جلسة 24 من ديسمبر سنة 2019
السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت ود. محمد رجاء نواب رئيس المحكمة.
--------------
(169)
الطعن رقم 7348 لسنة 89 القضائية
(1) قضاة " عدم الصلاحية لنظر الدعوى: مناطة " .
عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى. مناطه. م 146 مرافعات. سبق نظره لها قاضيًا وفقًا للفقرة الخامسة من هذه المادة . مقتضاه . سبق إصداره رأيًا في خصومة النزاع حول أصل الحق فيها بدرجة تقاضى سابقة .
(2) أمر على عريضة " التظلم منه " .
الأمر على عريضة. إجراء وقتي يأمر به القاضى بسلطته الولائية . مؤداه . عدم حسمه للموضوع لعدم مساسه بأصل الحق ولا يستنفد به ولايته . أثره . جواز التظلم منه للقاضي الآمر نفسه والذى لا يتقيد به ولا يفقد صلاحيته فى نظره . كذلك يمكن إصدار أمر جديد مسبب على خلاف أمر مسبق. المادتان 195، 199 مرافعات .
(3) تحكيم " تنفيذ حكم التحكيم : التظلم من الأمر الصادر بالتنفيذ " .
سبق إصدار رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه أمرًا ولائيًا على عريضة بتنفيذ حكم التحكيم . عدم فقده صلاحيته للفصل فى خصومة التظلم من هذا الأمر . أثره . لا بطلان فى الحكم .
(4- 8) تحكيم " التحكيم الدولى : تنفيذ حكم التحكيم الدولى وفقاً لاتفاقية نيويورك " .
(4) الأحكام والأوامر الصادرة من بلد أجنبى . الأصل فى تنفيذها بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى . المواد 296، 297، 298 مرافعات. استثناء المعاهدات الواجب تطبيقها فى هذا الشأن من أحكام تلك المواد ولو تعارضت معها . م 301 مرافعات . انضمام مصر إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المُحَكَمين الأجنبية وتنفيذها اتفاقية نيويورك 1958 منذ عام 1959. أثره. وجوب تطبيقها ولو تعارضت مع أحكام أى قانون آخر .
(5) تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية طبقًا لقواعد اتفاقية نيويورك 1958. تمامها بقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ الأكثر يسرًا واستبعاد الأكثر شدة. م 3 من الاتفاقية . مؤداه . تطبيق قاعدة عدم التمييز . ماهيتها . اتساع قواعد المرافعات لتشمل تلك الواردة فى القانون الإجرائى العام المرافعات وأى قانون إجرائى آخر ينظمها .
(6) قواعد المرافعات الواردة باتفاقية نيويورك لعام 1958. دخول ق التحكيم فى نطافها باعتباره المنظم لكافة الإجراءات المتعلقة بالتحكيم . مؤداه . تضمنه لقواعد مرافعات أقل شدة عن تلك الواردة بق المرافعات بشأن تنفيذ أحكام التحكيم . أثره . اعتباره القانون الواجب التطبيق عليها دون حاجة لاتفاق الخصوم . علة ذلك .
(7) تنفيذ أحكام المحكمين . المواد 9، 56، 58 ق التحكيم . الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية . تمامها بطلب لرئيس محكمة استئناف القاهرة لاستصدار أمر على عريضة . إصدار الأمر بعد التحقق من عدم تعارضه مع حكم سبق صدوره فى مصر وعدم مخالفته للنظام العام مع صحة الإعلان . التظلم من رفض إصداره تختص به محكمة الاستئناف ذاتها . علة ذلك . تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع ق التحكيم 27 لسنة 1994 والمذكرة الإيضاحية له، م 3 من اتفاقية نيويورك 1958، م 23 مدنى، 301 مرافعات . اعتبارها الإجراءات الأكثر يسرًا من تلك الواردة بق المرافعات التى تجعل الأمر معقودًا للمحكمة الابتدائية بدعوى تُرفع بالأوضاع المعتادة مع ما تترتب على ذلك من آثار تجعلها أكثر شدة .
(8) اعتراف كل دولة منضمة لاتفاقية نيويورك 1958 بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى قانونها الداخلى . المادتان 1، 2 من الاتفاقية. عدم سريانها عند ثبوت توافر إحدى الحالات الحصرية الخمس الواردة بالمادة 5(1) أو الحالة بالمادة 5(2) منها .
(9 ،10) تحكيم " حكم التحكيم : تنفيذ حكم التحكيم : تنفيذ الحكم لا يستلزم التحقق من عدالته أو صحة قضائه في الموضوع " .
(9) أحكام المحكمين . اكتسابها حجية الشىء المحكوم فيه كأحكام القضاء . مؤداه . القاضي الآمر بتنفيذها ليس له التحقق من عدالتها أو صحتها . علة ذلك . عدم نظره كهيئة استئنافية للحكم .
(10) تمسك الطاعنة لإجابتها لطلبها بعدم تنفيذ حكم التحكيم بإخلاله بحقها فى الدفاع . ليس من الحالات التي تسوغ إجابة هذا الطلب أو رفض دعوى التنفيذ . أثره . للحكم عدم الرد عليه لعدم استناده لأساس قانوني صحيح .
(11) نقض " أسباب الطعن بالنقض : أسباب قانونية يخالطها واقع ".
السبب الواقعي أو القانوني الذي يخالطه واقع. عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. خلو الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانها بحكم التحكيم محل التنفيذ أو خلو أوراق التنفيذ من اتفاق التحكيم. اعتباره سبب جديد غير مقبول .
(12) نقض " أسباب الطعن بالنقض : السبب المفتقر إلى الدليل" .
التزام الخصوم أنفسهم بتقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التى حددها القانون. خلو الأوراق من حكم التحكيم محل التنفيذ وعدم تقديم الطاعنة صورة منه وقت تقديم صحيفة طعنها. نعيها عليه عاريًا عن الدليل . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص فى المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعًا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال الآتية :... (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيًا أو خبيرًا أو مُحَكَمًا، أو كان قد أدى شهادة فيها"، وكان مُفاد عبارة "قد سبق له نظرها قاضيًا" المشار إليها هو أن يكون القاضى قد سبق له نظر خصومة النزاع حول أصل الحق فى درجة سابقة من درجات التقاضى وصدر منه فيها ما يجعل له رأيًا فى موضوع الدعوى.
2- إذ كان الأمر على عريضة لا يصدر فى خصومة قضائية، وإنما يأمر به القاضى بسلطته الولائية فى غير مواجهة بين طرفى الإجراء المطلوب ex parte، كما أنه مؤقت لا يحسم موضوعًا أو يمس أصل الحق فيه، فإن القاضي الآمر نفسه لا يتقيد بما أمر ولا يستنفد به ولايته. ولذا أجاز له (القاضي الآمر) المشرع بالمادة 195 من ذات القانون (قانون المرافعات المدنية والتجارية) إصدار أمر جديد مسبب على خلاف أمر سبق صدوره. وأجاز بالمادة 199 من القانون المذكور أن يُرفع التظلم من الأمر إلى نفس القاضى الآمر. ومن ثم فإنه لا يُفقد القاضى صلاحيته للفصل فى موضوع خصومة التظلم، سبق إصداره أمرًا على عريضة فى شأن يتعلق بهذا النزاع.
3- إذ كان مجرد سبق إصدار رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه أمرًا ولائيًا على عريضة بتنفيذ حكم التحكيم، فى غير خصومة ودون مواجهة بين الطرفين، لا يُفقده صلاحيته للفصل فى خصومة التظلم من هذا الأمر، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.
4- إن التزامات مصر الدولية تحظر عليها فرض شروط أكثر شدة للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية أو تنفيذها من نظيرتها المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية. إذ تنص المادة 296 من قانون المرافعات على أن "الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة فى قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه"، كما تنص المادة 297 من ذات القانون على أن "يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التى يُراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى"، وحددت المادة 298 من القانون المذكور الشروط الواجب التحقق منها قبل إصدار الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الأجنبى، ثم نصت المادة 301 من ذات القانون، والتى اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية، على أن "العمل بالقواعد المنصوص عليها فى المواد السابقة لا يُخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التى تُعقد بين الجمهورية وغيرها من الدول فى هذا الشأن". ومُفاد ذلك أن الأصل هو أن يقَدَم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى إلى المحكمة الابتدائية التى يُراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل فى المادة 301 المشار إليها فى حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها القانون الواجب التطبيق فــى هذا الصدد ولو تعارضت مـع أحكام قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت مصر قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المُحَكَمين الأجنبية وتنفيذها "اتفاقية نيويورك 1958" The Convention on the Recognition and Enforcement of Foreign Arbitral Awards, "New York Convention, 1958” منذ عام 1959 ومن ثم فإنها تكون قانونًا من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أى قانون آخر بمصر.
5- النص فى المادة الثالثة من هذه الاتفاقية (اتفاقية نيويورك 1958) "على أن "تعترف كل من الدول المتعاقدة بحُجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقًا للشروط المنصوص عليها فى المواد التالية. ولا تُفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التى تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعًا بدرجة ملحوظة من تلك التى تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين"، ومُفاد ذلك، أن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية يتم طبقًا للقواعد الإجرائية المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسرًا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة منها، وهو ما يُعرف بقاعدة عدم التمييز non-discrimination rule. والمقصود بعبارة "قواعد المرافعات" الواردة بالمعاهدة، أى قانون ينظم الإجراءات في الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها، وبالتالى لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائى العام وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية وإنما يشمل أى قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد في أي قانون آخر ينظم تلك الإجراءات.
6- إذ صدر قانون التحكيم متضمنًا القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم بداية من أول إجراء فيه وحتى تمام تنفيذ الحكم الصادر فيه، وهو فى هذا الخصوص قانون إجرائى يدخل فى نطاق عبارة "قواعد المرافعات" الواردة بنصوص اتفاقية نيويورك لعام 1958، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء فى الاختصاص أو شروط التنفيذ - لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة - من تلك الواردة فى قانون المرافعات فيكون قانون التحكيم هو القانون الواجب التطبيق وفقًا لاتفاقية نيويورك 1958 التى تعد من قوانين الدولة بغير حاجة لاتفاق الخصوم فــى هـذا الشأن.
7- إذ كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقًا لنصوص المواد 9 و56 و58 من قانون التحكيم، فإن هذا التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة يقدم إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم تعارض حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره فى مصر، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام، وتمام إعلان المحكوم عليه إعلانًا صحيحًا، فإذا رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف. ولازم ما تقدم أن الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب استصدار أمر على عريضة، ويتم التظلم فى الأمر لمحكمة الاستئناف وهى إجراءات أكثر يسرًا من تلك الواردة فى قانون المرافعات، وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون من أن قواعد المرافعات لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل فى المنازعات وما ينطوى عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات. ولا جدال فى أن الإجراءات المقررة فى قانون المرافعات أكثر شدة إذ يجعل الأمر معقودًا للمحكمة الابتدائية بدعوى تُرفع بالأوضاع المعتادة مع ما يتطلبه ذلك من إجراءات متعددة إلى أن يصدر الحكم الذى يخضع للطرق المقررة للطعن فى الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية أكثر ارتفاعًا، وهى بلا ريب إجراءات أكثر شدة من تلك المقررة فى قانون التحكيم، ومن ثم وإعمالًا لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من القانون المدنى التى تقضى بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة فى مصر إذا تعارضت مع تشريع سابق أو لاحق، والمادة 301 من قانون المرافعات فإنه يستبعد فى النزاع المطروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى الواردة فى قانون المرافعات باعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة فى قانون التحكيم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون.
8- إذ كان مؤدى المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك 1958 هو اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتى يحددها القانون الداخلى، ما لم يُثبت المحكوم ضده فى دعوى تنفيذ حكم التحكيم توافر إحدى الحالات الخمسة الواردة على سبيل الحصر فى المادة 5(1) من الاتفاقية وهى: (أ) نقص أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو عدم صحة انعقاده، (ب) عدم إعلانه إعلانًا صحيحًا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر، (ج) مجاوزة الحكم فى قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم، (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذى تم فيه التحكيم فى حالة عدم الاتفاق، (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه. أو أن يتبين لقاضى التنفيذ - طبقًا للمادة 5(2) من الاتفاقية - أنه لا يجوز قانونًا الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام.
9- إذ كانت أحكام المُحَكَمين، شأنها شأن أحكام القضاء، تحوز حجية الشئ المحكوم فيه بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – طالما بقى الحكم قائمًا، ومن ثم فلا يملك القاضى عند الأمر بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها فى الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية فى هذا الصدد.
10- إذ كان ما تنعاه الطاعنة من إخلال حكم التحكيم المطلوب تنفيذه بحقها فى الدفاع، بشأن دفاعها بعدم صلاحية شِحنة النزاع وعدم مطابقتها للمواصفات المصرية - أيًا كان وجه الرأى فيه - لا يندرج ضمن أى من الحالات التى تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تنهض سببًا لرفض دعوى التنفيذ، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على هذا السبب الذى لا يستند إلى أساس قانونى صحيح.
11- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعى أو قانونى يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانها بحكم التحكيم محل التنفيذ أو خلو أوراق التنفيذ من اتفاق التحكيم، ومن ثم فإن النعى به يعد سببًا جديدًا لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
12- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشارع عدَّ من الإجراءات الجوهرية فى الطعن بالنقض أن يُناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن فى المواعيد التى حددها القانون. وإذ خلت الأوراق من حكم التحكيم محل التنفيذ، كما لم تودع الطاعنة قلم كتاب المحكمة وقت تقديم صحيفة طعنها صورة منه، حتى يمكن التحقق من صحة نعيها بأن حكم التحكيم قضى بفائدة مركبة، ومن ثم فإن النعى يكون عاريًا عن الدليل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة والمداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بتاريخ 27/4/2016 صدر حكم تحكيم لصالح الشركة المطعون ضدها من مركز التحكيم التابع لرابطة تجارة الحبوب والأعلاف Grain and Feed Trade Association (GAFTA) ومقره لندن، فى القضية رقم ... لسنة 2016، وعلى إثر ذلك، وبتاريخ 29/9/2018 استصدرت المطعون ضدها من محكمة استئناف القاهرة أمرًا على عريضة قيد برقم ... لسنة 135ق بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم المشار إليه. تظلمت الشركة الطاعنة من هذا الأمر بالدعوى رقم ... لسنة 135ق استئناف القاهرة، وقضت المحكمة بتاريخ 6/2/2019 فى موضوع التظلم برفضه. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعَى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول إن رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه هو نفسه من أصدر من قَبل أمرًا على عريضة بوضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم موضوع التظلم، وبذلك يكون قد سبق له نظر النزاع بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع، وبالتالى لم يكن صالحًا للمشاركة فى إصدار الحكم المطعون فيه عملًا بالمادة 146 من قانون المرافعات ويكون هذا الحكم باطلًا عملًا بالمادة 147 من ذات القانون، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن "يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعًا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم فى الأحوال الآتية: ... (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيًا أو خبيرًا أو مُحَكَمًا، أو كان قد أدى شهادة فيها"، وكان مُفاد عبارة "قد سبق له نظرها قاضيًا" المشار إليها هو أن يكون القاضى قد سبق له نظر خصومة النزاع حول أصل الحق فى درجة سابقة من درجات التقاضى وصدر منه فيها ما يجعل له رأيًا فى موضوع الدعوى. وكان الأمر على عريضة لا يصدر فى خصومة قضائية، وإنما يأمر به القاضى بسلطته الولائية فى غير مواجهة بين طرفى الإجراء المطلوب ex parte، كما أنه مؤقت لا يحسم موضوعًا أو يمس أصل الحق فيه، فإن القاضى الآمر نفسه لا يتقيد بما أمر ولا يستنفد به ولايته. ولذا أجاز له المشرع بالمادة 195 من ذات القانون إصدار أمر جديد مسبب على خلاف أمر سبق صدوره. وأجاز بالمادة 199 من القانون المذكور أن يُرفع التظلم من الأمر إلى نفس القاضى الآمر. ومن ثم فإنه لا يُفقد القاضى صلاحيته للفصل فى موضوع خصومة التظلم، سبق إصداره أمرًا على عريضة فى شأن يتعلق بهذا النزاع. لما كان ذلك، وكان مجرد سبق إصدار رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه أمرًا ولائيًا على عريضة بتنفيذ حكم التحكيم، فى غير خصومة ودون مواجهة بين الطرفين، لا يُفقده صلاحيته للفصل فى خصومة التظلم من هذا الأمر، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعَى بالوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أن محكمة استئناف القاهرة غير مختصة نوعيًا بإصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم محل النزاع لأنه صادر فى بلد أجنبى، ولم يتفق الأطراف على تطبيق قانون التحكيم المصرى، فينعقد الاختصاص للمحكمة الابتدائية التى يُراد التنفيذ بدائرتها وبالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى عملًا بالمادتين 297 و299 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن التزامات مصر الدولية تحظر عليها فرض شروط أكثر شدة للاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية أو تنفيذها من نظيرتها المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية. إذ تنص المادة 296 من قانون المرافعات على أن "الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة فى قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه"، كما تنص المادة 297 من ذات القانون على أن "يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية التى يُراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى"، وحددت المادة 298 من القانون المذكور الشروط الواجب التحقق منها قبل إصدار الأمر بتنفيذ الحكم أو الأمر الأجنبى، ثم نصت المادة 301 من ذات القانون، والتى اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية، على أن "العمل بالقواعد المنصوص عليها فى المواد السابقة لا يُخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التى تُعقد بين الجمهورية وغيرها من الدول فى هذا الشأن". ومُفاد ذلك أن الأصل هو أن يقَدَم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى إلى المحكمة الابتدائية التى يُراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل فى المادة 301 المشار إليها فى حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها القانون الواجب التطبيق فــى هذا الصدد ولو تعارضت مـع أحكام قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكانت مصر قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المُحَكَمين الأجنبية وتنفيذها "اتفاقية نيويورك 1958" The Convention on the Recognition and Enforcement of Foreign Arbitral Awards, "New York Convention, 1958” منذ عام 1959 ومن ثم فإنها تكون قانونًا من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات أو أى قانون آخر بمصر. وقد نصت المادة الثالثة من هذه الاتفاقية على أن "تعترف كل من الدول المتعاقدة بحُجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقًا للشروط المنصوص عليها فى المواد التالية. ولا تُفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التى تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعًا بدرجة ملحوظة من تلك التى تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين"، ومُفاد ذلك، أن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية يتم طبقًا للقواعد الإجرائية المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسرًا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة منها، وهو ما يُعرف بقاعدة عدم التمييز non-discrimination rule. والمقصود بعبارة "قواعد المرافعات" الواردة بالمعاهدة، أى قانون ينظم الإجراءات فى الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها، وبالتالى لا يقتصر الأمر على القانون الإجرائى العام وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية وإنما يشمل أى قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد فى أى قانون آخر ينظم تلك الإجراءات. وإذ صدر قانون التحكيم متضمنًا القواعد الإجرائية الخاصة بالتحكيم بداية من أول إجراء فيه وحتى تمام تنفيذ الحكم الصادر فيه، وهو فى هذا الخصوص قانون إجرائى يدخل فى نطاق عبارة "قواعد المرافعات" الواردة بنصوص اتفاقية نيويورك لعام 1958، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء فى الاختصاص أو شروط التنفيذ- لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة - من تلك الواردة فى قانون المرافعات فيكون قانون التحكيم هو القانون الواجب التطبيق وفقًا لاتفاقية نيويورك 1958 التى تعد من قوانين الدولة بغير حاجة لاتفاق الخصوم فــى هـذا الشأن. ولما كان تنفيذ أحكام المحكمين يتم طبقًا لنصوص المواد 9 و56 و58 من قانون التحكيم، فإن هذا التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة يقدم إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم تعارض حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره فى مصر، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام، وتمام إعلان المحكوم عليه إعلانًا صحيحًا، فإذا رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف. ولازم ما تقدم أن الاختصاص بإصدار الأمر بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب استصدار أمر على عريضة، ويتم التظلم فى الأمر لمحكمة الاستئناف وهى إجراءات أكثر يسرًا من تلك الواردة فى قانون المرافعات، وهو ما يتفق مع مؤدى ما تضمنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون من أن قواعد المرافعات لا تحقق الهدف المنشود من التحكيم بما يتطلبه من سرعة الفصل فى المنازعات وما ينطوى عليه من طبيعة خاصة اقتضت تيسير الإجراءات. ولا جدال فى أن الإجراءات المقررة فى قانون المرافعات أكثر شدة إذ يجعل الأمر معقودًا للمحكمة الابتدائية بدعوى تُرفع بالأوضاع المعتادة مع ما يتطلبه ذلك من إجراءات متعددة إلى أن يصدر الحكم الذى يخضع للطرق المقررة للطعن فى الأحكام، وما يترتب عليه من تأخير ونفقات ورسوم قضائية أكثر ارتفاعًا، وهى بلا ريب إجراءات أكثر شدة من تلك المقررة فى قانون التحكيم، ومن ثم وإعمالًا لنص المادة الثالثة من معاهدة نيويورك والمادة 23 من القانون المدنى التى تقضى بأولوية تطبيق أحكام المعاهدة الدولية النافذة فى مصر إذا تعارضت مع تشريع سابق أو لاحق، والمادة 301 من قانون المرافعات فإنه يستبعد فى النزاع المطروح تطبيق قواعد تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة فى بلد أجنبى الواردة فى قانون المرافعات باعتبارها أكثر شدة من تلك الواردة فى قانون التحكيم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعَى بالوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنها استندت فى أسباب تظلمها إلى عدم توافر شروط إصدار الأمر بتنفيذ حكم التحكيم موضوع الدعوى، إذ التفتت هيئة التحكيم عما تمسكت به أمامها من دفاع مؤداه عدم مطابقة الشحنة محل النزاع للمواصفات القياسية المصرية المتعلقة بالنظام العام، وقدمت الدليل على صحة دفاعها متمثلًا فى قرار السلطات المصرية برفض دخول الشِحنة للأراضى المصرية لعدم صلاحيتها، غير أن الحكم المطعون فيه أعرض بدوره عن سبب تظلمها فلم يعرض له إيرادًا أو ردًا، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأنه لما كان مؤدى المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك 1958 هو اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتى يحددها القانون الداخلى، ما لم يُثبت المحكوم ضده فى دعوى تنفيذ حكم التحكيم توافر إحدى الحالات الخمسة الواردة على سبيل الحصر فى المادة 5(1) من الاتفاقية وهى: (أ) نقص أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو عدم صحة انعقاده، (ب) عدم إعلانه إعلانًا صحيحًا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر، (ج) مجاوزة الحكم فى قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم، (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذى تم فيه التحكيم فى حالة عدم الاتفاق، (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه. أو أن يتبين لقاضى التنفيذ - طبقًا للمادة 5(2) من الاتفاقية - أنه لا يجوز قانونًا الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام. وكانت أحكام المُحَكَمين، شأنها شأن أحكام القضاء، تحوز حجية الشئ المحكوم فيه بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – طالما بقى الحكم قائمًا، ومن ثم فلا يملك القاضى عند الأمر بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها فى الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة من إخلال حكم التحكيم المطلوب تنفيذه بحقها فى الدفاع، بشأن دفاعها بعدم صلاحية شِحنة النزاع وعدم مطابقتها للمواصفات المصرية - أيًا كان وجه الرأى فيه - لا يندرج ضمن أى من الحالات التى تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تنهض سببًا لرفض دعوى التنفيذ، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على هذا السبب الذى لا يستند إلى أساس قانونى صحيح.
وحيث إن الطاعنة تنعَى بالوجه الثالث من السبب الثانى وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، ذلك بأنه قضى برفض تظلمها على الرغم من أن ورقة إعلانها بحكم التحكيم محل التنفيذ لم تُوقع من المحضر المختص، وأن أوراق التنفيذ خلت من اتفاق التحكيم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك بأن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعى أو قانونى يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانها بحكم التحكيم محل التنفيذ أو خلو أوراق التنفيذ من اتفاق التحكيم، ومن ثم فإن النعى به يعد سببًا جديدًا لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعىَ بالوجه الرابع من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك بأنه اعتبر أن قضاء هيئة التحكيم بالفوائد المركبة لا يخالف النظام العام فى مصر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الشارع عدَّ من الإجراءات الجوهرية فى الطعن بالنقض أن يُناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن فى المواعيد التى حددها القانون. وإذ خلت الأوراق من حكم التحكيم محل التنفيذ، كما لم تودع الطاعنة قلم كتاب المحكمة وقت تقديم صحيفة طعنها صورة منه، حتى يمكن التحقق من صحة نعيها بأن حكم التحكيم قضى بفائدة مركبة، ومن ثم فإن النعى يكون عاريًا عن الدليل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ