الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 يوليو 2022

الطعن 4994 لسنة 85 ق جلسة 3 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 69 ص 724

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / محمد سامي إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ هادي عبد الرحمن ، رأفت عباس وهشام الجندي نواب رئيس المحكمة ويونس سليم .
------------

(69)

الطعن رقم 4994 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . النعي عليه تحريره في صورة مبهمة وعدم بيانه الأدلة . غير مقبول.

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) استدلالات . تفتيش " اذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .

  تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .

  الخطأ في اسم الطاعن وعدم بيان سنه . لا يقدح في جدية التحريات . ما دام أنه المقصود بالإذن .

   تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة المتحرى عنهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين . ما دام قد اقتنع بصحة ما تلقاه من معلومات .

(3) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

لا تناقض في استخلاص المحكمة عدم توافر قصد من القصود المسماة لإحراز المخدر لدى الطاعن وبين إيرادها على لسان شاهد الإثبات أنه يتجر بالمواد المخدرة .

 (4) ارتباط . قانون " تطبيقه " .

 المفاضلة بين تطبيق قانون خاص وعام . محلها وحدة الفعل المنصوص عليه في كل منهما وحدة تشتمل كل عناصره وأركانه . اختلاف الفعل في أحدهما عن الآخر . أثره : امتناع المزاحمة بينهما والإشكال في تطبيقهما . علة ذلك ؟ ؟

وحدة الفعل المشكل لجريمة منصوص عليها في قانونين مختلفين . تعدد معنوي . أثره : وجوب توقيع العقوبة الأشد تطبيقاً للمادة 32 عقوبات .

مثال .

(5) عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .

  لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جرائم أخرى. ما دام قد عاقبه بعقوبة تدخل في الحدود المقررة لحيازة جوهر مخدر مجرداً من القصود.

(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه .

  بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها .

  الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة وأنه لم يبين أدلة الدعوى يكون لا محل له .

2- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة، وكان الخطأ في اسم الطاعن وعدم بيان سنه لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نـقـلوه إليه وبـصدق ما تلـقاه من معلومات ، ولما كان الحكم المطعون فيه قــد تناول الــرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .

3- لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة وأنه أورد على لسان الضابط شاهد الإثبات الأول أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة ينأى عن قالة التناقض في التسبيب.

4- من المقرر أن المفاضلة بين تطبيق قانون خاص وقانون عام إنما تكون عند وحدة الفعل المنصوص عليه في كل منهما وحدة تشتمل كل عناصر هذا الفعل وأركانه أما إذا كان الفعل المنصوص عليه في أحدهما يختلف عن الفعل الذي ينعى عليه الآخر فإن المزاحمة بينهما تمتنع ويمتنع بالطبع الإشكال في تطبيقهما لانطباق كل من القانونين على الواقعة المنصوص عليها فيه . ولما كان كل من الفصل الرابع في الصيدليات والمادة 38 من الفصل التاسع في العقوبات من القانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يعالج واقعة مستقلة عن الأخرى كما لا يوجد بين الفصلين وحدة في الواقعة التي يعالجها كل منهما وذلك لا يمنع بالبداهة أن يكون الفعل الواحد مكوناً أحياناً للجريمة المنصوص عليها في كل منهما وفي هذه الحالة يوجد التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات وعندئذ يجب توقيع العقوبة الأشد المنصوص عليها في المادة 38 من الفصل التاسع من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر بتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .

5- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن جريمتي حيازته بغير قصد الاتجار مادة البنزوديازيبين التي تخضع لقيود المواد المخدرة وعرض أدوية ومستحضرات طبية لم يصدر بها قرار أو تصريح من وزير الصحة لا محل له ، لانتفاء مصلحته في النعي طالما أن العقوبة المقضي بها عليه تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية حيازة جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن منعاه يكون غير قويم .

     6- لما كان ما ينعاه الطاعن بشأن إعراض الحكم عن دفاعه باحتمال دس المخدر عليه مردوداً بأن هذا الدفاع إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويـسـتـقيم قـضاؤه أن يـورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (1) أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً " سيكوبارتيبال " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً حال كونه من الموظفين العموميين المنوط بهم حيازة تلك الجواهر المخدرة مستغلاً في ارتكابها السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته . (2) حاز بقصد الاتجار مادة تخضع لقيود المواد المخدرة "البنزوديازيبين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
(3)
باع وعرض أدوية ومستحضرات لم يصدر قرار أو تصريح من وزير الصحة بتداولها حال ذلك كونه مالك الصيدلية محل الواقعة ومديرها على النحو المبين بالتحقيقات .

   وأحالته إلى محكمة .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 ، والبند رقم "150" من القسم الثاني من الجدول رقم "1" والبند رقم "3" من الفقرة "د" من الجدول رقم "3" الملحقان بالقانون الأول والمعدل بقراري وزير الصحة والسكان رقمي 46 لسنة 1997 ، 125 لسنة 2012 ، والمواد 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 81/1 ، 2 ، 84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 360 لسنة 1956 ، 167 لسنة 1998 ، وبعد إعمال مقتضى المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز بغير قصد من القصود المسماة في القانون .

  فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

 حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم حيازة جوهر مخدر (ترامادول) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وحيازة عقار من المواد التي يخضع لبعض قيود المواد المخدرة (البنزوديازبين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وعرض أدوية ومستحضرات طبية لم يصدر قراراً باستعمالها أو تداولها من وزير الصحة ، قد شابه قصور وتناقض في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وإخلال بحق الدفاع ، وخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة ودون أن يبين مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت بياناً كافياً ، واطرح الحكم بما لا يسوغ دفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات بما ساقه للمحكمة من شواهد عدة ، هذا إلى أن الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى ولأقوال العقيد / .... أورد أن تحرياته دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم انتهى إلى أن الأوراق خلت من دليل على توافر قصد الاتجار لديه . هذا فضلاً عن أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون مجرد جنحة عقوبتها الحبس أو الغرامة لكونه صيدلي مرخص له ببيع العقاقير الطبية المخدرة وأن الفصل الرابع من قانون مكافحة المخدرات قد حوى تفصيلاً للأفعال التي يمكن أن يرتكبها الصيادلة ، كما أخطأ الحكم حين دانه بالجريمتين الثانية والثالثة رغم ما انتهى إليه من عدم توافر قصد الاتجار لديه ، وأخيراً فقد اطرح الحكم دفعه بشيوع التهمة واحتمال دس المخدر عليه ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة وأنه لم يبين أدلة الدعوى يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ، وكان الخطأ في اسم الطاعن وعدم بيان سنه لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ما دام أنه الشخص المقصود بالإذن ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة شخصية سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام قد اقتنع شخصياً بصحة ما نـقـلوه إليه وبـصدق ما تلـقاه من معلومات ، ولما كان الحكم المطعون فيه قــد تناول الــرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة وأنه أورد على لسان الضابط شاهد الإثبات الأول أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة ينأى عن قالة التناقض في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المفاضلة بين تطبيق قانون خاص وقانون عام إنما تكون عند وحدة الفعل المنصوص عليه في كل منهما وحدة تشتمل كل عناصر هذا الفعل وأركانه أما إذا كان الفعل المنصوص عليه في أحدهما يختلف عن الفعل الذي ينعى عليه الآخر فإن المزاحمة بينهما تمتنع ويمتنع بالطبع الإشكال في تطبيقهما لانطباق كل من القانونين على الواقعة المنصوص عليها فيه . ولما كان كل من الفصل الرابع في الصيدليات والمادة 38 من الفصل التاسع في العقوبات من القانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يعالج واقعة مستقلة عن الأخرى كما لا يوجد بين الفصلين وحدة في الواقعة التي يعالجها كل منهما وذلك لا يمنع بالبداهة أن يكون الفعل الواحد مكوناً أحياناً للجريمة المنصوص عليها في كل منهما وفي هذه الحالة يوجد التعدد المعنوي المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات وعندئذ يجب توقيع العقوبة الأشد المنصوص عليها في المادة 38 من الفصل التاسع من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر بتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن جريمتي حيازته بغير قصد الاتجار مادة البنزوديازيبين التي تخضع لقيود المواد المخدرة وعرض أدوية ومستحضرات طبية لم يصدر بها قرار أو تصريح من وزير الصحة لا محل له ، لانتفاء مصلحته في النعي طالما أن العقوبة المقضي بها عليه تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية حيازة جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن منعاه يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن بشأن إعراض الحكم عن دفاعه باحتمال دس المخدر عليه مردوداً بأن هذا الدفاع إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويـسـتـقيم قـضاؤه أن يـورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7150 لسنة 87 ق جلسة 2 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 68 ص 712

جلسة 2 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / رضا محمود القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عاطف خليل ، النجار توفيق ومحمد أنيس نواب رئيس المحكمة ومصطفى فتحي .
-----------

(68)

الطعن رقم 7150 لسنة 87 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي لما رتبه الحكم عليها. لا قصور.

عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.

 (2) قتل عمد . قصد جنائي . سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

    قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاصه . موضوعي . ما دام كافياً.

البحث في توافر سبق الإصرار . موضوعي . حد ذلك ؟

تدليل سائغ على توافر نية القتل وظرف سبق الاصرار.

(3) سبق إصرار . عقوبة " العقوبة المبررة " . قتل عمد . نقض " المصلحة في الطعن " .

النعي على الحكم بالقصور في استظهار سبق الإصرار . غير مجد . ما دامت العقوبة الموقعة تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.

(4) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الاتفاق . ماهيته؟

للقاضي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه .

تدليل سائغ على إثبات اتفاق الطاعنين والمحكوم عليهم على القتل واعتبارهما فاعلين أصليين في الجريمة .

(5) سلاح . جريمة " أركانها " . قصد جنائي .

جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري بدون ترخيص والقصد الجنائي فيها. مناط تحققهما؟

عدم ضبط السلاح. لا يمنع من المساءلة واستحقاق العقاب. حد ذلك؟

(6) قتل عمد . نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .

لا مصلحة للطاعنين في النعي بشأن جريمتي إحراز وحيازة سلاح ما دام الحكم قد عاقبهم بعقوبة جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار بوصفها الأشد .

(7) إثبات " بوجه عام " . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

عدم اشتراط وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جريمة القتل. كفاية اطمئنان المحكمة إلى الإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها.

(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " .

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه .

تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه ؟

لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.

الجدل في حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة واستنباط معتقدها. غير مقبول إثارته أمام النقض.

(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته ؟

ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام . لا يعيبه . حد ذلك؟

مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .

(10) نقض " الصفة في الطعن " .

اتصال أوجه الطعن بشخص الطاعن ووجود مصلحة له فيها . شرط لقبولها .

مثال .

(11) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محاماة .

وجوب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه. أمر الدفاع متروك للمحامي يتصرف فيها بما يرضى ضميره وما تهدى إليه خبرته . ترافع محامي الطاعنين في موضوع الدعوى وإبدائه أوجه دفاعه. كفايته. النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .

(12) محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره " .

    خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟

(13) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .

عدم تحديد القانون أجلاً للنطق بالحكم. وجوب توقيعه في ظرف ثمانية أيام من يوم صدوره. بطلان إجراءاته إذا انقضت ثلاثون يوماً دون التوقيع عليه . مد أجل الحكم أكثر من مرة. لا بطلان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقرير الصفة التشريحية ، وأورد مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له .

2- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار بما مفاده أن الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين عقدوا العزم وبيتوا النية واتفقوا على قتل المجني عليه لسابقة وجود خصومة ثأرية بين عائلتهم وعائلة المجني عليه وتدبروا أمر ذلك في
هدوء وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعدوا لذلك الغرض سلاحين ناريين قاتلين بطبيعتهما " بندقيتين آليتين " وتحينوا الفرصة وما أن علموا بتواجد المجني عليه بمسكن شقيقته حتى توجهوا – عدا الطاعن الثالث – إليه واقتادوه عنوة إلى منطقة جبلية غير مأهولة بالسكان وأطلقوا عليه وابلاً من الأعيرة النارية أحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . ولما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية مادام تدليلها على توافرها كافياً . كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق به توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار على النحو المعروف قانوناً .

3- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في استظهار سبق الإصرار ذلك أن الحكم قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة .

4- من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، وكان مجمل ما أورده الحكم فيما تقدم وفي معرض تحصيله للواقعة - من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في تنفيذها - بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه – كافياً وسائغاً في التدليل على توافر الاتفاق على القتل بين الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أثبت مساهمة الطاعنين الأول والثاني في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهما فاعلين أصليين فيها ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في شأن التدليل على مشاركتهم في ارتكاب الجريمة في غير محله .

5- لما كان يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري بدون ترخيص مجرد الإحراز أو الحيازة المادية طالت أو قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ ، لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك ، وكان عماد الإثبات في المواد الجنائية هو اطمئنان المحكمة إلى ثبوت الواقعة المسندة للطاعنين ، فإنه لا يمنع من مساءلتهم واستحقاق العقاب عدم ضبط السلاح ما دامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التي أوردتها أن الطاعنين الأول والثاني أطلقا النار منهما على المجني عليه وأنهما سلاحين يحظر القانون إحرازهما أو حيازتهما وهو ما يتوافر به أركان جريمتي إحراز وحيازة سلاح ناري التي دانهم الحكم بها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .

6- لما كان الحكم قد طبق في حق الطاعنين المادة 32 عقوبات ، وأوقع عليهم عقوبة الجريمة الأشد ، وهي المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه في شأن جريمتي إحراز وحيازة السلاح .

7- لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي على مرتكب الفعل المستوجب للعقوبة دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس .

8- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات . ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعنين قتلوا المجني عليه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث ، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها واطراح ما رأت الالتفات عنه ، مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض .

9- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتنق صورة واحدة للدعوى مؤداها أن جميع المتهمين المتواجدين على مسرح الجريمة – وهم الثلاثة الأول والمتهم الخامس – أطلقوا النار على المجني عليه وكان اعتناق الحكم لهذه الصورة لا يتناقض مع ما أورده من أقوال لشقيقه المجني عليه – عول عليها في قضائه – تضمنت أن وقت اصطحاب المتهمين للمجني عليه من مسكنها كان كل من المتهمين الثالث والخامس يحمل سلاحاً نارياً دون باقي المتهمين ؛ ذلك أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه مادام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض ، كما أن هذا الخلاف لا يؤثر في عقيدة المحكمة بإعتبار أن المتهمين المذكورين جميعاً فاعلون أصليون طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .

10- لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه ، وكان ما يثيره الطاعنون بدعوى التناقض بشأن عدم إدانة الطاعن الثالث بجريمة إحراز سلاح بغير ترخيص رغم ثبوت قيامه بإمداد الجناة بالأسلحة المستخدمة في الجريمة – بفرض وجوده – لا يتصل بشخص الطاعنين الأول والثاني ولا مصلحة للطاعن الثالث فيه فلا يقبل منهم ما يثيرونه في هذا الصدد .

11- من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له – اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها – أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامي موكل ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعنين وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره الطاعنون بوجه النعي حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول .

12- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .

13- لما كان قانون الإجراءات الجنائية لم يحدد أجلاً للنطق بالحكم وإنما أوجب فقط التوقيع على الأحكام في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق بها ، على أن تبطل إذا انقضت مدة ثلاثين يوماً من صدورها دون التوقيع عليها ، ولا محل للرجوع إلى قانون المرافعات فيما نص عليه في قانون الإجراءات الجنائية ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي مدت أجل الحكم أكثر من مرة ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه لا يكون له محل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين (1) .... (2) .... - طاعن – (3) .... (4) .... (5) .... طاعن (6) .... طاعن بأنهم:

المتهمين من الأول وحتى الخامس :- قتلوا المجني عليه / .... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على إزهاق روحه ثأراً منه لما بدر من والده بقتل شقيق المتهم الأول وعم المتهمين من الثاني وحتى الخامس وأعدوا لذلك الغرض سلاحين ناريين " بندقيتين آليتين " حملهما الثالث والخامس واتحدت إراداتهم على ما انتووه ووزعوا الأدوار فيما بينهم كاتفاقهم المسبق وما أن لاحت لهم الفرصة توجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفاً لزوم تواجده فيه مدججين بسلاحيهم آنفي الوصف وما أن ظفروا به حتى اقتادوه عنوة إلى مكان قصي خلا من السابلة بعيداً عن أعين الرقباء وأمطروه بوابلٍ من الأعيرة النارية صوبه منتوين إزهاق روحه محدثين به الإصابات التي أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أردته قتيلاً في الحال .

المتهم السادس:-

        ــــ اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين الخمس الأول بأن حثهم على قتل المجني عليه المذكور وضرورة الأخذ بالثأر وتعزيز مركزهم بين ذويهم وما أن استجلب إرادتهم حتى اتفق معهم على كيفية تنفيذ جريمتهم وأمدهم بسلاحين ناريين " بندقيتين آليتين " لتنفيذ جريمتهم وكذا مركبتين آليتين لتسهيل فرارهم عقب تنفيذ جريمتهم فتمت الجريمة بناءً على ذلك التحريض والاتفاق وتلك المساعدة وقتل المجني عليه المذكور علي النحو المبين بالتهمة آنفة البيان .

    - حازوا جميعاً وأحرزا الثالث والخامس سلاحين ناريين مششخنين " بندقيتين آليتين " مما لا يجوز حيازتهما أو إحرازهما .

    - حازوا جميعاً وأحرزا الثالث والخامس ذخائر مما تستعمل على السلاحين آنفي الوصف حال كونهما مما لا يجوز الترخيص في حيازتهما أو إحرازهما .

وأحالتهم إلى محكمة .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمـة المذكورة قضت حضورياً للثاني والخامس والسادس وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 39 ، 40 ، 41 ، 230 ، 231 ، 235 عقوبات والمواد 1/2 ، 6 ، 26/4،3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق. مع إعمال المادتين 32 ، 17 من قانون العقوبات . أولاً : بمعاقبة كل من .... ، .... ، .... و.... بالسجن المؤبد وبمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس سنوات وألزمتهم المصاريف الجنائية . ثانياً : ببراءة .... مما أسند إليه . وتعديل وصف الاتهام على هذا الأساس ، واستبعاد ظرف الترصد .

فطعن المحكوم عليهم الثاني والخامس والسادس في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك فيه وإحراز وحيازة سلاحين ناريين مششخنين مما لا يجوز الترخيص بهما وذخيرتهما ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان في الإجراءات ، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بواقعة الدعوى وأدلتها ، ولم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار والاتفاق في حقهم ، وخلص إلى توافر أركان جريمتي إحراز وحيازة السلاح الناري رغم عدم ضبطه ، ولم يعبأ بدفاعهم بخلو الأوراق من شاهد رؤية أو دليل يقيني على ثبوت التهمة ، كما أن الأدلة في مجموعها لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، واعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى إذ أورد في معرض تحصيله للواقعة ما يفيد أن حمل السلاح اقتصر على المتهمين الثالث والخامس ثم عاد وأورد لدى تحصيله لأقوال الشاهد الثالث أن المتهمين جميعاً أطلقوا الأعيرة النارية صوب المجني عليه لقتله ثم ابتهاجاً بمقتله ، ورغم أن التصوير الذي اقتنع به الحكم يتضمن قيام الطاعن الثالث بإمداد الجناة بالسلاحين المستخدمين في الجريمة إلا أنه لم يدنه بجريمة إحراز سلاح بغير ترخيص مما يصم الحكم بالتناقض ، ولم يحظ الطاعنين بدفاع جدي علاوة على إثبات هذا الدفاع بطريقة مبتسرة بمحضر جلسة المحاكمة ، وأجلت المحكمة النطق بالحكم لأكثر من مرة مما يبطل إجراءات المحاكمة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقرير الصفة التشريحية ، وأورد مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار بما مفاده أن الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين عقدوا العزم وبيتوا النية واتفقوا على قتل المجني عليه لسابقة وجود خصومة ثأرية بين عائلتهم وعائلة المجني عليه وتدبروا أمر ذلك في هدوء وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعدوا لذلك الغرض سلاحين ناريين قاتلين بطبيعتهما " بندقيتين آليتين " وتحينوا الفرصة وما أن علموا بتواجد جبلية غير مأهولة بالسكان وأطلقوا عليه وابلاً من الأعيرة النارية أحدثت به الإصابات الموصوفة المجني عليه بمسكن شقيقته حتى توجهوا – عدا الطاعن الثالث – إليه واقتادوه عنوة إلى منطقة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . ولما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية مادام تدليلها على توافرها كافياً . كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق به توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار على النحو المعرف قانوناً . فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في استظهار سبق الإصرار ذلك أن الحكم قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، وكان مجمل ما أورده الحكم فيما تقدم وفي معرض تحصيله للواقعة - من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في تنفيذها - بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه – كافياً وسائغاً في التدليل على توافر الاتفاق على القتل بين الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أثبت مساهمة الطاعنين الأول والثاني في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهما فاعلين أصليين فيها ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في شأن التدليل على مشاركتهم في ارتكاب الجريمة في غير محله لما كان ذلك ، وكان يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري بدون ترخيص مجرد الإحراز أو الحيازة المادية طالت أو قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ ، لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك ، وكان عماد الإثبات في المواد الجنائية هو اطمئنان المحكمة إلى ثبوت الواقعة المسندة للطاعنين ، فإنه لا يمنع من مساءلتهم واستحقاق العقاب عدم ضبط السلاح ما دامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التي أوردتها أن الطاعنين الأول والثاني أطلقا النار منهما على المجني عليه وأنهما سلاحين يحظر القانون إحرازهما أو حيازتهما وهو ما يتوافر به أركان جريمتي إحراز وحيازة سلاح ناري التي دانهم الحكم بها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . فضلاً عن أن الحكم قد طبق في حق الطاعنين المادة 32 عقوبات ، وأوقع عليهم عقوبة الجريمة الأشد ، وهي المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه في شأن جريمتي إحراز وحيازة السلاح . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي على مرتكب الفعل المستوجب للعقوبة دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بأن تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات . ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعنين قتلوا المجني عليه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث ، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها واطراح ما رأت الالتفات عنه ، مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتنق صورة واحدة للدعوى مؤداها أن جميع المتهمين المتواجدين على مسرح الجريمة – وهم الثلاثة الأول والمتهم الخامس – أطلقوا النار على المجني عليه وكان اعتناق الحكم لهذه الصورة لا يتناقض مع ما أورده من أقوال لشقيقه المجني عليه – عول عليها في قضائه – تضمنت أن وقت اصطحاب المتهمين للمجني عليه من مسكنها كان كل من المتهمين الثالث والخامس يحمل سلاحاً نارياً دون باقي المتهمين ، ذلك أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه مادام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض ، كما أن هذا الخلاف لا يؤثر في عقيدة المحكمة باعتبار أن المتهمين المذكورين جميعاً فاعلون أصليون طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه ، وكان ما يثيره الطاعنون بدعوى التناقض بشأن عدم إدانة الطاعن الثالث بجريمة إحراز سلاح بغير ترخيص رغم ثبوت قيامه بإمداد الجناة بالأسلحة المستخدمة في الجريمة – بفرض وجوده – لا يتصل بشخص الطاعنين الأول والثاني ولا مصلحة للطاعن الثالث فيه فلا يقبل منهم ما يثيرونه في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له – اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها – أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامي موكل ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعنين وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره الطاعنون بوجه النعي حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يحدد أجلاً للنطق بالحكم وإنما أوجب فقط التوقيع على الأحكام في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق بها ، على أن تبطل إذا انقضت مدة ثلاثون يوماً من صدورها دون التوقيع عليها ، ولا محل للرجوع إلى قانون المرافعات فيما نُص عليه في قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي مدت أجل الحكم أكثر من مرة ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه لا يكون له محل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 2 يوليو 2022

الطعن 26284 لسنة 86 ق جلسة 1 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 67 ص 704

 جلسة الأول من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل الحناوي ، نجاح موسى ومصطفى الدخميسي نواب رئيس المحكمة وأشرف كمال المخزنجي .
-------------

(67)

الطعن رقم 26284 لسنة 86 القضائية

(1) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد الحكم من تقرير الصفة التشريحية ما يكفي لبيان الدليل المستفاد منه ومؤداه بياناً يتضح منه تأييده للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة . لا قصور.

مثال.

(2) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . ضرب " أفضى إلى موت " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

   تميز جناية القتل العمد بعنصر خاص. هو قصد إزهاق الروح. اختلافه عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم. وجوب التحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تثبت توافره .

  إطلاق النار صوب المجني عليه وإصابته في مقتل. غير كاف بذاته لثبوت نية القتل . ما لم يكشف الحكم عنها. علة ذلك؟

  عدم إيراد الحكم ما يكفي لاستظهار نية القتل. مؤداه: اعتبار الواقعة جناية ضرب أفضى إلى موت . مخالفته هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بتقدير العقوبة المناسبة دون حاجة للإعادة لمحكمة الموضوع . علة وأساس ذلك؟

  مثال لتسبيب معيب في استظهار نية إزهاق الروح في جريمة قتل عمد .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1– حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوي في قوله " أنه بتاريخ .... انتقلت قوة من الشرطة السريين من مركز شرطة .... برئاسة الملازم أول / .... معاون المباحث ومن بين أفرادها المتهم الماثل حاملاً سلاحاً آليا وذلك للقبض علي أحد المتهمين ويدعي .... والصادر ضده حكما في الجناية رقم .... والمتواجد لدي مأذون قرية .... ويدعي .... مستقلين سيارة ميكروباص، وعقب ضبط المحكوم عليه سالف الذكر من داخل مكتب مأذون القرية المذكورة واصطحابه مقيدا بالأغلال إلى السيارة التي يستقلونها، وحال انصراف قوة الشرطة من مكان ضبط المتهم تصادف مرور المجني عليه .... قائدا لدراجة نارية " توك توك " سعيا وراء رزقه أمره المتهم بالتوقف إلا أنه واصل سيرة متجاوزا مكان توقف المتهم فما كان من الأخير إلا أن لاحقه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاة حتي توقف مثبتا قدماه أرضا مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه وأحدث إصابته الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وعندما تجمع المارة حول المجني عليه في محاولة لإسعافه أطلق المتهم المذكور عدة أعيرة أخرى لتفريق المارة مهدًدا إياهم ومتوعداً من يجرؤ على إسعافه واتجهت قوة الشرطة سالفة البيان إليه وحملوا المجني عليه عقب سقوطه أرضاً من داخل دراجته النارية داخل سيارتهم الميكروباص متجهين إلى مستشفى .... وعند حضور والد المجني عليه ورهط من أهليته لاستطلاع ما ألم بنجلهم من فاجعة تركوا الأخير بتلك السيارة التي كانت تحمله ولاذوا بالفرار ليواجه مصيره المحتوم لتصعد روحه إلى بارئها لا هي راضية ولا مرضية تشكي إلى بارئها ما كان من ظلم المتهم الغادر وهي لا تعرف بأي ذنب أو جريرة قُتلت هذا وقد أثبت ضابط الواقعة ملازم أول/ .... معاون المباحث بمحضره المؤرخ .... تحفظه علي السلاح الآلي المستخدم برقم .... وتحريزه وكذا خزنة الطلقات الخاصة بذات السلاح والمسلم إلى المتهم بمناسبة وظيفته " وأورد الحكم أدلة الثبوت المستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة وتعرف الشاهدين الأول والخامس علي الطاعن بالتحقيقات بما لا يخرج عن تلك الصورة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوي أن الطاعن لاحق المجني عليه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاه توقف مثبتا قدماه أرضاً مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه فأحدث إصابته التي أودت بحياته ، وأورد علي ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من بينها ما جاء بتقرير الصفة التشريحية . وقد نقل عنه – من بين ما نقل – وجود اصابتين حيويتين حديثتين معاصرة لتاريخ الواقعة بالظهر والعنق عبارة عن فتحة دخول مقذوف أعلي يسار الظهر وفتحة الخروج من أسفل مقدم العنق تنشأ عن مقذوف ناري واحد وأن وفاته تُعزى إلى ما أحدثه ذلك المقذوف من تهتكات حيوية بالرئة اليسرى والأوعية الدموية الرئيسية بالصدر وما نتج عن ذلك من نزيف دموي غزير وصدمه نزفيه والتي انتهت بالوفاة ، ويجوز حصول الواقعة علي النحو الوارد علي لسان الشاهد الأول ولا يوجد فنياً ما يؤيد إصابة المتوفى علي نحو عارض من شخص محترف يحمل سلاحاً قاتلاً - وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية يفصح عن أنه كان على بينة من هذه الإصابة – موضعها من جسم المجني عليه ووصفها و كيفية حدوثها و الآلة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاة المجني عليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم فيما أورده من تقرير الصفة التشريحية يكون غير سديد بعد أن بين الحكم الدليل المستفاد عن التقرير الطبي ومؤداه بياناً كافياً يتضح منه تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة .

  2- لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل في قوله " وحيث أنه عن توافر الركن المعنوي وهو قصد القتل وكذا القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح فإن ذلك أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر إنما تستنبطه المحكمة من المظاهر والظروف المحيطة بالواقعة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فهو قائم في الواقعة متوافر في حق المتهم من ظروفها وملابساتها وأقوال الشهود فيها ومن إطلاق المتهم لعيار ناري من سلاحه الآلي والذي كان بحوزته علي المجني عليه حينما أمره بالتوقف فلم يمتثل فعدا خلفه حتي أصبح في مقدوره إصابته – إن هو اطلق النار عليه – الإصابة القاتلة فثبت أرضا متخذاً وضع التصويب الصحيح وكان المجني عليه في مدي السلاح الناري المؤثر وحينذاك عندما أحكم تصويبه أطلق عليه عياراً نارياً فأحدث إصابته بموضع قاتل تلك الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأن ما آتاه المتهم تجاه المجني عليه لا يوجد في الأوراق ما يبرره أو يبعث عليه فلا كان المجني عليه حاضراً وقت إلقاء القبض علي المحكوم عليه بالمطاردة من قبل قوة الشرطة ولا حتي تدخل للحيلولة دون القبض علي المذكور وحتي أن أفراد قوة الشرطة المرافقة قد نادوا علي المتهم للعودة والكف عن مطاردة المجني عليه والتي لا طائل من ورائها وحتي يكف عن مبتغاه وغني عن البيان أن استخلاص توافر مبررات هذا القصد من عناصر الدعوي موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكانت المحكمة قد خلصت إلى توافر أركان تلك الجريمة بما فيها القصد الجنائي الخاص بما يضحي هذا الدفع قد قام علي غير سند وتقضي المحكمة برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً ، واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تنبني عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن ذلك أن إطلاق النار صوب المجني عليه لا يفيد حتماً أن الجاني انتوى إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيته في هذه الحالة مجرد الإرهاب أو التعدي ، كما أن إصابة المجني عليه في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه لأن تلك الإصابة قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد ، ولا يغني في ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قصد قتل المجني عليه إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه . لما كان ما تقدم ، وكان ما ذكره الحكم على ما سلف تدليلاً على توافر نية القتل لا يكفي لاستظهارها ، وكان البين من الأوراق ، ومن صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه – علي النحو السالف بيانه – أنه لا يتوافر فيها القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح – وهي بهذه الصورة تشكل جريمة الضرب المفضي إلى الموت المندرجة تحت نص الفقرة الأولي من المادة 236 من قانون العقوبات . ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر ، يكون قد خالف القانون . لما كان ذلك ، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً علي الخطأ في تطبيق القانون علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فانه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن ، وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم – في هذه الحالة – لا يخضع لأي تقدير موضوعي ، بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد التهمة – ماديا – إلى الطاعن وأصبح الأمر لا يقتضي – بعد استبعاد القصد الجنائي الخاص المطلوب توافره في جناية القتل العمد – سوى تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته . وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى علي التعرض له ، والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وإعادة الدعوي إلى محكمة الموضوع لتحكم فيها من جديد من أجل هذ السبب وحده . فإن المحكمة إعمالاً للسلطة المخولة لها وبعد الاطلاع علي المادة 236 من قانون العقوبات تصحح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات بدلاً من العقوبة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضيـة الجناية رقم .... بوصف أنه : قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن عدا في أثره عقب رؤيته له وتيقن من أنه في مرمى نيرانه ظفر بأن توقف مصوباً سلاحاً وأطلق صوبه عياراً نارياً باستخدام سلاحاً أميرياً (بندقية آلية) والمسلمة إليه بمقتضى وظيفته الأمنية قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث إصابته التي أدت لوفاته على الفور والموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

 وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

        والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً عما أسند إليه . باعتبار أن القتل مجردا من ظرفي سبق الإصرار والترصد.

 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

وحيث إن الطاعن ينعى علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العـمد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية واكتفى بإيراد نتيجته ولم يدلل تدليلاً سائغاً على نية القتل وتوافرها في حق الطاعن ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد جناية الضرب المفضي إلى الموت أو جنحة قتل خطأ ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوي في قوله " أنه بتاريخ .... انتقلت قوة من الشرطة السريين من مركز شرطة .... برئاسة الملازم أول / .... معاون المباحث ومن بين أفرادها المتهم الماثل حاملاً سلاحاً آليا وذلك للقبض علي أحد المتهمين ويدعى .... والصادر ضده حكما في الجناية رقم .... والمتواجد لدي مأذون قرية .... ويدعى .... مستقلين سيارة ميكروباص ، وعقب ضبط المحكوم عليه سالف الذكر من داخل مكتب مأذون القرية المذكورة واصطحابه مقيداً بالأغلال إلى السيارة التي يستقلونها ، وحال انصراف قوة الشرطة من مكان ضبط المتهم تصادف مرور المجني عليه .... قائدا لدراجة نارية " توك توك " سعياً وراء رزقه أمره المتهم بالتوقف إلا أنه واصل سيرة متجاوزاً مكان توقف المتهم فما كان من الأخير إلا أن لاحقه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاة حتي توقف مثبتاً قدماه أرضاً مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه وأحدث إصابته الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وعندما تجمع المارة حول المجني عليه في محاولة لإسعافه أطلق المتهم المذكور عدة أعيرة أخرى لتفريق المارة مهدداً إياهم ومتوعداً من يجرؤ على إسعافه واتجهت قوة الشرطة سالفة البيان إليه وحملوا المجني عليه عقب سقوطه أرضاً من داخل دراجته النارية داخل سيارتهم الميكروباص متجهين إلى مستشفى .... وعند حضور والد المجني عليه ورهط من أهليته لاستطلاع ما ألم بنجلهم من فاجعة تركوا الأخير بتلك السيارة التي كانت تحمله ولاذوا بالفرار ليواجه مصيره المحتوم لتصعد روحه إلى بارئها لا هي راضية ولا مرضية تشكي إلى بارئها ما كان من ظلم المتهم الغادر وهي لا تعرف بأي ذنب أو جريرة قُتلت هذا وقد أثبت ضابط الواقعة ملازم أول/ .... معاون المباحث بمحضره المؤرخ .... تحفظه على السلاح الآلي المستخدم برقم .... وتحريزه وكذا خزنة الطلقات الخاصة بذات السلاح والمسلم إلى المتهم بمناسبة وظيفته " وأورد الحكم أدلة الثبوت المستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة وتعرف الشاهدين الأول والخامس علي الطاعن بالتحقيقات بما لا يخرج عن تلك الصورة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوي أن الطاعن لاحق المجني عليه حاملاً سلاحه الآلي ولما أيقن صيد مبتغاه توقف مثبتاً قدماه أرضاً مصوباً سلاحه إليه وأطلق عياراً نارياً عليه فأحدث إصابته التي أودت بحياته ، وأورد علي ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من بينها ما جاء بتقرير الصفة التشريحية . وقد نقل عنه – من بين ما نقل – وجود إصابتين حيويتين حديثتين معاصرة لتاريخ الواقعة بالظهر والعنق عبارة عن فتحة دخول مقذوف أعلي يسار الظهر وفتحة الخروج من أسفل مقدم العنق تنشأ عن مقذوف ناري واحد وأن وفاته تُعزى إلى ما أحدثه ذلك المقذوف من تهتكات حيوية بالرئة اليسرى والأوعية الدموية الرئيسية بالصدر وما نتج عن ذلك من نزيف دموي غزير وصدمه نزفيه والتي انتهت بالوفاة ، ويجوز حصول الواقعة علي النحو الوارد علي لسان الشاهد الأول ولا يوجد فنياً ما يؤيد إصابة المتوفى علي نحو عارض من شخص محترف يحمل سلاحاً قاتلاً - وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية يفصح عن أنه كان على بينة من هذه الإصابة – موضعها من جسم المجني عليه ووصفها وكيفية حدوثها والآلة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاة المجني عليه ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم فيما أورده من تقرير الصفة التشريحية يكون غير سديد بعد أن بين الحكم الدليل المستفاد عن التقرير الطبي ومؤداه بياناً كافياً يتضح منه تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل في قوله " وحيث أنه عن توافر الركن المعنوي وهو قصد القتل وكذا القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح فإن ذلك أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر إنما تستنبطه المحكمة من المظاهر والظروف المحيطة بالواقعة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فهو قائم في الواقعة متوافر في حق المتهم من ظروفها وملابساتها وأقوال الشهود فيها ومن إطلاق المتهم لعيار ناري من سلاحه الآلي والذي كان بحوزته علي المجني عليه حينما أمره بالتوقف فلم يمتثل فعدا خلفه حتي أصبح في مقدوره إصابته – إن هو أطلق النار عليه – الإصابة القاتلة فثبت أرضا متخذاً وضع التصويب الصحيح وكان المجني عليه في مدى السلاح الناري المؤثر وحينذاك عندما أحكم تصويبه أطلق عليه عياراً نارياً فأحدث إصابته بموضع قاتل تلك الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأن ما آتاه المتهم تجاه المجني عليه لا يوجد في الأوراق ما يبرره أو يبعث عليه فلا كان المجني عليه حاضراً وقت إلقاء القبض علي المحكوم عليه بالمطاردة من قبل قوة الشرطة ولا حتي تدخل للحيلولة دون القبض على المذكور وحتى أن أفراد قوة الشرطة المرافقة قد نادوا على المتهم للعودة والكف عن مطاردة المجني عليه والتي لا طائل من ورائها وحتي يكف عن مبتغاه وغنى عن البيان أن استخلاص توافر مبررات هذا القصد من عناصر الدعوي موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكانت المحكمة قد خلصت إلى توافر أركان تلك الجريمة بما فيها القصد الجنائي الخاص بما يضحى هذا الدفع قد قام علي غير سند وتقضي المحكمة برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً ، واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه ، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تنبني عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن ، ذلك أن إطلاق النار صوب المجني عليه لا يفيد حتماً أن الجاني انتوى إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيته في هذه الحالة مجرد الإرهاب أو التعدي ، كما أن إصابة المجني عليه في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه لأن تلك الإصابة قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد ، ولا يغني في ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قصد قتل المجني عليه إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه . لما كان ما تقدم ، وكان ما ذكره الحكم على ما سلف تدليلاً على توافر نية القتل لا يكفي لاستظهارها ، وكان البين من الأوراق ، ومن صورة الواقعة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه – علي النحو السالف بيانه – أنه لا يتوافر فيها القصد الجنائي الخاص وهو قصد إزهاق الروح – وهي بهذه الصورة تشكل جريمة الضرب المفضي إلى الموت المندرجة تحت نص الفقرة الأولي من المادة 236 من قانون العقوبات . ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر ، يكون قد خالف القانون . لما كان ذلك ، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً علي الخطأ في تطبيق القانون علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن ، وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم – في هذه الحالة – لا يخضع لأي تقدير موضوعي ، بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد التهمة – ماديا – إلى الطاعن وأصبح الأمر لا يقتضي – بعد استبعاد القصد الجنائي الخاص المطلوب توافره في جناية القتل العمد – سوى تقدير العقوبة المناسبة عن جريمته . وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى علي التعرض له ، والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع لتحكم فيها من جديد من أجل هذ السبب وحده ، فإن المحكمة إعمالاً للسلطة المخولة لها وبعد الاطلاع علي المادة 236 من قانون العقوبات تصحح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات بدلاً من العقوبة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ