جلسة 28 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل عمارة، عاطف عبد السميع، أحمد رضوان ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة .
---------------
( 101 )
الطعن رقم 36845 لسنة 85 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جديـة التحريات " .
للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(4) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
قصد القتل . أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاصه . موضوعي .
القول بأن أقوال شهود الإثبات لا يستفاد منها توافر نية القتل . لا يُقيد حرية المحكمة في استخلاصها من ظروف الدعوى وملابساتها . مناقشتها الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد اطمئنانها لأدلة الثبوت التي أوردتها . غير لازم .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
النعي بأن الواقعة جناية ضرب أفضى إلى موت . منازعة في الصورة التي استخلصتها المحكمة وجدل موضوعي في سلطتها . غير مقبول .
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفاع الشرعي . دفع موضوعي . وجوب التمسك به لدى محكمة الموضوع . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . حد ذلك ؟
(7) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها . حسبها إقامة الدليل على مقارفته للجريمة بما يحمل قضاءها .
(8) صلح . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه والطاعن . لا يعيبه . عدم التزام المحكمة بإيراد سبب ذلك . أخذها بأدلة الثبوت . مفاده ؟
(9) طفل . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة " .
نعي الطاعن الطفل بعدم معاملته بمزيد من الرأفة . غير مقبول . ما دامت المحكمة دانته بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض وأوقعت عليه عقوبة الأولى للارتباط باعتبارها الأشد وعاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات بعد إعمال المادة 17 عقوبات ولم تكن في حرج من النزول بالعقوبة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فان ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور .
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان التناقض في أقوال الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الشأن في الدعوى الماثلة – ومن ثم فان منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة وعرضت لدفع الطاعن بعدم جديتها واطرحته برد سائغ ، فإن ما يذهب إليه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويماً .
4- من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، ولما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدي عقلاً الى ثبوتها في حق الطاعن ، فهذا حسبه ، أما القول بأن أقوال شهود الإثبات لا يستفاد منها توافر هذه النية – على النحو الذي أشار إليه الطاعن بأسباب طعنه – فمردود بأن هذا القول – بفرض صحته – لا يُقيد حرية المحكمة في استخلاص قصد القتل من ظروف الدعوى وملابساتها ، وليس عليها من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها .
5- لما كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية القتل العمد كما هي معرفة به في القانون ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
6- لما كان الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا اذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفها القانون أو ترشح لقيامها ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها ، فان النعي على الحكم بذلك يكون غير سديد .
7- لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لإعراضه عن الرد على دفاعه القائم على درء الاتهام عنه مردوداً بأن الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة فترد على كل شبهة يثيرها وحسبها أن تقيم الدليل على مقارفته للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها ، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره .
8- لما كان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه وبين الطاعن في معرض نفي التهمة عنه ، وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح .
9- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى إدانة الطاعن – الطفل – بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ قانوني أوقع عليه عقوبة واحدة عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هي المقررة لأشدهما وهي جريمة القتل العمد طبقاً لنص المادة 234/1 من القانون ذاته ، وطبق في حقه المادة 17 منه ، ونزل بالعقوبة المقررة أصلاً لتلك الجريمة – وهي السجن المؤبد أو المشدد – إلى معاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات وهي عقوبة يجوز الحكم بها على الطفل طبقاً لنص المادة 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه ليس فيها ما يدل على أن المحكمة كانت في حرج من النزول بالعقوبة عن هذا القدر الذي قضت به على الطاعن ، إذ كان في وسعها أن تنزل بالعقوبة الى أقل حد يسمح لها القانون بالنزول إليه لو أنها وجدت أن هناك ما يبرر ذلك ، وما دامت هي لم تفعل فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الوقائع التي ثبتت لديها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم:
أولاً : قتلوا المجني عليه / .... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد ، بأن طعنه المتهم الأول عدة طعنات بسلاح أبيض " مطواة قرن غزال " استقرت إحداها بمقدمة الصدر حال تواجد المتهمين الثاني والثالث على مسرح الجريمة للشد من أزره قاصدين من ذلك قتله محدثين إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " دون مسوغ قانوني من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردین بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق به ، والمواد 2 ، 95 ، 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة .... بالسجن لمدة سبع سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ قانوني ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها ، واعتنق صورة لواقعة الدعوى لا تتفق والأدلة القائمة فيها ، وعول في ذلك على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وعلى تحريات الشرطة رغم تمسكه بعدم جديتها ، ودلل على توافر نية القتل بما لا ينتجه خاصة وأن أقوال الشهود المار بيانهم لا يستفاد منها توافر هذه النية في حقه ، وضرب صفحاً عن دفاعه القائم على أن الواقعة لا تعدو أن تكون جناية ضرب أفضى الى موت – لشواهد عددها – وأغفل دفعه بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وأعرض عما ساقه من شواهد لدرء الاتهام عنه ، والتفت عن الصلح الذي تم بينه وبين ورثة المجني عليه ، ولم يعامله بمزيد من الرأفة حالة كونه طفلاً ، كل ذلك ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فان ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان التناقض في أقوال الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الشأن في الدعوى الماثلة – ومن ثم فان منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة وعرضت لدفع الطاعن بعدم جديتها واطرحته برد سائغ ، فإن ما يذهب إليه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، ولما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدي عقلاً الى ثبوتها في حق الطاعن ، فهذا حسبه ، أما القول بأن أقوال شهود الإثبات لا يستفاد منها توافر هذه النية – على النحو الذي أشار إليه الطاعن بأسباب طعنه – فمردود بأن هذا القول – بفرض صحته – لا يُقيد حرية المحكمة في استخلاص قصد القتل من ظروف الدعوى وملابساتها ، وليس عليها من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية القتل العمد كما هي معرفة به في القانون ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا اذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفها القانون أو ترشح لقيامها ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها ، فان النعي على الحكم بذلك يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لإعراضه عن الرد على دفاعه القائم على درء الاتهام عنه مردوداً بأن الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة فترد على كل شبهة يثيرها وحسبها أن تقيم الدليل على مقارفته للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها ، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليه وبين الطاعن في معرض نفي التهمة عنه ، وهو ما يدخل في تكوين معتقدها في الدعوى ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى إدانة الطاعن – الطفل – بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ قانوني أوقع عليه عقوبة واحدة عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هي المقررة لأشدهما وهي جريمة القتل العمد طبقاً لنص المادة 234/1 من القانون ذاته ، وطبق في حقه المادة 17 منه ، ونزل بالعقوبة المقررة أصلاً لتلك الجريمة – وهي السجن المؤبد أو المشدد – إلى معاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات وهي عقوبة يجوز الحكم بها على الطفل طبقاً لنص المادة 111 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه ليس فيها ما يدل على أن المحكمة كانت في حرج من النزول بالعقوبة عن هذا القدر الذي قضت به على الطاعن ، إذ كان في وسعها أن تنزل بالعقوبة الى أقل حد يسمح لها القانون بالنزول إليه لو أنها وجدت أن هناك ما يبرر ذلك ، وما دامت هي لم تفعل فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الوقائع التي ثبتت لديها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق