الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

(الطعن 27639 لسنة 68 ق جلسة 1 / 4 / 2002 س 53 ق 89 ص 544)

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.
---------------------
1 - لما كان ما تمسك به دفاع المتهم من الدفع بعدم جدية التحريات، قد جاء قولا مرسلا على إطلاقه ولا يحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه وفضلا عن ذلك، فإن المحكمة عولت في قضائها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها الحكم ولم تعول على أي دليل مستمد من التحريات وما أسفرت عنه ومن ثم فلا حاجة للرد على الدفع.
 
2 - لما كان ما جاء بدفاع المتهم من أن المجني عليه تعددت رواياته وأنها متناقضة قول غير سديد، ذلك أن الثابت بالتحقيقات أن المجني عليه المذكور شهد بأن المتهم...... قد أصاب المجني عليهما في مقتل كما أصابه أيضا بأعيرة نارية من مسدس كان يحمله، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى تلك الأقوال وتأخذ منها دليلا على إدانة المتهم.
 
3 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وأنها حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها.
 
4 - لما كان حكم البراءة والذي قضت به محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر لا يقيد المحكمة في وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل، ذلك أن الواضح من مدونات حكم البراءة المرفق بالأوراق والذي قضى ببراءة المتهم أن سند البراءة هو أن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة قبله تحوطها الشكوك والريب وأنها جاءت قاصرة وعاجزة عن بلوغ حد الكفاية لاطمئنان المحكمة واقتناعها وأنها انتهت بمدونات حكمها للأسباب التي ذكرتها وأخذا بالمستندات التي قدمها المتهم وشهود نفيه إلى عدم تواجده بمكان الحادث وبالتالي فقد اطمأنت - المحكمة - إلى عدم مشاركته في ارتكاب الحادث وعدم صحة إسناد التهمة إليه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم البراءة سالف البيان أن القضاء ببراءة المتهم بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم، والمقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنوانا للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبينة على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي حدوث الواقعة المرفوعة بها الدعوى ماديا وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة، فضلا عن ذلك، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه.
 
5 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر.
 
6 - لما كان من المقرر وفقا لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذا من أقوال الشهود أن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التي طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أي من المجني عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان في حالة دفاع شرعي ومن ثم فإن دفعه في هذا الصدد يكون غير سديد متعينا رفضه.
 
7 - من المقرر قانونا أن نية الفصل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وهي ثابتة في حق المتهم أية ذلك ما ثبت بالتحقيقات أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية متعددة على المجني عليهم وأصابهم في مواضع قاتلة فضلا عن استعماله سلاحا ناريا قاتلا بطبيعته (مسدس) وأنه عاجل المجني عليهما الثاني والثالث بعد اعتدائه على الأول وسقوطه أرضا مضرجا في دمائه وثبوت أن هناك ضغائن وكراهية في نفسه قبل المجني عليهم من قبل وأنه هناك خلافات قديمة بينهم بسبب المنازعات على قطعة أرض كما قرر الشهود الذي يؤكد ويقينا على أنه عندما أطلق الأعيرة النارية صوبهم إنما كان يقصد إزهاق أرواحهم إشفاء لغليله ورغبة في الانتقام منهم وأنه إذا كان يقصد مجرد الاعتداء لما توالت الاعتداءات منه على المجني عليهم الثلاثة.
 
8 - لما كان من المقرر أن الاقتران يتوافر باستقلال الجريمتين المقترنتين عن جناية القتل وتميزها عنهما وقيام المصاحبة الزمنية بينهم بأن تكون الجنايات قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك موضوعي، وكان ذلك متوافرا في الدعوى الراهنة ومن ثم فقد توافر في الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات.
 
9 - حكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد وشروع فيه ....... إلخ.
----------------------
     1- اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه "عيارين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان آخرييان هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر. أولا: قتل ...... عمدا بأن أطلق عليه "عيارين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته. ثانيا: قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه "عياريين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. 2- أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "طبنجة". 3- أحرز ذخائر "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه. وإحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من والد المجني عليه الأول وأرملته والمجني عليه الثالث وورثة المجني عليه الثاني بإلزامه بأن يؤدي لكل منهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6 ،26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاما ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ...... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 21/ 2 - 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند "أ" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح والذخائر المضبوطة مع إلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"...... إلخ. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.
----------------------------
  من حيث إن هذه المحكمة - محكمة النقض - قد قضت في ..... بنقض الحكم المطعون فيه - لثاني مرة - ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملا بالمادة (45) من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أن شعورا بالكراهية كان يملأ نفس المتهم بسبب خلافه بينه وبين أبناء عمومته مرده نزاعات متعددة بسبب قطعة أرض زراعية ويتجدد النزاع بين الطرفين كل فترة، وأنه يوم الواقعة وحال مرور المجني عليهم وهم ....... و........ عمي المتهم ..... ابن عم آخر له وبسبب الخلاف السابق بينهم والضغينة المتأصلة في نفوسهم استثير المتهم وملأه الغضب وذلك حال مرور المجني عليهما الأول والثاني ومعهما ماشيتهما وقد تخلفت إحداها بأرض المتهم آكلة بعض المزروعات، فأشعل ذلك فتيل الغضب لديه وفجر الخلاف السابق بينهم فحدثت مشادة كلامية بينه وبين ...... وأعقبها إطلاقه - أي المتهم - عدة أعيرة نارية صوبه بقصد قتله من مسدس كان يحمله معه فأحدث به إصاباته التي أودت بحياته، ثم عاجل المتهم المجني عليه ....... بإطلاق عدة أعيرة عليه فحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته أيضا وفي تلك اللحظة كان المجني عليه ....... يسير بالقرب من مكان الحادث وإذ أبصره المتهم عاجله بإطلاق عيارين ناريين عليه قاصدا إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تم مداركتها بالعلاج. وتم ضبط المتهم والسلاح المستخدم في الحادث وبداخله طلقتين وخزانة احتياطية بداخلها ثلاث طلقات كما عثر على طلقة فارغة بمكان الحادث.
ومن حيث إن الواقعة على النحو المار بيانه قد قامت الأدلة وتوافرت على صحتها وصحة نسبتها إلى المتهم وذلك مما شهد به كل من ...... ومما ثبت من التقارير الطبية الشرعية.
وشهد ...... أنه ولدى سيره بالقرب من مكان الحدث تناهى إلى سمعه صوت طلقات نارية وإذ توجه صوبها شاهد المتهم ممسكا بطبنجة وهو يطلق منها أعيرة نارية على المجني عليهما ...... فخرا صريعين إثر ذلك ولدى مشاهدة المتهم له عاجله أيضا بإطلاق عيارين ناريين عليه من ذات السلاح فأحدث به بعض الإصابات.
وشهد ....... أنه أثناء توجهه لحقله شاهد المجني عليهما الأولين يسيران بالطريق معهما ماشيتهما ولدى وصولهما أرض المتهم والمجاورة لأرضهما دخلت إحدى الدواب حقل المتهم آكلة بعض النباتات فحدثت مشادة بينهما والمتهم وأنه إثر ذلك أطلق المتهم عليهما عدة أعيرة نارية أصابتهما في مقتل فأردتهما قتيلين ثم ظهر المجني عليه الثالث ...... فعاجله بعدة طلقات نارية من ذات السلاح أصابته، ثم قام الشاهد - بإحضار سيارة ونقل المجني عليهم للمستشفى.
وشهد ...... بمضمون ما شهد به الشاهدين السابقين. وثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ....... أن به الإصابات التالية (1) جرح ناري (فتحة دخول) حوافيه متسحجة مستدير الشكل قطره حوالي 1سم بقمة الرأس. (2) جرح ناري (فتحة دخول) مستدير الشكل قطره حوالي 1سم حوافيه متسحجة بأعلى وحشية مقدم العضد الأيسر. (3) جرح ناري (فتحة خروج) مستديرة الشكل قطره حوالي 2سم جوانبه مشرذمة واقع أعلى الجانب الخارجي للعضد الأيسر، وأن هذه الإصابات نارية حيوية حديثة، وحدثت إصابة الرأس من العيار الناري المستقر بالرأس، وقد أطلق عليه من سلاح مششخن معد لإطلاق الأعيرة النارية من عياره ومن مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب باتجاه أساسي للوضع القائم الثابت للجسم من أعلى ويسار وأمام إلى أسفل ويمين وخلف وأن العيار المطلق على العضد الأيسر لا يمكن تحديد نوعه أو نوع السلاح المستخدم لعدم استقراره وأطلق عليه من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب وباتجاه أساسي للوضع القائم الثابت للجسم من أمام للخلف وأن الوفاة حدثت من العيار الناري المستقر بالرأس وما أحدثه من كسور بالجمجمة وتهتك بالمخ وأن إصاباته جائزة الحدوث وفق تصوير الشهود.
وثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ........ من أن به من الإصابات ما يلي: (1) جرح ناري (فتحة دخول) مستدير الشكل قطره حوالي 1سم حوافيه متسحجة واقع أعلى يمين الصدر. (2) جرح ناري (فتحة خروج) مستدير الشكل قطره حوالي 2سم حوافيه مشرذمة أعلى أنسجة يسار الظهر أسفل العنق بحوالي 20سم. (3) جرح ناري (فتحة دخول) مستدير الشكل قطراه حوالي 1سم حوافيه متسحجة واقع أعلى وحشية الساق اليمنى. (4) جرح ناري (فتحة خروج) مستدير الشكل قطراه حوالي 1سم حوافيه مشرذمة أسفل وحشية الفخذ الأيمن وأن إصاباته بالصدر والساق اليمنى نارية حيوية حديثة حدثت كل منها من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوعه أو نوع السلاح وأطلق من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب باتجاه أساسي للوضع القائم الثابت بالجسم بالنسبة لعيار الصدر من يمين وأمام وأعلى إلى يسار وخلف وأسفل وبالنسبة لعيار الساق من أسفل لأعلى، وأن الوفاة حدثت من العيار الناري النافذ بالصدر وما أحدثه من تهتك بالرئتين وما صاحب الحالة من نزيف دموي غزير، ويجوز حدوث إصاباته وفق تصوير الشهود.
وثبت من التقرير الطبي الشرعي الخاص بالمجني عليه ........ أن إصاباته بالصدر والبطن والظهر كانت نارية حيوية حديثة في وقت قد يتفق وتاريخ الحادث. وثبت من تقرير فحص السلاح والذخائر المضبوطة مع المتهم والطلقة الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث، أن السلاح طبنجة صالحة للاستعمال. وأن إصابات المجني عليهما المتوفين جائزة الحدوث من مثلها، وأنها أطلقت في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأن الطلقة الفارغة أطلقت من نفس السلاح المضبوط وأن الخمس طلقات المضبوطة مع المتهم من ذات عيار السلاح وصالحة للاستعمال وحيث سئل المتهم بتحقيقات النيابة أنكر الاتهام المسند إليه. وحيث إنه وبجلسة المحاكمة حضر المتهم ومحاميه واعتصم بالإنكار كما حضر المدعون بالحقوق المدنية ومعهم وكيلهم طالبين القضاء بالتعويض المؤقت وقدره 501 جنيها عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية من جراء الحادث، وشرح الحاضر مع المتهم وقائع الدعوى وطلب براءته على سند من عدم جدية التحريات وتناقض أقوال المجني عليه الثالث فضلا عن أن هناك متهما آخر في الدعوى قضي ببراءته وتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لسبق حدوث اعتداء على المتهم.
وحيث إنه عما تمسك به دفاع المتهم من الدفع بعدم جدية التحريات. قد جاء قولا مرسلا على إطلاقه ولا يحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه وفضلا عن ذلك، فإن المحكمة عولت في قضائها على ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها الحكم ولم تعول على أي دليل مستمد من التحريات وما أسفرت عنه ومن ثم فلا حاجة للرد على الدفع.
وحيث إنه عما جاء بدفاع المتهم من أن المجني عليه تعددت رواياته وأنها متناقضة قول غير سديد. ذلك أن الثابت بالتحقيقات أن المجني عليه المذكور شهد بأن المتهم ...... قد أصاب المجني عليهما في مقتل كما أصابه أيضا بأعيرة نارية من مسدس كان يحمله، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى تلك الأقوال وتأخذ منها دليلا على إدانة المتهم.
ومن حيث إنه بالنسبة لدفاع المتهم بأن هناك متهما آخر في الدعوى قد قضي ببراءته وأن أدلة الدعوى واحدة بالنسبة له وللمتهم الماثل فإن هذا الدفاع مردود ذلك أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وأنها حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، فضلا عن أن حكم البراءة والذي قضت به محكمة أخرى بالنسبة لمتهم آخر لا يقيد المحكمة في وزنها لأدلة الإدانة قبل المتهم الماثل. ذلك أن الواضح من مدونات حكم البراءة المرفق بالأوراق والذي قضى ببراءة المتهم أن سند البراءة هو أن الأدلة التي ساقتها النيابة العامة قبله تحوطها الشكوك والريب وأنها جاءت قاصرة وعاجزة عن بلوغ حد الكفاية لاطمئنان المحكمة واقتناعها وأنها انتهت بمدونات حكمها للأسباب التي ذكرتها وأخذاً بالمستندات التي قدمها المتهم وشهود نفيه إلى عدم تواجده بمكان الحادث وبالتالي فقد اطمأنت - المحكمة - إلى عدم مشاركته في ارتكاب الحادث وعدم صحة إسناد التهمة إليه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات حكم البراءة سالف البيان أن القضاء ببراءة المتهم بني على أسباب شخصية لصيقة بذات المتهم، والمقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنوانا للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي حدوث الواقعة المرفوعة بها الدعوى ماديا وهو الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى المطروحة، فضلا عن ذلك، فإنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة، إذ الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه، لما هو مقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر. ومن حيث إنه وبالنسبة لما تمسك به الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس لدى المتهم، فإن المقرر وفقا لما استقر عليه قضاء النقض أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الثابت للمحكمة أخذاً من أقوال الشهود أن المتهم هو الذي بادر بالاعتداء على المجني عليهم بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبهم إثر المشادة الكلامية التي طرأت بينهم ولم يثبت اعتداء أي من المجني عليهم على المتهم ابتداء حتى يتذرع أنه كان في حالة دفاع شرعي ومن ثم فإن دفعه في هذا الصدد يكون غير سديد متعينا رفضه.
ومن حيث إنه عن نية القتل فإن المقرر قانونا أنها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وهي ثابتة في حق المتهم أية ذلك ما ثبت بالتحقيقات أن المتهم أطلق عدة أعيرة نارية متعددة على المجني عليهم وأصابهم في مواضع قاتلة فضلا عن استعماله سلاحا ناريا قاتلا بطبيعته (مسدس) وأنه عاجل المجني عليهما الثاني والثالث بعد اعتدائه على الأول وسقوطه أرضا مضرجا في دمائه وثبوت أن هناك ضغائن وكراهية في نفسه قبل المجني عليهم من قبل وأنه هناك خلافات قديمة بينهم بسبب المنازعات على قطعة أرض كما قرر الشهود الذي يؤكد ويقينا على أنه عندما أطلق الأعيرة النارية صوبهم إنما كان يقصد إزهاق أرواحهم إشفاء لغليله ورغبة في الانتقام منهم وأنه إذا كان يقصد مجرد الاعتداء لما توالت الاعتداءات منه على المجني عليهم الثلاثة.
وحيث إنه عن الاقتران فإنه يتوافر باستقلال الجريمتين المقترنتين عن جناية القتل وتميزها عنهما وقيام المصاحبة الزمنية بينهم بأن تكون الجنايات قد ارتكبت في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك موضوعي، وكان ذلك متوافرا في الدعوى الراهنة ومن ثم فقد توافر في الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/2 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود الإثبات التي تأيدت بما جاء بالتقارير الطبية الشرعية وتطرح المحكمة جانبا إنكار المتهم بالتحقيقات وبالجلسة إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون مجادلة منه للتنصل من الاتهام الذي أحاط به. وحيث إنه لما تقدم، فإنه يكون قد ثبت في عقيدة المحكمة وعلى وجه الجزم والقطع واليقين أن المتهم:في يوم ............ بدائرة مركز ........ محافظة قنا.
أولا: قتل ......عمدا بأن أطلق عليه "عيارين ناريين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به  الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخرييان هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر.
1- قتل .... عمدا بأن أطلق عليه أعيرة نارية من مسدس كان يحمله قاصدا من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته الأمر المنطبق عليه نص المادة 234/1 من قانون العقوبات.
2- شرع في قتل ..... عمدا بأن أطلق عليه عيارين ناريين من مسدس كان يحمله قاصدا من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركته بالعلاج الأمر المؤثم بالمواد 45، 46، 234/1 من قانون العقوبات.
ثانيا: أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (مسدس).
ثالثا: أحرز ذخائر (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصا له في حمله أو إحرازه الأمر المعاقب عليه بالمواد 1/1، 6، 26/2-5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول الأمر الذي يتعين معه إعمال تلك المواد في حقه ومعاقبته بمقتضاها والمادة 234/2 عقوبات وبالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن الجرائم المسندة إلى المتهم قد ارتبطت ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة ومن ثم يتعين معاقبته بالعقوبة المقررة لأشدها إعمالا لنص المادة 32/2 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه نظرا لظروف الدعوى وملابساتها فإن المحكمة ترى أخذ المتهم بقسط من الرأفة في نطاق الحق المخول لها بمقتضى ما نصت عليه المادة (17) عقوبات.
ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية وقد خلصت المحكمة إلى قضائها المتقدم من ثبوت الاتهام حيال المتهم ومن ثم فقد توافرت للدعوى المدنية أركانها الموجبة للمسئولية وفقا لما نصت عليه المادة 163 من القانون المدني من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما واتصال السبب بالمسبب، ومن ثم تكون هذه الدعوى قد قامت على سند صحيح من الواقع والقانون وتقضي المحكمة للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت وقدره 501 جنيه عما أصابهم من ضرر إعمالا لحكم المادة (251) من قانون الإجراءات الجنائية وإلزام المدعى عليه (المتهم) المصاريف شاملة أتعاب المحاماة عملا بنص المادة (320) من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن المضبوطات فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملا بنص المادة 30 من القانون 394 المعدل والمادة 30/2 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصاريف الجنائية فإن المحكمة تلزم بها المتهم عملا بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق