محكمة استئناف قنا
برئاسة السيد المستشار / عدنان فنجري الرئيس بالمحكمة وعضوية السيد المستشار / محمد مصطفى الرئيس بالمحكمة والمستشار الدكتور / حاتم الارناؤوطي الرئيس بالمحكمة
-------------
بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق ورأى النيابة والمداولة :-
حيث أن واقعات الدعوى ومستندات الخصوم ودفوعهم وأوجه دفاعهم فيها سبق وأحاط بها الحكم المستأنف في كفاية تغني عن الترديد ، ومن ثم تحيل إليه المحكمة في هذا الشأن منعاً للتكرار ، وتوجز واقعاتها فى أن المدعى قد أقام الدعوى رقم 603 لسنة 2012 بندر قنا ضد المدعى عليها بطلب الحكم : بنفي نسب الصغيرين {.... و .....} له وعدم تعرضها له ، إلزام المدعى عليها بالمصاريف والأتعاب .
وقال شرحاً لدعواه : أنه كان زوجاً للمدعى عليها بصحيح العقد الشرعى المؤرخ 23/2/1996وقام بطلاقها فى 15/8/2015 بائناً على الإبراء وقد أثمرت العلاقة الزوجية عن إنجاب صغيرين هما : (....) المولود بتاريخ 1/10/1999، (....) المولودة بتاريخ 5/4/2001 ، ولما كان المدعى يعانى من ضمور بالخصيتين حسب تقرير الأشعة وعدم وجود حيوانات منوية له حسب التحليل الطبي الأمر الذي يستحيل معه الإنجاب ؛
ما حداه لإقامة دعواه بغية الحكم له بما سلف من طلبات .
وبجلسة 23 / 2/2014 قضت محكمة أول درجة : بنفي نسب الصغيرين {.... و ....} للمدعى (....) وإلغاء ما ترتب على ذلك من آثار ، وألزمت المدعى عليها المصاريف وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
على سند مما ثبت من تقرير الطب الشرعي المنتدب في الدعوى والتي اطمأنت إليه المحكمة من أن الصغيرين{.... و ....} ليسا ابنى المدعى ... وأن الدفع المبدى بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بالحكم النهائي الصادر فى الدعوى رقم 807 لسنة 2011 أسرة بندر قنا قد بُنى على ثبوت نسب الصغيرين لأبيهما بالفراش دون أن يقول كلمته فيما قال به المدعى فى صحيفة دعواه من عدم قدرته على الإنجاب ، طالباً اللجوء لأهل الخبرة في إثبات ذلك ، وأسس قضاءه على عدم طلب المدعى ملاعنة المدعى عليها، فى حين قد ثبت انفصال رابطة الزوجية بينهما بما يحول دون الملاعنة شرعاً ، ومن ثم يكون ذلك الحكم لم ينظر لتلك المسألة – سلامة آلة الإنجاب - ولم يقض فيها قبولاً أو رفضاً وقضى بثبوت النسب بمجرد الفراش وعدم الملاعنة ، رغم سقوط أحد شرائط ذلك - وهو عدم قدرة المدعى على الإنجاب- والذى لم ينظر إليه الحكم المحاج به ولم يفصل فيه ، ومن ثم يكون ذلك المطلب لم يسبق القضاء فيه ، ومن ثم فإن الحكم المحاج به فى تلك المسألة لا يحوز قوة الأمر المقضى به ولا يعد مانعاً من نظر الدعوى الماثلة وعليه يكون الدفع المبدى فى غير محله لم يصادف صحيح القانون .
ولما كان هذا القضاء لم يصادف قبولا ً لدى المستأنفة فقد طعنت عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 2/4/2014 وأعلنت قانونا ً طلبت فى ختامها الحكم : أولا ً: بقبول الاستئناف شكلا ً ..
ثانيا ً: وفى الموضوع : إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى المبتدأة ، مع إلزام المستأنف عليه المصاريف والأتعاب.
لأسباب حاصلها : أولا ً: عدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بموجب الحكم النهائى الصادر فى الدعوى رقم 807لسنة 2011 أسرة بندر قنا .
ثانياً : استدعاء الطبيب الشرعي الذى قام بفحص العينات وسؤاله فى ظل اليمين عما إذا كان قد أخذ بنفسه العينات محل الفحص من طرفى الدعوى والصغيرين من عدمه .
ثالثاً : إعادة الدعوى لمصلحة الطب الشرعى لندب لجنة ثلاثية لأخذ عينات جديدة وفحصها .. لكون العينات التى أُخذت لإجراء تحليل الحامض النووى الذى أورى التقرير الطبى الشرعى نتيجته لم تتم بمعرفة الطبيب الشرعى نفسه ، وإنما بمعرفة موظف بالطب الشرعى ؛ مما ولد الشك لدى المستأنفة فى نتيجته التى بُنى عليها الحكم المستأنف بعد اطمئنانه للتقرير ونتيجته .
وحيث أن الاستئناف تداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها مثل خلالها طرفا التداعى بشخصيهما وكلٌ بوكيل عنه - محامٍ -حيث قدمت المستأنفة على مدار جلسات المرافعة خمس مذكرات بدفاعها طلبت فيها جميعها ولأسبابها : إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى المبتدأة والتمسك بالدفع المبدى بصحيفة الاستئناف بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 807لسنة 2011 أسرة بندر قنا ، وبجلسة 27/1/2015 قضت المحكمة أولاً : بقبول الاستئناف شكلاً ، ثانيا ً : وقبل الفصل فى الموضوع : ندب الطب الشرعى " المعامل المركزية بالقاهرة " لتنفيذ المأمورية المبينة بذلك القضاء والذى تحيل إليه المحكمة الآن فى بيان ذلك تفادياً للتكرار ... ونفاذاً لهذا القضاء باشرت الجهة المنتدبة مأموريتها وأودعت تقريرها الذى خلصت فى نتيجته أن المستأنف عليه يعانى من ضمور بالخصيتين وضعف تدفق الدم لهما مع وجود دوالى بسيطة بالخصية اليسرى ، أما عن قدرته على الإنجاب فهو غير قادر على الإنجاب حالياً .
وبجلسة 25/11/2015 قضت المحكمة وقبل الفصل فى الموضوع بإعادة المأمورية للطب الشرعى لتنفيذ ما هو مبين بمنطوق ذلك الحكم والذى تحيل إليه المحكمة الآن فى بيان ذلك تفادياً للتكرار ..
ونفاذاً لهذا القضاء باشرت الجهة المنتدبة مأموريتها وأودعت تقريرها الذى خلصت فى نتيجته أنه يتعذر الجزم بتحديد قدرة المستأنف عليه على الإنجاب من عدمه فى السنوات السابقة ، نتيجة عيب خلقى أو لحدوث أى طارئ .. وبجلسة 17/1/2017 قضت المحكمة : وقبل الفصل فى موضوع الاستئناف : بندب لجنة ثلاثية من الأطباء الشرعيين المختصين بالإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بمصلحة الطب الشرعى بالقاهرة يختارهم السيد الدكتور كبير الأطباء الشرعيين - ليس من بينهم الدكتورة / ....- التى أعدت تقرير الطب الشرعى المعملى بتاريخ 29/9/2013 وذلك لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم والذى تحيل إليه المحكمة الآن فى بيان ذلك تفادياً للتكرار .. ونفاذاً لهذا القضاء باشرت الجهة المنتدبة مأموريتها وأودعت تقريرها الذى خلصت فى نتيجته إلى استحالة كون المستأنف عليه (....) والد الصغيرين { ....و ....} ..
والمحكمة عرضت الصلح ورفض والنيابة فوضت الرأى للمحكمة ، كما سبق وأودعت مذكرة بالرأى فى الاستئناف خلصت لأسبابها لرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف ، وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم بجلسة اليوم .
وحيث أنه عن الشكل فى الاستئناف فقد سبق وقضت المحكمة بجلسة 27/1/2015 بقبول الاستئناف شكلاً فإنه يمتنع عليها الخوض فى هذا الغمار مرة أخرى .
وحيث أنه عن الوجه الأول من أوجه الاستئناف المتمثل فى : الدفع بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بموجب الحكم النهائى الصادر فى الدعوى رقم 807لسنة 2011 أسرة بندر قنا . فإن الحكم المستأنف قد أصاب حين تعرض لهذا الدفع إيراداً ورداً حيث بُنى الحكم سند الدفع بعدم الجواز الرقيم 807 لسنة 2011 أسرة بندر قنا على ثبوت نسب الصغيرين لأبيهما بالفراش دون أن يقول كلمته فيما قال به المدعى فى صحيفة دعواه من عدم قدرته على الإنجاب ، وأسس قضاءه على عدم طلب المدعى ملاعنة المدعى عليها ، فى حين قد ثبت انفصال رابطة الزوجية بينهما ، ومن ثم يكون ذلك الحكم لم ينظر لمسألة عدم سلامة آلة الإنجاب وهى شرط فقهى شرعى يسبق الفراش لثبوت النسب ، كما أنه لم يقض فيها قبولاً أو رفضاً وقضى بثبوت النسب بمجرد الفراش وعدم الملاعنة ، ومن ثم فإن الحكم سند الدفع لا يعد مانعاً من نظر الدعوى المستأنف حكمها ؛ وعليه يكون الدفع المبدى فى غير محله لم يصادف صحيح القانون كما خلص الحكم المستأنف .
وعن باقى أوجه الاستئناف : فمن المقرر أنه يشترط لثبوت النسب مقدرة الزوج على الإنجاب .. فقال الحنفية: سلامة الآلة شرط لثبوت النسب ، وإن كان لا يُنَزِل لا يَثْبُت النسب ..
(راجع : الزيلعى : تبيين الحقائق ج2 صـ 144 ، السرخسى : المبسوط ج5 صـ 104 )
كما يشترط للملاعنة إمكان لحوق نسب الولد بالزوج الملاعن فإن أتت به والزوج صبى أو مجبوب فينتفى عنه يغير لعان (راجع : الكاسانى : بدائع الصنائع ج 5صـ 34 )
أى أنه يشترط لثبوت النسب مقدرة الزوج على الإنجاب فإن تخلفت لا يلزمه نسب الولد وليس بحاجة للعان الشرعى لنفى نسبه ، لكونه لم يثبت أصلاً حتى بنتفى ترتيباً ، ورغم أن النسب يقوم على الاعتبارات النادرة أحياءً للولد إلا أنه يجب ألا يؤدى داعى إحياء الولد إلى إدخال نسب على من هو منه براء .. ، قال تعالى :{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ } (سورة ص من الآية 5 )
ووجه الدلالة : هو أقسط عند الله أى أعدل عند الله قولاً وحكماً ( راجع : ابن العربى : أحكام القرآن ج3 صـ 539)
ومن السنة المطهرة : ما روى عن أبى هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله فى شىء ، ولن يدخلها الله جنته ، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله تعالى منه ، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين . "
( أنظر : سنن أبى داود ، ج 3 صـ 575 ، كتاب النكاح ، باب التغليظ فى الانتفاء ، رقم 2263 )
ووجه الدلالة : أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى الآباء عن إنكار نسب الأولاد ، وتوعدهم على ذلك بالعقاب الشديد ، كما نهى المرأة عن أن تنسب إلى زوجها ولداً تعلم أنه ليس منه .
(راجع : دكتور / أحمد فراج حسين : أحكام الأسرة فى الإسلام ، صـ 244 )
ولما كان ذلك وكانت قد تآزرت تقارير الطب الشرعى التى تطمئن إليها المحكمة وتأخذ بها محمولة على أسبابها أولاً : أن المستأنف عليه غير قادر على الإنجاب حالياً ، وأخيراً أن الصغيرين {.... و ....} ليسا من صلبه قولاً جازماً وكانت النتيجتان قد تضافرتا معاً ؛ حيث الركن الركين لثبوت نسب الصغيرين للمستأنف عليه مبنى على : ولادتهما له المقرونة بسلامة آلته أما وقد تخلف هذا ، فصار الصغيران - من ثم- ليسا من صلبه ، وهو ليس بحاجة للعان لنفي نسبهما إليه ؛ حيث شرط اللعان إمكان الولادة له وقد تخلف ذلك الإمكان ..
وحيث أنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى سلامة الحكم المستأنف فيما قضى به وبُنى عليه من أسانيد قانونية صحيحة تؤازرها ما أوردته المحكمة الآن من أسباب ؛ ومن ثم يكون الحكم المستأنف قد جاء فى محله مما يتعين معه رفض الاستئناف موضوعا ً وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه الصحيحة وما أوردته المحكمة حالاً من أسباب .
وحيث أنه عن المصاريف وأتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المستأنفة عملاً بالمادتين 184 /1 ، 240 مرافعات والمادة 56/2 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى الصادر بالقانون رقم (1) لسنة 2000 ، المادة 13 من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10لسنة 2004 والمادة 187/1 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17لسنة 1983 المستبدلة بالقانون رقم 10لسنة 2002
فلهذه الأسباب
~~~~~~~~~~~
حكمت المحكمة : فى موضوع الاستئناف : رفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصاريف ومبلغ مائة جنيه أتعاباً للمحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق