جلسة 17 من مايو سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، صلاح نصار؛ محمود رمضان وإبراهيم فراج.
-----------------
(249)
الطعن رقم 440 لسنة 44 القضائية
(1 - 3) حكم "الطعن في الحكم". تنفيذ. إيجار. نقض.
(1) الأحكام الصادرة أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها، عدم جواز الطعن فيها على استقلال. جواز الطعن في بعض الأحكام استثناء من بينها تلك القابلة للتنفيذ الجبري. م 212 مرافعات.
(2) الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري التي يجوز الطعن فيها استقلالاً قبل صدور الحكم المنهي للخصومة. هي أحكام الإلزام في طلب موضوعي والقابلة للتنفيذ جبراً. الأحكام المقررة لحق أو مركز قانوني لا تعد كذلك.
(3) القضاء بالاعتداد بالأجرة المتفق عليها في العقد لعدم خضوعها لقوانين التخفيض والتأجيل لنظر طلب فروق الأجرة المستحقة للمؤجر. لا يعد حكماً قابلاً للتنفيذ الجبري. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1683 لسنة 1970 مدني أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد الطاعنين بصفاتهم بطلب الحكم بنفاذ عقد الإيجار المؤرخ 22/ 12/ 1960 فيما يختص بقيمة الأجرة الواردة به وقدرها 18 جنيهاً واعتبارها الأجرة الواجبة الدفع شهرياً مع ما يترتب على ذلك من فروق وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 22/ 12/ 1960 استأجر منه الطاعن الرابع - المدير العام للتربية والتعليم بمحافظة الدقهلية - بصفته نائباً عن الطاعن الأول - وزير التربية والتعليم - مبنى بعزبة الميهى مركز السنبلاوين ليكون مقراً للمدرسة الابتدائية بأجرة قدرها ثمانية عشرة جنيهاً شهرياً، وإذ عمد المستأجر إلى الوفاء بالأجرة بأقل من المتفق عليه في العقد بمقولة خضوع العين المؤجرة لقوانين تخفيض الإيجار المتعاقبة وكان هذا التخفيض لا سند له من القانون، فقد قام دعواه وبتاريخ 21/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لمعاينة المبنى المؤجر وبيان تاريخ إنشائه وأجرته في شهر أغسطس سنة 1944 أو أجرة المثل في الشهر المذكور، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 22/ 5/ 1973 باعتبار القيمة الإيجارية للعين مبلغ 18 جنيهاً وبإلزام الطاعن الرابع بصفته بأن يؤدي للمطعون عليه مبلغ 696 جنيه و126 مليم، استأنف الطاعن الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 356 س 25 ق المنصورة، وبتاريخ 25/ 2/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لتقدير الأجرة الشهرية بواقع ثمانية عشر جنيهاً، وبتحديد جلسة لنظر الشق الخاص بالمطالبة بفروق الأجرة. طعن الطاعنون بصفاتهم على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن وأبدت الرأي في الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه لم تنته به الخصومة برمتها، وليست من الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري بل هو حكم مقرر فيما قضى به من تأييد حكم محكمة أول درجة بالنسبة لتقدير الأجرة الشهرية.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها، فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات وحتى ولو كانت منهية لجزء من الخصومة، واستثنى المشرع أحكاماً أجاز فيها الطعن المباشر من بينها الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائدة في ذلك أن القابلية للتنفيذ - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تنشئ للمحكوم عليه مصلحة جدية في الطعن فيه على استقلال وحتى يتسنى طلب وقف نفاذه، مما مفاده أنه يقصد بالأحكام القابلة للتنفيذ الجبري في معنى تلك المادة أحكام الإلزام التي تصدر في طلب موضوعي لأحد الخصوم، وأن تكون قابلة للتنفيذ جبراً سواء بحكم القواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل، فتخرج من عدادها الأحكام الموضوعية التي يعتبر صدورها في ذاته بمثابة وفاء لالتزام المدين أو محققاً بمجرده لكل ما قصده المدعي من دعواه. ولما كانت أحكام الإلزام التي يقتصر التنفيذ الجبري عليها هي تلك التي تتضمن إلزام المدعى عليه أداء معيناً يقبل التنفيذ الجبري بحيث لا تقتصر على تقرير حق أو مركز قانوني أو واقعة قانونية، بل يتعدي إلى وجوب أن يقوم المحكوم عليه بعمل أو أعمال لصالح المحكوم له، فإن نكل عن ذلك حلت الدولة في إضفاء الحماية القانونية عليه عن طريق التنفيذ بوسائل القوة الجبرية. لما كان ذلك وكان المناط في تعرف ما للحكم الصادر من قوة الإلزام هو بتفهم مقتضاه وتقصي مراميه، على أساس ما يبين من الحكم - إذا لم يبين المنطوق ما ينصب عليه التنفيذ - بالرجوع إلى ما تنازع حوله الطرفان أمام المحكمة وما جاء بأسباب الحكم، وكان البين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الطلبات في الدعوى مكونة من شقين أولها بنفاذ عقد الإيجار المبرم بين الطرفين فيما يختص بقدر الأجرة الواردة فيه طبقاً لاتفاق المتعاقدين، والثاني بإلزام الطاعنين قيمة الفروق المترتبة على دفع المستأجر قيمة أقل مما اتفق عليه، وكان مؤدى ذلك أن الهدف الأصيل والوحيد للشق الأول من الطلبات هو تقرير إيجابي بتأكيد دفع القيمة الإيجارية المثبتة بالعقد، وأنه بمجرد صدوره تتم الحماية القضائية المستهدفة منه دون حاجة إلى تنفيذ جبري، على حين أن الشق الثاني هو الذي ينطوي وحده على حكم بإلزام بدفع الفروق. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة في شقه الخاص بنفاذ عقد الإيجار والاعتداد بالقيمة الإيجارية المثبتة به، وهو بهذه المثابة لا يعتبر من أحكام الإلزام القابل للتنفيذ الجبري، كما أنه ليس من بين بقيمة الأحكام المستثناة بتلك المادة فلا يجوز الطعن فيه على استقلال. لما كان ذلك فإن الطعن بطريق النقض الذي أنصب على هذا الشق يكون غير جائز وبالتالي غير مقبول عملاً بالمادة 212 من قانون المرافعات ويكون الدفع في محله ولما تقدم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق