باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مارس سنة 2024م،
الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 53 لسنة 38
قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - الدائرة السادسة -
بحكمها الصادر بجلسة 24/ 1/ 2016، ملف الدعوى رقم 19141 لسنة 69 قضائية.
المقامة من
زياد طارق محمد عبد العزيز حليمة
ضــد
1- وزير الداخلية
2- رئيس أكاديمية الشرطة
3- مديـــر كلية الشرطة
---------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثالث عشر من أبريل سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 19141 لسنة 69 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء
الإداري بالقاهرة - الدائرة السادسة - بجلستها المعقودة في 24 من يناير سنة 2016،
بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص
المادة (1) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم
864 لسنة 1976، المعدلة بقرارات وزير الداخلية أرقام 453 لسنة 1985 و3856 لسنة
1992 و14162 لسنة 2001 و11720 لسنة 2004 و737 لسنة 2011 و2695 لسنة 2012 و1657
لسنة 2013.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 6/ 1/ 2024، وفيها قدم
المدعي في الدعوى الموضوعية مذكرة، طالبًا الحكم بعدم دستورية النص المحال، وقدمت
هيئة قضايا الدولة مذكرة تكميلية، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى،
واحتياطيًّا: برفضها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم. وبتاريخ 8/ 1/ 2024،
قدم المدعي في الدعوى الموضوعية طلبًا لفتح باب المرافعة في الدعوى، أرفق به ثلاث
حوافظ مستندات.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق-
في أن الولي الطبيعي على المدعي في الدعوى الموضوعية، أقام أمام محكمة القضاء
الإداري بالقاهرة الدعوى رقم 19141 لسنة 69 قضائية، ضد المدعى عليهم، طالبًا
الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بفصل نجله من
كلية الشرطة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون
فيه؛ على سند من القول بأن نجله التحق بكلية الشرطة بعد أن اجتاز جميع الاختبارات
المقررة، وبعد إجراء التحريات عنه وعن أفراد أسرته وعائلته، وانتظم نجله في
الدراسة بالكلية، وانتقل إلى الفرقة الرابعة في العام الدراسي 2014/ 2015، حتى
أخطرت كلية الشرطة نجله بصدور قرار بفصله منها، دون سبب قانوني صحيح يبرر ذلك،
الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه الموضوعية بطلباته السالفة البيان. وعقب بلوغ
المدعي سن الرشد صحح شكل الدعوى. وبجلسة 24/ 1/ 2016، قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى
وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص المادة (1) من
اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976
المعدلة بقرارات وزير الداخلية أرقام 453 لسنة 1985 و3856 لسنة 1992 و14162 لسنة
2001 و11720 لسنة 2004 و737 لسنة 2011 و2695 لسنة 2012 و1657 لسنة 2013، ناعية
عليه أنه لم يقصر شرط حسن السيرة والسمعة على طالب الالتحاق بكلية الشرطة وحده،
وإنما تطلب توافره في أقاربه حتى الدرجة الرابعة؛ مما يمثل إهدارًا للحق في العمل
وتولي الوظائف العامة على أساس من الكفاءة دون محاباة أو وساطة، إذ جعل عدم توافر
شرط حسن السمعة والسيرة المحمودة في شأن أحد أقارب الطالب حتى الدرجة الرابعة
مانعًا من ولوجه إلى الوظيفة العامة ابتداءً، أو الاستمرار فيها؛ مما تراءى معه
لمحكمة الموضوع مخالفة النص المحال للمادتين (12 و14) من الدستور.
وحيث إنه عن الطلب المقدم من المدعي لفتح باب المرافعة في الدعوى
المعروضة، وإذ قدم هذا الطلب بعد أن تهيأت الدعوى للحكم، فإن المحكمة تلتفت عنه.
وحيث إن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المعدل
بالقانون رقم 39 لسنة 1984، والقانون رقم 155 لسنة 2004 ينص في المادة (10) منه
على أنه يشترط فيمن يقبل بالقسمين، كلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين:
(1) .......
(2) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
(3) ....... (4) ........ (7) ......
وتجري المادة (15) من القانون المار ذكره على أنه يفصل الطالب من
الأكاديمية في الحالات الآتية:
(1) .....
(2) .......
(3) فقده أي شرط من شروط القبول بالأكاديمية.
(4) ........ (5) .....(7) .....
وتنص المادة (34) من القانون ذاته على أنه يُصدر وزير الداخلية بعد
أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة ومجلس إدارة الأكاديمية اللائحة الداخلية للأكاديمية
ولائحتها المالية والقرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون.
ونصت اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية
رقم 864 لسنة 1976 المعدل بالقرار رقم 1657 لسنة 2013 في المادة (1) منها على أنه
يكون نظام قبول الطلبة الجدد وفقًا لما يأتي:
(1) ........ (2) ....
(3) ....... (4) .....
(5) المفاضلة:
تكون المفاضلة بين الطلبة راغبي الالتحاق بالكلية ممن اجتازوا
الاختبارات السابقة وتوافر فيهم شرط السيرة المحمودة وحسن السمعة لهم ولأقاربهم
حتى الدرجة الرابعة، .........
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها - على
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة
بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد
اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي
وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها،
وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة
من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في الدعوى
الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، فإذا لم يكن الفصل في دستورية النص
التشريعي المحال الذي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته لازمًا للفصل في النزاع
المطروح عليها؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن النزاع في الدعوى الموضوعية
تدور رحاه حول طلب المدعي إلغاء قرار مجلس إدارة أكاديمية الشرطة بفصله من كلية
الشرطـة، وكـان نص القـرار الصـادر من المجلـس بــتاريخ 16/ 12/ 2014، بجلسته رقم
(284) قد تساند في فصل المدعي وآخرين من كلية الشرطة في العام الدراسي 2014/ 2015
- وفق صريح عبارته - لثبوت انتمائهم أو ذويهم لتيارات دينية متطرفة، وهو ما أفقدهم
شرطًا جوهريًّا من شروط القبول والاستمرار بكلية الشرطة، إعمالًا قانونيًّا صريحًا
لنص المادتين (10 و15) من قانون إنشاء أكاديمية الشرطة رقم 91 لسنة 1975. ومن ثم
فإن الضرر المدعى به في الدعوى الموضوعية، ليس مرده إلى النص المحال، وإنما إلى
نصوص أخرى وردت بقانون إنشاء أكاديمية الشرطة المار ذكره، وهي نصوص لم يشملها حكم
الإحالة، وتبعًا لذلك، فإن الفصل في دستورية النص المحال لن يكون ذا أثر أو انعكاس
على الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، وهو ما تنتفي معه المصلحة في الدعوى
المعروضة، ولزامه القضاء بعدم قبولها.
وحيث إنه عما أبداه المدعي في الدعوى الموضوعية، أمام هذه المحكمة، من
طلب الحكم بعدم دستورية النص المحال، فمردود بأن ولاية هذه المحكمة في الدعاوى
الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في
المادة (29) من قانونها، بطريقين لا يلتقيان، أولهما: إحالة الأوراق إليها من إحدى
المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية المحالة،
وثانيهما: برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية
نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام
المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع
الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - تتعلق بالنظام العام، باعتباره شكلًا جوهريًّا
في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة؛ حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.
فإذا اتصلت الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها
من وجهة مبدئية عدم دستورية نص قانوني، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا
- وفقًا للبند (أ) من المادة (29) من قانونها - لتقول كلمتها الفاصلة في شأن
دستورية النص المحال، في النطاق الذي حدده؛ فإن الطعن الذي يوجهه أحد خصوم الدعوى
الموضوعية إلى النص المحال، الذي قضت هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى الدستورية
المحالة طعنًا عليه، ينحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة
(29) من قانون المحكمة الدستورية العليا؛ مما يتعين معه الالتفات عنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق