الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 مارس 2024

القضية 3 لسنة 8 ق جلسة 3 / 3 / 1990 دستورية عليا مكتب فني 4 تفسير ق 5 ص 399

جلسة 3 مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن - رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: فوزي أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين وفاروق عبد الرحيم غنيم - أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة - المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (5)
طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية "تفسير"

1- قضاة "معاش" - قوانين السلطة القضائية.
الميزة المقررة في القرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية لنواب رئيس النقض وشاغلي الوظائف القضائية المعادلة بوجوب معاملتهم معاملة من هم في حكم درجتهم في المعاش - تأكيدها عند تعديل جدول المرتبات بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 ثم في قانون السلطة القضائية التالي الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1965 الذي رددها أيضاً بالنسبة لنواب رؤساء الاستئناف والمحامين العامين الأول - دلالته، اعتبارها جزءاً من الكيان الوظيفي لرجال القضاء.
2- قضاء "معاش" - القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 - القانون رقم 79 لسنة 1975.
خلو قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 من الإشارة إلى ميزة معاملة شاغلي الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هم في حكم درجتهم في المعاش، لا أثر له - علة ذلك، غدوها بتكرار النص عليها في القوانين السابقة أصلاً ثابتاً في النظام الوظيفي لرجال القضاء دون ما حاجة إلى تكرار النص عليها، وفي حرمانهم منها انتقاص من المزايا المقررة لهم مما يتعارض وما أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون القائم من استهدافه توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم - دخولها فيما عناه المشرع في المادة (4/ 1) من القانون رقم 79 لسنة 1975 من استمرار العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة.
3- معاش - قوانين التأمين والمعاشات "المرتب الذي يعتد به كأساس للتعادل بين الوظائف".
اعتداد قوانين التأمين والمعاشات المتتالية انتهاء بقانون التأمين الاجتماعي الحالي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء والوظائف الأخرى، دون اعتبار ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها.
4- قضاة - قانون السلطة القضائية "المرتب الذي يعتد به في تسوية المعاش - ميقات التعادل".
تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة - أساس ذلك، نص المادة (70) من قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 والفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق به - معاملة أي من شاغلي الوظائف القضائية المعنية بالنص المعاملة المقررة في المعاش لشاغلي الوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة في المعاش، تكون منذ بلوغه مرتباً مماثلاً للمرتب المقرر للوظيفة المعادلة.
5- قضاء "معاملة نائب رئيس محكمة النقض ونائب رئيس محكمة الاستئناف في المعاش - بيان هذه المعاملة - أساسها".
استحقاق نائب رئيس محكمة النقض عند بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض، وهما المرتب وبدل التمثيل المقرران للوزير طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1987، واعتباره منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز يعادل من الناحية المالية مركز الوزير مما يستتبع إنفاذاً للتسوية بينهما أن يعامل معاملته في المعاش - واعتبار نائب رئيس الاستئناف في حكم درجة نائب الوزير منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، ووحدة معاملتهما في المعاش - أساس ذلك، مبدأ المساواة أمام القانون.
6- هيئات قضائية "معاش رؤسائها" - مبدأ المساواة.
معاملة رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام ورؤساء مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض في المعاش، أساسها، تحقيق المساواة في المعاملة التقاعدية بين من تماثلت مرتباتهم من أعضاء الهيئات القضائية.
7- معاش "معاش الأجر الأساسي - معاش الأجر المتغير".
مناط استحقاق معاش الأجر المتغير أن يكون المؤمن عليه قد توافرت فيه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي أياً كانت مدة اشتراكه في التأمين عن الأجر المتغير - استحقاق المؤمن عليه معاملته في معاش الأجر الأساسي معاملة الوزير أو نائب الوزير طبقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، يسري أيضاً على معاش الأجر المتغير.
8- قضاة "معاش" - المادة (31) من القانون رقم 79 لسنة 1975.
التعادل في تطبيق المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي - اعتبار نائب رئيس الاستئناف ومن في درجته من أعضاء النيابة العامة في حكم درجة نائب الوزير ووحدة معاملتهما في المعاش عن الأجر الأساسي والمتغير منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، واعتبار نائب رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة الاستئناف - غير رئيس محكمة استئناف القاهرة - والنائب العام المساعد في حكم درجة الوزير ومعاملتهم معاملته في المعاش عن الأجر الأساسي والمتغير منذ بلوغ أيهم المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية.
9- هيئات قضائية "معاش" - مبدأ المساواة.
مبدأ المساواة بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة وبين شاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى، أصل ثابت ينتظم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية في المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى والمعاشات، أكدته الإحالة في قوانينها إلى قانون السلطة القضائية - لا إخلال بما نص عليه في قانون المحكمة الدستورية العليا لأعضائها من أحكام خاصة.

---------------
1، 2- البين من تقصي قوانين السلطة القضائية المتتالية بدءاً بقانونها الصادر بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 أن جدول المرتبات الملحق به كفل لكبار رجال القضاء معاملة خاصة في المعاش، فنص على معاملة رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش وأن يعامل كل من "نواب رئيس محكمة النقض"، (وشاغلي الوظائف القضائية الأخرى المعادلة) "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش" وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه الميزة لشاغلي تلك الوظائف القضائية الكبرى عند تعديله لجداول المرتبات المشار إليه بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 فأعاد النص عليها في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون أيضاً، كما أكد ذلك مرة ثالثة في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965، فبعد أن حدد في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون الربط المالي لنواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف...... والربط المالي لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامي العام الأول، قضى بأن يعامل كل من هؤلاء جميعاً "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، الأمر الذي يدل بوضوح - إزاء تكرار النص على هذه الميزة في المعاملة التقاعدية لشاغلي المناصب القضائية الكبرى - على قصد الشارع اعتبراها جزءاً من الكيان الوظيفي لرجال القضاء والاتجاه دائماً إلى توفير المزيد من أسباب الحياة الكريمة لهم وتأمينها في أحرج مراحلها عند بلوغ سن التقاعد ومواكبة لسائر النظم القضائية في دول العالم، فلا يتصور وقد خلت نصوص قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 من الإشارة إلى هذه الميزة أن يكون المشرع قد رأى ضمناً إلغائها، وذلك أنها وقد أصبحت بإطراد النص عليها في قانوني السلطة القضائية السابقين دعامة أساسية في النظام الوظيفي لرجال القضاء، فإنه لا يجوز حرمانهم منها لما يترتب على ذلك من الانتقاص من المزايا المقررة، وهو ما يتعارض مع ما أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية للقانون الحالي من أن من بين ما استهدفه هذا القانون "توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم والسعي بالنظام القضائي نحو الكمال"، يؤيد ذلك أن قانون السلطة القضائية القائم صدر في ظل قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 الذي أوجب عدم تجاوز المعاش حداً أقصى حددته المادة (21) منه بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة", وحداً آخر بالنسبة "لنواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، مما يستفاد منه أن الأحكام الخاصة بمعاش الوزير أو نائب الوزير وفقاً للمادة (22) من القانون المشار إليه لا تسري فحسب على من يشغل وظيفة وزير أو نائب وزير وإنما تسري كذلك على من يتقاضون مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير أو نائب الوزير أي من هو في حكم درجته، وبالتالي لم يكن قانون السلطة القضائية الحالي في حاجة إلى تكرار النص من جديد على تلك الميزة التي أصبحت بإطراد النص عليها في القوانين السابقة أصلاً ثابتاً في النظام الوظيفي لرجال القضاء، تدخل ضمن ما عناه المشرع في القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي القائم بالنص في الفقرة الأولى من المادة (4) من قانون الإصدار على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة" مما مفاده أن معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدور قانون التأمين الاجتماعي الحالي واستمر العمل بها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (4) من قانون إصداره.
3، 4- البين من الاطلاع على قوانين التأمينات والمعاشات - التي صدر في ظلها قانوناً السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 - أن المشرع عندما أراد أن يحدد الأساس الذي يقوم عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين الوظائف الأخرى التي يفيد شاغلوها من الحد الأقصى للمعاش المقرر لكل من الوزراء ونواب الوزراء، قد أرسى هذا الأساس في قاعدة عامة منضبطة تعتد بالتماثل بين مرتب الوزير أو نائب الوزير والمرتب الذي يتقاضاه شاغلوا الوظائف الأخرى، وقد ورد النص على هذه القاعدة في المادة (24) من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات، التي أوجبت ألا يجاوز المعاش حداً أقصى حددته بالنسبة لكل من "الوزراء ونواب الوزراء، ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه القاعدة في المادة (29) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1960، كما أكد النص عليها مرة ثالثة من المادة (21) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 التي حددت للمعاش حداً أقصى بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وحداً آخر بالنسبة إلى "نواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة". وبذلك يكون المشرع التأميني قد أفصح عن قصده في تحديد الأساس الذي يجرى عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء والوظائف الأخرى، وكان قصده في ذلك واضحاً وصريحاً في الاعتداد بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين هذه الوظائف في تطبيق أحكام قوانين المعاشات، ومن ثم يجرى التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية على أساس ما يتقاضونه من مرتبات فعلية دون الاعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها، ويؤيد ذلك أن المادة (70) من قانون السلطة القضائية الحالي تنص على تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة "على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له.......". مما مؤداه تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 والتي تقضي باستحقاق "العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة الأعلى....". لما كان ذلك وكانت الميزة المقررة لرجال القضاء تقضي بمعاملة كل من "نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف الأخرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، كما تقضي بمعاملة كل من نواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامين العامين الأول "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، وكان التعادل بين هذه الوظائف القضائية والوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة في المعاش يجري على أساس ما يتقاضاه شاغلوا الوظائف القضائية من مرتبات مماثلة، ومن ثم فإن معاملة أي من هؤلاء المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف الأخرى من حيث المعاش تكون منذ بلوغه مرتباً مماثلاً للمرتب المقرر للوظيفة المعادلة.
5، 6- لما كانت وظائف رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام من بين الوظائف التي ينطبق عليها النص في المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1988 بتحديد مرتبات شاغلي بعض الوظائف على أن "يمنح مرتباً مقداره 4800 جنيه سنوياً وبدل تمثيل مقداره 4200 جنيه سنوياً، كل من يشغل وظيفة كان مدرجاً لها في الموازنة العامة للدولة في أول يوليه سنة 1987 الربط الثابت وبدل التمثيل المقررين للوزير"، فإن ما قرره بشأن هذه الوظائف لا يعدو أن يكون تعديلاً جزئياً لجدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية بزيادة المرتب وبدل التمثيل المقررين لها إلى المقدار المحدد بنص المادة الأولى المشار إليه، وإذ كانت وظيفة رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لنائب رئيس محكمة النقض، ومن ثم وعملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإن نائب رئيس محكمة النقض الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته، يكون مستحقاً المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض، وهو ما قضت به محكمة النقض واستقر قضاؤها عليه. وإذ كان التعادل بين وظيفتي الوزير ونائب الوزير وبين الوظائف القضائية في مجال تطبيق قواعد المعاشات يقوم على أساس التماثل في المرتب الذي يتقاضاه كل من شاغلي الوظيفتين المعادلة والمعادل بها، فإن وظيفة نائب رئيس - محكمة الاستئناف تعتبر في حكم درجة نائب الوزير ويعامل شاغلها معاملة نائب الوزير من حيث المعاش طبقاً لأحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي منذ بلوغه مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير ويظل منذ هذا الحين في حكم درجته ما بقى شاغلاً لوظيفته بالغاً ما بلغ مرتبه فيها سواء حصل على هذا المرتب في حدود مربوط الوظيفة التي يشغلها أو بسبب حصوله على مرتب الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، لما كان ذلك وكان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض باعتبارها الوظيفة الأعلى مباشرة، وهما المرتب وبدل التمثيل المقررين للوزير طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1987، فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز قانوني يماثل من الناحية المالية مركز الوزير ويعادله ويصير مستحقاً أن يعامل منذ هذا الحين معاملته من حيث المعاش، ومما يؤيد ذلك أن نائب رئيس محكمة النقض منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته واستحقاقه المخصصات المالية لرئيس محكمة النقض كاملة، يغدو في ذات المستوى المالي لدرجته، ويتساوى معه تماماً في المعاملة المالية مما يستتبع إنفاذاً للتسوية بينهما في هذا الشأن أن يعاملا من حيث المعاش معاملة واحدة تحقيقاً للمساواة التي هدف إليها الشارع ولقيام التماثل في المرتب الذي يتحقق به التعادل بدرجة الوزير في مجال تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، وهو الأمر الذي حدا الشارع إلى النص في جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية على أن "يعامل رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العامة المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش" وكذلك النص في جداول المرتبات الملحقة بقانون مجلس الدولة وقانون هيئة النيابة الإدارية وقانون هيئة قضايا الدولة على أن يعامل رؤساء الهيئات القضائية الثلاث المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش، وذلك تحقيقاً للمساواة في المعاملة التقاعدية بين من تماثلت مرتباتهم من أعضاء الهيئات القضائية.
7، 8- مناط استحقاق معاش الأجر المتغير أن يكون المؤمن عليه قد توافرت فيه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي أياً كانت مدة اشتراكه في التأمين عن الأجر المتغير، فإذا استحق المؤمن عليه معاملته من حيث الأجر الأساسي المعاملة المقررة للوزير أو لنائب الوزير طبقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، فإن هذه المعاملة تسري أيضاً على المعاش المستحق عن الأجر المتغير، وهو ما أكده الشارع في المادة الثانية عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984 - لدى تنظيمه لبعض أحكام الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير - حين نص على سريان ما جاء في القوانين الخاصة من أحكام بشأن معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) المشار إليها. وعلى مقتضى ما تقدم فإن نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء النيابة العامة، يعتبر في حكم درجة نائب وزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغ مرتبه المرتب المقرر لنائب الوزير سواء حصل عليه في حدود مربوط وظيفته أو في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة عملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإذا رقى رئيساً لإحدى محاكم الاستئناف الأخرى - غير رئيس محكمة استئناف القاهرة - أو عين في إحدى الوظائف القضائية الأخرى المعادلة لها - وهي نواب رئيس محكمة النقض والنواب العامين المساعدين - اعتبر في حكم درجة الوزير وعومل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير - وهي المعاملة التأمينية المقررة لرئيس محكمة النقض - وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من القواعد المشار إليها وذلك تطبيقاً لقاعدة التماثل في المرتب التي تعتبر أساساً للتعادل بدرجة الوزير من حيث المعاش.
9- إن المشرع قد أطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات المقررة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلاً ثابتاً ينتظم المعاملة المالية بكافة جوانبها في المرتبات والمعاشات على حد سواء، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقاً لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية - في المزايا والحقوق بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض وهم نوابها الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المالي، وكذلك ما نصت عليه المادة (122) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أن "تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون...... وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء النيابة الإدارية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن أعضاء النيابة العامة"، وما أكدته المادة (38) مكرراً من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - بالنص على أن "يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات....... والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة". وكذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء هيئة قضايا الدولة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وهذه النصوص واضحة الدلالة على قصد الشارع فيما يستهدفه من إقرار المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وبين أقرانهم من شاغلي الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة العامة سواء في المخصصات المالية المقررة لهذه الوظائف من مرتبات وبدلات ومزايا أخرى أو في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم، وذلك على أساس اعتبار القواعد المنظمة للمخصصات والمعاشات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلاً يجري حكمه على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى. ومن ثم فإن ما يسري على نواب رؤساء محاكم الاستئناف ومن في درجتهم من أعضاء النيابة العامة يسري كذلك على شاغلي الوظائف القضائية المقابلة لها بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وما ينطبق على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم من رجال القضاء والنيابة العامة ينطبق أيضاً على شاغلي الوظائف المقابلة بالهيئات القضائية المذكورة، وهم أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونواب رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس هيئة النيابة الإدارية ونواب رئيس هيئة قضايا الدولة، وذلك فيما يتعلق بالمعاشات وبنظامها بحيث يعامل كل من أعضاء الهيئات القضائية المشار إليها من حيث المعاش ذات المعاملة المستحقة لقرينه من شاغلي الوظائف القضائية المعادلة في قانون السلطة القضائية وذلك دون الإخلال بما هو مقرر لأعضاء المحكمة الدستورية العليا من بدء معاملة كل منهم معاملة نائب الوزير من حيث المعاش ولو لم يبلغ المرتب المقرر لنائب الوزير حالياً متى بلغ مرتبه 2500 جنيه في السنة إعمالاً لما يقضي به البند (4) من قواعد جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الخاص بأعضاء المحكمة الملحق بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فإذا بلغ مرتب العضو المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض اعتبر في حكم درجة الوزير منذ بلوغ مرتبه هذا القدر وعومل معاملته من حيث المعاش شأنه في ذلك شأن باقي أعضاء الهيئات القضائية ممن يشغلون وظائف مماثلة.


الإجراءات

بتاريخ 25 سبتمبر سنة 1986 ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل بطلب تفسير نص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك بناء على طلب المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وبعد تحضر الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن المجلس الأعلى للهيئات القضائية طلب تفسير نص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك لتحديد وظيفة عضو الهيئات القضائية المعادلة لدرجة نائب وزير والذي يعامل معاملته في المعاش وفقاً لنص المادة (31) سالفة الذكر وبيان ما إذا كان يتسع نطاقها ليشمل الوظيفة القضائية مع بلغ مرتب شاغلها ما يعادل مرتب نائب الوزير إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية، وذلك تأسيساً على أن هذا النص قد أثار خلافاً في التطبيق بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض.
وحيث إن المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قررت معاملة خاصة من حيث المعاش لكل من الوزير ونائب الوزير. فنصت في فقرتها الأولى على أن: "يسوى معاش المؤمن عليه الذي شغل منصب وزير أو نائب وزير على أساس آخر أجر تقاضاه وذلك وفقاً للآتي:
(أولاً) يستحق الوزير معاشاً مقداره 150 جنيهاً شهري ونائب الوزير معاشاً مقداره 120 جنيهاً شهرياً في الحالات الآتية....."، وقد بينت الفقرات (1) و(2) و(3) من البند (أولاً) مدد الاشتراك في التأمين والمدد اللازم قضاؤها في أحد المنصبين أو فيهما معاً لاستحقاق المعاش المذكور، ونص البند (ثانياً) منها على أن "يسوى له المعاش عن مدة اشتراكه في التأمين التي تزيد على المدد المنصوص عليها في البند (أولاً) ويضاف إلى المعاش المستحق وفقاً للبند المذكور على ألا يتجاوز مجموع المعاشين الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة (20)"، ونص في البند (ثالثاً) على أنه "إذا لم تبلغ مدة الخدمة التي قضاها في هذين المنصبين أو أحدهما القدر المشار إليه بالبند (أولاً) استحق معاشاً يحسب وفقاً لمدة الاشتراك في التأمين على أساس آخر أجر تقاضاه، فإذا قل المعاش عن 25 جنيهاً شهرياً خير بين المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة".
وحيث إنه يبين من تقصي قوانين السلطة القضائية المتتالية بدءاً بقانونها الصادر بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 أن جدول المرتبات الملحق به كفل لكبار رجال القضاء معاملة خاصة في المعاش، فنص على معاملة رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش وأن يعامل كل من "نواب رئيس محكمة النقض"، (وشاغلي الوظائف القضائية الأخرى المعادلة) "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش" وعلى أن يعامل كل من "المحامي العام الأول" (وشاغلي الوظائف القضائية الأخرى المعادلة ) "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش" وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه الميزة لشاغلي تلك الوظائف القضائية الكبرى عند تعديله لجداول المرتبات المشار إليه بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 فأعاد النص عليها في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون أيضاً، كما أكد ذلك مرة ثالثة في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965، فبعد أن حدد في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون الربط المالي لنواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف...... والربط المالي لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامي العام الأول، قضى بأن يعامل كل من هؤلاء جميعاً "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، الأمر الذي يدل بوضوح - إزاء تكرار النص على هذه الميزة في المعاملة التقاعدية لشاغلي المناصب القضائية الكبرى - على قصد الشارع اعتبارها جزءاً من الكيان الوظيفي لرجال القضاء والاتجاه دائماً إلى توفير المزيد من أسباب الحياة الكريمة لهم وتأمينها في أحرج مراحلها عند بلوغ سن التقاعد ومواكبة لسائر النظم القضائية في دول العالم، فلا يتصور وقد خلت نصوص قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 من الإشارة إلى هذه الميزة أن يكون المشرع قد رأى ضمناً إلغائها، ذلك أنها وقد أصبحت بإطراد النص عليها في قانوني السلطة القضائية السابقين دعامة أساسية في النظام الوظيفي لرجال القضاء فإنه لا يجوز حرمانهم منها لما يترتب على ذلك من الانتقاص من المزايا المقررة، وهو ما يتعارض مع ما أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية للقانون الحالي من أن من بين ما استهدفه هذا القانون "توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم وسعى بالنظام القضائي نحو الكمال"، يؤيد ذلك أن قانون السلطة القضائية القائم صدر في ظل قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 الذي أوجب عدم تجاوز المعاش حداً أقصى حددته المادة 21 منه بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة", وحداً آخر بالنسبة "لنواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، مما يستفاد منه أن الأحكام الخاصة بمعاش الوزير أو نائب الوزير وفقاً للمادة (22) من القانون المشار إليه لا تسري فحسب على من يشغل وظيفة وزير أو نائب وزير وإنما تسري كذلك على من يتقاضون مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير أو نائب الوزير أي من هو في حكم درجته، وبالتالي لم يكن قانون السلطة القضائية الحالي في حاجة إلى تكرار النص من جديد على تلك الميزة التي أصبحت بإطراد النص عليها في القوانين السابقة أصلاً ثابتاً في النظام الوظيفي لرجال القضاء، تدخل ضمن ما عناه المشرع في القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي القائم بالنص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون الإصدار على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة" مما مفاده أن معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدور قانون التأمين الاجتماعي الحالي واستمر العمل بها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصداره.
وحيث إن الخلاف القائم بشأن تحديد الوظيفة القضائية المعادلة لدرجة نائب الوزير في تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتحديد الميقات الذي يتحقق فيه لشاغل الوظيفة هذا التعادل، إنما يدور في الحقيقة حول المعيار الذي يجرى على أساسه التعادل بين الوظيفتين.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على قوانين التأمينات والمعاشات - التي صدر في ظلها قانوناً السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 أن المشرع عندما أراد أن يحدد الأساس الذي يقوم عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين الوظائف الأخرى التي يفيد شاغلوها من الحد الأقصى للمعاش المقرر لكل من الوزراء ونواب الوزراء، قد أرسى هذا الأساس في قاعدة عامة منضبطة تعتد بالتماثل بين مرتب الوزير أو نائب الوزير والمرتب الذي يتقاضاه شاغلوا الوظائف الأخرى، وقد ورد النص على هذه القاعدة في المادة (24) من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات، التي أوجبت ألا يجاوز المعاش حداً أقصى حددته بالنسبة لكل من "الوزراء ونواب الوزراء، ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه القاعدة في المادة (29) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1960 كما أكد النص عليها مرة ثالثة في المادة (21) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 التي حددت للمعاش حداً أقصى بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وحداً آخر بالنسبة إلى "نواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة". وبذلك يكون المشرع التأميني قد أفصح عن قصده في تحديد الأساس الذي يجرى عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء والوظائف الأخرى، وكان قصده في ذلك واضحاً وصريحاً في الاعتداد بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين هذه الوظائف في تطبيق أحكام قوانين المعاشات، على اعتبار أن معيار المرتب المتماثل هو المعيار الأعدل الذي يحقق المساواة في المعاملة من حيث المعاش بين ما يتقاضون مرتبات متماثلة، وقد أطرد النص على هذه القاعدة في قوانين التأمين والمعاشات السابقة حتى غدت أمرا مسلماً وحكماً مقرراً لم يعد في حاجة إلى النص عليه وتوكيده، واستمرت قائمة ومنفذة وصدر في ظلها قانونا السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 اللذان كفلا لكبار رجال القضاء معاملة "كل منهم معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، وإذا صح أن هذه العبارة قد جاءت في ظاهرها غير قاطعة الدلالة في تحديدها لأساس التعادل بين الوظائف القضائية والوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المعاش، فقد وجب استجلاء معناها وتحديده وضبطه بمفهومه الذي وضح واستقر النص عليه في قوانين التأمين والمعاشات التي كانت قائمة معمولاً بها وقتذاك باعتبارها القوانين المنظمة لقواعد المعاشات التي أحال إليها النص الخاص بمعاملة رجال القضاء، وذلك تحقيقاً للتناسق والتوافق بين النصوص القانونية المتعلقة بموضوع واحد وتجنباً لأي تعارض يثور بينها في مجال التطبيق. وإذا كانت معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية التي حددها النص "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدر قانون التأمين الاجتماعي الحالي بالقانون رقم 79 لسنة 1975 واستمر العمل بها طبقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصداره على ما سلف البيان، فقد لزم إعمال التعادل وفقاً لحكمها بمفهومه الذي ثبت واستقر في قوانين المعاشات التي تقررت تلك الميزة في ظلها ما دام أن قانون التأمين الاجتماعي القائم لم يتضمن حكماً مغايراً، ومن ثم يجرى التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية على أساس ما يتقاضونه من مرتبات فعلية دون اعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها، ويؤيد ذلك أن المادة (70) من قانون السلطة القضائية الحالي تنص على تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة "على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له......." مما مؤداه تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 والتي تقضي باستحقاق "العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة......" لما كان ذلك وكانت الميزة المقررة لرجال القضاء تقضي بمعاملة كل من "نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف الأخرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، كما تقضي بمعاملة كل من نواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامين العامين الأول "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، وكان التعادل بين هذه الوظائف القضائية والوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة في المعاش يجرى على أساس ما يتقاضاه شاغلوا الوظائف القضائية من مرتبات مماثلة، ومن ثم فإن معاملة أي من هؤلاء المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف الأخرى من حيث المعاش تكون منذ بلوغه مرتباً مماثلاً للمرتب المقرر للوظيفة المعادلة.
وحيث إنه باستعراض تطور المرتب المقرر لنائب الوزير مقارناً بما طرأ من تطور كذلك في المرتب المقرر لكل من نائب رئيس محكمة الاستئناف ونائب رئيس محكمة النقض لبيان مدى تعادل أي من هاتين الوظيفتين مع درجة نائب الوزير في مجال تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، يبين أن الدرجة المالية لنائب الوزير ذات مربوط ثابت بداً بمبلغ 2000 جنيه سنوياً طبقاً للقانون رقم 223 لسنة 1953 زيد بالقوانين أرقام 134 لسنة 1980 و114 لسنة 1981 و31 لسنة 1983 إلى أن بلغ 2678 جنيهاً بالقانون رقم 53 لسنة 1984 وأما عن المرتب المقرر لنائب رئيس محكمة الاستئناف منذ العمل بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959، فقد تقرر في هذا القانون لوظيفة المحامي العام الأول (المقابلة لها) درجة مالية ذات مربوط ثابت مقداره 1800 جنيه سنوياً، زيد إلى 1900 جنيه بالقانون رقم 43 لسنة 1965 وظل لها هذا المربوط في القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، ثم أصبح مربوطها متدرجاً ذا بداية ونهاية من 1900 إلى 2000 جنيه طبقاً للقانون رقم 17 لسنة 1976 زيد بالقوانين أرقام 54 لسنة 1978 و143 لسنة 1980 و114 لسنة 1981 و32 لسنة 1983 إلى أن بلغ مربوطها المالي من 2180 إلى 2493 جنيهاً بمقتضى القانون رقم 53 لسنة 1984. وإعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976، أصبح نائب رئيس محكمة الاستئناف - منذ العمل بهذا القانون عندما يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته، مستحقاً التدرج بالعلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة الأعلى. أما عن المرتب المقرر لهذه الوظيفة الأعلى - المقابلة لوظيفة نائب رئيس محكمة النقض - فقد تقرر لها في القوانين أرقام 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965 و46 لسنة 1972 درجة مالية ذات مربوط ثابت مقداره 2000 جنيه سنوياً، ثم أصبح مربوطها متدرجاً ذا بداية ونهاية من 2200 إلى 2500 جنيه سنوياً بمقتضى القانون رقم 17 لسنة 1976 زيد بالقانونين رقمي 114 لسنة 1981 و32 لسنة 1983 إلى أن بلغ مربوطها المالي من 2380 إلى 2868 جنيهاً بالقانون رقم 53 لسنة 1984 إلى أن صدر القانون رقم 57 لسنة 1988 بتحديد مرتبات شاغلي بعض الوظائف ناصاً في مادته الأولى على أن "يمنح مرتباً مقداره 4800 جنيه سنوياً وبدل تمثيل مقداره 4200 جنيه سنوياً كل من يشغل وظيفة كان مدرجاً لها في الموازنة العامة للدولة في أول يوليه سنة 1987 الربط الثابت وبدل التمثيل المقررين للوزير......". ولما كانت وظائف رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام من بين الوظائف التي ينطبق عليها نص المادة الأولى من هذا القانون، فإن ما قرره بشأن هذه الوظائف لا يعدو أن يكون تعديلاً جزئياً لجدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية بزيادة المرتب وبدل التمثيل المقررين لها إلى المقدار المحدد بنص المادة الأولى المشار إليه، وإذ كانت وظيفة رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لنائب رئيس محكمة النقض، ومن ثم وعملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإن نائب رئيس محكمة النقض الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته، يكون مستحقاً المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض، وهو ما قضت به محكمة النقض واستقر قضاؤها عليه. وإذ كان التعادل بين وظيفتي الوزير ونائب الوزير وبين الوظائف القضائية في مجال تطبيق قواعد المعاشات يقوم على أساس التماثل في المرتب الذي يتقاضاه كل من شاغلي الوظيفتين المعادلة والمعادل بها، فإن وظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف تعتبر في حكم درجة نائب الوزير ويعامل شاغلها معاملة نائب الوزير من حيث المعاش طبقاً لأحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي منذ بلوغه مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير ويظل منذ هذا الحين في حكم درجته ما بقى شاغلاً لوظيفته بالغاً ما بلغ مرتبه فيها سواء حصل على هذا المرتب في حدود مربوط الوظيفة التي يشغلها أو بسبب حصوله على مرتب الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية.
وحيث إنه لما كانت المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه قد تناول نصها بالتنظيم المعاملة التأمينية لكل من الوزير ونائب الوزير، وفيما عدا مقدار المعاش المحدد جزافاً لكل من الوزير ونائب الوزير، فقد أجرى النص على من شغل أحد المنصبين أو كليهما أحكاماً واحدة سواء في تحديد مدة الاشتراك الكلية في التأمين أو الحد الأدنى للمدة التي قضيت في أحد المنصبين أو فيهما معاً أو في كيفية تسوية المعاش عن مدة الاشتراك في التأمين التي تزيد على المدد المنصوص عليها في البند (أولاً) من المادة المذكورة أو في مقدار الحد الأقصى للمعاش، بما مؤداه ارتباط فقرات هذه المادة ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة في مجال تطبيقها على من سبق أن تقلد أحد المنصبين أو شغل الوظائف القضائية المعادلة لهما، الأمر الذي يقتضي تبعاً لهذا الارتباط أن يكون تفسير نص المادة (31) سالفة الذكر شاملاً لبيان الوظائف القضائية المعادلة لكل من درجة الوزير ونائب الوزير من حيث المعاملة في المعاش ضماناً لوحدة تطبيقها على نحو تتحقق معه المساواة أمام القانون بين كافة أعضاء الهيئات القضائية الذين تسري عليهم أحكامها. لما كان ذلك وكانت المادة المذكورة - في بيانها للحدود الدنيا للمدد الواجب قضاؤها في الخدمة كوزير أو نائب وزير، لمعاملته المعاملة الخاصة في المعاش - قد أجازت قضاء هذه المدد في أحد المنصبين أو فيهما معاً، وكان هذا الحكم واجب التطبيق على شاغلي الوظائف القضائية المعادلة لهذين المنصبين إعمالاً للميزة المقررة لرجال القضاء ومن ثم فإن نائب رئيس محكمة الاستئناف إذا ما رقى إلى وظيفة قضائية أعلى وتقاضي فيها مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير، وجب عند حساب المدد المشار إليها الاعتداد بالمدة التي قضاها في هذه الوظيفة الأعلى بالإضافة إلى المدة التي قضاها في الوظيفة السابقة باعتبارها في حكم درجة نائب الوزير منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، وإذ كانت وظيفة رؤساء محاكم الاستئناف الأخرى المقابلة لوظيفة نائب رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لوظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف، وكانت وظيفة نائب رئيس محكمة النقض وغيرها من الوظائف القضائية المعادلة لها قد تحدد مستواها المالي بصدور القانون رقم 57 لسنة 1988 الذي ترتب عليه تعديل المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام إلى المقدار المحدد للوزير بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1987، لما كان ذلك وكانت وظيفة رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لوظيفة نائب رئيس محكمة النقض، فإن شاغل هذه الوظيفة عند بلوغ مرتبه نهاية مربوطها، يكون مستحقاً المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض عملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، ويصبح في مستواه المالي منذ بلوغ مرتبه هذا القدر ومن ثم يعتبر في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش. ولا يغير من ذلك أن قانون السلطة القضائية الحالي لم يخص بالمعاملة المقررة للوزير من حيث المعاش سوى رئيس محكمة النقض، وكذلك رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام اللذين عوملا المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش طبقاً لما نص عليه جدول المرتبات المحلق بالقانون المشار إليه، ذلك أن هذا القانون وإن خلا من النص على سريان تلك المعاملة الخاصة على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم فإنه لم ينص كذلك على حرمانهم منها، وإذ كانت الميزة المقررة لهم تقضي بمعاملة كل من هؤلاء من حيث المعاش معاملة من هو في حكم درجته أي من يتقاضي مرتباً مماثلاً لمرتبه، ومن ثم فكلما تحقق التماثل في المرتب بين ما هو مقرر لشاغل الوظيفة القضائية وإحدى الوظائف التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المعاش، حق لشاغل الوظيفة القضائية أن يعامل ذات المعاملة المقررة للوظيفة المعادلة على النحو السالف بيانه. لما كان ذلك وكان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض باعتبارها الوظيفة الأعلى مباشرة، وهما المرتب وبدل التمثيل المقررين للوزير طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1987، فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز قانوني يماثل من الناحية المالية مركز الوزير ويعادله ويصير مستحقاً أن يعامل منذ هذا الحين معاملته من حيث المعاش. ومما يؤيد ذلك أن ما استحدثه الشارع في القانون رقم 17 لسنة 1976 - وتواصل النص عليه في القوانين المتعاقبة - بتقريره قاعدة تخول لعضوية الهيئة القضائية عند بلوغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها، حقاً مالياً أقصاه مرتب وبدلات الوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها، وقد استهدف التيسير على القدامى من رجال القضاء وعدم تجميد المخصصات المالية للوظائف القضائية - في حالة عدم الترقي - عند حد نهاية الربط المالي المقرر لها تأميناً للقضاة في حاضرهم ومستقبلهم، خاصة وأن فرص الترقي إلى الوظائف القضائية العليا محدودة مما رئي معه تقرير تلك القاعدة التي يؤدي تطبيقها إلى بلوغ مرتب وبدلات العضو حد المساواة بما هو مقرر من هذه المخصصات المالية للوظيفة الأعلى مباشرة وذلك حتى لا يضار العضو فيحرم من مزايا كانت تدركه لو أنه رقى إلى هذه الوظيفة الأعلى. ولما كان نائب رئيس محكمة النقض منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته واستحقاقه المخصصات المالية لرئيس محكمة النقض كاملة، يغدو بذلك في ذات المستوى المالي لدرجته ويتساوى معه تماماً في المعاملة المالية، مما يستتبع إنفاذاً للتسوية بينهما في هذا الشأن أن يعاملا من حيث المعاش معاملة واحدة تحقيقاً للمساواة التي هدف إليها الشارع ولقيام التماثل في المرتب الذي يتحقق به التعادل بدرجة الوزير في مجال تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، وهو الأمر الذي حدا الشارع إلى النص في جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية على أن "يعامل رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش" وكذلك النص في جداول المرتبات الملحقة بقانون مجلس الدولة وقانون هيئة النيابة الإدارية وقانون هيئة قضايا الدولة على أن يعامل رؤساء الهيئات القضائية الثلاث المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش، وذلك تحقيقاً للمساواة في المعاملة التقاعدية بين من تماثلت مرتباتهم من أعضاء الهيئات القضائية.
وحيث إن المادة (18) مكرراً من قانون التأمين الاجتماعي سالف الذكر - المضافة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 - تنص على أن "يستحق المعاش عن الأجر المتغير أياً كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن هذا الأجر وذلك متى توافرت في شأنه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي......." كما تنص المادة الثانية عشرة من القانون الأخير - بعد تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1987 - على أن "تحسب الحقوق المقررة بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عن كل من الأجر الأساسي والأجر المتغير قائمة بذاتها وذلك مع مراعاة الآتي: 1)....... 2)........ 3)........ 4) يجمع المؤمن عليه أو صاحب المعاش بين المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير بدون حدود وذلك باستثناء الحالات التي تكون تسوية المعاش فيها وفقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه أفضل للؤمن عليه، فيكون الجمع بين معاش الأجر الأساسي ومعاش الأجر المتغير بما لا يجاوز مجموع هذين الأجرين. 5)...... 6)....... 7) لا تسري الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير وذلك باستثناء ما جاء في هذه القوانين من معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه........ وفي تطبيق المادة المشار إليها يراعى ما يأتي: ( أ )........ (ب) يستحق المعاش عن الأجر المتغير بالقدر المنصوص عليه في البند أولاً من المادة المشار إليها طالما توافرت شروط هذا البند في شأن معاش الأجر الأساسي وذلك أياً كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن الأجر المتغير...." مما مفاده أن مناط استحقاق معاش الأجر المتغير أن يكون المؤمن عليه قد توافرت فيه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي أياً كانت مدة اشتراكه في التأمين عن الأجر المتغير، فإذا استحق المؤمن عليه معاملته من حيث معاش الأجر الأساسي المعاملة المقررة للوزير أو لنائب الوزير طبقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، فإن هذه المعاملة تسري أيضاً على المعاش المستحق عن الأجر المتغير، وهو ما أكده الشارع في المادة الثانية عشرة سالفة الذكر - لدى تنظيمه لبعض أحكام الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير حين نص على سريان ما جاء في القوانين الخاصة من أحكام بشأن معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليها.
وحيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء النيابة العامة، يعتبر في حكم درجة نائب وزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغ مرتبه المرتب المقرر لنائب الوزير سواء حصل عليه في حدود مربوط وظيفته أو في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة عملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإذا رقى رئيساً لإحدى محاكم الاستئناف الأخرى أو عين في إحدى الوظائف القضائية الأخرى المعادلة لها - وهي نواب رئيس محكمة النقض والنواب العامين المساعدين - اعتبر في حكم درجة الوزير وعومل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير - وهي المعاملة التأمينية المقررة لرئيس محكمة النقض - وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من القواعد المشار إليها وذلك تطبيقاً لقاعدة التماثل في المرتب التي تعتبر أساساً للتعادل بدرجة الوزير من حيث المعاش.
وحيث إن المشرع أطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات المقررة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلاً ثابتاً ينتظم المعاملة المالية بكافة جوانبها في المرتبات والمعاشات على حد سواء، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقاً لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية - في المزايا والحقوق بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض وهم نوابها الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المالي، وكذلك ما نصت عليه المادة (122) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أن "تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون........ وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء النيابة الإدارية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن أعضاء النيابة العامة"، وما أكدته المادة (38) مكرراً من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - بالنص على أن "يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات....... والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة". وكذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء هيئة قضايا الدولة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وهذه النصوص واضحة الدلالة على قصد الشارع فيما يستهدفه من إقرار المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وبين أقرانهم من شاغلي الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة العامة سواء في المخصصات المالية المقررة لهذه الوظائف من مرتبات وبدلات ومزايا أخرى أو في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم، وذلك على أساس اعتبار القواعد المنظمة للمخصصات والمعاشات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلاً يجرى حكمه على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى. ومن ثم فإن ما يسري على نواب رؤساء محاكم الاستئناف ومن في درجتهم من أعضاء النيابة العامة يسري كذلك على شاغلي الوظائف القضائية المقابلة لها بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وما ينطبق على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم من رجال القضاء والنيابة العامة ينطبق أيضاً على شاغلي الوظائف المقابلة بالهيئات القضائية المذكورة، وهم أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونواب رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس هيئة النيابة الإدارية ونواب رئيس هيئة قضايا الدولة، وذلك فيما يتعلق بالمعاشات وبنظامها بحيث يعامل كل من أعضاء الهيئات القضائية المشار إليها من حيث المعاش ذات المعاملة المستحقة لقرينه من شاغلي الوظائف القضائية المعادلة في قانون السلطة القضائية وذلك دون الإخلال بما هو مقرر لأعضاء المحكمة الدستورية العليا من بدء معاملة كل منهم معاملة نائب الوزير من حيث المعاش ولو لم يبلغ المرتب المقرر لنائب الوزير حالياً متى بلغ مرتبه 2500 جنيه في السنة إعمالاً لما يقضي به البند (4) من قواعد جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الخاص بأعضاء المحكمة الملحق بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فإذا بلغ مرتب العضو المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض اعتبر في حكم درجة الوزير منذ بلوغ مرتبه هذا القدر وعومل معاملته من حيث المعاش شأنه في ذلك شأن باقي أعضاء الهيئات القضائية ممن يشغلون وظائف مماثلة.

لهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على نص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي والمادة (31) من هذا القانون.
ونظراً لارتباط فقرات المادة (31) من القانون المشار إليه ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة في مجال تطبيقها على من سبق أن تقلد منصبي وزير ونائب وزير أو شغل الوظائف القضائية المعادلة لهما، وذلك وفق ما تقدم من هذه الأسباب.
قررت المحكمة
"في تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، يعتبر نائب رئيس محكمة النقض ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، كما يعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة نائب الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية".

الخميس، 28 مارس 2024

الطعن 2515 لسنة 52 ق جلسة 27 / 5 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 125 ص 600

جلسة 27 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم، مدحت المراغي نائبي رئيس المحكمة وجرجس اسحق ود/ رفعت عبد المجيد.

----------------

(125)
الطعن رقم 2515 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "مبدأ الثبوت بالكتابة".
مبدأ الثبوت بالكتابة. ماهيته.
(2) دعوى" الدفاع في الدعوى". محكمة الموضوع.
عدم التزام المحكمة بتكليف الخصم بتقديم دليل دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع.
(3) إثبات "الإثبات بالبينة". التزام "الوفاء بالالتزام".
الوفاء. تصرف قانوني. عدم جواز إثباته بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها متى كانت قيمته تزيد على عشرين جنيهاً. العبرة في الوفاء الجزئي بقيمة الالتزام الأصلي. م. 60 إثبات.

----------------
1 - مبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابه تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال.
2 - المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقدير الدليل على دفاعه أو لفت نظره لمقتضيات هذا الدفاع.
3 - الوفاء باعتباره تصرفاً قانونياً لا يجوز إثباته بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها إذا كانت قيمته تزيد على عشرين جنيهاً طبقاً لنص المادة 60 من قانون الإثبات، مما تكون العبرة فيه بقيمة الالتزام الأصلي إذا كان الوفاء جزئياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2234 لسنة 1979 مدني كلي شبين الكوم ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزام الأول مديناً والثاني ضامناً بأن يدفعا لها مبلغ ستمائة جنيه وبفسخ عقد الرهن المؤرخ 12/ 9/ 1974. وقالت شرحاً للدعوى أن الطاعن الأول اقترض منها هذا المبلغ بضمانة الطاعن الثاني ورهن لها بموجب ذلك العقد أطياناً زراعية مساحتها 21 ط موضحة بالصحيفة رهناً حيازياً ضماناً للوفاء بالمبلغ ملتزماً بسداده عند الطلب مع التصريح لها بالانتفاع بالعين المرهونة وإذ تقاعس الطاعنان عن الوفاء وحالا بينها وبين وضع يدها على العين، فقد أقامت الدعوى. حكمت المحكمة بإلزام الطاعن الأول بضمانه الثاني بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 600 جنيه وبفسخ عقد الرهن المذكور. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 165 سنة 13 ق مأمورية شبين الكوم. حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن الأول بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أنه دفع للمطعون ضدها قيمة الرهن المؤرخ 12/ 4/ 1974 ومقدار ما دفعه وتاريخ أدائه غير أن هذا الحكم لم ينفذ بعد أن دفعت المطعون ضدها بعدم جواز الإثبات بالبينة. وفي 20/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بقبول هذا الدفع وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن من الطاعن الثاني وبرفض الطعن بالنسبة للطاعن الأول وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان يبين من الأوراق أن المحامي الذي رفع الطعن لم يقدم سند وكالته عن الطاعن الثاني حتى حجز الطعن للحكم فإن الطعن بالنسبة للأخير يكون غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أبرم مع المطعون ضدها عقداً أودع لديها أتفق فيه على استلامها العين المرهونة استلاماً حكمياً على أن يتولى هو زراعتها وتسليمها جزءاً من محصولها تخصم قيمته من دين الرهن وهو ما أقرت به المطعون ضدها في أقوالها بتحقيقات الشكوى رقم 747 سنة 1979 إداري تلا مما يعد مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود، ورغم أنه قدم مذكرة لمحكمة الاستئناف طلب فيها إعادة الدعوى للمرافعة لتقديم صورة رسمية من أوراق تلك الشكوى إلا أنها لم تستجب لطلبه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع صورة رسمية من الشكوى الإداري التي قال أنها تعد مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة للاتفاق المشار إليه بسبب النعي أو أي كتابه صادرة من المطعون ضدها تجعل ذلك الاتفاق قريب الاحتمال، وكانت المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره لمقتضيات هذا الدفاع، فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذ هو لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الصدد وقد جاء مرسلاً عن دليله. ولا عليه كذلك إن هو لم يعرض لطلبه إعادة الدعوى للمرافعة لتقديم دليل دفاعه لما هو مقرر من أن إجابة هذا الطلب أو برفضه من إطلاقات المحكمة فلا يعاب عليها عدم إجابته ما دام أن الفرصة كانت أمام الطالب لتقديم ما يشاء من أدلة قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، لما كان ذلك فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه برغم أن دافعة تسليمه المطعون ضدها جزءاً من المحصول الناتج من زراعة العين المرهونة هي واقعة مادية وليست تصرفاً قانونياً مما يجوز له إثباتها بكافة طرق الإثبات إلا أن الحكم قضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم جواز الإثبات بالبينة مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان دفاع الطاعن بتسليمه المطعون ضدها جزءاً من المحصول خصماً لقيمته من دين الرهن ينطوي على ادعاء بالوفاء بهذه القيمة، وكان الوفاء باعتباره تصرفاً قانونياً لا يجوز إثباته بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها إذا كانت قيمته تزيد على عشرين جنيهاً طبقاً لنص المادة 60 من قانون الإثبات مما تكون العبرة فيه بقيمة الالتزام الأصلي إذا كان الوفاء جزئياً - لما كان ذلك وكانت قيمة الدين تجاوز نصاب الإثبات بالبينة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم جواز الإثبات ما ادعاه الطاعن في هذا الخصوص بشهادة الشهود يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الأربعاء، 27 مارس 2024

الطعن 16471 لسنة 87 ق جلسة 9 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 94 ص 736

جلسة 9 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي، عصمت عبد المعوض عدلي، مجدي تركي وأيمن العشري نواب رئيس المحكمة .
----------------
( 94 )
الطعن رقم 16471 لسنة 87 القضائية
(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام وتوقيعها من محام عام بتوقيع مقروء . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(2) سبق إصرار . قتل عمد . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي . ما دام سائغاً . توافره في حق الجاني . شرطه ؟
استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار في عبارات مرسلة تعد ترديداً لوقائع الدعوى واتخاذها من التحريات وأقوال مجريها دون التحقق من صدقها دليلاً أساسياً في إثباته . قصور يوجب نقض الحكم . علة ذلك ؟
تدليل غير سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد .
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
(4) إثبات " اعتراف " " شهود " " خبرة " .
تطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين مع مضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال .
(5) جريمة " أركانها " . باعث .
الباعث على القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
دفاع المتهم بأن الواقعة جنحة قتل خطأ . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . إيراد أدلة الثبوت . كفايته رداً عليه .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
رد المحكمة على الدفع ببطلان الاستجواب . غير لازم . ما دامت لم تعول في قضائها على دليل مستمد منه .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . ما دام سائغاً .
مثال .
(9) إثبات " اعتراف " " شهود " .
أقوال متهم على آخر . شهادة . للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين . حد ذلك ؟
(10) سبق إصرار . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " . قتل عمد .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي .
مثال لاستبعاد ظرف سبق الإصرار من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(11) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(12) رابطة السببية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
رابطة السببية . علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقديرها موضوعي .
تدليل سائغ على توافر رابطة السببية في جريمة قتل عمد .
(13) اشتراك . فاعل أصلي . مسئولية جنائية . اتفاق . قانون " تفسيره " .
المواد 40 و 41 و 42 و 43 عقوبات . مؤداها ؟
معاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره . شرطه : أن يكون فاعلاً أصلياً في الجريمة أو شريكاً فيها . مجرد توارد خواطر الجناة دون اتفاق سابق بينهم على ارتكاب الفعل . لا يوجب مساءلتهم عن فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة حصراً في القانون .
مسئولية المتهم عما اقترفه شخصياً من حيازة وإحراز سلاح ناري وذخيرة دون جريمة القتل العمد . ما دام لم يثبت بدليل يقيني اتفاقه مع المتهم الآخر أو إمداده بالسلاح بقصد ارتكابها . لا يقدح في ذلك قول الضابط لإثبات هذا الاتفاق . علة ذلك ؟
(14) دعوى مدنية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
إحالة محكمة الجنايات الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة . أثره : عدم اطراحها على محكمة النقض للفصل في موضوعها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كانت النيابة العامة عرضت القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم علية الأول .... إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن – الَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – علي ماجري به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب علية عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوي بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسي ان يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواتة أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام عام أو من رئيس نيابة أو أن يكون هذا التوقيع غير مقروء ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
2- من المقرر أن سبق الإصرار حاله ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم علية في رويه وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما اوردة الحكم في مدوناته من سبق الإصرار وأن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلَّا أن ما ساقة الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الَّا ترديداً لوقائع الدعوي كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين علي المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي علي المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الي ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي المتمثلة في إقرار الطاعنين مما يدل علي ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما استند الية الحكم من أقوال شاهد الإثبات التي جاءت ترديداً لتحرياته ؛ لما هو مقرر من أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلَّا أنها لا تصلح بمفرها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي أن يعرف مصدرها ويتحدد حتي يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في إثبات ظرف سبق الإصرار ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها الي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فان حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة للقضية .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع التي لها أن تعول على ما جاء بها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دامت قد عرضت على بساط البحث – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من تحريات الشرطة وعولت عليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، ومن ثم فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول متعيناً رفضه .
4- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى علي الملائمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شاهد الاثبات وإقرار المتهمين على النحو السالف سرده لا تتعارض بل تتلاءم مع الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية وخلت الأوراق مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى يكون على غير أساس حرياً بالرفض .

5- لما كان الباعث علي القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها ، فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل وتلتفت المحكمة عنه .
6- لما كان ما أثاره المتهم الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ ، لا يعدو أن تكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة يكفي للرد عليها أدلة الثبوت التي أوردتها تدليلاً علي ثبوت الصورة التي اقتنعت بها علي السياق المتقدم .
7- لما كانت هذه المحكمة لم تستند في قضائها الي دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، ومن ثم فإنها تكون في حل من الرد عليه .
8- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ، وكان ما أثاره المتهم الأول في هذا الشأن مجرد قول مرسل عارٍ من الدليل وخلت الأوراق مما يظاهره ، وكانت المحكمة – فيما أخذت به من ذلك الدليل- تطمئن الى صدور ذلك الإقرار طواعية واختيارا وسلامته مما يشوبه من العيوب ومطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى وصلاحيته كدليل إدانة يعزز باقي أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم الأول يكون علي غير سند متعيناً رفضه .
9- لما كان قول متهم على متهم آخر هو في حقيقة الأمر شهاده يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة بالأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن الى ما أخذت به من إقرار المتهم الثاني في حق نفسه وفي حق المتهم الأول وصلاحيته – مع باقي الأدلة – كدليل إدانة ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى لا يكون مقبولاً متعيناً رفضه .
10- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة كما استقرت في وجدان المحكمة لا تنبئ عن أن المتهم الأول تدبر أمر الجريمة وصمم عليها وأعد لها بل الواضح للمحكمة أنها كانت وليد اللحظة ولم تكن نتيجة تصميم سابق ، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون غير متوافر .
11- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكول الى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان هذ القصد ثابت في حق المتهم الأول من وجود الخلافات السابقة بينه وبين المجني عليه – على النحو السالف بيانه – ومما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن المتهم المذكور أطلق العيار الناري علي المجني عليه بقصد قتله ومما أقر به المتهم الثاني من أن المتهم أفصح له عن نيته في الاجهاز علي المجني عليه ومن استعماله سلاحاً نارياً قاتل بطبيعته وإطلاق النار في اتجاه الصدر والقلب وهو موضع قاتل من جسم المجني عليه ، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافره في حق المتهم الأول ، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير قويم .
12- لما كانت رابطة السببية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، وكان الثابت من أدلة الثبوت السالف بيانها أن المتهم أطلق النار على المجني عليه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، ومن ثم فإن المتهم الأول يكون مسئول جنائياً عن جريمة القتل العمد .
13- لما كان يبين من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حده قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة في القانون علي سبيل الحصر كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات أما في غير تلك الأحوال ، فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً اصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الأوراق خلت من ثمة دليل يقيني على وجود اتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ارتكاب جريمة القتل أو أنه قد أمده بالسلاح بقصد ارتكابها ، ومن ثم فإنه لا يسئل إلَّا عن فعله الشخصي المتمثل في حيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة ، ولا يقدح في ذلك ما تضمنته أقوال الضابط التي جاءت ترديداً لتحرياته من اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة وإمداد المتهم الثاني المتهم الأول بالسلاح لاستخدامه في ارتكابها لأنها لا تصلح بمجردها لإثبات ذلك ، لما هو مقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلَّا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة .
14- لما كانت محكمة الجنايات قد تخلت عن الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإن تلك الدعوى لا تكون مطروحة على هذه المحكمة للفصل في موضوعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما :ــــــ
أولاً : المتهم الأول :
قتل عمداً المجني عليه بأن اطلق صوبه عياراً نارياً فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
ثانياً: المتهمان الأول والثاني :ـــ
1- حازا وأحرزا أسلحة نارية غير مششخنة "بندقية وفردي خرطوش " بدون ترخيص .
2- حازا وأحرزا ذخيرة (طلقة) مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة بغير ترخيص.
وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه قبل المتهمين مدنياً بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع آراء أعضائها بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً بإجماع آراء أعضائها عملاً بالمواد 39، 40/1 ، 2 ،41/1 ، 230، 231 ، 235 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 ، 30/1من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبنود ارقام ( 5 ، 6 ، 7 ) من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة .... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه والزمته بالمصاريف الجنائية. ثانياً : ـ بمعاقبة .... بالسجن المشدد خمس عشرة سنة عما أسند إليه . ثالثاً وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم علية الأول .... إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن – الَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – علي ماجري به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب علية عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوي بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسي ان يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواتة أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام عام أو من رئيس نيابة أو أن يكون هذا التوقيع غير مقروء ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان علي الحكم المطعون فيه أنه اذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار واحراز وحيازة أسلحة نارية مششخنة وذخيرة بدون ترخيص قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه دلل علي توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حاله ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم علية في رويه وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما اوردة الحكم في مدوناته من سبق الإصرار وأن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلَّا أن ما ساقة الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الَّا ترديداً لوقائع الدعوي كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين علي المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي علي المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الي ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي المتمثلة في إقرار الطاعنين مما يدل علي ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما استند الية الحكم من أقوال شاهد الإثبات التي جاءت ترديداً لتحرياته ؛ لما هو مقرر من أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلَّا أنها لا تصلح بمفرها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي أن يعرف مصدرها ويتحدد حتي يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في إثبات ظرف سبق الإصرار ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها الي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فان حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن الدعوي بحالتها صالحة للفصل في موضوعها ولا تحتاج الي تحقيق موضوعي .
وحيث إن واقعات الدعوي حسبما استقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن المتهم الأول .... اتفق والمجني علية .... علي الاشتراك في تجارة الماشية ونفاذاً لذلك سلم الأول المجني علية أربعة آلاف جنية بيد أن الأخير لم يقم بتنفيذ ما تم الاتفاق علية وعندما طالبة الأول برد المبلغ العديد من المرات ماطله وأعطاه مواد ممنوعة ( بندقية خرطوش ومواد مخدرة ) لبيعها والحصول علي مالة من بيعها ، وفي ذات يوم الواقعة اتصل به هاتفياً وطلب منة الحضور فتوجه إلية حاملاً فرد خرطوش معمر بطلقة نارية كان قد حصل عليهما من المتهم الثاني بعد أن سلمه البندقية التي سبق أن أعطاها له المجني عليه وبعد أن تقابلا توجها سوياً الي محل الواقعة حيث أطلق صوب المجني علية طلقة من سلاحه الناري أحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وبعد القبض علية أقر لضابط الواقعة بارتكاب الجريمة وأرشده عن السلاح المستخدم بمسكنة فتم ضبطه ، كما تم ضبط المتهم الثاني حائزاً لسلاحين ناريين غير مششخنين بمسكنه بإرشاده .
وحيث إن الواقعة علي النحو المتقدم قد استقام الدليل علي صحتها ونسبتها الي المتهمين من شهادة النقيب / .... وإقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة ومن تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية .
فشهد النقيب/ .... بأنه توجد خلافات مالية بين المتهم الأول والمجني علية ، وأن المتهم بعد أن حصل علي سلاح ناري مذخر من المتهم الثاني اصطحب المجني علية الي محل الحادث واطلق صوبة عياراً نارياً قاصد قتلة فارداه قتيلاً ، وأنه قام بضبطه وبمواجهته أقر له بارتكاب الواقعة وأرشده عن السلاح المستخدم حيث تم ضبطه بمسكنه ، كما قام بضبط المتهم الثاني وسلاحين ناريين بحوزته بإرشاده أقر له بحيازتهما .
وأقر المتهم الأول بأن المجني علية اخذ منه مبلغ أربعة آلاف جنيها لمشاركته في تجارة الماشية ولكنه لم ينفذ ما تم الاتفاق علية وماطل في رد المبلغ وأعطاه مواد ممنوعة ( بندقية خرطوش ومواد مخدرة ) لبيعها واستيفاء حقه من ثمنها ، وأنه قبل ثلاث ساعات من حدوث الواقعة حصل علي السلاح والذخيرة المستخدمين في الحادث من المتهم الثاني وسلمة البندقية السابق حصوله عليها من المجني عليه ، وأن الأخير هاتفة وطلب منة الحضور فتوجه إليه حاملاً السلاح المذخر واتجها سوياً الي محل الحادث ، وأن إصابة المجني عليه التي أودت بحياته حدثت من السلاح الناري خاصته وأن السلاح المضبوط بمسكنه هو المستخدم في الحادث .
وأقر المتهم الثاني .... بتحقيقات النيابة بحيازة البندقية والفرد الخرطوش المضبوطين بمسكنه وتسليم المتهم الأول السلاح الناري والذخيرة المستخدمين في ارتكاب الجريمة ، وأن المتهم الأول افصح عن نيته في الخلاص من المجني عليه .
وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بالصدر عبارة عن جرح ناري دخولي لمقذوف رشي (خرطوش 12مم) وتعزى الوفاة إلى الإصابة النارية الرشية بالصدر وما أحدثته من تهتكات بالقلب والمعدة ومنديل البطن وما صاحب ذلك من صدمة نزفيه غير مرتجعه انتهت بالوفاة .
وثبت من تقرير الأدلة الجنائية أن السلاح المضبوط مع المتهم الأول عبارة عن سلاح ناري خرطوش يدوي التعمير والتفريغ مصنع محلياً بماسورة واحدة غير مششخنة طولها 16 سم عيار 12 سليم وصالح للاستعمال ، وأن السلاحين المضبوطين مع المتهم الثاني عبارة عن بندقية خرطوش صناعة أجنبية عيار 12 بماسورة غير مششخنة سليمة وصالحة للاستعمال وفرد خرطوش يدوي التعمير والتفريغ مصنع محلياً بماسورة واحدة غير مششخنة طولها16,5 سم عيار 12 سليم وصالح للاستعمال .
وحيث إن المتهمين حضرا أمام محكمة الموضوع ، وأنكرا ما أسند إليهما ودفع الحاضر مع الأول بعدم جدية التحريات ، وبتناقض الدليلين القولي والفني ، وبانتفاء الباعث على القتل ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد قتل خطأ ، وببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة ضابط الواقعة ، وببطلان الإقرار المنسوب للطاعن الثاني لصدوره وليد اكراه وعدم صلاحية أقواله كدليل إدانة ، وعدم توافر ظرف سبق الإصرار ونية القتل .
ودفع الحاضر مع الثاني بعدم وجود دليل على اشتراكه مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة القتل ، كما مثل المدعي بالحقوق المدنية بوكيل وصمم على طلب التعويض .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع التي لها أن تعول على ما جاء بها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دامت قد عرضت على بساط البحث – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من تحريات الشرطة وعولت عليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، ومن ثم فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول متعيناً رفضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى علي الملائمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شاهد الاثبات وإقرار المتهمين على النحو السالف سرده لا تتعارض بل تتلاءم مع الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية وخلت الأوراق مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى يكون على غير أساس حرياً بالرفض .
وحيث إنه لما كان الباعث علي القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها ، فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل وتلتفت المحكمة عنه .
وحيث إن ما أثاره المتهم الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ ، لا يعدو أن تكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة يكفي للرد عليها أدلة الثبوت التي أوردتها تدليلاً علي ثبوت الصورة التي اقتنعت بها علي السياق المتقدم .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة ضابط الواقعة ، فإنه لما كانت هذه المحكمة لم تستند في قضائها الي دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، ومن ثم فإنها تكون في حل من الرد عليه.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإقرار المعزو الى المتهم الثاني لصدوره وليد اكراه ، فإنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ، وكان ما أثاره المتهم الأول في هذا الشأن مجرد قول مرسل عارٍ من الدليل وخلت الأوراق مما يظاهره ، وكانت المحكمة – فيما أخذت به من ذلك الدليل- تطمئن الى صدور ذلك الإقرار طواعية واختيارا وسلامته مما يشوبه من العيوب ومطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى وصلاحيته كدليل إدانة يعزز باقي أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم الأول يكون علي غير سند متعيناً رفضه .
وحيث إنه عما أثاره المتهم الأول من عدم صلاحية إقرار المتهم الثاني عليه كدليل إدانة ، فإنه لما كان قول متهم على متهم آخر هو في حقيقة الأمر شهاده يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة بالأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن الى ما أخذت به من إقرار المتهم الثاني في حق نفسه وفي حق المتهم الأول وصلاحيته – مع باقي الأدلة – كدليل إدانة ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى لا يكون مقبولاً متعيناً رفضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة كما استقرت في وجدان المحكمة لا تنبئ عن أن المتهم الأول تدبر أمر الجريمة وصمم عليها وأعد لها بل الواضح للمحكمة أنها كانت وليد اللحظة ولم تكن نتيجة تصميم سابق ، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون غير متوافر .
وحيث إنه عما أثاره المتهم الأول من انتفاء نية القتل لديه ، فإنه لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكول الى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان هذ القصد ثابت في حق المتهم الأول من وجود الخلافات السابقة بينه وبين المجني عليه – على النحو السالف بيانه – ومما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن المتهم المذكور أطلق العيار الناري علي المجني عليه بقصد قتله ومما أقر به المتهم الثاني من أن المتهم أفصح له عن نيته في الاجهاز علي المجني عليه ومن استعماله سلاحاً نارياً قاتل بطبيعته وإطلاق النار في اتجاه الصدر والقلب وهو موضع قاتل من جسم المجني عليه ، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافره في حق المتهم الأول ، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير قويم .
وحيث إنه لما كانت رابطة السببية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، وكان الثابت من أدلة الثبوت السالف بيانها أن المتهم أطلق النار على المجني عليه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، ومن ثم فإن المتهم الأول يكون مسئول جنائياً عن جريمة القتل العمد .
وحيث إنه عما آثاره المتهم الثاني من عدم مسئوليته عن جريمة القتل العمد لعدم توافر عناصر المساهمة الجنائية في حقه ، فإنه لما كان يبين من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حده قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة في القانون علي سبيل الحصر كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات أما في غير تلك الأحوال ، فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً اصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الأوراق خلت من ثمة دليل يقيني على وجود اتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ارتكاب جريمة القتل أو أنه قد أمده بالسلاح بقصد ارتكابها ، ومن ثم فإنه لا يسئل إلَّا عن فعله الشخصي المتمثل في حيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة ، ولا يقدح في ذلك ما تضمنته أقوال الضابط التي جاءت ترديداً لتحرياته من اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة وإمداد المتهم الثاني المتهم الأول بالسلاح لاستخدامه في ارتكابها لأنها لا تصلح بمجردها لإثبات ذلك ، لما هو مقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلَّا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة .

وحيث إنه لما كانت المحكمة قد اطمأنت الى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن انكار المتهمين وتلتفت عن باقي ما اثاروه من أوجه دفاع موضوعية .
ومن ثم يكون قد ثبت للمحكمة على وجه القطع أن :
أولاً - المتهم الأول : ـ
قتل عمداً المجني عليه .... بأن أطلق صوبه عياراً نارياً فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
ثانياً - المتهمان الأول والثاني :
1- حازا وأحرزا أسلحة نارية غير مششخنة "بندقية وفردي خرطوش " بدون ترخيص .
2- حازا وأحرزا ذخيرة (طلقة) مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة بغير ترخيص .

ومن ثم يتعين إدانتهما عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ومعاقبتهما بالمادة 234/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 3 ، 6 ، 26 /1 ، 4 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 95 لسنة 2003 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول .
وحيث إن جميع الجرائم المسندة إلى كل من المتهمين مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات .
حيث إنه عن الدعوى المدنية ، فإنه لما كانت محكمة الجنايات قد تخلت عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإن تلك الدعوى لا تكون مطروحة على هذه المحكمة للفصل في موضوعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6446 لسنة 88 ق جلسة 14 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 95 ص 751

جلسة 14 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل عمارة، عاطف عبد السميع، يحيى رياض وهشام رضوان عبد العليم نواب رئيس المحكمة .
--------------
( 95 )
الطعن رقم 6446 لسنة 88 القضائية
صيادلة . مواد مخدرة . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " .
لمفتشي الصيادلة دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ممن لهم الحق في دخول الاماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح باعتباره إجراء إداري مقيد بذلك الغرض . التعرض إلى حرية الاشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة . غير جائز . حد ذلك ؟
التفتيش المحظور . ماهيته ؟
حرمة الصيدلية . مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها . إجازة تفتيشه يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته .
ضبط الأقراص المخدرة داخل درج سحري أعلى باب الصيدلية بعد فتحه بمعرفة الشاهد . انحراف بالسلطة وتجاوز لحدود التفتيش يبطله . مخالفة الحكم هذا النظر . يوجب نقضه وبراءة الطاعن . أساس وعلة ذلك ؟
مثال لرد معيب على الدفع ببطلان القبض والتفتيش .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالإدانة ورفض الدفع ببطلان التفتيش بقوله " وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهم عن بطلان القبض والتفتيش ، فمردود ذلك بأنه لما كان الثابت بالأوراق من أقوال الشاهد الأول أنه بتاريخ .... وحال قيامه بمباشرة مهام عمله بالحملة التموينية وبالدلوف إلى صيدلية " .... " تقابل مع المتهم – صاحبها ومديرها المسئول – وبتفتيشه للصيدلية إدارياً عثر أعلى باب الصيدلية من الداخل بداخل درج سحري على عدد (90) تسعين قرصاً لعقار التامول وعدد (100) مائة قرص لعقار الترامادول المخدرين والمدرجين بالجدول الأول من قانون المخدرات وكذا عدد (20) عشرين قرص لعقار الكلوزيبام ، وعدد (70) سبعين قرص لعقار الأبتريل وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار الأموتريل ، وعدد (40) أربعين قرصاً لعقار (lexotanil ( وعدد (60) ستين قرصاً لعقار كمالمبيام وعدد (110) مائة وعشرة قرص لعقار روستولام وعدد (140) مائة وأربعين قرص لعقار برازولام وعدد (90) تسعين قرص لعقار طيبة رولاكس وعدد (10) عشرة أقراص لعقار زولام وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار فالينيل والمدرجين بالجدول الثالث الملحق بقانون المخدرات ، وكذا عدد من الأدوية والمنشطات الجنسية المهربة وبمواجهة المتهم بالمضبوطات أقر بحيازته لها وهو الأمر الذى بات يقيناً للمحكمة توافر حالة التلبس المنصوص عليها قانوناً ، ويكون منعى الدفاع في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نصت على أنه " يعتبر من مأموري الضبط القضائي في تطبيق أحكام هذا القانون الصيادلة الرؤساء ومساعدوهم من مفتشى الصيدليات بوزارة الصحة العمومية وكذلك كل من يندبه وزير الصحة العمومية من الصيادلة لهذا الغرض " كما نصت المادة 50 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها على أنه".. لمفتشي الصيدلة دخول مخازن ومستودعات الاتجار في الجواهر المخدرة والصيدليات والمستشفيات والمصحات والمستوصفات والعيادات ومصانع المستحضرات الإقرباذنييه ومعامل التحاليل الكيميائية والصناعية والمعاهد العلمية المعترف بها ، وذلك للتحقق من تنفيذ أحكام هذا القانون ، ولهم الاطلاع على الدفاتر والأوراق المتعلقة بالجواهر المخدرة ، ويكون لهم صفة رجال الضبط القضائي فيما يتعلق بالجرائم التي تقع بهذه المحال " لما كان ذلك ، و كان المستفاد مما نصت عليه المادتان سالفتا الذكر أنهما منحا مفتشى الصيادلة دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ممن لهم الحق في دخول الاماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الاشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك المفتش الصيدلي بحسه وقبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش ، فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح ، وكان من المقرر أيضاً أن التفتيش المحظور هو الذى يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون ، أما حرمة المتجر – الصيدلية – فمستمدة من اتصاله بشخص صاحبه ، ومن ثم فإن إجازة تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش – أن الشاهدين قررا بضبط الأقراص المخدرة داخل درج سحري أعلى باب الصيدلية بعد فتحه بمعرفة الشاهد الأول يكون باطلاً لمخالفته للقواعد المنظمة لعمل مفتشى إدارة الصيدلة أثناء التفتيش على الصيدليات ، كما أن التفتيش الحاصل من مفتش الصيادلة على صيدلية الطاعن تم بغير إذن من السلطة المختصة وفى غير حالات التلبس ودون أن تكون هناك ثمة دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش الصيدلة التفتيش بغير إذن ، وأنه تجاوز في مباشرته لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحه هذه الصلاحية ولم يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية بأن تعرض لحرية لأشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مبرر ، فإن تجاوزه لحدود التفتيش والغرض منه يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه . لما كان ما تقدم ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه ، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه ، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة عملاً بالمادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً مادة " ترامادول هيدروكلوريد " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- حاز بقصد الاتجار مواد " الكلونازيبام ، برومازيبام ، البرازولام ، ديازيبام " مشتقات " البنزوديازبين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردین بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 27/1 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، والبند رقم (150) من القسم الثانى من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول ، والبند (د) من الجدول الثالث الملحق بالقانون الأول وبعد أن أعملت المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة .... بالسجن المشدد ثلاث سنوات عما أسند إليه وتغريمه خمسين ألف جنيه ، ومصادرة الاقراص المخدرة المضبوطة ، وألزمته بالمصاريف الجنائية وذلك بعد أن عدلت وصف الاتهام إلى أن المتهم حاز الأقراص المخدرة بغير قصد من القصود المسماه فى القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة عقار الترامادول المخدر وأقراص الكلونازيبام و البرومازيبام و البرازولام و الديازيبام التي تخضع لبعض قيود الجواهر المخدرة بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، والقصور في التسبيب ، وران عليه البطلان ، وذلك بأنه دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصوله بغير إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ولمخالفتها لنص المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة لتجاوز مأمور الضبط حدود التفتيش الإداري ، إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع برد غير سائغ ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالإدانة ورفض الدفع ببطلان التفتيش بقوله " وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهم عن بطلان القبض والتفتيش ، فمردود ذلك بأنه لما كان الثابت بالأوراق من أقوال الشاهد الأول أنه بتاريخ .... وحال قيامه بمباشرة مهام عمله بالحملة التموينية وبالدلوف إلى صيدلية " .... " تقابل مع المتهم – صاحبها ومديرها المسئول – وبتفتيشه للصيدلية إدارياً عثر أعلى باب الصيدلية من الداخل بداخل درج سحري على عدد (90) تسعين قرصاً لعقار التامول وعدد (100) مائة قرص لعقار الترامادول المخدرين والمدرجين بالجدول الأول من قانون المخدرات وكذا عدد (20) عشرين قرص لعقار الكلوزيبام ، وعدد (70) سبعين قرص لعقار الأبتريل وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار الأموتريل ، وعدد (40) أربعين قرصاً لعقار (lexotanil ( وعدد (60) ستين قرصاً لعقار كمالمبيام وعدد (110) مائة وعشرة قرص لعقار روستولام وعدد(140) مائة وأربعين قرص لعقار برازولام وعدد (90) تسعين قرص لعقار طيبة رولاكس وعدد (10) عشرة أقراص لعقار زولام وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار فالينيل والمدرجين بالجدول الثالث الملحق بقانون المخدرات ، وكذا عدد من الأدوية والمنشطات الجنسية المهربة وبمواجهة المتهم بالمضبوطات أقر بحيازته لها وهو الأمر الذى بات يقيناً للمحكمة توافر حالة التلبس المنصوص عليها قانوناً ، ويكون منعى الدفاع في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نصت على أنه " يعتبر من مأموري الضبط القضائي في تطبيق أحكام هذا القانون الصيادلة الرؤساء ومساعدوهم من مفتشى الصيدليات بوزارة الصحة العمومية وكذلك كل من يندبه وزير الصحة العمومية من الصيادلة لهذا الغرض " كما نصت المادة 50 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها على أنه ".. لمفتشي الصيدلة دخول مخازن ومستودعات الاتجار في الجواهر المخدرة والصيدليات والمستشفيات والمصحات والمستوصفات والعيادات ومصانع المستحضرات الإقرباذنييه ومعامل التحاليل الكيميائية والصناعية والمعاهد العلمية المعترف بها ، وذلك للتحقق من تنفيذ أحكام هذا القانون ، ولهم الاطلاع على الدفاتر والأوراق المتعلقة بالجواهر المخدرة ، ويكون لهم صفة رجال الضبط القضائي فيما يتعلق بالجرائم التي تقع بهذه المحال " لما كان ذلك ، وكان المستفاد مما نصت عليه المادتان سالفتا الذكر أنهما منحا مفتشى الصيادلة دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ممن لهم الحق في دخول الاماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الاشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك المفتش الصيدلي بحسه وقبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش ، فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح ، وكان من المقرر أيضاً أن التفتيش المحظور هو الذى يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون ، أما حرمة المتجر – الصيدلية – فمستمدة من اتصاله بشخص صاحبه ، ومن ثم فإن إجازة تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش – أن الشاهدين قررا بضبط الأقراص المخدرة داخل درج سحري أعلى باب الصيدلية بعد فتحه بمعرفة الشاهد الأول يكون باطلاً لمخالفته للقواعد المنظمة لعمل مفتشى إدارة الصيدلة أثناء التفتيش على الصيدليات ، كما أن التفتيش الحاصل من مفتش الصيادلة على صيدلية الطاعن تم بغير إذن من السلطة المختصة وفى غير حالات التلبس ودون أن تكون هناك ثمة دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش الصيدلة التفتيش بغير إذن ، وأنه تجاوز في مباشرته لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحه هذه الصلاحية ولم يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية بأن تعرض لحرية لأشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مبرر ، فإن تجاوزه لحدود التفتيش والغرض منه يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه .
لما كان ما تقدم ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه ، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه ، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة عملاً بالمادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ