جلسة 27 من يونيه سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.
------------
(131)
الطعن رقم 115 لسنة 28 القضائية
(أ) فوائد. "تخفيض سعر الفائدة". "المرسوم بقانون 20 لسنة 1938".
استمرار سريان الفوائد المتفق عليها في عقد سابق على تاريخ العمل بالمرسوم بقانون 20 لسنة 1938 ولو جاوزت الحد الأقصى للفوائد التي يجوز الاتفاق عليها بمقتضاه. خضوع الفوائد القانونية من تاريخ صدوره للحد الوارد به ولو كانت ناشئة عن عقد أبرم قبله.
(ب) فوائد. "تخفيض الفائدة الاتفاقية". قانون "سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام.
انطباق حكم المادة 227 مدني القاضي بتخفيض الفوائد الاتفاقية إلى 7% بأثر فوري من تاريخ العمل بالقانون المدني الجديد في 15/ 10/ 1949. تعيين الحد الأقصى للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها أمر يتصل بالنظام العام.
(ج) فوائد "تقاضي فوائد على متجمد الفوائد" "تجاوز الفوائد لرأس المال".
حظر تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومنع تجاوز الفوائد لرأس المال. خروج ما تقضي به العادات التجارية عن دائرة هذا الحظر. المادة 232 من القانون المدني - نص مستحدث لا مثيل له في القانون المدني القديم.
(د) فوائد. قرض. "قروض المصارف" "طبيعتها".
القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته. وبالنسبة للمفترض فترى محكمة النقض اعتبارها كذلك عملاً تجارياً مهما كانت صفة المفترض وأياً كان الغرض الذي خصص له القرض. خروج هذه القروض عن نطاق الحظر الوارد في المادة 232 مدني. خضوعها للقواعد والعادات التجارية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن بنك الائتمان العقاري (الطاعن) اتخذ إجراءات نزع ملكية المطعون عليهم بموجب العقد الرسمي المؤرخ 9 فبراير سنة 1935 ونبه عليهم في 26 يونيه سنة 1954 بنزع ملكية 12 ف و6 ط و12 س بناحية سنتاواي بحيرة وذلك وفاء لمبلغ 198 ج و547 م استحقاق آخر إبريل سنة 1954 بخلاف ما يستجد من فوائد ومصاريف حتى السداد - ولما أودع الطاعن قائمة شروط البيع اعترض عليها المطعون عليهما الأولان في الدعوى 4 سنة 1955 كلي بيوع دمنهور.
وكان من بين اعتراضاتهما أن البنك قد احتسب الفوائد على ما لم يدفع من الأقساط بواقع 9% طبقاً للبند الثاني من العقد الرسمي كما جمد هذه الفوائد وعلاها على المستحق من الأقساط واحتسب لها فوائد سنوية أسوة بالأصل مخالفاً بذلك حكم المادتين 227 و232 من القانون المدني - وقد أصدرت محكمة دمنهور الابتدائية حكمها في 18 أكتوبر سنة 1955 بقبول الاعتراضات شكلاً وفي الموضوع بتعديل قائمة شروط البيع على أساس أن المبلغ المنفذ به هو مبلغ 169 ج و153 م مع وقف إجراءات التنفيذ مؤقتاً بالنسبة لما يزيد عن 5 ف مشاعاً في الأطيان المنزوع ملكيتها - وأقامت قضاءها على أنه وإن كان عقد القرض قد صدر في ظل القانون المدني القديم إلا أن القانون المدني الجديد هو الذي يحكم هذا العقد بالنسبة لسعر الفائدة من تاريخ نفاذ القانون في 15 أكتوبر سنة 1949 كما يحكمه المرسوم بقانون رقم 20 سنة 1938 بتخفيض سعر الفائدة الاتفاقية إلى 8% - وأنه لا يصح تجميد الفوائد ابتداء من تاريخ نفاذ القانون الجديد ويتعين لذلك احتساب الفوائد بواقع 8% من أول عام 1939 إلى 14 أكتوبر سنة 1949 مع تجميد الفوائد عن هذه المدة فقط وبواقع 7% من 15 أكتوبر حتى تمام السداد وإضافتها إلى دين الرهن مع المصاريف وقصر إجراءات التنفيذ على مبلغ 169 ج و153 م - استأنف البنك هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية وقيد الاستئناف برقم 65 سنة 12 ق. وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 14 يونيه سنة 1956 بتأييد الحكم المستأنف - وقد طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 9 إبريل سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 مارس سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة نقض الحكم جزئياً فيما قضى به من تخفيض الفوائد الاتفاقية إلى 8% من تاريخ صدور القانون 20 سنة 1938 وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات حدد أخيراً لنظر الطعن جلسة 2 مايو سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون فيما قضى به من أن المرسوم بقانون رقم 20 سنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% ومن أن المادة 227 من القانون المدني الجديد التي خفضت سعر الفائدة الاتفاقية إلى 7% يسريان من تاريخ نفاذ هذين القانونين على الفوائد التي تستحق للبنك رغم أن القرض قد عقد في ظل المادة 125 مدني قديم - كما أخطأ الحكم فيما قرره من أن سريان هذين القانوني ليس من قبيل الأثر الرجعي للقوانين - ووجه الخطأ في ذلك أن المادة 27 من الدستور المصري القديم الذي صدر في ظله القانون 20 سنة 1938 والقانون المدني الجديد كانت تنص على أنه لا تجري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك بنص خاص - كما تنص المادة الثانية من القانون رقم 20 سنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% على عدم سريان هذا القانون على الإنفاقات الحاصلة قبل تاريخ العمل به. وقد خلت المادة 227 من القانون المدني الجديد من النص على تطبيقها بأثر رجعي - ذلك الأثر الذي لا يجوز استنتاجه من المذكرات الإيضاحية. ولما كان المرسوم بقانون رقم 20 سنة 38 والمادة 227 من القانون المدني الجديد لم يرد بهما أي نص بتطبيقهما بأثر رجعي بل تفيد صيغتهما أنهما ينطبقان على العقود الجديدة التي تبرم في ظلهما فحسب. فإن عقد القرض الذي عقد من قبل صدور هذين القانونين يظل خاضعاً لأحكام القانون المدني الجديد - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بخفض سعر الفائدة فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح في شقه الأول - ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده في قوله "وحيث إنه بتاريخ 18 مارس سنة 1938 صدر المرسوم بقانون 20 سنة 1938 الذي عدل المادة 125 من القانون المدني القديم ونص فيه على أنه لا يجوز مطلقاً أن يحصل الاتفاق بين المتعاقدين على فوائد تزيد على 8% كما نص في مادته الثانية على أنه لا يسري حد الفائدة التي يجوز الاتفاق عليها المقرر بهذا المرسوم بقانون أو بمقتضى أحكامه على الاتفاقات المعقودة قبل تاريخ العمل به. ولئن كانت هذه المادة من المرسوم المذكور تمنع تطبيقه على الاتفاقات الحاصلة قبل صدوره إذ ليس لهذا المرسوم أثر رجعي إلا أن المرسوم ينطبق على سعر الفائدة التي تستحق بعد تاريخ العمل به. وليس في تطبيق المرسوم على الفوائد التي تستحق بعد العمل به إعمالاً لأثر رجعي لهذا القانون" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون - ذلك أن القانون رقم 20 سنة 1938 الذي خفض سعر الفائدة القانونية في المواد الجارية من 7% إلى 6% وسعر الفائدة الاتفاقية من 9% إلى 8% قد نص في مادته الثانية على عدم سريانه على الفوائد الاتفاقية بالنسبة للعقود السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون. وأفصحت المذكرة التفسيرية عن هذا النظر فقالت "إنه لا ينطبق فيما يختص بالحدود المقررة للفائدة التي يجوز التعاقد عليها بالنسبة للاتفاقات المعقودة قبل العمل به. فالنص في هذه الاتفاقات على فائدة تتجاوز الحد الأقصى للفائدة الجديدة يستمر نافذ المفعول ويظل خاضعاً للقانون الذي جرى العمل به عند إبرام العقد - وهذا الحل يتفق مع ما ذهبت إليه المحاكم في أحكامها - ومن جانب أخر فإن سعر الفائدة القانونية يجرى في شأنه أحكام القانون الجديد بالنسبة للفوائد المستحقة في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بهذا القانون حتى لو نشأت عن عقد سابق على إصدار هذا القانون ومن المسلم به في هذه الحالة أنها ليست من قبيل إعطاء الأثر الرجعي للقانون" - ويبين من هذا أن المرسوم بقانون 20 سنة 1938 قد فرق بين الفوائد القانونية والفوائد الاتفاقية فجعل الفوائد المتفق عليها في عقد سابق نافذة ويستمر سريانها ولو جاوزت الحد الأقصى للفوائد التي يجوز الاتفاق عليها بمقتضى ذلك القانون. أما الفوائد القانونية فقد أخضعها ذلك القانون من تاريخ صدوره للحد الوارد به ولو كانت ناشئة عن عقد أبرم قبله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تخفيض الفوائد المتفق عليها في العقد الرسمي المبرم في سنة 1935 من 9% إلى 8% من تاريخ صدور المرسوم بقانون 20 سنة 1938 إلى 14 أكتوبر سنة 1949 رغم النص في العقد على جريانها بسعر 9% فإنه يكون قد خالف القانون بالنسبة للفوائد المستحقة في هذه الفترة بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص - أما ما ينعاه الطاعن في الشق الثاني من النعي على الحكم المطعون فيه بشأن تخفيضه سعر الفائدة الاتفاقية إلى 7% ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فمردود بأن المادة 227 من القانون المدني الجديد المعمول به ابتداء من ذلك التاريخ قد نصت على أنه يجوز للمتعاقدين أن ينفقا على سعر يخالف الفائدة القانونية على ألا يزيد هذا السعر على 7% فإذا اتفقا على فوائد تزيد على هذا السعر وجب تخفيضها إلى 7% - ولما كان هذا النص الجديد لا يستثنى من تطبيقه الاتفاقات السابقة على صدوره كما فعل القانون 20 سنة 1938 وكان تعيين الحد الأقصى للفائدة التي يجوز الاتفاق عليها هو مما يتصل بالنظام العام فإنه يطبق بأثر فوري - ولازم ذلك أن يسري السعر المخفض من تاريخ العمل بالقانون الجديد حتى على الاتفاقات السابقة على العمل بالقانون الجديد - وذلك بالنسبة للفوائد التي تستحق منذ نفاذ هذا القانون - وهو ما رأت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني التنويه به - واستقر عليه قضاء هذه المحكمة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأجرى الفائدة المستحقة للبنك على أساس 7% ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون فيما قضى به من عدم إمكان تجميد الفوائد منذ 15 أكتوبر سنة 1949 وذلك من وجهين: أولهما - أن العقد موضوع النزاع أبرم في ظل المادة 126 مدني قديم التي كانت تبيح تجميد الفوائد وإضافتها إلى رأس المال وتقاضى فائدة عنها. وقد نصت المادة 232 من القانون المدني على أنه لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد - ولم يرد في هذا النص ما يفيد تطبيقه بأثر رجعي على العقود السابقة التي تمت في ظل القانون القديم. وثانيهما - أنه قد فات محكمة الاستئناف أن المادة 232 مدني جديد بعد أن نصت على عدم جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد قررت أن ذلك كله بغير إخلال بالقواعد والعادات التجارية وقد قصد المشرع بهذا التحفظ الإبقاء على العرف السائد الذي له قوة القانون وعدم المساس بالمعاملات التي جرى بها العرف من قديم الزمان ومنها القروض طويلة الأجل التي تعقدها البنوك وهي أعمال تجارية بطبيعتها ولو عقدت لصالح شخص غير تاجر وهذه القروض الطويلة الأجل تقوم على الائتمان العقاري وتستهدف منها البنوك لمخاطر مختلفة في مدة القرض إذ قد تنخفض قيمة العقار فلا تكفي لسداد الدين أو تنخفض قيمة العقود فضلاً عن أن الديون العقارية يصعب تداولها - على خلاف الديون القصيرة الأجل التي يستطيع الدائن استثمار ماله عدة مرات في فترة وجيزة. لهذا وحتى لا ينصرف أصحاب رؤوس الأموال عن الائتمان العقاري الطويل المدى واللازم في مشروعات الإنتاج نشأ عرف تجاري خاص بهذه القروض تجيز تجميد الفوائد وإضافتها إلى رأس المال والحصول على فائدة عنها إذا ما تأخر المدين عن سدادها وهذا العرف له ما يبرره فهو يعوض صاحب رأس المال عن حرمانه من ماله ومن الفوائد المستحقة الواجبة السداد. وفيه تيسير على المدين المتأخر حتى لا تنزع ملكية عقاره جبراً. وأضاف الطاعن أن التحريم الوارد في المادة 232 مدني قصد به الديون قصيرة الأجل والضرب على أيدي المرابين ولم يقصد به مؤسسات الائتمان العقاري الخاضعة لرقابة الدولة - حتى لا يقوض اقتصاد البلاد وتجارتها وائتمانها العقاري. ولذلك آثر المشرع الاعتراف بالعادة التجارية وأثرها البعيد في نظام فوائد الديون وأضاف الطاعن أن هذا العرف التجاري لم ينكره أحد على بنوك الائتمان العقاري في القروض الطويلة الأجل. وهو مما يمكن إثباته بكافة الطرق. وهو مستمد من طبيعة عمل هذه البنوك والتشريعات المنظمة لها - وقد اعترفت الدولة بهذا العرف الخاص بإضافة الفوائد إلى متجمد الفوائد في معاملاتها مع بنوك الائتمان عندما تدخلت لإنقاذ الثروة العقارية. فأصدرت عدة قوانين تحمي هذه الأوضاع وتقرها وانتهى الطاعن إلى أن الحكم وقد أغفل تطبيق الاستثناء الوارد في عجز المادة 232 من القانون المدني الجديد ولم يعمل العرف التجاري المستقر في القروض طويلة الأجل التي يعقدها البنك الطاعن - وهو العرف الخاص بإضافة فوائد إلى متجمد الفوائد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن القانون المدني القديم لم يكن يحول دون تقاضي الفوائد إذ تجاوز مجموعها رأس المال ولا تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ما دامت مستحقة لمدة سنة أو تزيد. فأدى ذلك إلى إشاعة الربا وضروب الاستغلال مما حدا بالمشرع إلى التدخل للضرب على أيدي المرابين المحترفين فنص في المادة 232 من القانون المدني الجديد على أنه "لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال. وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية - ويبين من هذا النص أن القانون قد حظر أمرين - أولهما: منع تقاضي فوائد على متجمد الفوائد. لا تسود وثانيهما - منع تجاوز الفوائد لرأس المال - إلا أنه أخرج من هذا الحظر ما تقضي به القواعد والعادات التجارية - ولما كانت القواعد والعادات التجارية إلا في نطاق المعاملات التجارية - وكانت القروض التي تعقدها المصارف تعتبر بالنسبة للمصرف المقرض عملاً تجارياً بطبيعته وفقاً لنص المادة الثانية من قانون التجارية - إلا أن الرأي قد اختلف في تكييفها بالنسبة إلى المقترض إذا لم يكن تاجراً أو إذا كان القرض مخصصاً لأغراض تجارية. وترى هذه المحكمة اعتبار القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها المعتاد عملاً تجارياً مهما كانت صفة المقترض وأياً كان الغرض الذي خصص له القرض - ذلك أن البنك المقرض يتحمل عادة في سبيل الحصول على الأموال التي يلبي بها حاجات المقترضين أعباء أكثر فداحة من المقترض العادي إذ هو يحصل على هذه الأموال من المصارف الأخرى التي تتقاضى منه فوائد على متجمد الفوائد غير مقيدة بالحظر الوارد في المادة 232 مدني - على أساس أن المعاملة بين المصرفين هي معاملة تجارية تدخل في نطاق الاستثناء الوارد بتلك المادة وليس من المعقول أن يحرم المصرف من هذه المزايا عندما يقرض الغير هذا علاوة عما يتعرض له المصرف من مخاطر في القروض الطويلة الأجل ومن حرمانه من أموال كان يمكنه استثمارها في وجوه أخرى غير القرض تدر عليه أرباحاً أكثر - ومما يؤيد هذا النظر أن الشارع المصري قد أصدر في ظل هذا القانون المدني الجديد القانون رقم 110 سنة 1956 بإنشاء بنك الائتمان العقاري (الطاعن) وأجاز لهذا البنك منح قروض طويلة الأجل لغير التجار ولغير أغراض تجارية - وهذه القروض تفترض بسبب طول أجلها تجاوز الفوائد لرأس المال - مما يفيد أن المشرع قد خرج بهذه القروض عن نطاق الحظر المنصوص عليه في صدر المادة 232 من القانون المدني وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بأنه قد اعتبر تلك القروض تجارية وتبعاً لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال. ولما كان البنك الطاعن قد درج كغيره من مصارف الائتمان العقاري على ممارسة القروض لآجال طويلة. وجرى في معاملة المقترضين على اتباع قاعدة تجارية تطالب بها وتضمنها عقودها كنتيجة لازمة لقروضها التجارية وهي تقاضي فوائد على الفوائد المتجمدة - وكانت العادة قد جرت بحكم طول أجل هذه القروض التي تعقدها هذه المصارف أن تزيد فيها الفائدة على رأس المال - وكان الشارع قد أقر هذه العادة على النحو السالف بيانه - فإن لازم هذا تطبيق الاستثناء الوارد بعجز المادة 232 مدني على القرض محل النزاع وخروجه من دائرة الحظر الوارد بتلك المادة - لما كان ذلك، فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من إجراء الحساب على أساس استبعاد الفوائد المستحقة على الفوائد المتجمدة منذ 15 أكتوبر سنة 1949 مخالفاً فيه النظر المتقدم لا يكون مطابقاً للقانون مما يستوجب نقضه.
(1) راجع نقض 3/ 11/ 1960 الطعن 660 سنة 25 ق السنة 11 ص 544 ونقض 27/ 6/ 1963 الطعن 255 س 27 ق العدد الحالي.
(2) راجع نقض 27/ 6/ 1963 الطعن 255 سنة 27 ق العدد الحالي.