الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 مارس 2024

الطعن 11813 لسنة 88 ق جلسة 15 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 158 ص 1100

جلسة 15 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيـد القاضي / منصور العشرى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خلف، بهاء صالح وليد رستم نواب رئيس المحكمة، ومحمد العبد .
----------------
(158)
الطعن رقم 11813 لسنة 88 القضائية
(1- 8) عمل " انتهاء الخدمة : إنهاء الخدمة بالإرادة المنفردة لرب العمل " " الدعوى العمالية: إجراءات رفعها " " عقد العمل : انتقال ملكية المنشأة وأثره " . محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لعقد العمل : سلطتها في تقدير مبرر فصل العامل ". حكم " بطلان الحكم: ما يؤدى إلى بطلانه " .
(1) تاريخ بداية النزاع . تحديده . امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبته به. عدم تقديم الطاعنة دليل على قيام النزاع قبل رفع الدعوى . مؤداه . اعتبار تاريخ رفع الدعوى هو تاريخ بداية النزاع . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(2) حق صاحب العمل فى إنهاء عقد العمل . مناطه استناده الى مبرر مشروع . علة ذلك. م 69، 110 ق العمل 12 لسنة 2003 .
(3) فقد الثقة فى العامل لخطأه . اعتباره سبباً كافياً لإنهاء عقد العمل . شروطه وجوب توافر أسباب مشروعه وواقعية . مؤداه . وجوب التناسب بين خطأ العامل وإنهاء العقد جزاءً وفاقًا لخطأه . كون الخطأ يسيرا أو كان هناك شيوع فى الخطأ بين أكثر من عامل أو لم يثبت على وجه التحديد نسبة الخطأ للعامل . أثره . مبرر غير كاف للإنهاء وتكون المصلحة التى قصد الى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع الضرر المترتب على استعمال الحق . لازمه . سلطة رب العمل فى إنهاء عقد العمل ليست طليقة من كل قيد . لزوم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بين ما نسب للعامل والجزاء الموقع عليه .
(4) قرار الطاعنة بإنهاء خدمة المطعون ضده فى ذات يوم الجرد لوجود زيادة فى عهدته دون تقديم ما يفيد تيقنها من اقترافه هذا الخطأ عن عمد أم أنها من جملة المبالغ الموجودة طرف أحد العمال الأخرين . عدم اعتبارها سببًا جدياً لارتياب صاحب العمل واتخاذه قرار الفصل .
(5) تقدير المبرر بفصل العامل . مسألة موضوعية . يستقل بتقديرها قاضي الموضوع . شرط . إقامة قضاءه على أسباب سائغة .
(6) الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقود العمل المبرمة مع صاحب العمل الجديد . التزام الأخير بها . أثره . عدم انتقالها إلى الجهة المالكة بعد انتهاء عقد الإدارة . علة ذلك .
(7) إغفال الحكم بحث دفاع جوهرى أبداه الخصم . قصور فى أسبابه الواقعية . مقتضاه . بطلانه .
(8) تمسك الطاعنة بامتلاكها للفندق محل عمل المطعون ضده وإسناد إدارته لشركة أخرى تعاقد معها الأخير قبل أن تتولى الإدارة بنفسها . التفات الحكم المطعون فيه عنه . خطأ وقصور .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص فى المادة 70 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸ على أنه "إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل فى شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أى من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأى منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ... خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوما - من تاريخ تقديم الطلب - جاز لأى منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها فى المادة 71 من هذا القانون أو أن يلجأ إليها فى موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم، وإلا سقط حقه فى عرض الأمر على المحكمة" يدل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التاريخ الذى يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق الدائن عند مطالبته به، وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من شكوى المطعون ضده أمام مكتب العمل - وهى المكلفة بتقديم دليل ما تتمسك - وما تضمنته من منازعة، وما إذا كانت هى بذاتها الطلبات التى نازع فيها المطعون ضده أمام المحكمة من طلب التعويض ومهلة الإخطار وبدل العلاج والمستحقات المالية، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تاريخ امتناع الطاعنة عن الوفاء بهذه المطالبات فإن تاريخ الإعلان بالطلبات الموضوعية يضحى هو تاريخ بدء النزاع، ويكون النعى بسقوط حق المطعون ضده في عرض النزاع على المحكمة العمالية على غير أساس.
2- إذ كان مفاد نص المادتين 69 ، ۱۱۰ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع منح صاحب العمل الحق فى إنهاء عقد عمل العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء، مواكباً فى ذلك مرحلة التحول الاقتصادى فى مصر واضعاً فى الاعتبار أن المنشأة الخاصة غير المنشأة العامة، وأن إهدار السلطة التنظيمية لصاحب العمل فى ظل نظام الاقتصاد الموجه ليس فى صالح منظومة العمل الخاصة، إلا انه ولإعادة التوازن بين أطراف هذه المنظومة اشترط المشرع فى العقد غير محدد المدة بالإضافة إلى وجوب الإخطار المسبق بالإنهاء أن يستند الإنهاء الى مبرر مشروع وکاف بمعنى أن يكون من استعمل حق الإنهاء غير متعسف فى استعمال حقه، وهو القيد الذى يتقيد به كل حق بمقتضى نص المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدنى من وجوب استعمال الحق استعمالاً مشروعاً دون أن يقصد به الإضرار بالطرف الأخر أو تحقيق مصالح قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها أو يقصد به تحقيق مصالح غير مشروعة، وهو عين ما انتظمته المادة 695 من القانون المدنى فى فقرتها الثانية من أنه إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر ... الحق فى تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخاً تعسفياً.
3- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن خطأ العامل أو سلوكه مسلكاً يفقد ثقة صاحب العمل فيه يعد سبباً كافيا لإنهاء عقد عمله، إلا أن انعدام الثقة يجب أن يبنى على أسباب مشروعة وواقعية فيجب أن يكون خطأ العامل - كمبرر للإنهاء- متناسباً مع إنهاء العقد جزاءً وفاقاً لخطأه، فإذا كان الخطأ يسيراً أو تافهاً أو كان هناك شيوع فى الخطأ بين أكثر من عامل أو لخللٍ فى إدارة المنشأة لم يثبت منه على وجه التحديد نسبة الخطأ للعامل فإنه لا يكون مبرراً للإنهاء بحيث يرتفع عنه وصف التعسف، إذ فى حالة وجود مبرر غير كاف للإنهاء تكون المصلحة التى قصد الى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع الضرر المترتب على استعمال الحق، ففكرة الجزاء - جنائيًا كان أم تأديبيًا أم مدنيًا - تعنى أن خطأً معيناً لا يجوز تجاوزه، وسلطة رب العمل فى إنهاء عقد العمل ليست طليقة من كل قيد إنما يلزم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بین ما نسب للعامل والجزاء الموقع عليه وفقاً لمبدأ التناسب (The Principle of Proportionality).
4- إذا كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قدمت رفق طعنها محضر الجرد المؤرخ 21/11/2013، الثابت منه أن عهدة المطعون ضده عبارة عن 5۰۰۰۰ جنيه لشراء الخضروات والفاكهة بالإضافة الى ۲۰۰۰۰ جنيه لشراء الأسماك، ومبلغ 2500 جنيه للمشتريات الداخلية، وأنه بجرد هذه العهدة تبين وجود شيك لم يصرف بقيمة ۱۷۹۸۰ جنيهاً، ومبلغ نقدى مقداره 22523.50 جنيهاً، ومبلغ 25000 جنيه طرف العامل ...، ومبلغ 5800 جنيه طرف نفس العامل، ومبلغ 2000 جنيه طرف العامل ... ثم أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده فى ذات يوم الجرد لثبوت وجود زيادة مقدارها 806,50 جنيه، دون تقديم ما يفيد تيقنها من اقتراف المطعون ضده لهذا الخطأ بشكل عمدى وفقاً للأصول المحاسبية من خلال مراجعتها للدورة المستندية لتداول عهدته وكيفية تسلمه لمبلغ العهدة وكيفية قيامه بتسوية وسداد هذه المبالغ وما إذا كانت هذه الزيادة ترجع للمطعون ضده أم أنها من جملة المبالغ الموجود طرف العامل... أو العامل...، أو وقوع ثمة خطأ فى استلام العهدة، ومن ثم فإن وجود هذه الزيادة فى عهدة المطعون ضده وإن كانت تشكل خطأ فى جانبه كمسئول مشتريات إلا أنها لا تعد سبباً جدياً لارتياب صاحب العمل– الذى لم يعن ببحث أسباب وجود هذه الزيادة– فى أمانته يبرر فصله فى ذات يوم الجرد.
5- تقدير مشروعية الفسخ أو عدم مشروعيته لقيام التعسف فى استعماله من الطرف المنهى للعقد غير المحدد المدة إنما هو تقدير موضوعى لا معقب عليه من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع بشأنه على استخلاص سائغ، وكان الحكم الابتدائى قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها أن إنهاء خدمة المطعون ضده من العمل لدى الطاعنة كان بغير مبرر وقد شابه التعسف ورتب على ذلك قضائه بالتعويض بما حصله (أنه لم يثبت بالأوراق وجود ثمة مبرر مشروع لذلك الإنهاء حيث أن الأوراق خلت من ثمة دليل يفيد ارتكاب المدعى لأى خطأ مما هو منصوص عليه فى المادة 69 من قانون العمل أو إخلاله باى من التزاماته المترتبة على عقد العمل)، وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وأیده فى ذلك الحكم المطعون فيه فإن النعى عليه فى هذا المقام ينحل إلى جدلٍ موضوعى فيما لمحكمة الموضوع من سلطة لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ويضحى النعى عليه غير مقبول.
6- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقود العمل المبرمة بين العمال وصاحب العمل الجديد يتحملها الأخير وحده ولا تنتقل إلى الجهة المالكة بعد انتهاء عقد الإدارة لأنها لا تعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً له فى هذه الحالة.
7- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى، فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها، فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
8- إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام درجتى التقاضى بأنها الجهة المالكة للفندق الذى كان يعمل به المطعون ضده، وأنه بموجب عقد مقاولة عهدت بإدارته لشركة شيراتون أوفر سيز العالمية على أن تديره بعمالها، وأن المطعون ضده تعاقد مع الشركة الأخيرة بتاريخ 1/4/۱۹۹۷، وظلت علاقة العمل قائمة حتى تاريخ انتهاء عقد الإدارة فى 31/1/۲۰۰۷، ثم تولت الطاعنة الإدارة بنفسها وحررت للعاملين بالفندق عقود عمل مؤرخة 1/2/۲۰۰۷، وإذ التفت الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع -رغم أنه لو صح من خلال استظهار بنود عقد الإدارة - لتغير به وجه الرأى فى الدعوى من حيث مقابل الإخطار ومقدار التعويض، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذى تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده تقدم بشكوى لمكتب العمل المختص يتضرر فيها من إنهاء الطاعنة لخدمته من العمل دون مبرر ولتعذر التسوية أحيلت الأوراق إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقيدت أمامها برقم ... لسنة 2014، وحدد المطعون ضده طلباته الموضوعية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له المبالغ التالية: 58644 جنيهاً تعويضاً عملاً بالمادة 70 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ و 31276۸ جنيهاً تعويضاً عن الفصل التعسفى و53757 جنيهاً مستحقات من تاريخ الفصل و14661 جنيه مقابل مهلة الإخطار و3850 جنيهاً قيمة العلاج الشهرى من شهر نوفمبر وحتى شهر سبتمبر. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره قضت بإلزام الطاعنة بان تؤدى له مبلغ 16500۰ جنيه تعويضا ًعن الفصل التعسفى، ومبلغ 3822.7 جنيهاً مستحقات، 14661 جنيهاً مقابل مهلة الإخطار ورفضت ماعدا ذلك من طلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة ۲۱ ق، وبجلسة 18/4/ 20۱۸ حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن المطعون ضده أُعلن بصحيفة طلباته الموضوعية بتاريخ 11/8/2014 بعد مرور أكثر من 45 يوماً من تاريخ إحالة النزاع من مكتب التسوية الى المحكمة العمالية على النحو الذى حددته المادة ۷۰ من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸ وقد تمسكت أمام محكمتى الموضوع بسقوط حق المطعون ضده فى عرض النزاع على المحكمة العمالية إلا أن الحكم المطعون أعرض عن هذا الدفع ولم يرد عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سدید، ذلك أنه لما كان النص فى المادة 70 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۰۸ على أنه " إذا نشأ نزاع فردى بين صاحب العمل والعامل فى شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أى من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأى منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ... خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً، فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوما - من تاريخ تقديم الطلب - جاز لأى منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها فى المادة 71 من هذا القانون أو أن يلجأ إليها فى موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواءً كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم وإلا سقط حقه فى عرض الأمر على المحكمة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التاريخ الذى يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق الدائن عند مطالبته به، وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من شكوى المطعون ضده أمام مكتب العمل - وهى المكلفة بتقديم دليل ما تتمسك - وما تضمنته من منازعة، وما إذا كانت هى بذاتها الطلبات التى نازع فيها المطعون ضده أمام المحكمة من طلب التعويض ومهلة الإخطار وبدل العلاج والمستحقات المالية، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تاريخ امتناع الطاعنة عن الوفاء بهذه المطالبات فإن تاريخ الإعلان بالطلبات الموضوعية يضحى هو تاريخ بدء النزاع، ويكون النعى بسقوط حق المطعون ضده فى عرض النزاع على المحكمة العمالية على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنها أفصحت أمام محكمتى الموضوع عن سبب إنهائها خدمة المطعون ضده وهو تشككها فى ذمته المالية لوجود زيادة فى عهدته مقدارها 806.46 جنيهاً وقدمت محضر جرد العهدة الدال على ذلك والموقع منه عليه إلا أن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بالتعويض بقالة إنها لم تقدم مبرراً مشروع للفصل ودون أن يعرض لما قدمته من مستندات، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سدید، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادتين 69 ، ۱۱۰ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع منح صاحب العمل الحق فى إنهاء عقد عمل العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء، مواكباً فى ذلك مرحلة التحول الاقتصادى فى مصر واضعاً فى الاعتبار أن المنشأة الخاصة غير المنشأة العامة وأن إهدار السلطة التنظيمية لصاحب العمل فى ظل نظام الاقتصاد الموجه ليس فى صالح منظومة العمل الخاصة، إلا أنه ولإعادة التوازن بين أطراف هذه المنظومة اشترط المشرع فى العقد غير محدد المدة بالإضافة إلى وجوب الإخطار المسبق بالإنهاء أن يستند الإنهاء إلى مبرر مشروع وکاف، بمعنى أن يكون من استعمل حق الإنهاء غير متعسف فى استعمال حقه، وهو القيد الذى يتقيد به كل حق بمقتضى نص المادتين الرابعة و الخامسة من القانون المدنى من وجوب استعمال الحق استعمالاً مشروعاً دون أن يقصد به الإضرار بالطرف الأخر أو تحقيق مصالح قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها أو يقصد به تحقيق مصالح غير مشروعة، وهو عين ما انتظمته المادة 695 من القانون المدنى فى فقرتها الثانية من أنه "إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر... الحق فى تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخاً تعسفياً"، وكان من المقرر أيضا- فى قضاء هذه المحكمة - أن خطأ العامل أو سلوكه مسلكاً يفقد ثقة صاحب العمل فيه يعد سبباً كافياً لإنهاء عقد عمله، إلا أن انعدام الثقة يجب أن يبنى على أسباب مشروعة وواقعية فيجب أن يكون خطأ العامل - كمبرر للإنهاء - متناسباً مع إنهاء العقد جزاءً وفاقاً لخطأه، فإذا كان الخطأ يسيًرا أو تافهاً أو كان هناك شيوع فى الخطأ بين أكثر من عامل أو لخلل فى إدارة المنشأة لم يثبت منه على وجه التحديد نسبة الخطأ للعامل فإنه لا يكون مبرراً للإنهاء بحيث يرتفع عنه وصف التعسف، إذ فى حالة وجود مبرر غير كاف للإنهاء تكون المصلحة التى قصد إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع الضرر المترتب على استعمال الحق، ففكرة الجزاء - جنائيًا كان أم تأديبيًا أم مدنيًا - تعنى أن خطأ معيناً لا يجوز تجاوزه، وسلطة رب العمل فى إنهاء عقد العمل ليست طليقة من كل قيد إنما يلزم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بین ما نسب للعامل والجزاء الموقع عليه وفقاً لمبدأ التناسب (The Principle of Proportionality). لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قدمت رفق طعنها محضر الجرد المؤرخ 21/11/۲۰۱۳، الثابت منه أن عهدة المطعون ضده عبارة عن 5۰۰۰۰ جنيه لشراء الخضروات والفاكهة بالإضافة الى ۲۰۰۰۰ جنيه لشراء الأسماك، ومبلغ 2500 جنيه للمشتريات الداخلية، وأنه بجرد هذه العهدة تبين وجود شيك لم يصرف بقيمة ۱۷۹۸۰ جنيهاً، ومبلغ نقدى مقداره 22523.50 جنيهاً، ومبلغ 25000 جنيه طرف العامل ...، ومبلغ 5800 جنيه طرف نفس العامل، ومبلغ 2000 جنبه طرف العامل ... ثم أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده فى ذات يوم الجرد لثبوت وجود زيادة مقدارها 806.50 جنيه، دون تقديم ما يفيد تيقنها من اقتراف المطعون ضده لهذا الخطأ بشكل عمدى وفقاً للأصول المحاسبية من خلال مراجعتها للدورة المستندية لتداول عهدته وکيفية تسلمه لمبلغ العهدة وكيفية قيامة بتسوية وسداد هذه المبالغ، وما إذا كانت هذه الزيادة ترجع للمطعون ضده أم أنها من جملة المبالغ الموجودة طرف العامل ... أو العامل ...، أو وقوع ثمة خطأ فى استلام العهدة، ومن ثمَّ فإن وجود هذه الزيادة فى عهدة المطعون ضده وإن كانت تشكل خطأ فى جانبه كمسئول مشتريات إلا أنها لا تعد سبباً جدياً لارتياب صاحب العمل – الذى لم يعن ببحث أسباب وجود هذه الزيادة – فى أمانته يبرر فصله فى ذات يوم الجرد، وكان تقدير مشروعية الفسخ أو عدم مشروعيته لقيام التعسف فى استعماله من الطرف المُنهى للعقد غير المحدد المدة إنما هو تقدير موضوعى لا معقب عليه من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع بشأنه على استخلاص سائغ، وكان الحكم الابتدائى قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها أن إنهاء خدمة المطعون ضده من العمل لدى الطاعنة كان بغير مبرر وقد شابه التعسف ورتب على ذلك قضائه بالتعويض بما حصله (أنه لم يثبت بالأوراق وجود ثمة مبرر مشروع لذلك الإنهاء حيث أن الأوراق خلت من ثمة دليل يفيد ارتكاب المدعى لأى خطأ مما هو منصوص عليه فى المادة 69 من قانون العمل أو إخلاله بأى من التزاماته المترتبة على عقد العمل)، وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وأیده فى ذلك الحكم المطعون فيه، فإن النعى عليه فى هذا المقام ينحل إلى جدلٍ موضوعى فيما لمحكمة الموضوع من سلطة لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ويضحى النعى عليه غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقى أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية المطعون ضده لمهلة إخطار مقدارها أجر ثلاثة أشهر بمبلغ 14661 جنيه ولمبلغ التعويض المقضى به على سند من أن خدمته لديها بدأت اعتباراً من 1/4/۱۹۹۷ حتى انتهاء خدمته فى 21/11/۲۰۱۳ أى لفترة تجاوزت العشر سنوات فى حين أنها تمسكت أمام درجتى التقاضى بـأن خدمته لديها بدأت اعتباراً من 1/2/۲۰۰۷ بعد انتهاء علاقة العمل التى كانت تربطه بشركة شيراتون التى كانت قد أسندت إليها إدارة الفندق الذى يعمل به المطعون ضده والمملوك لها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقود العمل المبرمة بين العمال وصاحب العمل الجديد يتحملها الأخير وحده ولا تنتقل إلـى الجهة المالكة بعد انتهاء عقد الإدارة لأنها لا تعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً له فى هذه الحالة، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً فى النتيجة التى انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً فى أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان مُنتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره فى قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام درجتى التقاضى بأنها الجهة المالكة للفندق الذى كان يعمل به المطعون ضده، وأنه بموجب عقد مقاولة عهدت بإدارته لشركة شيراتون أوفر سيز العالمية على أن تديره بعمالها وأن المطعون ضده تعاقد مع الشركة الأخيرة بتاريخ 1/4/۱۹۹۷ وظلت علاقة العمل قائمة حتى تاريخ انتهاء عقد الإدارة فى 31/1/۲۰۰۷، ثم تولت الطاعنة الإدارة بنفسها وحررت للعاملين بالفندق عقود عمل مؤرخة 1/2/2007، وإذ التفت الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع - رغم أنه لو صح من خلال استظهار بنود عقد الإدارة - لتغير به وجه الرأى فى الدعوى من حيث مقابل الإخطار ومقدار التعويض، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق