الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 سبتمبر 2014

(الطعنان 4039 ، 4074 لسنة 74 ق جلسة 8 /5 /2005 س 56 ق 80 ص 458)

برئاسة السيد المستشار / فؤاد شلبي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حامد مكي ، جرجس عدلي نائبي رئيس المحكمة ، محمد خليفة ومعتز مبروك .
------------
(1) أشخاص اعتبارية " أشخاص القانون الخاص : الشركات ". شركات " شركات المساهمة : تنظيمها " .
الشركات المساهمة . تكوينها ونظامها وإدارتها . تعلقها بإرادة المشرع التي يفرضها بنصوص آمرة .
(2) أشخاص اعتبارية " أشخاص القانون الخاص : الشركات ". شركات " الشخصية المعنوية للشركة : استقلال شخصية الشركة عن الشركاء " .
الشركة . اعتبارها شخصاً معنوياً مدنية كانت أو تجارية . م 52 مدنى . مؤداه . استقلالها بمجرد تكوينها عن أشخاص الشركاء المكونين لها .
(3) أشخاص اعتبارية " أشخاص القانون الخاص : الشركات ". شركات " شركات المساهمة : الشخصية المعنوية للشركة " .
شركة المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام . اكتسابها الشخصية المعنوية من قرار تأسيسها . مقتضاه . استقلال ذمتها المالية عن ذمم أشخاص الشركاء واعتبار أموالها ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم وخروج حصة الشريك من ملكه وقيام أهلية للشركة في حدود غرض تكوينها . م 53 / ب مدنى .
(4) أشخاص اعتبارية " أشخاص القانون الخاص : الشركات ". شركات " شركات المساهمة : الشخصية المعنوية للشركة : جنسية الشركة " .
الجنسية . من لوازم الشخص الاعتباري ويعينها القانون . وجوب توافرها لكل شركة تجارية . شركات المساهمة المؤسسة في مصر . وجوب تمتعها بالجنسية المصرية . م 41 ق التجارة القديم . وجوب تسجيل وشهر الشركات التي تباشر نشاطاً في مصر بمكتب السجل التجاري المختص وإخطار المكتب للهيئة العامة للشركات بصورة عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي وتاريخ ورقم القيد ومكانه . الشركة الأجنبية . عدم جواز مباشرتها نشاطاً في مصر إلا بعد إنشاء فرع لها طبقاً لقانون السجل التجاري . التزامها بإخطار الإدارة العامة للشركات بصورة أوراق القيد في السجل التجاري لقيدها . المواد 75 ، 77 ، 78 ، 309 و 310 من اللائحة التنفيذية للقانون 159 لسنة 1981 .
(5) أشخاص اعتبارية " أشخاص القانون الخاص : الشركات ". نظام عام " المسائل المتعلقة بالنظام العام : المساءلة المدنية للشخص الاعتباري " .
الاعتراف بالأشخاص الاعتبارية وتقرير مساءلتها مدنياً عن أعمالها غير المشروعة . تعلقه بالنظام العام . م 28 مدنى .
( 6 ، 7 ) مسئولية " المسئولية التقصيرية : من صور المسئولية التقصيرية : مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه " .
(6) مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة . م 174 مدنى . العبرة فيها بوقت مقارفة التابع للعمل غير المشروع .
(7) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى قبلها لانتفاء صفتها فيها وإلزامها بتعويض الضرر الذي أصاب المطعون ضدها الأولى من جراء شرائها أفلاماً خام فاسدة من المطعون ضدها الثانية تأسيساً على كونها هي الشركة الأصل وأن المطعون ضدها الثانية فرع لها رغم تمسكها بكونها شركة مساهمة أجنبية لا فرع لها بمصر وأن واقعة بيع الأفلام تمت لحساب الأخيرة وتدليلها على دفاعها بمستندات تتفق وأحكام القانون بما تنتفى معه صفتها في الدعوى وتبعية المطعون ضدها الثانية لها وقيام التضامن بينهما . مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وقصور.
(8) مسئولية " المسئولية التقصيرية : عناصرها : الضرر". محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في تقدير الضرر والتعويض عنه " .
الضرر . من أركان المسئولية . وجوب ثبوته شرط لقيامها . تقديره وتحديد مداه وتقدير التعويض عنه . من المسائل الواقعية . استقلال محكمة الموضوع به دون تعقيب عليها فيه . شرطه . بيانها عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه .
(9) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتقدير عمل الخبير والرد على الطعون الموجهة إليه " .
عمل الخبير . إجراء تمهيدي . مؤداه . عدم تقييده المحكمة بشيء عند البت في الموضوع . أخذها بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه . عدم التزامها بندب خبير آخر أو الرد على الطعون الموجهة إليه . علة ذلك .
(10) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتقدير عمل الخبير والرد على الطعون الموجهة إليه " " سلطة محكمة الموضوع في تقدير الضرر والتعويض عنه " . مسئولية  " المسئولية التقصيرية : عناصرها : الضرر " .
قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعنة إلزام المطعون ضدها بتقديم الأفلام مشتراها والتي تطالب الأخيرة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن ثبوت تلفها ورفضه طلبها ندب خبير فنى لمعاينة الأفلام استناداً إلى إحاطة الحكم الجنائي الصادر بإدانة تابعيها وبالتعويض المؤقت بعناصر المسئولية وأن الضرر مرجعه إلى عيب في ذاتية الأفلام واعتماده عناصر الضرر ووجه أحقية المطعون ضدها في التعويض عنها من تقرير الخبير المنتدب . صحيح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - إن تكوين الشركات المساهمة ونظامها وإدارتها لم يعد متروكاً لإرادة الشركاء وإنما يتوقف كل ذلك على إرادة المشرع التي يفرضها بنصوص آمرة .
2 - نصت المادة 52 من القانون المدني أن الشركة تعتبر شخصاً معنوياً سواء كانت شركة مدنية أم تجارية وعلى ذلك تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً معنوياً مستقلاً وقائماً بذاته عن أشخاص الشركاء المكونين .
3 – إن الشركة المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام تكتسب الشخصية المعنوية من وقت صدور القرار الخاص بتأسيسها وأن من مقتضى هذه الشخصية أن تكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم أشخاص الشركاء فيها وتعتبر أموالها ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم وتخرج حصة الشريك في الشركة من ملكه وتكون للشركة أهلية في حدود الغرض الذي تكونت من أجله طبقاً للمادة 53 ب من القانون المدني .
4 - إن الجنسية من لوازم الشخص الاعتباري فكل شركة تجارية لابد لها من جنسية يتحدد بها وصفها القانوني وهذه الجنسية يعينها القانون وحرص المشرع على تعيين جنسية شركات المساهمة نظراً لدورها الهام في الاقتصاد الوطني فنصت المادة 41 تجارى قديم - المنطبق على واقعة الدعوى – على أن الشركات المساهمة التي تؤسس في مصر يجب أن تكون مصرية كما وأن مفاد نصوص المواد 75 ، 77 ، 78 ، 309 ، 310 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وجوب تسجيل وشهر كل شركة تباشر نشاطاً في مصر بمكتب السجل التجاري الذي يتبعه مركزها الرئيسي ويقوم مكتب السجل التجاري بإخطار الهيئة العامة للشركات بصورة من عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي وتاريخ ورقم القيد ومكانه ولا يجوز لأي شركة أجنبية مزاولة أي نشاط في مصر إلا بعد إنشاء فرع لها طبقاً للأحكام المقررة في قانون السجل التجاري وتلتزم الشركة بإخطار الإدارة العامة للشركات بصورة من أوراق القيد في السجل التجاري لتتولى قيدها في سجل خاص معد لذلك موضح فيه اسم الشركة الأصلية وفرعها .
5 - المقرر أن الاعتراف بالأشخاص الاعتبارية وتقرير مساءلتها مدنياً عما يسند إليها من أعمال غير مشروعة يعتبر من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتعتبر بالتالي من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 من القانون المدني .
6 - إن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة المنصوص عليها في المادة 174 من القانون المدني العبرة فيها بوقت مقارفة التابع للعمل غير المشروع .
7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على أنها هي الأصل وأن لها فرعاً هي الشركة المطعون ضدها الثانية في هذا الطعن – الطاعنة في الطعن المنضم – فتنصرف إليها المسئولية التي قارفها تابعاها حال تمسك الطاعنة بأنها أصل لشركة مساهمة أجنبية مركزها الرئيسى بمدينة نيويورك الأمريكية ولا فرع لها في جمهورية مصر العربية طبقاً لقوانين إنشاءهما وأن الشركة المصرية تعاقدت مع المطعون ضدها الأولى في واقعة بيع الأفلام بإسمها ولحسابها فتنصرف إليها دونها المسئولية التي قارفها تابعاها ولا يؤخذ في قيام هذه المسئولية قبلها بأقوال منسوبة إلى هؤلاء التابعين طالما أنها تتنافر مع نصوص القانون كما لا تسأل الطاعنة عن هذه الواقعة حتى وإن كانت تمتلك نصيباً كبيراً من أسهم الشركة المساهمة المصرية واستدلت على هذا الدفاع بما قدمته من مستندات منها شهادة سلبية صادرة عن السجل التجاري للاستثمار تفيد عدم الاستدلال على فرع لها بمصر وصورة طبق الأصل من النظام الأساسي للمطعون ضدها الثانية المنشور بصحيفة الشركات بالملحق رقم 6 بالعدد 361 لسنة 31 الصادرة عن مصلحة الشركات ثابت منها أنها شركة مساهمة متمتعة بالجنسية المصرية ومركزها الرئيسي بمدينة القاهرة وصورة طبق الأصل من السجل التجاري الخاص بهذه الأخيرة ثابت به أنها شركة مساهمة مصرية واسمها التجاري .... وأنها ليست فرعاً لأى جهة أجنبية كما وأن عقد تكوينها هي ونظامها الأساسي لا خلاف عليه من المطعون ضدها الأولى واستدلت عليه أيضاً بالتوكيل المقدم منها والموثق بمعرفة السلطات الرسمية بأمريكا ومصدق عليه من وزارة الخارجية المصرية واعتمدت ترجمته إلى اللغة العربية من السفارة الأمريكية ووزارة الخارجية المصرية . وكان هذا الدفاع والمستندات المؤيدة له يتفق مع حقيقة الواقع وأحكام القانون بانتفاء صفة الطاعنة في الدعوى وعدم تبعية المطعون ضدها الثانية لها ويكون تعامل هذه الأخيرة مع المطعون ضدها الأولى سواء أكان دائناً أم مديناً ينصرف إليها وحدها دون الطاعنة لاستقلال شخصية كل منهما المعنوية وذمتيهما الماليتين وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى إلزام الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضدها الثانية بالمبلغ المحكوم به لمجرد أن الطاعنة تمتلك 90٪ من أسهم الطاعنة في الطعن الثاني رغم اختلاف الشخصيتين لكل منهما على نحو ما سلف وبالتالي انتفاء هذا التضامن بانتفاء علاقة التبعية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب .
8 – المقرر – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان الضرر من أركان المسئولية وكان ثبوته شرطاً لازماً لقيامها إلا أن تقديره وتحديد مداه وتقدير التعويض عنه من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون تعقيب عليها فيه مادامت قد بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه .
9 - إن عمل الخبير ليس إلا إجراءً تمهيدياً لا يقيد المحكمة بشيء عند البت في الموضوع ، وأنه متى رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بندب خبير آخر أو الرد على الطعون التي توجه إليه إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير وهى في تقديرها لذلك لا سلطان عليها من محكمة النقض .
10 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض طلب الطاعنة إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم الأفلام مشتراها ( الأفلام التي تبين فسادها وتطالب المطعون ضدها الأولى بالتعويض عن الضرر اللاحق بها نتيجة ذلك ) وبندب خبير فنى لمعاينتها استناداً إلى أن الحكم الجنائي بالإدانة ( إدانة تابعي الطاعنة ) وبالتعويض المؤقت أحاط بعناصر المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن الضرر المطالب بتعويضه راجع إلى عيب في ذاتية الأفلام وهو ما كان محلاً للإدانة في الدعوى الجنائية ثم أوضح فيما اعتمده من تقرير الخبير المنتدب عناصر الضرر التي لحقت بالمطعون ضدها الأولى ووجه أحقيتها في التعويض عن كل عنصر منها سواء في ذلك المتوقع منه أو غير المتوقع فإن في هذا الذي بينه الحكم وأخذ به ما يكفى للرد المسقط لدفاع الطاعنة في هذا الخصوص وبما يؤدى إلى رفضه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
       بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
       حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
       وحيث إن وقائع النزاع في الطعنين – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى فيهما أقامت الدعوى ..... سنة 1995 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب إلزام الشركتين الطاعنتين بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 318,167,10 جنيه استرليني أو ما يعادلها بالجنيه المصري محدداً بسعر الصرف وقت الاستحقاق والفوائد القانونية استناداً إلى أنها اشترت من شركة كوداك مصر الطاعنة في الطعن رقم 4039 سنة 74 قضائية والتي هي فرع لشركة ايستمان كوداك الأمريكية الطاعنة في الطعن رقم 4074 سنة 74 قضائية عدد من نجاتيف أفلام خام لتصوير مشاهد فيلم عليها بعنوان " هبة الصحراء " بجمهورية مصر العربية تبين بعد استعمالها وتحميضها لدى معامل شركة تكنى كلر البريطانية العالمية أنها فاسدة لعيب في ذاتها وقدم تابع الشركة البائعة للمحاكمة فقضى بمعاقبته جنائياً وبإلزامه مع الطاعنتين بتعويض مدنى مؤقت وإذ لحقتها أضرار مادية وأدبية تقدر لجبرها التعويض المطالب به فقد أقامت الدعوى . تمسكت الطاعنة في الطعن رقم 4074 سنة 74 قضائية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لها وببطلان إعلانها بأصل الصحيفة وطلبت مع الطاعنة في الطعن الثاني إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى – المدعية – تقديم الأفلام مشتراها وبندب خبير فنى متخصص لمعاينتها وتقدير حجم الأضرار التي لحقت بها – ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الطلب العارض للطاعنتين وفى الدعوى الأصلية بإلزامهما بالتعويض الذي قدرته . استأنفت الطاعنتان هذا الحكم برقمي .... ، ... سنة120 ق القاهرة كما استأنفته المطعون ضدها الأولى أمام ذات المحكمة برقمي .... ، .... سنة 120 ق وبتاريخ 25/3/2004 قضت المحكمة برفض استئنافي الطاعنتان وفي استئنافي المطعون ضدها الأولى بزيادة مبلغ التعويض المقضي به . طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بالطعنين رقمي 4039 ، 4074 سنة 74 قضائية وقدمت النيابة مذكرة فيهما ارتأت فيها نقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة أمرت بضم الطعن الأول للثاني وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها .
أولاً : الطعن رقم 4074 سنة 74 قضائية
       وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وفى بيان ذلك تقول أنها دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة كون أنها وطبقاً لقانون إنشاءها شركة مساهمة أجنبية مركزها الرئيسي بمدينة نيويورك الأمريكية وليس لها فرع بجمهورية مصر العربية كما لا شأن لها بواقعة البيع التي أبرمتها الشركة المطعون ضدها الثانية والتي هي أيضاً شركة مساهمة مصرية ذات شخصية اعتبارية مستقلة فتنصرف إليها دونها المسئولية التي قارفها تابعها وقدمت المستندات التي تفيد ذلك والتي حصلها الحكم إلا أنه ومع تسليمه بعدم حجية الحكم الجنائي بالتعويض المؤقت قبلها اطرح تلك المستندات ورفض الدفع وألزمها بالتضامن مع الطاعنة الثانية بالتعويض الذي قدره على ما ذهب إليه من أنها أصل لفرع يباشر عمله في مصر وتملك ما يعادل 90٪ من أسهم الأخير حال أن لكل شركة شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن شخصية الشركاء في شركات المساهمة كما لا توجد تبعية بينهما وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
       وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك لما هو مقرر أن تكوين الشركات المساهمة ونظامها وإدارتها لم يعد متروكاً لإرادة الشركاء وإنما يتوقف كل ذلك على إرادة المشرع التي يفرضها بنصوص آمرة ونصت المادة 52 من القانون المدني على أن الشركة تعتبر شخصاً معنوياً سواء كانت شركة مدنية أم تجارية وعلى ذلك تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصاً معنوياً مستقلاً وقائماً بذاته عن أشخاص الشركاء المكونين لها فشركة المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام تكتسب الشخصية المعنوية من وقت صدور القرار الخاص بتأسيسها وأن من مقتضى هذه الشخصية أن تكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم أشخاص الشركاء فيها وتعتبر أموالها ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم وتخرج حصة الشريك في الشركة من ملكه وتكون للشركة أهلية في حدود الغرض الذي تكونت من أجله طبقاً للمادة 53 ب من القانون المدني ، كما وأن الجنسية من لوازم الشخص الاعتباري فكل شركة تجارية لابد لها من جنسية يتحدد بها وصفها القانوني وهذه الجنسية يعينها القانون وحرص المشرع على تعيين جنسية شركات المساهمة نظراً لدورها الهام في الاقتصاد الوطني فنصت المادة 41 تجارى قديم - المنطبق على واقعة الدعوى – على أن الشركات المساهمة التي تؤسس في مصر يجب أن تكون مصرية كما وأن مفاد نصوص المواد 75 ، 77 ، 78 ، 309 ، 310 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وجوب تسجيل وشهر كل شركة تباشر نشاطاً في مصر بمكتب السجل التجاري الذي يتبعه مركزها الرئيسي ويقوم مكتب السجل التجاري بإخطار الهيئة العامة للشركات بصورة من عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي وتاريخ ورقم القيد ومكانه ولا يجوز لأى شركة أجنبية مزاولة أي نشاط في مصر إلا بعد إنشاء فرع لها طبقاً للأحكام المقررة في قانون السجل التجاري وتلتزم الشركة بإخطار الإدارة العامة للشركات بصورة من أوراق القيد في السجل التجاري لتتولى قيدها في سجل خاص معد لذلك موضح فيه اسم الشركة الأصلية وفرعها 000 وإذ كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف بالأشخاص الاعتبارية وتقرير مساءلتها مدنياً عما يسند إليها من أعمال غير مشروعة يعتبر من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتعتبر بالتالي من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 من القانون المدني ، وكانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة المنصوص عليها في المادة 174 من القانون المدني العبرة فيها بوقت مقارفة التابع للعمل غير المشروع . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على أنها هي الأصل وأن لها فرعاً هي الشركة المطعون ضدها الثانية في هذا الطعن – الطاعنة في الطعن المنضم – فتنصرف إليها المسئولية التي قارفها تابعاها حال تمسك الطاعنة بأنها أصل لشركة مساهمة أجنبية مركزها الرئيسي بمدينة نيويورك الأمريكية ولا فرع لها في جمهورية مصر العربية طبقاً لقوانين إنشائهما وأن الشركة المصرية تعاقدت مع المطعون ضدها الأولى في واقعة بيع الأفلام باسمها ولحسابها فتنصرف إليها دونها المسئولية التي قارفها تابعاها ولا يؤخذ في قيام هذه المسئولية قبلها بأقوال منسوبة إلى هؤلاء التابعين طالما أنها تتنافر مع نصوص القانون كما لا تسأل الطاعنة عن هذه الواقعة حتى وإن كانت تمتلك نصيباً كبيراً من أسهم الشركة المساهمة المصرية واستدلت على هذا الدفاع بما قدمته من مستندات منها شهادة سلبية صادرة عن السجل التجاري للاستثمار تفيد عدم الاستدلال على فرع لها بمصر وصورة طبق الأصل من النظام الأساسي للمطعون ضدها الثانية المنشور بصحيفة الشركات بالملحق رقم 6 بالعدد 361 لسنة 31 الصادرة عن مصلحة الشركات ثابت منها أنها شركة مساهمة متمتعة بالجنسية المصرية ومركزها الرئيسي بمدينة القاهرة وصورة طبق الأصل من السجل التجاري الخاص بهذه الأخيرة ثابت به أنها شركة مساهمة مصرية واسمها التجاري كوداك مصر وأنها ليست فرعاً لأى جهة أجنبية كما وأن عقد تكوينها هي ونظامها الأساسي لا خلاف عليه من المطعون ضدها الأولى واستدلت عليه أيضاً بالتوكيل المقدم منها والموثق بمعرفة السلطات الرسمية بأمريكا ومصدق عليه من وزارة الخارجية المصرية واعتمدت ترجمته إلى اللغة العربية من السفارة الأمريكية ووزارة الخارجية المصرية . وكان هذا الدفاع والمستندات المؤيدة له يتفق مع حقيقة الواقع وأحكام القانون بانتفاء صفة الطاعنة في الدعوى وعدم تبعية المطعون ضدها الثانية لها ويكون تعامل هذه الأخيرة مع المطعون ضدها الأولى سواء أكان دائناً أم مديناً ينصرف إليها وحدها دون الطاعنة لاستقلال شخصية كل منهما المعنوية وذمتيهما الماليتين وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى إلزام الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضدها الثانية بالمبلغ المحكوم به لمجرد أن الطاعنة تمتلك 90٪ من أسهم الطاعنة في الطعن الثاني رغم اختلاف الشخصيتين لكل منهما على نحو ما سلف وبالتالي انتفاء هذا التضامن بانتفاء علاقة التبعية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .
وحيث إن نقض الحكم المطعون فيه جزئياً فيما قضى به على الطاعنة ولسبب متعلق بها وحدها لا يوجب نقضه بالنسبة للطاعنة في الطعن الثاني بالتبعية لانتفاء التلازم والتضامن بينهما .
       وحيث إن الموضوع بالنسبة للطاعنة صالح للفصل فيه .
ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم .... سنة 120 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به على المستأنفة وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لرفعها على غير ذي صفة .
ثانياً : الطعن رقم 4039 سنة 74 قضائية
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ تمسكت في طلبها العارض بإلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم الأفلام المشتراة منها لإعادة فحصها بمعرفة خبير متخصص من قسم التصوير السينمائي لتحديد وجه استعمالها وما لحق بها من عيوب ووسيلة تلافيها والوقوف على حجم الضرر الواجب تعويضه إلا أن الحكم أقام قضاءه برفض هذا الطلب وبإلزامها بالتعويض الذي قدره استناداً إلى ثبوت مسئوليتها بالحكم الجنائي القاضي بإلزامها أداء التعويض المؤقت وأن حجم الضرر وعناصره أوضحها تقرير الخبير المنتدب على النحو الذي يتفق مع ما أقر به تابعها في التحقيقات التي أدانته في حين أن حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية قاصرة على ما قضى به في الدعوى الجنائية أو بالتعويض المؤقت ولا تمتد إلى تحديد عناصر الضرر وتقدير مداه والذي يجب تحقيقه عن طريق خبير فنى متخصص ولا يعول في ذلك على تقرير استشاري أجنبي من صنع المطعون ضدها الأولى أو على إقرار صادر من غير ممثلها القانوني وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك لما هو مقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من أنه وإن كان الضرر من أركان المسئولية وكان ثبوته شرطاً لازماً لقيامها إلا أن تقديره وتحديد مداه وتقدير التعويض عنه من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون تعقيب عليها فيه مادامت قد بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه ، وأن عمل الخبير ليس إلا إجراء تمهيديا لا يقيد المحكمة بشئ عند البت في الموضوع ، وأنه متى رأت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بندب خبير آخر أو الرد على الطعون التي توجه إليه إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير وهى في تقديرها لذلك لا سلطان عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض طلب الطاعنة إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم الأفلام مشتراها وبندب خبير فنى لمعاينتها استناداً إلى أن الحكم الجنائي بالإدانة وبالتعويض المؤقت أحاط بعناصر المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن الضرر المطالب بتعويضه راجع إلى عيب في ذاتية الأفلام وهو ما كان محلاً للإدانة في الدعوى الجنائية ثم أوضح فيما اعتمده من تقرير الخبير المنتدب عناصر الضرر التي لحقت بالمطعون ضدها الأولى ووجه أحقيتها في التعويض عن كل عنصر منها سواء في ذلك المتوقع منه أو غير المتوقع فإن في هذا الذي بينه الحكم وأخذ به ما يكفى للرد المسقط لدفاع الطاعنة في هذا الخصوص وبما يؤدى إلى رفضه ويكون النعي بهذه الأسباب على غير أساس .
       وحيث إنه ولما تقدم تعين رفض الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق