جلسة 31 من أكتوبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد
عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ يعيش رشدى، ومحمد وهبه،
وأحمد موسى، وأحمد طاهر خليل.
--------------
(185)
الطعن رقم 560 لسنة 46
القضائية
مواد مخدرة. قصد جنائي.
إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيه. تسبيب غير معيب".
نفي قصد الاتجار في المخدر. موضوعي.
إغفال المحكمة. إيراد
فحوى التحريات وما عزى إلى المتهم من إقرار بالاتجار في المخدر ودلالة كمية المخدر
المضبوط. يفيد ضمنا إطراحها.
ضآلة كمية المخدر أو
كبرها. أمر نسبي. تقديره. أثره. موضوعي.
--------------
إن من المقرر أن توافر
قصد الاتجار في المخدر المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960
المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 هو من الأمور التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها
بغير معقب ما دام تقديرها سائغا. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على
ثبوت إحراز المطعون ضده للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي، ثم نفى توافر قصد
الاتجار في حقه واعتبره مجرد لذلك المخدر، ودانه بموجب المادة 38 من القانون بادي
الذكر التي لا تستلزم قصدا خاصا من الإجراءات بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي
والقصد الجنائي العام، وهو علم المحرز بماهية الجوهر المخدر علما مجردا من أي قصد
من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون، فإن في ذلك ما يكفى لحمل قضائه
بالإدانة على الوجه الذى انتهى إليه. أما ما تثيره الطاعنة من أن التحريات وأقوال شاهدي
الإثبات وكمية المخدر قد جرت على أن المطعون ضده ممن يتجرون في المواد المخدرة فهو
لا يعدو أن يكون جدلا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها
والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض،
هذا إلى ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير محكمة
الموضوع، وفى اغفال المحكمة التحدث عن التحريات التي أجراها الضابط والإقرار
بالاتجار المعزو إلى المطعون ضده ودلالة وزن المخدر المضبوط ما يفيد ضمنا أنها
أطرحتها ولم تر فيها ما يدعو إلى تغبير وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فان
الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه بدائرة قسم الرمل محافظة الإسكندرية أحرز بقصد الاتجار جوهرا
مخدر (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته
إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و35/ أ و42 من القانون رقم 182
لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم واحد
المرافق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند
إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض فقضت محكمة النقض
بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة
جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت
حضوريا من جديد عملا بالمواد 1/ 1 و2 و37/ 1 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960
والبند 12 من الجدول رقم واحد الملحق بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة
وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه والمصادرة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة
لمدة ثلاث سنوات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم
من النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بجريمة إحراز جوهر
مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي نافيا عنه قصد الاتجار
استنادا إلى عدم قيام دليل في الأوراق على توافره قد شابه قصور في التسبيب، ذلك
بأنه لم يعرض لدلالة ما ذكره الضابط من أن تحرياته دلت على أن المطعون ضده يمارس
نشاطه في الاتجار في المواد المخدرة وأنه عندما واجهه بما ضبط في جيب سترته من
مخدر أقر له بأنه يحوزه بقصد الاتجار، كما التفت أيضا عن دلالة ما أورده في مدوناته
من أن وزن المخدر 7 ،185 جرام.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن التحريات السرية التي أجراها النقيب.... قد دلت
على أن المطعون ضده يحرز المخدرات فاستصدر إذنا من النيابة لضبطه وتفتيشه وانتقل
صحبة الشرطي السرى ..... إلى شارع القصفي فوجده جالسا على مقعد أمام أحد المقاهي
بمفرده متكئا بيده اليسرى على منضدة صغير فقام بضبطه، وإذ نهض المطعون ضده وافقا
تبين وجود لفافة تحوى طربة من الحشيش كانت مختفية بجوار يده اليسرى على المنضدة
وبتفتيشه عثر بالجيب الداخلي الأيمن لسترته على لفافة بداخلها ثلاث قطع من مادة
الحشيش. وتبين أن وزن الحشيش المضبوط 185.7 جرام. وبعد أن ساق الحكم الأدلة على
ثبوت الواقعة في حق المطعون ضده على هذه الصورة، عرض للقصد من الإحراز ونفى قصد
الاتجار عنه بقوله "وحيث إن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه
يتجر في الحشيش ولا ترى المحكمة بالأوراق دليلا على توافر قصد الاتجار لدى المتهم،
ولما كان مقصده من حيازة المخدر غير واضح فيتعين اعتباره حائزا بغير قصد الاتجار
أو الاستعمال الشخصي". وانتهى من ذلك إلى معاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل
لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة هذا المخدر المضبوط مع إيقاف تنفيذ عقوبتي
الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات تطبيقا للمواد 1 و2 و37/ 1 - 2 و38 و42 من القانون
رقم 182 لسنة1960 و55 و56 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل
بالقانون رقم 40 لسنة 1966 هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع
بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها سائغا. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت
إحراز المطعون ضده للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد
الاتجار في حقه واعتبره مجرد محرز لذلك المخدر، ودانه بموجب المادة 38 من القانون بادي
الذكر التي لا تستلزم قصدا خاصا من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي
والقصد الجنائي العام، وهو علم المحرز بماهية الجوهر المخدر علما مجردا من أي قصد
من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون، فإن في ذلك ما يكفى لحمل قضائه
بالإدانة على الوجه الذى انتهى إليه. أما ما تثيره الطاعنة من أن التحريات وأقوال شاهدي
الإثبات وكمية المخدر قد جرت على أن المطعون ضده ممن يتجرون في المواد المخدرة فهو
لا يعدو أن يكون جدلا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها
والأخذ منها بما تطمئن اليه وإطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض،
هذا إلى أن ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير
محكمة الموضوع، وفى إغفال المحكمة التحدث عن التحريات التي أجراها الضابط والإقرار
بالاتجار المعزو إلى المطعون ضده ودلالة وزن المخدر المضبوط مما يفيد ضمنا أنها
أطرحتها ولم تر فيها ما يدعو إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فان
الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.