الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن 26 لسنة 32 ق جلسة 28 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 100 ص 740

جلسة 28 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-----------------

(100)
الطعن رقم 26 لسنة 32 القضائية

(أ) تزوير. "إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير".
للمدعى عليه في تزوير ورقة أن ينهي إجراءات الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها هذه الإجراءات بنزوله عن التمسك بالورقة بغير توقف على قبول مدعي التزوير. للأخير ضبط الورقة أو حفظها متى كانت له مصلحة مشروعة.
(ب) تزوير. "النزول عن الورقة المطعون فيها". إثبات. "حجية الأوراق العرفية".
ليس لمدعي التزوير الذي ينكر صدور الورقة كلها منه والتي نزل المطعون ضده عن التمسك بها أن يستدل بشيء مما حوته. له أن يتمسك بما لم يتناوله الطعن بالتزوير.
(ج) تزوير. "أدلة التزوير".
لقاضي الموضوع سلطة تقدير أدلة التزوير. لا يلزمه القانون إجراء تحقيق متى اطمأن إلى عدم جدية الطعن بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة.
(د) إثبات. "الإثبات بالكتابة". حجية الأوراق العرفية.
النص في السند على أن يكون الإيصال الدال على السداد محرراً بخط الدائن. المقصود منه اشتراط الدليل الكتابي على السداد بأن يكون الإيصال موقعاً عليه من الدائن. ليس بلازم أن يكون صلب الإيصال محرراً بخطه.

---------------
1 - لمن ادعى ضده بتزوير ورقة مقدمة منه أن ينهي إجراءات الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها هذه الإجراءات بنزوله عن التمسك بتلك الورقة وذلك بغير توقف على قبول مدعي التزوير ولا يكون لهذا سوى أن يطلب من المحكمة ضبط الورقة أو حفظها متى كانت له مصلحة مشروعة في ذلك.
2 - ما دام الطاعن قد أسس ادعاءه بالتزوير على إنكار صدور الورقة كلها منه. وطعن في التوقيع المنسوب إليه عليها بالتزوير فإنه لا يكون له بعد ذلك وبعد أن نزل المطعون ضده عن التمسك بهذه الورقة أن يستدل بشيء مما حوته إذ أن هذا الاستدلال يتنافى مع ادعائه بتزوير ما هو موضع للاستدلال وإنما يكون لمدعي التزوير بعد نزول خصمه عن التمسك بالورقة المدعى تزويرها أن يتمسك بما لم يدع تزويره من الورقة لو كان التزوير المدعى به وارداً على جزء منها فقط.
3 - لقاضي الموضوع سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمه القانون بإجراء تحقيق متى اطمأن إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة المدعى تزويرها.
4 - المقصود من النص في سند الدين على أن يكون الإيصال الدال على السداد محرراً بخط الدائن، هو اشتراط الدليل الكتابي على السداد بأن يكون الإيصال موقعاً عليه من الدائن وليس بلازم أن يكون صلب الإيصال محرراً بخطه لأن الإيصال يعتبر حجة عليه متى ثبت صحة توقيعه عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته قيماً على والده استصدر في 25 من فبراير سنة 1959 من محكمة القاهرة الابتدائية أمر أداء بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي له بصفته المذكورة مبلغ 7422 ج و835 م قيمة سندين إذنيين محررين في 6 مارس سنة 1954 لصالح المحجور عليه ومستحقين في أول يناير سنة 1955 وموقع عليهما من المطعون ضده بصفته مديناً - وقد عارض الأخير في أمر الأداء المذكور بالدعوى رقم 1029 سنة 1955 كلي القاهرة وأسس معارضته على التخالص من هذا الدين وقدم إثباتاً لذلك: 1 - محضر تسوية ثابت التاريخ في 3 يوليه سنة 1954 يتضمن تصالحه مع دائنيه ومنهم محجور الطاعن على أساس تخفيض ديونهم إلى 65% من قيمتها. 2 - مبايعة مؤرخة 2 من أغسطس سنة 1954 وثابتة التاريخ في 29 من يناير سنة 1955 تحمل توقيع المحجور عليه وفيها يقر بأنه باع الدين المحرر به السندان الإذنيان سالفا الذكر إلى محمد السيد بحبح واستلم منه قيمة هذين السندين نقداً وأن المذكور حل محله في هذا الدين ومدون بذيل هذه المبايعة إقرار من محمد السيد بحبح باستلامه مبلغ 4824 ج و840 م من المطعون ضده وأنه بذلك أصبحت ذمة الأخير بريئة من الدين المحرر به السندان المشار إليهما. 3 - إيصال مؤرخ 2 من أغسطس سنة 1954 وثابت التاريخ في 29 من يناير سنة 1955 وموقع عليه من المحجور عليه بما يفيد استلامه قيمة السندين المذكورين اللذين صدرت عنهما المبايعة ووجود السندين طرفه لمحمد السيد بحبح - وقد ادعى الطاعن بتزوير تلك الأوراق الثلاث بتقرير في قلم الكتاب أثبت فيه أن التوقيع المنسوب إلى والده المحجور عليه على محضر التسوية لم يصدر منه وإنما هو مزور عليه. أما الورقتان الأخريان فقد أقام طعنه بالتزوير فيهما على أن والده وقعهما على بياض وأن المطعون ضده قام بعد ذلك بتحرير صلبهما على النحو الوارد بهما وبما يخالف ما حصل الاتفاق عليه بينهما وأعلن الطاعن شواهد التزوير في 23 من مايو سنة 1959 وانتهى إلى طلب رد وبطلان الأوراق الثلاث المدعى تزويرها وبتاريخ 21 من يونيه سنة 1959 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع ببطلان أمر الأداء الصادر في 25 من فبراير سنة 1959 المعارض فيه وإلغائه واعتباره كأن لم يكن - وأسست قضاءها بذلك على قيام منازعة جدية من المدين في الدين الصادر به الأمر مما يترتب عليه تخلف شرط حلول الأداء اللازم قانوناً لصدور أمر الأداء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 879 سنة 76 ق وبتاريخ 28 من إبريل سنة 1960 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة. ولدى نظر هذه المعارضة من جديد أمام المحكمة الابتدائية تنازل المطعون ضده عن التمسك بالمستند الأول المدعى تزويره وهو محضر التسوية وبرر هذا التنازل بأن الورقتين الأخريين يغنيان عن هذا المحضر لأنهما لاحقتان عليه ولم تكن التسوية المشار إليها في الورقة التي تنازل عنها سوى مشروع صلح وهي لا تدل على التخالص. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1961 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة لمحضر التسوية المطعون عليه بالتزوير وبضبط هذه الورقة. (ثانياً) بقبول شواهد التزوير شكلاً بالنسبة للورقتين الأخريين المدعى بتزويرهما وبرفض الادعاء بالتزوير وبصحة هاتين الورقتين وتغريم الطاعن 25 جنيهاً لصالح الخزانة. (ثالثاً) بإلغاء أمر الأداء المعارض فيه وبرفض دعوى الطاعن بصفته مع إلزامه بالمصروفات. فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 276 سنة 78 ق. وبتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1961 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولما عرض على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن دفاع المطعون ضده قام منذ بدء الخصومة على حصول تسوية بينه وبين دائنيه ومنهم المحجور عليه الذي يمثله الطاعن وذلك على أساس نزولهم عن 35% من ديونهم والاكتفاء باقتضاء الباقي منها وأنه تنفيذاً لهذه التسوية المنسوب إلى المحجور عليه التوقيع على محضرها سخر المطعون ضده محمد السيد بحبح ليشتري من المحجور عليه الدين الثابت بالسندين الإذنيين المطالب بقيمتهما بما يمثل 65% من قيمتهما وهو مبلغ 4824 ج و840 م وأن هذا الشراء تم في 2 من أغسطس سنة 1954 نظير ذلك المبلغ وحصل من المحجور عليه على مبايعة ومخالصة في هذا التاريخ قدمهما المطعون ضده مع محضر التسوية للمحكمة ولما واجهه الطاعن بالأدلة القاطعة على تزوير محضر التسوية لم يجد المطعون ضده بداً من التنازل عن التمسك بهذا المحضر مع إصراره على التمسك بالورقتين الأخريين وهما المبايعة والمخالصة اللتين طالما ادعى أنهما تمتا تنفيذاً للتسوية المزعومة، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن تنازل المطعون ضده عن التمسك بمحضر التسوية لا يستتبع إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لهذه الورقة ما دام المطعون ضده اعتبرها أساساً للورقتين الأخريين اللتين ما زال يتمسك بهما لأن الأوراق الثلاث وحدة لا تتجزأ، كما تمسك الطاعن بأن إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لمحضر التسوية لا يمكن أن يهدر دلالة هذه الورقة على كذب المطعون ضده فيما كان قد ادعاه من توقيعها من المحجور عليه - لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع - تأسيساً على ما قاله من أن كل ورقة من الأوراق الثلاث المدعى تزويرها مستقلة بذاتها وأن محضر التسوية يعتبر بعد التنازل عن التمسك به وإنهاء إجراءات التزوير بشأنه غير موجود في الدعوى ويرى الطاعن أن هذا القول من الحكم خطأ ذلك أنه متى قام الارتباط بين الأوراق الثلاث على النحو السالف بيانه فإن المطعون ضده لا يملك إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة لمحضر التسوية ما دام بقي متمسكاً بالورقتين الأخريين المتفرعتين عن ذلك المحضر كما أن إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة للمحضر المذكور لا يستتبع اعتبار هذه الورقة وكأنها غير موجودة في الدعوى لأن المادة 289 من قانون المرافعات لا تنص على هذا الأثر ومما يؤكد صلاحية الورقة التي حصل التنازل عن التمسك بها بعد الطعن عليها بالتزوير - لترتيب الدلالات التي يرى فيها الطاعن مصلحة له حرصت الفقرة الثالثة من المادة 289 مرافعات على النص على حق المحكمة في هذه الحالة في أن تأمر بضبط الورقة أو بحفظها إذا طلب مدعي التزوير ذلك لمصلحة مشروعة إذ أن الأمر بضبط الورقة يغدو ضرباً من العبث إذا امتنع على مدعي التزوير أن يستدل بالورقة فيما ينفعه - هذا إلى أن إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لمحضر التسوية لا يمكن أن يهدر دلالة مسلك المطعون ضده على كذب جميع المزاعم المستندة إلى الأوراق الثلاث إذ أن هذه قرينة قضائية مستقلة عن دلالة وآثار الورقة التي أنهيت إجراءات التزوير بشأنها.
وحيث إنه ورد بالحكم المطعون فيه في شأن ما يثيره الطاعن بهذا السبب ما يلي: "وحيث إنه عما تحدث عنه المستأنف (الطاعن) في السبب الأول من أسباب الاستئناف بخصوص التسوية المطعون عليها بالتزوير فإن هذا التحدث أصبح غير ذي موضوع بعد أن تنازل المستأنف ضده (المطعون ضده) عن التمسك بها إذ بهذا التنازل تصبح هذه التسوية وكأنها غير موجودة في الدعوى سواء أكانت هذه التسوية أساس المبايعة والمخالصة المقدمتين من المستأنف ضده أم لم تكن هذه الورقة أساساً لهما فإن المبايعة تحمل في ذاتها - إذا ما كانت صحيحة - قيام تسوية للدين موضوع النزاع على الصورة المبينة بهذه المبايعة التي لا تحمل أي إشارة إلى وجود ورقة التسوية المطعون عليها بالتزوير وسواء كانت هذه التسوية المطعون عليها قدمت إلى محكمة الصلح الواقي أم لم تقدم وسواء تصالح المستأنف مع جميع دائنيه أو لم يتصالح مع جميعهم وسواء كانت هذه التسوية مزورة على المستأنف أو على غيره من الموقعين عليها وسواء يبغي المستأنف ضده من التنازل عنها الهرب من تزويرها أو كان تنازله لعدم جدواها في إثبات التخالص فإن كل ذلك أصبح التحدث عنه والبحث فيه غير ذي أثر وليس للمستأنف أن يمنع المستأنف ضده من إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير في هذه الورقة بالتنازل عن التمسك بها إذ أن ذلك حقه وكل ما للمستأنف في هذه الحالة هو طلب ضبط هذه الورقة على ما جرى عليه نص المادة 289 من قانون المرافعات وقد استعمل حقه في طلب ضبطها وأجابته المحكمة إلى ما طلب فليس له بعد هذا أن يجادل في حق المستأنف ضده المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر وليس في إثبات تزوير هذه الورقة ما يدل على تزوير المبايعة والمخالصة كما يدعي المستأنف إذ كل ورقة من هذه الأوراق الثلاث قائمة بذاتها لا يستتبع تزوير إحداها تزوير الأخرى". وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ولا يشوبه خطأ في الاستدلال ذلك أنه وقد نفت محكمة الموضوع الارتباط الوثيق الذي ادعى الطاعن قيامه بين محضر التسوية الذي تنازل المطعون ضده عن التمسك به وبين المبايعة والمخالصة واستندت المحكمة في ذلك إلى خلو المبايعة والمخالصة من الإشارة إلى محضر التسوية وأن لكل من هذه الأوراق الثلاث كيانه واستقلاله الذاتي عن الأخرى وأن المبايعة متى ثبت صدورها من المدين الذي يمثله الطاعن إنها تكفي بذاتها وبصرف النظر عن محضر التسوية لإثبات قيام تسوية للدين موضوع النزاع على الصورة المبينة بهذه المبايعة. ولما كانت هذه الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في نفي الارتباط بين محضر التسوية وبين المبايعة والمخالصة سائغة وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا مخالفة فيها لما هو ثابت بهذه الأوراق الثلاث فإن ما يثيره الطاعن في نعيه على أسباب الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ومتى انتفى الارتباط بين محضر التسوية وبين المبايعة والمخالصة فإنه يكون للمطعون ضده طبقاً لنص المادة 289 من قانون المرافعات بعد أن ادعى الطاعن تزوير محضر التسوية أن ينهي إجراءات هذا الادعاء في أية حالة كانت عليها هذه الإجراءات بنزوله عن التمسك بتلك الورقة وذلك بغير توقف على قبول الطاعن ولا يكون لهذا الأخير سوى أن يطلب من المحكمة الأمر بضبط الورقة أو بحفظها متى كانت له مصلحة مشروعة في ذلك ومن ثم فإن اعتراض الطاعن على قضاء محكمة الموضوع بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة لمحضر التسوية يكون على غير أساس لما ينطوي عليه من مصادرة حق خوله القانون للمطعون ضده وأجاز له استعماله في أية حالة تكون عليها إجراءات الادعاء بالتزوير أما قول الطاعن بأنه لا يترتب عليه إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بشأن محضر التسوية اعتبار هذه الورقة وكأنها غير موجودة في الدعوى وأن له أن يستدل بهذه الورقة فيما ينفعه حتى بعد إنهاء إجراءات الادعاء بشأنها هذا القول مردود بأنه ما دام الطاعن قد أسس ادعاءه بتزوير محضر التسوية على إنكار صدوره كله منه ومن باقي الدائنين الموقعين عليه وطعن في التوقيع المنسوب إليه على هذا المحضر بأنه مزور فإنه لا يكون له بعد ذلك وبعد أن نزل المطعون ضده عن التمسك بهذه الورقة أن يستدل بشيء مما حوته إذ أن هذا الاستدلال يتنافى مع ادعائه بتزوير ما هو موضع للاستدلال وإنما يكون لمدعي التزوير بعد نزول خصمه عن التمسك بالورقة المدعى تزويرها أن يتمسك بما لم يدع تزويره من الورقة لو كان التزوير المدعى به وارداً على جزء منها فقط أما عن قول الطاعن بأن إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لمحضر التسوية لا يمنعه من أن يتخذ من مسلك المطعون ضده في النزول عن التمسك بهذا المحضر بعد الادعاء بتزويره قرينة على كذب جميع مزاعمه فإن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه لم ينفيا حقه في تقديم هذه القرينة.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده استغل غفلة المحجور عليه واحتال عليه حتى حصل على توقيعه على بياض على ورقتي المبايعة والمخالصة المطعون عليهما بالتزوير وقدم الطاعن الأدلة العديدة على ذلك مستمدة من الحكم الصادر بتوقيع الحجر الذي أثبت غفلة المحجور عليه لجماعة من المحتالين من بينهم المطعون ضده - ومن أقوال هذا المطعون ضده في محضر تحقيق طلب الحجر ومن حصول المطعون ضده من المحجور عليه على شيكات مسحوبة من حسابه وطلب الطاعن استناداً إلى هذه الأدلة تحقيق طعنه بالتزوير على صلب المبايعة والمخالصة لكن محكمة أول درجة رفضت هذا الطلب استناداً إلى قاعدة قانونية أخطأت في تطبيقها على واقعة النزاع هي أنه لا يمكن إثبات ما يخالف ما كتب في الورقة الموقعة على بياض إلا بالكتابة إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة أو ثبت وقوع غش أو طرق احتيالية أمكن الحصول بها على تلك الورقة أو إذا كان الالتزام تجارياً ففي هذه الحالات الثلاث يجوز الإثبات بشهادة الشهود وقد تمسك الطاعن لدى محكمة الاستئناف بأن الواقعة موضوع النزاع تندرج تحت هذه الاستثناءات لأن وجود السند تحت يد محجورة غير مؤشر عليه بالسداد ينهض على الأقل مبدأ ثبوت بالكتابة ولأن النزاع الحالي تجاري ولتوفر الأدلة على استغلال المطعون ضده لغفلة المحجور عليه واحتياله عليه لكسب ثقته لكن محكمة الاستئناف تبنت التطبيق القانوني المعيب للقاعدة القانونية سالفة الذكر على واقعة النزاع ثم أضافت أن الأدلة المقدمة من الطاعن لا تثبت أن المحجور عليه وقع المبايعة والمخالصة على بياض كما لا تثبت استغلال المطعون ضده غفلة المحجور عليه واحتياله عليه وقد جاء هذا القول من الحكم معيباً بالقصور ومناقضاً لما هو ثابت بالحكم الصادر بالحجر ومخالفاً الثابت في محضر تحقيق طلب الحجر كما شاب الحكم المطعون فيه القصور أيضاً لإغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من تجارية النزاع التي تسوغ الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالف الكتابة المنسوبة إلى المحجور عليه في المبايعة والمخالصة.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود في أوجهه المتقدمة الذكر وفي أوجهه الأخرى المذكورة في تقرير الطعن والتي تنحصر في تعييب الحكم المطعون فيه في أسبابه المتضمنة نفي الغش والاحتيال عن المطعون ضده ورفض الإحالة إلى التحقيق بناء على ذلك - هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه وإن قرر كلاهما القاعدة التي تقضي بأنه لا يجوز إثبات ما يخالف المدون في الورقة المدعي بتوقيعها على بياض بغير الكتابة إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة أو حصل غش أو احتيال أمكن الحصول بواسطتهما على تلك الورقة أو كان الالتزام تجارياً إلا أن الحكمين لم يقفا عند حد تقرير تلك القاعدة ويمتنعا عن بحث الادعاء بالتزوير لعدم تقديم الدليل الكتابي بل إنهما بحثا هذا الادعاء بفرض جواز إثبات التزوير المدعي بغير الكتابة وانتهيا إلى عدم جديته فقد جاء بالحكم الابتدائي ما يأتي "وحيث إن المعارض ضده (الطاعن) لم يقدم أي دليل لا يرقى إليه شك على أنه وقع للمعارض (المطعون ضده) على بياض أو يقدم سبباً مقبولاً يكون قد دفعه للقيام بذلك وهو الذي يداين هذا في مبلغ يربو على السبعة آلاف جنيه ولما يسدده بهذا الدين بعد ويخشى أن يستعمل إمضاءه على بياض فيما يضر به فإذا ما أضيف إلى هذا سكوت المعارض ضده عن المطالبة بدينه زهاء أربع سنوات دون مبرر. وتحريره إيصالين لصالح المعارض في تاريخ لاحق لاستحقاق دينه بما يفيد مديونيته للأخير في مبلغ خمسمائة جنيه وهو الذي يدعي أنه لا يزال يداينه في المبلغ المطالب به الأمر الذي يستبعد حصوله إذ أن من المتعارف عليه في مثل هذه الحالة أن يخصم الذي في ذمته للمعارض من المبلغ الذي له في ذمة هذا وما ثبت للمحكمة من الاطلاع على الورقتين المطعون عليهما بالتزوير من أنه لا يوجد بأيهما تحشير أو إضافة أو ما يستشف منه أن صلبهما حرر بعد التوقيع عليهما ولا يغير من هذا الوضع كون صلب الورقة الخاصة بوجود الكمبيالتين موضوع الخصومة لدى المعارض ضده محرر بمداد يغاير المداد المحرر به التوقيع - فمن كل ما تقدم ترى المحكمة وقد اطمأن وجدانها إلى عدم جدية دفاع المعارض ضده (الطاعن) في الادعاء بالتزوير ألا تجيبه إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه". كما جاء بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه عما أثاره المستأنف (الطاعن) في السبب الثاني من أسباب الاستئناف مستدلاً به على أن محكمة أول درجة أخطأت في رفضها تحقيق الطعن بالتزوير على المبايعة والمخالصة فإنه وإن كانت محكمة أول درجة قد بررت ما فعلت بما تقره عليها هذه المحكمة إلا أنها تتناول دفاع المستأنف الذي أجهد نفسه في إبرازه ليصل إلى إثبات أن ورقة المبايعة وورقة المخالصة قد وقعهما والده على بياض ثقة منه في المستأنف عليه ولكن الأخير استغلهما كما استغل غيرهما من الأوراق الموقعة على بياض وكتب عليهما صيغة المبايعة والمخالصة المطعون عليهما بالتزوير". ثم أخذ الحكم يفند الادعاء بتزوير هاتين الورقتين وما قدمه الطاعن من قرائن على صحة هذا الادعاء إلى أن قال الحكم "وليس فيما قالته محكمة أول درجة من أن المستأنف (الطاعن) لم يقدم دليلاً لا يرقى إليه الشك على أنه وقع للمستأنف ضده على بياض ما يعتبر تجاوزاً للقانون في هذا التعبير الذي جرى به الحكم المستأنف كما يقول المستأنف إذ من المعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل الاستدلال به بل إن الثابت من الأوراق جميعها أنه ليس هناك احتمال في أن المستأنف وقع للمستأنف ضده أوراقاً على بياض وكل ما ساقه المستأنف للتدليل على ما يقوله كان أساسه الفرض واعتبار هذا الفرض حقيقة ثم اتخاذ هذه الحقيقة أساساً للجدل ولا يعاب على محكمة أول درجة ما قررته من أنه بان لها من الاطلاع على المبايعة والمخالصة أنه ليس فيهما تحشير أو إضافة أو ما يستشف منه أن صلبهما حرر بعد التوقيع عليهما إذ أن ذلك صحيح كما هو ثابت من الاطلاع على المبايعة والمخالصة" وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول "وحيث إنه لما تقدم وما ذكر في الحكم المستأنف في صدد ما تقدم يكون ما انتهى إليه هذا الحكم في رفض الادعاء بالتزوير ورفضه الإحالة إلى التحقيق صواباً لا مرية فيه" وإذ كان الثابت أن محكمة الموضوع قد بحثت الادعاء بتزوير الورقتين المدعى بتزويرهما على فرض جواز إثبات هذا التزوير بغير الكتابة وانتهت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها إلى رفض هذا الادعاء ورفض طلب الإحالة إلى التحقيق وكان القانون قد أطلق لقاضي الموضوع السلطة في تقدير أدلة التزوير ولم يلزمه بإجراء تحقيق متى كان قد اطمأن إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة المدعى تزويرها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لعدم إجابته إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات التزوير الذي ادعاه يكون على غير أساس كما يكون غير منتج كل ما ساقه في أسباب الطعن من نعي على أسباب الحكم المتضمنة نفي الغش والاحتيال عن المطعون ضده ونعى على الحكم لإغفاله الرد على ما تمسك به من تجارية النزاع وذلك ما دام القصد من هذا النعي هو الوصول إلى إجازة إثبات التزوير بكافة طرق الإثبات وأن الحكم قد بحث التزوير المدعى على اعتبار أن إثباته جائز بهذه الطرق وانتهى إلى عدم جديته وإلى صحة الورقتين المدعى تزويرهما.
وحيث إن ما يصفه الطاعن في السبب الثالث بأنه قصور في تسبيب الحكم بصحة الورقتين المطعون عليهما بالتزوير وما يصفه في السبب الخامس بأنه قصور من الحكم في تسبيب قضائه باعتبار السند الإذني المؤرخ 10 يناير سنة 1956 المقدم من المطعون ضده قرينة على صحة المبايعة والمخالصة ذلك كله لا يعدو أن يكون في حقيقته مجادلة موضوعية في تقدير المحكمة للأدلة التي اطمأنت إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر المبايعة والمخالصة دالين على براءة ذمة المطعون ضده من الدين المطالب به مع أنه منصوص بالسندين الإذنيين المحررين بقيمة هذا الدين على أن ذمة المدين (المطعون ضده) لا تبرأ إلا باستلامه الكمبيالة موقعاً عليها بالسداد بخط الدائن نفسه أو بإبراز إيصال منه بخطه أيضاً ومقتضى ذلك أن تغدو المبايعة والمخالصة غير ذي حجة على المحجور عليه ما دامت عباراتهما لم تدون بخطه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كانت المحكمة قد انتهت إلى صحة المبايعة والمخالصة بعد الطعن عليهما بالتزوير وكانت هاتان الورقتان موقعتين من المحجور عليه الدائن وصريحتين في تخالصه عن دينه المحرر به السندان الإذنيان فإنهما تكونان حجة عليه في شأن هذا التخالص ولا صحة لما يقوله الطاعن من أن النص الوارد في السندين يتطلب أن يكون الإيصال الدال على السداد محرراً بخط الدائن المحجور عليه إذ المقصود بهذا النص هو اشتراط الدليل الكتابي على السداد بأن يكون الإيصال موقعاً عليه من الدائن وليس بلازم أن يكون صلب الإيصال محرراً بخطه لأن الإيصال يعتبر حجة عليه متى ثبت صحة توقيعه عليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق