الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 يونيو 2020

الطعن 10971 لسنة 60 ق جلسة 9 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 181 ص 1307


جلسة 9 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة نائبي رئيس المحكمة وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.
------------
(181)
الطعن رقم 10971 لسنة 60 القضائية

 (1)اختصاص "الاختصاص المكاني". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة الدفع بعدم الاختصاص المكاني لأول مرة أمام النقض. ما دامت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهره. علة ذلك؟
 (2)إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ الحكم بإقرار الطاعن بالتحقيقات. لا يعيبه. ما دام لم يرتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
 (3)إثبات "اعتراف". استدلالات. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم. دون استجوابه. المادة 29 إجراءات.
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه. متى اطمأنت إليه.
 (4)إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
البحث في صحة ما يدعيه المتهم من انتزاع الاعتراف منه بالإكراه. موضوعي.
 (5)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تساند الأدلة الجنائية. لا يلزم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
 (6)نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
تفصيل أسباب الطعن بالنقض ابتداءً. واجب. علة ذلك؟
(7) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
 (8)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها.
الدفاع الموضوعي. التحدي به أمام النقض. غير مقبول.
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام" "معاينة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها. إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
مثال لتسبيب سائغ.
 (10)إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. بتنازل المتهم صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك دون استعانتها بأقوالهم في التحقيق الابتدائي. ما دامت قد طرحت على بساط البحث.
 (11)إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". تزوير "الطعن بالتزوير".
الأصل في الإجراءات الصحة. عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو الحكم. إلا عن طريق الادعاء بالتزوير.
(12) مسئولية مدنية "مسئولية المتبوع". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها" خطأ. ضرر. إثبات "قرائن قانونية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة. قيامها على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس. مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته. تحققها؟
ارتكاب ضابط الشرطة جريمة قتل عمد بمسدسه الذي في عهدته بحكم وظيفته. تحقق مسئولية وزير الداخلية عن الضرر باعتباره متبوعاً. علة ذلك؟

------------
1 - لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن من أن ضبطه تم في دائرة قسم الساحل بمحافظة القاهرة وليس في دائرة شبرا الخيمة التي تقع في اختصاص محكمة الموضوع فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
2 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم أخذه بإقرار الطاعن بالتحقيقات طالما أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى، وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
3 - من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى للمحكمة أن تستند إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث في الجلسة ولها أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف ما دامت قد اطمأنت إليه، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر الضبط وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه.
5 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، إذ يكفي أن تكون الأدلة مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
6 - من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداءً مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذي شاب الحكم.
7 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
8 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكة أن الطاعن ولئن أثار في دفاعه أن وقت ارتكاب الحادث - بدلالة حالة التيبس الرمي التي وجدت عليها جثة المجني عليها - هو فجر يوم 27/ 1/ 1989 أي لاحقاً على الوقت الذي ورد في أقوال الشهود من رجال الضبطية القضائية في التحقيقات، إلا أنه لم يثر - على خلاف ما زعمه في أسباب طعنه - أن وفاة المجني عليها حدثت في وقت سابق على هذا الوقت الأخير، فإنه ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولا يقبل منه التحدي بالدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
9 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فإن منعى الطاعن بخصوص التفات الحكم عن إيراد مؤدى المعاينة التي أجريت للمكان الذي وجدت فيه جثة المجني عليها والتي لم يعول عليها الحكم ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون ولا محل له.
10 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت من مطالعة جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهم، فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم.
11 - لما كان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت بمحضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير، وكان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المرافعة من اكتفاء الدفاع بالأقوال الواردة بالتحقيقات لشهود الإثبات، فإن الزعم بأن المحكمة قررت نظر الدعوى دون سماع الشهود مغاير للواقع ويكون غير مقبول.
12 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون المدني إذ نص في المادة 174 منه على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأديته وظيفته أو بسببها. وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه". فقد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته، وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية - لا مكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول ضابط شرطة يعمل تحت رئاسة الطاعن الثاني - وزير الداخلية - وأن هذا الضابط قتل المجني عليها بمسدسه الذي في عهدته بحكم وظيفته - فلحق ضرر بالمدعية بالحقوق المدنية، فإن وظيفته لدى الطاعن الثاني المتقدم ذكره تكون قد هيأت له فرصة إتيان العمل غير المشروع، إذ لولا هذه الوظيفة وما يسرته لصاحبها من حيازة السلاح الناري المستعمل في قتل المجني عليها، لما وقع الحادث منه بالصورة التي وقع بها، ويكون الطاعن الثاني مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه الطاعن الأول بعمله غير المشروع. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد صادف صحيح القانون وأضحى هذا الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل....... عمداً بأن أطلق عليها عياراً نارياً من مسدسه الميري الذي كان يحمله قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. ثانياً: سرق المبلغ النقدي والحلي المبينة بالمحضر المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات. ثالثاً: أطلق في داخل مدينة سلاحاً نارياً. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من...... و...... و...... مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 234/ 1، 318، 376/ 6 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وألزمته والمسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه وهيئة قضايا الدولة نيابة عن المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
أولاً/ بالنسبة إلى الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد والسرقة وإطلاق سلاح ناري داخل مدينة، قد ران عليه البطلان وشابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه صدر من محكمة غير مختصة مكانياً بنظر الدعوى إذ قبض على الطاعن بدائرة قسم الساحل بمحافظة القاهرة وأن الجريمة وقعت في دائرة محافظة الشرقية، وعول الحكم في إدانة الطاعن على اعترافه في التحقيقات رغم أنه أنكر بها مقارفته للجريمة، كما عول على ما قرره لرجال الضبطية القضائية بارتكابه الحادث وعلى ما شهدوا به باعتبار أن ذلك اعترافاً منه، ودون أن يطرح دفعه ببطلان هذا الإقرار لصدوره تحت تأثير الإكراه الواقع عليه بما يسوغ إطراحه، وأيضاً استند في قضائه بالإدانة إلى أن الطاعن كان قد التقى بالمجني عليها قبيل اختفائها، وهو ما لا يصلح دليلاً لإسناد تهمة قتلها إليه، هذا ولم تعن المحكمة بسماع شهود الإثبات تنفيذاً لقرارها بذلك بناءً على طلب الطاعن وقررت نظر الدعوى بما أحاط الدفاع عنه بالحرج ودون أن تبين في حكمها سبب عدولها عن سماع الشهود، وأغفل الحكم إيراد مؤدى المعاينة التي أجرتها الشرطة والنيابة للمكان الذي عثر فيه على جثة المجني عليها، والتفت عن دفاع الطاعن القائم على أن وفاة المجني عليها - بدلالة حالة التيبس الرمي التي وجدت عليها الجثة - قد حدثت في وقت سابق على الوقت الذي عينه رجال الضبط القضائي في التحقيقات، فلم يعن بتحقيقه أو الرد عليه، كما جمع الحكم بين الدليل المستمد من أقوال ضابط الشرطة وبين الدليل المستفاد من تقريري الصفة التشريحية والمعمل الجنائي رغم تناقضهما في شأن كيفية وتاريخ قتل المجني عليها، ودلل على توافر نية القتل في حق الطاعن بما لا يكفي. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن ومما ثبت من تقارير الصفة التشريحية وإدارة البصمات بمصلحة تحقيق الأدلة الجنائية وفحص السلاح والطلقات، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها المكاني بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه الطاعن من أن ضبطه تم في دائرة قسم الساحل بمحافظة القاهرة وليس في دائرة شبرا الخيمة التي تقع في اختصاص محكمة الموضوع فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل إقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة في قوله "بأنه اتفق مع المجني عليها على الزواج منذ فترة طويلة وأنه أخذ منها مصاغها يوم 25/ 1/ 1989 عندما قابلها أمام نادي أسكو بشبرا وباعه للصائغين...... و...... بمبلغ ألف وثلاثمائة جنيه وأنه يحتفظ بهذا المبلغ في مسكنه"، وكان لا يقدح في سلامة الحكم أخذه بإقرار الطاعن بالتحقيقات طالما أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى، وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. وإذ كان من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى للمحكمة أن تستند إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث في الجلسة ولها أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف ما دامت قد اطمأنت إليه. لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر الضبط وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان إقرار الطاعن الوارد بمحضر ضبط الواقعة لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الإقرار ومطابقته للحقيقة والواقع، فلا على الحكم - من بعد ذلك - أن يأخذ بإقرار الطاعن الوارد بمحضر الاستدلالات، وبأقوال الشهود من ضباط الشرطة اللذين أدلى الطاعن في حضرتهم بهذا الإقرار من ضمن الأدلة التي أقام عليها قضاءه بالإدانة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد برئ من أية شائبة رماه الطاعن بها في شأن ما تقدم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، إذ يكفي أن تكون الأدلة مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما يثيره الطاعن - في شأن أخذ الحكم بما أورده الشهود في أقوالهم من أنه كان قد التقى بالمجني عليها قبيل الحادث رغم أنها واقعة لا تفيد بذاتها تدليلاً على مقارفته جريمة قتلها - لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداءً مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذي شاب الحكم، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التعارض بين أقوال ضباط الشرطة في تصويرهم للحادث وبين المستفاد من تقريري الصفة التشريحية والمعمل الجنائي حتى يتبين ما إذا كان التناقض بين الدليلين على نحو يستعصى على الملائمة والتوفيق أم لا. هذا، والبين من أسباب الحكم أن جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص فضلاً عن عدم قبوله يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل في حق الطاعن - مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى - كافياً وسائغاً في استظهار قيامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكة أن الطاعن ولئن أثار في دفاعه أن وقت ارتكاب الحادث - بدلالة حالة التيبس الرمي التي وجدت عليها جثة المجني عليها - هو فجر يوم 27/ 1/ 1989 أي لاحقاً على الوقت الذي ورد في أقوال الشهود من رجال الضبطية القضائية في التحقيقات، إلا أنه لم يثر - على خلاف ما زعمه في أسباب طعنه - أن وفاة المجني عليها حدثت في وقت سابق على هذا الوقت الأخير، فإنه ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولا يقبل منه التحدي بالدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لم تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن ثم فإن منعى الطاعن بخصوص التفات الحكم عن إيراد مؤدى المعاينة التي أجريت للمكان الذي وجدت فيه جثة المجني عليها والتي لم يعول عليها الحكم ولم يكن لها أثر في عقيدته يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهم، فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم. وإذ كان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت بمحضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير، وكان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المرافعة من اكتفاء الدفاع بالأقوال الواردة بالتحقيقات لشهود الإثبات، فإن الزعم بأن المحكمة قررت نظر الدعوى دون سماع الشهود مغاير للواقع ويكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: بالنسبة إلى الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية:
حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن الثاني - المسئول عن الحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامه بصفته بالتعويض متضامناً مع تابعه - الطاعن الأول - قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أن التابع أخطأ فألحق ضرراً بالمدعية بالحقوق المدنية رغم أن الخطأ الذي قارفه منبت الصلة بعلمه مكاناً وزماناً، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون المدني إذ نص في المادة 174 منه على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأديته وظيفته أو بسببها. وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه". فقد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته، وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية - لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعلة غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة به بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول ضابط شرطة يعمل تحت رئاسة الطاعن الثاني - وزير الداخلية - وأن هذا الضابط قتل المجني عليها بمسدسه الذي في عهدته بحكم وظيفته - فلحق ضرر بالمدعية بالحقوق المدنية، فإن وظيفته لدى الطاعن الثاني المتقدم ذكره تكون قد هيأت له فرصة إتيان العمل غير المشروع، إذ لولا هذه الوظيفة وما يسرته لصاحبها من حيازة السلاح الناري المستعمل في قتل المجني عليها، لما وقع الحادث منه بالصورة التي وقع بها، ويكون الطاعن الثاني مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه الطاعن الأول بعمله غير المشروع. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد صادف صحيح القانون وأضحى هذا الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 11347 لسنة 60 ق جلسة 11 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 183 ص 1328


جلسة 11 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين علي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب نائبي رئيس المحكمة ومحمود دياب وحسين الجيزاوي.
-------------
(183)
الطعن رقم 11347 لسنة 60 القضائية

 (1)مأمورو الضبط القضائي. تفتيش. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تدليل الحكم على أن تفتيش الطاعن جرى تحت إشراف الضابط. دون أن ينازع الطاعن في أن لذلك التدليل معين من التحقيقات. النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول.
 (2)تفتيش "التفتيش بقصد التوقي". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". سجون. مواد مخدرة. قانون "تفسيره".
حق ضباط السجن تفتيش من يشتبهون في حيازته أشياء ممنوعة. داخل السجن. سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم. كفاية اشتباه ضابط السجن في أن أحد المذكورين يحوز أشياء ممنوعة داخل السجن ليثبت له حق تفتيشه. دون التقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية. أساس ذلك؟
الشبهة المقصودة في هذا المقام؟
تقدير الشبهة. منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع.
 (3)قانون "العلم بالقانون". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العلم بالقوانين وتعديلاتها. مفروض. مؤدى ذلك؟

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام الشرطي...... بالتفتيش تحت إشراف الضابط بما حصله من أقوال الرائد...... بالتحقيقات، وكان الطاعن لا ينازع في أسباب طعنه أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط المذكور في هذا الشأن له معينه من التحقيقات، فإن ما يثيره الطاعن من خلو محضر الضبط مما يفيد أن التفتيش تم تحت إشراف الضابط وخلو شهادة الوزن مما يدل على أن الضابط هو الذي قدم المخدر لوزنه - بفرض صحته - لا ينال من سلامة استدلال الحكم.
2 - لما كانت المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون المستبدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1972 تنص على أن "لضباط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم". ومفاد ذلك أن الشارع منح لضباط السجن حق تفتيش من يشتبهون في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم، ولم يتطلب في ذلك توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية، بل يكفي أن يشتبه ضابط السجن في أن أحد المذكورين بالنص يحوز أشياء ممنوعة داخل السجن حتى يثبت له حق تفتيشه. لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس الضابط يصح معها في العقل القول بقيام مظنة حيازة أشياء ممنوعة داخل السجن، وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن تفتيش الطاعن تم داخل السجن بعد توافر أمارات أثارت الشبهة لدى الرائد....... رئيس مباحث السجن دعته إلى الاعتقاد بأن الطاعن وهو من العاملين بالسجن يحوز جوهراً مخدراً فقام الحارس....... بتفتيشه تحت إشراف الضابط المذكور على النحو الوارد في مدوناته من أن تحريات الضابط أسفرت عن أن الطاعن اعتاد إدخال المواد المخدرة إلى السجن وأنه يعتزم إدخال كمية منها في يوم الضبط وأنه يخفيها في مكان حساس من جسمه وبمراقبته بعد دخوله السجن شاهده يدخل إلى دورة المياه ثم يخرج منها بعد دقائق متوجهاً إلى أحد العنابر فاستوقفه وأمر الحارس السري....... بتفتيشه تحت إشرافه، فإن ما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون متفقاً وصحيح القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - لما كان القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نشر بالجريدة الرسمية في الرابع من يوليه سنة 1989 وعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره، وكان العلم بالقوانين وبكل ما يدخل عليها من تعديل مفروض على كل إنسان وليس على النيابة العامة إذا أرادت رفع الدعوى الجنائية على شخص إلا أن تعلنه برقم المادة التي تريد أن تطلب محاكمته بمقتضاها، وليس عليها فوق هذا أن تعلنه لا بنص تلك المادة ولا بما أدخل عليها من تعديل إذ أن ذلك مما يعده القانون داخلاً في علم الكافة، كما أن المحكمة التي تتولى محاكمة المتهم ليست مكلفة قانوناً بأن تلفت نظره عند المحاكمة إلى ما أدخل من التعديلات على المادة التي تطلب النيابة العامة تطبيقها ما دام علمه بذلك مفروضاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من الجدول الثاني الملحق بالقانون، بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما هو منسوب إليه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار الإحراز مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس أو ما يبرر الاستيقاف، وقيام الحارس...... بتفتيشه بعيداً عن إشراف الضابط بدلالة أن محضر الضبط خلا مما يفيد ذلك كما خلت شهادة الوزن مما يدل على أن الضابط هو الذي قدم المخدر المضبوط لوزنه، غير أن الحكم رد على ذلك الدفع بما لا يصلح رداً، كما أن المحكمة أعملت القانون رقم 122 لسنة 1989 المعدل للقانون رقم 182 لسنة 1960 في حق الطاعن - رغم أنه شدد العقوبة - دون أن تنبهه لذلك ودون أن تشير النيابة العامة إلى هذا التعديل بأمر الإحالة، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن تحريات الرائد....... رئيس مباحث سجن القاهرة للمحبوسين احتياطياً بطره قد توصلت إلى أن المتهم....... الحارس السجن يقوم بإدخال المواد المخدرة به وأنه يعتزم إدخال كمية من المخدرات يوم........ بعد أن خبأها في مكان حساس من جسده فراقبه عقب حضوره للسجن في ذلك اليوم فلاحظ أنه دخل دورة مياه العنبر رقم...... ثم غادرها بعد دقائق فكلف الحارس السري........ بتفتيشه تحت إشرافه فعثر بالجيب الأيسر لبنطلونه على لفافة مطاطية صفراء اللون بداخلها لفافة طولية بنفسجية اللون من البلاستيك بفضها تبين أنها تحتوي على ثلاث لفافات سلوفانية بفض كل منها وجد بها قطعة من الحشيش وزنها قائماً باللفافات الثلاث 7.45 جرام فواجهه بها فأنكر صلتها بها". وبعد أن ساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال الرائد...... و....... وتقرير المعمل الكيماوي، رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش في قوله "لا وجه للنعي ببطلان القبض أو التفتيش استناداً إلى انتفاء حالة التلبس لأن المادة 41 من لائحة السجون خولت لضابط الواقعة سلطة القيام بهما في مثل الواقعة موضوع الضبط ولا وجه للاحتجاج بهذه المادة بالنسبة لقيام الشاهد الثاني بتفتيش المتهم لأن نص تلك المادة لا يمنع سريان نصوص قانون الإجراءات الجنائية بما تخوله للضابط من تكليف الشرطي بالقيام بالتفتيش تحت إشرافه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام الشرطي....... بالتفتيش تحت إشراف الضابط بما حصله من أقوال الرائد....... بالتحقيقات، وكان الطاعن لا ينازع في أسباب طعنه أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط المذكور في هذا الشأن له معينه من التحقيقات، فإن ما يثيره الطاعن من خلو محضر الضبط مما يفيد أن التفتيش تم تحت إشراف الضابط وخلو شهادة الوزن مما يدل على أن الضابط هو الذي قدم المخدر لوزنه - بفرض صحته - لا ينال من سلامة استدلال الحكم. لما كان ذلك، وكانت المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون المستبدلة بالقانون رقم 5 لسنة 1972 تنص على أن "لضباط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم". ومفاد ذلك أن الشارع منح لضباط السجن حق تفتيش من يشتبهون في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم، ولم يتطلب في ذلك توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية، بل يكفي أن يشتبه ضابط السجن في أن أحد المذكورين بالنص يحوز أشياء ممنوعة داخل السجن حتى يثبت له حق تفتيشه. لما كان ذلك، وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس الضابط يصح معها في العقل القول بقيام مظنة حيازة أشياء ممنوعة داخل السجن، وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن تفتيش الطاعن تم داخل السجن بعد توافر أمارات أثارت الشبهة لدى الرائد...... رئيس مباحث السجن دعته إلى الاعتقاد بأن الطاعن وهو من العاملين بالسجن يحوز جوهراً مخدراً فقام الحارس...... بتفتيشه تحت إشراف الضابط المذكور على النحو الوارد في مدوناته من أن تحريات الضابط أسفرت عن أن الطاعن اعتاد إدخال المواد المخدرة إلى السجن وأنه يعتزم إدخال كمية منها في يوم الضبط وأنه يخفيها في مكان حساس من جسمه وبمراقبته بعد دخوله السجن شاهده يدخل إلى دورة المياه ثم يخرج منها بعد دقائق متوجهاً إلى أحد العنابر فاستوقفه وأمر الحارس السري....... بتفتيشه تحت إشرافه، فإن ما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون متفقاً وصحيح القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نشر بالجريدة الرسمية في الرابع من يوليه سنة 1989 وعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره، وكان العلم بالقوانين وبكل ما يدخل عليها من تعديل مفروض على كل إنسان وليس على النيابة العامة إذا أرادت رفع الدعوى الجنائية على شخص إلا أن تعلنه برقم المادة التي تريد أن تطلب محاكمته بمقتضاها، وليس عليها فوق هذا أن تعلنه لا بنص تلك المادة ولا بما أدخل عليها من تعديل إذ أن ذلك مما يعده القانون داخلاً في علم الكافة، كما أن المحكمة التي تتولى محاكمة المتهم ليست مكلفة قانوناً بأن تلفت نظره عند المحاكمة إلى ما أدخل من التعديلات على المادة التي تطلب النيابة العامة تطبيقها ما دام علمه بذلك مفروضاً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعياً.



الاثنين، 1 يونيو 2020

الطعن 5 لسنة 40 ق جلسة 11 / 3 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 110 ص 545


جلسة 11 من مارس سنة 1975
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.
--------------------
(110)
الطعن رقم 5 لسنة 40 القضائية

ملكية. حيازة.
رد الأشياء المضبوطة في المواد الجنائية إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها. شرطه. المادتان 101 و102 من قانون الإجراءات الجنائية. المقصود بالحيازة. الحيازة بنية التملك أو الحيازة المادية لحساب الغير.

-----------------
مؤدى نص المادتين 101 و102 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأشياء التي تضبط أثناء تحقيق الدعاوى الجنائية ولم تكن حيازتها في ذاتها جريمة ترد إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها سواء كانت هذه الحيازة أصلية بنية التملك أو حيازة مادية لحساب الغير إلا إذا كانت هذه المضبوطات من الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو المتحصلة منها، فإنها ترد إلى من فقد حيازتها بالجريمة، يؤيد هذا النظر ما تقضي به المادة 104 من قانون الإجراءات الجنائية من أن الأمر برد المضبوطات إلى من ضبطت معه لا يمنع أولي الشأن من المطالبة بحقوقهم أمام المحاكم المدنية. ولما كان الثابت أن السبائك الذهبية موضوع الدعوى قد ضبطت مع الطاعنين في القطار وقررا أن شخصاً كلفهما بنقلها من محطة الحمام إلى الإسكندرية مقابل أجر، واتهمتهما النيابة العامة بأنهما استوردا هذه السبائك قبل الحصول على ترخيص باستيرادها وأنهما قاما بتهريبها إلى أراضي الجمهورية بطريقة غير مشروعة دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عنها وقضى ببراءتهما نهائياً مما أسند إليهما، وإذ كان مجرد حيازة السبائك الذهبية المذكورة ليس في ذاته جريمة، فإنه يكون للطاعنين اللذين ضبطت معهما الحق في استردادها.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 2132 لسنة 1968 مدني إسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بتسليمهما المضبوطات في قضية الجنحة رقم 14 سنة 1969 تهريب العطارين وهي خمس عشرة سبيكة ذهبية عيناً، وقالا شرحاً لدعواهما إنهما ضبطا بتاريخ 7/ 12/ 1966 في القطار القادم من مرسى مطروح إلى الإسكندرية ومع أولهما تسع سبائك ذهبية ومع الثاني ست منها واعترف كل منهما بحيازته لما ضبط معه وقررا أن شخصاً لا يعرفانه كلفهما بنقلها من محطة الحمام إلى الإسكندرية مقابل عشرة جنيهات عن كل سبيكة وقيدت الواقعة برقم 14 سنة 1966 جنح تهريب العطارين واتهمتهما النيابة العامة بأنهما في يوم 7/ 12/ 1966 بدائرة قسم العطارين (أولاً) استوردا السبائك الذهبية المبينة بالمحضر قبل الحصول على تراخيص باستيرادها من الجهة المختصة (ثانياً) هربا السبائك الذهبية المبينة بالمحضر إلى أراضي الجمهورية العربية المتحدة بطريقة غير مشروعة ودون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عنها وطلبت عقابهما طبقاً للقانون رقم 9 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وبتاريخ 28/ 2/ 1968 حكمت المحكمة الجنح ببراءتهما من هاتين التهمتين وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 9/ 4/ 1968، فتقدما بطلب إلى نيابة الشئون المالية بالإسكندرية للتصريح لهما باستلام السبائك الذهبية المضبوطة طبقاً للمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية غير أنها رفضت طلبهما، وإذ تظلما إلى غرفة المشورة وقررت إحالة الموضوع إلى المحكمة المدنية فقد أقاما هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 24/ 2/ 1969 حكمت المحكمة برد السبائك الذهبية المضبوطة إلى الطاعنين استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 372 سنة 25 ق مدني الإسكندرية، وبتاريخ 17/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن حيازتهما للسبائك الذهبية كانت عرضية لأنهما أنكرا ملكيتها عند ضبطهما في قضية التهريب وقررا أن شخصاً سلمها لهما لنقلها وبالتالي فلا يكون لهما الحق في استردادها طبقاً للمادة 102 من قانون الإجراءات الجنائية لأن المقصود من هذه المادة هو حماية الحيازة الكاملة بركنيها المادي والمعنوي، في حين أن المستفاد من هذه المادة أن ترد الأشياء المضبوطة لمن كانت في حيازته وقت ضبطها أياً كانت هذه الحيازة كاملة أو عرضية طالما أن ما يحوزه ليس موضوع جريمة أو متحصلاً من جريمة يؤيد ذلك أن المادة 104 من القانون المذكور تقضي بأن الأمر بالرد لا يمنع ذوي الشأن من المطالبة أمام المحاكم المدنية بما لهم من حقوق، وإذ ضبطت السبائك الذهبية في حيازتهما وقضى ببراءتهما مما أسند إليهما في قضية التهريب فيكون من حقهما استرداد هذه السبائك، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 101 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يجوز أن يؤمر برد الأشياء التي ضبطت أثناء التحقيق ولو كان ذلك قبل الحكم ما لم تكن لازمة للسير في الدعوى أو محلاً للمصادرة" والنص في المادة 102 من القانون المذكور على أنه "يكون رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها، وإذا كانت المضبوطات من الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو المتحصلة منها يكون ردها إلى من فقد حيازتها بالجريمة ما لم يكن لمن ضبطت معه حق في حبسها بمقتضى القانون"، يدل على أن الأشياء التي تضبط أثناء تحقيق الدعاوى الجنائية ولم تكن في حيازتها في ذاتها جريمة ترد إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها سواء كانت هذه الحيازة أصلية بنية التملك أو حيازة مادية لحساب الغير إلا إذا كانت هذه المضبوطات من الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو المتحصلة منها فإنها ترد إلى من فقد حيازتها بالجريمة، يؤيد هذا النظر ما تقضي به المادة 104 من قانون الإجراءات الجنائية من أن الأمر برد المضبوطات إلى من ضبطت معه لا يمنع أولي الشأن من المطالبة بحقوقهم أمام المحاكم المدنية. ولما كان الثابت أن السبائك الذهبية موضوع الدعوى قد ضبطت مع الطاعنين في القطار يوم 7/ 12/ 1966 وقررا أن شخصاً كلفهما بنقلها من محطة الحمام إلى الإسكندرية مقابل أجر واتهمتهما النيابة العامة بأنهما استوردا هذه السبائك قبل الحصول على ترخيص باستيرادها وأنهما قاما بتهريبها إلى أراضي الجمهورية بطريقة غير مشروعة دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عنها، وقضى ببراءتهما نهائياً مما أسند إليهما، ولما كان مجرد حيازة السبائك الذهبية المذكورة ليس في ذاته جريمة فإنه يكون للطاعنين اللذين ضبطت معهما الحق في استردادها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بأنه ليس للطاعنين الحق في استرداد السبائك المضبوطة لأن حيازتهما لها كانت عرضية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 130 لسنة 39 ق جلسة 15 / 3 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 119 ص 594

جلسة 15 من مارس سنة 1975
برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية.
------------------
(119)
الطعن رقم 130 لسنة 39 القضائية
 (1)تأمينات اجتماعية "تأمين العجز الكلي".
تأمين العجز الكلي بالتطبيق لأحكام ق 419 لسنة 1955. مناط استحقاقه. عدم استطاعة المؤمن عليه القيام بأي مهنة أو عمل يكتسب منه.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الإثبات". إثبات.
محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق متى رأت من أدلة الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
-------------------
1 - مؤدى نص المادة 25 من القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي والذي أبرم عقد التأمين الجماعي - الذي ينتفع به الطاعن - تطبيقاً له، أن العجز لا يعتبر كاملاً، متى كان المؤمن عليه يستطيع القيام بأي مهنة أو عمل يكتسب منه وهو ما أكده المشرع بعد ذلك في المادة الأولى من قانوني التأمينات الاجتماعية الصادرين بالقانونين رقمي 92 لسنة 1959، 63 لسنة 1964. لما كان ذلك وكانت الشركة المطعون ضدها الأولى بعد أن تبينت عدم قدرة الطاعن على القيام بعمله كسائق، قد أسندت إليه عملاً آخر بها يستطيع أن يؤديه، فإنه يخرج بذلك عن مدلول عبارة العجز الكامل الذي يستحق عنه قيمة التأمين، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب الإحالة إلى التحقيق أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع لها أن ترفضه متى رأت من ظروف الدعوى وملابساتها والأدلة المقدمة فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 356 سنة 1961 مدني كلي الزقازيق على كل من شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التي اندمجت فيها شركة أمنيبوس الشرقية، وشركة مصر للتأمين الدامجة لشركة الجمهورية للتأمين، طالباً الحكم بإلزام الأولى بأن تدفع له مبلغ 432 ج و125 م وبإلزام الثانية بأن تؤدي له مبلغ 300 جنيه، وقال بياناً لدعواه إنه في سنة 1950 عين سائقاً بشركة أمنيبوس الشركة فرع الزقازيق وظل يؤدي عمله بها حتى أوائل يونيه سنة 1960 عندما اصطدم قطار بسيارة الشركة التي يقودها ونتج عن ذلك إصابة بعض ركابها وقيدت الواقعة ضده جنحة إصابة خطأ برقم 2993 سنة 1960 منيا القمح، فقامت الشركة بوقفه عن العمل، ولما حكم نهائياً في 13/ 11/ 1960 بتغريمه خمسة جنيهات فصلته من عمله فتظلم من قرارها، إلا أن إدارة الشركة أخطرته في 2/ 4/ 1961 بأنها رأت تصفية حسابه عن مدة عمله كسائق وإعادة تعيينه في الخدمة السايرة "رأفة لضعف صحته وبصره"، ولما كان يستحق لدى الشركة المطعون ضدها الأولى الدامجة لشركة أمنيبوس الشرقية مبلغ 125 ج و625 م مكافأة عن مدة خدمته وخمسين جنيهاً قيمة مدخراته وخمسة جنيهات دفعها تأميناً للآلات و150 قرشاً ثمن أسهم تعاون ومبلغ 250 جنيهاً تعويضاً عن فصله التعسفي ومجموعها 432 ج و125 م وكان ينتفع بعقد التأمين الجماعي الذي أبرمته الشركة طبقاً للقانون رقم 419 لسنة 1955 مع شركة الجمهورية للتأمين التي اندمجت في الشركة المطعون ضدها الثانية ويستحق بمقتضاه تعويض العجز الكلي وقدره 300 جنيه فقد أقام دعواه بطلباته السالف بيانها وبتاريخ 17/ 6/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة لطلبي المكافأة والتعويض استناداً إلى أن فسخ العقد تم تطبيقاً للمادة 76/ 6 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 نتيجة لما ارتكبه الطاعن من خطأ جسيم في القيام بعمله أسفر عنه حادث التصادم، وبإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالنسبة لباقي الطلبات لبيان ما يستحقه منها وأساس المطالبة بها. استأنف الطاعن الشق القطعي في هذا الحكم وقضى بعدم جواز استئنافه، وبعد أن قدم الخبير تقريره لمحكمة أول درجة حكمت في 15/ 4/ 1968 برفض طلبي المدخرات وتأمين الآلات وبعدم قبول طلب قيمة أسهم التعاون وبالنسبة لطلب تأمين الادخار بإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 37 ج و28 م عبارة عن جملة أقساط الادخار التي خصمت من مرتبه طبقاً لعقد التأمين وفائدتها البسيطة. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) وقيد الاستئناف برقم 71 سنة 11 ق، بتاريخ 28/ 1/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 8/ 2/ 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول من سببي الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه برفض طلب تأمين العجز الكلي على أنه لا يستحق إلا في حالة الوفاة أو العجز الكلي النهائي الذي يصبح به العامل غير صالح للعمل على الإطلاق، ولما كانت الشركة المطعون ضدها الأولى قد أعادت تعيين الطاعن في "الخدمة السايرة" فإنه لا يصح قانوناً القول بعجزه عن العمل كلياً ونهائياً. هذا في حين أن المقصود من التأمين على العامل ضد العجز الكلي النهائي هو تأمينه من أخطار العمل الذي تخصص فيه. يتقاضى أجرة عنه، ولما كان الطاعن قد عمل بالشركة المطعون ضدها الأولى سائقاً منذ التحاقه بها وكانت قد فصلته من هذا العمل لعجزه كلياً ونهائياً عن القيام به، فإنه يكون مستحقاً لقيمة التأمين ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من أوراق الطعن أنه بموجب شهادة التأمين رقم 977 ينتفع الطاعن بعقد التأمين الجماعي رقم 685000 المبرم بين شركة أمينبوس الشرقية وشركة الجمهورية للتأمين بالتطبيق لأحكام القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي، ولما كان البند الثالث من هذه الشهادة ينص على أن يدفع تأمين الوفاة في حالة الوفاة قبل بلوغ خمسة وستين عاماً وفي حالة العجز الكلي النهائي قبل بلوغ سن الستين وكانت المادة 25 من القانون رقم 419 لسنة 1955 المشار إليه والذي أبرم عقد التأمين الجماعي تطبيقاً له - بعد أن عددت بعض أحوال العجز الكامل - نصت على أن تعتبر "...... كذلك كل حالة عجز كامل يصيب العامل نتيجة حادث أو مرض يكون من شأنه أن يحول كلية أو بصفة مستديمة بينه وبين مزاولة مهنة أو عمل يكتسب منه......" فإن مؤدى ذلك أن العجز لا يعتبر كاملاً - وهو ما عبرت عنه شهادة التأمين بالعجز الكلي النهائي - إذا كان المؤمن عليه يستطيع القيام بأي مهنة أو عمل يكتسب منه، وهو ما أكده المشرع بعد ذلك في المادة الأولى من كل من قانوني التأمينات الاجتماعية الصادرين بالقانونين رقمي 92 لسنة 1959، 63 لسنة 1964. لما كان ذلك، وكانت الشركة المطعون ضدها الأولى بعد أن تبينت عدم قدرة الطاعن على القيام بعمله كسائق، قد أسندت إليه عملاً آخر بها يستطيع أن يؤديه، فإنه يخرج بذلك عن مدلول عبارة العجز الكامل الذي يستحق عنه قيمة التأمين، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه طلب الحكم له بمبلغ خمسين جنيهاً قيمة مدخراته لدى الشركة المطعون ضدها الأولى ومبلغ خمسة جنيهات دفعها عند بدء عمله بها تأميناً للآلات المسلمة إليه، وإذ لم تقدم الشركة للخبير المنتدب للدفاتر السابقة على سنة 1961 فقد طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أحقيته في هذين المبلغين،إلا أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم المستأنف في رفض طلبيه قولاً بأنه لم يقدم الدليل على دفعه هذين المبلغين، وأن طلب الإحالة إلى التحقيق غير منتج في الدعوى وذلك دون أن يورد سبباً لما انتهى إليه، مع أن الأثر المترتب على التحقيق ومدى إنتاجه في الدعوى لا يبين إلا بعد سماع الشهود وهو ما يصم الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن طلب الإحالة إلى التحقيق أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع لها أن ترفضه متى رأت من ظروف الدعوى وملابساتها والأدلة المقدمة فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن محكمة أول درجة ندبت خبيراً لبيان أحقية الطاعن في هذين المبلغين وصرحت له بسماع شهوده وأن الخبير انتهى إلى أن الطاعن لم يستطيع إثبات حقه فيهما، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من اطلاعه على محاضر أعمال الخبير أن الطاعن غير محق في طلبه وأن طلب الإحالة إلى التحقيق غير منتج فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الأحد، 31 مايو 2020

الطعنان 286 لسنة 38 ق ، 5 لسنة 39 ق جلسة 23 / 2 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 93 ص 457

جلسة 23 من فبراير سنة 1975
برياسة السيد المستشار أمين فتح الله، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، وصلاح الدين حبيب، ومحمود المصري، ومحمد كمال عباس.
----------------
(93)
الطعنان رقما 286 لسنة 38، 5 لسنة 39 القضائية
 (1)التماس إعادة النظر. حكم "حجية الحكم".
الغش الذي يبيح الالتماس. شرطه. أن يكون خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى. ما تناولته الخصومة. ليس سبباً للالتماس.
(2) عقد "دفع العربون". بيع.
دلالة دفع العربون. المرجع في بيانها لما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني.
 (3)عقد "فسخ العقد". بيع. حكم "ما يعد قصوراً".
الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي. القضاء ضد البائع بالفسخ. إغفاله بيان أن البائع قد أخل بالتزاماته الناشئة عن عقد البيع. قصور.
----------------
1 - الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - هو ما كان خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم أما ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً منها ببرهانه فلا يجوز التماس إعادة النظر فيه تحت ستار تسميته إقناع المحكمة ببرهان غشاً، إذ أن برهنة الخصم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق لكل خصم في كل دعوى ينفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم الآخر وليس ذلك من الغش في شيء.
2 - النص في الفقرة الأولى من المادة 103 من القانون المدني على أن "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك" يدل على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول، إلا أن شروط التعاقد قد تقضي بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة هو لما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني، وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص البندين.....، .... من عقد البيع - وقد جاء صريحاً في أن ما دفعه المشتريان هو "عربون" - والذي ينص أولهما على موعد محدد للتوقيع على العقد النهائي ويتضمن الثاني الشرط الفاسخ الصريح انتهى إلى أن نية المتعاقدين استقرت على أن يكون العقد باتاً - وهو استخلاص موضوعي سائغ - ثم رتب الحكم على ذلك رفض دفاع الطاعنين البائعين بأن لهما الحق في خيار العدول فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
3 - إذ يدل نص المادة 157 من القانون المدني على أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى أن المطعون عليهما - المشتريين - كانا معذورين في التأخير في إعداد مشروع العقد النهائي في الميعاد المحدد لذلك، ثم قضى بفسخ عقد البيع وبرد ما دفعه المشتريان من الثمن دون أن يبين ما إذا كان الطاعنان - البائعان - المقضي ضدهما بالفسخ، قد أخلا بالتزاماتهما الناشئة عن ذلك العقد إخلالاً يستوجب الفسخ فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن..... بصفته والسيدة...... أقاما الدعوى 1698 سنة 1966 القاهرة الابتدائية طلبا فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما السيدة..... والسيد...... بأن يدفعا لهما سبة آلاف جنيهاً والفائدة على نصف هذا المبلغ وذلك في مواجهة كل من..... و..... بصفته، وقالا بياناً للدعوى إنهما اشتريا في أول فبراير سنة 1965 من المدعى عليهما الأولين كامل أرض وبناء العقار المبين بالعقد بثمن قدره 23500 ج دفعاً منه 3500 ج وتم الاتفاق على أداء 15500 ج عند توقيع العقد النهائي على أن يتم في موعد غايته ثلاثة شهور وأنهما تقدما إلى الشهر العقاري في 6 فبراير سنة 1965 بطلب كشف تحديد المبيع وفي 24/ 4/ 1968 أنذرهما البائعان بإتمام إجراءات التسجيل حتى 3 مايو سنة 1965 وإلا اعتبرا ذلك عدولاً عن الشراء يسقط حق المشترين في استرداد العربون المدفوع واستطرد المدعيان إلى القول بأن البائعين تصرفا في العقار مرة أخرى ببيعه إلى المطلوب الحكم في مواجهتهما خلال شهر أكتوبر كما تم التوقيع منهما لهما على العقد النهائي في 5 ديسمبر سنة 1965 وهو ما يعتبر من البائعين عدولاً عن البيع يسمح لهما بطلب رد ضعف العربون المسمى في العقد وبتاريخ 19 مارس سنة 1967 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أن العدول عن البيع كان من المشترين. استأنف المدعيان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقد هذا الاستئناف برقم 816 سنة 84 ق وبتاريخ 6 إبريل سنة 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام البائعين برد مبلغ 3500 ج والفائدة. طعن البائعان في هذا الحكم بطريق الالتماس كما طعنا فيه بطريق النقض برقم 286 سنة 38 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها. ولما صدر الحكم في الالتماس بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1968 بإلغاء الحكم الاستئنافي وتأييد الحكم الابتدائي طعن فيه المشتريان بطريق النقض برقم 5 سنة 39 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن المحكمة ترى ضم الطعن الثاني رقم 5 لسنة 39 ق للطعن الأول رقم 286 سنة 38 ق.
عن الطعن رقم 5 لسنة 39 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه عول في قبوله التماس إعادة النظر من المطعون عليهما الأولين في الحكم الاستئنافي على قيام حالة من حالات الالتماس المقررة قانوناً وهي وقوع الغش من الطاعنين بحجبهم أوراقاً قاطعة في الدعوى تأسيساً على أن المشتريين أدخلا الغش على المحكمة الاستئنافية بما قرراه من أنهما تقدما إلى مصلحة الشهر العقاري بطلب كشف تحديد المبيع وأن تأخير إتمام العقد النهائي لا يرجع إلى فعلهما وإنما يرجع إلى إجراءات الشهر وقد أخذت المحكمة بهذا الدفاع وهو لا يمثل الحقيقة لأن المشتريين كانا قد تسلما مشروع عقد البيع النهائي من الشهر العقاري وأخفياه عن المحكمة فأدخلا عليها الغش فقضت لصالحهما وعول الحكم المطعون فيه في إثبات ذلك على ما ورد بالشهادتين الصادرتين من الشهر العقاري والمقدمتين منهما في الالتماس وتتضمن الأولى منهما أن مشروع عقد البيع أرسل إلى المشترين مختوماً بختم صالح للشهر في 30/ 11/ 1965 وقبل إتمام العقد النهائي المبرم مع المشترين الجدد - المطعون عليهما الثالث والرابع - في 5/ 12/ 1965 والذي أشهر في نفس اليوم على ما جاء بالشهادة الثانية واعتبر الحكم ذلك دليلاً على أن المشتريين - الطاعنين - قد عزفا عن إتمام الصفقة بعد أن أصبح العقد صالحاً للشهر وأخفيا مشروعه المؤشر عليه بذلك دون أن يشيرا إليه في دفاعهما أو يقدمانه إلى المحكمة وذهب الحكم إلى أن إخفاء مشروع عقد البيع النهائي يفيد عدم علم البائعين به حتى صدور الحكم الملتمس فيه، هذا في حين أن ما ثبت بالشهادة الأولى من إرسال العقد إلى الطاعنين في 30/ 11/ 1965 لا يقوم دليلاً على وصوله إليهما قبل 5/ 12/ 1965 فضلاً على أن الثابت بهذه الشهادة أن البائعين قدما في 6/ 11/ 1965 التماساً للشهر العقاري بشأن ثمن حصة القاصر وأن مصلحة الشهر أوقفت طلب التحديد لأن هذا الالتماس يجب أن يقدم من الولي على القاصر وهو المشتري لا من البائع وهو ما يدل على أن البائعين لم يكونا بمعزل عن إجراءات الشهر العقاري حتى 16/ 11/ 1965 وأنه حتى لو صح ما ساقه الحكم فإنه لا يقوم سبباً لقبول الالتماس لأنه متى كان في مقدور الملتمس إثبات هذه الوقائع أثناء نظر الخصومة الأصلية فإن عدم ظهورها لا يعتبر غشاً مما يقبل به الالتماس وقد دفع الطاعنان بعدم قبوله أمام محكمة الالتماس ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع وقبلت الالتماس وقضت في موضوعه مما يعيب حكمها بمخالفة القانون فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي صحيح ذلك أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما كان خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم أما ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً منها ببرهانه فلا يجوز التماس إعادة النظر فيه تحت ستار تسميته إقناع المحكمة بالبرهان غشاً، إذ أن برهنة الخصم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق لكل خصم في كل دعوى ينفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم الآخر وليس ذلك من الغش في شيء، إذ كان ذلك. وكان الثابت من الشهادتين الصادرتين من مكتب الشهر العقاري والتي عول الحكم عليها في التدليل على قيام الغش تتضمن الأولى أن المشتريين تقدما بطلب عن العقار المبيع إلى الشهر العقاري في 6/ 2/ 1965 وأن الإجراءات التي اتخذتها مصلحة الشهر العقاري مع مصلحة المساحة انتهت في 28/ 10/ 1965 ثم أوقفت المتابعة في هذا الطلب في 30/ 10/ 1965 حتى يقدم الالتماس بشأن ثمن الحصة التي يشتريها القاصر، ولما أعيد السير في الطلب بتاريخ 6/ 11/ 1965 أوقفت مرة أخرى لما تبين من أن الالتماس قدمه البائع بينما يجب أن يقدم من المشتري شخصياً (الولي) ولما أعيد السير في الطلب مرة أخرى ختم صالحاً للشهر في 27/ 11/ 1965 وأرسل العقد لصاحب الشأن في 30/ 11/ 1965، كما يبين من الشهادة الثانية أن المشترين الجدد المطعون عليهما الثالث والرابع تقدما بطلب عن ذات العقار في 20/ 10/ 1965 وختم مقبولاً للشهر في 5/ 12/ 1965، لما كان ذلك، وكان البائعان قد تخلفا عن تقديم هاتين الشهادتين لمحكمة الموضوع أثناء سير الخصومة مع تمكنهما من ذلك كما فعلا أمام محكمة الالتماس دون تدخل من المشتريين، فضلاً على أن الثابت بالشهادتين أن هذين البائعين كانا على صلة بإجراءات الطلب المقدم إلى الشهر العقاري حتى 6/ 11/ 1965 وكانا قد تصرفا في ذات الوقت في العقار مرة ثانية إلى آخرين تقدما بطلبهما إلى الشهر العقاري في 20/ 10/ 1965 فإن ذلك يدل على أن كلاً من طرفي الخصومة كان قد أدلى بحجته أمام محكمة الاستئناف ورجحت المحكمة حجة المشتريين على حجة البائعين وكانت حجة المشترين معلومة للبائعين وغير خافية عليهما، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن عدم تقديم الطاعنين للمحكمة عقد البيع بعد ختمه صالحاً للشهر غشاً منهما يجيز للمطعون عليهما الطعن بالتماس إعادة النظر فإنه يكون لما سلف البيان قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - وإذ كان الالتماس قد بني على سبب واحد هو وقوع غش أثر في الحكم الملتمس فيه وكان الثابت على ما سلف البيان أن ما ساقه الملتمسان لا يكون غشاً مما يتطلبه القانون لقبول الالتماس فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الالتماس وتغريم الملتمسين أربعة جنيهات للخزانة.
عن الطعن رقم 286 سنة 38 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن عقد البيع موضوع الدعوى جاء صريحاً في أن ما دفعه المشتريان هو "عربون" وهو ما يفيد وفقاً لنص المادة 103 من القانون المدني أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عن التعاقد ولكن الحكم المطعون فيه انحرف عن هذه العبارة الواضحة في العقد وقرر بأن البيع بات لا يجيز العدول عنه مع أن المشتريين أقاما الدعوى برد العربون الذي دفعاه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 103 من القانون المدني على أن "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك، يدل على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول إلا أن شروط التعاقد قد تقضي بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة هو لما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص البندين الثامن والثاني عشر من عقد البيع والذي ينص أولهما على موعد محدد للتوقيع على العقد النهائي ويتضمن الثاني الشرط الفاسخ الصريح، انتهى إلى أن نية المتعاقدين استقرت على أن يكون العقد باتاً وهو استخلاص موضوعي سائغ وإذ رتب الحكم على ذلك رفض دفاع الطاعنين البائعين بأن لهما الحق في خيار العدول فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى في أسبابه بفسخ العقد دون أن ينسب إليهما تقصيراً يبرر ذلك، حال أن الفسخ إن هو إلا جزاء الإخلال بالالتزام، مما كان ينبغي للحكم المطعون فيه أن يوقع هذا الجزاء على الطاعنين وإذ رتب الحكم على ذلك إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ورد ما دفعه المشتريان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النص في المادة 157/ 1 من القانون المدني على أن "في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطلب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى" يدل على أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى أن المطعون عليهما - المشترين - كانا معذورين في التأخير في إعداد مشروع العقد النهائي في الميعاد المحدد لذلك ثم قضى بفسخ عقد البيع وبرد ما دفعه المشتريان من الثمن دون أن يبين ما إذا كان الطاعنان - البائعان - المقضي ضدهما بالفسخ - قد أخلا بالتزاماتهما الناشئة عن ذلك العقد إخلالاً يستوجب الفسخ، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

 (1)نقض مدني 11/ 12/ 1947 مجموعة القواعد القانونية في خمسة وعشرين عاماً ص 952 بند 2