الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 18 يوليو 2023

الطعن رقم 188 لسنة 35 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 7 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن مــــن يوليه سنة 2023م، الموافق العشرين من ذي الحجة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 188 لسنة 35 قضائية دستورية

المقامة من
1 - شعبان محمد عويس سلمان 2 - كمال حسين محمد حسين
3 - شعبان صديق عيد درويش 4 - عادل محمد عبد الغني عزيزة
5 - كمال محمد غريب أحمد 6 - واصف ندا عطية
7 - حامد حسن عبد النعيم إبراهيم 8 - حسين يوسف حسين يوسف
9 - حجازي أحمد محمد قاسم 10- إبراهيم عويس إسماعيل
11- خالد محمد سعيد قرني 12- جمعة صابر قرني نصار
13- إبراهيم عثمان محمد أبو الفضل 14- سميح عبد الغني محمد
15- محمد علي محمود سليمان 16- عمر عبودة أحمد محمد حسانين
17- حسين أحمد محمود سليمان عمار
ضـــد
1 - رئيــس الجمهورية
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - وزيــــر العـــدل
4 -الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الرابع من ديسمبر سنة 2013، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، قدمت خلالهما هيئة قضايا الدولة مذكرة رددت فيها طلبها السابق، كما قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم، أصليًّا: برفض الدعوى، واحتياطيًّا: في حالة الحكم بعدم دستورية النص المطعون فيه، إعمال أثر الحكم من اليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعين أقاموا أمام محكمة الجيزة الابتدائية - مأمورية الصف الكلية - الدعوى رقم 24 لسنة 2011 عمال كلي، ضد الهيئة المدعى عليها الرابعة طلبًا للحكم، أولًا: بتعديل معاشات المدعين، وإعادة تسوية حسابها وفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون نص الفقرة الثانية من المادة ذاتها بعد استبدالها بالقانون 130 لسنة 2009، وإعادة حساب مستحقاتهم وصرف ما تجمد منها بأثر رجعي، ثانيًا: بإلزام الهيئة المدعى عليها الرابعة بغرامة 1% شهريًّا، تعويضًا عن التأخير في صرف المبالغ المطالب بها، من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام الصرف، إعمالًا لنص المادة (142) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه. وذلك على سند من القول بأن المدعين كانوا من العاملين بشركة النصر لإنتاج الحراريات والسيراميك سورناجا، وانتهت خدمتهم بالإحالة إلى المعاش المبكر بتاريخ 26/6/2010، وتمت تسوية معاشاتهم من جانب الهيئة المدعى عليها الرابعة؛ استنادًا لنص المادة (20) في فقرتها الثانية من قانون التأمين الاجتماعي المار ذكره، المستبدلة بالقانون رقم 130 لسنة 2009، مما ترتب عليه الانتقاص من معاشاتهم، على الرغم من توافر شروط استحقاقهم لتلك المعاشات، لسدادهم الاشتراكات التأمينية من تاريخ تعيينهم بالشركة حتى تقاعدهــــم المبكر، شأنهــــم فــــي ذلك شــــأن باقي الحالات المنصوص عليها في المادة (18) من ذلك القانون. وإذ كانت هذه التسويات لمعاشاتهم قد أخلت بحقوقهم الدستورية، ممثلة في الحق في المعاش، والحق في الملكية ومبدأ المساواة، فقد أقاموا دعواهم الموضوعية بالطلبات السالفة البيان. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعون بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009، وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع، صرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى المعروضة.
حيث إن المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعـي الصـادر بالقانـون رقم 79 لسنة 1975، بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009 تنص على أنه يسوى المعاش بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة السابقة عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين.
ويسوى المعاش لتوافر الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة 18 (المعاش المبكر) بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بالجدول رقم (9) المرفق في تاريخ تقديم طلب صرف الحقوق التأمينية.
................
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب المدعين تسوية معاشاتهم وصرفها طبقًا للفقرة الأولي من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون فقرتها الثانية، بعد استبدالها بالقانون رقم 130 لسنة 2009، ولما كان الثابت بالأوراق أن المدعين قد أُنهيت خدمتهم للاستقالة بنظام المعاش المبكر، اعتبارًا من 26/6/2010، وبعد العمل بالقانون رقم 130 لسنة 2009 المشار إليه، وتمت تسوية معاشاتهم طبقًا لنص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي المار ذكره، ومن ثم فإنهم يكونون من المخاطبين بأحكام هذه الفقرة، ويكون الفصل في دستوريتها لازمًا للفصل في الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتبعًا لذلك تتوافر للمدعين مصلحة شخصية مباشرة في الطعن عليها.
ولا ينال من ذلك إلغاء النص المطعون فيه - ضمن كامل أحكام قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، بموجب المادة السادسة من القانون رقم 148 لسنة 2019، بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات - ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جــــرى على أن استبدال المشـرع لقاعـدة قانونية بغيرهـا، أو إلغائهـا لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال مدة نفاذها وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها علي الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة أو حلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ مكتملًا في ظل القاعدة القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها. متى كان ذلك، فإن إلغاء النص المطعون فيه بموجب أحكام القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، لا يمنع هذه المحكمة من إعمال رقابتها الدستورية عليه، باعتباره قد طبق على المدعين خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم.
وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون فيه، تقويضه نظام التأمين الاجتماعي الذي تكفل الدولة بمقتضاه تهيئة أفضل الظروف التي تفي باحتياجات من تقرر لمصلحتهم، والارتقاء بمعيشتهم، ومخالفته مبدأ المساواة لتمييزه في الحقوق التأمينية بين من انتهت خدمته بالمعاش المبكر، ومن انتهت ببلوغ السن القانونية للإحالة للمعاش أو للعجز، بالرغم من وفاء كل من أفراد الطائفتين بالتزاماته التأمينية، ومن ثم تساويهم في المركز القانوني، واعتداءه على حقوقهم الشخصية التي سعى الدستور إلى صونها، مما يشكل إخلالًا بأحكام المواد (17 و34 و40) من دستور سنة 1971، وما يقابلها من مواد دستور سنة 2012.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع للدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة تستهدف - أصلًا - صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها - أيًّا كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتي بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة، يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. إذ كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعون إلى النص المطعون فيه، تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، وكان النص المطعون فيه قد عُمل به حتى تم إلغاؤه بموجب القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات - على ما سبق بيانه - فإن هذه المحكمة تفصل في دستورية النص المطعون فيه، على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن ما نعاه المدعون على النص المطعون فيه سديـد في مجمله؛ ذلك أن الدستور قد حرص في المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعي، حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم، في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم، أو عجزهم عن العمل، أو شيخوختهم؛ ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي التي يحدد المشرع نطاقها، هي التي تفرض بمداها واقعًا أفضل يؤمّن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع، وفقًا لنص المادة (8) من ذلك الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بهــــا في مستقبل أيامهم عند تقاعدهــــم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، بما مؤداه أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافيًا أحكام الدستور منافيًا لمقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها، أو يفرغها من مضمونها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة بين المؤهلين للانتفاع بها. كما أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة (53) من دستور سنة 2014، والذى رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي؛ غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها، أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتبرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك، سقـط في حمأة المخالفة الدستورية.
وحيث إن المشرع قد استهدف من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج تحتها الشيخوخة والعجز والوفاة وغيرها من أسباب انتهاء الخدمة التي عددتها المادة (18) من القانون المشار إليه، ومن بينها حالات انتهاء الخدمة لغير الأسباب التي عددتها البنود (1 و2 و3) من هذه المادة، والتي يأتي من بينها حالة المعاش المبكر، ليفيد المؤمَّن عليه الذي يخضع لأحكام هذا النص، وتوافرت فيه شروط استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي، من المزايا التأمينية المقررة به عند تحقق الخطر المؤمَّن منه.
وحيث إنه ولئن كان اختيار المشرع للمعامل الإكتواري، أو تعديله، يدخل ضمن حدود سلطته التقديرية في المفاضلة بين بدائــــل متعــــددة، فينحاز إلى ما يراه منها جديرًا بوفاء النظام التأميني بالتزاماته في مواجهة المستفيدين منه، إلا أن البديل التشريعي الذي يختاره، ينبغي أن ينضبط - وفق المبادئ الدستورية المقررة، في إطار التزام الدولة بتحقيــــق العدالـة الاجتماعيـة وتوفير سبـل التكافـل الاجتماعي - بضابطين متلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر، أولهما: سريان معامل إكتواري موحد على حالات تسوية الحقوق التأمينية كافة، ما دامت تواجه خطرًا تأمينيًّا واحدًا، جوهره انتهاء الخدمة، أيًّا كان سبب انتهائها. وثانيهما: سريان المعامل بأثر فوري ومباشر على تسوية المستحقات التأمينية للمستفيدين من النظام التأميني عند اكتمال مراكزهم القانونية، بحلول آجال استحقاقهم للمزايا التأمينية، وذلك ضمانًا لتحقيق مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين المخاطبين بنظام تأميني يقوم على المزايا المحددة؛ بالنظر إلى أن المعامل الإكتواري - وحده - يمثل العنصر الثابت في المعادلة التأمينية، بينما يتغير متوسط أجر الاشتراك، ومدته، وفق المعطيات الفعلية لكل حالة تأمينية على حدة.
متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه يقضي بتسوية معاش من انتهت خدمتهم بالاستقالة (المعاش المبكر) - وحدهم - بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بالجدول رقم (9) المرفق بالقانون، في تاريخ تقديم طلب صرف الحقوق التأمينية، بينما يسوى المعاش ذاته لباقي الفئات، ممن تنتهي خدمتهم لغير سبب الاستقالة، بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة (19) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين، وكان النص المطعون فيه بهذه المثابة قد أعاق النظام التأميني، القائم على أساس المزايا المحددة، من تحقيق غايته في كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعي الواجبة، باعتبار أن وفاء الجهة التي تقرر المعاش في ذمتها لصالح مستحقيه، مؤداه - عملًا بمفهوم العدالة الاجتماعية - أن تعامل جميع فئات المستحقين للمعاش بمعامل إكتواري موحد، كما أخل النص المطعون فيه بالمساواة بين أصحاب المعاش المبكر، والمكافئين لهم، ممن تنتهي خدمتهم بغير الاستقالة؛ وذلك بتعديل المعامل الإكتواري لفئة أصحاب المعاش المبكر عما سواهم، على الرغم من اتحاد مراكزهم القانونية تجاه الخطر المؤمَّن منه، بحسان وحدة المعامل الإكتواري هي مناط إعمال مبدأ المساواة بين المستحقين للمزايا التأمينية عند حلول آجال استحقاقهم لها، مهما كان سبب انتهاء خدمتهم، ومن ثم يكون النص المطعون فيه قد جاء مخالفًا لأحكام المواد (8 و17 و53) من دستور 2014، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إن النص المطعون فيه قد أحال في شأن قواعد حساب المعاش إلى المعامل المناظر لسن المؤمَّن عليه المحدد بالجدول رقم (9) المرفق بذلك القانون، وكان هذا الجدول يرتبط ارتباطًا غير قابل للانفصال عن النص المقضي بعدم دستوريته، ولا حكم له من دونه، ومن ثم فإن الحكم بسقوطه يكون لازمًا.
وحيث إن هذه المحكمة تقديرًا منها أن إعمال الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه، يُفضي إلى تحمل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أعباء مالية كبيرة، مقابل إعادة تسوية معاشات المستحقين المخاطبين بأحكام ذلك النص، فإن المحكمة تُعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثانية من المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال آثاره، دون إخلال باستفادة المدعين منه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المستبدل بالقانون رقم 130 لسنة 2009، وسقوط الجدول رقم (9) المرفق بهذا القانون.
ثانيًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال آثاره.
ثالثًا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 54 لسنة 25 ق جلسة 26 / 2 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 ق 28 ص 184

جلسة 26 من فبراير سنة 1959

برئاسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: عثمان رمزي، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

------------------

(28)
الطعن رقم 54 سنة 25 ق

ضرائب. قانون. 

وجوب اتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في سنة 1948 ما دام الربط في هذه السنة لم يصبح نهائياً وقت سريان المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 ولو كان التقدير مطعوناً عليه من جانب الممول وحده.

----------------
لما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 تنص على أنه "استثناء من أحكام الفصل الخامس من القانون رقم 14 لسنة 1939 تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة للممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن كل من السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1951"، وكانت المادة الثانية تنص على أنه "لا يسري هذا القانون على الحالات التي ربطت فيها الضريبة ربطاً نهائياً عن أية سنة من السنين من سنة 1948 إلى سنة 1951"، ولما كان المقصود بالربط النهائي المشار إليه هو الربط الذي لم يعد قابلاً للطعن فيه أمام أية جهة من جهات الاختصاص سواء في ذلك لجان الطعن أو المحاكم على اختلاف درجاتها - سواء كان هذا الربط بناءً على اتفاق المصلحة والممول على الأرباح أو بناءً على تقدير المأمورية أو قرار اللجنة أو حكم المحكمة متى صار نهائياً لعدم الطعن فيه - فإنه لا اعتداد في هذا الخصوص بأن يكون الممول وحده - دون مصلحة الضرائب - هو الطاعن في قرار تحديد الأرباح ذلك أنه يكفي لاعتبار الربط غير نهائي أن يكون التقدير محل طعن - من أي من الطرفين - ولا محل في هذا الصدد لإعمال قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه - ذلك لأنه ما دام المشرع قد رسم قاعدة لتقدير وعاء الضريبة فإن هذه القاعدة تكون واجبة الاتباع من تاريخ سريان القانون الذي نظمها ويتعين على مصلحة الضرائب من تلقاء نفسها إعمال أحكامه من وقت العمل به على كافة الحالات التي لم يصبح فيها الربط نهائياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن. في أن مأمورية الضرائب (المختصة) حاسبت المطعون عليه عن أرباحه في السنوات 43 - 44 إلى 48 - 49 فقدرتها على التوالي بمبالغ معينة - ولما لم يوافق الممول على هذا التقدير وأحيل الأمر إلى لجنة التقدير أصدرت بتاريخ 14/ 8/ 1950 قراراً بتحديد أرباحه بمبالغ أخرى أقل مما قدرته المأمورية - فطعن الممول في هذا القرار أمام محكمة مصر الابتدائية بالدعوى رقم 2335 لسنة 1950 تجاري كلي مصر طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة التقدير واعتبار أرباحه طبقاً للإقرارات المقدمة منه. وبتاريخ 11/ 3/ 1952 قضت محكمة أول درجة بندب خبير الضرائب لفحص دفاتر الممول واستخلاص صافي أرباحه منها إن كانت تصلح لذلك أو تقدير صافي أرباحه بالطرق الفنية - وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت تلك المحكمة بتاريخ أول ديسمبر سنة 1953 بتعديل الأرباح في سنى المحاسبة طبقاً لما أظهره الخبير بمبالغ معينة، وأشارت المحكمة في حكمها إلى أنه وإن كان يتعين بمقتضى المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 جعل أرباح سنة 48 - 49 كأرباح 47 - 48 إلا أنه لما كان الطعن مقدماً إليها من الممول فإنه يمتنع عليها أن تسيء إلى مركزه فترفع أرباح السنة الأخيرة إلى مثل السنة السابقة عليها - وبتاريخ 9/ 2/ 1954 استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 128 لسنة 71 ق استئناف القاهرة طالبة إلغاءه فيما قضى به - من تعديل قرار اللجنة واعتبار أرباح المطعون عليه في سنى المحاسبة لغاية 46 - 1947 هي الواردة بقرار لجنة التقدير - واعتبار الربح في كل من سنتي 47 - 48 و48 - 49 هو مبلغ 1100 جنيه وذلك بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 الذي صدر أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة - مع إلزام المستأنف ضده بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وبتاريخ 25 نوفمبر سنة 1954 قضت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وبتاريخ 10/ 2/ 1955 قررت الطاعنة الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها بنقض الحكم المطعون فيه - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 30 ديسمبر سنة 1958 فصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 12/ 2/ 1959 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن الطعن مقام على سبب وحيد وبه تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيانه ذكرت أن المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 قد صدر قبل أن يصبح ربط الضريبة على الممول نهائياً - إذ كان هناك طعن وارد على قرار لجنة التقدير مرفوع منه أمام المحكمة الابتدائية - وقد كان يتعين إعمالاً لأحكام هذا المرسوم بقانون - أن تتخذ أرباح الممول في سنة 46 - 47 أساساً تقاس عليه أرباحه في كل من سنتي 47 - 48 و48 - 49 دون اعتداد في هذا الخصوص بأن الطعن مقام من الممول لا من مصلحة الضرائب - ولا بأنه لا يضار بطعنه - لأن في الأخذ بهذا النظر إهداراً لحكمة هذا التشريع وإغفالاً لما هدف إليه الشارع من إصداره وقد بينت المذكرة التفسيرية لهذا القانون بما لا يدع مجالاً لأي شك - معنى نهائية الربط التي تحول دون اعتبار أرباح سنة 46 - 47 سنة أساس ولكن المحكمة الابتدائية خالفت هذا النظر الصحيح وأيدتها فيه محكمة الاستئناف واستندت في قضائها إلى أن الربط قد صار نهائياً بالنسبة لمصلحة الضرائب - بعدم طعنها في قرار لجنة التقدير - وأنه لما كان الطعن مقدماً من الممول وحده فإنه لا يمكن الإساءة إلى مركزه والإضرار به - وهذا النظر من جانبها خاطئ قانوناً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه إذ عرض لما تمسكت به الطاعنة من إعمال أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 في شأن اعتبار سنة 46/ 47 سنة أساس تقاس عليها الأرباح في سنتي 47/ 48 و48/ 49 رفض الأخذ بوجهة نظرها - وذكر أن مصلحة الضرائب "ارتضت قرار لجنة التقدير ولم تطعن فيه فأصبح قرار هذه اللجنة نهائياً بالنسبة لها ويعتبر ربط الضريبة على أساسه نهائياً من ناحيتها ولا يسوغ أن تعود إلى المطالبة بما يزيد على هذا التقدير... وأن تستفيد بذلك من طعن الممول على خلاف ما تقضي به المادة 384 مرافعات التي تنص على أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وبني عليه قضاءه مخالف للقانون - ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 تنص على أنه "استثناء من أحكام الفصل الخامس من القانون رقم 14 لسنة 1939 تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة للممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريقة التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن كل من السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1951" وكانت المادة الثانية تنص على أنه "لا يسري هذا القانون على الحالات التي ربطت فيها الضريبة ربطاً نهائياً عن أية سنة من السنين من سنة 1948 إلى سنة 1951" ولما كان المقصود بالربط النهائي المشار إليه هو الربط الذي لم يعد قابلاً للطعن فيه أمام أية جهة من جهات الاختصاص سواء في ذلك لجان الطعن أو المحاكم على اختلاف درجاتها - سواء كان هذا الربط بناءً على اتفاق المصلحة والممول على الأرباح أو بناءً على تقدير المأمورية أو قرار اللجنة أو حكم المحكمة متى صار نهائياً لعدم الطعن فيه - فإنه لا اعتداد في هذا الخصوص بأن يكون الممول وحده - دون مصلحة الضرائب - هو الطاعن في قرار تحديد الأرباح ذلك أنه يكفي لاعتبار الربط غير نهائي أن يكون التقدير محل طعن - من أي من الطرفين. ولا محل في هذا الصدد لإعمال قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه - ذلك لأنه ما دام أن المشرع قد رسم قاعدة لتقدير وعاء الضريبة فإن هذه القاعدة تكون واجبة الاتباع من تاريخ سريان القانون الذي نظمها - ويتعين على مصلحة الضرائب من تلقاء نفسها إعمال أحكامه من وقت العمل به على كافة الحالات التي لم يصبح فيها الربط نهائياً - وإذ كان ظاهراً من الوقائع السالف إيرادها أن المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 قد صدر أثناء نظر الطعن المقام من الممول أمام المحكمة الابتدائية ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1952 ونص في المادة الثالثة منه على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية فكان يتعين إعمالاً لأحكامه اعتبار الأرباح المقدرة في سنة 46/ 47 أساساً تقاس عليه أرباح الممول في كل من سنتي 47/ 48 و48/ 49 وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر فيتعين نقضه.
ومن حيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى قدر أرباح الممول - المطعون عليه - في سنة 46/ 47 بمبلغ 890 جنيهاً واعتمدت المحكمة المشار إليها هذا التقدير في حكمها المستأنف الذي قبله الممول ولم يستأنفه وأن الطاعنة وإن كانت قد نازعت في هذا التقدير أمام محكمة الاستئناف إلا أن طعنها الحالي مقصور على ما قضى به من عدم اعتبار الأرباح المقدرة في سنة 46/ 1947 أساساً للتقدير في السنتين اللاحقتين ولما كان هذا القضاء مخالفاً للقانون لما سبق بيانه فإنه يتعين تعديل الحكم المستأنف واعتبار صافي أرباح المطعون عليه مبلغ 890 جنيهاً عن كل من سنتي 1947/ 1948 و1948/ 1949.

الطعن 622 لسنة 12 ق جلسة 23 / 11 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 9 ص 69

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي، ومحمد صلاح الدين السعيد المستشارين.

-----------------

(9)

القضية رقم 622 لسنة 12 القضائية

موظف - "تقدير كفايته" "قرار إداري - سببه" "عبء الإثبات".
إذا اتضح من الأوراق وجود اعتبارات تزحزح قرينة الصحة المفترضة في قيام القرار الصادر بنقله سكرتير ثان بوزارة الخارجية إلى وظيفة بالدرجة الرابعة الإدارية بوزارة الخزانة - انتقال عبء الإثبات على جانب الحكومة.

-----------------------
إنه وقد انكشف للمحكمة أن كفاية المدعي وفقاً لصحيفته قد أهلاه خلال عمله في وزارة الخارجية للترشيح لعضوية العديد من المؤتمرات الدولية السياسية والاقتصادية والعلمية ولم تتوقف الاستعانة به في مثل هذه المؤتمرات بعد نقله إلى وزارة الخزانة ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تقرر ندبه للعمل بمكتب السيد رئيس الجمهورية للشئون العلمية بالإضافة إلى عمله وهو ما لا يتم دون تحريات واسعة ودقيقة عن ماضي الموظف وحاضره والتأكد بصورة قاطعة من أنه ليس ثمة ما يثلم صلاحيته لهذه الأعمال التي تتطلب قدراً ملحوظاً من الكفاية والثقة الكاملة في شخص من يقوم بها نظراً لصلتها الوثيقة بأمور لها حساسيتها وخطرها وهي في هذا لا تقل شأناً عما يتطلبه العمل في وزارة الخارجية من اعتبارات خاصة. وبالإضافة إلى ذلك فقد أشار المدعي إلى أنه قد ترامى إليه أن انتدابه للسفر من نيويورك إلى جنيف في الفترة من 18 - 21 من ديسمبر سنة 1961 لحضور اجتماعات اللجنة العلمية إنما جاء تحت ضغط وإصرار من جانب وزارة البحث العلمي مما لم يلق ترحيباً من جانب وزارة الخارجية وأثار حفيظتها فجعلها تقدم على التخلص منه وحررت مذكرتها في هذا الشأن في 22 من مارس سنة 1962 وصدر بناء عليها القرار المطعون فيه دون بيان الأسباب. فإن من شأن هذه الاعتبارات أن تزحزح قرينة الصحة المفترضة في قيام القرار المطعون فيه على أسبابه وتنقل عبء الإثبات على جانب الحكومة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراقها في أن المدعي ( المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 492 لسنة 17 القضائية بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 12 من يناير سنة 1963 طالباً فيها الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 1769 الصادر بتاريخ 29 من مايو سنة 1962 بنقله من وظيفة سكرتير ثان بالبعثة الدائمة للجمهورية العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة إلى وظيفة من الدرجة الرابعة الإدارية بوزارة الخزانة واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي بياناً لدعواه إنه عين بإدارة الأبحاث بوزارة الخارجية ونقل في 6 من أغسطس سنة 1959 إلى البعثة الدائمة للجمهورية العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة بنيويورك وبعد ثلاث سنوات من الخدمة بنيويورك تقدم إلى الوزارة يطلب منحه إجازة يقضيها في القاهرة وقد وافقت الوزارة بكتابها رقم 187 بتاريخ 7 من يونيه سنة 1962 على قيامه بالإجازة المطلوبة في أول يوليو سنة 1962. وفي 11 من يونيه سنة 1962 تسلمت البعثة برقية من الوزارة متضمنة نقله إلى القاهرة مما أثار الدهشة الأمر الذي اتصل بسببه السد/ محمود رياض المندوب الدائم لوفد مصر لدى الأمم المتحدة بالسيد وكيل الوزارة تليفونياً للاستفسار وإعطائه مهلة أطول للتنفيذ وقد وافقت الوزارة ببرقيتها رقم 116 بتاريخ 19 من يوليه سنة 1962 على منحه مهلة حتى أول سبتمبر سنة 1962. وما أن وصل إلى القاهرة حتى فوجئ بإدارة التفتيش تسلمه، كتاباً مؤرخاً في 4 من سبتمبر سنة 1962 متضمناً نقله إلى وزارة الخزانة بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 1769 لسنة 1962 فتظلم من هذا القرار في 13 من سبتمبر سنة 1962 ولما لم يتلق أي رد أقام دعواه ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته القانون للأسباب الآتية:
أولاً: إن نقله من وزارة الخارجية وكان يشغل وظيفة سكرتير ثان إلى وزارة الخزانة لم يكن الباعث عليه تحقيق مصلحة عامة وإنما كان وليد رغبة الوزارة في حرمانه دون مبرر مشروع من التمتع بمزايا وظيفته في السلك السياسي. فقد كان علمه وخبرته وكفايته محل تقدير وإعجاب جميع رؤسائه وزملائه الأمر الذي كلف بسببه بتمثيل الجمهورية العربية المتحدة في عدد كبير من مؤتمرات ولجان دولية على جانب كبير من الأهمية والحيوية، وموقع اختيار السيد/ صلاح الدين هدايت وزير البحث العلمي عليه لمعاونته في اجتماعات اللجنة الاستشارية العلمية لمؤتمر العلوم والتكنولوجيا لصالح الدول النامية في دورتيها اللتين عقدتا في نيويورك وجنيف، وقد شكره سيادته كتابة على تعاونه الطيب وتعقيباته التي يرسلها إلى الوزارة مما ساعد على تنظيم صلة الوزارة بالتطورات العلمية في مجال الأمم المتحدة. كما كلفته وزارة الخارجية بمتابعة الموضوعات العلمية بالأمم المتحدة بجانب عمله. واستشهد على حسن كفايته وصلاحيته لتمثيل بلاده في الخارج بما تضمنته التقارير السرية عنه وأشار إلى أن العبارة التي دونت في تقريري سنة 1960، 1961 منسوبة إلى مجلس شئون السلكين الدبلوماسي والقنصلي بأنه "رؤى أنه يصلح للخدمة في وزارة أخرى لاعتبارات خاصة" كتبت في كل من التقريرين بخط واحد وصيغة واحدة وبلا تاريخ مما يثير التساؤل خاصة وأن السيد السفير عمر لطفي الذي ظل يعمل تحت رئاسته زهاء ثلاث سنوات أثبت في تقرير سنة 1961 أنه يصلح لتمثيل الجمهورية العربية المتحدة في الخارج خاصة فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية وأن أحداً من أعضاء مجلس شئون السلكين قد عمل معه أو رآه على الإطلاق.
وأضاف المدعي إنه أشيع أن الباعث على صدور هذا القرار صلة قرابة وثيقة تربطه بأحد رجال العهد السابق وأن السيدة زوجته طبق عليها قانون الإصلاح الزراعي إلا أن كلا السببين لا ينالان منه خاصة وأن كثيرين من رجال السلك السياسي والقنصلي لهم صلة أكثر برجال العهد السابق وطبق عليهم وعلى زوجاتهم قانون الإصلاح الزراعي. كما ترددت شائعات بأن اختياره لمعاونة السيد وزير البحث العلمي جاءت تحت ضغط وإصرار هذه الوزارة مما لم يلق ترحيباً من جانب وزارة الخارجية وأثار حفيظتها فجعلها تقدم على التخلص منه ويستشف ذلك من أن نقله كان في أعقاب هذه المهمة. وأشار المدعي إلى أن هذه الأسباب لا تبرر نقله.
ثانياً: إن قرار النقل ينطوي على جزاء تأديبي مقنع لا يجوز توقيعه دون تحقيق وإلا كان مخالفاً للقانون.
ثالثاً: إن هذا النقل لا يعدو نقلاً مكانياً لأنه أفقده مزايا مادية وأدبية كان يفيد منها فيما لو بقي في وظيفته بوزارة الخارجية ومن ثم فقد حادت الوزارة عن أحكام القانون رقم 166 لسنة 1954 الخاص بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي إذ نقلته إلى وظيفة أخرى لا تماثل وظيفته بها.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن نقل المدعي مجرد نقل مكاني لا يختص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات التي تثور بشأنه كما طلبت احتياطياً رفض الدعوى موضوعاً استناداً إلى أن نقل المدعي كان أساسه الصالح العام وفقاً لسلطة جهة الإدارة التقديرية ولم يثبت المدعي أن القرار شابه الانحراف.
وبجلسة 12 من يناير سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى الدفع بعدم الاختصاص على أن الوظيفة التي نقل إليها المدعي تغاير تلك التي نقل منها من ناحية شرائط التبعية والاختصاصات كما أن الكادر الذي نقل منه كادر خاص بموظفي السلكين الدبلوماسي والقنصلي بينما الكادر الذي نقل إليه هو كادر الموظفين العام ويختلف كلاهما عن الآخر وبهذه المثابة يعتبر نقل المدعي بمثابة تعيين في الوظيفة المنقول إليها مما يدخل في اختصاص المحكمة بالتطبيق للمادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة ويكون بذلك الدفع بعدم الاختصاص غير قائم على أساس سليم. أما بالنسبة إلى موضوع الدعوى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن القانون 166 لسنة 1954، والقوانين المعدلة له ناط بلجنة شئون أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي ولاية النظر في تعيين وترقية ونقل أعضاء السلكين لغاية وظيفة مستشار من الدرجة الأولى، ولما كان المدعي قبل نقله إلى وزارة الخزانة يشغل وظيفة سكرتير ثان فكان يتعين عرض أمره على اللجنة المذكورة لإبداء اقتراحاتها في شأن نقله وإذ أغفلت جهة الإدارة هذا الإجراء الذي ينطوي على ضمانة جوهرية فإن قرار النقل والحالة هذه يكون مخالفاً للقانون ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن أسباب الطعن في هذا الحكم تقوم على مقتضى تكييف المحكمة للقرار المطعون فيه بأنه نقل بمثابة تعيين، إن القرار بفصل المطعون ضده بغير الطريق التأديبي وهو ما لا يختص القضاء الإداري بنظره باعتباره من أعمال السيادة طبقاً للمادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 سالف الذكر، كما وأنه بهذه المثابة لا يخضع في شكله لما أوجبه القانون رقم 166 لسنة 1954 من العرض على لجنة شئون العاملين باعتباره من أعمال السيادة ويقوم الطعن أيضاً على أنه طالما أنه ليس هناك ما يمنع قانوناً من نقل موظف السلك الدبلوماسي إلى وظيفة أخرى معادلة بالكادر العام ولم يشب القرار عيب الانحراف فإن القرار المطعون فيه يكون سليماً قانوناً ولا مطعن عليه ويكون الحكم بذلك قد خالف القانون جديراً بالإلغاء مع الحكم بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً في الطعن انتهت فيه إلى أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي بني عليها، وارتأت قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن المطعون ضده قدم مذكرتين بدفاعه وحافظه مستندات أضاف فيهما أنه كان دائماً محل ثقة وتقدير من الدولة ولم تكف الدولة عن تكليفه بتمثيلها في مختلف المؤتمرات والمحافل الدولية في الخارج قبل نقله وبعده حسبما يبين من القرارات التي تقدم بها والتي أصدرها السيد رئيس الوزراء في هذا الشأن كما أنه فضلاً عن ذلك فقد وقع عليه الاختيار للعمل بمكتب السيد رئيس الجمهورية للشئون العلمية الأمر الذي يقطع بأنه لا صحة لما قيل من أن النقل إنما ترتب لمصلحة الدولة العليا على ما يشير الدفاع. وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة فصلت فيها وجه طعنها ولم تدل بأسباب القرار المطعون التي طالبتها بها هذه المحكمة واكتفت بتقديم كتاب السيد مدير الإدارة القضائية بوزارة الخارجية المؤرخ في 13 من ديسمبر سنة 1965 بأن أسباب النقل اقتضتها مصلحة الدولة العليا.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن القرار المطعون فيه انطوى على نقل المدعي نقلاً مكانياً من وزارة الخارجية إلى وزارة الخزانة، وأنه مردود للأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه والتي يؤكدها أن القرار صدر بالتطبيق للقانون رقم 166 لسنة 1954 بإصدار قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي الذي يجيز في الفقرة "ب" من المادة السابعة منه المعدلة بالقانونين رقمي 548 لسنة 1954، 283 لسنة 1956 تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي رأساً في وظائف الكادرين الفني العالي والإداري وبعض الوظائف الأخرى حسبما يقتضيه صالح العمل بناء على اقتراح وزير الخارجية وموافقة رئيس الجمهورية، وقد التزم القرار الجمهوري المطعون فيه حكم هذه المادة فنص على تعيين المدعي في وظيفة من الدرجة الرابعة الإدارية بوزارة الخزانة وهو لذلك بمثابة قرار صادر بالتعيين في إحدى الوظائف العامة وليس مجرد قرار نقل مكاني ويختص القضاء الإداري بالنظر في طلب إلغائه بالتطبيق لنص الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة مما يتعين معه رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن الدفع الآخر الذي تثيره إدارة قضايا الحكومة بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى استناداً إلى أن القرار الجمهوري المطعون فيه تضمن فصل المدعي من العمل بوزارة الخارجية ومن ثم يعتبر من أعمال السيادة بالتطبيق لنص المادة 12 من قانون مجلس الدولة فإنه لا يقوم على سند سليم من القانون، ذلك أن القرارات الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم من غير الطريق التأديبي والتي تعتبر من قبيل أعمال السيادة وفقاً لحكم المادة المذكورة معدلة بالقانون رقم 31 لسنة 1963 هي تلك التي تنطوي على تنحية الموظف عن مجال الخدمة العامة وإسقاط ولاية الوظيفة عنه دون تلك التي تنطوي على مجرد تعيين أحد الموظفين العاملين في إحدى الوزارات نقلاً من وزارة أخرى كما هو الحال في المنازعة المماثلة، ومن ثم فإنه لا يلحق القرار المطعون فيه حصانة تحظر على القضاء النظر في مشروعيته ويكون الدفع والحالة هذه منهار الأساس متعين الرفض.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المادة 12 من القانون رقم 166 لسنة 1954 آنف الذكر وإن كانت قد أنشأت مجلساً دائماً ناطت به النظر في تعيين وترقية ونقل أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي عدا من كان منهم في درجة سفير أو وزير مفوض، إلا أن هذا الاختصاص مقصور الأثر على المسائل التي تدخل أصلاً في اختصاص وزير الخارجية ويملك أن يصدر قراراً نهائياً في شأنها، وتنحصر في التعيين في وظائف السلكين المذكورين وفي الترقية إلى هذه الوظائف وفي التنقلات الداخلية، أما عدا ذلك من المسائل التي تخرج عن اختصاص الوزير وتدخل في اختصاص سلطة أعلى كمجلس الوزراء (رئيس الجمهورية حالياً) ومنها تلك التي تتعلق بتعيين موظفي السلكين المذكورين في الوظائف العامة المنصوص عليها في الفقرة "ب" من المادة السابقة المشار إليها فإنها تخرج عن اختصاص المجلس الدائم لأعضاء السلكين ومن ثم لا يجوز عرضها عليه، وأية ذلك أن المادة 12 المذكورة نصت على أن يرفع المجلس قراراته إلى وزير الخارجية لاعتمادها فإذا لم يعترض عليها خلال شهر من تاريخ رفعها إليه اعتبرت هذه القرارات معتمدة ونافذة، أما إذا اعترض عليها فيعاد عرضها على المجلس ليعيد النظر في قراره ثم يصدر الوزير بعد ذلك القرار النهائي، وهذا التنظيم يفترض بطبيعته أن يكون الوزير هو المختص بإصدار القرار النهائي في المسألة التي يبدي المجلس المذكور اقتراحه بشأنها وليس الأمر كذلك بالنسبة لتعيين أحد موظفي السكلين في الوظائف المشار إليها إذ المختص بإصدار قرار التعيين في هذه الحالة هو رئيس الجمهورية وليس وزير الخارجية.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1769 لسنة 1962 وقد صدر بتعيين المطعون ضده السكرتير الثاني بوزارة الخارجية في وظيفة من الدرجة الرابعة الإدارية بوزارة الخزانة بالتطبيق لنص الفقرة "ب" من المادة السابعة من القانون رقم 166 لسنة 1954، فإنه لا يكون هناك ثمة ما يوجب عرضه على مجلس شئون السلكين الدبلوماسي والقنصلي ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار المطعون فيه تأسيساً على عدم عرضه على هذا المجلس قد خالف حكم القانون.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 548 لسنة 1954 بتعديل بعض أحكام قانون السلكين الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954 ومذكرته الإيضاحية أنه استهدف في المقام الأول الارتفاع بمستوى من يمثلون البلاد والنهوض بكفاياتهم لمواجهة متطلبات العمل المنتج المنظم بما يحقق خير الوطن، وعمد القانون في سبيل ذلك إلى النص في المادة السابعة منه على إجازة تعيين أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي رأساً في الوظائف المقابلة لوظائفهم بالكادرين الفني العالي والإداري وبعض الوظائف الأخرى حسبما يقتضيه صالح العمل وبناء على اقتراح وزير الخارجية وموافقة رئيس الجمهورية. وغاية هذا النص إبعاد أعضاء السلكين الذين يتنافى بقاؤهم في وظيفة السلك الدبلوماسي مع مقتضيات صالح العمل، لقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بهم لا يؤهلهم للقيام بأعبائها ويجعلهم غير جديرين بشرف تمثيل بلادهم وذلك بتعيينهم في وظائف أخرى.
ومن حيث إن جهة الإدارة وإن كانت غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا حيث يقضي القانون بذلك، إلا أن القرار الإداري سواء أوجب القانون تسبيبه كإجراء شكلي أو لم يوجبه يجب أن يقوم في الواقع والقانون على سبب يبرره وإلا كان باطلاً لافتقاره إلى أحد أركانه وهو ركن السبب، فإذا لم تفصح الإدارة عن أسباب قرارها حين لا يلزمها القانون بذلك الإجراء الشكلي - كان القرار محمولاً على الصحة وافتراض قيامه على سبب لوجوده ومبرر لإصداره ما لم يقم الدليل على نقيض ذلك.
ومن حيث إن الثابت من تقصي حياة المدعي الوظيفية على هدى الثابت من ملف خدمته وأوراق الدعوى أنه حصل على إجازة الليسانس في القوانين سنة 1950 ودرجة الدكتوراة من جامعة ريدنج سنة 1956 والتحق بخدمة الحكومة في سنة 1951. وفي 3 من سبتمبر سنة 1958 صدر قرار جمهوري بتعيينه سكرتيراً ثالثاً بوزارة الخارجية ألحق بالبعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك وظل كذلك إلى أن أخطر في 4 من سبتمبر سنة 1962 بنقله إلى وزارة الخزانة تنفيذاً للقرار الجمهوري رقم 1769 لسنة 1962 المطعون فيه الصادر في 29 من مايو سنة 1962 بتعيينه في هذه الوزارة بناء على مذكرة مقدمة من السيد نائب وزير الخارجية في 22 من مارس سنة 1962 لم تفصح عن أسباب اتخاذ هذا القرار المفاجئ وكان المدعي خلال هذه الفترة على قصرها موضع رضاء رؤساء البعثة الدائمة لدى الأمم المتحدة وتقديرهم له فقد أثبتوا في التقارير السنوية الخاصة به في السنوات 1959، 1960، 1961 ما يفيد صلاحيته الإدارية والفنية والاجتماعية لتمثيل بلاده في الخارج ونوهوا بكفايته وإيمانه ببلاده وحسن مظهره، وقد كان ذلك سبباً ولا شك في اختياره عضواً بوفد الجمهورية العربية المتحدة لحضور الدورات الرابعة عشر والخامسة عشر والسادسة عشر للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في السنوات 1959، 1960، 1961 واختياره عضواً في وفد الجمهورية العربية المتحدة لحضور اجتماعات اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة في سنة 1961 والاجتماعات الأخرى التي تسبقها وقد صدر بترشيح المدعي لعضوية هذه المؤتمرات والاجتماعات قرارات جمهورية كما ندبه السيد نائب وزير الخارجية في 24 من ديسمبر سنة 1961 لحضور اللجنة الاستشارية العلمية لدى المقر الأوربي للأمم المتحدة في جنيف، وأشاد السيد وزير البحث العلمي بكتابيه المؤرخين في 19 من مايو سنة 1962 الموجهين إلى السيد رئيس وفد الجمهورية لدى الأمم المتحدة بنيويورك وإلى المدعي بالتعاون الطيب بين الوفد ووزارة البحث العلمي وخص المدعي بالثناء المستطاب والتقدير البالغ وقد تسلم المدعي عمله في وزارة الخزانة اعتباراً من 5 من سبتمبر سنة 1962 تنفيذاً للقرار المطعون فيه ولكنه منذ أن باشر عمله بهذه الوزارة ثم بوزارة التخطيط فيما بعد وهو يحظى من رؤسائه بتقدير كفايته بمرتبة الامتياز مع التنويه بعمله وخلقه وكفايته وكان ذلك دافعاً إلى الاستعانة به في العديد من المؤتمرات الدولية ذات الطابع الاقتصادي التي كان يمارس نشاطه فيها خلال عهده بالعمل بوزارة الخارجية حتى أصدر السيد رئيس المجلس التنفيذي القرار رقم 402 لسنة 1964 باختياره عضواً في وفد الجمهورية العربية المتحدة لحضور اجتماع اللجنة الاقتصادية الإفريقية التابعة للأمم المتحدة في دورتها السادسة بأديس أبابا وتوالت بعد ذلك قرارات السادة رؤساء الوزارات باختياره عضواً في مؤتمرات دولية بعضها يتبع الأمم المتحدة والبعض الآخر يتبع جامعة الدول العربية وما إلى ذلك وقدم المدعى عليه عشرة قرارات من هذا القبيل كان آخرها في 5 من فبراير سنة 1967 وأخيراً وفي 2 من نوفمبر سنة 1967 تقرر ندبه للعمل بمكتب السيد رئيس الجمهورية للشئون العلمية في غير أوقات العمل الرسمية.
ومن حيث إنه قد انكشف للمحكمة أن كفاية المدعي ونقاء صحيفته قد أهلاه خلال عمله في وزارة الخارجية للترشيح لعضوية العديد من المؤتمرات الدولية السياسية والاقتصادية والعلمية ولم تتوقف الاستعانة به في مثل هذه المؤتمرات بعد نقله إلى وزارة الخزانة ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تقرر ندبه للعمل بمكتب السيد رئيس الجمهورية للشئون العلمية بالإضافة إلى عمله وهو ما لا يتم دون تحريات واسعة ودقيقة عن ماضي الموظف وحاضره والتأكد بصورة قاطعة من أنه ليس ثمة ما يثلم صلاحيته لهذه الأعمال التي تتطلب قدراً ملحوظاً من الكفاية والثقة الكاملة في شخص من يقوم بها نظراً لصلتها الوثيقة بأمور لها حساسيتها وخطرها وهي في هذا لا تقل شأناً عما يتطلبه العمل في وزارة الخارجية من اعتبارات خاصة. وبالإضافة إلى ذلك فقد أشار المدعي إلى أنه قد ترامى إليه أن انتدابه للسفر من نيويورك إلى جنيف في الفترة من 18 - 21 من ديسمبر سنة 1961 لحضور اجتماعات اللجنة العلمية وإنما جاء تحت ضغط وإصرار من جانب وزارة البحث العلمية مما لم يلق ترحيباً من جانب وزارة الخارجية وآثار حفيظها فجعلها تقدم على التخلص منه وحررت مذكرتها في هذا الشأن في 22 من مارس سنة 1962 وصدر بناء عليها القرار المطعون فيه دون بيان الأسباب. فإن من شأن هذه الاعتبارات أن تزحزح قرينة الصحة المفترضة في قيام القرار المطعون فيه على أسبابه وتنقل عبء الإثبات على جانب الحكومة فقد طلبت المحكمة من الدفاع عن الحكومة الإفصاح عن الأسباب المبررة لقرارها وأفسحت المجال أمامها وأجلت الدعوى أكثر من مرة لكن الوزارة لم تستجيب لطلبها واكتفت بتقديم كتاب قديم العهد مؤرخ في 13 من ديسمبر سنة 1965 من مدير الإدارة القضائية بوزارة الخارجية بأن الأسباب اقتضتها مصلحة الدولة العليا. ولا يستقيم التحدي بهذه العبارة المرسلة على أنها سبب القرار لأنها تدل على مجرد الغاية التي استهدفها القرار دون سببه وكلاهما ركنان يتعين توافرهما في القرار الإداري لقيامه قانوناً، ومع ذلك فإن من شأن تصرف الإدارة حيال المدعي بعد تاريخ اقتراح نقله في 22 من مارس سنة 1962 وبعد تاريخ صدور القرار المطعون فيه في 29 من مايو سنة 1962 واستيفائه في ذات الأعمال التي كان يباشرها إلى 4 من سبتمبر سنة 1962 ثم الاستعانة به بعد ذلك على نطاق واسع في أعمال مماثلة وانتدابه للعمل بمكتب السيد رئيس الجمهورية للشئون العلمية، من شأن هذه التصرفات انتفاء القول بأن مصلحة الدولة العليا اقتضت إبعاده عن عمله بوزارة الخارجية ولهذه الأسباب أيضاً لا يجدى التحدي بأن لجنة شئون السلكين ارتأت صلاحية المدعي لوظيفة أخرى وأثبتت ذلك في تقريره عن سنتي 1960، 1961 خاصة وأن ما أثبتته في إبعاده عن الوزارة كافية للرد على الظنون التي ذهب إليها المدعي لما قد يكون سبباً للقرار وهي أنه وثيق الصلة بأحد رجال العهد السابق وأن زوجته طبق في شأنها قانون الإصلاح الزراعي، بل وتقطع في أن صلته بأسرته وزوجته لم ينعكس لها أثر يمس واجباته الوظيفية وما يجب أن يتحلي به الفرد تجاه وطنه في عهده الجديد ولم تزعزع الثقة فيه وفي إخلاصه ومن ثم فإن مقتضيات صالح العمل لم تكن تسوغ إبعاده عن وظيفته بوزارة الخارجية لعدم قيام سببها المبرر.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد قام على غير سبب يبرره فإنه يكون حقيقاً بالإلغاء، وغني عن البيان أن إلغاء القرار المذكور حسبما انتهى إليه حكم المحكمة يفرض على الحكومة أن تحقق لصالح المدعي كافة الآثار القانونية التي تترتب على هذا الإلغاء وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه في النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يتعين رفض الطعن مع إلزام الطاعنة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 349 لسنة 24 ق جلسة 26 / 2 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 ق 27 ص 178

جلسة 26 من فبراير سنة 1959

برئاسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة الأساتذة: عثمان رمزي، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

--------------

(27)
الطعن رقم 349 سنة 24 ق

ضرائب. "تقدير الأرباح الاستثنائية". 

عدم استعمال الممول حقه في اختيار رقم المقارنة الذي يبنى على أساسه تقدير أرباحه الاستثنائية حتى انتهاء الميعاد المحدد بالقرار الوزاري رقم 32 لسنة 1942 يترتب عليه سقوط حقه في الاختيار.

----------------
لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 قد بينت كيفية تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة وذلك باتباع إحدى الطريقتين المنصوص عليهما في المادة المذكورة، وكانت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذا القانون قد نصت على أن يكون اختيار إحدى الطريقتين كأساس للمقارنة متروكاً للممول بشرط أن تكون له حسابات منتظمة وأن يبلغ اختياره إلى مصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري، وكانت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة قد رتبت على عدم تبليغ الممول اختياره في المواعيد المحددة تحديد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون، وكان وزير المالية إعمالاً لنص المادة الثالثة من القانون قد أصدر القرار رقم 242 لسنة 1941 نص فيه على أنه لأجل استعمال الحق المخول للمولين بمقتضى هذا القانون ينبغي أن يقدم الممول إلى مأمورية الضرائب الواقع في دائرة اختصاصها مركز إدارة أعماله طلباً في ميعاد لا يجاوز أخر نوفمبر سنة 1941 موضحاً به الطريقة التي اختارها من الطريقتين المنصوص عليهما في المادة الثانية من القانون المشار إليه، ثم توالى بعد ذلك مد الأجل حتى يوم 15 من فبراير سنة 1942 كما نص على ذلك القرار الوزاري رقم 22 لسنة 1942، وكان القانون رقم 60 لسنة 1941 قد نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة على أن هذا الطلب يقدم طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري ورتب على عدم تبليغ الممول اختياره في المواعيد المحددة أن تحدد أرباحه الاستثنائية على أساس المقارنة المنصوص عليها في الفقرة ثانياً وحدها، وكان القانون إذا حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء فيه سقوط الحق في مباشرة حق الاختيار - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولما كانت الطاعنة - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - تمسك حسابات منتظمة ولم تتقدم باختيار رقم المقارنة إلا بعد فوات الميعاد، فإن حقها في اتخاذ هذا الإجراء يكون قد سقط ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الشركة المطعون عليها أقامت أمام محكمة مصر الابتدائية المختلطة الدعاوى رقم 91 لسنة 71 ق، 407 لسنة 74 ق، 829 لسنة 74 ق والتي أحيلت فيما بعد إلى محكمة القاهرة الابتدائية الوطنية وقيدت في جدولها برقم 2371، 2382، 2357 لسنة 1949 تجاري كلي على مصلحة الضرائب للفصل في أوجه الخلاف المتعددة بين الطرفين على الضرائب المتنوعة المستحقة على الشركة ومن بينها الخلاف على حق الشركة في اختيار أرباح سنة 1937 رقماً للمقارنة في تحديد أرباحها الاستثنائية وقد قررت محكمة الموضوع ضم الدعاوى الثلاث للارتباط وأصدرت فيها بتاريخ 3/ 7/ 1951 حكماً كان من بين ما قضى به اتخاذ أرباح سنة 1937 التي حققتها الشركة المدعية أساساً للمقارنة في تحديد الأرباح الاستثنائية في سنوات النزاع بعد مراجعتها بمعرفة مصلحة الضرائب. وقبل الفصل في النزاع أمرت من يهمه التعجيل من الخصوم بتقديم كشف حساب الضرائب المستحقة على الشركة المدعية وفقاً لهذه القواعد وبيان المدفوع منها والفرق الواجب الحكم على مصلحة الضرائب برده إلى الشركة إن وجد وأجلت الدعوى لهذا الغرض لجلسة 7 من نوفمبر سنة 1951 وأبقت الفصل في المصاريف. وفي 16 من إبريل سنة 1953 قضت المحكمة أولاً - برفض الدفع المقدم من مصلحة الضرائب بعدم قبول الطلب الخاص بحساب الضرائب المستحقة على الشركة عن سنة 1947. ثانياً - بضم فروق الضرائب التي جاءت نتيجة للتعديلات التي أدخلتها المصلحة على أرباح الشركة إلى رأس المال الحقيقي المستثمر وكذلك إضافة الأرباح المرحلة فيما عدا الجزء الموزع منها إلى رأس المال الحقيقي المستثمر وتعتبر مستثمرة طوال السنة واحتساب أرباح الشركة التي لم توزع على المساهمين ضمن رأس مال الشركة المستثمر حتى تاريخ توزيعها الفعلي. ثالثاً - حساب الضرائب المستحقة على الشركة في سنة 1947 وفقاً للقواعد التي وضعتها المحكمة في حكمها الصادر في 3/ 7/ 1951 وكلفت المحكمة طرفي الخصوم بتقديم حساب الضرائب المستحقة على الشركة وفقاً للقواعد المدونة بهذا الحكم وبحكم 3/ 7/ 1951 مشفوعاً ببيان عن العدد في هذه الضرائب والفرق والواجب الحكم على المصلحة برده إلى الشركة إن وجد. وفي 25 من يونيه سنة 1953 قضت المحكمة بإلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى الشركة الطاعنة مبلغ 33133 ج و530 م مع المصاريف المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. استأنفت مصلحة الضرائب هذه الأحكام الثلاثة أمام محكمة استئناف القاهرة وقيدت الاستئناف برقم 564 سنة 70 ق طالبة إلغاء هذه الأحكام فيما قضت به خلافاً لوجهة نظرها وفي 20 من مايو سنة 1954 قضت المحكمة بتأييد الأحكام المستأنفة الثلاثة وألزمت المستأنفة بالمصروفات فطعنت مصلحة الضرائب على هذا الحكم بطريق النقض في خصوص ما قضى به في شأن حق الاختيار لأرباح سنة 1937 المشار إليها وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 6 من يناير سنة 1959 وأبدت النيابة رأيها بنقض الحكم المطعون فيه - في خصوص ما تضمنه من أحقية المطعون عليها في اتخاذ أرباحها عن سنة 1937 رقما المقارنة في سنوات النزاع ثم تقرر إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة أخيراً لنظره صممت النيابة على رأيها.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في النعي على الحكم بمخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن القانون رقم 60 لسنة 1941 والقرارات الوزارية المكملة له قد فرقت - في شأن حق الاختيار وأوضاعه ومواعيده - بين الممولين ذوي الحسابات المنتظمة وبين غيرهم ممن لا يمسكون هذه الحسابات إذ أن للمولين ذوي الحسابات المنتظمة في دفاترهم وانتظام حساباتهم ما يجعل معالم هذا الاختيار واضحة وما تجريه مصلحة الضرائب من تعديل في حساباتهم لا يعدو أن يكون مجرد تصويب لأخطاء قانونية ليس من شأنه أن تهدر نظامية هذه الحسابات وإذا أهدرت نظاميتها فلا يضار الممول بها وغاية أمره أن ينتقل إلى طائفة ذوي الحسابات غير المنتظمة وهؤلاء خاضعون في تحديد أرباحهم ورأس مالهم لتقدير المصلحة بعد مراجعتها واعتمادها بحيث لا تبدو معالمهم واضحة لديهم إلا بعد إخطارهم باعتمادها. وما يقوله الحكم المطعون فيه من إن الشارع لم يفرق بين طائفتي الممولين إلا من حيث سنوات الاختيار بالنسبة لذوي الحسابات المنتظمة مردود بأن الشارع قد جرى على هذه التفرقة وقصر حق الاختيار على ذوي الحسابات المنتظمة وحدهم وحددت لهم القرارات الوزارية مواعيد الاختيار وأوضاعه من بادئ الأمر وحين أجاز المشرع الاختيار لذوي الحسابات غير المنتظمة بالقانون رقم 78 لسنة 1943 حدد مواعيده وأوضاعه بالقرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 وقد أخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن الموازنة التي على الممول إجراؤها في الاختيار لا تكون مجدية إلا بعد مراجعة المصلحة لحساباته واستقرارها على رأي فيها ذلك أنه لا تلازم بين وحدة الجزاء الذي يترتب على عدم استعمال حق الاختيار ووحدة الشروط اللازمة لاستعماله ولم تعلق القرارات الوزارية حق الممولين ذوي الحسابات المنتظمة في الاختيار إلا على مجرد تقديم الطلب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأحقية الشركة - المطعون عليها في اختيار أرباح سنة 1937 رقماً للمقارنة في احتساب الأرباح الاستثنائية على أن الشارع قد راعى التيسير على الممولين وأن المعنى المستفاد من أحكام المادتين 1، 2 من القانون رقم 60 لسنة 1941 فيه خروج عن قصد المشرع في المادة 35 من ذات القانون وأن القرارات الوزارية 242 لسنة 1941، 259، 28 لسنة 1941، 22 لسنة 1942 لم تفرق بين الممولين الذين يمسكون دفاتر منتظمة والذين لا يمسكونها وأن الأجل المحدد لاستعمال حق الاختيار ليس حتمياً.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 بينت كيفية تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة بإحدى الطريقتين - 1 - إما ربح سنة يختارها الممول في السنوات 1937، 1938، 1939 أو من السنوات المالية للمنشأة التي انتهت خلال السنوات الثلاث المذكورة. - 2 - وإما 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر - فإذا لم يكن للممول رأس مال أو كان رأس ماله يقل عن ثلاثة آلاف من الجنيهات اعتبر هذا الرقم رأس مال وقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذا القانون على أن يكون اختيار إحدى الطريقتين المذكورتين كأساس للمقارنة متروكاً للممول بشرط أن تكون له حسابات منتظمة وأن يبلغ اختياره إلى مصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري ونصت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على أن الممول إذا لم يبلغ اختياره في المواعيد المحددة فيحدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون المشار إليه. وإعمالاً لنص المادة الثالثة من القانون أصدر وزير المالية القرار رقم 242 لسنة 1941 نص فيه على أنه لأجل استعمال الحق المخول للممولين بمقتضى هذا القانون ينبغي أن يقدم الممول إلى مأمورية الضرائب الواقع في دائرة اختصاصها مركز إدارة أعماله طلباً في ميعاد لا يجاوز أخر نوفمبر سنة 1941 موضحاً به الطريقة التي يختارها من الطريقتين المنصوص عليهما في المادة الثانية من القانون المشار إليه، وبعد ذلك توالى مد هذا الأجل حتى يوم 15 من فبراير سنة 1942 كما نص على ذلك القرار الوزاري رقم 22 لسنة 1942. ولما كان القانون رقم 60 لسنة 1941 قد نص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة على أن هذا الطلب يقدم طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري ورتب على عدم تبليغ الممول اختياره في المواعيد المحددة أن تحدد أرباحه الاستثنائية على أساس المقارنة المنصوص عليها في الفقرة ثانياً وحدها ومتى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء فيه سقوط الحق في مباشرة حق الاختيار - وهو ما جرى قضاء هذه المحكمة عليه - ولما كان يبين مما حصله الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة تمسك حسابات منتظمة وأنها لم تتقدم بالاختيار إلا في أكتوبر سنة 1948 في حين أن الاختيار كان قد انتهى أجله في 15 فبراير سنة 1942 وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم سقوط حق المطعون عليها في الاختيار فإنه يكون مخالفاً للقانون ويتعين نقضه فيما قضى به في هذا الخصوص.

الطعن 17 لسنة 27 ق جلسة 19 / 2 / 1959 مكتب فني 10 ج 1 أحوال شخصية ق 26 ص 173

جلسة 19 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

---------------

(26)
الطعن رقم 17 سنة 27 ق أحوال شخصية

وقف "شرط الواقف". 

وقف هيئة التصرفات السير في طلب فرز نصيب الخيرات حتى يفصل قضاءً في تفسير شرط الواقف. لا محل معه للتحدي بنص م 36 من ق 48 لسنة 1946، م ا من ق 342 لسنة 1952 لعدم تعلقهما بتفسير شرط الواقف.

-------------------
إذا كان الواقع في الدعوى أن الواقف جعل في كتاب وقفه للخيرات من ريع الأعيان الموقوفة أربعة وعشرين جنيهاً مصرياً ذهباً فتقدم المطعون عليه الذي آل إليه النظر على هذا الوقف وانحصر فيه الاستحقاق إلى هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية بطلب فرز حصة للخيرات تضمن غلتها الوفاء بها - وإذ دار النزاع بين الطاعنة والمطعون عليه حول كيفية تقويم الجنيهات الذهبية وهل تعتبر قيمة الجنيه الذهب المشروط صرفه للخيرات معادلة للجنيه الورقي الذي يساوي مائة قرش أم يقوم من حيث القيمة لا من حيث التعامل - وقفت هيئة التصرفات (في الدرجة الاستئنافية) السير في طلب الفرز حتى يفصل في تفسير شرط الواقف قضاء، فإنه لا يكون هناك محل للتحدي بنص المادتين 36 من القانون رقم 48 لسنة 1946 والأولى من القانون 342 لسنة 1952 في هذا المقام إذ هما لا تتعلقان بتفسير شرط الواقف وأولاهما خاصة بقسمة الغلة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات، وثانيتهما تقرر اعتبار الوقف على غير جهات البر منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات الخيرات والمرتبات إذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة البر خيرات أو مرتبات دائمة معينة أو قابلة للتعيين ولا يتأتى إعمال حكم هاتين المادتين سواء بالنسبة لقسمة الغلة أو في فرز حصة للخيرات تفي بما قرر لها من مرتبات إلا بعد تحديد هذه المرتبات فإذا قامت منازعة فيما شرطه الواقف بخصوصها - كما هو الحال في هذه الخصومة - كما من المتعين البت فيها ابتداء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 13 يناير سنة 1905 صدر إشهاد من المرحوم محمد محمد النشار - وقف بموجبه أعياناً - على من عينهم بكتاب وقفه وجعل للخيرات من ريع هذه الأعيان أربعة وعشرين جنيهاً ذهبياً وآل النظر على هذا الوقف إلى المطعون عليه وانحصر فيه الاستحقاق فتقدم إلى هيئة التصرفات بمحكمة مصر الشرعية (في المادة 700 لسنة 1953) بطلب فرز حصة الخيرات تضمن غلتها الوفاء بها. فقررت تلك المحكمة بتاريخ 14/ 4/ 1955 فرز وتجنيب حصة للخيرات. على اعتبار أن قيمة الجنيه الذهب المشروط صرفه للخيرات تعادل قيمة الجنيه من ورقة العملة (البنكوت) الصادر به الأمر العالي في 2 أغسطس سنة 1914 والجاري التعامل به الآن ومقدارها مائة قرش. واستأنف وزير الأوقاف بصفته ناظراً على حصة الخيرات هذا القرار مؤسساً استئنافه على أن فرز حصة الخيرات يتعين أن يكون على أساس ما يتقوم به الجنيه من الذهب من حيث القيمة لا من حيث التعامل وعلى ذلك فلا يصح اعتبار قيمته معادلة للجنيه الورقي الذي يساوي مائة قرش. فقررت المحكمة الاستئنافية وقف السير في الاستئناف حتى يفصل قضائياً في نزاع الطرفين. فأقام المطعون عليه على وزارة الأوقاف بصفتها الدعوى رقم 402 لسنة 1956 بمحكمة القاهرة الابتدائية طالباً فيها الحكم بمنع تعرض الوزارة له بأكثر من أربعة وعشرين جنيهاً سنوياً من العملة الحالية وهي ورق البنكنوت بالنسبة للخيرات المشروطة بكتاب الوقف وأمرها بذلك مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 11 نوفمبر سنة 1956 أصدرت تلك المحكمة حكماً قضت بطلبات المطعون عليه مع إلزام وزارة الأوقاف بصفتها بالمصروفات وبمبلغ جنيهين مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 206 سنة 73 ق طالبة قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبتاريخ 9 مارس سنة 1957 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصروفات. فقررت وزارة الأوقاف الطعن في هذا الحكم بالنقض بتاريخ 27 مارس سنة 1957 وأبدت النيابة العامة رأيها بمذكرتها الأولى برفض الطعن. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 فبراير سنة 1958 وصممت النيابة العامة على الرأي المبدى بمذكرتها. وقررت دائرة الفحص بتلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وأمر السيد رئيس المحكمة بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليه وحدد له أجلاً لتقديم مذكرة بدفاعه مشفوعة بالمستندات التي يرى تقديمها، كما حدد للنيابة العامة أجلاً لإبداء رأيها في الطعن. فأعلن المطعون عليه وقدم مذكرة طلب فيها رفض الطعن وصممت النيابة العامة بمذكرتها الثانية على رأيها السالف ذكره كما صممت بجلسة 29 يناير سنة 1959 التي نظر فيها الطعن على ذلك الرأي.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وخطأه في تطبيقه وتأويله من وجوه ثلاث. أولها: أن الحكم المطعون فيه بمسلكه في تفسير شرط الواقف موضوع النزاع والخاص بحصة الخيرات قد خالف ما تقضي به المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 من حمل كلام الواقف على المعنى الذي أراده وإن لم يوافق القواعد اللغوية، ذلك أن الواقف أراد بما اشترطه للخيرات أن توفى هذه الخيرات أولاً من ريع الوقف وألا تتأخر في الاستحقاق حتى لا يطغى عليها استحقاق ما لأي مستحق ومسلك الحكم المطعون فيه في تفسيره شرط الواقف بما فسره به من شأنه تفويت غرضه من وقفه وإلحاق الضرر بالخيرات. وثانيها: أن الحكم المطعون فيه قد خالف نص المادة 36 من القانون رقم 48 لسنة 1946 فيما يفيده مفهومها من أنه إذا كان لجهة خيرية مرتب معين فإنه يكون لها حصة في أعيان الوقف تقدر على ضوء قيمتها عند الوقف بالنسبة لأعيانه وإيراده وحصة باقي المستحقين وتجري المحاصة على أساس من هذه النسبة وقد كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يراعى هذا المقتضى في تقدير حصة الخيرات لكنه التفت عن حكم هذه المادة في هذا الخصوص. وثالثها: أن الحكم المطعون فيه قد خالف نص المادة الأولى من القانون رقم 342 لسنة 1952 فيما يفهم منه من أن حصة الخيرات المشروط لها مرتب بعينه مالكة على الشيوع في أعيان الوقف لحصة تقدر على أساس من قيمتها عند الوقف - إلى غلة الوقف جميعه وأعيانه. لا على أساس أن للخيرات ديناً في ذمة الوقف تستأديه على وفق قواعد التعامل العادي وبالنقد الذي يجرى به هذا التعامل.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً - بأنه لما كان يبين من الوقائع السالف إيرادها أن النزاع بين الطاعنة والمطعون عليه لم يكن يدور حول تقديم جهة الخيرات في الاستحقاق أو تأخيرها - كما أن الحكم المطعون فيه لم يعرض في قضائه لما تثيره الطاعنة في سبب النعي من القول بأن غرض الواقف مما شرطه - للخيرات هو تقديمها - على سواها من جهات الاستحقاق - ولم يتناول الحكم بالنظر إلا ما دارت عليه المنازعة بين الطرفين حول ما ورد بحجة الوقف من أنه يصرف من الريع سنوياً أربعة وعشرين جنيهاً ذهبياً مصرياً للخيرات وفي كيفية تقويم هذه الجنيهات الذهبية وكان فصل الحكم المطعون فيه منحصراً في هذا المجال. فإن ما ورد بوجه النعي من مخالفة القانون فيما تقضي به المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1946 - من حمل كلام الواقف على المعنى الذي أراده - يكون منقطع الصلة بقضاء الحكم المطعون فيه ويكون طعن الطاعن فيه وارداً على غير مطعن. ومردود ثانياً بأنه لما كان مدار المنازعة كما سلف بيانه هو تفسير شرط الواقف ومن أجل ذلك وقفت هيئة التصرفات (في الدرجة الاستئنافية) السير في طلب الفرز حتى يفصل في تفسيره قضاء فلا محل للتحدي بنص المادتين 36 من القانون رقم 48 لسنة 1946 والأولى من القانون 342 لسنة 1952 في هذا المقام - إذ هما لا تتعلقان بتفسير شرط الواقف. وأولاهما خاصة بقسمة الغلة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات، وثانيتهما تقرر اعتبار الوقف على غير جهات البر منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات الخيرات والمرتبات إذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة البر خيرات أو مرتبات دائمة معينة أو قابلة للتعيين ولا يتأتى إعمال حكم هاتين المادتين سواء بالنسبة لقسمة الغلة أو في فرز حصة للخيرات تفي بما قرر لها من مرتبات إلا بعد تحديد هذه المرتبات، فإذا قامت منازعة فيما شرطه الواقف بخصوصها - كما هو الحال في هذه الخصومة - كان من المتعين البت فيها ابتداء.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 195 لسنة 12 ق جلسة 23 / 11 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 8 ص 56

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبه المستشارين.

-----------------

(8)

القضية رقم 195 لسنة 12 للقضائية

(أ) - وكالة 

- انصراف آثار العقد إلى الأصيل دون الوكيل - أساس ذلك - المادة 105 من القانون المدني.
(ب) - وكالة 

- زعم الجهة الإدارية المتعاقدة أنها قصدت التعاقد مع الوكيل المسخر رغم علمها بأنه وكيل وليس أصيلاً وأنه يترتب على ذلك انصراف أثار العقد إلى الوكيل طبقاً للقواعد المقررة في التسخير - مردود بأن قصدها لم يتجه إلى التعاقد مع الوكيل إذ أنها قبلت العرض المقدم من الشركة بصفتها نائبة عن غيرها.
(جـ) - وكالة 

- المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات - نصها على تقديم توكيل مصدق عليه من السلطات المختصة إذا كان العطاء مقدماً من وكيل عن صاحب عطاء - إغفال اتباع حكم هذه المادة - لا أثر له في قيام الوكالة إذا استوفت شروط قيامها - أساس ذلك.
(د) دعوى 

- قبولها - صفة في الدعوى - إقامة الدعوى على الشركة الوكيلة مع أن التعاقد معها كان نيابة عن الشركة الأصيلة في التعاقد، عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.

-----------------
1 - إن الوكيل عندما يعمل باسم الموكل يكون نائباً عنه وتحل إرادته محل إرادة الأصيل كما لو كانت الإرادة قد صدرت منه، ولما كان النائب يعمل باسم الأصيل فأثر العقد لا يلحقه هو بل يلحق الأصيل وتتولد عن النيابة علاقة مباشرة فيما بين الأصيل والغير ويختص شخص النائب منهما المتعاقدان وهما اللذان ينصرف إليهما أثر العقد فيكسب الأصيل الحقوق التي تولدت له من العقد ويطالب الغير بها دون وساطة النائب كما يكتسب الغير الحقوق التي تولدت له من العقد ويرجع بها مباشرة على الأصيل، وهو ما تقضي به المادة 105 من القانون المدني حيث تنص على أنه إذا أبرم النائب في حدود نيابية عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل، لذلك فإن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وقد أفصحت صراحة لدى تقديمها العرض المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1959 والذي قبلته الهيئة العامة للمصانع الحربية أنها إنما تتقدم بهذا العرض نيابة عن موكلتها شركة سودامين وقد تم قبول هذا العرض وأبرم العقد على أساسه فإن الأثر القانوني للعقد المبرم إنما ينصرف إلى الشركة الأصيلة وحدها فإذا ما وجهت دعوى في شأن المطالبة بالالتزامات المترتبة على هذا العقد تعين توجيهها إلى الشركة الأصيلة إذ لا يجوز توجيه هذه المطالبة إلى الشركة الوكيلة.
2 - إن ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية من أن تطبيق القواعد المقررة في التسخير تؤدي إلى القول بأن المتعاقد معها في شركة البهنساوى للتجارة والهندسة لا شركة "سودامين" الأصيلة في التعاقد على أساس أن الهيئة قصدت التعاقد مع الوكيل المسخر لا مع الموكل وذلك بالرغم من علمها بأن من تتعاقد معه هو وكيل لا أصيل - وفي هذه الحالة لا يكون الوكيل المسخر نائباً عن الموكل بل تضاف إلى الوكيل حقوق العقد والتزاماته ولا يعترض على ذلك بأن الهيئة تعلم بأن المتعاقد معها وكيل لا أصيل إذ أن القواعد المقررة في التسخير تقضي بأن هذا العلم لا يمنع من أن تضاف حقوق العقد والتزاماته إلى الوكيل المسخر، هذا المذهب مردود بأن الثابت من الأوراق، على ما سلف بيانه، أن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة تقدمت بعرضها مفصحة صراحة على أنها نائبة عن شركة "سودامين" البلجيكية وقبل العرض المقدم منها بهذه الصفة وقام المصنع الحربي المتعاقد بالاتصال المباشر بالشركة الأصيلة طالباً إليها بصفتها هذه تنفيذ العقد الأمر الذي ينفي ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية في دفاعها من أنها إنما قصدت التعاقد مع الشركة الوكيلة وأن قصدها لم يتجه إلى المتعاقد مع الشركة الأصيلة.
3 - إن إغفال اتباع ما تقضي به المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات من أنه إذا كان العطاء مقدماً من وكيل عن صاحب العطاء فعليه أن يقدم معه توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة لا أثر له في قيام الوكالة إذا استوفت شروط قيامها، ذلك أن اشتراط تقديم توكيل مصدق عليه قصد به التثبت على وجه اليقين من توافر صفة الوكالة فيمن يتقدم بعطاء نيابة عن الغير، لذلك فإن إغفال الإدارة التمسك بهذا الإجراء لا أثر له في قيام الوكالة التي استوفت شروط انعقادها واعترف ذوو الشأن بقيامها على نحو ما تم في هذه الدعوى.
4 - متى كان الثابت في الأوراق أن الهيئة العامة للمصانع الحربية طلبت الحكم بإلزام شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بالمبالغ المطالب بها في حين تعاقدها كان نيابة عن شركة "سودامين" البلجيكية الأصيلة في التعاقد، فإن الدعوى تكون والحالة هذه قد رفعت على غير ذي صفة ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى إلزام الشركة الوكيلة بالمبالغ المقضى بها قد خالف القانون ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن -تتحصل في أن مدير الهيئة العامة للمصانع الحربية بصفته أقام الدعوى رقم 57 لسنة 16 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 22 من أكتوبر سنة 1961 طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع مبلغ 3554 جنيهاً و481 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً للدعوى إن المصنع الحربي رقم 63 كان قد تعاقد مع مؤسسة معامل الدفاع بالإقليم السوري على توريد 165 طن أسياخ نحاس و50.72 طن شرائح نحاس تمباك على أن يقوم المصنع بالتعاقد على النحاس اللازم لهذه المشغولات في حدود 87640 دولار أمريكي وأن تتولى مؤسسة الدفاع فتح الاعتماد اللازم لصالح الشركة التي تقوم بتوريد النحاس المتعاقد عليه في حدود المبلغ المذكور، وتنفيذاً لذلك قام المصنع بإجراء ممارسة لتوريد 130 طن نحاس كانود على أساس أن يتم تثبيت السعر في اليوم الثالث من صدور الأمر البرقي حسب السعر في بورصة لندن للمعادن وأن يفتح الاعتماد خلال عشرة أيام من إرسال الشركة الموردة خطاب ضمان قيمته 10% من قيمة الأمر بالشراء. وقد تقدمت الشركة المدعى عليها في الممارسة طبقاً لهذه الشروط على أن يكون الثمن بعلاوة مقدارها سبعة جنيهات استرليني على سعر بورصة لندن في اليوم الثالث لإصدار أمر التوريد وقد قبل عطاء الشركة المدعى عليها وأبلغت ذلك بموجب برقية، وأرسل إليها أمر التوريد في 21 من ديسمبر سنة 1958 ونص في هذا الأمر على أن يكون التوريد خلال شهري يناير وفبراير سنة 1959 على أن تقدم الشركة خطاب ضمان قيمته 10% من قيمة العقد وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر وفي 22 من ديسمبر سنة 1958 طلب المصنع من مؤسسة معامل الدفاع فتح الاعتماد اللازم على أن يعلق الصرف على إخطار من المصنع بوصول الخطاب المطلوب فقامت مؤسسة معامل الدفاع بفتح الاعتماد في 4 من يناير سنة 1959 وبتاريخ 5 من يناير سنة 1959 أخطر المصنع شركة البهنساوى للتجارة والهندسة برقياً بأن سعر النحاس يوم 24 من ديسمبر سنة 1958 مقداره 222 جنيهاً استرلينياً وطلب إليها المبادرة بتقديم خطاب الضمان وكرر هذا الطلب بالخطاب المؤرخ 10 من يناير سنة 1959 وفي 5 من فبراير سنة 1959 أرسلت الشركة إلى المصنع تطلب تعديل الاعتماد فرد عليها المصنع بضرورة تقديم خطاب الضمان حتى يمكنه النظر في تعديل الاعتماد وحمل الشركة مسئولية التأخير ورغم ذلك لم تقم الشركة بتنفيذ تعهدها ولم تقدم خطاب الضمان الذي التزمت بتقديمه، وفي 9 من فبراير سنة 1959 ورد خطاب من الشركة المدعى عليها يفيد أن موكليها أيدوا تثبيت السعر على أساس سعر بورصة لندن يوم 24 من ديسمبر سنة 1958 ثم أرسلت خطاباً إلى المصنع في 16 من يناير سنة 1959 تطلب فيه تعديلات معينة في الإعفاء ورغم مخالفة ذلك للتعاقد فقد وافق المصنع على هذه التعديلات ونبه على الشركة بأنها لم تقم بتقديم خطاب الضمان وأن ذلك ينطوي على مخالفة شروط العقد، وبتاريخ 23 من فبراير سنة 1959 تم الاتفاق بين المصنع والشركة المدعى عليها على أن تقوم الشركة المدعى عليها بتقديم خطاب ضمان قبل يوم أول مارس سنة 1959 وتعديل ميعاد التوريد إلى 31 من مارس سنة 1959. ولما لم تقم الشركة رغم ذلك بتقديم خطاب الضمان فقد أنذرها ببرقية في 7 من مارس سنة 1959 بضرورة تقديمه في ميعاد غايته 12 من مارس سنة 1959 إلا أن الشركة لم تقم بتنفيذ تعهدها وأرسلت إلى المصنع خطابين مؤرخين 5 و9 من مارس سنة 1959 تخلط فيهما بين العقد وعقود أخرى فرفض المصنع ما جاء بهذين الخطابين وذلك ببرقية أرسلت في 11 من مارس سنة 1959 ثم تم اتفاق بين الشركة والمصنع بتاريخ 14 من مارس سنة 1959 ميعاد التوريد ليكون في شهري مارس وإبريل سنة 1959 إلا أن الشركة رغم ذلك لم تقدم خطاب الضمان وورد خطاب من البنك البلجيكي مؤرخ 15 من مارس سنة 1959 يبدي استعداده لتقديم خطاب الضمان بشروط وقيود وخلط بين هذا العقد وهو رقم 153 والعقدين رقمي 165 و167 تنفيذ شروط خاصة بهما وجعل تقديم خطاب الضمان رهناً بهذا التنفيذ فأرسل إلى البنك طالباً بضرورة تقديم خطاب الضمان دون ربط تقديمه بتنفيذ شروط عقدين آخرين لا شأن لهما بالعقد المبرم إلا أن البنك رد بأن الشركة متمسكة بوجهة نظرها ورغم تعسف الشركة فقد قبل المصنع شروطها وأخطر البنك بذلك في 2 من إبريل سنة 1959 إلا أن البنك رد بأن الشركة المدعى عليها سحبت عرض إصدار الخطاب نظراً لعدم فتح المصنع الاعتماد المستندي في الميعاد المقرر واستطرد المدعي في صحيفة الدعوى يقول إن الشركة لم تقم بتنفيذ التزامها ذلك أنه لم يكن هناك اتفاق على أن يكون فتح الاعتماد للعقدين 165 و167 سابقاً على إصدار خطاب الضمان للعقد رقم 153، وأنه كان يجب على الشركة أن تقوم بإيداع خطاب الضمان دون قيد خلال عشرة أيام من إصدار أمر التوريد، وأنه رغم ذلك فإن المصنع وافق على تنفيذ شروط الشركة وأخطر البنك بهذه الموافقة في 2 من إبريل سنة 1959 رداً على خطاب البنك الذي تسلمه في 29 من مارس سنة 1959 إلا أن الشركة سحبت عرضها بتقديم خطاب الضمان، لذلك تكون الشركة قد تخلفت عن تنفيذ التزامها في التوريد وقد قام المصنع بعد نكولها بالشراء على حسابها وأنه طبقاً للمادة 53 و106 من لائحة المناقصات والمزايدات تكون الشركة ملزمة بأداء مبلغ 607 م 2650 ج فرق سعر ومبلغ 210 م 1738 ج مصاريف إدارية ومبلغ 164 م 1550 ج وجملة ذلك 381 م و3554 ج والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية والمصاريف.
وردت الشركة المدعى عليها على الدعوى بالثابت بأوراق الدعوى أن موضوع المطالبة لا يخصها حيث أنها كانت أداة اتصال بين الطرفين فحسب وأن الشركة كانت حريصة دائماً على إبراز الوضع قائلة على الدوام إن العرض مقدم أصلاً من شركة سودامين البلجيكية. كما أن الضمان كان ليقدم من شركة سودامين وكانت الاعتمادات تفتح لشركة سودامين المذكورة، وأنه لا يجوز القول بإلزام شركة البهنساوى باعتبارها وكيلة لشركة سودامين لأنه لا يجوز قانوناً رفع الدعوى ضد الوكيل وتفريعاً على هذه القاعدة تكون الدعوى قد رفعت أصلاً في شكل باطل قانوناً وبالتالي لا تنعقد أية خصومة صحيحة يمكنه إصدار أي حكم فيها، وأن الحراسة فرضت على البلجيكيين بالأمر العسكري رقم 99 الصادر في 26 من فبراير سنة 1961 قبل رفع هذه الدعوى لذلك فإنه لو افترض جواز مقاضاة الوكيل في مادة العقود الإدارية فلن يكون ذلك حيث تكون هذه الوكالة قد سقطت بموجب قانون من قوانين أمن الدولة التي تعتبر أحكامها من النظام العام ومن ثم كان يتعين على الهيئة العامة للمصانع الحربية أن ترفع الدعوى على الحارس العام على الرعايا البلجيكيين ولو أن الحراسة كانت قد فرضت بعد رفع الدعوى لتعين الحكم بانقطاع سير الخصومة فيها أما وقد رفعت أصلاً ضد غير ذي صفة فيتعين الحكم بعدم جواز نظرها لرفعها على غير ذي صفة، يضاف إلى ذلك أن المشرع ألغى الوكالة التجارية بالقانون رقم 107 لسنة 1961 قبل رفع الدعوى ولذلك تكون هذه الوكالة علي فرض وجودها بين شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وشركة سودامين قد انقضت ولذلك تكون الدعوى مرفوعة على غير ذي صفة. وأضافت المدعى عليها بالنسبة لموضوع الدعوى أنها وإن كانت لا تمثل شركة سودامين فإن دفاع تلك الشركة الذي ضمنته كتابها المؤرخ 6 من إبريل سنة 1959 يتحصل في أنها طلبت فتح الاعتمادات لتقوم بدورها بتنفيذ التزاماتها ولكن الهيئة العامة للمصانع الحربية لم تحرك ساكناً إلى أن سقط عرض شركة سودامين وبعدها قامت الهيئة بفتح اعتمادين "بالجنيهات المصرية". (حساب بلجيكي) وبذلك يكون العرض قد انقضى وقت فتح الاعتمادين وأنه حتى على فرض عدم انقضاء الميعاد فإن فتح الاعتماد عن طريق حساب "الجنيهات المصرية" (حساب بلجيكي) غير مطابق لشروط التعاقد التي تقضي بفتح الاعتماد بالفرنكات البلجيكية أو بالدولارات الأمريكية وأن البنك البلجيكي أخطر شركة سودامين بأنه لا يمكن تحصيل قيمة الجنيهات المصرية "حساب بلجيكي" لا يمكن تحصيل قيمتها في بلجيكا في الوقت الحاضر. وانتهت الشركة المدعى عليها بصفة أصلية الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لعدم انعقاد الخصومة انعقاداً صحيحاً ومن باب الاحتياط الحكم بعدم قبولها شكلاً لرفعها على غير ذي صفة، ومن باب الاحتياط الكلي الحكم برفض الدعوى باعتبارها موجهة ضد شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وفي جميع الحالات إلزام الهيئة العامة للمصانع الحربية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعقبت الهيئة العامة للمصانع على دفاع الشركة المدعى عليها بمذكرة تضمنت أن الشركة المدعى عليها حددت صلاحية العطاء المقدم منها يوم 15 من ديسمبر سنة 1958 وعلى أثر ذلك تشكلت لجنة ممارسة أفرغت العطاءات الواردة من الشركات للتوريد وأنه يبين من كشف تفريغ العطاءات أن اللجنة أدرجت به اسم شركة البهنساوى باعتبارها مقدمة عطاء وأرسلت الهيئة العامة للمصانع بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1958 خطاباً إلى الشركة بطلب مد مدة العرض حتى 22 من ديسمبر سنة 1958 فوافقت الشركة وفي 22 من ديسمبر سنة 1958 صدر الأمر رقم 153 إلى الشركة المدعى عليها لتوريد النحاس وأن الهيئة كانت تقصد التعاقد مع شركة البهنساوى الوكيلة المسخرة لا مع الشركة الموكلة بالرغم من علم الهيئة أن من تتعاقد معه وكيل لا أصيل إذ أن من القواعد المقررة في التسخير أن هذا العلم لا يمنع من أن تضاف الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد إلى الوكيل المسخر دون الموكل وترتيباً على ذلك تنصرف إلى الوكيل المسخر الالتزامات المترتبة على أمر التوريد وترفع عليه الدعوى شخصياً لمطالبته بما في ذمته من التزامات أو لمطالبته بفسخ العقد والتعويض ولذلك يكون ما أثارته الشركة من أنه لا يجوز رفع الدعوى ضد الوكيل قول لا يتفق وحكم القانون، وأنه لا محل للقول بأنه كان يتعين أن ترفع الدعوى على الحارس العام على الرعايا البلجيكيين لأن الهيئة كانت تتعامل مع شركة البهنساوى للتجارة والهندسة باعتبارها وكيلة مستترة، وأن إلغاء الوكالة التجارية لا يمنع من إقامة الدعوى ضد شركة البهنساوى للتجارة والهندسة لأن الشركة المذكورة كانت وكيلة بالعمولة أبرمت العقد باسمها وانتهت الهيئة في مذكرتها إلى طلب الحكم بإلزام شركة البهنساوى للتجارة والهندسة مبلغ 7/ 4/ 3731 ج. ك تعادل مبلغ 48 م و3554 ج.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى إلزام الشركة المدعى عليها باعتبارها وكيلة لشركة سودامين البلجيكية في التعاقد وتنفيذ أحكام العقد رقم (153) لسنة 1958 مع الهيئة العامة للمصانع الحربية بسداد مبلغ 3787.777 مليمجـ والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من أكتوبر سنة 1961 والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن محكمه القضاء الإداري حكمت بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1965 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وفي الموضوع بإلزام المدعى عليها (شركة البهنساوى للتجارة والهندسة) بأن تدفع إلى المدعية (الهيئة العامة للمصانع الحربية) مبلغ 481 م و3554 ج (ثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعة وخمسين جنيهاً وأربعمائة وواحد وثمانين مليماً) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من أكتوبر سنة 1961 حتى تمام السداد والمصاريف. وأقامت قضاءها على أن الواضح من نص المادة التاسعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات والمادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات أن المشرع اشترط أن يكون المتعاقد مع الحكومة في العقود الإدارية مقيماً في الجمهورية أو أن يكون له وكيل فيها وذلك حتى يتيسر للحكومة ضمان تنفيذ العقد والرجوع على أمواله الكائنة بالجمهورية إذا أخل بالتزامه وأجاز استثناء التعاقد إذا كان مركز المتعاقد في الخارج وكان له وكيل معتمد في مصر وأنه لما كانت الشركة المدعى عليها تدعي أن دورها لم يكن إلا دور الوكيل عن شركة سودامين (البلجيكية فكان عليها عملاً بنص المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات، أن تقدم مع العطاء التوكيل مصدقاً عليه من السلطات المختصة غير أنها لم تفعل وأدرجت في كشف تفريغ العطاءات بمعرفة اللجنة المختصة باعتبارها أصيلة لا وكيلة ثم أخطرت برقياً برسو العطاء عليها لذلك فإن الادعاء بقيام الوكالة في غير محله وبذلك تكون الشركة المدعى عليها أصيلة في التعاقد وهو ما يتعين معه رفض الدفوع المبداة من الشركة القائمة على أساس أنها تعاقدت بصفتها وكيلة.
واستندت المحكمة في قضائها إلى أن الشركة المدعى عليها لم تقم بالتوريد في الميعاد المتفق عليه فقامت الهيئة العامة للمصانع الحربية بالشراء على حسابها طبقاً للمادتين 53 و105 من لائحة المناقصات والمزايدات فتم الشراء بفرق قدره 607 م 265 ج يضاف إليه قيمة المصاريف الإدارية وقدرها 710 م 1738 ج وغرامة تأخير قدرها 164 م 1550 ج وجملة ذلك 481 م 3554 ج.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم شابه قصور في التسبيب ذلك أنه رغم أن الحقائق الثابتة بالأوراق تثبت قيام وكالة الطاعنة عن شركة سودامين البلجيكية حيث ورد بالعرض المقدم من الطاعنة المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1958 أنه مقدم منها لحساب موكلتها شركة سودامين البلجيكية ببروكسل وأن أمر التوريد رقم 153 صدر بناء على هذا العرض ونص في البند السابع منه على أن الدفع لصالح الموكلة شركة سودامين البلجيكية ببروكسل وأن الهيئة العامة للمصانع خاطبت شركة سودامين البلجيكية مباشرة بشأن أمر التوريد بكتابها المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1958 لإيداع خطاب الضمان وأن الهيئة أرسلت خطاباً مؤرخاً 22 من ديسمبر سنة 1958 إلى مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري أرفقت به أمر التوريد وضمنته أن الأمر المذكور صادر إلى شركة البهنساوى الوكيل عن الشركة البلجيكية وأن البنك البلجيكي والدولي في مصر الذي كان قد أنيط به إصدار خطابات الضمان أشار في كتابه المرسل إلى الهيئة العامة للمصانع الحربية المؤرخ 30 من مارس سنة 1959 أن الضمان المذكور لحساب شركة سودامين ببروكسل ويمثلها بالقاهرة شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وأن البنك أخطر الهيئة بكتابيه المؤرخين 19 و30 من إبريل سنة 1959 أن شركة سودامين، وليست شركة البهنساوى للتجارة والهندسة، سحبت عرضها في 28 من مارس سنة 1959 قبل موافقة المصنع على شروطها. ومع ذلك فإن الحكم لم يعن الحكم بإيراد الأسباب التي استند إليها في استبعاد الدلائل المثبتة لقيام وكالة الطاعنة، وقد بنى الحكم رفضه إقرار وجود الوكالة على أن الشركة الطاعنة لم تقدم توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة طبقاً لما تقضي به المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات في حين أن هذه مسألة شكلية تغاضت عنها الهيئة العامة للمصانع الحربية حيث قبلت التعامل مع الشركة الطاعنة دون أن تقدم الشركة توكيلاً مصدقاً عليه لذلك يكون الحكم قد أخطأ إذ جعل قيام الوكالة رهناً بتقديم الشركة توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة، كما خالف الحكم قاعدة عدم جواز رفع الدعوى على الوكيل، وأن فرض الحراسة على أموال الرعايا البلجيكيين بالأمر العسكري رقم 99 الصادر في 26 من فبراير سنة 1961 قد أسقط الوكالة الاتفاقية وأصبح الحارس العام وحده هو الذي يمثل الرعايا البلجيكيين في الجمهورية العربية المتحدة ومن ثم فإن عدم توجيه الدعوى إلى الحارس العام يترتب عليه عدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة، كما أن إلغاء الوكالة التجارية إلغاء تاماً بالنسبة للقطاع الخاص بالقانون رقم 107 الصادر في 9 من يوليه سنة 1961 من شأنه إسقاط وكالة الطاعنة عن شركة سودامين بقوة القانون قبل رفع الدعوى موضوع الطعن وتكون الدعوى قد رفعت على غير ذي صفة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا قدمت تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات..
ومن حيث إن الطاعنة عقبت بمذكرة رددت فيها ما أوردته في تقرير الطعن، وقد ردت الهيئة العامة للمصانع الحربية بمذكرة ضمنتها أن المشرع اشترط أن يكون المتعاقد مع الحكومة في العقود الإدارية بطريق العطاء مقيماً في جمهورية مصر وأن يكون له وكيل فيها وذلك ضماناً لتنفيذ هذه العقود وحتى يتيسر للحكومة الرجوع على أمواله الكائنة بالجمهورية وأن المشرع أجاز استثناء التعاقد مع غير المقيم في الجمهورية وله مركز في الخارج بشرط أن يكون له وكيل معتمد في الجمهورية، وأنه لكي تتمسك الشركة الطاعنة بما تدعيه عن وكالتها لشركة سودامين البلجيكية في ممارسة التوريد فقد كان يتعين عليها طبقاً لصريح نص المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات أن ترفق بعطائها توكيلاً معتمداً من السلطات المختصة وهو إجراء أغفلته الشركة الطاعنة ومن ثم يكون ادعاء الوكالة غير مقبول قانوناً وأنه لما كان تقرير الطعن قد خلا من أي مطعن على الحكم بالنسبة لموضوع الدعوى لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه ويكون طعن الشركة على غير أساس وطلبت الحكم برفض الطعن وإلزام الهيئة العامة للمصانع الحربية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المصنع الحربي رقم 63 تعاقد مع مؤسسة معامل الدفاع بالإقليم السوري على توريد 165 طن أسياخ نحاس و50 طن شرائح نحاس تمباك على أن يقوم المصنع بالتعاقد على توريد النحاس اللازم لهذه المشغولات في حدود 87640 دولاراً أمريكياً وأن تتولى مؤسسة الدفاع فتح الاعتماد اللازم لصالح الشركة التي تقوم بتوريد النحاس المتعاقد عليه، وتنفيذاً لذلك قام المصنع بإجراء ممارسة لتوريد 130 طناً من النحاس وتقدمت شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بعرض للتوريد ضمنته كتابها المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1958 وقد جاء في هذا الكتاب أن شركة البهنساوى تتقدم بهذا العرض بصفتها وكيلة عن شركة "سودامين" للمعادن والمناجم ببروكسل ولحساب هذه الشركة وأن التسليم يكون فوب في ميناء ألماني أو بلجيكي أو هولندي وفق اختيار الشركة الموكلة في ديسمبر سنة 1958 أو يناير سنة 1959 وأن السداد يكون بخطاب اعتماد غير قابل للرجوع فيه بالفرنكات البلجيكية يفتح لحساب الشركة الموكلة بمصرف الشركة ببروكسل، وفي 20 من ديسمبر سنة 1958 أرسل المصنع الحربي رقم 63 برقية إلى شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بأن عطاءها عن توريد 130 طن نحاس كهربائي كاتود قد قبل ويثبت السعر على أساس المعاملات ببورصة لندن في الفترة الصباحية يوم الأربعاء 24 من ديسمبر سنة 1958 ثم أرسل مصنع 63 إلى مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري كتابة المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1958 وقد أثير فيه إلى أنه قد أرفق به أمر التوريد الصادر إلى شركة البهنساوى الوكيل عن شركة "سودامين" وتضمن الكتاب طلب فتح الاعتماد اللازم خلال عشرة أيام وقد أرفق بالخطاب صورة من طلب أرسل إلى معامل مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري بطلب فتح مستندي غير قابل للإلغاء وقابل للتحويل والدفع الجزئي باسم شركة "سودامين" وذلك قيمة حوالي 130 طن نحاس كهربائي كاتود، وأخطر مدير عام مصنع 63 العضو المنتدب للجنة العامة لشئون النقل البحري بكتابه المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1958 بأن المصنع قد تعاقد مع شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وهي الوكيلة عن شركة "سودامين" وأن مركزها ببروكسيل ببلجيكا وذلك على توريد حوالي 130 طن نحاس كهربائي كاتود بموجب أمر التوريد رقم 153 بتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1958 على أن يتم التوريد خلال يناير وفبراير سنة 1959 ونص الأمر على أن يتم الشحن طبقاً لتعليمات وكيل اللجنة بأوروبا وطلب مدير المصنع في كتابه أن يقوم العضو المنتدب للجنة بالاتصال بوكيله لمخابرة الشركة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لشحن البضاعة حال إعدادها للشحن، وفي 20 من يناير سنة 1959 أبرق المصنع الحربي رقم 63 إلى شركة "سودامين" ببروكسل أشار فيه إلى أمر التوريد رقم 153 الذي سلم إلى شركة البهنساوى وكيلة الشركة في مصر وطلب إلى شركة "سودامين" تقديم خطاب ضمان قيمته 10/ من قيمة الاعتماد، وفي 5 من فبراير سنة 1959 وجهت شركة البهنساوى خطابها إلى المصنع الحربي رقم 63 تضمن أن موكلتها شركة سودامين تطلب تعديل الاعتماد، وفي 10 من فبراير سنة 1959 أرسل المصنع رقم 63 إلى شركة "سودامين" ببروكسل برقية أشار فيها العرض المقدم من ممثلتها في مصر لتوريد 130 طناً من النحاس وطلب إلى الشركة المبادرة بتقديم خطاب الضمان، وبتاريخ 5 من مارس سنة 1959 أرسلت شركة البهنساوى للتجارة والهندسة كتاباً إلى المصنع الحربي رقم 63 تضمن أنها اتصلت بموكلتها ببلجيكا أفادت بأن خطاب الضمان سيقدم عن طريق البنك البلجيكي والدولي في مصر. وفي 15 من مارس سنة 1959 أرسل البنك البلجيكي والدولي بمصر خطاباً إلى المصنع الحربي رقم 63 في شأن خطاب الضمان وقد ورد في هذا الكتاب أن موضوعه خطاب ضمان نهائي رقم 52822 - 12/ 58 بمبلغ 110451 فرنك بلجيكي استحقاق 5 من مارس سنة 1959 لصالح المصنع ولحساب شركة سودامين ببروكسل ويمثلها بالقاهرة شركة البهنساوى للتجارة والهندسة، وقد رد المصنع على كتاب البنك البلجيكي والدولي المؤرخ 15 من مارس سنة 1959 وقد ورد بكتاب المصنع أن موضوعه يتعلق بخطاب ضمان نهائي رقم 52823 - 5/ 3/ 59 لحساب شركة سودامين ويمثلها شركة البهنساوى بالقاهرة، وفي 7 من إبريل سنة 1959 أخطر البنك البلجيكي والدولي بمصر المصنع الحربي رقم 63 بأن شركة سودامين سحبت عرضها الخاص بإصدار خطاب الضمان لعدم فتح الاعتماد المستندي المطلوب.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن شركة البهنساوى عندما تقدمت بالعرض الذي ضمنته كتابها المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1958 أفصحت صراحة في هذا العرض أنه مقدم منها بصفتها نائبة عن شركة "سودامين" البلجيكية وقد تم التعاقد على أساس هذا العرض وبموجبه أن تكون شركة "سودامين" هي الأصلية في التعاقد وأما شركة البهنساوى للتجارة والهندسة فكانت مجرد ممثل للشركة الأصلية في مصر، وقد ذخر ملف الموضوع بما يؤيد أن التعاقد تم على هذا الأساس، إذ ورد في أمر التوريد الصادر إلى شركة البهنساوى أن شحن البضاعة يكون فوب من ميناء ألماني أو بلجيكي أو هولندي حسب اختيار موكلتها، وقد طلبت الهيئة العامة للمصانع الحربية من مؤسسة الدفاع بالإقليم السوري فتح الاعتماد لحساب الشركة البلجيكية، وقامت الهيئة بالاتصال المباشر بشركة "سودامين" ببرقية طلبت إليها فيها تقديم خطاب الضمان طبقاً لشروط أمر التوريد، وكانت المكاتبات الصادرة من شركة البهنساوى للتجارة والهندسة والموجهة إلى المصنع الحربي رقم 63 في شأن تنفيذ العقد صريحة في أنها إنما تنقل وجهة نظر شركة سودامين البلجيكية الأصيلة في التعاقد على ما سلف تفصيله ولم تبد الهيئة العامة للمصانع أي اعتراض أو ملاحظة في شأن صفة شركة سودامين في التعاقد عند تلقيها هذه المكاتبات، كما تضمنت المكاتبات التي وجهها البنك البلجيكي والدولي في مصر إلى المصنع الحربي رقم 63 في خصوص تقديم خطاب الضمان أنه إنما تقدم بهذا الاتصال بناء على طلب عميلته شركة "سودامين" البلجيكية الأصيلة في التعاقد التي تمثلها في مصر شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وقد رد المصنع رقم 63 على مكاتبات البنك وقد جاء صراحة في إجاباته على أن ردوده خاصة بخطاب ضمان لحساب شركة سودامين ويمثلها في مصر شركة البهنساوي للتجارة والهندسة.
ومن حيث إن الوكيل عندما يعمل باسم الموكل يكون نائباً عنه وتحل إرادته محل إرادة الأصيل كما لو كانت الإرادة قد صدرت منه، ولما كان النائب يعمل باسم الأصيل فأثر العقد لا يلحقه هو بل يلحق الأصيل وتتولد على النيابة علاقة مباشرة فيما بين الأصيل والغير ويختص شخص النائب منهما المتعاقدان وهما اللذان ينصرف إليهما أثر العقد فيكسب الأصيل الحقوق التي تولدت له من العقد ويطالب الغير بها دون وساطة النائب كما يكتسب الغير الحقوق التي تولدت له من العقد ويرجع بها مباشرة على الأصيل، وهو ما تقضي به المادة 105 من القانون المدني حيث ينص على أنه إذا أبرم النائب في حدود - نيابية عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل، لذلك فإن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة وقد أفصحت صراحة لدى تقديمها العرض المؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1959 والذي قبلته الهيئة العامة للمصانع الحربية أنها إنما تتقدم بهذا العرض نيابة عن موكلتها شركة سودامين وقد تم قبول هذا العرض وأبرم العقد على أساسه فإن الأثر القانوني للعقد المبرم إنما ينصرف إلى الشركة الأصيلة وحدها فإذا ما وجهت دعوى في شأن المطالبة بالالتزامات المترتبة على هذا العقد تعين توجيهها إلى الشركة الأصيلة إذ لا يجوز توجيه هذه المطالبة إلى الشركة الوكيلة.
ومن حيث إن ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية من أن تطبيق القواعد المقررة في التسخير تؤدي إلى القول بأن المتعاقد معها هي شركة البهنساوى للتجارة والهندسة لا شركة "سودامين" الأصيلة في التعاقد على أساس أن الهيئة قصدت التعاقد مع الوكيل المسخر لا مع الموكل وذلك بالرغم من علمها بأن من تتعاقد معه هو وكيل لا أصيل - وفي هذه الحالة لا يكون الوكيل المسخر نائباً عن الموكل بل تضاف إلى الوكيل حقوق العقد والتزاماته ولا يعترض على ذلك بأن الهيئة تعلم بأن المتعاقد معها وكيل لا أصيل إذ أن القواعد المقررة في التسخير تقضي بأن هذا العلم لا يمنع من أن تضاف حقوق العقد والتزاماته إلى الوكيل المسخر هذا المذهب مردود بأن الثابت من الأوراق، وعلى ما سلف بيانه، أن شركة البهنساوى للتجارة والهندسة تقدمت بعرضها مفصحة صراحة على أنها نائبة عن شركة "سودامين" البلجيكية وقبل العرض المقدم منها بهذه الصفة وقام المصنع الحربي المتعاقد بالاتصال المباشر بالشركة الأصلية طالباً إليها بصفتها هذه تنفيذ العقد الأمر الذي ينفي ما ذهبت إليه الهيئة العامة للمصانع الحربية في دفاعها عن أنها إنما قصدت التعاقد مع الشركة الوكيلة وإن قصدها لم يتجه إلى التعاقد مع الشركة الأصلية.
ومن حيث إن إغفال اتباع ما تقضي به المادة 40 من لائحة المناقصات والمزايدات من أنه إذا كان العطاء مقدماً من وكيل عن صاحب العطاء فعليه أن يقدم معه توكيلاً مصدقاً عليه من السلطات المختصة لا أثر له في قيام الوكالة إذا استوفت شروط قيامها، ذلك أن اشتراط تقديم توكيل مصدق عليه قصد به التثبيت على وجه اليقين من توافر صفة الوكالة فيمن يتقدم بعطاء نيابة عن الغير لذلك فإن إغفال الإدارة التمسك بهذا الإجراء لا أثر له في قيام الوكالة التي استوفت شروط انعقادها واعترف ذوو الشأن بقيامها على نحو ما تم في هذه الدعوى.
ومن حيث إنه متى كان الثابت في الأوراق أن الهيئة العامة للمصانع الحربية طلبت الحكم بإلزام شركة البهنساوى للتجارة والهندسة بالمبالغ المطالب بها في حين أن تعاقدها كان نيابة عن شركة "سودامين" البلجيكية الأصيلة في التعاقد، فإن الدعوى تكون والحالة هذه قد رفعت على غير ذي صفة ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى إلزام الشركة الوكيلة بالمبالغ المقضى بها قد خالف القانون ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة مع إلزام الهيئة العامة للمصانع الحربية المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وألزمت الهيئة العامة للمصانع الحربية بالمصروفات.

الطعن 369 لسنة 31 ق جلسة 31 / 1 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 27 ص 170

جلسة 31 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

--------------

(27)
الطعن رقم 369 لسنة 31 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". "بطلان الإعلان". المصلحة في التمسك بالبطلان. بطلان.
إعلان الطعن. تمامه في الميعاد بمعرفة قلم الكتاب. تقديم المطعون عليه مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني. التمسك بالبطلان لعيب شاب إجراء الإعلان. عدم بيان وجه المصلحة في التمسك به. لا يجوز.
(ب) نقض. "الخصوم في الطعن".
الخصوم في الطعن. اختصامهم بالصفة التي كانوا متصفين بها في الدعوى الأصلية.
(ج) نقض. "إجراءات الطعن". "تقرير الطعن". "إعلان الطعن". بطلان.
وجوب اشتمال تقرير الطعن على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وموطن كل منهم. الغرض منه. إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بهذه البيانات. تحقق ذلك بكل ما يكفي للدلالة عليها. مثال.
(د) دعوى. "ضم دعويين". "أثره".
ضم قضيتين تختلفان سبباً وموضوعاً إلى بعضهما، أثره. عدم فقدان كل منهما استقلاله. اختلاف الأثر في حالة وحدة الطلب في القضيتين.
(هـ) ضرائب. "الضريبة على التركات". "وعاء الضريبة". تركات. "تصفية التركة".
فرض ضريبة على التركة تستحق من وقت الوفاة على صافي قيمة تركة المتوفى. مؤداه. تنظيم تصفية ضريبية جبرية للتركة تؤكد الأحكام المدنية لتصفية التركة وتعمل عملها. أثره. أيلولة ما بقي من أموال التركة بعد سداد الضريبة إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي.
(و) ضرائب. "الضريبة على التركات". التزام. تجزئة.
التزام الورثة بضريبة التركات. غير قابل للتجزئة.
(ز) ضرائب. "رسم الأيلولة على التركات". "وعاء الضريبة".
المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 1944. فرض رسم على أيلولة التركات يستحق من وقت الوفاة محسوباً على صافي نصيب الوارث. مؤداه. انقسام الرسم بين الورثة واستحقاقه على صافي نصيب كل وارث على حدة.
(ح) ضرائب. "رسم الأيلولة على التركات". التزام، تجزئة.
التزام الورثة برسم الأيلولة منقسم.

-------------------
1 - متى كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد بمعرفة قلم الكتاب وفي ظل القانون رقم 106 لسنة 1962 وكان المطعون عليه قد قدم مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يجوز له التمسك بالبطلان لعيب شاب إجراء الإعلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به (1).
2 - الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه.
3 - إذ نصت المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - المعدلة بالقانون رقم 106 لسنة 1962 على أن يشتمل التقرير بالطعن على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وموطن كل منهم، فإن الغرض المقصود من هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إنما هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بهذه البيانات، وكل ما يكفي للدلالة عليها يتحقق به الغرض الذي وضعت هذه المادة من أجله (2). وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه اختصم أمام محكمة الموضوع بصفته الشخصية وكان المفهوم بجلاء مما جاء بهذا الحكم ومما جاء بتقرير الطعن - وإن ذكرت فيه صفة المطعون عليه كوارث - أن الطعن موجه إليه بصفته الشخصية وهي نفس الصفة التي كان مختصماً بها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، فإن الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة يكون على غير أساس.
4 - وإن كان ضم قضيتين تختلفان سبباً وموضوعاً إلى بعضهما تسهيلاً للإجراءات لا يترتب عليه إدماج أحدهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها، إلا أن الأمر يختلف إذا كان الطلب في إحدى القضيتين المضمومتين هو ذات الطلب في القضية الأخرى.
5 - النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 159 لسنة 1952 بفرض ضريبة على التركات على أن "تفرض على التركة ضريبة تعتبر مستحقة من وقت الوفاة وتحتسب على صافي قيمة تركة كل من يتوفى من تاريخ العمل بهذا القانون"، مؤداه أن الشارع نظم تصفية ضريبية جبرية للتركة تؤكد الأحكام المدنية لتصفية التركة وتعمل عملها، فتقدر أصولها وخصومها وما يبقى بعد خصم الخصوم من الأصول يعتبر صافياً للتركة، تفرض عليه الضريبة جملة وبعد سداد هذه الضريبة يؤول ما بقي من أموالها إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي على ما أفصحت به المادة 899 من القانون المدني.
6 - التزام الورثة بضريبة التركات غير قابل للتجزئة.
7 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أن "يفرض على أيلولة التركات رسم يعتبر مستحقاً من وقت الوفاة محسوباً على صافي نصيب الوارث"، مؤداه أن هذا الرسم ينقسم بين الورثة ويستحق على صافي نصيب كل وارث على حدة.
8 - التزام الورثة برسم الأيلولة منقسم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب بور سعيد قدرت تركة المرحوم أحمد مرسي أبو علي المتوفى في 30/ 8/ 1952 بمبلغ 70989 ج و611 م وإذ اعترض الورثة - المطعون عليهم - على هذا التقدير وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن وبتاريخ 30/ 5/ 1959 أصدرت قرارها بتعديل صافي التركة إلى مبلغ 59189 ج و611 م فقد أقاموا الدعوى رقم 122 سنة 1959 بور سعيد الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبين الحكم (أصلياً) ببطلانه واعتباره كأن لم يكن (واحتياطياً) بإلغائه واعتبار أصول التركة مبلغ 29915 ج و962 م وخصومها مبلغ 47033 ج و528 م. وبتاريخ 12/ 1/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير لتقدير أصول التركة وخصومها، وقد أثار الورثة أمام الخبير أن حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضريبة سقط بالتقادم، فأعاد الخبير الأوراق إلى المحكمة دون أن يباشر مأموريته وتمسك المدعون بهذا الدفع أمامها، ثم أقاموا الدعوى رقم 29 سنة 60 بور سعيد الابتدائية ضد مصلحة الضرائب طالبين الحكم بسقوط الحق في المطالبة بضريبة التركات ورسم الأيلولة بالتقادم، ودفعت المصلحة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المذكورة، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين المشار إليهما ليصدر فيهما حكم واحد عادت وبتاريخ 14/ 6/ 1960 فحكمت حضورياً (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى رقم 29 سنة 1960 وباختصاصها. (وثانياً) بإلغاء قرار اللجنة المطعون فيه وبسقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء رسم أيلولة أو ضريبة عن تركة المرحوم أحمد مرسي أبو علي بالتقادم. (وثالثاً) بإلزام مصلحة الضرائب بمصروفات الدعوى رقم 122 سنة 1959 وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ورابعاً) بإلزام المدعين في الدعوى رقم 29 سنة 1960 بمصروفاتها. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم بتأييد قرار اللجنة وقيد هذا الاستئناف برقم 64 سنة 1 قضائية. كما رفعت الاستئناف رقم 96 سنة 1 قضائية ضد المطعون عليهما. (ثانياً) و(ثالثاً) ثم تنازلت عنه. وبتاريخ 7/ 6/ 1961 حكمت المحكمة (أولاً) بإثبات تنازل المستأنفة عن استئنافها رقم 96 سنة 1 ق وبإلزامها بمصروفاته. (وثانياً) ببطلان الاستئناف رقم 64 سنة 1 قضائية وإلزام المستأنفة بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم المطعون فيه، ودفع المطعون ضده الأول ببطلان الطعن لبطلان إعلانه، وبعدم قبوله لرفعه على غير ذي صفة، وبعدم قبوله لانعدام المصلحة وطلب في الموضوع رفضه ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الدفوع وقبول الطعن في خصوص رسم الأيلولة.
وحيث إن مبنى الدفع الأول بطلان الطعن لبطلان إعلانه إلى المطعون عليه الأول إذ خلت ورقة الإعلان من إثبات عدم وجوده في موطنه ومن بيان اسم الخادمة المخاطب معها وسبب رفضها استلام الصورة وهو ما يجعله باطلاً طبقاً للمواد 10، 11، 12، 24 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه لما كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد بمعرفة قلم الكتاب وفي ظل القانون رقم 106 لسنة 1962 وكان المطعون عليه الأول قد قدم مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز له التمسك بالبطلان لعيب شاب إجراء الإعلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به.
وحيث إن مبنى الدفع الثاني أن المطعون عليه الأول اختصم في تقرير الطعن بالنقض على اعتبار أنه أحد ورثة المرحوم أحمد مرسي أبو علي في حين أنه كان مختصماً في الاستئنافين رقمي 64، 96 سنة 1 قضائية - بصفته الشخصية ومن ثم يكون الطعن غير مقبول لاختصامه بغير الصفة التي كان مختصماً بها أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أن الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وإذ كانت المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانون رقم 106 لسنة 1962 قد نصت على أن يشتمل التقرير بالطعن على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وموطن كل منهم، فإن الغرض المقصود من هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بهذه البيانات، وكل ما يكفي للدلالة عليها يتحقق به الغرض الذي وضعت هذه المادة من أجله. وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول اختصم أمام محكمة الموضوع بصفته الشخصية وكان المفهوم بجلاء مما جاء بهذا الحكم ومما جاء بتقرير الطعن - وإن ذكرت فيه صفة المطعون عليه الأول كوارث - أن الطعن موجه إليه بصفته الشخصية وهي نفس الصفة التي كان مختصماً بها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، فإن الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع الثالث أن الحكم الابتدائي فصل في الدعويين رقمي 29 سنة 1960، 122 سنة 1959 بسقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء رسم أيلولة أو ضريبة عن التركة بالتقادم، وأن المصلحة أقامت الاستئناف رقم 64 سنة 1 قضائية عن الحكم في الدعوى رقم 122 سنة 1959 ولم يشمل استئنافها الحكم في الدعوى رقم 29 سنة 60، ولذلك أضحى القضاء الأخير وهو - سقوط حق المصلحة بالتقادم - انتهائياً وحائزاً لحجية الشيء المحكوم فيه. كما تمسك المطعون عليه الأول أمام محكمة الاستئناف بدفوع أخرى خاصة ببطلان الإعلان لم يفصل فيها الحكم المطعون فيه، وقبل الحكم دفوعاً أخرى بالبطلان لم يتناولها تقرير الطعن ومن ثم فإنه مع افتراض صحة الأساس الذي أقيم عليه الطعن موضوعاً فلن يترتب على قبوله سوى تحقيق مصلحة نظرية بحتة.
وحيث إن هذا الدفع مردود (أولاً) بأنه وإن كان ضم قضيتين تختلفان سبباً وموضوعاً إلى بعضهما تسهيلاً للإجراءات لا يترتب عليه إدماج أحدهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها - إلا أن الأمر يختلف إذا كان الطلب في إحدى القضيتين المضمومتين هو ذات الطلب في القضية الأخرى. وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الوقائع السابق بيانها أن المطعون عليهم دفعوا في الدعوى رقم 122 سنة 59 بسقوط حق الطاعنة في اقتضاء ضريبة التركات ورسم الأيلولة بالتقادم، وسلكوا للوصول إلى هذه الغاية بأن أقاموا الدعوى رقم 29 سنة 60 وكانت محكمة الدرجة الأولى - بعد أن قررت ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد حكمت فيهما معاً بسقوط حق المصلحة بالتقادم، فإن الاستئناف رقم 64 سنة 1 قضائية يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - شاملاً للدعويين لاندماج أحدهما في الأخرى وفقدان كل منهما استقلالها. ومردود (ثانياً) بأن المطعون عليه الأول لم يبين الدفوع التي قبلها الحكم المطعون فيه ولم يتضمنها تقرير الطعن، وتلك التي تمسك بها ولم يفصل فيها ومن ثم يكون دفعاً مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الاستئناف مستنداً في ذلك إلى أن مجهولاً اشترك مع المحضر في إجراء الإعلان وأن صور الإعلانات الخاصة بالمستأنف عليهما الثانية والثالثة خالية من بيان ما يفيد انتقال المحضر إلى محل إقامتهما وأن إعلان المستأنف عليها الثانية مع المستأنف عليه الأول خلا من إثبات المحضر لغيابها عن موطنها حتى يسوغ له تسليمه إلى الأخير ولم يثبت المحضر عند إعلان المستأنف عليها الثالث وتسليمه صورة الإعلان الخاصة بها إلى المستأنف عليه الأول أن الأخير يسكن معها حتى يكون له إعلانها في شخصه، وانتهى من ذلك إلى التقرير ببطلان الإعلان وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وقصور من وجوه: (أولها) أن ما استخلصه الحكم من عبارة "بالعمارة رقم 15 شارع 23 يوليه ببور سعيد" أن مجهولاً اشترك مع المحضر في إجراء الإعلان هو استخلاص غير صحيح لأن هذه العبارة هي عنوان محل إقامة المعلن إليهم السابق بيانه في صدد صحيفة الإعلان وإثباتها تكرار لا يمس بياناته ولم يكن لها أي أثر في إجراءاته (وثانيها) أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبالوكالة عن باقي المطعون عليهم قرار بجلسة 8/ 2/ 1961 بنزوله عن التمسك بالبطلان لاشتراك مجهول مع المحضر في الإعلان بشرط عدم تأجيل الدعوى وقد أغفل الحكم المطعون فيه مناقشة هذا التنازل أو الرد على دفاع الطاعنة في شأنه مما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على دعامتين هما أن مجهولاً اشترك مع المحضر في إجراء الإعلان، وأن صور إعلانات المطعون عليها الثانية والثالثة باطلة، وإذا كانت الدعامة الثانية تكفي لحمله ولم تكن محل نعي من الطاعنة، فإن النعي عليه في دعامته الأولى يكون غير منتج في جملته ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من سبب الطعن أن الدعوى ليست من الدعاوى الغير قابلة للتجزئة لأن الضريبة تربط على كل وارث شخصياً سواء عن نصيبه في رسم الأيلولة أو ضريبة التركات، وطبقاً للمادة 406 مكرراً من قانون المرافعات لا يبطل الاستئناف إلا بالنسبة للمطعون عليهما الثانية والثالثة اللتين لم تعلنا ويظل صحيحاً وقائماً بالنسبة للمطعون عليه الأول الذي لم يجحد الحكم المطعون فيه أن إعلانه كان صحيحاً.
وحيث إن هذا النعي في خصوص ضريبة التركات مردود بأن النص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 159 سنة 1952 بفرض ضريبة على التركات على أنه "تفرض على التركة ضريبة تعتبر مستحقة من وقت الوفاة وتحتسب على صافي قيمة تركة كل من يتوفى من تاريخ العمل بهذا القانون" ومؤداه أن الشارع نظم تصفية ضريبية جبرية للتركة تؤكد الأحكام المدنية لتصفية التركة وتعمل عملها، فتقدر أصولها وخصومها وما يبقى بعد خصم الخصوم من الأصول يعتبر صافياً للتركة، تفرض عليه الضريبة جملة، وبعد سداد هذه الضريبة يؤول ما بقي من أموالها إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي - على ما أفصحت به المادة 899 من القانون المدني - وإذ كان ذلك، وكان التزام الورثة بضريبة التركات غير قابل للتجزئة وكان الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الاستئناف بالنسبة لجميع المطعون عليهم بالرغم من صحة إعلان المطعون عليه الأول الذي أعلن لشخصه فإنه لا يكون قد خالف أحكام المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات أو أخطأ في تطبيقها. أما بالنسبة لرسم الأيلولة فإن النعي في محله ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أنه "يفرض على أيلولة التركات رسم يعتبر مستحقاً من وقت الوفاة محسوباً على صافي نصيب الوارث" ومؤداه، أن هذا الرسم ينقسم بين الورثة ويستحق على صافي نصيب كل وارث على حدة، وإذ كان ذلك، وكان التزام الورثة برسم الأيلولة منقسماً وكان الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الاستئناف بالنسبة لجميع الورثة بالرغم من أن بطلان إعلان المطعون عليهما الثانية والثالثة ما كان يستتبع البطلان - وفقاً لأحكام المادة 406 مكرراً من قانون المرافعات - بالنسبة للمطعون عليه الأول الذي أعلن إعلاناً صحيحاً، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


(1) نقض 10 يناير سنة 1963 - الطعن رقم 387 لسنة 27 ق. السنة 14 ص 100.
(2) نقض 31/ 1/ 1963 - الطعن رقم 389 لسنة 27 ق س 140 ص 203.