جلسة 16 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي مصطفى، وائل رفاعي، رفعت هيبة وياسر فتح الله العكازي نواب رئـيس المحكمة .
----------------
(159)
الطعن رقم 6461 لسنة 83 القضائية
(2،1) التزام " أركان الالتزام : سبب الالتزام " .
(1) السبب . ركن من أركان الالتزام . شرطه . أن يكون موجودًا ومشروعًا . عبء إثباته على الدائن كونه المكلف بإثبات الدين . افتراض قيام العقد على سبب مشروعٍ حال عدم ذكر سببه . م 137 /1 مدني . قرينة قانونية غير قاطعة . للمدين إثبات عكسها وانعدام سبب الالتزام بطرق الإثبات كافةً ولو جاوزت قيمته نصاب الشهادة . وقوع الإثبات على دحض تلك القرينة. مغايرة ذلك . أثره . التسوية فى الإثبات بين ذكر السبب وعدم ذكره . المادتان 136، 137 مدنى .
(2) طلب الطاعن إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات انعدام سبب التزامه بقيمة الشيك محل التداعي . مقصوده . إثبات ما يخالف القرينة القانونية التي أقامها المشرع والجائز نقضها بطرق الإثبات كافة . رفض الحكم المطعون فيه إجابته بقالة عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة إلا بالكتابة رغم خلو الشيك سند المديونية من ذكر سبب الالتزام . مخالفة للقانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إن النص فى المادة 136 من التقنين المدني على أنه "إذا لم يكن للالتزام سبـبٌ ، أو كان سببُه مخالفًا للنظام العام والآداب ، كان العقد باطلًا" وفى المادة 137 منه على أنَّ "1- كل التزام لم يُذكرْ له سببٌ فى العقد يُفترضُ أن له سببًا مشروعًا ما لم يقم الدليل على غير ذلك. 2- ويُعتبرُ السببُ المذكور فى العقد هو السبب الحقيقى حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام دليلٌ على صورية السبب فعلى من يدعى أنَّ للالتزام سببًا آخرَ مشروعًا أن يثبت ما يدعيه" يدل على أنَّ السبب لا يُعَدُّ ركنًا من أركان الالتزام إلَّا إذا كان موجودًا ومشروعًا، وكان الأصل وفقًا للمبادئ العامة فى الإثبات أنَّ عبء إثبات سبب الالتزام فى وجوده ومشروعيته يقع على عاتق الدائن لأنَّه المكلف بإثبات الدين، إلَّا أنَّ المشرعَ خرج على هذا الأصل، وأعفى الدائن من هذا العبء، ووضع بنص الفقرة الأولى من المادة 137 سالفة البيان قرينةً قانونيةً افترض بموجبها عند عدم ذكر سبب الالتزام أنَّ له سببًا مشـروعًا، ولمَّا كانت هذه القرينة من القرائن القانونية غير القاطعة، فإنه يجوز للمدين إقامة الدليل على ما يخالفهـا، وأنَّ الالتزام معدومُ السبب، دون التقيد بشرط الكتابة فى الإثبات، ولو كانت قيمة الالتزام تجاوز نصاب الشهادة، ذلك أنَّ الإثباتَ فى هذه الحالة لا ينصرفُ إلى إثبات ما يتعارض مع ما هو ثابت أو وارد فى دليلٍ كتابى – لأنَّ الفرضَ أنَّ المُحررَ المُثْبِتَ للالتزام خلا من ذكر سببه – وإنَّما ينصبُ الإثباتُ على دحض القرينة القانونية غير القاطعة التى أقامها المشرع فيجوز إثبات ما يخالفها بطرق الإثبات كافةً بما فيها البينة والقرائن – وهو ما أكدته الأعمال التحضيرية للتقنين المدنى ومناقشات أعضاء لجنة المراجعة النهائية لنص المادة 137 منه وأجمع عليـه الفقـه – فضلًا عن أنَّ القول بغير ذلك يسوى فى الإثبات بين ذكر سبب الالتزام فى المحررِ المُثْبِتِ له وعدم ذكره، ويخلط بين حكم الفقرة الأولى والثانية من المادة المذكورة.
2- إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر (جواز إثبات عكس قرينة قيام الالتزام على سبب مشروع حال عدم ذكر السبب) ورفض طلب الطاعن إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات انعدام سبب التزامه بقيمة الشيك موضوع الدعوى، قولًا منه بعدم جواز إثبات ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة إلَّا بالكتابة، برغم خلو الشيك سند المديونية من ذكر سبب الالتزام، وأنَّ المقصود هو إثبات ما يخالف القرينة القانونية التى أقامها المشرع والتى يجوز نقضها بطرق الإثبات كافةً، فإنَّه يكونُ معيبًا بمخالفة القانون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنَّ الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أنَّ المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى ... لسنة 2007 مدنى دمنهور الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامه بأداء مبلغ ثلاثمائة ألف جنيهٍ قيمة الشيك المستحق فى 15/1/2007 والفوائد القانونية، على سندٍ من أنَّه يداينه بهذا المبلغ بموجب شيكٍ مستحق الدفع، وبتاريخ 26 من مارس 2008 حكمت المحكمـة بالطلبات. استأنف الطاعنُ هذا الحكم بالاستئناف ... لسنة 64 ق إسكندرية "مأمورية دمنهور"، ندبت المحكمة خبيرًا فى الدعوى، وبعد أنْ أودع تقريره ، قضت بتاريخ 20 فبراير سنة 2013 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنُ فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرةً أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وإذ عُرض الطعنُ على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسةً لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنَّ مما ينعاه الطاعنُ على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيــب والإخـلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إنَّه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بانعدام سبب الالتزام بالدين محل الشيك، إذ لا يوجد أى معاملاتٍ بينهما إلَّا أنَّ الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الطلب، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنَّ هذا النعى سديدٌ، ذلك أنَّ النص فى المادة 136 من التقنين المدنى على أنَّه " إذا لم يكن للالتزام سببٌ، أو كان سببُه مخالفًا للنظام العام والآداب، كان العقد باطلًا"، وفى المادة 137 منه على أنَّ "1- كل التزام لم يُذكرْ له سببٌ فى العقد يُفترضُ أن له سببًا مشروعًا ما لم يقم الدليل على غير ذلك. 2- ويُعتبرُ السببُ المذكور فى العقد هو السبب الحقيقى حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام دليلٌ على صورية السبب فعلى من يدعى أنَّ للالتزام سببًا آخرَ مشروعًا أن يثبت ما يدعيه" يدل على أنَّ السبب لا يُعَدُّ ركنًا من أركان الالتزام إلَّا إذا كان موجودًا ومشروعًا، وكان الأصل وفقًا للمبادئ العامة فى الإثبات أنَّ عبء إثبات سبب الالتزام فى وجوده ومشروعيته يقع على عاتق الدائن لأنَّه المكلف بإثبات الدين إلَّا أنَّ المشرعَ خرج على هذا الأصل، وأعفى الدائن من هذا العبء، ووضع بنص الفقرة الأولى من المادة 137 سالفة البيان قرينةً قانونيةً افترض بموجبها عند عدم ذكر سبب الالتزام أنَّ له سببًا مشروعًا، ولمَّا كانت هذه القرينة من القرائن القانونية غير القاطعة، فإنه يجوز للمدين إقامة الدليل على ما يخالفهـا، وأنَّ الالتزام معدومُ السبب، دون التقيد بشرط الكتابة فى الإثبات، ولو كانت قيمة الالتزام تجاوز نصاب الشهادة، ذلك أنَّ الإثباتَ فى هذه الحالة لا ينصرفُ إلى إثبات ما يتعارض مع ما هو ثابت أو وارد فى دليلٍ كتابى – لأنَّ الفرضَ أنَّ المُحررَ المُثْبِتَ للالتزام خلا من ذكر سببه – وإنَّما ينصبُ الإثباتُ على دحض القرينة القانونية غير القاطعة التى أقامها المشرع، فيجوز إثبات ما يخالفها بطرق الإثبات كافةً بما فيها البينة والقرائن – وهو ما أكدته الأعمال التحضيرية للتقنين المدنى ومناقشات أعضاء لجنة المراجعة النهائية لنص المادة 137 منه وأجمع عليـه الفقـه – فضلًا عن أنَّ القول بغير ذلك يسوى في الإثبات بين ذكر سبب الالتزام فى المحررِ المُثْبِتِ له وعدم ذكره، ويخلط بين حكم الفقرة الأولى والثانية من المادة المذكورة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ورفض طلب الطاعن إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات انعدام سبب التزامه بقيمة الشيك موضوع الدعوى، قولًا منه بعدم جواز إثبات ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة إلَّا بالكتابة، برغم خلو الشيك سند المديونية من ذكر سبب الالتزام، وأنَّ المقصود هو إثبات ما يخالف القرينة القانونية التى أقامها المشرع والتى يجوز نقضها بطـرق الإثبات كافةً، فإنَّه يكونُ معيبًا بمخالفة القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق