الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 مارس 2024

الطعن 16471 لسنة 87 ق جلسة 9 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 94 ص 736

جلسة 9 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي، عصمت عبد المعوض عدلي، مجدي تركي وأيمن العشري نواب رئيس المحكمة .
----------------
( 94 )
الطعن رقم 16471 لسنة 87 القضائية
(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام وتوقيعها من محام عام بتوقيع مقروء . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(2) سبق إصرار . قتل عمد . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي . ما دام سائغاً . توافره في حق الجاني . شرطه ؟
استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار في عبارات مرسلة تعد ترديداً لوقائع الدعوى واتخاذها من التحريات وأقوال مجريها دون التحقق من صدقها دليلاً أساسياً في إثباته . قصور يوجب نقض الحكم . علة ذلك ؟
تدليل غير سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد .
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
(4) إثبات " اعتراف " " شهود " " خبرة " .
تطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين مع مضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال .
(5) جريمة " أركانها " . باعث .
الباعث على القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
دفاع المتهم بأن الواقعة جنحة قتل خطأ . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . إيراد أدلة الثبوت . كفايته رداً عليه .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
رد المحكمة على الدفع ببطلان الاستجواب . غير لازم . ما دامت لم تعول في قضائها على دليل مستمد منه .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . ما دام سائغاً .
مثال .
(9) إثبات " اعتراف " " شهود " .
أقوال متهم على آخر . شهادة . للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين . حد ذلك ؟
(10) سبق إصرار . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " . قتل عمد .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي .
مثال لاستبعاد ظرف سبق الإصرار من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(11) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(12) رابطة السببية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
رابطة السببية . علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقديرها موضوعي .
تدليل سائغ على توافر رابطة السببية في جريمة قتل عمد .
(13) اشتراك . فاعل أصلي . مسئولية جنائية . اتفاق . قانون " تفسيره " .
المواد 40 و 41 و 42 و 43 عقوبات . مؤداها ؟
معاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره . شرطه : أن يكون فاعلاً أصلياً في الجريمة أو شريكاً فيها . مجرد توارد خواطر الجناة دون اتفاق سابق بينهم على ارتكاب الفعل . لا يوجب مساءلتهم عن فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة حصراً في القانون .
مسئولية المتهم عما اقترفه شخصياً من حيازة وإحراز سلاح ناري وذخيرة دون جريمة القتل العمد . ما دام لم يثبت بدليل يقيني اتفاقه مع المتهم الآخر أو إمداده بالسلاح بقصد ارتكابها . لا يقدح في ذلك قول الضابط لإثبات هذا الاتفاق . علة ذلك ؟
(14) دعوى مدنية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
إحالة محكمة الجنايات الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة . أثره : عدم اطراحها على محكمة النقض للفصل في موضوعها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كانت النيابة العامة عرضت القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم علية الأول .... إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن – الَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – علي ماجري به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب علية عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوي بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسي ان يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواتة أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام عام أو من رئيس نيابة أو أن يكون هذا التوقيع غير مقروء ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
2- من المقرر أن سبق الإصرار حاله ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم علية في رويه وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما اوردة الحكم في مدوناته من سبق الإصرار وأن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلَّا أن ما ساقة الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الَّا ترديداً لوقائع الدعوي كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين علي المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي علي المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الي ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي المتمثلة في إقرار الطاعنين مما يدل علي ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما استند الية الحكم من أقوال شاهد الإثبات التي جاءت ترديداً لتحرياته ؛ لما هو مقرر من أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلَّا أنها لا تصلح بمفرها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي أن يعرف مصدرها ويتحدد حتي يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في إثبات ظرف سبق الإصرار ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها الي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فان حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة للقضية .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع التي لها أن تعول على ما جاء بها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دامت قد عرضت على بساط البحث – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من تحريات الشرطة وعولت عليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، ومن ثم فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول متعيناً رفضه .
4- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى علي الملائمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شاهد الاثبات وإقرار المتهمين على النحو السالف سرده لا تتعارض بل تتلاءم مع الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية وخلت الأوراق مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى يكون على غير أساس حرياً بالرفض .

5- لما كان الباعث علي القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها ، فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل وتلتفت المحكمة عنه .
6- لما كان ما أثاره المتهم الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ ، لا يعدو أن تكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة يكفي للرد عليها أدلة الثبوت التي أوردتها تدليلاً علي ثبوت الصورة التي اقتنعت بها علي السياق المتقدم .
7- لما كانت هذه المحكمة لم تستند في قضائها الي دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، ومن ثم فإنها تكون في حل من الرد عليه .
8- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ، وكان ما أثاره المتهم الأول في هذا الشأن مجرد قول مرسل عارٍ من الدليل وخلت الأوراق مما يظاهره ، وكانت المحكمة – فيما أخذت به من ذلك الدليل- تطمئن الى صدور ذلك الإقرار طواعية واختيارا وسلامته مما يشوبه من العيوب ومطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى وصلاحيته كدليل إدانة يعزز باقي أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم الأول يكون علي غير سند متعيناً رفضه .
9- لما كان قول متهم على متهم آخر هو في حقيقة الأمر شهاده يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة بالأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن الى ما أخذت به من إقرار المتهم الثاني في حق نفسه وفي حق المتهم الأول وصلاحيته – مع باقي الأدلة – كدليل إدانة ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى لا يكون مقبولاً متعيناً رفضه .
10- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة كما استقرت في وجدان المحكمة لا تنبئ عن أن المتهم الأول تدبر أمر الجريمة وصمم عليها وأعد لها بل الواضح للمحكمة أنها كانت وليد اللحظة ولم تكن نتيجة تصميم سابق ، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون غير متوافر .
11- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكول الى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان هذ القصد ثابت في حق المتهم الأول من وجود الخلافات السابقة بينه وبين المجني عليه – على النحو السالف بيانه – ومما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن المتهم المذكور أطلق العيار الناري علي المجني عليه بقصد قتله ومما أقر به المتهم الثاني من أن المتهم أفصح له عن نيته في الاجهاز علي المجني عليه ومن استعماله سلاحاً نارياً قاتل بطبيعته وإطلاق النار في اتجاه الصدر والقلب وهو موضع قاتل من جسم المجني عليه ، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافره في حق المتهم الأول ، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير قويم .
12- لما كانت رابطة السببية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، وكان الثابت من أدلة الثبوت السالف بيانها أن المتهم أطلق النار على المجني عليه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، ومن ثم فإن المتهم الأول يكون مسئول جنائياً عن جريمة القتل العمد .
13- لما كان يبين من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حده قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة في القانون علي سبيل الحصر كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات أما في غير تلك الأحوال ، فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً اصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الأوراق خلت من ثمة دليل يقيني على وجود اتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ارتكاب جريمة القتل أو أنه قد أمده بالسلاح بقصد ارتكابها ، ومن ثم فإنه لا يسئل إلَّا عن فعله الشخصي المتمثل في حيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة ، ولا يقدح في ذلك ما تضمنته أقوال الضابط التي جاءت ترديداً لتحرياته من اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة وإمداد المتهم الثاني المتهم الأول بالسلاح لاستخدامه في ارتكابها لأنها لا تصلح بمجردها لإثبات ذلك ، لما هو مقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلَّا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة .
14- لما كانت محكمة الجنايات قد تخلت عن الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإن تلك الدعوى لا تكون مطروحة على هذه المحكمة للفصل في موضوعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما :ــــــ
أولاً : المتهم الأول :
قتل عمداً المجني عليه بأن اطلق صوبه عياراً نارياً فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
ثانياً: المتهمان الأول والثاني :ـــ
1- حازا وأحرزا أسلحة نارية غير مششخنة "بندقية وفردي خرطوش " بدون ترخيص .
2- حازا وأحرزا ذخيرة (طلقة) مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة بغير ترخيص.
وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه قبل المتهمين مدنياً بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع آراء أعضائها بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً بإجماع آراء أعضائها عملاً بالمواد 39، 40/1 ، 2 ،41/1 ، 230، 231 ، 235 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 ، 30/1من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبنود ارقام ( 5 ، 6 ، 7 ) من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة .... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه والزمته بالمصاريف الجنائية. ثانياً : ـ بمعاقبة .... بالسجن المشدد خمس عشرة سنة عما أسند إليه . ثالثاً وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم علية الأول .... إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن – الَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – علي ماجري به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب علية عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوي بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسي ان يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواتة أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام عام أو من رئيس نيابة أو أن يكون هذا التوقيع غير مقروء ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان علي الحكم المطعون فيه أنه اذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار واحراز وحيازة أسلحة نارية مششخنة وذخيرة بدون ترخيص قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه دلل علي توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حاله ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم علية في رويه وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما اوردة الحكم في مدوناته من سبق الإصرار وأن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلَّا أن ما ساقة الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الَّا ترديداً لوقائع الدعوي كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين علي المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي علي المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الي ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي المتمثلة في إقرار الطاعنين مما يدل علي ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما استند الية الحكم من أقوال شاهد الإثبات التي جاءت ترديداً لتحرياته ؛ لما هو مقرر من أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلَّا أنها لا تصلح بمفرها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي أن يعرف مصدرها ويتحدد حتي يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في إثبات ظرف سبق الإصرار ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها الي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فان حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن الدعوي بحالتها صالحة للفصل في موضوعها ولا تحتاج الي تحقيق موضوعي .
وحيث إن واقعات الدعوي حسبما استقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن المتهم الأول .... اتفق والمجني علية .... علي الاشتراك في تجارة الماشية ونفاذاً لذلك سلم الأول المجني علية أربعة آلاف جنية بيد أن الأخير لم يقم بتنفيذ ما تم الاتفاق علية وعندما طالبة الأول برد المبلغ العديد من المرات ماطله وأعطاه مواد ممنوعة ( بندقية خرطوش ومواد مخدرة ) لبيعها والحصول علي مالة من بيعها ، وفي ذات يوم الواقعة اتصل به هاتفياً وطلب منة الحضور فتوجه إلية حاملاً فرد خرطوش معمر بطلقة نارية كان قد حصل عليهما من المتهم الثاني بعد أن سلمه البندقية التي سبق أن أعطاها له المجني عليه وبعد أن تقابلا توجها سوياً الي محل الواقعة حيث أطلق صوب المجني علية طلقة من سلاحه الناري أحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وبعد القبض علية أقر لضابط الواقعة بارتكاب الجريمة وأرشده عن السلاح المستخدم بمسكنة فتم ضبطه ، كما تم ضبط المتهم الثاني حائزاً لسلاحين ناريين غير مششخنين بمسكنه بإرشاده .
وحيث إن الواقعة علي النحو المتقدم قد استقام الدليل علي صحتها ونسبتها الي المتهمين من شهادة النقيب / .... وإقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة ومن تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية .
فشهد النقيب/ .... بأنه توجد خلافات مالية بين المتهم الأول والمجني علية ، وأن المتهم بعد أن حصل علي سلاح ناري مذخر من المتهم الثاني اصطحب المجني علية الي محل الحادث واطلق صوبة عياراً نارياً قاصد قتلة فارداه قتيلاً ، وأنه قام بضبطه وبمواجهته أقر له بارتكاب الواقعة وأرشده عن السلاح المستخدم حيث تم ضبطه بمسكنه ، كما قام بضبط المتهم الثاني وسلاحين ناريين بحوزته بإرشاده أقر له بحيازتهما .
وأقر المتهم الأول بأن المجني علية اخذ منه مبلغ أربعة آلاف جنيها لمشاركته في تجارة الماشية ولكنه لم ينفذ ما تم الاتفاق علية وماطل في رد المبلغ وأعطاه مواد ممنوعة ( بندقية خرطوش ومواد مخدرة ) لبيعها واستيفاء حقه من ثمنها ، وأنه قبل ثلاث ساعات من حدوث الواقعة حصل علي السلاح والذخيرة المستخدمين في الحادث من المتهم الثاني وسلمة البندقية السابق حصوله عليها من المجني عليه ، وأن الأخير هاتفة وطلب منة الحضور فتوجه إليه حاملاً السلاح المذخر واتجها سوياً الي محل الحادث ، وأن إصابة المجني عليه التي أودت بحياته حدثت من السلاح الناري خاصته وأن السلاح المضبوط بمسكنه هو المستخدم في الحادث .
وأقر المتهم الثاني .... بتحقيقات النيابة بحيازة البندقية والفرد الخرطوش المضبوطين بمسكنه وتسليم المتهم الأول السلاح الناري والذخيرة المستخدمين في ارتكاب الجريمة ، وأن المتهم الأول افصح عن نيته في الخلاص من المجني عليه .
وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بالصدر عبارة عن جرح ناري دخولي لمقذوف رشي (خرطوش 12مم) وتعزى الوفاة إلى الإصابة النارية الرشية بالصدر وما أحدثته من تهتكات بالقلب والمعدة ومنديل البطن وما صاحب ذلك من صدمة نزفيه غير مرتجعه انتهت بالوفاة .
وثبت من تقرير الأدلة الجنائية أن السلاح المضبوط مع المتهم الأول عبارة عن سلاح ناري خرطوش يدوي التعمير والتفريغ مصنع محلياً بماسورة واحدة غير مششخنة طولها 16 سم عيار 12 سليم وصالح للاستعمال ، وأن السلاحين المضبوطين مع المتهم الثاني عبارة عن بندقية خرطوش صناعة أجنبية عيار 12 بماسورة غير مششخنة سليمة وصالحة للاستعمال وفرد خرطوش يدوي التعمير والتفريغ مصنع محلياً بماسورة واحدة غير مششخنة طولها16,5 سم عيار 12 سليم وصالح للاستعمال .
وحيث إن المتهمين حضرا أمام محكمة الموضوع ، وأنكرا ما أسند إليهما ودفع الحاضر مع الأول بعدم جدية التحريات ، وبتناقض الدليلين القولي والفني ، وبانتفاء الباعث على القتل ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد قتل خطأ ، وببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة ضابط الواقعة ، وببطلان الإقرار المنسوب للطاعن الثاني لصدوره وليد اكراه وعدم صلاحية أقواله كدليل إدانة ، وعدم توافر ظرف سبق الإصرار ونية القتل .
ودفع الحاضر مع الثاني بعدم وجود دليل على اشتراكه مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة القتل ، كما مثل المدعي بالحقوق المدنية بوكيل وصمم على طلب التعويض .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع التي لها أن تعول على ما جاء بها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دامت قد عرضت على بساط البحث – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من تحريات الشرطة وعولت عليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، ومن ثم فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول متعيناً رفضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى علي الملائمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شاهد الاثبات وإقرار المتهمين على النحو السالف سرده لا تتعارض بل تتلاءم مع الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية وخلت الأوراق مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى يكون على غير أساس حرياً بالرفض .
وحيث إنه لما كان الباعث علي القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها ، فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل وتلتفت المحكمة عنه .
وحيث إن ما أثاره المتهم الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ ، لا يعدو أن تكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة يكفي للرد عليها أدلة الثبوت التي أوردتها تدليلاً علي ثبوت الصورة التي اقتنعت بها علي السياق المتقدم .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة ضابط الواقعة ، فإنه لما كانت هذه المحكمة لم تستند في قضائها الي دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، ومن ثم فإنها تكون في حل من الرد عليه.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإقرار المعزو الى المتهم الثاني لصدوره وليد اكراه ، فإنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ، وكان ما أثاره المتهم الأول في هذا الشأن مجرد قول مرسل عارٍ من الدليل وخلت الأوراق مما يظاهره ، وكانت المحكمة – فيما أخذت به من ذلك الدليل- تطمئن الى صدور ذلك الإقرار طواعية واختيارا وسلامته مما يشوبه من العيوب ومطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى وصلاحيته كدليل إدانة يعزز باقي أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم الأول يكون علي غير سند متعيناً رفضه .
وحيث إنه عما أثاره المتهم الأول من عدم صلاحية إقرار المتهم الثاني عليه كدليل إدانة ، فإنه لما كان قول متهم على متهم آخر هو في حقيقة الأمر شهاده يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة بالأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن الى ما أخذت به من إقرار المتهم الثاني في حق نفسه وفي حق المتهم الأول وصلاحيته – مع باقي الأدلة – كدليل إدانة ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى لا يكون مقبولاً متعيناً رفضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة كما استقرت في وجدان المحكمة لا تنبئ عن أن المتهم الأول تدبر أمر الجريمة وصمم عليها وأعد لها بل الواضح للمحكمة أنها كانت وليد اللحظة ولم تكن نتيجة تصميم سابق ، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون غير متوافر .
وحيث إنه عما أثاره المتهم الأول من انتفاء نية القتل لديه ، فإنه لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكول الى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان هذ القصد ثابت في حق المتهم الأول من وجود الخلافات السابقة بينه وبين المجني عليه – على النحو السالف بيانه – ومما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن المتهم المذكور أطلق العيار الناري علي المجني عليه بقصد قتله ومما أقر به المتهم الثاني من أن المتهم أفصح له عن نيته في الاجهاز علي المجني عليه ومن استعماله سلاحاً نارياً قاتل بطبيعته وإطلاق النار في اتجاه الصدر والقلب وهو موضع قاتل من جسم المجني عليه ، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافره في حق المتهم الأول ، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير قويم .
وحيث إنه لما كانت رابطة السببية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، وكان الثابت من أدلة الثبوت السالف بيانها أن المتهم أطلق النار على المجني عليه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، ومن ثم فإن المتهم الأول يكون مسئول جنائياً عن جريمة القتل العمد .
وحيث إنه عما آثاره المتهم الثاني من عدم مسئوليته عن جريمة القتل العمد لعدم توافر عناصر المساهمة الجنائية في حقه ، فإنه لما كان يبين من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حده قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة في القانون علي سبيل الحصر كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات أما في غير تلك الأحوال ، فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً اصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الأوراق خلت من ثمة دليل يقيني على وجود اتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ارتكاب جريمة القتل أو أنه قد أمده بالسلاح بقصد ارتكابها ، ومن ثم فإنه لا يسئل إلَّا عن فعله الشخصي المتمثل في حيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة ، ولا يقدح في ذلك ما تضمنته أقوال الضابط التي جاءت ترديداً لتحرياته من اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة وإمداد المتهم الثاني المتهم الأول بالسلاح لاستخدامه في ارتكابها لأنها لا تصلح بمجردها لإثبات ذلك ، لما هو مقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلَّا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة .

وحيث إنه لما كانت المحكمة قد اطمأنت الى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن انكار المتهمين وتلتفت عن باقي ما اثاروه من أوجه دفاع موضوعية .
ومن ثم يكون قد ثبت للمحكمة على وجه القطع أن :
أولاً - المتهم الأول : ـ
قتل عمداً المجني عليه .... بأن أطلق صوبه عياراً نارياً فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
ثانياً - المتهمان الأول والثاني :
1- حازا وأحرزا أسلحة نارية غير مششخنة "بندقية وفردي خرطوش " بدون ترخيص .
2- حازا وأحرزا ذخيرة (طلقة) مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة بغير ترخيص .

ومن ثم يتعين إدانتهما عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ومعاقبتهما بالمادة 234/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 3 ، 6 ، 26 /1 ، 4 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 95 لسنة 2003 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول .
وحيث إن جميع الجرائم المسندة إلى كل من المتهمين مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات .
حيث إنه عن الدعوى المدنية ، فإنه لما كانت محكمة الجنايات قد تخلت عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإن تلك الدعوى لا تكون مطروحة على هذه المحكمة للفصل في موضوعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق