جلسة 18 يناير سنة 1945
برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.
---------------
(191)
القضية رقم 49 سنة 14 القضائية
دعوى وضع يد.
دعوى منع تعرض. أساسها الحيازة المادية المعتبرة قانوناً بتوافر نية التملك. واجب المحكمة في بيان توافر الشرائط القانونية في وضع اليد. منازعة المدعى عليه في صفة المدعي في وضع يده. الحكم بمنع التعرض دون الفصل فيما إذا كان وضع يد المدعي هو بصفته مالكاً أم مستأجراً. خطأ.
الوقائع
تتلخص وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده رفع على الطاعن لدى محكمة بندر المنصورة الجزئية الدعوى رقم 1207 سنة 1942 قال في صحيفتها المعلنة في 30 إبريل سنة 1942 إنه يمتلك قطعة أرض ببندر المنصورة بشارع البحر الأعظم ومع مضي الزمن تكونت من الجهة البحرية لهذه القطعة أرض أخرى مساحتها نصف فدان غرس فيها أشجاراً ووضع يده عليها بصفته مالكاً إلا أن رجال مجلس بلدي المنصورة تعرضوا له وطردوا عامله الذي كان قائماً بملاحظة الحديقة، وطلب منع تعرض المجلس البلدي في وضع يده على هذه الأرض.
وبجلسة 20 من يناير سنة 1943 لم يحضر المدعي لتقديم ما يثبت دعواه وتمسك المجلس البلدي بأن الأرض المتنازع عليها طرح بحر ملك للحكومة فحكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة المنصورة الابتدائية وقيد استئنافه برقم 246 سنة 1943 طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وإلزام المجلس البلدي بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي 7 من أكتوبر سنة 1943 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف (المطعون ضده) بكافة الطرق القانونية وضع يده على الأرض المتنازع عليها ومبدأ وضع يده ومدته ورخصت للمستأنف عليه النفي بالطرق عينها. وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة في 13 من يناير سنة 1944 بإلغاء الحكم المستأنف وبمنع تعرض المستأنف عليه (الطاعن) للمستأنف في وضع يده لقطعة الأرض المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وإلزام المستأنف عليه بمصاريف الدرجتين إلخ.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 18 من مارس سنة 1944 فطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه تمسك في الدعوى بأن المطعون ضده واضع يده على الأرض موضوع النزاع باعتباره مستأجراً كما يدل عليه الوصولات التي تفيد قيامه بدفع الأجرة واعتراف وكيله وما شهدت به الشهود، وبذلك يكون وضع يده غير حائز لجميع الشرائط القانونية التي يجب توافرها في وضع اليد الذي يخول صاحبه رفع دعوى منع التعرض ومنها أن يكون واضعاً يده بصفته مالكاً. ولا شك أن قيام المطعون ضده بدفع الأجرة ينفي هذا الشرط. وعلى الرغم من أن ما أثاره الطاعن في هذا الشأن متعلق بدعوى منع التعرض وكان يجب على المحكمة أن تبدي رأيها فيه فقد رأت أن لا تتعرض له بمقولة إنها تترك الفصل فيه لمحكمة الملكية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن المطعون ضده قائم بدفع إيجار الخفية عن الأرض المتنازع عليها لغاية سنة 1943 قال: "إن إيجار الخفية لا يكون سبباً لحرمان المستأنف (المطعون ضده) من ملكه متى تبينت محكمة الملكية أن أحوالاً اضطرارية هي التي اقتضت دفعه هذا الإيجار كما قرر المستأنف". وقال بعد ذلك "إن دعاوى اليد أساسها الحيازة المادية بشروطها القانونية فتكون دعوى المستأنف على أساس قانوني سليم لتوافر شروطها".
وحيث إنه يبين من هذا أن المحكمة لم تفصل فيما إذا كان وضع يد المطعون ضده بصفته مالكاً أو مستأجراً بل تركت الفصل في ذلك لمحكمة الملكية وكان يجب عليها ليكون حكمها مطابقاً للقانون أن تبين توافر جميع الشرائط القانونية التي قالت هي بوجوب توافرها في وضع اليد، وأهمها أن يكون بنية التملك، وعلى الخصوص إذا ما قام نزاع جدي بشأن هذا الشرط، لأن وضع يد الحائز كان باعتباره مستأجراً، فكان يتعين على المحكمة أن تقول فيه كلمتها لا أن تتركه لمحكمة الملكية لأن الحكم في دعوى منع التعرض يجب أن يقوم على الحيازة المادية المعتبرة قانوناً وهي المبنية على نية التملك ومن واجب المحكمة بيان توافر هذه النية لتكون اليد جديرة بالحماية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه بغير حاجة إلى بحث وجوه الطعن الأخرى.
(1) لو أن الدعوى رفعت بطلب استرداد الحيازة، بدلاً من منع التعرض، لصح قضاء محكمة الموضوع. ومن الغريب أن يغفل المدعي عن ذلك مع أنه في دعواه شكا من أن عمال المجلس البلدي تعرضوا له وطردوا عامله (أي سلبوا حيازته بالإكراه). اللهم إلا إذا كان كاذباً في ادعائه سلب الحيازة فخشي أن ينكشف كذبه فرفع دعواه في صورة دعوى منع تعرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق