جلسة 2 ديسمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
------------------
قاعدة رقم (22)
القضية رقم 31 لسنة 21 قضائية "تنازع"
دعوى تنازع الاختصاص "مناط قبولها: ألا تكون المحكمة الدستورية العليا طرفاً في هذا التنازع".
مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص - سواء كان إيجابياً أو سلبياً - أن تُطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها - المحكمة الدستورية العليا هي الهيئة القضائية صاحبة الولاية في الفصل في تنازع الاختصاص، ولا تعتبر جهة قضائية بالمعنى المقصود في تطبيق أحكام البند (ثانياً) من المادة 25 من قانونها.
الإجراءات
بتاريخ الرابع من نوفمبر سنة 1999، أودع المودعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين الحكم أولاً في الشق العاجل: بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 5260 لسنة 1999 جنح بولاق مع إبلاغ النائب العام للإفراج عن المحبوسين من الطالبين، وكذلك وقف تنفيذ باقي آثار الجنحة المذكورة من الغرامات والتعويضات.
ثانياً: تعيين جهة القضاء المختصة بالفصل في دستورية المواد 302 و303 و307 من قانون العقوبات موضوع الدعويين الدستوريتين رقمي 25 و83 لسنة 31 قضائية دستورية، بين المحكمة الدستورية العليا ومحكمة جنايات القاهرة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبتاريخ 12/ 3/ 2000 أمر المستشار رئيس المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكمة فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين قدموا للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات القاهرة في الجنحة رقم 5260 لسنة 1999 بولاق، لارتكابهم الجرائم المنصوص عليها في المواد 302 و303 و307 من قانون العقوبات، والمواد 21 و22 و44 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996، وأثناء نظرها دفع المدعون بعدم دستورية مواد الاتهام وقدموا شهادة تفيد تدخلهم انضمامياً في القضيتين رقمي 25 و83 لسنة 21 قضائية "دستورية" المنظورتين أمام المحكمة الدستورية العليا، وطلبوا وقف الدعوى الجنائية إلى حين الفصل في المسألة الدستورية، إلا أن تلك المحكمة لم تستجب للدفع والطلب ومضت في نظر الدعوى ثم أصدرت حكمها بحبس كل منهم سنتين وتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه مما حدا بهم إلى الطعن على ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 29119 لسنة 69 قضائية، ثم أقاموا الدعوى الماثلة، لما تراءى لهم من أن الحكم المطعون فيه قد صدر منعدماً، بما انطوى عليه من حرمانهم من الترضية القضائية رغم قيام موجبها، وإهداره لحق التقاضي، وغصبه لولاية القضاء الدستوري المعقودة للمحكمة الدستورية العليا دون غيرها.
وحيث إن المدعين يهدفون من دعواهم - فيما خلا الشق المستعجل منها - إلى طلب تعيين المحكمة الدستورية العليا جهة مختصة بنظر طلب عدم دستورية مواد العقاب سالفة الذكر، دون محكمة جنايات القاهرة، باعتبار أن الفصل في دستورية نصوص هذه المواد غدا - في تقديرهم - أمراً متنازعاً عليه بين هاتين المحكمتين، وأن مضي محكمة الجنايات في إجراءات محاكمة المدعين يفيد ضمنياً تمسكها باختصاصها بالفصل في دستورية هذه النصوص.
وحيث إنه أياً كان وجه الرأي في شأن صحة ما قرره المدعون من قيام تنازع على الاختصاص - في الدعوى الماثلة - بالمعنى المقصود بالبند (ثانياً) من المادة 25 من قانون هذه المحكمة وذلك فيما نص عليه من تخويلها ولاية تعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنه؛ فإن الأمر المحقق أن المحكمة الدستورية العليا لا يمكن أن تكون طرفاً في هذا التنازع ولا أن تُقحم على النزاع المتعلق به. والقول بغير ذلك مردود أولاً: بأن المحكمة الدستورية العليا هي الهيئة القضائية التي تفصل بأحكامها النهائية في طلبات التنازع على الاختصاص إيجابياً كان هذا التنازع أو سلبياً، وولايتها في المسائل التي تدخل في اختصاصها هي ولاية منفردة لا مزاحمة فيها. وقولها في شأنها هو القول الفصل. وليس لها بالتالي أن تنقض بيدها قضاء صادراً عنها، ولا أن تراجعها فيه أية جهة ولو كانت قضائية. ومن ثم حق لأحكامها النهائية أن تكون عصية على العدول عنها بما لا يسوغ معه اعتبارها حدا في مجال التنازع على الاختصاص المنصوص عليه في البند (ثانياً) من المادة 25 من قانونها، وإلا ساغ تغليب قضاء لجهة أخرى عليها. ومردود ثانياً: بأن هذه المحكمة حين تباشر اختصاصها بالفصل في التنازع المدعى به بين جهتين قضائيتين، فإنها تقوم بدور الحكم بينهما، وهو ما يفترض غيريتها حين تقول كلمتها في هذا التنازع. وشرط ذلك بداهة ألا تكون أحكامها طرفاً فيه. ومردود ثالثاً: بأن المحكمة الدستورية العليا حين تفصل في النزاع القائم حول الاختصاص فإنها تركن إلى قواعد توزيعه بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لولاية كل منها، وهي قواعد فوّض الدستور - في المادة 167 منه - المشرّع في إقرارها. وليس من بين هذه الجهات المحكمة الدستورية العليا التي تخرج من محيطها بعد أن أفرد لها الدستور فصلاً مستقلاً عن السلطة القضائية بهيئاتها المختلفة ومحاكمها المتعددة. ولازم ذلك، أن هذه المحكمة لا تعتبر جهة قضائية في تطبيق أحكام البند (ثانياً) من المادة 25 من قانونها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.