع الطلاق في الديانة الإسلامية فحاولت أن تصحح موقفها وأن تخلع المشروعية على قرارها فزجت بعبارة الأمن العام كأنها حقيقة واقعة.
ومن حيث إنه قد بأن لهذه المحكمة من الاطلاع على الأوراق وبوجه خاص من ملف إدارة الهجرة والجوازات والجنسية بالإسكندرية رقم 1100/ 20888 - ملف الإدارة العامة للهجرة والجوازات والجنسية بالقاهرة رقم 100/ 35860 - أنه - في 13 من سبتمبر سنة 1964 تقدم المدعي إلى إدارة الهجرة والجوازات والجنسية بطلب مؤرخ في 25 من يوليو سنة 1964 طالباً منحه جواز سفر - وذكر في هذا الطلب أنه لم يسبق له استخراج جواز سفر - كما تقدم في ذات التاريخ أي في 13 من سبتمبر سنة 1964 إلى ذات الإدارة بطلب للتصريح له بالهجرة إلى كندا ذكر فيه أنه يعمل بشركة مياه الإسكندرية وأنه يجيد اللغة الإنجليزية وأن سبب رغبته في الهجرة تحسين حالته الاجتماعية ومن بين المستندات التي أرفقها بهذا الطلب:
(1) صورة فوتوغرافية من شهادة إدارية عن حالته الاجتماعية صادرة في 7 من سبتمبر سنة 1964 من مندوب شياخة قسم باب شرقي تتضمن أن المدعي طلق السيدة ليلى مصطفى المدني بوثيقة طلاق في 17 من يناير سنة 1954 ورزق منها بولد اسمه عبد العزيز وطلق السيدة نوال عبد القادر عمار في 17 من يناير سنة 1961 ورزق منها بولد اسمه هشام وأن ذلك هو ما ظهر لمحرر الشهادة من التحريات.
(2) إقرار موثق في 17 من أغسطس سنة 1964 صادر من علي فؤاد داود حلمي يتضمن أنه تعهد بدفع النفقات المفروضة على أخيه الشقيق شفيق حلمي داود لولده عبد العزيز وقدرها ثمانية جنيهات شهرياً ولولده هشام وقدرها ثمانية جنيهات ونصف وذلك إلى حاضنتي الوالدين طوال هجرة أخيه شفيق.
(3) صورة لدبلوم مدرسة الهندسة التطبيقية الذي حصل عليه المدعي في سنة 1947.
(4) صورة من بطاقة شعبة الهندسة الميكانيكية تفيد أنه مهندس مقيد بالنقابة.
(5) صورة شهادة صادرة من شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار في 31 من مايو سنة 1949 تفيد أن المدعي كان يعمل بها بوظيفة مهندس تحت التمرين بقسم الورش من 18 من نوفمبر سنة 1947 إلى 31 من مايو سنة 1949.
(6) صورة شهادة من شركة مياه الإسكندرية تفيد بأنه يعمل في خدمتها منذ أول يونيو سنة 1949 وأن مرتبه الإجمالي 66 جنيه و497 مليماً وأنه ليس لديها مانع من هجرته - وفي 14 من سبتمبر سنة 1964 أي في اليوم التالي لتقديم الطلب أرسلت إدارة الهجرة والجوازات كتاباً إلى مفتش المباحث العامة بالإسكندرية طالبة منه إبداء رأيه في طلب المدعي ومبينة أنه مهندس بشركة مياه الإسكندرية وأنه بالكشف بقوائم الممنوعين اتضح أنه مدرج (عدم منح تأشيرة خروج + منع سورياً بناء على طلب المباحث العامة/ هيئات بكتابها رقم 13078/ 59 بتاريخ 3/ 12/ 1959) - كما طلبت تلك الإدارة من كل من مصلحة الضرائب وإداري القوى العاملة وإدارة التعبئة العامة إبداء رأيها في هجرة المدعي المهندس بشركة المياه - وفي 28 سبتمبر سنة 1964 أجابت إدارة المباحث العامة بالإسكندرية بأنه لا توجد لديها موانع سياسية من إجابة المدعي إلى طلبه السماح بالهجرة على كندا كما أجابت إدارة التعبئة والإحصاء بأنه ليس من الفئات المطلوب أخذ رأيها بخصوصها - وفي 26 من سبتمبر سنة 1964 تقدمت السيدة نوال عبد القادر عمار بشكوى ذكرت فيها أنه صدر لها حكم نفقة ضد المدعي لولدها هشام وأنها علمت أنه على وشك السفر مهاجراً إلى كندا وأن ذلك يعطل تنفيذ أحكام النفقة كما أنه يتهرب من قضية مطالبتها له بمؤخر الصداق المؤجلة لجلسة 7 من أكتوبر سنة 1964 وطلبت وقف إجراءات استخراج جواز سفر له حتى يفي بالتزاماته - وفي 4 من أكتوبر سنة 1964 كلف المدعي بتقديم شهادة إدارية بحالته الاجتماعية بعد طلاقه من زوجته ليلى مصطفى المدني ونوال عبد القادر ثم في 5 من أكتوبر سنة 1964 أرسلت إدارة الهجرة والجوازات بالإسكندرية كتاباً في شأن طلب المدعي إلى مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية أشارت فيه إلى أن مطلقته نوال عبد القادر قد قررت أنه متزوج من سيدة أخرى هي سميحة شهبندر وأنه بإعادة تكليف المدعي بتقديم شهادة إدارية بحالته الاجتماعية قرر أنه متزوج من السيدة المذكورة وأنه طلقها دون أن يبين تاريخ الطلاق واقترحت الإدارة عدم الموافقة على طلبه للأسباب الآتية:
(1) أنه قدم شهادة إدارية بأنه طلق من السيدة ليلى مصطفى المدني ومطلق من السيدة نوال عبد القادر عمار - ولم يذكر بالشهادة أن هناك زوجة أخرى هي السيدة سميحة شهبندر التي قرر عند مناقشته أنه قد تم طلاقه منها.
(2) أنه يبدو أنه يتهرب من المسئوليات المفروضة عليه ويتهرب من القضية المرفوعة عليه من مطلقته نوال التي تطالبه فيها بمؤخر صداقها.
(3) أنه عند مناقشته قرار أنه يعمل موظفاً بشركة المياه وأثبت ذلك على طلب استخراج الجواز وأنكر مهنته الحقيقية وهي مهندس بدليل أنه قدم شهادة من شركة المياه غير واضح بها عمله بالشركة إلا أن الإدارة تداركت ذلك من واقع مؤهله الدراسي - وقامت مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية ببحث الموضوع وأعدت مذكرة في شأن طلب المدعي ذيلت بتأشيرة مؤرخة في 15 من أكتوبر سنة 1964 نصها (تعلق ذمة الطالب المالية قبل مطلقاته لا يمنع من هجرته إلا إذا استصدرت إحداهن أمراً من المحكمة أو النيابة المختصة بمنعه من السفر ولا دخل للمصلحة في ذلك إلا أنه يلاحظ أن الطالب أنكر مهنته الأصلية (مهندس) وأنكر أنه متزوج من ثالثة ثم عاد وقرر بأنه طلقها ولم يثبت هذا الطلاق فإعطاء الطالب بيانات غير صحيحة يدعو إلى الشك في الغرض من الهجرة.. والهجرة وسيلة للرزق وليست وسيلة للتهرب من المسئوليات فضلاً عن كثرة زواج الطالب وطلاقه يؤيد رأي جوازات إسكندرية في أن حالته قلقة ولا يساعده هذا على النجاح في بلد المهجر وأرى الرفض) - وبناء على ما انتهت إليه هذه المذكرة أجابت مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية في 18 من أكتوبر سنة 1964 على إدارة الجوازات بالإسكندرية أنها (لا توافق على طلب المذكور التصريح له بالهجرة إلى كندا) - وفي 26 من أكتوبر سنة 1964 تقدم المدعي بتظلم إلى مدير المصلحة ذكر فيه أنه علم برفض طلبه في 20 من أكتوبر وطلب إعادة النظر في الموضوع مبدياً استعداده لعمل جميع الإجراءات والضمانات اللازمة لخروجه من البلاد - ثم بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 29 من أكتوبر سنة 1964 أقام دعواه طالباً الحكم بتنفيذ وإلغاء القرار الصادر من السيد مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية فيما تضمنته من رفض طلبه الهجرة إلى كندا - وأثناء نظر الدعوى تقدم المدعي بتظلمات أخرى عديدة كان مصيرها جميعاً الرفض وتردد في المذكرات التي أعدت في شأنها وفيما تحمله من تأشيرات أن من أسباب رفضها عدم خبرة المدعي وعدم تقديمه ما يثبت إجادته لغة أجنبية وما يثبت طلاقه من زوجته الثالثة وعدم كفاية ضمان شقيقه للوفاء بنفقة ابنيه - ورددت الوزارة هذه الأسباب فيما تقدمت به من دفاع أمام محكمة القضاء الإداري وفي هذا الطعن - وتضمنت أسباب طعنها أن حالة المدعي لم تكن في حاجة إلى تحسين وأن البلاد في حاجة إليه - كما تقدم المدعي أثناء نظر الدعوى وفي هذا الطعن بالمستندات التي استند إليها في إثبات خبرته وإلمامه باللغة الإنجليزية وتقديمه الضمانات الكافية للوفاء بنفقة ابنيه - ثم تقدم بأحكام قضائية يستفاد منها أن المنازعات بينه وبين مطلقاته قد حسمت بتلك الأحكام وأنه قد حكم لصالحه بتسليم ابنه عبد العزيز إليه وبكف مطلقته نوال عبد القادر عن مطالبته بنفقة ابنه هشام - وتنفيذاً لقرار هذه المحكمة الخاص ببيان رأي الوزير المختص في طلب أودعت الوزارة أخيراً صورة مذكرة مدير مكتب السيد رئيس الوزراء ووزير الداخلية المشار إليه آنفاً والمؤرخة في أول نوفمبر سنة 1965 التي تضمنت أن المدعي اعتقل في 6 من سبتمبر سنة 1965 وأن السيد الوزير قد وافق على إخطار المحكمة بناء على طلبها بأن الوزارة لم تصرح له بالهجرة للأسباب تتعلق بالأمن العام.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الترخيص أو عدمه في السفر إلى خارج البلاد هو من الأمور المتروكة لتقدير الإدارة حسبما تراه متفقاً مع الصالح العام فلها أن ترفض الترخيص إذا قام لديها من الأسباب ما يبرر ذلك - ولا يقدح في سلامة هذا المبدأ أن قرار وزير الداخلية رقم 65 لسنة 1959 في شأن الحصول على إذن لمغادرة أراضي الجمهورية قد تضمن النص على أن يصدر هذا الإذن من الموظف المختص في الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تقتضيها دواعي الأمن العام - ذلك أنه بتقصي الأحكام التي تنظم السفر إلى الخارج يبين أنه في 26 من مايو سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 في شأن جوازات السفر وإقامة الأجانب متضمناً النص في المادة الأولى منه على أنه لا يجوز دخول الأراضي المصرية أو الخروج منها إلا لمن يحمل جواز سفر ساري المفعول - ثم في 16 من يونيو سنة 1956 صدر القانون رقم 254 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 متضمناً النص على إضافة مادة إليه رقم 1 مكرراً نصها (يجوز لوزير الداخلية بقرار منه أن يوجب على المصريين والأجانب الحصول على إذن خاص "تأشيرة" لمغادرة الأراضي المصرية "ويعين في القرار شروط منح الإذن والسلطة التي يرخص لها بمنحه ومدة صلاحيته...) وأشارت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور إلى الأوامر العسكرية التي كانت تحتم الحصول على تأشيرة خاصة لمغادرة الأراضي المصرية وقالت أنه (لما كانت النية متجهة إلى إلغاء الأحكام العرفية فإن هذه الأوامر العسكرية التي توجب الحصول على تأشيرة خاصة لمغادرة الأراضي المصرية تصبح عديمة الأثر كما وأن اعتبارات الأمن وسلامة الدولة في الداخل والخارج وحماية الاقتصاد القومي لا تزال تتطلب الإبقاء على نظام وجوب الحصول على تأشيرة الخروج بالنسبة للمصريين والأجانب على السواء - فقد أعدت وزارة الداخلية مشروع القانون المرافق على نحو روعيت فيه هذه الاعتبارات حتى يتسنى لوزير الداخلية بقرار منه أن يفرض على المصريين والأجانب الحصول على تأشيرة خاصة لمغادرة الأراضي المصرية في الوقت الذي يرى فيه ضرورة لذلك وبالشروط والأوضاع التي يحددها القرار) ثم في 3 مايو سنة 1959 صدر القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر متضمناً النص في المادة الأولى منه على أنه:
لا يجوز لمن يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة مغادرة أراضي الجمهورية أو العودة إليها إلا إذا كانوا يحملون جوازات سفر وفقاً لهذا القانون...) وفي المادة الثانية منه على أنه (يجوز لوزير الداخلية بقرار يصدره أن يوجب على من يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة قبل مغادرتهم الأراضي الحصول على إذن خاص "تأشيرة" وله أن يبين حالات الإعفاء من الحصول على هذا الإذن ويحدد في هذا القرار شروط منح الإذن والسلطة التي يرخص لها في منحه ومدة صلاحيته...) كما نص في المادة 11 منه على أنه (يجوز بقرار من وزير الداخلية لأسباب هامة بقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده كما يجوز له سحب الجواز بعد إعطائه). واستناداً إلى هذا القانون أصدر وزير الداخلية القرار رقم 65 لسنة 1959 في شأن الحصول على إذن (تأشيرة) لمغادرة أراضي الجمهورية العربية المتحدة وقد نص هذا القرار في المادة الأولى منه على أنه (لا يجوز لأحد ممن يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أن يغادر أراضي الجمهورية العربية إلا إذا كان حاصلاً على إذن خاص بذلك (تأشيرة) كما نص في المادة الثانية منه على أن (يصدر الإذن المشار إليه في المادة الأولى من مدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية أو من رؤساء مكاتب تأشيرات الخروج بالمصلحة وفروعها... في الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تقتضيها دواعي الأمن العام..) والمستفاد من أحكام القانون أنه لا يجوز مغادرة أراضي الجمهورية إلا بجواز سفر وأنه منذ أن فرض الحصول على تأشيرة خروج بمقتضى قرار وزير الداخلية الصادر تنفيذاً للقانون أصبح لا يكفي لمغادرة البلاد الحصول على جواز سفر بل صار من المتعين الحصول أيضاً على تأشيرة خروج ولا شك في أنه وفقاً لأحكام القانون وعلى الأخص المادة 11 منه تكون للجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية في الترخيص أو عدم الترخيص بالسفر عن طريق الموافقة على منح جواز السفر أو رفض منحه أو سحبه للأسباب الهامة التي تقدرها ولا يحد من هذه السلطة المستمدة من نصوص القانون الخاصة بمنح جوازات السفر أو رفض منحها أو سحبها - ما فرضه القرار الوزاري رقم 65 لسنة 1959 من شروط يتعين على الموظفين المختصين مراعاتها في منح تأشيرات الخروج وهي أن يكون منحها في الحدود التي تتطلبها مصلحة البلاد العليا أو تقتضيها دواعي الأمن وهي حسبما هو مستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 254 لسنة 1956 ذات الاعتبارات التي دعت إلى فرض وجوب الحصول على تلك التأشيرات لمغادرة البلاد بمقتضى القرار الوزاري المذكور.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الأسباب التي قام عليها القرار الصادر في 18 من أكتوبر سنة 1964 من مدير مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية برفض التصريح للمدعي بالهجرة - التي لا تخرج عن كونها مغادرة للبلاد - هي أنه أدلى بيانات غير صحيحة تدعو إلى الشك في غرضه من الهجرة - وهي وسيلة للرزق لا للتهرب من المسئوليات - فضلاً عن أن كثرة زواجه وطلاقه تدل على أنه في حالة قلق الأمر الذي لا يساعده على النجاح في المهجر - وهي أسباب تتحصل في أنه كان عند صدور القرار المشار إليه غير صالح للهجرة - أما ما أشير إليه في الأوراق من أسباب أخرى فهي إما أثيرت بمناسبة بحث تظلماته أو بصدد الرد على دعواه وإما جدت بعد صدور القرار كاعتقاله في الفترة من 6 من سبتمبر إلى 28 من ديسمبر سنة 1965.
ومن حيث إنه ولئن كان من غير السائغ أن يسند إلى المدعي عند تقديمه بطلب الهجرة أنه أخفى مهنته الأصلية وهي (مهندس) ذلك أنه أرفق مع الطلب المذكور من المستندات ما يكشف بوضوح حقيقة مهنته - إلا أنه في الواقع من الأمر قد أخفى عند تقديم هذا الطلب واقعة زواجه من السيدة سميحة شهبندر - يدل على ذلك تقديمه شهادة إدارية عن (حالته الاجتماعية) مؤرخ في 7 من سبتمبر سنة 1964 لا تتضمن الإشارة إلى زواجه بها أو طلاقه منها ولم يتقدم بأي بيان عن ذلك إلا بناء على طلب الإدارة بعد أن كشفت مطلقته السيدة نوال عبد القادر عن ذلك الزواج وهو لم يتقدم بعد ذلك بالدليل على تطليقه إياها إلا في 11 من أكتوبر سنة 1964 إذ تقدم في هذا التاريخ بشهادة إدارية مؤرخة في 10 من أكتوبر سنة 1964 مصحوبة بصورة إشهار طلاقها المؤرخ في 4 من أكتوبر سنة 1964 وقد دفعه إلى طلاقها حسبما ذكر في دفاعه رفضها الهجرة معه.
ومن حيث إنه إذا استخلصت الإدارة من تكرار زواج المدعي وطلاقه ومن إقدامه على الهجرة تاركاً وراءه ابنيه ومن تصرفه مع زوجته الثالثة ومحاولته إخفاء واقعة زواجه منها ثم مسارعته إلى تطليقها - إذا استخلصت الإدارة من كل ذلك أنه شخص قلق غير مستقر وأنه من غير المحتمل أن يتهيأ له الاستقرار أو يكتب له النجاح في المهجر وأنه قد تصدر منه في الخارج تصرفات مماثله تسيء إلى سمعة وطنه وسمعة المهاجرين معه فإن استخلاصها يكون سائغاً ومن أصول تنتجه.
ومن حيث إن المستفاد مما أودعته الوزارة من أوراق خاصة بالهجرة أن هجرة المواطنين إلى الخارج قد بدأت في سنة 1961 وأن الوزارة قد وضعت قواعد تنظيمية تسير على سننها في بحث طلبات التصريح بالهجرة والبت فيها منها وجوب تقديم شهادات ميلاد الطالب وأفراد أسرته ووثيقة الزواج - وموافقة سفارة دولة الهجرة - وموافقة مبدئية على الهجرة من الجهة التي يعمل بها رب الأسرة وأفراد عائلته - والمؤهلات العلمية الحاصلين عليها - وما يثبت إجادة طالب الهجرة للغات الأجنبية وموافقة إدارة التعبئة بالنسبة إلى الأطباء والصيادلة والمهندسين وبعض الفئات الأخرى وما يفيد إعفاء هؤلاء من التكليف أو عدم خضوعه له - ومن القواعد المذكورة أيضاً ألا يسمح بالهجرة إلا إلى البلاد التي يسمح نظامها بقبول مهاجرين إليها - ووجوب أن تشمل الهجرة العائلة بأكملها ضماناً لجدية الرغبة فيها وحفاظاً على وحدة العائلة من التشتت والتفكك الأمر الذي تسعى لتحقيقه دول المهجر أيضاً - ومنح المهاجرين بعض المزايا النقدية والجمركية لتحويل مبلغ في حدود خمسمائة جنيه وتصدير منقولات شخصية في حدود 200 جنيه وذلك تمشياً مع سياسة الدولة في تشجيع هجرة المواطنين إلى الخارج - وواضح من هذه القواعد أن الجهة الإدارية قد استهدفت بها رعاية مصلحة الوطن بعدم الترخيص بهجرة الكفاءات العلمية والفنية والمهنية التي تعاني الدولة ومرافقها نقصاً فيها - ومن ناحية أخرى التحقق من جدية رغبة المهاجرين في الهجرة ومن مدى احتمال نجاحه في المجهر والاستقرار فيه مستهدية في ذلك بسنه وثقافته ومؤهلاته ومدى إلمامه بلغة المهجر وحالته الاجتماعية ظروفه المعيشية ونوع عمله وخبرته وغير ذلك من الأمور التي يستشف منها مدى صلاحيته لتحمل التزامات الهجرة وأعبائها وذلك حرصاً من جانب الدولة وهي في أول عهدها بتنظيم الهجرة على اختيار العناصر الصالحة لتكوين نواة طيبة للجاليات العربية في المهجر بقصر الهجرة على العناصر الصالحة من المواطنين حتى تستفيض حسن السمعة لأبناء وطنهم فلا تغلق بلدان المهجر في وجوه النازحين إليها من الجمهورية العربية المتحدة وحتى لا تتكبد الدولة - في حالة فشل المهاجر - مبالغ من العملات الأجنبية دون مقتض في وقت اشتدت فيه حاجة مرافقها إلى تلك العملات.
ومن حيث إنه في ضوء الاعتبارات السابقة لا تثريب على الجهة الإدارية إن هي استخلصت من الوقائع المشار إليها آنفاً أن المدعي كان عند تقديم طلبه والبت فيه في حالة قلق وعدم استقرار تجعله غير صالح للهجرة وتجعل نجاحه في المهجر أمراً بعيد الاحتمال. كما أنه لا تثريب عليها إذ قدرت أن هذه الأسباب هي من الأهمية بحيث تقتضى عدم التصريح له بالهجرة.
ومن حيث إنه لذلك يكون القرار الصادر برفض طلب المدعي التصريح له بالهجرة قائماً على سببه المبرر له ومطابقاً للقانون وقد استهدفت به الإدارة تحقيق المصلحة العامة.
ومن حيث إنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن ما جد أثناء نظر الطعن من قبض على المدعي واستمرار قيده في قائمة الممنوعين لم يكن من بين الأسباب التي دعت الجهة الإدارية إلى إصدار قرارها إلا أنه يؤيد النتيجة التي انتهت إليها في شأنه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على أساس سليم ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد جانب الصواب الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفضه دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق