برئاسة السيد القاضي / عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمود التركاوى ، د . مصطفى سالمان ، أحمد العزب و إبراهيم الشلقانى نواب رئيس المحكمة .
-------------------------
(1) حق " حق التقاضي " .
حق التقاضي . حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي .
(2) اختصاص " الاختصاص القضائي الدولي " . حكم " عيوب التدليل : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه " . دعوى " شروط قبول الدعوى : المصلحة " " دعوى قطع النزاع " . محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى " .
القانون . عدم تحديده الدعاوى الجائز رفعها . قبول الدعوى . شرطه . أن يكون لصاحبها مصلحة قائمة وعاجلة يقرها القانون . كفاية المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله . م ٣ مرافعات .
(3) اختصاص " الاختصاص القضائي الدولي " . حكم " عيوب التدليل : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه " . دعوى " شروط قبول الدعوى : المصلحة " " دعوى قطع النزاع " . محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى " .
الدعاوى الوقائية . مناط قبولها . رغبة الشخص في إيقاف مسلك تهديدي لخصمه يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالي أو سمعته . المذكرة التفسيرية لق المرافعات السابق . اندراج دعوى قطع النزاع تحت تلك الدعاوى . تقدير جدية المزاعم والادعاءات التي تجيز رفع الدعوى وكذا أضرارها . من سلطة محكمة الموضوع . شرطه . إقامة قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
(4) اختصاص " الاختصاص القضائي الدولي " . حكم " عيوب التدليل : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه " . دعوى " شروط قبول الدعوى : المصلحة " " دعوى قطع النزاع " . محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى " .
اختصاص المحاكم المصرية الثابت لها وفقاً للقانون المصري . عدم جواز الخروج عنه . علة ذلك .
---------------------
1 - من المبادئ الدستورية أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الاتجاه إلى قاضيه الطبيعي .
2 - لم يحدد القانون الدعاوى التي يجوز رفعها ؛ إذ توجد دعوى كلما كانت هناك مصلحة قانونية تحتاج إلى الحماية بواسطة القضاء ، فالأصل العام المسلم به وطبقًا لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات هو عدم قبول أي دعوى لا يكون لصاحبها فيها مصلحة قائمة وعاجلة يقرها القانون ؛ إعمالًا لمبدأ الاقتصاد في الخصومة ، على أن المصلحة المحتملة تكفى حيث يراد بالطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق ، أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه .
3 - إذ تسمى هذه الدعاوى بالدعاوى الوقائية ( الدعوى المقامة بناء على مصلحة محتملة ) ، ويندرج تحتها دعوى قطع النزاع تلك التي بمقتضاها – وطبقًا لما ورد بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابق – يجوز لمن يريد وقف مسلك تهديدي أن يكلف خصمه الذى يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالي أو بسمعته الحضور لإقامة الدليل على صحة زعمه ، فإن عجز حُكِمَ عليه بفساد ما يدعيه وحُرِم من رفع الدعوى فيما بعد ، على أنه يجب ألا تكون هذه المزاعم مجرد تخرصات فارغة ؛ وإلا كانت الدعوى غير مقبولة ، على أن تقدير جدية هذه المزاعم والادعاءات وضررها وما إذا كانت تشكل تعرضًا لحقوق المدعى ومركزه القانوني أم لا ، هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضى الموضوع ، إلا أنه يتعين عليه أن يقيم قضاءه في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفى لحمله .
4 - مؤدى النص في البند الثاني من المادة ٣٠ من قانون المرافعات أنه لا يجوز الخروج من اختصاص المحاكم المصرية الثابت لها وفقًا للقانون المصري ، لأن الدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها ، مقدرة في ذلك أن أداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحققها إلا بواسطة محاكمها التي ترى أنها دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية .
--------------
المحكمة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الهيئة الطاعنة أقامت على الشركتين المطعون ضدهما الدعوى رقم 534 لسنة 2003 مدنى بورسعيد الابتدائية بطلب الحكم "ببراءة ذمتها من أية مبالغ بدعوى التعويض عن تلف المحولات التي تم تفريغها بمعرفة الشركة المطعون ضدها الأول وتحت مسئوليتها على رصيف ميناء التفريعة الشرقية ببورسعيد يوم 27 من ديسمبر سنة 2001" ، وقالت في بيان ذلك إنها أجَّرَت للشركة المطعون ضدها الأولى ونش عائم حمولة 500 طن لتنفيذ عملية تفريغ ثلاثة محولات زنة الواحد 223 طناً من البارج إلى رصيف الميناء ، وإنهما اتفقتا في العقد على تولى الأخيرة الإشراف بالكامل على العملية وتحملها بمفردها لكل مخاطرها ونتائجها ، وإذ نَفَّذَت الهيئة التزامها بوضع الونش تحت تصرف الشركة المطعون ضدها الأولى ، ففوجئت بزعم الأخيرة بمسئولية الهيئة عن حدوث تلفيات بالمحولات المذكورة أثناء تنفيذ عملية تفريغها ، ومن ثم كانت الدعوى ، وبتاريخ 25 من أكتوبر سنة 2003 حكمت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الآوان . استأنفت الهيئة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1021 لسنة 44 ق ، أمام محكمة استئناف بالإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" وبتاريخ العاشر من مايو سنة 2005 قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الهيئة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت فيها نقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة ، حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الهيئة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، وإذ انتهى في قضاؤه إلى عدم قبول دعواها ، استناداً إلى أن وجود طلب قضائي خاص بموضوع التداعي منظور أمام القضاء الفرنسي يُعد قيداً على حريتها في اللجوء إلى القضاء المصري ، ومانعاً من قبول دعواها بقطع النزاع ، رغم مخالفته لقواعد الاختصاص الدولي وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه وبما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك بأنه من المبادئ الدستورية أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الاتجاه إلى قاضيه الطبيعي ... ، ولم يحدد القانون الدعاوى التي يجوز رفعها ، إذ توجد دعوى كلما كانت هناك مصلحة قانونية تحتاج إلى الحماية بواسطة القضاء ، فالأصل العام المسلم به وطبقاً لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات هو عدم قبول أي دعوى لا يكون لصاحبها فيها مصلحة قائمة وعاجلة يقرها القانون ، إعمالاً لمبدأ القضاء في الخصومة ، على أن المصلحة المحتملة تكفى حيث يراد بالطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق ، أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه ، ولذلك تسمى هذه الدعاوى بالدعاوى الوقائية ، ويندرج تحتها دعوى قطع النزاع تلك التي بمقتضاها – وطبقاً لما ورد بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابق – يجوز لمن يريد وقف مسلك تهديدي أن يكلف خصمه الذى يحاول بمزاعمه الإضرار بمركزه المالي أو بسمعته الحضور لإقامة الدليل على صحة زعمه ، فإن عجز حُكِمَ عليه بفساد ما يدعيه وحُرِم من رفع الدعوى فيما بعد ، على أنه يجب ألا تكون هذه المزاعم مجرد تخرصات فارغة ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة ، على أن تقدير جدية هذه المزاعم والادعاءات وضررها وما إذا كانت تشكل تعرضاً لحقوق المدعى ومركزه القانوني أم لا ، هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع ، إلا أنه يتعين عليه أن يقيم قضاءه في هذا الشأن على أسباب سائغة تكفى لحمله . وكان النص في البند الثانى من المادة 30 من قانون المرافعات على أن "تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التى ترفع على الأجنبى الذى ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية ، وذلك في الأحوال الآتية : 1 ...... 2 إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية ، أو كانت متعلقة بالتزام نشأن أو نُفذ أو كان واجباً تنفيذه فيها ، أو كانت متعلقة بإفلاس أُشهر فيها " مؤداه أنه لا يجوز الخروج من اختصاص المحاكم المصرية الثابت لها وفقاً للقانون المصرى ، لأن الدولة هى التى ترسم حدود ولاية القضاء فيها ، مقدرة في ذلك أن أداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحققها إلا بواسطة محاكمها التى ترى أنها دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية . لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن الهيئة الطاعنة قد أقامت دعواها لقطع النزاع على مزاعم الشركة المطعون ضدها الأولى ، بمسئولية الهيئة عن تلفيات حدثت بعد ثلاثة محولات مملوكة للشركة حال تغريغها من البارج إلى رصيف الميناء ، باستخدام ونش مستأجر من الهيئة ، وكانت المطعون ضدها الأولى شركة مساهمة مصرية ، وكانت الدعوى متعلقة بالتزام نشأ ونُفِذَ في مصر ، فإن القضاء المصرى يكون مختصاً بنظرها دون تقيد بنوع الدعوى ، وبصرف النظر عما إذا كان الالتزام تعاقدياً أم تقصيرياً .
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وانتهى في قضائه إلى اعتبار أن وجود طلب قضائى عن ذات موضوع التداعى منظور أمام القضاء الفرنسى رغم عدم اختصاصه – على نحو ما سلف بيانه – بمثابة قيد على حق الطاعنة في اللجوء إلى القضاء المصرى ، ومانعاً من نظر دعواها بقطع النزاع ، سالباً بذلك حقها في اللجوء إلى قاضيها الطبيعى ، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، مما يوجب نقضه ، على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسماعيلية – مأمورية بورسعيد – للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق