الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 نوفمبر 2023

اَلْمَادَّة (134) : مَوَارِد اَلصُّنْدُوقِ

 عودة الى صفحة وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ


المادة (134)

تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من:

1- 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون والتي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال.

2- ما تخصصه له الدولة من موارد.

3- الإعانات والتبرعات والهبات التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية للصندوق.

4- عائد استثمار أموال الصندوق، طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية للصندوق.

ويكون للصندوق حساب خاص لدى أحد البنوك التجارية المعتمدة لدى البنك المركزي وترحل أمواله من سنة مالية إلى أخرى.

ويعد الصندوق سنويا القوائم الدالة على المركز المالي وتخضع أمواله لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

 

التطور التاريخي للنص :

هذا النص مستحدث لا مقابل له في قانون العمل رقم ١٣٧ لسنة ١٩٨١ والمنشور بتاريخ ١٣/٨/١٩٨١ ، ولا في قانون العمل رقم ٩١ لسنة ١٩٥٩ والمنشور بتاريخ ٧/٤/١٩٥٩.

 

الأعمال التحضيرية : (1)

المقرر : " مادة ١٣٤ : يشكل بكل محافظة من محافظات الجمهورية مجلس محلي لتنمية القوى البشرية والتدريب المهني برئاسة المحافظ المختص . ويصدر بتشكيل هذه المجالس وتحديد اختصاصاتها ونظام العمل بها قرار من رئيس مجلس الوزراء ".

رئيس المجلس : هل لأحد من حضراتكم ملاحظات على هذه المادة ؟

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان: ملحوظة - يا سيادة الرئيس - فهناك القرار الجمهوري رقم ١٠٢ لسنة ٢٠٠٠ ، وهو قرار صادر بإنشاء المجلس الأعلى لتنمية القوى البشرية والتدريب المهني ، حيث حددت المادتان الأولى والثانية اختصاصات المجلس ، بينما نصت المادة الثالثة على اللجنة الفنية ، ونصت أيضا بعد ذلك على الأمانة الفنية ، فهل نحن هنا نلغي مادتين من القرار الجمهوري وتظل مادة واحدة فقط في القرار الجمهوري ؟ أم انه من الأوفق أن تكون هذه التعديلات في القرار الجمهوري ذاته ؟ بالرغم من أن المادتين ١٣٢ و ١٣٣ ليس بهما تعديلات عن المواد الواردة في القرار الجمهوري بهذا الشأن . فالقرار الجمهوري فيه مادة بإنشاء الأمانة الفنية ويصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء ، والقرار الجمهوري فيه مادة بتشكيل اللجنة التنفيذية ويصدر بها ..

رئيس المجلس : كلامك صحيح يا دكتورة آمال . الملاحظة جيدة ، بل الأكثر من هذا أن المادة السابقة أشارت إلى المجلس الأعلى لتنمية القوى البشرية والتدريب المشكل بقرار رئيس الجمهورية رقم ١٠٢ لسنة ٢٠٠٠ ، بل أن التشريع يشير لتشريع ، ولا يشير إلى قرارات جمهورية ، حيث نصت المادة ١٣٢ على : " بالتنسيق والتعاون مع المجلس الأعلى لتنمية القوى البشرية والتدريب " ، ثم أن هذا المجلس مشكل بقرار جمهوري استنادا ، فلا نقل المشكل بأي قرار ، أو غيره . وقد قالت الدكتورة آمال عثمان إن هذه الأمانات الفنية ورد أسلوب تشكيلها وفقا لهذه المادة ، ما رقم هذه المادة ؟

المقرر: مادة ١٣٢ .

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان: مادة ١٣٢ نصت على " اللجنة التنفيذية " وقد وردت في القرار الجمهوري ، والمادة ١٣٣ نصت على " الأمانة الفنية" .

رئيس المجلس : لا ، بالنسبة للجنة التنفيذية هنا ، فقد ورد ذات الكلام في المادة ٣ من القرار الجمهوري حيث نصت على :" ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء وتختص بمتابعة تنفيذ السياسات والخطط " ، فالقرار الجمهوري هو الذي حدد اختصاصها ، بينما تقول هذه المادة انه قرار رئيس مجلس الوزراء.

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان: بقرار جمهوري ، ويصدر أيضا بقرار من رئيس مجلس الوزراء ، والفروع في المحافظات وردت أيضا في القرار الجمهوري ، والفروع أيضا يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء .

رئيس المجلس : ما اقتراح سيادتك ؟

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان: إنني أقترح إلغاء المادتين : ١٣٣ ، ١٣٤ لأنه ليس لهما محل هنا فهل القرار الجمهوري سيتضمن مادة ونضع بقية المواد في القانون ؟! فلماذا لا يكون قرارا جمهوريا واحدا بكل المواد ؟

رئيس المجلس : يعنى اقتراح سيادتك بإلغاء ١٣٣ .

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان: ثم انه لا يوجد أي تعديل أو تغيير في هذه المواد من مواد القرار الجمهوري .

رئيس المجلس : فعلا مادة (٦) تضمنت للمجلس أن يشكل في محافظات الجمهورية مجالس محلية لتنمية القوى البشرية وهى كلها المادة ١٣٤ وعلى ذلك فالمادتان ١٣٣ ، ١٣٤ لا فائدة منهما وحتى المادة ١٣٢ اختصاص الوزارة هذا يتحدد بقرار جمهوري فعند تشكيل الوزارة يتحدد اختصاص كل وزارة فالمواد ١٣٢ ، ١٣٣ ، ١٣٤ ليس لها لزوم .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: شكرا سيادة الرئيس . المادة ١٣٢ تتوافق مع المادة ١٥ من القانون ١٣٧ الحالي والخاص باختصاص الوزارة فيما يخص التدريب المهني بالذات لكن موضوع القرار الجمهوري صحيح وهذا تأكيد على القرار الجمهوري وتفعيله ونقله إلى القانون ، وإذا رئي عدم الإشارة إلى القرار الجمهوري فيمكن عدم الإشارة إلى القرار الجمهوري ويستمر القانون حتى يمكن أن ننظم هذا الموضوع وأيضا سيادة الرئيس هناك بعض الاتجاهات لدينا في الوزارة لكن بعد ذلك نتحدث فيه وهو انه بعد المادة ١٣٤ يمكن نقترح أو يقترح بعض السادة الأعضاء إضافة شيء عن صندوق التدريب وهذه مسألة سوف نتحدث فيها فيما بعد ، لكن المادتين الآن تشيران إلى القرار الجمهوري ، والقرار الجمهوري فعلا منفذ وفعلا صدر أيضا قرار السيد الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الوزراء بتشكيل اللجنة التنفيذية وأيضاً صدر قرار ... والمجالس المحلية في المحافظات لتنمية الموارد البشرية موجودة حاليا فعلا ولكن نحن نريد أن نؤكد في هذا الباب على وجود هذا الموضوع في صلب هذا القانون وهذا المطلوب . أما من ناحية الصياغة ، فإذا رأت السيدة الأستاذة الدكتورة آمال عثمان أو أي من السادة الأعضاء يمكن أن نضيف أو نوافق على صياغة يمكن أن نؤكد على وجود هذا الأمر في موضوع التدريب .

رئيس المجلس : أولا المادة ١٣٢ متروكة للسيد رئيس الجمهورية ليحدد اختصاص الوزارات ولم يجر العمل على أن يحدد القانون اختصاص الوزارة .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: قانون العمل في كل أبوابه يشير إلى اختصاص الوزارة بالمسئولية عن تنفيذه.

رئيس المجلس : فيما يتعلق بأعمال معينة ولكن أن تختص وزارة القوى العاملة برسم السياسة القومية للتوجيه والتدريب فهذا وارد في القرار الجمهوري باختصاص الوزارة.

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: هو متفق مع هذا ولا يخرج عنه .

رئيس المجلس : إذا وضعتها في القانون فالسيد رئيس الجمهورية لا يستطيع تعديل القرار الجمهوري باختصاص الوزارة .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: وفيما يختص بالمجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية هنا يعني...

رئيس المجلس : المادة ١٣٣ موجودة هنا في المادة الثالثة من القرار الجمهوري والمادة ١٣٤ موجودة في المادة السادسة من القرار الجمهوري وبالتالي فكافة المواد في الباب الأول حتى لا يكون هناك داع للترتيبات وبابه ثلاث مواد ومقتضى المناقشة التي تمت أن هذه المواد كلها لا محل لها .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: بما في ذلك المجالس المحلية لتنمية القوى البشرية.

رئيس المجلس : واردة في المادة السادسة من القرار الجمهوري "للمجلس أن يشكل بمحافظات الجمهورية مجالس محلية لتنمية القوى البشرية والتدريب يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من رئيس مجلس الوزراء " .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: أود أن أوضح - يا سيادة الرئيس - أن هذه المواد موضوعة في هذا المشروع منذ فترة طويلة وحينما تأخر هذا المشروع عن الصدور تقدمنا لرئيس الجمهورية لصدور القرار الجمهوري لسنة ٢٠٠٠ حتى نتمكن من العمل في موضوع تنمية الموارد البشرية هذه هي الملابسات التي حدثت .

رئيس المجلس : على كل ، هناك فائدة من ترك بعض المواد لإعطائها قيمة تشريعية أكثر من ورودها في القرار الجمهوري ولكن تحفظي على المادة ١٣٢ بتحديد اختصاص الوزارة أن هذا اختصاص السيد رئيس الجمهورية .

السيد العضو الدكتور زكريا عزمي: أنا أؤيد سيادتك تماما في حكاية القرار الجمهوري ممكن رئيس الجمهورية يغير اسم الوزارة أو يلغيها ويعطى اختصاصها في القرار الجمهوري الجديد المنشئ لها هذا كلام سيادتك ويمكن للسيد الوزير أن يقول " يصدر رئيس الجمهورية قرارا برسم السياسات القومية .." أي نجعلها كما هي لكن نعطيها قوة في القانون وهو صدر بالفعل ونستغنى عن المادتين : ١٣٢ ، ١٣٣ بهذا الكلام وتكون اختصاصا لرئيس الجمهورية.

رئيس المجلس : إذن ، " يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل المجلس الأعلى لتنمية القوى البشرية والتدريب " وبذلك يصبح للمجلس قيمة تشريعية ولا يلغى أبدا بل يتعدل اختصاصه فقط .

السيد العضو الدكتور زكريا عزمي: تماما ، يا سيادة الرئيس .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: وهذا هو المطلوب يا سيادة الرئيس وشكرا .

رئيس المجلس : وعلى ذلك ، هل توافقون حضراتكم على إرجاء أخذ الرأي على المادة ١٣٤ لإعادة صياغتها ؟

(موافقة)

السيد وزير القوى العاملة والهجرة: تعاد الصياغة طبقا للمفهوم الذي حددته سيادتك.

رئيس المجلس : السادة الأعضاء ، بما أنكم وافقتم على إرجاء أخذ الرأي على المادة ١٣٤ لإعادة صياغتها ، فقد قدم إلى طلب من عدد من السادة الأعضاء ومؤيد من الحكومة بإعادة المناقشة في المادتين ١٣٢و ١٣٣ اللتين سبق أن وافق عليهما المجلس وإرجاء أخذ الرأي عليها إلى جلسة قادمة وذلك للارتباط بين المواد الثلاث : ١٣٢ و ١٣٣ و ١٣٤ لحين إعادة صياغتها من جديد ، فهل توافقون حضراتكم على هذا الاقتراح ؟

(موافقة)

رئيس المجلس : إذن ، يرجأ أخذ الرأي على المادتين : ١٣٢ ، ١٣٣ بالإضافة إلى المادة ١٣٤ .

أعيد نظرها : (2)

رئيس المجلس : ليتفضل السيد المقرر بتلاوة النص المقترح للمادة ١٣٤ لأخذ الرأي عليه .

المقرر : " مادة ١٣٤ : تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من: ١ - ١% من صافى أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون والتي يزيد عدد العاملين بها عن عشرة عمال . ٢ - ما تخصصه له الدولة من موارد . ٣ - الإعانات والتبرعات والهبات التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية للصندوق . ٤ - عائد استثمار أموال الصندوق ، طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية للصندوق . ويكون للصندوق حساب خاص لدى أحد البنوك التجارية المعتمدة لدى البنك المركزي وترحل أمواله من سنة مالية إلى أخرى . ويعد الصندوق سنويا القوائم الدالة على المركز المالي وتخضع أمواله لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات".

رئيس المجلس : ليتفضل السيد وزير القوى العاملة والهجرة .

السيد وزير القوى العاملة الهجرة : سيادة الرئيس ، إعادة الصياغة في الحقيقة تمت بمشاركة السيدة الدكتورة آمال عثمان ، لكن في الحقيقة نحن هنا تجاهلنا أو ألغينا المواد ١٣٤ الخاصة بالمجالس المحلية للتنمية البشرية فكان من اللازم أن تدخل الصياغة الجديدة مع المادة ١٣٤ .

المقرر : والفروع في المحافظات .

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان : بالنسبة للمحافظات ، القرار الجمهوري هو الذي ينظمها لأن هذا مجلس أعلى ، والقرار الجمهوري الصادر بإنشاء المجلس الأعلى الحالي ينظم إنشاءه ، وإنشاء هذه الفروع .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة : وكذلك اللجنة التنفيذية .

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان : كله في القرار الجمهوري .

السيد وزير القوى العاملة والهجرة : إذن ، نوافق يا سيادة الرئيس .

رئيس المجلس : قرار رئيس الوزراء ؟.

السيد وزير القوى العاملة والهجرة : لا ، قرار السيد رئيس الجمهورية .

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان : المادتان ١٣٣ ، ١٣٤ الحاليتان موجودتان في القرار الجمهوري ، فالنصوص التي طرحها السيد الوزير والخاصة بالصندوق تحل محل المادتين .

رئيس المجلس : إذن ما دامت تحل محلهما ، تبقى كما هي .

السيدة العضو الدكتورة آمال عثمان : كما هي يا سيادة الرئيس .

رئيس المجلس : والآن ، هل لأحد من حضراتكم ملاحظات أخرى ؟.

)لم تبد ملاحظات(

إذن ، الموافق من حضراتكم على نص المادة ١٣٤ -معدلة - يتفضل برفع يده .

(موافقة)

 

التطبيقات القضائية :


--- 1 ---

استظهرت الجمعية العمومية أن المشرع بعد أن قرر في المادة (48) من قانون شركات قطاع الأعمال العام المشار إليه، سريان الأحكام الواردة بقانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، والمقابلة للأحكام التي كان يتضمنها كل من الفصل الثالث من الباب الرابع، والباب الخامس من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981[الملغى]، على العاملين بشركات قطاع الأعمال العام، جعل مناط سريان باقى أحكام ذلك القانون على العاملين بهذه الشركات، خلو قانون قطاع الأعمال العام واللوائح الصادرة تنفيذاً له من تنظيم أو نص حاكم، فإذا وجد هذا التنظيم أو النص فإنه يحجب ما يقابله من أحكام يتضمنها قانون العمل.

ولما كانت لائحة العاملين بشركة ممفيس للأدوية والصناعات الكيماوية، المعروض حالتها، كإحدى شركات قطاع الأعمال العام، تندرج في عداد اللوائح الصادرة تنفيذاً لقانون شركات قطاع الأعمال العام، التزاماً بالوصف الذى أطلقه المشرع في هذا القانون على هذه اللوائح، بحسبانها توضع إعمالاً للمادة (42) منه. وكانت هذه اللائحة قد تضمنت تنظيماً لتدريب العاملين بها، وتنمية مهاراتهم لأداء واجباتهم، فإن هذا التنظيم يحجب سريان أحكام قانون العمل المقابلة على العاملين بتلك الشركة، ومن ذلك، حكم المادة (134/1) منه، التي تقرر أداء نسبة 1% من صافى أرباح الشركة لصندوق تمويل التدريب والتأهيل، مما لاوجه معه لإلزام هذه الشركة بأداء هذه النسبة.

كما استندت الجمعية العمومية في فتواها آنفة الذكر، إلى ما هو مقرر من أن إلغاء التشريع قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياًً، ويتحقق الإلغاء الصريح بوجود نص في التشريع اللاحق يقضى صراحة بإلغاء العمل بالتشريع السابق، أما الإلغاء الضمنى للقاعدة القانونية فله صورتان: أولاهما، صدور قانون جديد ينظم الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده التشريع السابق. وثانيتهما، وجود حكم مخالف بالتشريع اللاحق لحكم في التشريع السابق بحيث لا يمكن التوفيق بينهما إلا بإلغاء أحدهما، وعندئذ يعتبر اللاحق ناسخاً والسابق منسوخاً، غير أنه يشترط في هذه الصورة من صور الإلغاء الضمنى أن يكون الحكمان المتعارضان من طبيعة واحدة من حيث العموم أو الخصوصية، فإذا كان الحكم السابق عاماً والحكم اللاحق خاصاً، حينئذ يعتبر اللاحق ناسخاً للحكم السابق عليه.

وبناء عليه، وباعتبار أن أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أحكام عامة تنظم علاقات العمل بين عموم المنشآت القائمة في مصر، في الحدود المبينة به والعاملين بهذه المنشآت، في حين أن أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، والذى تلتزم به البنوك العاملة في مصر، ومن بينها البنك التجارى الدولى المعروض حالته، أحكام خاصة، صدرت لاحقة على سريان قانون العمل، لتنظيم شأن بعض من المنشآت التي يسرى عليها هذا القانون. الأمر الذى تكون معه أحكام قانون العمل، صارت مقيدة بما ينص عليه قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد آنف البيان. وإذ قرر المشرع بهذا القانون، إنشاء معهد مصرفى للتدريب ولتنمية المهارات في الأعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسل الأموال للعاملين بالبنك المركزى والبنوك والجهات العاملة في هذه المجالات، وذلك لترسيخ قواعد العمل المصرفى. وجعل من بين موارد هذا المعهد المبالغ التي تؤديها البنوك والجهات المختلفة مقابل تدريب العاملين بها، كما قرر إنشاء صندوق لتحديث العمل ببنوك القطاع العام وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية، والذى من بين موارده نسبة لا تزيد على 5% من صافى الأرباح السنوية القابلة للتوزيع لبنوك القطاع العام،ومن ثم فإن هذه الأحكام فيما يتعلق بعمليات التدريب المهنى، تكون هى الواجبة التطبيق في هذا المجال على البنك التجارى الدولى، دون غيرها من أحكام قانون العمل، مما لا مجال معه لإلزام ذلك البنك بأداء النسبة المنصوص عليها في المادة (134/1) من هذا القانون.

ولما كان ما تقدم، وكانت فتوى الجمعية العمومية محل طلب إعادة العرض، والحالة هذه، صدرت قائمة على صحيح سندها قانوناً، طبقاً لما سبق بيانه، وأنها لم تتخذ من طبيعة الفريضة المالية المنصوص عليها في المادة (134/1) من قانون العمل سنداً لها، كما أنها لم تعلق في أسبابها سريان أحكام المادتين (133) و( 134) من قانون العمل المشار إليه على إرادة الشركة بما تضعه من نظام للتدريب، وإنما أقامت إفتاءها في هذا الشأن على أساس مغاير، يتمثل، طبقاً لما تقدم، في أن سريان الأحكام الواردة بهذا القانون، المقابلة للأحكام التي كان ينتظمها كل من الفصل الثالث من الباب الرابع، والباب الخامس من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981[الملغى]، ومن ذلك حكم المادة (134/1)، رهين بخلو قانون شركات قطاع الاعمال العام واللوائح الصادرة تنفيذاً له من نص حاكم للتدريب، الأمر غير الحاصل في الشركة المعروض حالتها. وباعتبار أن سند الرأى بالنسبة إلى البنك المعروض حالته، هو وجود تنظيم قانونى خاص يسرى على البنك، يقيد التنظيم العام الذى يسرى على عموم المنشآت والشركات، وليس مرد الأمر إلى نص لائحة العاملين بالبنك، وكان من المستقر عليه قانوناً أن النص الخاص اللاحق يقيد النص العام السابق.

وبناء عليه، وبالنظر إلى أن كتاب طلب إعادة العرض سالف الذكر لم يأت بجديد، حيث سبق عرض باقى الاعتبارات التي ساقها على الجمعية العمومية لدى إصدارها فتواها آنفة البيان.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم التزام كل من شركة ممفيس للأدوية والصناعات الكيماوية، والبنك التجارى الدولى، بأداء النسبة المنصوص عليها بالمادة (134/1) من قانون العمل المشار إليه، وذلك تأكيداً لما سبق أن خلصت إليه الجمعية العمومية في هذا الشأن.

(فتوى رقم 190، في 12/ 3/ 2007، ملف رقم 239/1/47)

[جمهورية مصر العربية - الفتوى رقم 190 - سنة الفتوى 61 - تاريخ الجلسة 21 / 02 / 2007 - تاريخ الفتوى 12 / 03 / 2007 - رقم الملف 239/1/47 - رقم الصفحة 268]

 

 --- 1 ---

 استظهرت الجمعية العمومية أن النسبة المنصوص عليها في البند (1) من المادة (134) من قانون العمل، الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، بحسب التنظيم المقرر لها، لا تعدو أن تكون إما ضريبة لا يرتبط تحصيلها جبراً بمنفعة معينة تعود على المتحمل بعبئها، بالنظر إلى انتفاء التلازم الحتمى بين أداء مبلغ هذه النسبة وبين استفادة المنشأة من الخدمة التي يقدمها ذلك الصندوق، وآية ذلك أن الخدمة التي يضطلع بها الصندوق، طبقا لما سبق بيانه، لا تعدو أن تكون خدمة عامة، لا تقتصر الاستفادة منها على المنشآت التي تؤدى تلك النسبة فحسب، وإنما تستفيد منها كافة المنشآت الخاضعة لقانون العمل، بما في ذلك المنشآت غير المخاطبة بحكم المادة (134/1) لأن عدد العمال بها أقل من عشرة عمال، والمنشآت التي لا تحقق ربحا، هذا فضلا عن أن عدم اتخاذ عدد العمال في كل منشأة أساسا لتحديد مبلغ هذه النسبة، وحسابه على أساس صافى الربح، من شأنه أن يخلق في حالة بعينها تفاوتاً بين عدد العمال في المنشأة والمبلغ الذى يتم أداؤه مقارنة بالمبلغ الذى تؤديه منشأة أخرى، وذلك في حالة إذا ما حققت المنشأة الأقل عددا في عمالها صافى ربح أكثر من منشأة عدد عمالها أكبر . أو أن تكون تلك النسبة رسماً، طبقاً لما سبق أن خلصت إليه الجمعية العمومية في إفتاء سابق لها في هذا الشأن، بركيزة من أنها تفرض بمناسبة أداء خدمة عامة، تتولاها إحدى الجهات التابعة لإحدى وزارات الدولة، تتمثل فيما يقرره صندوق تمويل التدريب والتأهيل من تعيين لشروط وقواعد برامج التدريب المهنى الدراسية والنظرية، وعدد تلك البرامج ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر بناء عليها .

       وترتيبا على ذلك،فإن المشروعات المقامة في المناطق الحرة، ومن بينها شركة (هيبى أورسا) لانتاج المستلزمات الطبية، والأرباح التي توزعها لا تخضع لحكم المادة (134/1) سالفة الذكر، سواء جرى اعتبار النسبة المنصوص عليها بها ضريبة أو جرى اعتبارها رسما، إعمالاً لصريح المادة (35) قانون ضمانات وحوافز الاستثمار سالف الذكر مما يمتنع معه قانوناً، مطالبة هذه الشركة بقيمة هذه النسبة من صافى الأرباح التي تحققها.

 

 لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم جواز استئداء النسبة المنصوص عليها في المادة (134/1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 من الشركة المعروضة حالتها.

(فتوى رقم 930، في 23/ 11/ 2006، ملف رقم 138/1/58)

 [جمهورية مصر العربية - الفتوى رقم 930 - سنة الفتوى 61 - تاريخ الجلسة 15 / 11 / 2006 - تاريخ الفتوى 23 / 11 / 2006 - رقم الملف 138/1/58 - رقم الصفحة 100]

 

--- 1 ---

 مجلس الدولة             رقم التبليغ : 

ملف رقم :   47   /      1     /      240

السيد الفريق / وزير الطيران المدنى

 

 تحية طيبة وبعد

 

 فقد اطلعنا على كتابكم رقم [ 5543 ] المؤرخ 26/9/2004 في شأن مدى التزام الشركات التابعة للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية والشركة القابضة لمصر للطيران بأداء نسبة 1% من صافى أرباحها إلى صندوق تمويل التدريب والتأهيل بوزارة القوى العاملة والهجرة.

 

 وحاصل الوقائع _ حسبما يبين من الأوراق _ انه بتاريخ 10/4/2004 ورد إلى الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية كتاب وزير القوى العاملة والهجرة ورئيس مجلس إدارة صندوق تمويل التدريب والتأهيل بطلب إلزام الشركات التابعة للشركة القابضة بأداء 1% من صافى أرباحها السنوية الظاهرة بأخر موازنة معتمدة للصندوق، على أن يتم السداد بموجب شيك بأسم الصندوق مرفقاً به صورة من الميزانية المعتمدة، وأسست وزارة القوى العاملة مطالبتها على سند من أن المادتين رقمى (133و134) من قانون العمل الموحد الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قررتا إنشاء صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الاعتبارية، ومن ضمن ما تنطوى عليه موارده نسبة 1% من صافى أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون التي يزيد عدد عمالها على عشرة عمال، وانه لما كانت الشركات المذكورة قد أضحت من شركات قطاع الأعمال العام فمن ثم تصير مخاطبة بأحكام قانون العمل بإعتباره الشريعة العامة للعاملين بتلك الشركات فيما لم يرد به نص بلوائح العاملين لديها، حال ترى كل من الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية والشركة القابضة لمصر للطيران عدم التزام الشركات التابعة لها بسداد تلك المبالغ، في ضوء عدم سريان قانون العمل على تلك الشركات إلا فيما لم يرد في شأنه نص خاص، إذ لا يعدو تطبيقه إلا أن يكون مجرد إستعارة لبعض أحكامه ولا تعنى الخضوع الكامل لاحكامه، وقد صدرت لوائح نظم العاملين متضمنة لوائح التدريب بهذه الشركات، فمن ثم لا تكون تلك الشركات مخاطبة بقانون العمل الموحد في هذه الجزئية، وإزاء الخلاف في الرأى فقد طلبتم إستطلاع الرأى من الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

 

 ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 21 من يونية سنة 2006م الموافق 25 من جمادى الأولى سنة 1427هـ، فتبين لها أن القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام ينص في مادته الأولى على أن " يعمل في شأن قطاع الأعمال العام بأحكام القانون المرافق، ويقصد بهذا القطاع الشركات القابضة والشركات التابعة لها الخاضعة لاحكام هذا القانون .............. " ونص في مادته الرابعة على أن "ينقل العاملون بكل من هيئات القطاع العام وشركاته الموجودون بالخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون الى الشركات القابضة أو الشركات التابعة لها بذات أوضاعهم الوظيفية وأجورهم وبدلاتهم وأجازاتهم ومزاياهم النقدية والعينية والتعويضات 0وتستمر معاملة هؤلاء العاملين بجميع الانظمة والقواعد التي تنظم شئونهم الوظيفية وذلك إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بالشركات المنقولين إليها طبقا لأحكام القانون المرافق خلال سنة من التاريخ المذكور...." وتنص المادة (42) من هذا القانون على أن " تضع الشركة بالاشتراك مع النقابة العامة المختصة اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بها، وتتضمن هذه اللوائح على الأخص نظام الأجور والعلاوات والبدلات والأجازات طبقاً للتنظيم الخاص بكل شركة، وتعتمد هذه اللوائح من الوزير المختص .............. " وتنص المادة (48) من ذات القانون على أنه " .............. كما تسرى أحكام قانون العمل على العاملين بالشركة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذاً له " كما تبين للجمعية أن المادة (5) من قانون العمل الموحد الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 تنص على أن "يقع باطلاً كل شرط أو اتفاق يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقاً على العمل به، إذا كان يتضمن انتقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه ويستمر العمل بأية مزايا أو شروط أفضل

تكون مقررة أو تقرر في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح المنشأة، أو بمقتضى العرف .............. " وأن المادة (133) منه تنص على أن " ينشأ صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الإعتبارية العامة، يتبع الوزير المختص، وذلك لتمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات سوق العمل المحلى والخاص. ويختص الصندوق بوضع الشروط والقواعد التي تتبع لبرامج ومدد التدريب المهنى الدراسية والنظرية، ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر في هذا الشأن. ويصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة الوزير المختص يحدد نظام العمل به وفروعه في المحافظات ولائحته التنفيذية ونظام تحصيل موارده والنظام المحاسبى الواجب إتباعه ونظام الرقابة على أمواله " وتنص المادة (134) منه على أن " تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من :_ 1- 1% من صافى ارباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون والتى يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال. 2- .............. " وتنص المادة (152) من القانون آنف الذكر على أن " اتفاقية العمل الجماعية هى اتفاق ينظم شروط وظروف العمل وأحكام التشغيل، ويبرم بين منظمة أو اكثر من المنظمات النقابية العمالية وبين صاحب عمل أو مجموعة من أصحاب الأعمال ............" وتنص المادة (154) منه على أنه " يقع باطلاً كل حكم يرد في الاتفاقية الجماعية يكون مخالفاً لأحكام القانون أو النظام العام أو الآداب العامة .............."

 

 واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم ـ وعلى ما جرى به إفتاؤها ـ أنه بصدور القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام، فقد حلت الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام وحلت الشركات التابعة محل شركات القطاع العام التي تشرف عليها تلك الهيئات على نحو صارت معه شركات قطاع الأعمال العام بنوعيها خلفاً لهيئات القطاع العام وشركاته . وأن المشرع قرر نقل العاملين بهذه الهيئات والشركات إلى الشركات القابضة والتابعة بذات أوضاعهم الوظيفية وأجورهم وبدلاتهم وأجازاتهم ومزاياهم بكافة أشكالها المختلفة مع تطبيق الأنظمة الوظيفية التي تحكمهم إلى أن تصدر هذه الشركات لوائحها الخاصة، وبعدها يمتنع تطبيق الأنظمة الوظيفية المشار إليها، وأحال المشرع في شأن ما لم يرد به نص خاص في القانون المذكور أو في اللوائح الصادرة تنفيذاً له ـ مع مراعاة أن المقصود باللوائح التنفيذية عموماً هى تلك اللوائح ذات الطبيعة التشريعية ـ إلى أحكام قانون العمل الذي عُنى بتنظيم الروابط الناشئة عن عقد العمل سواء كان هذا العقد فردياً أم جماعياً باعتبارها من روابط القانون الخاص المعتمدة على التوافق الإرادي بين طرفيها بحسبان أن العقد شريعة المتعاقدين، وهو ما يفرق بين هذه الروابط والعلاقات الوظيفية التي تنشأ في إطار القانون العام وتنبني على أساس الصبغة اللائحية بما لها من صفة تشريعية.

 كما استظهرت الجمعية العمومية من ناحية أخرى إنه بموجب القانون رقم 203 لسنة 1991 أضحت شركات قطاع الأعمال العام من أشخاص القانون الخاص شأنها في ذلك شأن شركات المساهمة المملوكة للأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وتنبسط عليها ذات الأنظمة القانونية الحاكمة لهذه الشركات، وأن مفاد ما نصت عليه المادة (42) من هذا القانون من قيام الشركة بالاشتراك مع النقابة العامة المختصة بوضع اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بها، أن هذه اللوائح وما تحويه من أحكام تعد بمثابة اتفاق بين الشركة باعتبارها صاحب العمل وبين النقابة باعتبارها ممثلة للعمال لتنظيم شروط العمل وظروفه، وتندرج من ثم في عداد عقود العمل الجماعية التي تسرى عليها أحكام قانون العمل، ولا ينفى عنها هذا الوصف كونها منظمة تنظيماً لائحياً إذ يظل التوافق الإرادي بين طرفيها هو الأساس الذى تقوم عليه واعتماد الوزير المختص لها لا يغير من طبيعتها القانونية 0

 ويستفاد من ذلك، أنه ولئن كان المشرع في القانون رقم 203 لسنة1991 قد اختص الشركات الخاضعة له بالاشتراك مع النقابة العامة المختصة بوضع اللوائح المتعلقة بالعاملين بها إلا أنه لم يستبعد أحكام قانون العمل من التطبيق في الوقت الذى استبعد فيه أحكام قوانين القطاع العام،كما أن قانون العمل الحالى لم يستبعد العاملين بهذه الشركات من الخضوع لأحكامه رغم استبعاده العاملين المدنيين بالدولة 0 بل صرح بأنه القانون العام الذى يحكم علاقات العمل جميعها عدا من استبعدهم من أحكامه فيسرى على العاملين بشركات قطاع الأعمال العام، ومن جهة

أخرى فإن تلك اللوائح _ كما سلف _ تندرج في عداد اتفاقات العمل الجماعية المنصوص عليها في الباب الثالث من قانون العمل الحالى رقم 12 لسنة 2003 فلا يجوز أن تتضمن ما ينقص من الحقوق التي قررها وإلا كانت باطلة طبقا للمادة (154) من هذا القانون .

 وإستظهرت الجمعية العمومية من استعراض فلسفة التشريع الضابطة لقانون العمل الحالى، أن هذا القانون وإن كان يمثل الإطار الكلي العام الذي تنضبط على هداه العلاقات كافة التي تجمع العمال بأرباب العمل، فهو بحسب الأصل مقرر لضمان مصالح العمال التي تعد الطرف الأضعف في اتفاقات العمل كافة. ومن ثم فقواعده الآمرة وفق هذا الفهم ملزمة للأطراف في حدود توفيرها المصلحة الأفضل للعامل، فإذا ما كان ثمة قاعدة مصدرها اتفاق أو عرف -أو غيرهما- تقرر وضعاً أفضل لمصالح العامل أو تقرر له مزايا لا توفرها القاعدة التشريعية المقررة في قانون العمل الحالى، وجب الانصراف -في هذه الجزئية تحديداً- عن تشريع العمل إلى غيره من اتفاقات أو أعراف بما توفره من وضع أفضل للعامل. وهذا الفهم أفصحت عنه المادة (5) من قانون العمل الحالى آنفة الذكر، فيما قررته من بطلانٍ للشروط أو الاتفاقات التي تخالف أحكام هذا القانون إذا ما انطوت على انتقاص لما هو مقرر به للعامل، وفي الوقت ذاته أكدت تلك المادة صحة كل اتفاق أو شرط يوفر للعامل مزايا أو شروطاً أفضل لا يوفرها القانون ذاته. مما يفيد عدم لزوم حكم قانون العمل في كل حال يتحقق بها وضع أفضل للعامل مما يحققه التشريع في تلك الجزئية.

 واستبان للجمعية العمومية أن قانون العمل الحالى قد أنشأ صندوق تمويل التدريب والتأهيل، الذي يقوم على تمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات السوق المحلي والخاص، ويختص بوضع الشروط والقواعد التي تتبع لبرامج ومدد التدريب المهني الدراسية والنظرية ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر في هذا الشأن، حيث قرر القانون من ضمن موارده نسبة 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة له التي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال.

 وقد خلصت الجمعية العمومية من جملة المستقر عليه ضريبياً، فقهاً وقضاءً وإفتاءً، أن موارد الدومين المالي العام للدولة الممثلة في الضرائب والرسوم ومقابل الخدمات والإتاوات، التي تتولاها إحدى سلطات الدولة العامة كلما توافر مناط استحقاقها، تبقى وإن تشابهت في طرق التحصيل الفروق بينها جلية سواء من وجهات عناصر التكوين أم من وجهات النظم القانونية الحاكمة لكل منها، إذ يظل لكل من هذه الموارد الأربعة قواعده القانونية التي تحكم أسس فرضه ومناط استحقاقه ووقائع نشأته وأوعيته وأسعاره وطرق التصرف فيه. فإذا كانت الضرائب مما تفرضه الدولة جبراً على جميع المواطنين الذين يتحقق في شأنهم مناط استحقاقها أي شروط الخضوع لها، دون أن يكون ثمة خدمة ما قد أدتها الدولة لأولئك الخاضعين لقاء ما يسددونه من ضرائب. فإن الرسم هو مبلغ تتقاضاه الدولة جبراً لقاء ما تكون قد أدته فعلاً أي من مرافقها العامة من خدمات عامة لمؤدي الرسم، حال كون مقابل الخدمة هو الثمن الذي يؤدى لقاء خدمات أو منتجات تؤديها أي من مرافق الدولة الاقتصادية صناعية أم تجارية أم زراعية. الأمر الذي تستبين معه الطبيعة القانونية لما تؤديه المنشآت الخاضعة لقانون العمل لكل من هذين الصندوقين المعنيين، بحسبانها رسوماً كونها مما يفرض بمناسبة أداء خدمة عامة تتولاها إحدى الجهات التابعة لإحدى وزارات الدولة، تتمثل فيما يقرره صندوق تمويل التدريب والتأهيل من تعيين شروط وقواعد برامج التدريب المهني الدراسية والنظرية ومدد تلك البرامج ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر بناء عليها، وهى من الخدمات العامة لا الاقتصادية، كما لا يبين أن ثمة تناسباً في قيمة المبالغ المالية المؤداة وقدر الخدمات التي يؤديها. فإذا كان ذلك كذلك تغدو مفاهيم الرسوم منسحبة على هذه المبالغ المؤداة إلى هذا الصندوق، مما يستوجب معه لزوماً أن تكون ثمة خدمة فعلية يؤديها مقابلاً لتحصيل تلك المبالغ من أية منشأة تخضع لهذا الفرض المالي. أي أن أداء المنشأة للمبالغ المشار إليها، يستلزم وجوباً أن تكون ثمة خدمة فعلية أداها الصندوق حقاً لقاء ما يحصله من مبالغ. والقول بغير ذلك معناه أن تلك المبالغ تصير ضرائب تستحق سنوياً على كل المنشآت الخاضعة لقانون العمل، وهو ما لا يستساغ منطقاً أو قانوناً؛ إذ يترتب على عدم اعتبار نسبة ال1% من صافي الأرباح التي تحصل لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل رسماً، أن تصير ضريبة على الربح، الأمر الذى يدحضه منطق القانون الضريبي، لكون الأرباح مما تخضع لضريبة مستقلة تسمى "الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية"، فضلاً عن أن المستقر في خصوص التحصيلات الضريبية أن مآلها الخزانة العامة للدولة مباشرة لا الحسابات الخاصة، ويضاف إلى كل هذا أن مقصد المشرع المستجلى من نصوص قانون العمل الموحد ينصرف بعيداً بالكلية عن اعتبار هذه التحصيلات ضرائب.

ومن حيث أنه متى كان ما تقدم وكان الثابت أن الشركات التابعة للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية والشركة القابضة لمصر للطيران قامت في ضوء أحكام قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 بإعادة هيكلة كاملة لكافة القطاعات التي كانت قائمة من

قبل، وعليه فقد صدرت من مجالس إدارات هذه الشركات جميعها وبعد إعادة الهيكلة المذكورة _ لوائح للعاملين في أغلب تلك الشركات _ وكذا نظم وبرامج التدريب للعاملين لديها، تناولت من ضمن ما تناولته تنظيماً دقيقاً متكاملاً لشئون التدريب والتأهيل.

ومن حيث أنه لما كان ما تقدم وإذ كان مفاد المادة (5) من قانون العمل الموحد آنفة الذكر، امكان تضمين لوائح ونظم العاملين بالمنشآت الخاضعة له قواعد وشروط تفارق ما يقرره قانون العمل، ما دامت تقرر وضعاً أفضل للعامل أو تقرر له مزايا لا توفرها أحكام قانون العمل، وإذ ثبت من برامج وخطط التدريب المرفقة بالأوراق أنها تقرر تنظيماً متكاملاً في نطاق التدريب والتأهيل تقوم بها الشركات التابعة للشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، وكذا الشركة القابضة لمصر للطيران، سواء من وجهة برامج وخطط التدريب والتأهيل ام من وجهة اللجان القائمة على التدريب أم من وجهة المتدربين، مروراً بشئون المدربين والمشرفين والأعمال المساعدة، وإنتهاء بشئون المتابعة وتقييم التدريب وأحوال البعثات التدريبية للخارج، فمن ثم تغدو النظم والبرامج المضمنة بلوائح العاملين بتلك الشركات جميعها، بمجالات التدريب والتأهيل توفر وضعاً افضل للعامل يجاوز ما يوفره قانون العمل الموحد في هذا الخصوص، وعليه تضحى في حالة إستغناء مناطه أن العامل بهذه الشركات لم يعد في حاجة إلى تلك النظم المقررة بقانون العمل في هذا الخصوص، والتى بدورها ما عادت توفر لمصالحه الفائدة القصوى المطلوبة، الأمر الذى من آثاره أن تنحسر الأحكام الواردة بمواد قانون العمل الخاصة بتقرير الأمور الخاصة بالتدريب والتأهيل من خلال الصندوق المعنى، عن الأحوال الماثلة، أنحساراً دلالته إستغناء العامل عن هذا الصندوق، واثره عدم ملزومية ما يفرضه من مبالغ واجبة الأداء في حق الشركة، بحسبان أن تلك المبالغ _ والتى تمثل نسبة 1% من صافى أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام قانون العمل التي تحصل لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل _ هى رسوم تستأدى لقاء الخدمات التي يقدمها الصندوق للعاملين بالمنشأة، وعليه فإذ لم يعد لهذا الصندوق وضع في تقديم خدماته للعاملين بالشركات المذكورة، كون الأخيرة قد تولت بنفسها الأضطلاع بهذا المهام، فمن ثم لا يكون من وجه لاستمرار إلزام تلك الشركات باداء هذه المبالغ، فالأخيرة رسوم والرسم لا يستحق إلا لقاء خدمة تؤدى، فأما ولم تعد تلك الخدمة تؤدى، فلا يجوز الإلزام بها، وإلا إستحالت طبيعة تلك المبالغ من رسوم إلى ضرائب، وهو ما لم يقل به أحد البتة، ويتناقض كلياً والأصول الدستورية للتشريعات الضريبية على النحو الذى ينهار بالأحكام المقررة لهذه المبالغ إلى حومة عدم الدستورية.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم التزام الشركات التابعة للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية والشركة القابضة لمصر للطيران والشركات التابعة لها بأداء نسبة 1% من صافى ارباحها إلى صندوق تمويل التدريب والتأهيل التابع لوزارة القوة العامة والهجرة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريراً في / / 2006

       رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

المستشار / جمال السيد دحروج

النائب الأول لرئيس مجلس الدولة

[جمهورية مصر العربية - الفتوى رقم 0 - سنة الفتوى 60 - تاريخ الجلسة 21 / 06 / 2006 - تاريخ الفتوى 21 / 06 / 2006 - رقم الملف 240/1/47 - رقم الصفحة 0]

 


--- 1 ---

 مجلس الدولة             رقم التبليغ : 

ملف رقم :   16   /      2     /      111

السيد الدكتور / محافظ البنك المركزى

 

 تحية طيبة وبعد

فقد اطلعنا على كتابكم رقم [236 ] المؤرخ 11/4/2005 بشأن النزاع القائم بين البنك المركزى المصرى ووزارة القوى العاملة حول مدى التزام البنوك بسداد نسبة 1% من صافى ارباحها المحققة سنوياً لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل بوزارة القوى العاملة والهجرة، إعمالاً لحكم المادتين رقمى 133،134 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003.

 

 وحاصل الوقائع _ حسبما يبين من الأوراق _ أن مديريات القوى العاملة ومكاتب العمل قامت بمطالبة البنوك بسداد نسبة 1% من صافى أرباحها المحققة سنوياً _ الظاهرة بأخر ميزانية معتمدة _ لصندوق تمويل التدريب والتأهيل بوزارة القوى العاملة والهجرة وذلك على سند من أن المادتين رقمى (133 و134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قررتا إنشاء صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الاعتبارية، ومن ضمن ما تنطوى عليه موارده نسبة 1% من صافى أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون التي يزيد عدد عمالها عن عشرة عمال. وقد اعترضت البنوك على ذلك، على أساس أن المشرع رعاية منه لتنمية مهارات العاملين بالبنوك على أعلى مستوى محلى وعالمى افرد تنظيماً خاصاً بقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 نظم فيه بالنسبة للبنوك على وجه العموم إنشاء معهد مصرفى يتبع البنك المركزى وتكون له شخصية إعتبارية وميزانية مستقلة ويختص بالعمل على تنمية المهارات في الأعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسل الأموال للعاملين بالبنك المركزى والبنوك بهدف مسايرة التطور العالمى وترسيخ قواعد العمل المهنى السليم. وتتكون موارد المعهد من المبالغ التي تؤديها البنوك والتى يصدر بتحديدها قرار من مجلس إدارة البنك المركزى بناءً على إقتراح مجلس إدارة المعهد تطبيقاً للمواد أرقام (45 و46 و47 و48) من القانون المذكور. فضلاً عن ذلك فقد أنشأ المشرع بمقتضى المادة (96) من ذات القانون صندوق لتحديث أنظمة العمل في بنوك القطاع العام وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية وتتكون أهم موارده من نسبة لا تزيد على 5% من صافى الأرباح السنوية القابلة للتوزيع لبنوك القطاع العام، وأضافت البنوك في أسباب إعتراضها على مطالبة وزارة القوى العاملة سالفة الذكر ان قانون العمل هو القانون العام المنظم لعلاقات العمل التعاقدية وأحكامه تتقيد بما ورد بقانون البنوك بإعتباره قانون خاص وذلك إستناداً إلى أن النص الخاص يقيد النص العام ولا يلغيه، وأن قانون العمل تشريع سابق عام وقانون البنوك تشريع لاحق خاص وعند التعارض يعتبر التشريع اللاحق استثناء من حكمه وذلك بالنسبة للمخاطبين به، ومن ثم فلا تكون البنوك مخاطبة بقانون العمل الموحد خاصة في تلك الجزئية المتعلقة بهذا الصندوق. وإزاء إصرار كل من وزارة القوى العاملة والهجرة والبنوك على رأيه فقد طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية

ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 7 من يونية سنة 2006م الموافق 11 من جمادى الأول سنة 1427هـ فتبين لها أن قانون العمل الموحد الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ينص في المادة (3) منه على أن " يعتبر هذا القانون، القانون العام الذى يحكم علاقات العمل، وذلك مع مراعاة إتفاقيات العمل الجماعية وأحكام المادة (5) من هذا القانون " وتنص المادة (5) منه على أن " يقع باطلاً كل شرط أو إتفاق يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقاً على العمل به، إذا كان يتضمن إنتقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه. ويستمر العمل بأية مزايا أو شروط أفضل تكون مقررة أو تقرر في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح المنشأة أو بمقتضى العرف. وتقع باطلة كل مصالحة تتضمن إنتقاصاً أو إبراءً من حقوق العامل الناشئة عن عقد العمل خلال مدة سريانه أو خلال ثلاثة اشهر من تاريخ انتهائه متى كانت تخالف أحكام هذا القانون " وفى المادة (133) منه على أن " ينشأ صندوق لتمويل التدريب والتأهيل

تكون له الشخصية الإعتبارية العامة، يتبع الوزير المختص، وذلك لتمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات سوق العمل المحلى والخاص. ويختص الصندوق بوضع الشروط والقواعد التي تتبع لبرامج ومدد التدريب المهنى الدراسية والنظرية، ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر في هذا الشأن. ويصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة الوزير المختص يحدد نظام العمل به وفروعه في المحافظات ولائحته التنفيذية ونظام تحصيل موارده والنظام المحاسبى الواجب إتباعه ونظام الرقابة على أمواله " وفى المادة (134) منه على أن " تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من :_ 1- 1% من صافى ارباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون والتى يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال. 2- ............." وفى المادة (135) من ذات القانون على أن " لا يجوز لأية جهة مزاولة عمليات التدريب المهنى إلا إذا كانت متخذة شكل شركة من شركات المساهمة أو التوصية بالأسهم أو الشركات ذات المسئولية المحدودة .............ويستثنى من أحكام الفقرة السابقة :_ 1- .............2- .............3- .............4- المنشآت التي تتولى تدريب عمالها " وفى المادة (136) منه على أن " يشترط لمزاولة عمليات التدريب المهنى الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة المختصة بإستثناء الجهات المنصوص عليها في المواد [ 2 و3 و4 ] من الفقرة الثانية من المادة السابقة ............." كما تبين لها أن قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 تنص المادة (1) منه على أن " البنك المركزى شخص اعتبارى عام، يتبع رئيس الجمهورية ويصدر بنظامه الأساسى قرار من رئيس الجمهورية " وتنص المادة (45) منه على أن " ينشأ المعهد المصرفى ويتبع البنك المركزى وتكون له شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة، ويكون مقره مدينة القاهرة، ويختص بالعمل على تنمية المهارات في الأعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسل الأموال للعاملين بالبنك المركزى والبنوك والجهات العاملة في هذه المجالات بهدف مسايرة التطور العالمى وترسيخ قواعد العمل المهنى السليم. ويجوز للمعهد الإستعانة بالخبرات العالمية في دعم قدراته، كما يجوز له ايفاد بعثات للخارج للتعرف على المستحدثات في مجال نشاطه، وعلى مركز إعداد وتدريب العاملين بالجهاز المصرفى توفيق اوضاعه وفقاً للفقرة الأولى من هذه المادة " وتنص المادة (48) من ذات القانون على أن " تتكون موارد المعهد من [ ا] الإعتمادات التي يخصصها له البنك المركزى [ ب ] الإعانات التي ترد إلى المعهد من الجهات المختلفة، ويقرر مجلس إدارة البنك المركزى قبولها [ ج ] المبالغ التي تؤديها البنوك والجهات المختلفة مقابل تدريب العاملين بها. [ د ] اية موارد أخرى مقابل خدمات يؤديها المعهد للغير. ويصدر بتحديد المقابل المنصوص عليه في البندين [ ج،د ] قرار من مجلس إدارة البنك المركزى بناء على إقتراح مجلس إدارة المعهد " وتنص المادة (96) من ذات القانون على أن " ينشأ صندوق لتحديث أنظمة العمل في بنوك القطاع العام، وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية، وتتكون موارد هذا الصندوق من :_ [ ا] نسبة لا تزيد على 5% من صافى الأرباح السنوية القابلة للتوزيع لبنوك القطاع العام. [ ب ] مساهمات البنوك التي تستفيد من خدمات الصندوق [ج ] الهبات والتبرعات والمعونات التي يوافق رئيس مجلس الوزراء على قبولها لهذا الغرض. ويصدر بنظام الصندوق والعمل به والجهة التابعة لها قرار من رئيس مجلس الوزراء ". كما استعرضت الجمعية العمومية النظام الأساسى للمعهد المصرفى المصرى الصادر بقرار رئيس البنك المركزى وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1865 لسنة 2005 باصدار لائحة النظام الأساسى لصندوق تحديث وتطوير القطاع المصرفى طبقاً لأحكام المادة (96) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى المشار إليه.

 

 واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم _ وعلى ما استقر عليه إفتاؤها_ أن إلغاء التشريع قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً ويتحقق الإلغاء الصريح بوجود نص في التشريع اللاحق يقضى صراحة بإلغاء العمل بالتشريع السابق، أما الإلغاء الضمنى للقاعدة القانونية فله صورتان إما بصدور

قانون جديد ينظم الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده التشريع السابق، وإما بوجود حكم معارض بالتشريع اللاحق لحكم في التشريع السابق بحيث لا يمكن التوفيق بينهما إلا بإلغاء أحدهما، وعندئذ يعتبر اللاحق ناسخاً والسابق منسوخاً، غير أنه يشترط في هذه الصورة من صور الإلغاء الضمنى أن يكون الحكمان المتعارضان من طبيعة واحدة من حيث العموم والخصوص، فإذا كان الحكم السابق عاماً والحكم اللاحق خاصاً فحينئذ يعتبر الحكم الخاص ناسخاً للحكم السابق عليه.

 وحيث أن أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أحكاماً عامة تنظم علاقات العمل للفئات الخاضعة لأحكامه في حين ان احكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 أحكاماً خاصة وقد صدر هذا القانون لاحقاً على القانون الأول الأمر الذى تكون معه أحكامه مقيدة له فيما تضمنه من مخالفة لأحكامه. وقد قرر المشرع في هذا القانون إنشاء معهد مصرفى للتدريب ولتنمية المهارات في الأعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسل الأموال للعاملين بالبنك المركزى والبنوك والجهات العاملة في هذه المجالات وذلك لترسيخ قواعد العمل المصرفى السليم وجعل من ضمن موارد هذا المعهد المبالغ التي تؤديها البنوك والجهات المختلفة مقابل تدريب العاملين بها، كما قرر إنشاء صندوق لتحديث العمل ببنوك القطاع العام وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية وجعل من بين موارده نسبة لا تزيد على 5% من صافى الأرباح السنوية القابلة للتوزيع لبنوك القطاع العام الأمر الذى يستفاد منه ان أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد قد نسخت احكام قانون العمل فيما يتعلق بعمليات التدريب المهنى وتكون أحكام القانون الأول هى الواجبة التطبيق في هذا المجال دون غيرها من أحكام قانون العمل.

 وفضلاً عما تقدم فقد استظهرت الجمعية العمومية من استعراض فلسفة التشريع الضابطة لقانون العمل الحالى، أن هذا القانون وإن كان يمثل الإطار الكلي العام الذي تنضبط على هداه العلاقات كافة التي تجمع العمال بأرباب العمل، فهو بحسب الأصل مقرر لضمان مصالح العمال التي تعد الطرف الأضعف في اتفاقات العمل كافة. ومن ثم فقواعده الآمرة وفق هذا الفهم ملزمة للأطراف في حدود توفيرها المصلحة الأفضل للعامل، فإذا ما كان ثمة قاعدة مصدرها قانون أو اتفاق أو عرف تقرر وضعاً أفضل لمصالح العامل أو تقرر له مزايا لا توفرها القاعدة التشريعية المقررة في قانون العمل الحالى، وجب الانصراف -في هذه الجزئية تحديداً- عن تشريع العمل إلى غيره من اتفاقات أو أعراف بما توفره من وضع أفضل للعامل. وهذا الفهم أفصحت عنه المادة (5) من قانون العمل الحالى آنفة الذكر، فيما قررته من بطلانٍ للشروط أو الاتفاقات التي تخالف أحكام هذا القانون إذا ما انطوت على انتقاص لما هو مقرر به للعامل، وفي الوقت ذاته أكدت تلك المادة صحة كل اتفاق أو شرط يوفر للعامل مزايا أو شروطاً أفضل لا يوفرها القانون ذاته. مما يفيد عدم لزوم حكم قانون العمل في كل حال يتحقق بها وضع أفضل للعامل مما يحققه التشريع في تلك الجزئية.

 واستبان للجمعية العمومية أن قانون العمل الحالى قد أنشأ صندوق تمويل التدريب والتأهيل، الذي يقوم على تمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات السوق المحلي والخاص، ويختص بوضع الشروط والقواعد التي تتبع لبرامج ومدد التدريب المهني الدراسية والنظرية ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر في هذا الشأن، حيث قرر القانون من ضمن موارده نسبة 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة له التي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال.

 وقد حصلت الجمعية العمومية من جملة المستقر عليه ضريبياً، فقهاً وقضاءً وإفتاءً، أن موارد الدومين المالي العام للدولة الممثلة في الضرائب والرسوم ومقابل الخدمات والإتاوات، التي تتولاها إحدى سلطات الدولة العامة كلما توافر مناط استحقاقها، تبقى وإن تشابهت في طرق التحصيل الفروق بينها جلية: سواء من وجهات عناصر التكوين أم من وجهات النظم القانونية الحاكمة لكل منها، إذ يظل لكل من هذه الموارد الأربعة قواعده القانونية التي تحكم أسس فرضه ومناط استحقاقه ووقائع نشأته وأوعيته وأسعاره وطرق التصرف فيه. فإذا كانت الضرائب مما تفرضه الدولة جبراً على جميع المواطنين الذين يتحقق في شأنهم مناط استحقاقها أي شروط الخضوع لها، دون أن يكون ثمة خدمة ما قد أدتها الدولة لأولئك الخاضعين لقاء ما يسددونه من ضرائب. فإن الرسم هو مبلغ تتقاضاه الدولة جبراً لقاء ما تكون قد أدته فعلاً أي من مرافقها العامة من خدمات عامة لمؤدي الرسم، حال كون مقابل الخدمة هو الثمن الذي يؤدى لقاء خدمات أو منتجات تؤديها أي من مرافق الدولة الاقتصادية صناعية أم تجارية أم زراعية. الأمر الذي تستبين معه الطبيعة القانونية لما تؤديه المنشآت الخاضعة لقانون العمل للصندوق المذكور، بحسبانها رسوماً، كونها مما يفرض بمناسبة أداء خدمة عامة تتولاها إحدى الجهات التابعة لإحدى وزارات الدولة، تتمثل فيما يقرره صندوق تمويل التدريب والتأهيل من تعيين شروط وقواعد برامج التدريب المهني الدراسية والنظرية ومدد تلك البرامج ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر بناء عليها، وهى من الخدمات العامة لا الاقتصادية، ولا يبين أن ثمة تناسباً في قيمة المبالغ المالية المؤداة وقدر الخدمات التي يؤديها. فإذا كان ذلك كذلك تغدو مفاهيم الرسوم منسحبة على هذه المبالغ المؤداة إلى الصندوق، مما يستوجب معه لزوماً أن تكون ثمة خدمة فعلية يؤديها هذا الصندوق مقابلاً لتحصيل تلك المبالغ من أية منشأة تخضع لهذا الفرض المالي. أي أن أداء المنشأة المبالغ المشار إليها للصندوق، يستلزم وجوباً أن تكون ثمة خدمة فعلية أداها الصندوق حقاً لقاء ما يحصله من مبالغ. والقول بغير ذلك معناه أن تلك المبالغ تصير ضرائب تستحق سنوياً على كل المنشآت الخاضعة لقانون العمل، وهو ما لا يستساغ منطقاً أو قانوناً؛ إذ يترتب على عدم اعتبار نسبة ال1% من صافي الأرباح التي تحصل لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل رسماً، أن تصير ضريبة على الربح، الأمر الذى يدحضه منطق القانون الضريبي، لكون الأرباح مما تخضع لضريبة مستقلة تسمى "الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية"، فضلاً عن أن المستقر في خصوص التحصيلات الضريبية أن مآلها الخزانة العامة للدولة مباشرة لا الحسابات الخاصة، ويضاف إلى كل هذا أن مقصد المشرع المستجلى من نصوص قانون العمل الموحد ينصرف بعيداً بالكلية عن اعتبار هذه التحصيلات ضرائب.

 ومن حيث أنه لما كان ما تقدم وكان قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 آنف الإشارة قد تضمن النص على إنشاء معهد مصرفى لتدريب وتنمية المهارات في الأعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسل الأموال للعاملين بالبنك المركزى والجهات العاملة في هذه المجالات، كما تضمن إنشاء صندوق لتحديث العمل ببنوك القطاع العام وتنمية مهارات وقدرات العاملين فيها وتغطية نفقات إلحاقهم بالبرامج التدريبية المحلية والعالمية وقد صدر النظام الأساسى للمعهد المصرفى بموجب قرار رئيس البنك المركزى كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1865 لسنة 2005 بلائحة النظام الأساسى لصندوق تحديث وتطوير القطاع المصرفى فمن ثم تغدو النظم التي تضمنها قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد والأنظمة الأساسية المشار إليها بمجالات التدريب والتأهيل مما يوفر وضعاً أفضل للعامل يجاوز ما يوفره قانون العمل في هذا الخصوص.

 ولما كان ما تقدم، فمن ثم يغدو قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد والأنظمة الأساسية المشار إليهم آنفاً منطوية على تنظيم متكامل في مجالات التدريب والتأهيل، يفوق ما يوفره قانون العمل في هذه المجالات من خلال صندوق تمويل التدريب والتأهيل الأمر الذي يفيد أن البنوك

قد مكنت العاملين بها من التمتع بأوضاع أفضلية ومزايا تجاوز ما هو مقرر من حدود دنيا بقانون العمل الموحد. فإذا كان قانون العمل يقوم على مفهوم ضمان توفير الحدود الدنيا لحقوق العاملين، وإذا جاء رب العمل بنظام أفضل مما هو مقرر من قبل المشرع بقانون العمل، فنعماً هي، وحالئذ يكون الواجب الإعمال هو التنظيم المخصوص الذي ألزم رب العمل نفسه به لا ذاك المقرر بقانون العمل. وعليه تكون البنوك بما تقدمه من أوضاع أفضل في المجالات المعنية، في حال الاستغناء بالكامل عما يقرره قانون العمل الموحد في هذا الخصوص، استغناء مناطه أن العامل بالبنوك لم يعد في حاجة إلى تلك النظم المقررة بقانون العمل في هذا الخصوص، والتي بدورها ما عادت توفر لمصالحه الفائدة القصوى المطلوبة. الأمر الذي من آثاره أن تنحسر الأحكام الواردة بمواد قانون العمل الخاصة بتقديم خدمات التدريب والتأهيل، من خلال الصندوق المشار إليه، عن الأحوال الماثلة. انحساراً دلالته استغناء العامل عن هذا الصندوق، وأثره عدم ملزومية ما يقرره من مبالغ واجبة الأداء في حق البنوك؛ بحسبان أن تلك المبالغ هي رسوم تستأدى لقاء الخدمات التي يقدمها الصندوق للعاملين بالمنشأة، وهي في فهم المشرع خدمات يتعين أن يتمتع بها العامل، لا محالة، لذا أنشأ المشرع الصندوق ليقوم نيابة عن المنشآت بتوفير تلك الخدمات للعاملين لديها. ولقاء هذه الخدمات التي يؤديها للعمال نيابة عن المنشآت يتقاضى الرسم المقرر لصالح الصندوق. وعليه فإذ لم يعد الصندوق في وضع تقديم خدماته للعاملين بالبنوك كون الأخيرة قد تولت بنفسها الاضطلاع بهذه المهام، فمن ثم لا يكون من وجه لاستمرار إلزام تلك البنوك بأداء هذه المبالغ، فالأخيرة رسوم والرسم لا يستحق إلا لقاء خدمة تؤدى، فأما ولم تعد تلك الخدمة تؤدى، فلا يجوز الإلزام بها، وإلا استحالت طبيعة تلك المبالغ من رسوم إلى ضرائب، وهو ما لم يقل أحد به البتة، ويتناقض كلياً والأصول الدستورية للتشريعات الضريبية على النحو الذي ينهار بالأحكام المقررة لهذه المبالغ إلى حومة عدم الدستورية.

 ولا محاجة في هذا الخصوص بقالة أن هذا الصندوق ينظم وضعاً تكافلياً على المستوى القومي، إذ مفاد الوضع التكافلي أن نكون بصدد تنظيم تأميني، والأخير له ضروراته التنظيمية المخصوصة، والتي يأتي على القمة منها أن يأخذ ما يؤدى شكل الاشتراكات الدورية التي تتقرر عن كل عامل ويخضع للإلزام الوارد بأداء الاشتراك جميع المنشآت دون استثناء. والحال مفارق لذلك، فليست كل المنشآت ملزمة قانوناً بأداء المبالغ المقررة، فضلاً عن أن هذه المبالغ لا تتقرر على أساس العمال وأعدادهم وإنما على أساس مقدار الربح المحقق. آية ذلك أن مناط الإلزام بسداد المبلغ المقرر بنسبة 1% لصندوق تمويل التدريب والتأهيل أن تحقق المنشأة المسددة أرباحاً صافية وأن يكون عدد العاملين بها زائداً على عشرة عمال، وهو ما يتبين معه أن المنشآت التي توظف أقل من عشرة عمال لا تلتزم بأداء هذا المبلغ على الرغم من تحقيقها لصافي أرباح، ويتصور أيضاً أن تلك المنشأة التي لم تحقق أرباحاً صافية في سنة ما ألا تسدد هذا المبلغ، وذلك جميعه على الرغم من استمرار تمتع العاملين بأي من هذين النوعين من المنشآت بالخدمات التي يقدمها الصندوق. ولا يمكن القول بنظم تأمينية تتوقف الاشتراكات المقدمة فيها على مجاهيل عديدة، سواء تحقيق أرباح من عدمه أم أحجام تلك الأرباح المحققة أم أعداد العاملين المتفاوتة وغير المستقرة.

 كما أنه ومن جانب آخر ونحو ما سلفت الإشارة، فإن المشرع أنشأ هذا الصندوق ليقوم بتوفير خدمات قدَّر أنه لا مناص عن تمتع أي عامل بها، وإذ قدر أيضاً أن ليست كل المنشآت القائمة على قدر سعة يتيح لها الاضطلاع بتقديم تلك الخدمات للعاملين لديها، فقد أنشأ هذا الصندوق ليقوم بهذه المهام عن المنشآت الخاضعة لأحكامه، فإذا تبين أن ثمة منشآت تستطيع توفير تلك الخدمات وعلى نحو أفضل مما يوفره هذا الصندوق، تضحى الملاءمات مستوجبة إخراج العاملين بهذا المنشآت من نطاق نشاط هذا الصندوق حتى لا يزاحموا غيرهم من أقرانهم العمال بمنشآت أخرى لا يتوفر فيها لهم من تلك الخدمات، مما يحقق صوالح الفئات الأضعف من العمال، ويضمن عدم أيلولة خدمات هذا الصندوق لمن ليسوا في حاجة لها.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم أحقية وزارة القوى العاملة في إستئداء نسبة 1% من صافى ارباح البنوك سنوياً لصندوق تمويل التدريب والتأهيل، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريراً في / / 2006

       رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

المستشار / جمال السيد دحروج

النائب الأول لرئيس مجلس الدولة

[جمهورية مصر العربية - الفتوى رقم 0 - سنة الفتوى 60 - تاريخ الجلسة 07 / 06 / 2006 - تاريخ الفتوى 07 / 06 / 2006 - رقم الملف 111/2/16 - رقم الصفحة 0]

 

 

--- 1 ---

 مجلس الدولة             رقم التبليغ : 

ملف رقم :   47   /      1     /      243

السيد الدكتور/ وزير الكهرباء والطاقة

تحية طيبة وبعد

فقد اطلعنا على كتابكم رقم 373/1 المؤرخ 19/5/2005، في شأن مدى التزام شركات الكهرباء التابعة للشركة القابضة لكهرباء مصر بسداد نسبة 1% من صافي أرباحها المحققة سنوياً لصندوق تمويل التدريب والتأهيل بوزارة القوى العاملة والهجرة، وكذلك سداد مبلغ ثمانية جنيهات عن كل عامل سنوياً لصالح صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية بالوزارة المذكورة.

 

 ويخلص الموضوع –حسبما يبين بالأوراق- في أن مديريات القوى العاملة ومكاتب العمل قامت بمطالبة شركات الكهرباء التابعة للشركة القابضة لكهرباء مصر بسداد تلك المبالغ لصالح الصندوقين المذكورين، وذلك على سند من أن المادتين رقمي (133) و(134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قررتا إنشاء صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الاعتبارية، ومن ضمن ما تنطوي عليه موارده: نسبة 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون التي يزيد عدد عمالها عن عشرة عمال. كما قررت المادة (223) منه إنشاء صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية تلتزم كل منشأة -خاضعة لأحكام هذا القانون- يبلغ عدد عمالها عشرين عاملاً فأكثر، بأن تؤدي إليه مبلغاً لا يقل عن خمسة جنيهات سنوياً عن كل عامل. فإذا كان قد تم تحويل هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية تسمى "الشركة القابضة لكهرباء مصر" وذاك بموجب القانون رقم 164 لسنة 2000، فقد صارت على هذا النحو هي وشركاتها التابعة من أشخاص القانون الخاص، أي صارت وحدة اقتصادية من وحدات القطاع الخاص، ينتفي في شأنها أي من مظاهر السلطة العامة. ومن ثم فلا فكاك من إخضاع تلك الشركات جميعها لقانون العمل الموحد الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، سيما وأن المتوخى من قبل المشرع أن يكون هذان الصندوقان صندوقي تكافل يقدمان خدمات على المستوى القومي تفيد منها الفئات المحرومة والأقل حظاً. حال كون شركات الكهرباء ترى عدم التزامها بسداد تلك المبالغ، وذلك استناداً للمادة الثامنة من القانون رقم 164 لسنة 2000 آنف الإشارة، التي قررت سريان أحكام قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة معتمدة من وزير الكهرباء والطاقة، وإذ صدرت لوائح نظم العاملين متضمنة لوائح التدريب بهذه الشركات، كما تضمنت تنظيماً للأنشطة الاجتماعية والصحية والثقافية، فمن ثم لا تكون تلك الشركات مخاطبة بقانون العمل الموحد في خاصة تلكما الجزئيتين المتعلقتين بهذين الصندوقين.

 وإزاء إصرار كل من وزارة القوى العاملة والهجرة وشركات الكهرباء على رأيه، فتطلبون الرأي.

 

 ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 26 من اكتوبر سنة 2005م الموافق 23 من رمضان سنة 1426هـ فتبين لها أن المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2000 بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية تنص على أن "تحول هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية تسمى (الشركة القابضة لكهرباء مصر) وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون، وتؤول إلى تلك الشركة جميع الحقوق العينية والشخصية للهيئة السابقة، وتتحمل بجميع التزاماتها، وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتعتبر من أشخاص القانون الخاص". وتنص المادة الثامنة منه على أن "ينقل العاملون بهيئة كهرباء مصر الموجودون بالخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون إلى الشركة بذات أوضاعهم الوظيفية وأجورهم وبدلاتهم وإجازاتهم ومزاياهم النقدية والعينية … وتسري على العاملين بالشركة أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة ويعتمدها وزير الكهرباء والطاقة …". كما تبين لها أن المادة (5) من قانون العمل الموحد الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 تنص على أن "يقع باطلاً كل شرط أو اتفاق يخالف أحكام هذا القانون ولو كان سابقاً على العمل به إذا كان يتضمن انتقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه.

ويستمر العمل بأية مزايا أو شروط أفضل تكون مقررة أو تقرر في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو الأنظمة الأساسية أو غيرها من لوائح المنشأة أو بمقتضى العرف …". وتنص المادة (133) منه على أن "ينشأ صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، يتبع الوزير المختص، وذلك لتمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات سوق العمل المحلي والخاص. ويختص الصندوق بوضع الشروط والقواعد التي تتبع لبرامج ومدد التدريب المهني الدراسية والنظرية، ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر في هذا الشأن". وتنص المادة (134) منه على أن "تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من: 1- 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون والتي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال …". وتنص المادة (135) منه على أن "لا يجوز لأية جهة مزاولة عمليات التدريب المهني إلا إذا كانت متخذة شكل شركة المساهمة … ويستثنى من أحكام الفقرة السابقة: 1…2…3…4- المنشآت التي تتولى تدريب عمالها". وتنص المادة (222) منه على أن "تلتزم المنشأة التي يبلغ عدد عمالها خمسين عاملاً فأكثر بتقديم الخدمات الاجتماعية والثقافية اللازمة لعمالها …". وتنص المادة (223) منه على أن "ينشأ بالوزارة صندوق للخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية على المستوى القومي. وتلتزم كل منشأة يبلغ عدد عمالها عشرين عاملاً فأكثر بدفع مبلغ لا يقل عن خمسة جنيهات سنوياً عن كل عامل لتمويل هذا الصندوق. ويصدر الوزير المختص قراراً بتحديد الخدمات المشار إليها والمبلغ الذي تلتزم كل منشأة بأدائه بما لا يقل عن الحد الأدنى المذكور".

واستعرضت الجمعية العمومية أحكام قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم (215) لسنة 2003 بتحديد الحد الأدنى للخدمات الاجتماعية والثقافية على مستوى المنشأة التي يبلغ عدد العمال بها خمسين عاملاً فأكثر، وقراره رقم (216) بشأن اللائحة المالية لصندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، وقراره رقم (217) بتحديد الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية على المستوى القومي. كما استعرضت لوائح ونظم العاملين بالشركة القابضة لكهرباء مصر وعديد من لوائح ونظم العاملين لعديد من شركاتها التابعة.

 

 واستظهرت الجمعية العمومية من استعراض فلسفة التشريع الضابطة لقانون العمل الحالى، أن هذا القانون وإن كان يمثل الإطار الكلي العام الذي تنضبط على هداه العلاقات كافة التي تجمع العمال بأرباب العمل، فهو بحسب الأصل مقرر لضمان مصالح العمال التي تعد الطرف الأضعف في اتفاقات العمل كافة. ومن ثم فقواعده الآمرة وفق هذا الفهم ملزمة للأطراف في حدود توفيرها المصلحة الأفضل للعامل، فإذا ما كان ثمة قاعدة مصدرها اتفاق أو عرف -أو غيرهما- تقرر وضعاً أفضل لمصالح العامل أو تقرر له مزايا لا توفرها القاعدة التشريعية المقررة في قانون العمل الحالى، وجب الانصراف -في هذه الجزئية تحديداً- عن تشريع العمل إلى غيره من اتفاقات أو أعراف بما توفره من وضع أفضل للعامل. وهذا الفهم أفصحت عنه المادة (5) من قانون العمل الحالى آنفة الذكر، فيما قررته من بطلانٍ للشروط أو الاتفاقات التي تخالف أحكام هذا القانون إذا ما انطوت على انتقاص لما هو مقرر به للعامل، وفي الوقت ذاته أكدت تلك المادة صحة كل اتفاق أو شرط يوفر للعامل مزايا أو شروطاً أفضل لا يوفرها القانون ذاته. مما يفيد عدم لزوم حكم قانون العمل في كل حال يتحقق بها وضع أفضل للعامل مما يحققه التشريع في تلك الجزئية.

 

 واستبان للجمعية العمومية أن قانون العمل الحالى قد أنشأ صندوقين، الأول: هو صندوق تمويل التدريب والتأهيل، الذي يقوم على تمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات السوق المحلي والخاص، ويختص بوضع الشروط والقواعد التي تتبع لبرامج ومدد التدريب المهني الدراسية والنظرية ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر في هذا الشأن، حيث قرر القانون من ضمن موارده نسبة 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة له التي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال. أما الصندوق الآخر فهو صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، الذي خول المشرع وزير القوى العاملة اختصاص تحديد الخدمات التي يؤديها ذاك الصندوق بموجب قرار يصدره بهذا الشأن. وحال تلتزم كل منشأة يبلغ عدد عمالها عشرين عاملاً فأكثر بسداد مبلغ لا يقل عن خمسة جنيهات عن كل عامل سنوياً –وقد تحدد عن عمال شركات الكهرباء مبلغ ثمانية جنيهات- لقاء ما يؤديه لها الصندوق من خدمات، تلتزم كل منشأة يبلغ عدد عمالها خمسين عاملاً فأكثر التزاماً ذاتياً بتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، أي أن مهمة الاضطلاع بتقديم تلك الخدمات تقع في تلك الأحوال على عاتق المنشأة ذاتها لا الصندوق المذكور.

 

 وقد حصلت الجمعية العمومية من جملة المستقر عليه ضريبياً، فقهاً وقضاءً وإفتاءً، أن موارد الدومين المالي العام للدولة الممثلة في الضرائب والرسوم ومقابل الخدمات والإتاوات، التي تتولاها إحدى سلطات الدولة العامة كلما توافر مناط استحقاقها، تبقى وإن تشابهت في طرق التحصيل الفروق بينها جلية: سواء من وجهات عناصر التكوين أم من وجهات النظم القانونية الحاكمة لكل منها، إذ يظل لكل من هذه الموارد الأربعة قواعده القانونية التي تحكم أسس فرضه ومناط استحقاقه ووقائع نشأته وأوعيته وأسعاره وطرق التصرف فيه. فإذا كانت الضرائب مما تفرضه الدولة جبراً على جميع المواطنين الذين يتحقق في شأنهم مناط استحقاقها أي شروط الخضوع لها، دون أن يكون ثمة خدمة ما قد أدتها الدولة لأولئك الخاضعين لقاء ما يسددونه من ضرائب. فإن الرسم هو مبلغ تتقاضاه الدولة جبراً لقاء ما تكون قد أدته فعلاً أي من مرافقها العامة من خدمات عامة لمؤدي الرسم، حال كون مقابل الخدمة هو الثمن الذي يؤدى لقاء خدمات أو منتجات تؤديها أي من مرافق الدولة الاقتصادية صناعية أم تجارية أم زراعية. الأمر الذي تستبين معه الطبيعة القانونية لما تؤديه المنشآت الخاضعة لقانون العمل لكل من هذين الصندوقين المعنيين، بحسبانها رسوماً: كونها مما يفرض بمناسبة أداء خدمة عامة تتولاها إحدى الجهات التابعة لإحدى وزارات الدولة، تتمثل فيما يقرره صندوق تمويل التدريب والتأهيل من تعيين شروط وقواعد برامج التدريب المهني الدراسية والنظرية ومدد تلك البرامج ونظم الاختبارات والشهادات التي تصدر بناء عليها، وتتمثل أيضاً فيما يقدمه صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية من خدمات على تلك الأصعدة. وكلاهما من الخدمات العامة لا الاقتصادية، وكلاهما لا يبين أن ثمة تناسباً في قيمة المبالغ المالية المؤداة وقدر الخدمات التي يؤديانها. فإذا كان ذلك كذلك تغدو مفاهيم الرسوم منسحبة على هذه المبالغ المؤداة إلى كل من الصندوقين، مما يستوجب معه لزوماً أن تكون ثمة خدمة فعلية يؤديها كل من الصندوقين مقابلاً لتحصيل تلك المبالغ من أية منشأة تخضع لهذا الفرض المالي. أي أن أداء المنشأة لأي من المبالغ المشار إليها لأي من الصندوقين المذكورين، يستلزم وجوباً أن تكون ثمة خدمة فعلية أداها الصندوق حقاً لقاء ما يحصله من مبالغ. والقول بغير ذلك معناه أن تلك المبالغ تصير ضرائب تستحق سنوياً على كل المنشآت الخاضعة لقانون العمل، وهو ما لا يستساغ منطقاً أو قانوناً؛ إذ يترتب على عدم اعتبار نسبة ال1% من صافي الأرباح التي تحصل لصالح لصندوق تمويل التدريب والتأهيل رسماً، أن تصير ضريبة على الربح، الأمر يدحضه منطق القانون الضريبي، لكون الأرباح مما تخضع لضريبة مستقلة تسمى "الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية"، فضلاً عن أن المستقر في خصوص التحصيلات الضريبية أن مآلها الخزانة العامة للدولة مباشرة لا الحسابات الخاصة، ويضاف إلى كل هذا أن مقصد المشرع المستجلى من نصوص قانون العمل الموحد ينصرف بعيداً بالكلية عن اعتبار هذه التحصيلات ضرائب. والأمر ذاته بالنسبة للمبالغ المقطوعة التي تتقرر لصالح صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، فإذا عُدت ضرائب، تكون قد حددها قرار الوزير المختص لا المشرع، وهو ما يتجافى كلية وقواعد الفرض الضريبي التي تستوجب تعيين المشرع لكل عناصرها ومنها سعر الضريبة، على خلاف الرسوم التي يمكن أن تتحدد لائحياً بناء على قانون.

كما استظهرت الجمعية العمومية أن المشرع بالقانون رقم 164 لسنة 2000 حول هيئة كهرباء مصر إلى الشركة القابضة لكهرباء مصر، شركة مساهمة مصرية، وبناء عليه تمت إعادة هيكلة كاملة لكل قطاعات الهيئة المحولة وباقي شركات الكهرباء الفرعية التي كانت قائمة من قبل، وتبعت بناء على ذاك إلى الشركة القابضة باعتبارها شركات تابعة لها. وعليه فقد صدرت عن مجالس إدارات هذه الشركات جميعها –بعد إعادة الهيكلة المذكورة- لوائح للعاملين بها، تناولت من ضمن ما تناولته تنظيماً دقيقاً متكاملاً لشئون التدريب والتأهيل، وتنظيماً متكاملاً للخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية التي تقدمها للعاملين بها.

ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وإذ كان القانون رقم 164 لسنة 2000 آنف الإشارة قد قرر خضوع الشركة القابضة لكهرباء مصر لقانون العمل فيما لم يرد بشأنه تنظيم مخصوص بلوائح العاملين التي تصدر عن مجلس إدارتها على ما ورد بمادته الثامنة، وإذ كان مفاد المادة (5) من قانون العمل الموحد آنفة الذكر، إمكان تضمين لوائح العاملين بالمنشآت الخاضعة له قواعد وشروط تفارق ما يقرره قانون العمل، مادامت تقرر وضعاً أفضل للعامل أو تقرر له مزايا لا توفرها أحكام قانون العمل. وإذ ثبت من استعراض لوائح العاملين بشركات الكهرباء جميعها -القابضة والتابعة- أنها تقرر تنظيماً متكاملاً في نطاق التدريب والتأهيل تقوم به الشركة، سواء من وجهة برامج وخطط التدريب والتأهيل أم من وجهة اللجان القائمة على التدريب أم من وجهة المتدربين، مروراً بشئون المدربين والمشرفين والأعمال المساعدة كالتأليف والترجمة والمكافآت التي تستأدى لقاء هذا، انتهاء بشئون المتابعة وتقييم التدريب وأحوال البعثات التدريبية للخارج. فمن ثم والحال هذا، تغدو النظم المضمنة لوائح العاملين بشركات الكهرباء جميعها، بمجالات التدريب والتأهيل، مما يوفر وضعاً أفضل للعامل يجاوز ما يوفره قانون العمل الموحد في هذا الخصوص. والحال ذاته في شأن ما هو مقرر بلوائح العاملين من خدمات صحية واجتماعية وثقافية، التي نظمت وسائل الانتقالات وقواعد الإسكان المخصص بمواقع العمل والأنشطة الاجتماعية الترفيهية والدينية، وتم إنشاء مكتبات بكل الشركات للشئون التثقيف المتناسب وطبيعة الأعمال المضطلع بها، إضافة إلى إنشاء الأندية دعماً للأنشطة الرياضية، فضلاً عن إنشاء مستشفى متكامل لعلاج العاملين بكل تلك الشركات. وجميع هذا بلا ريب يقرر وضع أفضلية للعامل بأي من شركات الكهرباء بحيث يمنحه من المزايا ما يفوق ما يمكن أن يحصله من صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية التابع لوزارة القوى العملة.

 

 ولما كان ما تقدم، فمن ثم تغدو لوائح العاملين بشركات الكهرباء منطوية على تنظيم متكامل في مجالات التدريب والتأهيل ومجالات الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، يفوق ما يوفره قانون العمل في هذه المجالات من خلال كل من صندوق تمويل التدريب والتأهيل وصندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية. الأمر الذي يفيد أن شركات الكهرباء قد مكنت العاملين بها من التمتع بأوضاع أفضلية ومزايا تجاوز ما هو مقرر من حدود دنيا بقانون العمل الموحد. فإذا كان قانون العمل يقوم على مفهوم ضمان توفير الحدود الدنيا لحقوق العاملين، وإذا جاء رب العمل بنظام أفضل مما هو مقرر من قبل المشرع بقانون العمل، فنعماً هي، وحالئذ يكون الواجب الإعمال هو التنظيم المخصوص الذي ألزم رب العمل نفسه به لا ذاك المقرر بقانون العمل. وعليه تكون شركات الكهرباء بما تقدمه من أوضاع أفضل في المجالات المعنية، في حال استغناء بالكامل عما يقرره قانون العمل الموحد في هذا الخصوص، استغناء مناطه أن العامل بهذه الشركات لم يعد في حاجة إلى تلك النظم المقررة بقانون العمل في هذا الخصوص، والتي بدورها ما عادت توفر لمصالحه الفائدة القصوى المطلوبة. الأمر الذي من آثاره أن تنحسر الأحكام الواردة بمواد قانون العمل الخاصة بتقديم هذه الخدمات في المجالات المذكورة، من خلال الصناديق المعنية، عن الأحوال الماثلة. انحساراً دلالته استغناء العامل عن كلا الصندوقين، وأثره عدم ملزومية ما يقرره من مبالغ واجبة الأداء في حق شركات الكهرباء؛ بحسبان أن تلك المبالغ –سواء نسبة1% من صافي أرباح المنشأة المقررة لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل أم الثمانية جنيهات المقررة عن كل عامل- هي رسوم تستأدى لقاء الخدمات التي يقدمها كل من الصندوقين للعاملين بالمنشأة، وهي في فهم المشرع خدمات يتعين أن يتمتع بها العامل، لا محالة، لذا أنشأ المشرع كلا الصندوقين ليقوما نيابة عن المنشآت بتوفير تلك الخدمات للعاملين لديها. ولقاء هذه الخدمات التي يؤديها للعمال نيابة عن المنشآت يتقاضى الرسم المقرر لكل منهما. وعليه فإذ لم يعد أي من الصندوقين في وضع تقديم خدماته للعاملين بشركات الكهرباء كون الأخيرة قد تولت بنفسها الاضطلاع بهذه المهام، فمن ثم لا يكون من وجه لاستمرار إلزام تلك الشركات بأداء هذه المبالغ، فالأخيرة رسوم والرسم لا يستحق إلا لقاء خدمة تؤدى، فأما ولم تعد تلك الخدمة تؤدى، فلا يجوز الإلزام بها، وإلا استحالت طبيعة تلك المبالغ من رسوم إلى ضرائب، وهو ما لم يقل أحد به البتة، ويتناقض كلياً والأصول الدستورية للتشريعات الضريبية على النحو الذي ينهار بالأحكام المقررة لهذه المبالغ إلى حومة عدم الدستورية.

 

 ولا محاجة في هذا الخصوص بقالة أن هذين الصندوقين ينظمان وضعاً تكافلياً على المستوى القومي، إذ مفاد الوضع التكافلي أن نكون بصدد تنظيم تأميني، والأخير له ضروراته التنظيمية المخصوصة، والتي يأتي على القمة منها أن يأخذ ما يؤدى شكل الاشتراكات الدورية التي تتقرر عن كل عامل ويخضع للإلزام الوارد بأداء الاشتراك جميع المنشآت دون استثناء. والحال مفارق لذلك، فليست كل المنشآت ملزمة قانوناً بأداء المبالغ المقررة، وبعض تلك المبالغ لا يتقرر على أساس العمال وأعدادهم وإنما على أساس مقدار الربح المحقق. آية ذلك أن مناط الإلزام بسداد المبلغ المقرر بنسبة 1% لصندوق تمويل التدريب والتأهيل أن تحقق المنشأة المسددة أرباحاً صافية وأن يكون عدد العاملين بها زائداً على عشرة عمال، وهو ما يتبين معه أن المنشآت التي توظف أقل من عشرة عمال لا تلتزم بأداء هذا المبلغ على الرغم من تحقيقها لصافي أرباح، ويتصور أيضاً أن تلك المنشأة التي لم تحقق أرباحاً صافية في سنة ما ألا تسدد هذا المبلغ، وذلك جميعه على الرغم من استمرار تمتع العاملين بأي من هذين النوعين من المنشآت بالخدمات التي يقدمها الصندوق. والأمر ذاته في شأن صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية إذ المنشآت الملزومة بأداء المبالغ المقررة هي تلك التي يبلغ عدد العاملين بها عشرين عاملاً فأكثر، أما تلك التي لا يبلغ العاملون بها هذا العدد فهي غير ملتزمة بسداد تلك المبالغ على الرغم من استمرار تمتع العاملين بها بخدمات الصندوق. ولا يمكن القول بنظم تأمينية تتوقف الاشتراكات المقدمة فيها على مجاهيل عديدة: سواء تحقيق أرباح من عدمه أم أحجام تلك الأرباح المحقة أم أعداد العاملين المتفاوتة وغير المستقرة.

 

 كما أنه ومن جانب آخر ونحو ما سلفت الإشارة، فإن المشرع أنشأ هذين الصندوقين ليقوما بتوفير خدمات قدَّر أنه لا مناص عن تمتع أي عامل بها، وإذ قدر أيضاً أن ليست كل المنشآت القائمة على قدر سعة يتيح لها الاضطلاع بتقديم تلك الخدمات للعاملين لديها، فقد أنشأ هذين الصندوقين ليقوما بهذه المهام عن المنشآت الخاضعة لأحكامه، فإذا تبين أن ثمة منشآت تستطيع توفير تلك الخدمات وعلى نحو أفضل مما يوفره كل من الصندوقين المعنيين، تضحى الملاءمات مستوجبة إخراج العاملين بهذا المنشآت من نطاق نشاط هذين الصندوقين حتى لا يزاحموا غيرهم من أقرانهم العمال بمنشآت أخرى لا يتوفر فيها لهم من تلك الخدمات، مما يحقق صوالح الفئات الأضعف من العمال، ويضمن عدم أيلولة خدمات هذين الصندوقين لمن ليسوا في حاجة لها.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم جواز استئداء المقررات المالية المنصوص عليها في المادتين (134 و223) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 من شركات الكهرباء، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

 [الفتوى رقم 0 - سنة الفتوى 60 - تاريخ الجلسة 26 / 10 / 2005 - تاريخ الفتوى 26 / 10 / 2005 - رقم الملف 243/1/47]

 



(1) مضبطة الجلسة الحادية والعشرين لمجلس الشعب الفصل التشريعي الثامن دور الانعقاد العادي الثالث المعقودة مساء يوم الأحد ٩ من ذي القعدة سنة ١٤٢٣ ه الموافق ١٢ من يناير سنة ٢٠٠٣ م.

(2) مضبطة الجلسة الخامسة والخمسين لمجلس الشعب الفصل التشريعي الثامن دور الانعقاد العادي الثالث المعقودة مساء يوم الأحد ٢٠ من المحرم سنة ١٤٢٣ ه ، الموافق ٢٣ من مارس سنة ٢٠٠٣ م.

الطعن 188 لسنة 21 ق جلسة 7 / 7 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 123 ص 1021

جلسة 7 يوليه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (123)
القضية رقم 188 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "الحكم فيها: حجيته - اعتبار الخصومة منتهية".
لقضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى سلطات الدولة؛ أثره: اعتبار الخصومة منتهية في دعوى لاحقة بالطعن على النصوص ذاتها لانتفاء المصلحة في معاودة طرح تلك النصوص على المحكمة مرة أخرى بعد أن حسمت الخصومة حولها بحكم سابق.

---------------

سبق أن حسمت المحكمة الدستورية العليا المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 4/ 3/ 2000 في القضية رقم 55 لسنة 20 قضائية "دستورية" والذي قضى بعدم دستورية نص المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما انطوى عليه من حظر الحجز على أموال الجمعيات التعاونية للبناء الإسكان. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 3/ 2000، وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.


الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من سبتمبر سنة 1999 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً للحكم بعدم دستورية نص المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما تضمنه من تمتع أموال الجمعيات التعاونية للإسكان بكافة الضمانات المدنية والجنائية المقررة للأموال العامة ومن بينها عدم جواز الحجز عليها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 271 لسنة 1996 مدني الدقي ضد المدعي طلباً للحكم بإلغاء الحجز التحفظي الموقع بتاريخ 3/ 6/ 1996 على أموال الجمعية التعاونية للإسكان لأعضاء نقابة التجاريين تحت يد بنك القاهرة وفروعه، وبجلسة 23/ 3/ 1997 قضت تلك المحكمة بإلغاء الحجز. فطعن البنك المدعي بالاستئناف رقم 5960 لسنة 114 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، مضمناً صحيفته دفعاً بعدم دستورية المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقامها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 4/ 3/ 2000 في القضية رقم 55 لسنة 20 قضائية "دستورية" والذي قضى بعدم دستورية نص المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما انطوى عليه من حظر الحجز على أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 3/ 2000، وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية، حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.

الطعن 100 لسنة 21 ق جلسة 7 / 7 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 122 ص 1016

جلسة 7 يوليه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (122)
القضية رقم 100 لسنة 21 قضائية "دستورية"

1 - المحكمة الدستورية العليا "اختصاص - رقابة قضائية: محلها".
تقرير هذه المحكمة اختصاصها ولائياً بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة عليها تثبتها من توافر شروط قبولها - انحصار الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة؛ سواء وردت هذه النصوص في تشريعات أصلية أو فرعية.
2 - لائحة "تكييفها".
انحسار الصفة الإدارية عن اللائحة إذا كان مجال سريانها متصلاً مباشرة بنطاق القانون الخاص، ولو كانت الجهة التي أصدرتها شخصاً من أشخاص القانون العام - انحسار الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية عن هذه اللائحة.

----------------
(1) جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن تقرير اختصاصها ولائياً بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على تثبتها من توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، كذلك فإن حكمها باختصاصها بنظر خصومة بذاتها، لا يمنعها من الفصل في توافر الشرائط التي تطلبها القانون لقبولها، باعتبارها مدخلها للخوض في موضوعها، وقد عهد الدستور - بنص المادة (175) - إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون؛ وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها؛ محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أي جهة من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة - في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية، إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي ناطها الدستور بها؛ وأن تنقبض تلك الرقابة - بالتالي - عما سواها.
(2) من المقرر في قضاء هذه المحكمة؛ أن كل لائحة يتحدد تكييفها القانوني بمجال سريانها؛ فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بنطاق القانون الخاص؛ انحسرت عنها الصفة الإدارية - ولو كانت الجهة التي أصدرتها شخصاً من أشخاص القانون العام؛ فلا تعتبر بالتالي تشريعاً بالمعنى الموضوعي مما تشمله الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.


الإجراءات

بتاريخ الثالث من يونيو سنة 1999 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة ابتغاء الحكم بعدم دستورية لائحة صندوق الزمالة للعاملين بمصنع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج فيما تضمنته من تفرقة بين العمال المحالين للمعاش.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واحتياطياًً بعدم قبولها ومن باب الاحتياط الكلي برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي وآخرين كانوا قد أقاموا ضد المدعى عليهما الخامس والسادس الدعوى رقم 595 لسنة 1995 مدني أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا متضامنين لهم مستحقاتهم الباقية من صندوق الزمالة بمصنع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج، وأثناء نظر تلك الدعوى، دفع المدعي وآخرون بعدم دستورية اللائحة المشار إليها، تأسيساً على أنها أقامت تفرقة غير مبررة بين المحالين إلى المعاش لبلوغ السن القانونية وبين من يحال لأسباب صحية، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام المدعي الدعوى الماثلة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائياً بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على تثبتها من توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، كذلك فإن حكمها باختصاصها بنظر خصومة بذاتها، لا يمنعها من الفصل في توافر الشرائط التي تطلبها القانون لقبولها، باعتبارها مدخلها للخوض في موضوعها.
وحيث إن الدستور قد عهد - بنص المادة (175) - إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون؛ وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها؛ محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أي جهة من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة - في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية، إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها؛ وأن تنقبض تلك الرقابة - بالتالي - عما سواها.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام تقضي بأن يقصد بقطاع الأعمال العام، الشركات القابضة والشركات التابعة لها الخاضعة لأحكام هذا القانون، وتتخذ هذه الشركات بنوعيها شكل شركات المساهمة، ويسري عليها - فيما لم يرد بشأنه نص خاص في ذلك القانون، وبما لا يتعارض مع أحكامه - نصوص قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 ولا تسري أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على الشركات المشار إليها، وعملاً بنص المادة الثانية من القانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه، تحل الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون 97 لسنة 1983، كما تحل الشركات التابعة محل الشركات التي تشرف عليها هذه الهيئات، وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 سالف الذكر، ودون حاجة إلى أي إجراء آخر، وبمقتضى نص المادة الأولى من قانون شركات قطاع الأعمال تعتبر الشركة القابضة من أشخاص القانون الخاص وتتخذ الشركة التابعة - وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 16 من هذا القانون - شكل الشركة المساهمة، وتثبت لها الشخصية الاعتبارية من تاريخ قيدها في السجل التجاري.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة؛ أن كل لائحة يتحدد تكييفها القانوني بمجال سريانها؛ فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بنطاق القانون الخاص؛ انحسرت عنها الصفة الإدارية - ولو كانت الجهة التي أصدرتها شخصاً من أشخاص القانون العام؛ فلا تعتبر بالتالي تشريعاً بالمعنى الموضوعي مما تشمله الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.
وحيث إن البّين من الأوراق أن شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لا تعدو أن تكون شركة مساهمة، تتولى في نطاق أغراضها، وعلى ضوء الوسائل التي تنتهجها، إدارة شئونها وفقاً لقواعد القانون الخاص التي تحكم علائقها بالعاملين فيها وبالغير، وكان النزاع الراهن يتعلق بالقواعد التي أقرتها هذه الشركة في شأن الصرف من صندوق الزمالة - وهو أيضاً جهة تباشر نشاطها في نطاق القانون الخاص - فإن أحكامها لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ولا تمتد إليها بالتالي الرقابة التي تتولاها هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 76 لسنة 20 ق جلسة 7 / 7 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 121 ص 1013

جلسة 7 يوليه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (121)
القضية رقم 76 لسنة 20 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "الحكم فيها: حجيته - اعتبار الخصومة منتهية".
لقضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى سلطات الدولة؛ أثره: اعتبار الخصومة منتهية في دعوى لاحقة بالطعن على النصوص ذاتها لانتفاء المصلحة في معاودة طرح تلك النصوص على المحكمة مرة أخرى بعد أن حسمت الخصومة حولها بحكم سابق.

---------------
سبق أن حسمت المحكمة الدستورية العليا المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في الأول من يناير سنة 2000 في القضية رقم 180 لسنة 20 قضائية "دستورية"، والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 وذلك فيما تضمنه من حرمان أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين من مكافأة العضوية. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 1/ 2000، وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.


الإجراءات

بتاريخ الرابع من إبريل سنة 1998 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (21) من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، وذلك فيما تضمنته في قصر مكافأة العضوية على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المعينين دون المنتخبين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، ثم قدمت مذكرة طلبت فيها الحكم باعتبار الخصومة منتهية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعيين - باعتبارهما عضوين منتخبين بمجلس إدارة الشركة المصرية للملاحة البحرية - كانا قد أقاما الدعوى رقم 1435 ورقم 1436 لسنة 1997 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبين الحكم بأحقيتهما في صرف المكافأة الشهرية المقررة لعضوية مجلس إدارة الشركة، على سند من انتفاء مبرر التمييز في منحها بين الأعضاء المعينين والمنتخبين. وأثناء نظر هاتين الدعويين دفع المدعيان بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (21) من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 فيما تضمنته في قصر مكافأة العضوية على رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المعينين دون المنتخبين. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في الأول من يناير سنة 2000 في القضية رقم 180 لسنة 20 قضائية "دستورية"، والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة 21 من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 وذلك فيما تضمنه من حرمان أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين من مكافأة العضوية. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 1/ 2000، وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.

الطعن 221 لسنة 21 ق جلسة 7 / 7 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 120 ص 1009

جلسة 7 يوليه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير وماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (120)
القضية رقم 221 لسنة 21 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "إجراءاتها وميعادها: من النظام العام".
الأوضاع الإجرائية سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها، تعتبر من النظام العام - ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع في غضون هذا الحد الأقصى يعتبر ميعاداً حتمياً.
2 - دعوى دستورية "ميعاد: مهلة جديدة".
تأجيل محكمة الموضوع نظر الدعوى لمنح المدعي مهلة جديدة لإقامة دعواه الدستورية؛ يتمحض ميعاداً جديداً لا يُعتد به لوروده على غير محل بعد أن أُعتبر الدفع المُبدى أمامها بعدم الدستورية كأن لم يكن بفوات الميعاد المحدد ابتداءً للطعن بعدم الدستورية.

----------------
(1) رسم المشرع طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها القانون وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به لرفع الدعوى الدستورية قبل انقضائه.
(2) لا ينال مما تقدم أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 12/ 8/ 1999 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 10/ 1999 ثم لجلسة 27/ 1/ 2000 إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يُعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم دستورية النص المشار إليه كأن لم يكن، بفوات الميعاد الذي حددته ابتداءً لإقامة الدعوى الدستورية دون أن تكون قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.


الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر سنة 1999 أودع المدعون صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً باعتبار الخصومة منتهية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1090 لسنة 1999 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المدعى عليهم الخامس والسادس والسابع، ابتغاء الحكم بفسخ عقد إيجار الشقة التي كان مورثهم يستأجرها لاستعمالها مصيفاً واستمروا في شغلها بعد وفاته وذلك على سند من أنهم قد قاموا بتأجيرها مفروشة دون موافقة المدعين، وأثناء نظر تلك الدعوى دفع المدعون بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1997 المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت لهم بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن البند (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
أ - ........
ب - إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام محكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد، اعتبر الدفع كأن لم يكن".
وحيث إن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع رسم طريقاً لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا ترفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تقبل إلا إذا رفعت خلال الأجل الذي ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريق رفع الدعوى أو بميعاد رفعها - إنما تتعلق بالنظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها القانون وفي الموعد الذي حدده؛ ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذي فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذي تحدده محكمة الموضوع - في غضون هذا الحد الأقصى - هو ميعاد حتمي يتعين على الخصوم الالتزام به لرفع الدعوى الدستورية قبل انقضائه، وإلا كانت غير مقبولة.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المدعين دفعوا بجلسة 1/ 7/ 1999 بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1979 المشار إليه، وبذات الجلسة قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وأجلت نظر الدعوى لجلسة 12/ 8/ 1999، فإن هذه الدعوى تكون قد أقيمت بعدم انقضاء الميعاد المقرر قانوناً لرفعها مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها. ولا ينال مما تقدم أن محكمة الموضوع عادت لتقرر بجلسة 12/ 8/ 1999 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 10/ 1999 ثم لجلسة 27/ 1/ 2000 إذ أن ذلك يتمحض ميعاداً جديداً لا يُعتد به لوروده على غير محل بعد أن اعتبر الدفع المبدى أمامها بعدم دستورية النص المشار إليه كأن لم يكن، بفوات الميعاد الذي حددته ابتداءً لإقامة الدعوى الدستورية دون أن تكون الدعوى قد أُقيمت بالفعل قبل انقضائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 195 لسنة 19 ق جلسة 2 / 6 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 118 ص 972

جلسة 2 يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (118)
القضية رقم 195 لسنة 19 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها" - نطاقها.
مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع؛ مؤدى ذلك: استبعاد أحكام النصوص الطعينة التي لا شأن لها بالنزاع الموضوعي أصلاً.
2 - دعوى دستورية "الحكم فيها: حجيته - عدم قبول الدعوى".
قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى سلطات الدولة؛ أثره: عدم قبول الدعوى إذا سبق القضاء برفض الدعوى على النصوص ذاتها، وذلك بسبب الطبيعة العينية للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، وانعدام المصلحة - بالتالي - في معاودة طرح تلك النصوص مرة أخرى على المحكمة.
3 - تنظيم نقابي "حرية نقابية: حق الانضمام للنقابات".
التنظيم النقابي يتمخض تصرفاً حراً لا تهيمن عليه سلطة الإدارة؛ مؤدى ذلك: عدم جواز إرهاق النقابات بقيود تعطل مباشرتها لوظائفها، فلا يصح أن يكون تأسيسها موقوفاً على إذن من الجهة الإدارية، ولا أن يكون تمتعها بالشخصية الاعتبارية معلقاً على قبولها الحد من ممارستها لوظائفها - الحرية النقابية قاعدة أولية في التنظيم النقابي تمنحها بعض الدول، ومنها مصر، قيمة دستورية في ذاتها: أثر ذلك: حرية كل عامل في الانضمام إلى المنظمة النقابية التي يطمئن إليها.
4 - تنظيم نقابي "مجتمع مدني - حرية التعبير".
المجتمع المدني هو إطار كل تنظيم نقابي - ضرورة تأمين مباشرة أعضاء هذا التنظيم لحقوقهم وحرياتهم التي كفلها الدستور وفي الصدارة منها حرية التعبير.
5 - تنظيم نقابي "خصائصه".
المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي هي التي قننها الدستور في المادة 56 التي تحتم إنشاءه وفق أسس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها.
6 - تشريع "قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976: مسئولية تأديبية - حرية نقابية".
نظمت المواد 25 و26 و27 من قانون النقابات العمالية المسئولية التأديبية لأعضاء التنظيمات النقابية متضمنة المخالفات والجزاءات والجهة المختصة بتوقيعها؛ وهي مجلس إدارة النقابة العامة أو مجلس إدارة الاتحاد العام، وكفلت لهؤلاء الأعضاء حق الدفاع؛ مؤدى ذلك: أن هذه المساءلة التأديبية لا تخالطها مظنة تدخل من جانب أية جهة غير نقابية وبالتالي لا نشوز فيها على مبدأ الحرية النقابية.
7 - تشريع "قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976: الجمعية العمومية للنقابة العامة - ديموقراطية - حرية نقابية".
النص في المادة 30 (د) من قانون النقابات العمالية على اختصاص الجمعية العمومية للنقابة العامة بإصدار القرار المناسب في شأن عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية الموقوف عن مباشرة النشاط النقابي، لا ينطوي على شبهة مساس بالأساس الديمقراطي الذي تقوم عليه الحركة النقابية - أساس ذلك أن تشكيل الجمعية العمومية من أعضاء نقابيين من بينهم ممثلو اللجنة النقابية التي ينتمي إليها عضو مجلس الإدارة الموقوف لا يعكس من زاوية دستورية افتئاتاً على اللجنة النقابية ولا يمس الحرية النقابية وضماناتها.
8 - مبدأ خضوع الدولة للقانون "تشكيل نقابي: نقابة عامة - لجنة نقابية".
مبدأ خضوع الدولة للقانون لا يناقضه اعتبار النقابة العامة هي الأصل في التشكيل النقابي - أساس ذلك: أن مفردات هذا التشكيل لا تمثل في ذاتها قيمة دستورية - اتجاه المشرع إلى حجب الجمعية العمومية ومجلس إدارة اللجنة النقابية معاً عن مساءلة عضو مجلس الإدارة الموقوف؛ مؤداه: اتساقه مع هذا الأصل وبما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.

------------------
(1) يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المثارة في النزاع الموضوعي المرتبطة بهذه المسألة فلا تتعداها؛ وكان الفصل في الطعن بالإلغاء على قرار تأديبي صادر في شأن عضو إحدى المنظمات النقابية، لا يستلزم بطبيعته استجلاء دستورية واحدية الحركة النقابية، أو حرية الاختيار النقابي من عدمه، وهما المسألتان اللتان انتظمتهما المادتان 7 (فقرة أولى) و13 من قانون النقابات العمالية المشار إليه، وكذلك المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995 فيما تضمنته من إلغاء المادة 16 من ذات القانون، ومن ثم، فإن الدعوى في هذا الشق منها تكون غير مقبولة.
(2) سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت مسألة دستورية نص المادة 61 من قانون النقابات العمالية المطعون فيه بحكمها الصادر بجلسة 7/ 2/ 1998 في القضية رقم 77 لسنة 19 قضائية "دستورية" والذي قضى برفض الطعن بعدم دستوريته. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/ 2/ 1998؛ لما كان ذلك؛ وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية، حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها في جديد لمراجعته، فإن الدعوى بالنسبة لهذا النص تكون غير مقبولة.
(3) من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن حق العمال في تكوين تنظيمهم النقابي، وكذلك حرية النقابات ذاتها في إدارتها لشئونها، بما في ذلك إقرار القواعد التي تنظم من خلالها اجتماعاتها وطرائق عملها وتشكيل أجهزتها الداخلية، ومساءلتها لأعضائها عما يقع منهم مخالفاً لنظمها، ولا ينفصلان عن انتهاجها الديموقراطية أسلوباً وجيداً ينبسط على نشاطها ويكفل بناء تشكيلاتها وفق الإدارة الحرة للعمل المنضمين إليها، بغض النظر عن آرائهم ومعتقداتهم أو توجهاتهم؛ ولا يجوز بوجه خاص إرهاق ذلك بقيود تعطل مباشرة النقابات لوظائفها؛ ولا أن يكون تمتعها بالشخصية الاعتبارية معلقاً على قبولها الحد من ممارستها؛ ولا أن يكون تأسيسها موقوفاً على إذن من الجهة الإدارية؛ ولا أن تُحِلَّ هذه نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه أكفل لتأمين مصالح أعضائها والنضال من أجلها، ومن ثم تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية في التنظيم النقابي تمنحها بعض الدول - ومن بينها جمهورية مصر العربية - قيمة دستورية في ذاتها؛ لتكفل لكل عامل حق الانضمام إلى المنظمة النقابية التي يطمئن إليها، وفي انتقاء واحدة أو أكثر من بينها ليكون عضواً فيها، وكذلك في أن يعدل عن البقاء أي منها منهياً عضويته بها، أو أن ينعزل عنها جميعاً إذا شاء.
(4) المجتمع المدني هو الإطار لكل تنظيم نقابي، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان مفتوحاً لكل الآراء، قائماً على ضمان فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها، مقيداً بما يكون منها محققاً لمصلحة مبتغاة، موازناً بين حقوق المنتمين إليه وواجباتهم، نائباً عما يعد بالمعايير الموضوعية انحرافاً بالسلطة، مؤمَّناً مباشرة أعضاء هذا التنظيم لحقوقهم وحرياتهم التي كفلها الدستور؛ وفي الصدارة منها حرية التعبير، فلا يكون العمل النقابي إملاءً أو التواءً؛ بل تراضياً والتزاماً، كافلاً للمنظمات النقابية على تعدد مستوياتها ديموقراطية بنيانها وفقاً للدستور والقانون، فلا يتنصل القائمون على تطبيقها من القواعد التي ارتضوها ضابطاً لأعمالهم، بل تتم محاسبتهم وفقاً للمعايير، ذلك أن تنظيماً نقابياً محدداً على ضوء هذه المفاهيم، لا يستقيم بتنحيتها، بل يكون التقيد بها - إنفاذاً لمحتواها - ضرورة لا محيص عنها.
(5) المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قنن الدستور مجمل أحكامها، بنص المادة 56 منه؛ الذي يجعل إنشاء النقابات على أساس ديموقراطي، حقاً يكفله القانون؛ راعياً لدورها في تنفيذ الخطط والبرامج التي ينشدها المجتمع، مرتقياً بكفايتها؛ وما ذلك، إلا اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها النقابات، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وتوكيداً لضرورة أن يظل التنظيم النقابي تقدمياً فلا ينحاز لمصالح جانبية أو ضيقة، ولا يرتسم نمطاً بيروقراطياً أو ممالئاً لصالح أرباب الأعمال - على تنوع مشاربهم - أو من يمثلونهم، بل يكون متبنياً نهجاً مقبولاً من جموع أعضائه، وميثاق شرف أخلاقياً نابعاً منهم، وملزماً لهم، يتم على هديه مساءلتهم عما يصدر منهم أثناء ممارستهم أنشطتهم النقابية، أو بمناسبتها، من مسالك نابية عنه، أو خارجة عليه.
(6) نظمت المواد 25 و26 و27 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 المسئولية التأديبية لأعضاء التنظيمات النقابية بمختلف مستوياتها، فأبانت المخالفات التي يمكن نسبتها إليهم - وتتمثل في انتهاك أحكام قانون النقابات العمالية، أو لائحة النظام الأساسي أو المالي أو ميثاق الشرف الأخلاقي - وحددت الجزاء على مقارفتها متدرجاً من وقف عضو مجلس الإدارة؛ إلى سحب الثقة منه أو فصله، والأغلبية اللازمة لإصدار أي من هذا القرارات، والجهة المختصة بإصدارها، وهي مجلس إدارة النقابة العامة - من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب مجلس إدارة اللجنة النقابية - أو مجلس إدارة الاتحاد العام بنفسه أو بطلب من مجلس إدارة النقابة العامة - بحسب الأحوال، وكفلت لهؤلاء الأعضاء حق الدفاع عن أنفسهم أثناء التحقيق معهم فيما هو منسوب إليهم، ومفاد ذلك، أن المساءلة التأديبية التي اشتملت عليها المواد 25 و26 و27 من قانون النقابات العمالية، لا تخالطها مظنة تدخل من جانب أية جهة أياً كان وزنها أو صفتها في المجال المحجوز على وجه التفرد والاستقلال للتنظيمات النقابية؛ ومن ثم فإن هذه المنصوص تغدو لا نشوز فيها على مبدأ الحرية النقابية الذي اعتنقه الدستور.
(7) النص في المادة 30 (د) من قانون النقابات العمالية على اختصاص الجمعية العمومية للنقابة العامة - بحسبانها السلطة العليا التي ترسم سياستها وتشرف على كافة شئونها - بإصدار القرار الذي تراه مناسباً في شأن عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية الموقوف عن مباشرة النشاط النقابي طبقاً لنص المادة (26) من القانون؛ سواء بسحب الثقة منه أو بفصله عملاً بالمادة 27 من القانون ذاته؛ لا ينطوي على شبهة مساس بالأساس الديموقراطي الذي تقوم عليه الحركة النقابية، لما هو مسلم به من أن الجمعية العمومية صاحبة هذا الاختصاص مشكلة من أعضاء نقابيين من بينهم ممثلو اللجنة النقابية التي ينتمي إليها عضو مجلس الإدارة الموقوف؛ وبما لا يعكس من زاوية دستورية افتئاتاً على اللجنة النقابية، أو أعضاء جمعيتها العمومية، أو مجلس إدارتها، وقيداً على حريتهم، أو تهويناً من الضمانات المكفولة لهم.
(8) مبدأ خضوع الدولة للقانون - محدداً على ضوء الأسس التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية - لا يناقضه اعتبار النقابة العامة هي الأصل في التشكيل النقابي، ذلك أن مفردات هذا التشكيل لا تمثل في ذاتها قيمة دستورية يحظر مخالفتها أو الخروج عليها، بل العبرة دوماً بهيمنة العمال أعضاء التنظيمات النقابية - بسائر مستوياتها - على تسيير شئونها، وأن تكون قراراتها نابعة من غالبية آراء جمعياتها العمومية، بناء على تداول للآراء، تقرع فيه الحجة بالحجة، ولا تداخله وصاية إدارية، وأن تكون مرجعيتها إلى النظم الأساسية والمواثيق التي تضعها بنفسها لنفسها من خلال الاتحاد العام لنقاباتها؛ ومن ثم، فإن اتجاه المشرع بنص المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995 المعدل لقانون النقابات العمالية، إلى إلغاء نص المادة 47 منه بما يحجب الجمعية العمومية ومجلس إدارة اللجنة النقابية معاً عن منح أو سحب الثقة من عضو مجلس الإدارة الموقوف، أو فصله؛ يغدو متسقاً مع هذا الأصل، وبما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1997 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نصوص المواد 7 (فقرة أولى) و13 و25 و26 و27 و30 و61 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976، وكذلك نص المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية المشار إليه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى. كما قدم المدعي مذكرة صمم فيها على طلباته.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 827 لسنة 1997 أمام محكمة العمال الجزئية بالقاهرة، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث، ابتغاء القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني المتضمن وقف المدعي عن مباشرة نشاطه النقابي وفي الموضوع بإلغائه، والتعويض عنه بمبلغ خمسين ألف جنيه، وقال شرحاً لها أن صحيفة الشعب نشرت بتاريخ 4/ 2/ 1997 تحقيقاً تناول مخالفات بميناء القاهرة الجوي، وإثر ذلك أصدرت اللجنة النقابية للعاملين بالميناء، بياناً وقع عليه المدعي بصفته أحد أعضائه شجبت فيه ذلك التحقيق الصحفي، بيد أن النقابة العامة استدعته للتحقيق أمامها فيما أسند إليه من مخالفات تسئ إلى التنظيم النقابي؛ ثم أخطرته بوقفه عن ممارسة أي نشاط نقابي حتى انتهاء التحقيق معه، وبتاريخ 12/ 4/ 1997 ووجه في التحقيق بما هو منسوب إليه، وأبدى دفاعه رداً عليه، إلا أن النقابة العامة أصدرت قراراها باستمرار إيقافه عن مباشرة نشاطه النقابي، وعرض أمره على جمعيتها العمومية في أول انعقاد لها لاتخاذ قرار فصله من عضوية المنظمة النقابية، وأثناء نظر تلك الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية نص المواد 7 (فقرة أولى) و13 و25 و26 و27 و30 و61 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976، وكذلك نص المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995 المعدل له، وبعد تقديرها جدية الدفع، صرحت محكمة الموضوع للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المواد المطعون فيها من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 - بعد تعديله بالقانون رقم 12 لسنة 1995 - يجرى نصها على النحو التالي:
المادة 7 (فقرة أولى): "يقوم البنيان النقابي على شكل هرمي وعلى أساس وحدة الحركة النقابية وتتكون مستوياته من المنظمات النقابية التالية:
اللجنة النقابية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية.
النقابة العامة.
الاتحاد العام لنقابات العمال..
المادة 13: "للعمال والعمال المتدرجين المشتغلين في مجموعات مهنية أو صناعات متماثلة أو مرتبطة ببعضها أو مشتركة في إنتاج واحد، الحق في تكوين نقابة عامة على مستوى الجمهورية طبقاً للائحة التي يعدها التنظيم النقابي.....".
المادة 25: "لا يجوز فصل عضو الجمعية العمومية للمنظمة النقابية إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة وذلك في حالة مخالفته لأحكام هذا القانون أو لوائح الأنظمة الأساسية أو المالية للمنظمات النقابية أو ميثاق الشرف الأخلاقي.
ويتعين قبل عرض أمر فصله على مجلس إدارة النقابة إخطاره كتابة في محل إقامته بما هو منسوب إليه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول يحدد فيه ميعاد لسماع أقواله وتحقيق دفاعه بعد أسبوعين على الأقل..".
المادة 26: "لمجلس إدارة النقابة العامة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب مجلس إدارة اللجنة النقابية أن يصدر قراراً بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الإدارة بوقف عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية عن مباشرة نشاطه النقابي إذا ارتكب مخالفة لأحكام هذا القانون أو لائحة النظام الأساسي أو المالي أو ميثاق الشرف الأخلاقي...".
المادة 27: "يجب على مجلس إدارة النقابة العامة أو مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات العمال، حسب الأحوال، أن يعرض أمر عضو مجلس الإدارة الموقوف طبقاً للمادة السابقة على الجمعية العمومية للنقابة العامة في أول اجتماع لها بالنسبة لعضو مجلس إدارة اللجنة النقابية أو النقابة العامة، وعلى الجمعية العمومية للاتحاد العام بالنسبة لعضو مجلس إدارة الاتحاد، وذلك لاتخاذ ما تراه مناسباً في شأنه سواء بحسب الثقة منه أو فصله".
المادة 30: "الجمعية العمومية للنقابة العامة أو الاتحاد العام حسب الأحوال هي السلطة العليا التي ترسم سياستها وتشرف على كافة شئونها طبقاً للقواعد والأحكام التي يحددها النظام الأساسي لكل منها بما يلي:
( أ ) ......... (ب) ......... (جـ) ...........
(د) إصدار قرار بشأن أعضاء مجالس الإدارة الموقوفين عن مباشرة النشاط النقابي طبقاً لنص المادة (26) من هذا القانون أو بسحب الثقة أو الفصل طبقاً لنص المادة (27) من هذا القانون من كل أو بعض أعضاء مجالس إدارة المنظمات النقابية..".
المادة 61: "يضع الاتحاد العام لنقابات العمال نظاماً نموذجياً للمنظمات النقابية المختلفة...".
المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995:
"تلغى المادتان 16 و47 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976".
وكانت المادة 16 تنص على عدم جواز تكوين أكثر من نقابة عامة لعمال المهن والصناعات التي تضمها مجموعة من المجموعات المحددة في الجدول المرفق بهذا القانون. أمام المادة 47 فكانت تنص على أن تختص الجمعية العمومية للمنظمة النقابية بالنظر في منح أو سحب الثقة من عضو مجلس إدارتها الموقوف بالتطبيق المادة 26، فإذا قررت الجمعية العمومية سحب الثقة ورأى مجلس إدارة المنظمة النقابية أن المخالفة التي ارتكبها العضو الموقوف تستوجب فصله من عضويتها اتخذ المجلس بشأنه الإجراءات المنصوص عليها في المواد 25 و27 و28 من هذا القانون.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المثارة في النزاع الموضوعي المرتبطة بهذه المسألة فلا تتعداها؛ وكان الفصل في الطعن بالإلغاء على قرار تأديبي صادر في شأن عضو إحدى المنظمات النقابية، لا يستلزم بطبيعته استجلاء دستورية واحدية الحركة النقابية، أو حرية الاختيار النقابي من عدمه، وهما المسألتان اللتان انتظمتهما المادتان 7 (فقرة أولى) و13 من قانون النقابات العمالية المشار إليه، وكذلك المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995 فيما تضمنته من إلغاء المادة 16 من ذلك القانون، ومن ثم، فإن الدعوى في هذا الشق منها تكون غير مقبولة.
وحيث إن المحكمة سبق أن حسمت مسألة دستورية نص المادة 61 من قانون النقابات العمالية المطعون فيه بحكمها الصادر بجلسة 7/ 2/ 1998 في القضية رقم 77 لسنة 19 قضائية "دستورية" والذي قضى برفض الطعن بعدم دستوريته. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 19/ 2/ 1998؛ لما كان ذلك؛ وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية، حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الدعوى بالنسبة لهذا النص تكون غير مقبولة كذلك، ويضحى نطاق الدعوى محصوراً في نصوص المواد 25 و26 و27 و30 من قانون النقابات العمالية المشار إليه، وكذلك المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995، فيما تضمنته من إلغاء المادة 47 من ذات القانون.
وحيث إن المدعي ينعى على النصوص الطعينة - في نطاقها المتقدم - مناقضتها مبدأ الحرية النقابية، قولاً بأنها تجور على اختصاص الجمعية العمومية للجنة النقابية بمحاسبة أعضائها، منتهكة بذلك مفهوم الدولة القانونية، بالمخالفة المادتين 56 و65 من الدستور.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن حق العمال في تكوين تنظيمهم النقابي، وكذلك حرية النقابات ذاتها في إدارتها لشئونها، بما في ذلك إقرار القواعد التي تنظم من خلالها اجتماعاتها وطرائق عملها وتشكيل أجهزتها الداخلية، ومساءلتها لأعضائها عما يقع منهم مخالفاً لنظمها، لا ينفصلان عن انتهاجها الديموقراطية أسلوباً وجيداً ينبسط على نشاطها ويكفل بناء تشكيلاتها وفق الإرادة الحرة للعمل المنضمين إليها، بغض النظر عن آرائهم ومعتقداتهم أو توجهاتهم؛ ولا يجوز بوجه خاص إرهاق ذلك بقيود تعطل مباشرة النقابات لوظائفها؛ ولا أن يكون تمتعها بالشخصية الاعتبارية معلقاً على قبولها الحد من ممارستها؛ ولا أن يكون تأسيسها موقوفاً على إذن من الجهة الإدارية؛ ولا أن تُحلَّ هذه نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه أكفل لتأمين مصالح أعضائها والنضال من أجلها، ومن ثم تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية في التنظيم النقابي تمنحها بعض الدول، ومن بينها جمهورية مصر العربية - قيمة دستورية في ذاتها؛ لتكفل لكل عامل حق الانضمام إلى المنظمة النقابية التي يطمئن إليها، وفي انتقاء واحدة أو أكثر من بينها ليكون عضواً فيها، وكذلك في أن يعدل عن البقاء أي منها منهياً عضويته بها، أو أن ينعزل عنها جميعاً إذا شاء.
وحيث إن المجتمع المدني هو الإطار لكل تنظيم نقابي، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان مفتوحاً لكل الآراء، قائماً على ضمان فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها، مقيداً بما يكون منها محققاً لمصلحة مبتغاة، موازناً بين حقوق المنتمين إليه وواجباتهم، نائياً عما يعد بالمعايير الموضوعية انحرافاً بالسلطة، مؤمَّناً مباشرة أعضاء هذا التنظيم لحقوقهم وحرياتهم التي كفلها الدستور؛ وفي الصدارة منها حرية التعبير، فلا يكون العمل النقابي إملاءً أو التواءً؛ بل تراضياً والتزاماً، كافلاً للمنظمات النقابية على تعدد مستوياتها ديموقراطية بنيانها وفقاً للدستور والقانون، فلا يتنصل القائمون على تطبيقها من القواعد التي ارتضوها ضابطاً لأعمالهم، بل تتم محاسبتهم وفقاً لمعاييرها، ذلك أن تنظيماً نقابياً محدداً على ضوء هذه المفاهيم، لا يستقيم بتنحيتها، بل يكون التقيد بها - إنفاذاً لمحتواها - ضرورة لا محيص عنها.
وحيث إن المعايير والخصائص التي يقوم عليها التنظيم النقابي، هي التي قنن الدستور مجمل أحكامها، بنص المادة 56 منه؛ الذي يجعل إنشاء النقابات على أساس ديموقراطي، حقاً يكفله القانون؛ راعياً لدورها في تنفيذ الخطط والبرامج التي ينشدها المجتمع، مرتقياً بكفايتها؛ وما ذلك، إلا اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التي تمثلها النقابات، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وتوكيداً لضرورة أن يظل التنظيم النقابي تقدمياً فلا ينحاز لمصالح جانبية أو ضيقة، ولا يرتسم نمطاً بيروقراطياً أو ممالئاً لصالح أرباب الأعمال - على تنوع مشاربهم - أو من يمثلونهم، بل يكون متبنياً نهجاً مقبولاً من جموع أعضائه، وميثاق شرف أخلاقياً نابعاً منهم، وملزماً لهم، يتم على هديه مساءلتهم عما يصدر منهم أثناء ممارستهم أنشطتهم النقابية، أو بمناسبتها، من مسالك نابية عنه، أو خارجة عليه.
وحيث إن المادة 7 من قانون النقابات العمالية المشار إليه، تشيد البنيان النقابي على شكل هرمي، بمراعاة وحدة الحركة النقابية، وتجعل من النقابة العامة الأصل في التشكيلات النقابية، لتتفرع منها اللجان النقابية، وتقيم الاتحاد العام لنقابات العمال على قمة التنظيم النقابي، وغايته - عملاً بنص المادة 8 من هذا القانون - الدفاع عن حقوق أعضائه وحماية مصالحهم وتأمين أوضاعهم وشروط عملهم وتحسينها، والاتقاء بكفايتهم مهنياً، وكذلك بمستوياتهم الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
وحيث إن المادتين 32 و33 من قانون النقابات العمالية تدلان على أن كل منظمة نقابية وإن كان لها كيانها الخاص، إلا أن اتصالها ببضعها يؤكد تكامل بنيانها جميعاً؛ فالجمعية العمومية للنقابة العامة تتكون من ممثلي اللجان النقابية لمجموعات المهن أو الصناعات التي تضمها هذه النقابة على مستوى الجمهورية، الذين يتم اختيارهم طبقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من الاتحاد العام لنقابات العمال، بما مؤداه تبادل عضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية - وهي قاعدة البنيان النقابي - التمثيل والتأثير في المنظمة النقابية "الأصل" وهي النقابة العامة.
وحيث إن المواد 25 و26 و27 الطعينة، قد نظمت المسئولية التأديبية لأعضاء التنظيمات النقابية بمختلف مستوياتها، فأبانت المخالفات التي يمكن نسبتها إليهم - وتتمثل في انتهاك أحكام قانون النقابات العمالية، أو لائحة النظام الأساسي أو المالي أو ميثاق الشرف الأخلاقي - وحددت الجزاء على مقارفتها متدرجاً من وقف عضو مجلس الإدارة؛ إلى سحب الثقة منه أو فصله، والأغلبية اللازمة لإصدار أي من هذا القرارات، والجهة المختصة بإصدارها، وهي مجلس إدارة النقابة العامة - من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب مجلس إدارة اللجنة النقابية - أو مجلس إدارة الاتحاد العام بنفسه أو بطلب من مجلس إدارة النقابة العامة - بحسب الأحوال، وكفلت لهؤلاء الأعضاء حق الدفاع عن أنفسهم أثناء التحقيق معهم فيما هو منسوب إليهم، ومفاد ذلك، أن المساءلة التأديبية التي اشتملت عليها المواد 25 و26 و27 من قانون النقابات العمالية، لا تخالطها مظنة تدخل من جانب أية جهة أياً كان وزنها أو صفتها في المجال المحجوز على وجه التفرد والاستقلال للتنظيمات النقابية؛ ومن ثم فإن هذه المنصوص تغدو لا نشوز فيها على مبدأ الحرية النقابية الذي اعتنقه الدستور.
وحيث إن النص في المادة 30 (د) من قانون النقابات العمالية على اختصاص الجمعية العمومية للنقابة العامة - بحسبانها السلطة العليا التي ترسم سياستها وتشرف على كافة شئونها - بإصدار القرار الذي تراه مناسباً في شأن عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية الموقوف عن مباشرة النشاط النقابي طبقاً لنص المادة (26) من القانون؛ سواء بسحب الثقة منه أو بفصله عملاً بالمادة 27 من القانون ذاته؛ لا ينطوي على شبهة مساس بالأساس الديموقراطي الذي تقوم عليه الحركة النقابية، لما هو مسلم به من أن الجمعية العمومية صاحبة هذا الاختصاص مشكلة من أعضاء نقابيين من بينهم ممثلو اللجنة النقابية التي ينتمي إليها عضو مجلس الإدارة الموقوف؛ وبما لا يعكس من زاوية دستورية افتئاتاً على اللجنة النقابية، أو أعضاء جمعيتها العمومية، أو مجلس إدارتها، وقيداً على حريتهم، أو تهويناً من الضمانات المكفولة لهم.
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون - محدداً على ضوء الأسس التي يعتبر التسليم بها في الدولة الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية - لا يناقضه اعتبار النقابة العامة هي الأصل في التشكيل النقابي، ذلك أن مفردات هذا التشكيل لا تمثل في ذاتها قيمة دستورية يحظر مخالفتها أو الخروج عليها، بل العبرة دوماً بهيمنة العمال أعضاء التنظيمات النقابية - بسائر مستوياتها - على تسيير شئونها، وأن تكون قراراتها نابعة من غالبية آراء جمعياتها العمومية، بناء على تداول للآراء، تقرع فيه الحجة بالحجة، ولا تداخله وصاية إدارية، وأن تكون مرجعيتها إلى النظم الأساسية والمواثيق التي تضعها بنفسها لنفسها من خلال الاتحاد العام لنقاباتها؛ ومن ثم، فإن اتجاه المشرع بنص المادة الثالثة من القانون رقم 12 لسنة 1995 المعدل لقانون النقابات العمالية، إلى إلغاء نص المادة 47 منه بما يحجب الجمعية العمومية ومجلس إدارة اللجنة النقابية معاً عن منح أو سحب الثقة من عضو مجلس الإدارة الموقوف، أو فصله؛ يغدو متسقاً مع هذا الأصل، وبما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 101 لسنة 20 ق جلسة 2 / 6 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 117 ص 969

جلسة 2 يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (117)
القضية رقم 101 لسنة 20 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "الحكم فيها: حجيته - اعتبار الخصومة منتهية".
لقضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى سلطات الدولة؛ أثره: اعتبار الخصومة منتهية في دعوى لاحقة بالطعن على النصوص ذاتها لانتفاء المصلحة في معاودة طرح تلك النصوص على المحكمة مرة أخرى بعد أن حسمت الخصومة حولها بحكم سابق.

---------------
سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 9 سبتمبر سنة 2000 في القضية رقم 189 لسنة 20 قضائية "دستورية" والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأرضي رقم 324 لسنة 1991. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 سبتمبر سنة 2000، وكانت الخصومة في الدعوى الراهنة تتعلق بذات النص التشريعي الذي سبق أن قضت هذه المحكمة بعدم دستوريته في الدعوى السابقة، وكان مقتضى المادتين 48 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.


الإجراءات

بتاريخ الحادي عشر من مايو سنة 1998، ورد إلى قلم كتاب المحكمة، ملف الدعوى رقم 1624 لسنة 1997 عمال بعد أن قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1624 لسنة 1997 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهم، طالباً الحكم بأحقيته في الحصول على قطعة أرض زراعية مساوية - مساحة وسعراً - لحصة العاملين بالشركة المدعى عليها الثالثة مقابل تركه وظيفته مع إلزامهم بالتعويض المناسب. وقال بياناً لذلك أنه كان يعمل بالشركة المشار إليها، وإبان فترة عمله حُرم من حقه في تملك قطعة أرض زراعية مقابل تركه الخدمة استناداً إلى أن زوجته سبق أن حصلت على قطعة أرض مماثلة. وبجلسة 15/ 2/ 1998 قضت المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991، وذلك لما تراءى لها مخالفتها لأحكام المواد 7 و8 و32 و40 من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 9 سبتمبر سنة 2000 في القضية رقم 189 لسنة 20 قضائية "دستورية"، والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من البند ( أ ) من المادة الأولى من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 324 لسنة 1991. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 سبتمبر سنة 2000، وكانت الخصومة في الدعوى الراهنة تتعلق بذات النص التشريعي الذي سبق أن قضت هذه المحكمة بعدم دستوريته في الدعوى السابقة، وكان مقتضى المادتين 48 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.

الطعن 240 لسنة 21 ق جلسة 2 / 6 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 116 ص 965

جلسة 2 يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (116)
القضية رقم 240 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "الحكم فيها: حجية - عدم قبول الدعوى".
رفع دعوى لاحقة بعدم دستورية نص قانوني بعد نشر الحكم الصادر بعدم دستوريته؛ مؤداه: عدم قبول الدعوى بسبب انعدام المصلحة فيها نظراً للحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية.

---------------

سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/ 12/ 1994 في القضية رقم 30 لسنة 15 قضائية "دستورية" والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما قررته من استثناء التنازل فيما بين المحامين بعضهم البعض في شأن الأعيان المؤجرة والمتخذة مقاراً لمزاولة مهنة المحاماة، من الخضوع لحكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 22/ 12/ 1994، وكان مقتضى المادتين 48 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها في جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون غير مقبولة.


الإجراءات

بتاريخ الثاني من ديسمبر سنة 1999، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف القضية رقم 322 لسنة 99 مدني محكمة طنطا الابتدائية، بعد أن قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، فيما تضمنته من جواز نزول المحامي أو ورثته عن حق إيجار مكتب المحاماة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 332 لسنة 99 مدني أمام محكمة طنطا الابتدائية، ضد هيئة الأوقاف المصرية بصفتها المالكة للعقار المبين بالأوراق، طالباً إلزامها بتحرير عقد إيجار له عن العين التي اتخذها مكتباً للمحاماة وآلت إليه بالتنازل من مستأجرها الأصلي والذي كان يستأجرها لذات الغرض، وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983. وبجلسة 31/ 10/ 1999 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية النص المشار إليه فيما انطوى عليه من جواز تنازل المحامي أو ورثته عن حق إيجار مكتب المحاماة إلى الغير لمزاولة ذات المهنة، لما تراءى لها من مخالفته لنص المادتين 30 و32 من الدستور، بحرمانه المؤجر - في هذه الحالة - من الحقوق المقررة في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، دون غيره من المؤجرين.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 أصبحت - بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 27 مايو 1992 في الدعوى رقم 25 لسنة 11 قضائية دستورية - تنص على أنه استثناء من حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يجوز للمحامي أو لورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة ذات المهنة.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/ 12/ 1994 في القضية رقم 30 لسنة 15 قضائية "دستورية" والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (55) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما قررته من استثناء التنازل فيما بين المحامين بعضهم البعض في شأن الأعيان المؤجرة والمتخذة مقاراً لمزاولة مهنة المحاماة، من الخضوع لحكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 22/ 12/ 1994، وكان مقتضى المادتين 48 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً وتعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها في جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون غير مقبولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.