برئاسة السيد المستشار / فؤاد شلبي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حامد مكى ، جرجس عدلي
، مجدى مصطفى نواب رئيس المحكمة ومعتز مبروك .
----------
( 1 – 4 ) تعويض
" التعويض عن الخطأ الشخصي : إساءة استعمال حق النشر " .
مسئولية " من صور المسئولية : المسئولية عن إساءة استعمال حق النشر " .
(1) دعوى المطعون ضده إلزام الطاعن رئيس التحرير التعويض عن
الضرر الناجم عن إساءته والصحيفة لحق النشر والنقد بالتشهير به في مقال نشر بها .
الفصل فيها . مقتضاه . بحث محكمة الموضوع المقال وبيان مدى التزامه الضوابط
المنظمة لحق النشر والنقد من صحة الخبر أو اعتقاد الناشر صحته لأسباب تسوغه وكون
النقد في إطار الحفاظ على الحريات والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة ومدى
اقتضاء قسوة العبارة لبيان قصد الناقد ورائدها المصلحة العامة دون الطعن والتجريح
.
(2) انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل
التعبير. حق مكفول للكافة . وجوب التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها دون قيود
للوصول إلى الحقيقة بضمان عرض المعلومات من مصادرها في آفاق مفتوحة والوقوف على
صواب أو زيف الآراء من خلال مقابلتها ببعض . عدم تأدية ذلك للإضرار بأية مصلحة
مشروعة . مؤداه . عدم جواز تعويق القانون لحرية التعبير عن الإخلال بأمانة الوظيفة
العامة . تمتع ذلك الحق بالحماية التي كفلها لحرية التعبير عن الآراء . شرطه . عدم
الإخلال بمضمون هذه الحرية بافتراض زيف كل الوقائع المسندة إلى أحد القائمين
بالعمل العام ومخالطتها بسوء القصد . عدم جواز تقييم تلك الوقائع منفصلة عما توجبه
المصلحة العامة .
(3) الصحافة . كفالة الدستور استقلالها وتعبيرها عن رسالتها
في حرية وعملها على تكوين الرأي العام وتوجيهه بما يحقق مصالح المواطنين ويصون
حريتهم وحرماتهم . حق التعبير عن الرأي ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو
غيرها من الوسائل مكفول للكافة . الحق في النقد الذاتي والبناء . ضرورة لازمة
للعمل الوطني ولحق المواطن في العلم والنفاذ إلى الحقائق المتعلقة بالعمل العام .
المواد 47 ، 207 ، 208 من الدستور .
(4) إباحة الحق في النقد الذاتي والبناء
. شرطه . عدم انطوائه على آراء معدومة القيمة بأن تكون غايتها شفاء الأحقاد
والضغائن الشخصية أو الماسة بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به . انتقاد
القائم بالعمل العام . وجوب إثبات الناقد لحقيقة كل فعل أسنده إليه وأن يتم النشر
في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة واحترام
حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وشرفهم وسمعتهم . م 302 /2 عقوبات . علة ذلك .
(
5 ، 6 ) تعويض " التعويض عن الخطأ الشخصي : إساءة استعمال حق النشر " .
محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في المسئولية التقصيرية : استخلاص المقصود
من المقال موضوع النشر وتحديد معنى ألفاظه " . مسئولية " من صور
المسئولية : المسئولية عن إساءة استعمال حق النشر والنقد " .
(5) محكمة الموضوع
. سلطتها في الاطلاع على المقال موضوع النشر وتحديد معنى ألفاظه للوقوف على إن كان
مقصوده النفع العام أو مجرد الإضرار بالأشخاص المطعون عليهم بالمقال . جواز حملها
عبارات النقد على محمل حسن النية . شرطه . أن يكون الدافع في استعمالها المصلحة
العامة وألا تكون العبارات من قبيل قارص الكلم أو خادشة للناموس والاعتبار .
خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض . التزام محكمة الموضوع بعدم تقييم كل عبارة
منفصلة عن سياقها . علة ذلك .
(6) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام
الطاعنة وممثلها كاتب المقال بالتعويض مقتصراً نسبة الخطأ إليها على ما نقله من
عبارات المقال بطريقة منفردة في غير اتساق وإغفاله لدفاعها الجوهري بأن عبارات
المقال خالية من ثمة إساءة المطعون ضده الأول ودون تنافر مع ما اثبته حكم محكمة
القيم الصادر ضده . قصور وفساد في الاستدلال وخطأ .
(7)
محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بشأن تقدير التعويض " .
محكمة الموضوع . سلطتها في تقدير
التعويض متى أقامت أسبابه وخلو العقد أو القانون من نص يوجب اتباع معايير معينة له
دون رقابة من محكمة النقض . كفاية بيان الحكم لعناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه
. جواز استنباطه القرائن السائغة من أوراق الدعوى .
(8) نقض " أثر نقض الحكم " .
نقض الحكم متعدد الأجزاء في أحد أجزائه
. أثره . نقض كل ما تأسس على هذا الجزء من الأجزاء الأخرى ما طعن فيه وما لم يطعن
.
(9) نيابة
" النيابة القانونية : النيابة عن المجلس الأعلى للصحافة " . هيئات
" هيئة قضايا الدولة : نيابتها عن مجلس الشورى " .
مجلس الشورى . تنظيم دستوري تنوب عنه
هيئة قضايا الدولة . المادة 6 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بق 75
لسنة 1963 المعدل بق 10 لسنة 1986 . عدم إنابة الهيئة عن رئيس مجلس الشورى بصفته
ممثل المجلس الأعلى للصحافة باعتباره هيئة مستقلة ليست من الهيئات العامة . إقامة
الطعن من هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس المجلس الأعلى
للصحافة . أثره . عدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة .
(10)
إثبات " طرق الإثبات : الإقرار : الإقرار القضائي " .
الاعتداد بالإقرار القضائي . شرطه .
صدوره عن إرادة يدرك بها المقر مرمى إقراره وقصده إلزام نفسه بمقتضاه وقيامة حجة
عليه يعفى بها خصمه من تقديم أى دليل . مؤداه .عدم اعتبار ما يذكره الخصم في ساحة
القضاء متصلاً بآخر في الدعوى إقراراً.
(11)
دعوى " الدفاع في الدعوى : نطاقه " .
تحديد نطاق الدفاع في الدعوى . العبرة
فيه . موضوع الخصومة وما يستلزمه اقتضاء الحقوق المدعى بها أو دفعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إن الأساس الذي قامت عليه دعوى
المطعون ضده الأول هو إساءة الصحيفة ورئيس تحريرها – الطاعن – لحق النشر والنقد
بقيامها بالتشهير به بما حواه مقالها المذكور وهو ما عده خطأ أصابه بضرر يوجب مساءلتها
عن تعويضه ، وكان الفصل في الدعوى على هذا النحو يقتضى من محكمة الموضوع أن تتناول
بالبحث والتمحيص المقال المشار إليه وتباين ما إذا كانت عباراته قد التزمت الضوابط
المنظمة لحق النشر والنقد من حيث صحة الخبر أو اعتقاد الناشر صحته بناء على أسباب
تسوغه ، وأن يكون النقد في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات
والواجبات العامة وعدم الاعتداء على شرفهم
وسمعتهم واعتبارهم ، وما إذا كانت قسوة العبارة قد اقتضتها ضرورة تجلية قصد الناقد
وأن رائدها المصلحة العامة ولم يكن الغرض منها الطعن والتجريح وهى الأمور الواجب
استظهارها لإثبات أو نفى عناصر المسئولية محل الدعوى .
2 - إذ كان
انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته حقاً
مكفولاً لكل مواطن وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول – كأصل عام
– دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها وهى حرية يقتضيها النظام الديموقراطي
وليس مقصوداً بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته ، ولكن غايتها النهائية الوصول إلى
الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة وعبر الحدود المختلفة
وعرضها في آفاق مفتوحة تتوافق فيها الآراء في بعض جوانبها أو تتصادم في جوهرها
ليظهر ضوء الحقيقة جلياً من خلال مقابلتها ببعض وقوفاً على ما يكون منها زائفاً أو
صائباً منطوياً على مخاطر واضحة أو محققاً لمصلحة مبتغاة ومن غير المحتمل أن يكون
انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيراً بنواحي التقصير فيه مؤدياً إلى
الإضرار بأية مصلحة مشروعة فلا يجوز أن يكون القانون أداة تعوق حرية
التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أو مواطن
الخلل في آداء واجباتها سواء في وقت شغلها أو كانت عن عمل متعلق بها يقتضى الحال إبرازه
، فمن الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين عن ممارستها ومن ثم كان
منطقياً بل وأمراً محتوماً أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار في كل أمر
يتصل بالشئون العامة ولو تضمن انتقاداً حاداً للقائمين
بالعمل العام ، إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتاً ولو كان - معززاً -
بالقانون ولأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل ولحرية الإبداع وهو في كل حال يولد
رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه بما يعزز الرغبة في قمعها ويكرس عدوان
السلطة العامة المناوئة لها مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره وعلى ذلك فإن
انتقاد القائمين بالعمل العام وإن كان مريراً يظل متمتعاً بالحماية التي كفلها
الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية أو يجاوز
الأغراض المقصودة من إرسائها وليس جائزاً بالتالي أن تفترض في كل واقعة جرى
إسنادها إلى أحد القائمين بالعمل العام إنها واقعة مزيفة أو أن سوء القصد قد
خالطها ، كذلك فإن الآراء التي يتم نشرها في حق أحد منهم لا يجوز تقييمها منفصلة
عما توجبه المصلحة العامة ويتاح لكل مواطن فرصة مناقشتها واستظهار وجه الحق فيها.
3- إذ كفل الدستور للصحافة استقلالها ، وخولها أن تعبر عن
رسالتها في حرية وأن تعمل على تكوين الرأي العام وتوجيهه بما يحقق للجماعة قيمها
ومصالحها الرئيسية ويصون للمواطنين حرياتهم وحرماتهم ويعزز وفاءهم بواجباتهم (
المادتين 207 ، 208 من الدستور ) وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول
أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون ( مادة 47 من
الدستور ) ثم عنى أكثر بإبراز الحق في النقد الذاتي والنقد البناء باعتبارهما
ضمانات لسلامة البناء الوطني مستهدفاً بذلك توكيد أن النقد وإن كان فرعاً من حرية
التعبير إلا أنه يتعين أن يكون ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطني وحق
المواطن في أن يعلم وأن يكون قادراً على النفاذ إلى الحقائق الكاملة المتعلقة
بالعمل العام في شتى مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
4- اشترط المشرع
لإباحة النقد ( الحق في النقد الذاتي والنقد البناء ) ألا يكون منطوياً على آراء
معدومة القيمة كتلك التي تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية
والمسيطر عليها الهوى النفسي والضعف الإنساني أو تلك الماسة بشخص صاحب الأمر أو
العمل بغية التشهير به والحط من كرامته بما دل عليه نص الفقرة الثانية من المادة
302 من قانون العقوبات من أن انتقاد القائم بالعمل العام أو كان مطلعاً بأعبائه
يعتبر أمراً مباحاً بشروط من بينها إثبات الناقد لحقيقة كل فعل أسنده إليه وأن
يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات
العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم
واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون وهى قيود تستلزمها الوقاية من سطوة أقلام قد
تتخذ من الصحف أو غيرها من وسائل التعبير أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرامة
الشرفاء إن سباً أو قذفاً أو إهانة أو غير ذلك من أفعال يتأبى على المشرع إقرارها
تحت ستار حرية الصحافة وقدسيتها .
5- لمحكمة الموضوع - مراقبة في ذلك من محكمة النقض - الحق
في الاطلاع على المقال موضوع النشر وتحديد معنى ألفاظه لمعرفة ما إذا كان المقصود منه
النفع العام أو مجرد الإضرار بالأشخاص المطعون عليهم مع الأخذ في الاعتبار عدم رصد
كل عبارة احتواها المطبوع وتقييمها منفصلة عن سياقها بمقاييس صارمة ، ذلك أن ما قد
يراه إنسان صواباً في جزئية بذاتها قد يكون هو الخطأ بعينه عند آخرين ، كما يجوز
التسامح في تقدير عبارات النقد وحملها على محمل حسن النية طالما أنها لم تكن من
قبيل قارص الكلم أو خادشة للناموس والاعتبار وكان الدافع في استعمالها المصلحة
العامة .
6- إذ كانت الصحيفة الطاعنة وممثلها وهو في ذات الوقت كاتب
المقال محل المسائلة قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن عبارات المقال منفردة أو
مجتمعة لا توحى للمتلقي في موضعها أو صورتها التي نشرت بها ما يفيد الإساءة إلى
شخص المطعون ضده الأول ولا تخرج عن حدود النقد المباح وتحرى كاتبها الصدق غير
متنافر مع ما أثبته حكم محكمة القيم في القضية رقم 39 سنة 14 ق حراسات في حق
المطعون ضده الأول إبان أن كان يباشر اختصاص وزير الاقتصاد في الدولة بما لا يجوز
معه تقييمها بعيداً عما توجبه المصلحة العامة في أعلى درجاتها متعلقاً برسم
السياسة الاقتصادية الحالية مقارنه بما كانت عليه من قبل إلا أن الحكم المطعون فيه
لم يلتفت لهذا الدفاع أو يأبه لمصدره وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه
اقتصر في نسبة الخطأ إلى الصحيفة الطاعنة بأن أورد نقل عبارات المقال بطريقة
منفردة وفى غير اتساق بقوله " أن الثابت من مطالعة المقال المنشور بجريدة
الجمهورية الصادر بتاريخ 7/11/1996 تحت عنوان كبسولات وناشره المستأنف ضده أنه
يتضمن عبارات تعرض بالمستأنف وتغض من قدره وتحط من كرامته بما لا يستدعيه موجبات
النقد فقد تضمن المقال عبارات " هل تذكرون واحداً اسمه ... وتمت إقالته بعد
الطعنات القاتلة التي أسال بها دماء اقتصادنا عامداً متعمداً هذا الواحد " من
أصاب مصر بسوء ما استحق أن يولد ..... وبهت الذي كفر " ومن ثم يكون المستأنف
ضده قد أساء استعمال الحق في حرية الرأي وحرية النقد مستوجباً لمسئوليته "
وكان هذا الذي استخلصه الحكم وأقام عليه قضاءه بإلزام الصحيفة الطاعنة وكاتب
المقال بالتعويض المحكوم به استخلاص غير سائغ ولا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها آية ذلك مخالفته لما تدل عليه نصوص المواد
الأولى والثالثة والثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن " تنظيم الصحافة
" من أن الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية وباستقلال وتستهدف تهيئة
المناخ لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام في الاهتداء إلى
الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن وصالح المواطنين من خلال حرية التعبير
وممارسة النقد ونشر الأنباء وللصحفي حق الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار
المباح نشرها طبقاً للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة
، كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها وكذلك نشر الأحكام العلنية أو موجز
كاف عنها ( المادة 189من قانون العقوبات ) ، كما غُم عليه فهم دفاع الطاعنة الوارد
بأسباب النعي ولم يبرزه أو يعنى بتحقيقه رغم جوهريته وله مصدر قضائي هو عنوان
الحقيقة إذ ورد بحكم محكمة القيم المقدم ضمن أوراق الدعوى في القضية رقم .... لسنة
..... ق حراسات ما يدل على أن زمام السياسة الاقتصادية إبان كان المطعون ضده الأول
قائدها كانت على غير مرام والأخطاء فيها فادحة وافترضت تلك المحكمة لعلاجها أن
يتولى أمرها أشخاص مشهود لهم باستقامة القصد فضلاً عن العلم والخبرة وتناولت
تصرفات المطعون ضده الأول في أمور تفوق في نقدها ما تناولته الطاعنة في مقالها
الحالي وهو ما من شأنه التقليل من قسوة العبارة أو وضعها في النسق الصحيح حتى وإن
تنكب كاتبها الوسيلة طالما كان مبتغاه المصلحة
العامة ، فضلاً عن أن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى
الإضرار بالغير وهو مالا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق ولما كانت
عبارات المقال محل المسائلة لا تقوم على فكرة شائنة وإنما جرى استعمالها في ألفاظ
مشكلة ومحملة ومجازية والأولى موضوعة لأكثر من معنى والثانية هي الألفاظ التي لا
تدل بذاتها على المراد منها ولا توجد قرائن تعين على ذلك والثالثة هي الألفاظ التي
تستعمل في غير معناها الأصلي دون إفصاح عن المعنى المقصود وبالتالي ما كان للحكم
أن يعزل بعض العبارات أو الألفاظ عن بقيتها طالما أن لها في اللغة أكثر من معنى
وكان مدلولها بحسب ما استظهره الحكم يقطع بعدم انحراف كاتبها عن حقه المكفول في إعلاء
شأن مصر ورفعتها من الناحية الاقتصادية والتسامح في تقدير عبارات النقد وحملها على محمل حسن النية مادامت قاصرة على الرأي
في ذاته غير ممتدة إلى شخص المطعون ضده الأول فيكون استخلاص الحكم في نسبة الخطأ
إلى الطاعنة غير سائغ ومقام على ما لا يكفى لإثبات انحرافها وبما يدخلها في حدود
النقد المباح البعيد عن المسئولية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون
معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال مما جره إلى
الخطأ في تطبيق القانون .
7- المقرر - في قضاء
محكمة النقض - تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في العقد أو القانون نص يوجب
اتباع معايير معينه في تقديره هو من سلطة محكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض
، وبحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه وله في سبيل ذلك
أن يستنبط القرائن السائغة من أوراق الدعوى .
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه
إذا كان الحكم المطعون فيه متعدد الأجزاء فنقضه في أحد أجزائه يترتب عليه نقض كل
ما تأسس على هذا الجزء من الأجزاء الأخرى ما طعن فيه وما لم يطعن .
9 - النص في المادة السادسة من قانون
هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون 10
لسنة 1986 على أن " تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية
العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها
ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً ....... " ومجلس
الشورى هو تنظيم دستوري تنوب عنه الهيئة لكنها لا تنوب عن رئيس مجلس الشورى بصفته
ممثل المجلس الأعلى للصحافة والذي يعتبر هيئة مستقلة ليست من الهيئات العامة . لما
كان ذلك ، وكان الطعن قد أقيم من هيئة قضايا الدولة والتي لا تنوب عن رئيس مجلس
الشورى بصفته رئيس المجلس الأعلى للصحافة فإنه يكون قد أقيم من غير ذي صفة ومن ثم
غير مقبول .
10- المقرر - في قضاء
محكمة النقض - إنه يشترط في الإقرار القضائي الذي يعتد به ويعمل بأثره أن يكون
صادراً عن إرادة يدرك بها المقر مرمى إقراره وأنه يقصد به إلزام نفسه بمقتضاه وأنه
حجة عليه يعفى بها خصمه من تقديم أي دليل وترتيباً على ذلك فإنه لا يعتبر إقراراً
ما يذكره الخصم في ساحة القضاء يتصل بآخر في الدعوى .
11- المقرر - في قضاء
محكمة النقض - أن العبرة في تحديد نطاق الدفاع في الدعوى ، وما يعد تجاوزا له ، هي
بموضوع الخصومة المطروحة ، وما يستلزمه اقتضاء الحقوق المدعى
بها أو دفعها من غير إساءة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع
التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن
في الطعن رقم 86 سنة 73 قضائية أقام الدعوى ...... سنة1996 مدنى جنوب القاهرة
الابتدائية ضد المطعون ضدهم في ذات الطعن بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامم بأن يدفعوا
إليه مبلغ خمسة ملايين جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية وقال بياناً
لذلك أن المطعون ضده الأول كتب ونشر مقالين في صحيفة الجمهورية بعددها الصادر يوم
7/11/1996 تحت عنوان رئيسي " خطوط فاصلة " وعنوان فرعى " كبسولات
" تناول فيهما متهكماً على شخصه وأدائه لعمله إبان أن كان وزيراً للاقتصاد
بما يعد قذفاً وسباً نال من سمعته واعتباره فألحق به ضرراً مادياً وأدبياً يقدر
التعويض الجابر له بالمبلغ المطالب به . وأثناء نظر الدعوى أقام المطعون ضده الأول
عن نفسه وبصفته دعوى فرعية طلب فيها إلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ خمسين ألف جنيه
تعويضاً عما ناله من ضرر بسبب إساءته استعمال حق
التقاضي برفع دعوى كيدية تضمنت صحيفتها عبارات وألفاظاً أساءت له وللجريدة التي يترأس
مجلس إدارتها . حكمت محكمة أول درجة برفض الدعويين الأصلية والفرعية
فاستأنف صاحب الدعوى الأصلية برقم .....سنة 116 ق القاهرة كما استأنف المدعى الفرعي
أمام ذات المحكمة برقم ..... سنة 117 ق ، وبعد أن ضمت المحكمة
الاستئنافين قضت بإلغاء الحكم المستأنف وفى الدعوى الأصلية بإلزام المستأنف ضدهم
في الاستئناف الأول بالتضامم بأن
يدفعوا للمستأنف مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً أدبياً وفى الدعوى الفرعية بإلزام المستأنف
ضده الأول بأن يدفع للمستأنف في الاستئناف الثاني عشرة آلاف جنيه تعويضاً أدبياً .
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعون أرقام 6937 سنة 72 ق ، 36 سنة 73 ق
، .... سنة .... قضائية وأودعت النيابة مذكرة في كل طعن ارتأت في الطعن الأول نقض
الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الأصلية وفى الطعن الثاني بعدم قبوله
للتقرير به من غير ذي صفة وببطلانه لعدم إيداع الكفالة وفى الطعن الثالث برفضه وإذ
عرضت الطعون الثلاثة على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها وفيها أمرت
المحكمة بضم الطعنين الثاني والثالث إلى الطعن الأول والتزمت النيابة رأيها .
أولاً
: عن الطعن رقم 6937 سنة 72 قضائية
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل
ما ينعاه الطاعن بصفتيه بالأسباب الأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فيما قضى به في الدعوى
الأصلية وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن ما نشره في صحيفة
الجمهورية بعددها الصادر يوم 7/11/1996 لم يكن إلا ترديداً لما جاء بأسباب الحكم
الصادر من محكمة القيم في القضية رقم 39 سنة 14 ق حراسات والذي تناول شخص المطعون
ضده الأول إبان كان وزيراً سابقاً للاقتصاد فيكون النشر استعمالاً لحق مباح لم
يخرج به عما يقتضيه حسن النية وعن أعمال وظيفته وله مصدر قضائى هو عنوان الحقيقة
على صحة ما أسند إليه من وقائع غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع بما يقسطه
ولم يأبه لمصدره وهو حكم محكمة القيم وأقام قضاءه بالتعويض على أن ما جاء بالمقال
المنشور في الصحيفة يمثل تجاوزاً في استعمال حق النقد وحرية الرأى مما سبب ضرراً
أدبياً للمطعون ضده الأول رغم أن عبارات المقال ليس فيها ثمة أقوال يسوغ وصفها
بأنها خطأ أو تمثل ضرراً يمكن جبره وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعي بهذه
الأسباب في محله ، ذلك أن الأساس الذي قامت عليه دعوى المطعون ضده الأول هو إساءة
الصحيفة ورئيس تحريرها – الطاعن – لحق النشر والنقد بقيامها بالتشهير به بما حواه
مقالها المذكور وهو ما عده خطأ أصابه بضرر يوجب مساءلتها عن تعويضه ، وكان الفصل
في الدعوى على هذا النحو يقتضى من محكمة الموضوع أن تتناول بالبحث والتمحيص المقال
المشار إليه وتبيان ما إذا كانت عباراته قد التزمت الضوابط المنظمة لحق النشر
والنقد من حيث صحة الخبر أو اعتقاد الناشر صحته بناء على أسباب تسوغه ، وأن يكون
النقد في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة
واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم
، وما إذا كانت قسوة العبارة قد اقتضتها ضرورة تجلية قصد الناقد وأن رائدها
المصلحة العامة ولم يكن الغرض منها الطعن والتجريح وهى الأمور الواجب استظهارها
لإثبات أو نفى عناصر المسئولية محل الدعوى . وإذ كان انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير
وأدواته حقاً مكفولاً لكل مواطن وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما
يحول – كأصل عام – دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها وهى حرية يقتضيها
النظام الديمقراطي ، وليس مقصوداً بها مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته ، ولكن غايتها
النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة
وعبر الحدود المختلفة وعرضها في آفاق مفتوحة تتوافق فيها الآراء في بعض جوانبها أو
تتصادم في جوهرها ليظهر ضوء الحقيقة جلياً من خلال مقابلتها ببعض وقوفاً على ما
يكون منها زائفاً أو صائباً منطوياً على مخاطر واضحة أو محققاً لمصلحة مبتغاة ومن
غير المحتمل أن يكون انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل
العام تبصيراً بنواحى التقصير فيه مؤديا إلى الإضرار بأية مصلحة مشروعة فلا يجوز
أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة أو
النيابة أو الخدمة العامة أو مواطن الخلل في آداء واجباتها سواء في وقت شغلها أو
كانت عن عمل متعلق بها يقتضى الحال إبرازه ، فمن الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير
بما يصد المواطنين عن ممارستها ومن ثم كان منطقياً بل وأمراً محتوماً أن ينحاز
الدستور إلى حرية النقاش والحوار في كل أمر يتصل بالشئون العامة ولو تضمن انتقاداً حاداً للقائمين بالعمل العام ، إذ
لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتاً ولو كان معززاً بالقانون ولأن حوار القوة
إهدار لسلطان العقل ولحرية الإبداع وهو في كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن
والتعبير عن آرائه بما يعزز الرغبة في قمعها ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها
مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره وعلى ذلك فإن انتقاد القائمين بالعمل
العام وإن كان مريراً يظل متمتعاً بالحماية التي كفلها الدستور لحرية التعبير عن
الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية أو يجاوز الأغراض المقصودة من
إرسائها وليس جائزاً بالتالي أن تفترض في كل واقعة جرى إسنادها إلى أحد القائمين
بالعمل العام إنها واقعة مزيفة أو أن سوء القصد قد خالطها ، كذلك فإن الآراء التي يتم
نشرها في حق أحد منهم لا يجوز تقييمها منفصلة عما توجبه المصلحة العامة ويتاح لكل
مواطن فرصة مناقشتها واستظهار وجه الحق فيها ، وإذ كفل الدستور للصحافة استقلالها
، وخولها أن تعبر عن رسالتها في حرية وأن تعمل
على تكوين الرأى العام وتوجيهه بما يحقق للجماعة قيمها ومصالحها الرئيسية ويصون للمواطنين حرياتهم وحرماتهم ويعزز
وفاءهم بواجباتهم ( المادتين 207 ، 208
من الدستور ) وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو
التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون ( مادة 47 من الدستور ) ثم
عنى أكثر بإبراز الحق في النقد الذاتي والنقد البناء باعتبارهما ضمانات لسلامة
البناء الوطني مستهدفا بذلك توكيد أن النقد وإن كان فرعاً من حرية التعبير إلا أنه
يتعين أن يكون ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطني وحق المواطن في أن يعلم
وأن يكون قادراً على النفاذ إلى الحقائق الكاملة المتعلقة بالعمل العام في شتى
مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية . واشترط المشرع لإباحة النقد ألا
يكون منطوياً على آراء معدومة القيمة كتلك التي تكون غايتها الوحيدة شفاء الأحقاد
والضغائن الشخصية والمسيطر عليها الهوى النفسي والضعف الإنساني أو تلك الماسة بشخص
صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به والحط من كرامته بما دل عليه نص الفقرة
الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات من أن انتقاد القائم بالعمل العام أو كان
مطلعاً بأعبائه يعتبر أمراً مباحاً بشروط من بينها إثبات الناقد لحقيقة كل فعل
أسنده إليه وأن يكون النشر في إطار
المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة واحترام حرمة
الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك
محارم القانون وهى قيود تستلزمها الوقاية من سطوة أقلام قد تتخذ من الصحف أو غيرها
من وسائل التعبير أداة للمساس بالحريات أو النيل من كرامة الشرفاء إن سباً أو قذفاً
أو إهانة أو غير ذلك من أفعال يتأبى على المشرع إقرارها تحت ستار حرية الصحافة
وقدسيتها وعلى محكمة الموضوع - مراقبة في ذلك من محكمة النقض - الحق في الاطلاع
على المقال موضوع النشر وتحديد معنى ألفاظه لمعرفة ما إذا كان المقصود منه النفع
العام أو مجرد الإضرار بالأشخاص المطعون عليهم مع الأخذ في الاعتبار عدم رصد كل
عبارة احتواها المطبوع وتقييمها منفصلة عن سياقها بمقاييس صارمة ، ذلك أن ما قد
يراه إنسان صواباً في جزئية بذاتها قد يكون هو الخطأ بعينه عند آخرين ، كما يجوز
التسامح في تقدير عبارات النقد وحملها على محمل حسن النية طالما أنها لم تكن من
قبيل قارص الكلم أو خادشة للناموس والاعتبار وكان الدافع في استعمالها المصلحة
العامة . لما كان ذلك وكانت الصحيفة الطاعنة وممثلها وهو في ذات الوقت كاتب المقال
محل المسائلة قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن عبارات المقال منفردة أو مجتمعه لا
توحى للمتلقي في موضعها أو صورتها التي نشرت بها ما يفيد الإساءة إلى شخص المطعون
ضده الأول ولا تخرج عن حدود النقد المباح وتحرى كاتبها الصدق غير متنافر مع ما
أثبته حكم محكمة القيم في القضية رقم 39 سنة 14 ق حراسات في حق المطعون ضده الأول
إبان أن كان يباشر اختصاص وزير الاقتصاد في الدولة بما لا يجوز معه تقييمها بعيداً
عما توجبه المصلحة العامة في أعلى درجاتها متعلقاً برسم السياسة الاقتصادية
الحالية مقارنة بما كانت عليه من قبل إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت لهذا
الدفاع أو يأبه لمصدره وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في نسبة
الخطأ إلى الصحيفة الطاعنة بأن أورد نقل عبارات المقال بطريقة منفردة وفى غير
اتساق بقوله " أن الثابت من مطالعة المقال المنشور بجريدة الجمهورية الصادر
بتاريخ ..... تحت عنوان كبسولات وناشره المستأنف ضده أنه يتضمن عبارات تعرض
بالمستأنف وتغض من قدره وتحط من كرامته بما لا يستدعيه موجبات النقد فقد تضمن المقال عبارات " هل تذكرون واحداً اسمه
...... وتمت إقالته بعد الطعنات القاتلة التي أسال بها دماء اقتصادنا عامداً
متعمداً هذا الواحد " من أصاب مصر بسوء ما استحق أن يولد ........ وبهت الذي كفر
" ومن ثم يكون المستأنف ضده قد أساء استعمال الحق في حرية الرأي وحرية النقد
مستوجباً لمسئوليته " وكان هذا الذي استخلصه الحكم وأقام عليه قضاءه بإلزام
الصحيفة الطاعنة وكاتب المقال بالتعويض المحكوم به استخلاص غير سائغ ولا يؤدى إلى
النتيجة التي انتهى إليها آية ذلك مخالفته لما تدل عليه نصوص المواد الأولى
والثالثة والثامنة من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن " تنظيم الصحافة "
من أن الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية وباستقلال وتستهدف تهيئة المناخ
لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام في الاهتداء إلى الحلول
الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن وصالح المواطنين من خلال حرية التعبير وممارسة
النقد ونشر الأنباء وللصحفي حق الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار المباح
نشرها طبقاً للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة ، كما
يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها وكذلك نشر الأحكام العلنية أو موجز كاف
عنها ( المادة 189من قانون العقوبات )
، كما غُم عليه فهم دفاع الطاعنة الوارد بأسباب النعي ولم يبرزه أو يعنى بتحقيقه
رغم جوهريته وله مصدر قضائي هو عنوان الحقيقة إذ ورد بحكم محكمة القيم المقدم ضمن
أوراق الدعوى في القضية رقم 39 لسنة 14 ق حراسات ما يدل على أن زمام السياسة
الاقتصادية إبان كان المطعون ضده الأول قائدها كانت على غير مرام والأخطاء فيها
فادحة وافترضت تلك المحكمة لعلاجها أن يتولى أمرها أشخاص مشهود لهم باستقامة القصد
فضلاً عن العلم والخبرة وتناولت تصرفات المطعون ضده الأول في أمور تفوق في نقدها
ما تناولته الطاعنة في مقالها الحالي وهو ما من شأنه التقليل من قسوة العبارة أو
وضعها في النسق الصحيح حتى وإن تنكب كاتبها الوسيلة طالما كان مبتغاه المصلحة العامة
، فضلاً عن أن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار
بالغير وهو مالا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق ولما كانت عبارات
المقال محل المسائلة لا تقوم على فكرة شائنة وإنما جرى استعمالها في ألفاظ مشكلة
ومحملة ومجازية والأولى موضوعة لأكثر من معنى والثانية هي الألفاظ التي لا
تدل بذاتها على المراد منها ولا توجد قرائن تعين على ذلك والثالثة هي الألفاظ التي
تستعمل في غير معناها الأصلي دون إفصاح عن المعنى المقصود وبالتالي ما كان للحكم
أن يعزل بعض العبارات أو الألفاظ عن بقيتها طالما أن لها في اللغة أكثر من معنى
وكان مدلولها بحسب ما استظهره الحكم يقطع بعدم انحراف كاتبها عن حقه المكفول في إعلاء
شأن مصر ورفعتها من الناحية الاقتصادية والتسامح في تقدير عبارات النقد وحملها على
محمل حسن النية مادامت قاصرة على الرأي في ذاته غير ممتدة إلى شخص المطعون ضده
الأول فيكون استخلاص الحكم في نسبة الخطأ إلى الطاعنة غير سائغ ومقام على ما لا
يكفى لإثبات انحرافها وبما يدخلها في حدود النقد المباح البعيد عن المسئولية وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال
بحق الدفاع والفساد في الاستدلال مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب
نقضه لهذه الأسباب .
وحيث إن الطاعن بصفتيه ينعى بالسبب الأخير
من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الفرعية القصور في التسبيب
إذ لم يقض له بكامل التعويض الذي طلبه بسبب إساءة استعمال حق التقاضي فيما ضمنه
المطعون ضده الأول صحيفة دعواه من ألفاظ سب وقذف نالت من شخصه واعتباره ولا
يقتضيها حق الدفاع وهو ما عوضه الحكم عنه بمبلغ عشرة آلاف جنيه دون أن يراعى في تقديره
حجم الأضرار التي لحقته ومكانة الطاعن في شغل وظائف ومهام عديدة في مجال الصحافة
على مدار أربعين عاماً منها رئيس مجلس إدارة دار التحرير للطبع والنشر والتي تصدر
تسع إصدارات يومية وأسبوعية ومنها شغله رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة مايو وكذا عضويته في مجلس الشورى وهى أمور تزيد من حجم الضرر
بما يرفع قيمة التعويض لما يوازى جبرها وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن تقدير
التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في العقد أو القانون نص يوجب اتباع معايير معينه
في تقديره هو من سلطة محكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض ، وبحسب الحكم أن
يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه وله في سبيل ذلك أن يستنبط القرائن
السائغة من أوراق الدعوى . وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين أحقية
الطاعن في تعويضه عما ناله من ضرر بسبب تضمين المطعون ضده الأول صحيفة دعواه
ألفاظاً لا يقتضيها حق الدفاع لأنها أساءت إلى الطاعن – المدعى الفرعي – لشخصه
سببت له ضرراً أدبيا قدر جبره بمبلغ عشرة آلاف جنيه مراعياً في ذلك مستندات وظروف
الدعوى وملابساتها فإنه يكون قد مارس سلطته في تقدير التعويض ويكون النعي بهذا السبب
على غير أساس .
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه إذا كان
الحكم المطعون فيه متعدد الأجزاء فنقضه في أحد أجزائه يترتب عليه نقض كل ما تأسس
على هذا الجزء من الأجزاء الأخرى ما طعن فيه وما لم يطعن وكانت المحكمة قد انتهت
إلى نقض الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بمساءلة الطاعنة في الدعوى الأصلية فإن من
شأن ذلك نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من إلزامها بالتضامم مع المطعون ضدهما الثاني
والثالث بصفتيهما باعتبار أن ذلك قد تأسس على الجزء المنقوض وبالتالي زوال الأساس
القانوني الذي تقوم عليه مسئولية الأخيرين وذلك عملاً بالمادة 271 مرافعات .
وحيث إن موضوع الدعوى الأصلية صالح
للفصل فيه وكان الحكم الابتدائي انتهى في منطوقه إلى رفضها وكانت أسباب الاستئناف
رقم ..... سنة 116ق القاهرة لا تقوم على أساس سليم وتعين الحكم بتأييد الحكم
المستأنف .
ثانياً
: الطعن رقم 36 سنة 73 قضائية
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة
أن هيئة قضايا الدولة لا تملك قانوناً أن تنوب عن رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس
المجلس الأعلى للصحافة باعتبارها هيئة مستقلة قائمة بذاتها لا تدخل في عداد الجهات
التي تنوب عنها .
وحيث إن هذا الدفع في محله ، ذلك أن
النص في المادة السادسة من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 75
لسنة 1963 المعدل بالقانون 10 لسنة 1986 على أن " تنوب هذه الهيئة عن الدولة
بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما
يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً ...... " ومجلس الشورى هو تنظيم دستوري تنوب عنه الهيئة لكنها لا تنوب عن رئيس مجلس الشورى بصفته ممثل المجلس الأعلى للصحافة والذي يعتبر هيئة مستقلة ليست من الهيئات العامة . لما كان ذلك وكان الطعن قد أقيم من هيئة قضايا الدولة والتي لا تنوب عن رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس المجلس الأعلى للصحافة فإنه يكون قد أقيم من غير ذي صفة ومن ثم غير مقبول .
يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً ...... " ومجلس الشورى هو تنظيم دستوري تنوب عنه الهيئة لكنها لا تنوب عن رئيس مجلس الشورى بصفته ممثل المجلس الأعلى للصحافة والذي يعتبر هيئة مستقلة ليست من الهيئات العامة . لما كان ذلك وكان الطعن قد أقيم من هيئة قضايا الدولة والتي لا تنوب عن رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس المجلس الأعلى للصحافة فإنه يكون قد أقيم من غير ذي صفة ومن ثم غير مقبول .
ثالثاً
: الطعن رقم 86 سنة 73 قضائية
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب
حاصل النعي بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون
والقصور في التسبيب حين رفض طلب تعويضه في الدعوى الأصلية عن الأضرار المادية التي
لحقت به بعد أن تحقق من مسئولية المطعون ضده الأول عن تعويضه أدبياً بما يعيبه
ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، لما سبق
أن انتهت إليه المحكمة في الطعن رقم 6937 سنة 72 قضائية من نقض الحكم كليا في شأن
عدم ثبوت مسئولية المطعون ضده الأول بصفتيه وبالتالي مسئولية المطعون ضدهما
الباقيين عن التعويض بكافة صوره المحكوم به في الدعوى الأصلية والحكم برفضها
موضوعاً بما يعنى زوال الأساس الذي أقيم عليه هذا النعي ويضحى قائماً على غير أساس
.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني
والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب فيما
قضى به في الدعوى الفرعية من مساءلته عن التعويض للمطعون ضده الأول مجاوزاً إقرار
وكيله الثابت بمحضر جلسة 7/10/2002 من طلبه تأييد الحكم المستأنف والأخير قضى برفض
الدعوى الفرعية ، ومن عدم تحقيق دفاعه بأن ما تضمنته صحيفة الدعوى من عبارات
اعتبرها الحكم سباً وقذفاً في حق المطعون ضده الأول – المدعى الفرعي – إنما
اقتضتها ضرورات الدفاع وتدخل في باب النقد
المباح بما ينفى عنها وصف الخطأ ولم يصبه ضرر من ورائه وهو ما
لم يلتفت إليه الحكم أو يرد عليه رغم جوهريته وقضى على خلافه بالتعويض بما يعيبه
ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما هو مقرر من أنه
يشترط في الإقرار القضائي الذي يعتد به ويعمل بأثره أن يكون صادراً عن إرادة يدرك
بها المقر مرمى إقراره وأنه يقصد به إلزام نفسه بمقتضاه وأنه حجة عليه يعفى بها
خصمه من تقديم أي دليل وترتيباً على ذلك فإنه لا يعتبر إقراراً ما يذكره الخصم في ساحة
القضاء يتصل بآخر في الدعوى . لما كان ذلك وكان حضور وكيل المطعون ضده الأول بمحضر
جلسة 7/10/2002 وطلبه رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف لا يمثل إقراراً
قضائياً أو يحمل على غير ما قضى به الحكم الابتدائي في غير مصلحته ويكون قضاء
الحكم المطعون فيه في طلبات المستأنف الفرعي لا يمثل تجاوزاً في الطلبات المعروضة
عليه ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس ، ومردود في شقه الثاني بأن العبرة في تحديد
نطاق الدفاع في الدعوى ، وما يعد تجاوزا له ، هي بموضوع الخصومة المطروحة ، وما
يستلزمه اقتضاء الحقوق المدعى بها أو دفعها من غير إساءة وأن النقد المباح بشروطه
الواضحة فيما سبق الرد به على أوجه النعي المماثلة في الطعن رقم 6937 سنة 72
قضائية ينقل إلى مخبثه إذا أسئ استعماله بتوجيه ألفاظ سباب أو عبارات قذف تستطيل
إلى الشخص المعنى فتحط من كرامته وقدره عند بنى وطنه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
دلل بأسباب سائغة ومستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق إلى أن الطاعن
انحرف وأساء استعمال حق الدفاع بتضمين صحيفة دعواه عبارات قذف وألفاظ سباب تناولت
شخص المطعون ضده الأول بقصد التشهير به وتجريحه بسبب ضغائن أو دوافع شخصية منها وصمه
إياه " بالكذب ومجافاة الحقيقة واستغلال موقعه ومساواته بمن يختلس أموال غيره
واستعماله الصحف القومية وسيلة للابتزاز " وهو ما يمثل انحرافاً وينطوي على
مضارة توجب تعويضه وكان هذا الذي خلص إليه الحكم كافياً لإثبات الخطأ التقصيري في جانب
الطاعن ومن شأنه أن يؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم من مساءلة الطاعن عن الضرر الأدبي
الذي لحق المطعون ضده الأول بسبب هذا الخطأ ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص
مفتقراً إلى أساس قانوني صحيح ومن ثم يضحى النعي به على غير أساس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق