الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن 32 لسنة 31 ق جلسة 28 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 99 ص 730

جلسة 28 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(99)
الطعن رقم 32 لسنة 31 القضائية

عقد. "أركانه". "الإيجاب والقبول".
طرح وزارة الزراعة مناقصة توريد ليس إيجاباً منها وإنما مجرد دعوة إلى التعاقد. الإيجاب يصدر ممن يتقدم بعطائه بالشروط المبينة فيه. قبول الوزارة هذا الإيجاب بغير تحفظ ببرقية نوهت فيها بأن "التفصيل بالبريد". هذا التنويه لا يمنع من انعقاد العقد على أساس الإيجاب المذكور ما دام الخطاب المتضمن هذا التفصيل لم يصل إلى من تقدم بالعطاء قبل وصول البرقية.

---------------------
طرح وزارة الزراعة مناقصة توريد مادة على أساس الشروط الواردة في قائمة الاشتراطات لا يعتبر قانوناً إيجاباً منها وإنما هو مجرد دعوة إلى التعاقد أما الإيجاب فهو يصدر ممن يتقدم بعطائه بالشروط المبينة فيه، فإذا كانت الوزارة (الطاعنة) قد قبلت هذا الإيجاب الصادر من المطعون ضده بغير تحفظ ببرقية نوهت فيها بأن "التفصيل بالبريد" فإن هذا التنويه لا يمنع من انعقاد العقد على أساس الإيجاب المذكور ما دام الخطاب المتضمن هذا التفصيل لم يصل إلى المطعون ضده قبل وصول البرقية (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة "وزارة الزراعة" الدعوى رقم 1764 سنة 1954 كلي القاهرة وطلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 30135 ج و715 م والفوائد بواقع 5% من يوم 29 من يونيه سنة 1953 تاريخ رفع الدعوى المستعجلة رقم 411 لسنة 1953 مستعجل مصر - وقال بياناً لدعواه إنه في 4 من مارس سنة 1951 أعلنت وزارة الزراعة عن مناقصة لتوريد 125 طناً من مادة "الجامكسان" وحددت الشروط الطبيعية للمادة المطلوبة بأن تكون مسحوقة بحيث يمر 95% منها من منخل تبلغ عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وقد اتصل المطعون ضده بالشركات التي تنتج مادة الجامكسان والتي يتعامل معها فأبلغته إحداها بأنها على استعداد لتوريد الكمية المطلوبة من مادة الجامكسان على أن تكون تلك المادة "Fondu" وعلى أثر ذلك تقدم المطعون ضده بعطائه بتاريخ 24 من مارس سنة 1951 وذكر فيه أن المادة التي يعرض توريدها هي من صنف الجامكسان المتمايع Fondu وحرص على أن يكتب ذلك بخط اليد باللغتين الفرنسية والعربية - وإذ تلقى بتاريخ 12 من إبريل سنة 1951 برقية من وزارة الزراعة تتضمن قبولها العطاء المقدم منه في حدود أربعين طناً فقد أبرق فوراً إلى الشركة المشار إليها بالموافقة وقدم الضمان اللازم للوزارة، وبتاريخ 14 من يونيه سنة 1951 وصلت كمية الجامكسان المطلوبة إلى ميناء الإسكندرية فأخطر الوزارة بذلك في 16 من يوليه سنة 1951 لتقوم باستلامها إلا أنها تباطأت في الاستلام حتى 16 و17 من أكتوبر سنة 1951 ثم أعلنته بعد ذلك برفض الجامكسان بدعوى مخالفته للمواصفات إذ أنه ليس مسحوقاً وإنما هو متمايع Fondu وإزاء ذلك رفع المطعون ضده الدعوى رقم 411 سنة 1953 مستعجل مصر بصحيفة أعلنت في 29 من يونيه سنة 1953 طلب فيها إثبات حالة المادة التي قدمها وأماكن تخزينها ومدى صلاحيتها وتقدير الضرر الذي لحقه من تخزين هذه المادة في الأماكن المذكورة وقيمته - وبيان ما إذا كانت المادة الموردة من نوع الجامكسان الذي عرضه في عطائه المكتوب أم لا. وقد ندبت المحكمة الدكتور عبد العزيز فتحي رئيس فرع الكيمياء بقسم الحشرات الطبية بوزارة الصحة خبيراً في الدعوى وعهدت إليه القيام بالمهمة السابقة فقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المخازن ولو كانت صالحة للتخزين إلا أن التخزين يؤثر تدريجياً على مادة الجامكسان لأنها معبأة في براميل من حديد تسبب تحليلها تدريجياً وقرر الخبير أن مادة الجامكسان التي وردها المطعون ضده من النوع المصهور وتتفق مع المواصفات التي عرضها على وزارة الزراعة في عطائه المكتوب وأشار إلى أن كلمة متميع ليست ترجمة صحيحة لعبارة Fondu وأن ترجمتها الصحيحة هي "مصهور" وأن العبرة في صفة المادة هي بالتعبير الفني الكيميائي باللغة الأجنبية كما قطع بأنه لا يمكن أن تكون المادة مسحوقة ومصهورة Fondu في وقت واحد - وإذ أصرت الطاعنة على موقفها من الامتناع عن صرف ثمن الجامكسان المورد فقد أقام المطعون ضده دعواه الحالية طالباً إلزامها بالثمن والتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية على النحو السابق بيانه - وأثناء نظر الدعوى رفعت الطاعنة دعوى فرعية طلبت فيها إلزام المطعون ضده بأن يدفع لها مبلغ 28172 ج قيمة التعويض عما تحملته من خسارة من جراء عدم توريد المطعون ضده البضاعة التي رسا عطاؤها عليه - وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1955 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى الفرعية المقامة من الوزارة الطاعنة وقبل الفصل في موضوع الدعوى الأصلية بندب الدكتور عبد العزيز فتحي خبيراً فيها لبيان مدى صلاحية الجامكسان الذي ورده المطعون ضده للاستعمال في الأغراض المخصص لها وقيمته في السوق عند الاستلام أي في يوم 16 من أكتوبر سنة 1951 - وقطعت في أسباب حكمها بأن إرادة المتعاقدين قد شابها غلط منع من انعقاد العقد فبينما شاءت الوزارة أن تشتري جامكسان ناعماً فقد انصرفت إرادة المطعون ضده إلى أن يورد جامكسان مصهوراً وهذا التعارض بين إرادتي الطرفين منع من إبرام العقد فاستحال العقد إلى واقعة مادية تولد التعويض في جانب الطرفين لوقوع خطأ مشترك منهما - وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي خلص فيه إلى أن الجامكسان المورد من المطعون ضده يصلح للأغراض المخصص لها وأنه يصلح لاستعمال الوزارة الطاعنة ويسد حاجتها فقضت المحكمة بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1956 بإلزام الطاعنة بدفع مبلغ 10662 ج و480 م قيمة النص فيما رأى الخبير أن المطعون ضده قد تحمله من خسارة بسبب رفض البضاعة الموردة منه - استأنف المطعون ضده هذين الحكمين بالاستئناف رقم 488 سنة 74 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً القضاء أصلياً بإلغاء الحكم الصادر في 30 من يونيه سنة 1955 فيما تضمنه من استبعاد المسئولية العقدية واعتباره مشتركاً في الخطأ وتعديل الحكم الصادر بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1956 على هذا الأساس وإلزام الوزارة بطلباته الأصلية - واحتياطياً - وعلى أساس المسئولية التقصيرية بتعديل الحكم الصادر في 20 من ديسمبر سنة 1956 وبإلزام الوزارة الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 21424 ج و960 م - كما استأنفت الوزارة الحكمين الآنف ذكرهما بالاستئناف رقم 45 سنة 75 قضائية طالبة القضاء بإلغائهما والحكم برفض دعوى المطعون ضده وبإلزام المطعون ضده في الدعوى الفرعية بأن يدفع لها مبلغ 28172 ج وقد قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين وقضت فيهما بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1960 (أولاً) في موضوع الاستئناف رقم 407 سنة 74 ق بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20 من يونيه سنة 1955 فيما تضمنه من استعباد مسئولية وزارة الزراعة العقدية وبتعديل الحكم الصادر بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1956 إلى مبلغ 17800 ج يخصم منها مبلغ 1920 ج - جملة ثمن الجامكسان المبيع بالمزاد العلني بتاريخ أول فبراير سنة 1960 وبإلزام وزارة الزراعة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 15880 ج والفوائد بواقع 4% سنوياً عن مبلغ الـ 17800 ج من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 11 من إبريل سنة 1954 حتى أول فبراير سنة 1960 وعن مبلغ 15880 ج من أول فبراير سنة 1960 لغاية السداد والمصاريف الرسمية عن الدرجتين. (ثانياً) في موضوع الاستئناف رقم 45 سنة 76 ق المرفوع من وزارة الزراعة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 30 من يونيه سنة 1955 فيما قضى به من رفض دعوى وزارة الزراعة الفرعية وإلزامها بالمصروفات. فطعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ أهدر الصفة الجوهرية التي اشترطت الوزارة وجوب توافرها في المادة محل التوريد قد مسخ إرادة المتعاقدين وخالف الثابت في الأوراق وقد أدى به ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن إرادة المتعاقدين قد وضحت في اتجاهها إلى أن يكون الجامكسان ناعماً بحيث إن 95% منه تمر في منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة - على ما هو ثابت من شروط المناقصة الموقع عليها من المطعون ضده بما يفيد قبوله التوريد على وقفها مع شرط آخر أضافه إليها وهو أن يكون الجامكسان متمايعاً Fondu بالإضافة إلى كونه مسحوقاً ناعماً وقد قبلت الوزارة الطاعنة هذا الشرط المضاف إلى شروطها وأخطرته بذلك ببرقيتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1951 وضمنت هذه البرقية عبارة "والتفصيل بالبريد" وبتاريخ 14 من إبريل سنة 1951 حرر بين الطرفين كشف تفصيلي اشترط فيه أن يكون الجامكسان متمايعاً Fondu ثم ذكر به في ذات الوقت أنه يجب أن يكون مسحوقاً ناعماً مما مؤداه أن المطعون ضده قد أضاف صفة من المستحيل توافقها مع الصفة الجوهرية التي اشترطتها الوزارة في المادة محل التعاقد مما تقتضي استبعاد هذه الإضافة المستحيلة وبقاء شرط الوزارة وحده قائماً - إلا أن الحكم المطعون فيه خرج على هذه الإرادة الواضحة بتقريره أن المطعون ضده لم يقبل الشرط الخاص بصفة المادة حسبما ورد بالعطاء وإنما استبدل به شرطاً جديداً كبته بخط اليد في عطائه الذي تقدم به - وهذا القول من الحكم ينطوي على تأويل خاطئ لعبارة العقد الواضحة ومخالفة لما تقضي به المادة 150 من التقنين المدني - كما أن الحكم قد أول البرقية الصادرة من الوزارة بقوله إنها تتضمن قبولاً لإيجاب المطعون ضده بدون تحفظ عن توريد جامكسان "متمايع" فقط في حين أن هذه البرقية جاء نصها كالآتي "عطاؤكم مناقصة 24 مارس الماضي قبل عن توريد 40 طناً جامكسان والتفصيل بالبريد" - وذكر هذه العبارة الأخيرة من شأنه أن يجعل القبول غير نهائي كما أن مؤدى البرقية أن قبول الوزارة لإيجاب المطعون ضده بتوريد الجامكسان وفقاً لشروط العطاء مضافاً إليها الشرط الجديد وهو أن يكون الجامكسان متمايعاً ولم ينتظر المطعون ضده وصول التفصيل إليه بالبريد بل أسرع إلى الوزارة بعد يومين من إرسال البرقية الآنف ذكرها ووقع على كشف 14 من إبريل سنة 1951 الوارد به ذات المواصفات المفصلة السابق بيانها بشروط العطاء وقد نص فيه تحت عبارة اسم الصنف أنه جامكسان حسب المواصفات الموضحة بعد كما ذكر به كذلك الوصف الذي أراد المطعون ضده توافره في الجامكسان الذي يقوم بتوريده بالإضافة إلى هذه المواصفات وهو أن يكون متمايعاً Fondu وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أساس إهدار الشرط الجوهري الصحيح لصنف الجامكسان الذي ما قبلت الطاعنة التعاقد إلا على أساسه وإعمال الشرط المضاف من المطعون ضده فإن الحكم يكون قد مسخ إرادة المتعاقدين وخالف القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل دفاع الطرفين انتهى إلى القول "ومن حيث إن الواقع في الدعوى أنه في 4 من مارس سنة 1951 أعلنت وزارة الزراعة عن مناقصة لتوريد 125 طناً من مادة "الجامكسان" وحددت شروطاً معينة لتلك المادة كان من بينها أنها مادة مسحوقة بحيث يمر 95% منها من منخل تبلغ ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة فقدم كامل عثمان عطاءه بكتاب مكتوب بخط اليد مؤرخ 24 من مارس سنة 1951 موضحاً أن الجامكسان الذي يتقدم به مختلف عن ذلك الذي تطلبه الوزارة إذ حرص أن يذكر أن الجامكسان الذي يتقدم بتوريده Fondu أي أنه "مصهور" وقد ترجمها خطأ بكلمة "متمايع" على النحو الذي أوضحه الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة - وأن ذلك يعتبر من جانب كامل عثمان رفضاً لشرط المناقصة فيما يتعلق بأن مادة الجامكسان مسحوقة يمر 95% منها في منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة - وعرضا مستجداً على الوزارة مستقلاً عن شروط المناقصة في هذا الخصوص فكامل عثمان لم يوافق على إيجاب الوزارة ولكنه أضاف شروطاً تعدل فيه وتخرج به إلى كيان جديد الأمر الذي يقطع بأنه لم يقبل توريد الجامكسان مسحوقاً على صورة تجعله ينفذ من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وإنما قبل توريده بشرط أن يكون الجامكسان Fondu أي مصهوراً وقد ترجمها خطأ بكلمة متمايع وقد أجابت الوزارة على هذا العرض المبتدأ بقبولها له قبولاً مجرداً عن التحفظات ببرقيتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1951 والتي ذكرت فيها ما نصه حرفياً "عطاؤكم مناقصة 24 مارس الماضي قبل عن توريد 40 طناً جامكسان والتفصيل بالبريد، وبهذا تم التعاقد بين الطرفين ومن ثم فعقد التوريد قد تم في الإطار الذي حدده كامل عثمان في إيجابه الموجه إلى الوزارة في 24 من مارس سنة 1951 والمشار إليه آنفاً ولا يقدح في ذلك ما تدفع به الوزارة من أن كامل عثمان قد أرفق مع العطاء المقدم منه في خطابه المؤرخ 24 من مارس سنة 1951 سالف الذكر مناقصة الجامكسان موضوع النزاع المتضمن أن يكون الجامكسان مسحوقاً يمر من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة مما يفيد قبوله لشروط المناقصة وأنه أي كامل عثمان قد وقع على كشف مؤرخ 14 من إبريل سنة 1951 يتضمن أن الجامكسان موضوع الدعوى مسحوق يمر من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وأورد الحكم عبارات الخطاب... ذلك أن كامل عثمان لم يقبل الشروط التي وضعتها الوزارة في مناقصتها بل أضاف إليها شرطاً يعدل في شروط المناقصة وهو أنه لا يقبل توريد الجامكسان مسحوقاً على صورة تجعله ينفذ من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وفقاً لشروط الوزارة وإنما يقبل التوريد على أن يكون الجامكسان - Fondu أي مصهوراً وقد ترجمها خطأ بكلمة "متمايع".. ثم قال الحكم "إن كامل عثمان قال في الخطاب المكتوب بخط اليد والمؤرخ 24 من مارس سنة 1954 أنه يرفق مناقصة الجامكسان حسب شروط المناقصة مع الشروط الآتية: (أولاً) أن يكون الجامكسان متمايعاً - Fondu يحتوي على 13% جاما - الأمر الذي يقطع بأنه لم يقبل الشروط التي وضعتها الوزارة في مناقصتها من أن يكون الجامكسان مسحوقاً يمر 95% منه من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة وإلا لما كان هناك حاجة إلى التنويه بأنه يقبل توريد الجامكسان بشرط أن يكون Fondu متمايعاً - هذا إلى أن الكشف الأول وهو كشف مطبوع من الوزارة قد أرفق به كامل عثمان كشفاً حرص على أن يكتبه بخط اليد بين فيه أنه يقبل توريد الجامكسان بشرط أن يكون Fondu متمايعاً فكان هذا دالاً بذاته على أن ما ورد بالكشف المطبوع من شروط تخالف العطاء الذي تقدم به كامل عثمان يعتبر منسوخاً - ومضى الحكم قائلاً "ومن حيث إنه فيما يتعلق بالكشف المؤرخ 14 من إبريل سنة 1951 والموقع عليه من الطرفين والذي تستند إليه الوزارة في أن كامل عثمان قد ارتضى أن يورد الجامكسان مسحوقاً ومتمايعاً - فإنه يبين من مطالعة هذا الكشف أنه قد ذكر في صدره ما يأتي حرفياً "اسم الصنف جامكسان متمايع Fondu" ثم ورد في ذيل هذا الكشف "يجب أن يكون الجامكسان مسحوقاً ناعماً بحيث إن 95% منه تمر من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة" وهذا الشرط الأخير فضلاً عن أنه يتعارض مع ما ورد في صدر هذا الكشف فإن كامل عثمان سبق أن رفضه أصلاً بعطائه المكتوب بخط اليد والمؤرخ 24 من مارس سنة 1951 والذي حرص فيه أن يذكر بأن الجامكسان الذي يتقدم بتوريده Fondu متمايع وأن هذا العرض المبتدأ من جانب كامل عثمان قد صادف قبولاً مطابقاً له من الوزارة ببرقيتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1951 وفق ما سلف بيانه" هذا وقد وقع تناقض بين العبارتين الواردتين في هذا الكشف عن صنف الجامكسان إذ "أنه ورد في صدره أن الصنف Fondu متمايع وورد في ذيله أنه مسحوق بحيث يمر 95% منه من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة" والقاعدة أنه إذا قام التناقض بين عبارتين اجتهد القاضي في التوفيق بينهما فلو أمكن إعمال العبارتين معاً فعل - فإذا كان التناقض يستعصى معه الجمع بين العبارتين على أية صورة اختار القاضي العبارة التي يظهر له أن المتعاقدين كانا يريدانها دون الأخرى - وقد تبين من تقرير الدكتور عبد العزيز فتحي مدير مصنع الـ د. د. ت الحكومي بقسم إبادة الحشرات بوزارة الصحة الذي قدمه للمحكمة في القضية رقم 411 لسنة 1953 مستعجل مصر المنضمة إلى ملف هذه الدعوى أن كلمة Fondu بالفرنسية معناها بالعربية مصهوراً وذلك عند استعمالها كاصطلاح كيماوي - وأن مادة الجامكسان غير متمايعة ولا يمكن أن تكون متمايعة وأن الجامكسان يكون مصهوراً وفي الوقت نفسه يكون على هيئة مسحوق ناعم فهذا ما لم تنتجه الصناعة حتى الآن ومن ثم فلا مجال لإعمال كلمتي مسحوق ومتمايع لأن مادة الجامكسان غير متمايعة ولذلك لا مجال لإعمال كلمتي مسحوق ومنصهر فهما نقيضان على ما سلف ومن ثم وجب البحث في أي العبارتين فقد اتجهت إرادة المتعاقدين إلى اختيارها - ومن المتفق عليه أن للمحكمة في تقرير ما ترى أنه مقصود العاقدين أن تستعين بظروف الدعوى وملابساتها وما قد يكون قد تقدم العقد المتنازع عليه من اتفاقات عن موضوع التعاقد ذاته" وبعد أن أورد الحكم وقائع الدعوى والظروف التي لابستها خلص إلى القول بأن إرادة المتعاقدين قد تلاقت عند توريد جامكسان مصهور وليس ناعماً وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد الكافي على جميع ما أثارته الطاعنة أمام محكمة الموضوع في شأن الصفة الواجب توافرها في مادة الجامكسان التي تم التعاقد بين الطرفين على توريدها ذلك أن العطاء الذي تقدم به المطعون ضده وقد تضمن شروطاً أخرى أضافها إلى شروط المناقصة من بينها أن المادة التي يقبل توريدها هي جامكسان متمايع Fondu فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن الشرط الوارد فيما يختص بأن يكون الجامكسان مسحوقاً ناعماً يمر 95% منه من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة وأعمل الشرط الذي أضافه المطعون ضده بعطائه في هذا الشأن وذلك بعد أن تبين للحكم استحالة الجمع بين الوصفين في مادة الجامكسان فإنه لا يكون قد خالف القانون ذلك أن طرح الوزارة الطاعنة صفقة الجامكسان في المناقصة على أساس الشروط الواردة في قائمة الاشتراطات لا يعتبر قانوناً إيجاباً منها وإنما هو مجرد دعوة إلى التعاقد أما الإيجاب فقد صدر من المطعون ضده بتقدمه بعطائه بالشروط المبينة فيه وإذ كانت الوزارة الطاعنة قد قبلت هذا الإيجاب في حدود أربعين طناً بغير تحفظ وذلك بالبرقية التي أرسلتها إلى المطعون ضده في 12 من إبريل سنة 1951 وكان تنويهها في هذه البرقية بأن "التفصيل بالبريد" لا يمنع من انعقاد العقد على أساس الإيجاب الصادر من المطعون ضده ما دام الخطاب المتضمن هذا التفصيل لم يصل إلى المطعون ضده قبل وصول البرقية بل ولم يصل إليه أبداً بإقرار الطاعنة، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أعملت سلطتها في تفسير الغموض الذي نشأ بسبب ورود وصفين متناقضين للجامكسان هما Fondu ومسحوق ناعم في الإيجاب الصادر من المطعون ضده والذي قبلته الوزارة وتم العقد على أساسه وأخذت المحكمة بالمعنى الذي رأت أن إرادة الطرفين قد انصرفت إليه مستهدية في ذلك بظروف الدعوى وملابسات التعاقد وكان هذا التفسير الذي انتهت إليه المحكمة ليس فيه خروج على المعنى الظاهر لعبارات العقد ولا مسخ لإرادة المتعاقدين خلافاً لما تزعمه الطاعنة وقد بينت المحكمة الاعتبارات التي أدت بها إلى تغليب المعنى الذي أخذت به وهي اعتبارات معقولة مؤدية إلى ما انتهت إليه المحكمة سيما وأن المادة 151 من القانون المدني توجب تفسير الشك لمصلحة المدين وهو هنا المطعون ضده الملتزم - لما كان ما تقدم، وكان استظهار نية المتعاقدين مسألة موضوعية لا تدخل فيها لمحكمة النقض ما دامت الاعتبارات التي استندت إليها محكمة الموضوع مقبولة وكان لتلك المحكمة السلطة المطلقة في تفسير صيغ العقود والشروط المختلف عليها واستجلاء ما غمض فيها بما تراه أوفى إلى مقصود المتعاقدين - لما كان ما تقدم، وكانت ورقة 14 من إبريل سنة 1956 لم تأت بجديد ولم تتضمن تعديلاً لما تم التعاقد عليه بين الطرفين كما قرر الحكم المطعون فيه بحق، فإن النعي بجميع ما تضمنه يكون على غير أساس.


(1) راجع نقض 9/ 1/ 1964 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 68.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق