الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 أكتوبر 2018

الطعن 2091 لسنة 63 ق جلسة 14 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ق 184 ص 1165


برئاسة السيد المستشار /ناجى اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /أحمد عبد الرحمن وابراهيم عبد المطلب ومجدى أبو العلا نواب رئيس المحكمة وهاني خليل.
---------------
- 1  حكم "تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". قصد جنائي
تحدث الحكم استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة الاخلال العمدى بنظام توزيع سلعة متعلقة باحتياجات الشعب . غير لازم . مادام قيامه مستفاداً مما أورده من وقائع وظروف تدل عليه . مثال
من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفى فيما أورده من وقائع ما يدل على قيامة - كما هي الحال في الدعوى _ فأن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار الركنيين المفترض والمعنوي في جريمة في جريمة الاخلال بنظام التوزيع يكون في غير محله.
- 2  إخلال بنظام توزيع سلعة .
عدم جدوى النعي على الحكم في خصوص جريمة الاخلال بنظام توزيع سلعة متعلقة باحتياجات الشعب . مادام قد عاقبه بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله . تطبيقاً للمادة 32 عقوبات .
لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالوجه المتقدم ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الاشد المقررة لجريمة اضرار الطاعن بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله التي اثبتها الحكم في حقه .
- 3  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". إثبات " بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها الا عن الادلة ذات الاثر ف تكوين عقيدتها اغفالها بعض الوقائع يفيد ضمنا اطراحها لها مثال .
من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الادلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن إغفالها بعض الوقائع ما يفيد اطراحها لها اطمئنانا إلى ما اثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود واقرار المتهم، ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - اغفاله بالإشارة إلى تقرير خبير - بفرض ايداعه متضمنا ما زعمه الطاعن - طالما أنه لم يكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة، مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
- 4 إخلال بنظام توزيع سلعة . استيلاء على مال عام . إضرار عمدى . جريمة " اركان الجريمة".
جريمتا الاستيلاء والحصول على منفعة . استقلالهما عن جريمتي الاخلال بنظام توزيع سلطة والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله . اختلاف كل منهم عن الأخرى في مقاوماتها وعناصرها الواقعية والقانونية . أثر ذلك .
لما كان لا تناقض بين تبرئه الطاعن من تهمتي الاستيلاء والحصول على منفعة وبين ادانته بجريمتي الاخلال بنظام التوزيع والاضرار بمصالح الغير لاستقلال كل واختلافها عن الاخرى في مقوماتها وعناصرها الواقعية والقانونية بحيث يمكن أن تنهار احداها بتخلف كل أو بعض أركانها القانونية دون أن يؤثر ذلك حتما في قيام الأخرى .
- 5  حكم " تسبيب الحكم. التسبيب غير المعيب". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها . علة ذلك .
لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - فضلا عن أن الحكم قد رد عليه بما يبرر اطراحه - هو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفى الفعل المكون للجريمة فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته موظفاً عاماً مسئول مكتب السلع الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة ...... استولى بغير حق علي مبلغ اربعين ألفا وثمانين جنيهاً قيمة فرق سعر الأسمنت المدعوم والخاص بالوحدة المحلية سالفة الذكر عن بيعه حرا على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير لجنة الجرد المرفق بالتحقيقات
ثانياً: بصفته سالفة الذكر حصل لنفه بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته هي مبلغ أربعين ألفاً وثمانين جنيهاً قيمة فرق سعر الأسمنت المدعوم البالغ قدره ألف وستمائة وسبعون طناً المقرر للوحدة المحلية ....... عن سنة 1983
وذلك بأن قان بصرف هذه الكمية لأشخاص غير مخصصة لهم وحصل لنفسه علي قيمة فرق الدعم سالف الذكر
ثالثاً: بصفته سالفة الذكر أيضاً وهو المسئول عن توزيع سلع الأسمنت المدعوم والمتعلقة باحتياجات الشعب أخل عمداً بنظام توزيعها على النحو المبين بالتحقيقات
رابعا: بصفته السابقة أيضا أضر عمداً بمصالح الغير والمعهود بها إلي جهة عمله بأن قام بصرف تعويضات لصرف الأسمنت المدعوم لأشخاص غير مستحقين لها على النحو المبين بالتحقيقات
وأحالته إلي محكمة أمن الدولة العليا........ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/1، 115، 118، 119/أ, 119 مكرر/أ من قانون العقوبات- أولاً: بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته عن التهمتين الثالثة والرابعة، ثانياً: ببراءته من التهمتين الأولى والثانية فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

-----------
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته بجنايتي الإخلال بنظام توزيع سلعة متعلقة باحتياجات الشعب والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع, ذلك بأنه لم يستظهر الركنين المفترض والمتمثل في وجود نظام لتوزيع السلعة - والمعنوي - المتمثل في توافر القصد الجنائي لدى الطاعن - في جريمة الإخلال بنظام التوزيع, ولم يعن بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير الخبير المودع من أسباب تؤدي إلى براءة الطاعن رغم تمسكه به, وقضي ببراءة الطاعن من تهمتي الاستيلاء والحصول على منفعة مما كان لازمه القضاء بتبرئته من الجريمتين الأخريين، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب لطلب الطاعن ضم القضية رقم 3295 لسنة 1985 جنايات ....., كي تطلع على ما حوته من مستندات تبيح الواقعة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
من حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله أنها: "تخلص في أن المتهم ....... الموظف بمجلس مدينة .... المفوض في إصدار أذون صرف الكميات المخصصة لمجلس المدينة من سلعة الاسمنت المسعرة جبريا قد أخل بنظام توزيعها على مستحقيها بأن قام بإجراء هذا التوزيع على التجار بدلا من المواطنين المستحقين لها الأمر الذي أضر بهؤلاء المستحقين لتعذر حصولهم عليها بالسعر الجبري" وأقام الحكم على صحة الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود وإقرار المتهم, ثم عرض الحكم لما أثاره الطاعن في شأن وجود نظام لتوزيع السلعة وانتفاء القصد الجنائي في حقه وأطرح أولهما بقوله: "ومن حيث إن المحكمة تبين في قضائها أن تسعير بعض السلع وتقييد توزيعها بالنسبة لسلعة الأسمنت بالحصول على رخصة من الجهة المختصة تفيد أن من حصل عليها له الحق في صرف كمية هذه السلع يتضمن ويؤكد وجود نظام محدد لتوزيعها لم يتبعه المتهم عمدا مما يؤدي لثبوت إخلاله عمدا بهذا النظام, كما أن قيامة بتوزيع كميات كبيرة من هذه السلع على التجار أدى إلى صرفها وهي سلعة مدعمة إلى غير المستحقين لها فأضر بهؤلاء الآخرين" وأطرح ثانيها بقوله: "ومن حيث أنه عن إنكار المتهم ما أسند إليه من جرائم بادعاء الجهل بحظر توزيع سلعة الاسمنت المدعمة على التجار وقت وقوع الحادث فإن المتهم لا يعذر لجهله بهذا الأمر لأنه مقرر قانونا بتسعير هذه السلعة وتقييد توزيعها وقت الحادث ولا يعذر أحد للجهل بالقانون المطبق" وكان ما أورده الحكم - في بيانه للواقعة وفي معرض رده على دفاع الطاعن - كاف وسائغ في بيان أركان جريمة الإخلال عمدا بنظام توزيع سلعة متعلقة باحتياجات الشعب
ولما كان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هي الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار الركنين المفترض والمعنوي في جريمة الإخلال بنظام التوزيع يكون في غير محله, هذا إلى انه لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالوجه المتقدم ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة إضرار الطاعن بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك, وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها لها اطمئنانا إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها, وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود وإقرار المتهم, ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إلى تقرير خبير - بفرض إيداعه متضمنا ما زعمه الطاعن - طالما أنه لم يكن بذي اثر في تكوين عقيدة المحكمة, مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد
لما كان ذلك, وكان لا تناقض بين تبرئة الطاعن من تهمتي الاستيلاء والحصول على منفعة وبين إدانته بجريمتي الإخلال بنظام التوزيع والإضرار بمصالح الغير لاستقلال كل واختلافها عن الأخرى في مقوماتها وعناصرها الواقعية والقانونية بحيث يمكن أن تنهار إحداها بتخلف كل أو بعض أركانها القانونية دون أن يؤثر ذلك حتما في قيام الأخرى فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض يكون غير سديد
لما كان ذلك, وكان البين من الحكم أنه رفض طلب الطاعن ضم الجناية رقم 3295 لسنة 1985 .... بمقولة أنها ضمت مستندات تبيح الفعل الذي ارتكبه, بقوله: أن الثابت من أوراق الدعوى أن سلعة الأسمنت وقت حدوث الواقعة كانت مسعرة جبريا ومقيدة التوزيع طبقا لأحكام القانون 163 لسنة 1950 الأمر الذي يفيد عدم توزيع هذه السلعة على التجار لمنع استغلالهم للمواطن العادي ببيعه له بأسعار عالية تزيد عن أسعارها الجبرية وذلك بالطبع هو هدف المشرع من نظام التسعير الجبري وتقييد توزيع بعض السلع ولم يثبت في أوراق الدعوى أن التجار اللذين قام المتهم بتوزيع هذه السلعة عليهم هم من التجار المعتمدين لبيعها للأفراد بالسعر الجبري وبالتالي فإن القول بأن أحدا يملك إباحة الفعل الذي ارتكبه المتهم بما مؤداه إباحة مخالفة القانون هو قول غير صحيح قانونا ولا يؤثر على ثبوت مسئولية المتهم عما اقترفه". 
وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - فضلا عن أن الحكم قد رد عليه بما يبرر اطراحه - هو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد من أن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع لا يكون سديدا
لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 28377 لسنة 59 ق جلسة 26 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ق 194 ص 1239


برئاسة السيد المستشار /مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
--------------
تعويض . حكم "تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون".
القضاء بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة . شرطه : ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية واسناده الى المتهم دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة . قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض رغم عدم ثبوت ارتكاب الطاعن للفعل الجنائي المسند إليه . خطأ في القانون . أثر ذلك؟
من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرافعة - بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة اسناده إلى المتهم المقامة عليه المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، ولما كان الحكم الابتدائي قد انتهى إلى براءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية استنادا إلى عدم ثبوت ارتكابه للفعل المسند إليه، فإن ذلك يستلزم الحكم برفض الدعوى المدنية قبله ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ التطبيق الصحيح للقانون بما يوجب نقضه والقضاء بتأييد الحكم الابتدائي - المستأنف - فيما قضى به رفض الدعوى المدنية.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العام الطاعن بأنه: نقل علامات حد فاصل بين ملكه وملك ....... وطلبت عقابه بالمادة 358 من قانون العقوبات. وادعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز بنها قضت حضورياً عملاً بالمادة 1/304 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعى بالحقوق المدنية ومحكمة بنها الابتدائية -بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بلغاء الحكم المستأنف في الشق المدني وإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

--------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن محكمة أول درجة قضت ببراءته من التهمة المسندة إليه - نقل علامات حد فاصل - تأسيسا على انتفاء التهمة في حقه مما كان يتعين على محكمة ثاني درجة ألا تقضي بإلزامه بالتعويض مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إنه من المقرر أن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة - بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة, ولما كان الحكم الابتدائي قد انتهى إلى براءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية استنادا إلى عدم ثبوت ارتكابه للفعل المسند إليه، فإن ذلك يستلزم الحكم برفض الدعوى المدنية قبله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ التطبيق الصحيح للقانون بما يوجب نقضه والقضاء بتأييد الحكم الابتدائي- المستأنف- فيما قضى به من رفض الدعوى المدنية.

الطعن 9434 لسنة 63 ق جلسة 8 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ق 175 ص 1108


برئاسة السيد المستشار /محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /صلاح البرجي ومجدى الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفى.
------------
- 1  إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. حق المحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق. حق محكمة الموضوع في تحصيل أقوال الشاهد واستخلاص مراميها. حد ذلك؟
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق وأن تحمل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها.
- 2 إثبات " شهود". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
ورود شهادة الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها تفاصيلها على وجه دقيق. غير لازم. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون وارده على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى من شأنه تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذى رووه مع عناصر الاثبات الأخرى المطروحة أمامها.
- 3  إثبات "شهود". حكم " ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض أحد الشهود أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
من المقرر أن تناقض احد الشهود أو تضاربه في أقواله - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم او يقدح في سلامته ما دام الحكم قد أستخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
- 4  حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة.
من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفي مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة.
- 5  جريمة " اركان الجريمة". رشوة . موظفون عموميون . حكم"تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
عدم اشتراط أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخله في نطلق الحقيقة مباشرة. كفاية أن يكون له فيها نصيب من اختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة. تحقق جريمة الرشوة ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة. شرطه. اعتقاد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو زعمه ذلك كذبا. الزعم بالاختصاص في جريمة الرشوة. توافره. ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به كفاية إبدائه استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في نطاق اختصاصه أو الامتناع عنه. علة ذلك.
إن المادة 103 من قانون العقوبات قد نصت على أن " كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا او عطية لأداء عمل من اعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به " كما نصت المادة 103 مكررا المعدلة بالقانون رقم 120 سنه 1962 على أنه يعتبر مرتشيا ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيرة أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطا أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه "ويستفاد من الجمع بين النصين في ظاهر لفظهما وواضح عباراتهما أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الاعمال التي يطلب من الموظف اداؤها داخله في نطاق الوظيفة مباشرة - بل يكفى أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها كما تتحقق أيضا ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذبا بصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو زعم، وكان الزعم بالاختصاص يتوفر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح له الاختصاص إذ يكفى مجرد ابداء الموظف استعداده للقيام بالعمل أو بالامتناع عنه الذى لا يدخل في نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك يقيد ضمنا زعمه ذلك الاختصاص .
- 6   رشوة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الرشوة. تمامها بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ولو كان العمل الذي يوضع الجعل لتنفيذه أو للامتناع عن أدائه غير حق. ما دام زعم الاختصاص كافيا لتمام الجريمة علة ذلك؟ مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر أركان جريمة رشوة موظف عمومي.
إن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ولو كان العمل الذى يوضح الجعل لتنفيذه أو للامتناع عن أدانه غير حق، وما دام زعم الاختصاص يكفى لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض منه الرشوة بالفعل ليس ركنا في الجريمة ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوص التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها، وإن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقا للعقاب حين يتجر في اعمال الوظيفة على اساس موهم عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة، ولم يقصر في بيان حدود اختصاص الطاعن ونوع العمل المقصود في جريمة الرشوة فقد أثبت واقعة الدعوى بما مفاده "قيام المبلغ بإعطاء الطاعن مبلغ مائتي جنيه نظير تركيب عداد انارة قوه 3 فاز بشقته على أن يتم تسليمه باقي المبلغ بعد التركيب وعند اعطاء المبلغ الاشارة المتفق عليها وبعد اتمام تسليم المبلغ للمتهم تم القبض عليه وبتفتيشه عثر على المبلغ الثابت ارقامه وفئاته بجيب بنطلونه الأيمن وانه أقر للضابط بتقاضيه مبلغ الرشوة مقابل تغبير العداد " وهو ما تتوافر به جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادة 103 مكررا من قانون العقوبات - على ما سلف بيانه - والتي دان الطاعن بها فإن الحكم يكون صحيحا في القانون ويكون ما يثيره الطاعن في شانه انتفاء اختصاصه بالعمل غير سديد.
- 7  تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" . استدلالات. رشوة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جديه التحريات".
تقدير جدية التحريات لسلطة التحقيق. تحت أشراف محكمة الموضوع.
من المقرر أن التقدير جدية التحريات متروكا لسلطة التحقيق تحت أشراف محكمة الموضوع .
- 8  محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل" . إثبات " شهود" " خبرة".
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وتقدير الأدلة غير جائز أمام النقض. مثال.
لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض تحصيله لأدلة الدعوى مضمون تفريغ الحوار المسجل على الشريط المضبوط وأن تقرير خبير الاصوات قد انتهى إلى تطبيق أصوات كل من المبلغ والمتهم على الأصوات المسجلة على الشريط خلافا لما ورد بوجه النعي في هذا الشأن ولا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد هذا فضلا عن أن ما يثيره من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني ومؤدى الحديث المسجل لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها منها وسلطاتها في تقدير الأدلة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا جدوى لما يثيره الطاعن في هذا الصدد.
- 9  رشوة. إثبات" بوجه عام". حكم" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مفاد سعى الطاعن بنفسه إلى المبلغ في منزله ثم في الأماكن الأخرى التي اتفقا على اللقاء فيها؟
لما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى المبلغ في المقهى الذى اتفقا على اللقاء فيه وأنه هو الذى طلب وأخذ مبلغ الرشوة بناء على الاتفاق الذى جرى بينهما فأن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذى انزلق إلى مقارفة طلب وأخذ الرشوة وكان ذلك منه عن اراده حرة طليقة وإذ كان ما اثبته الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا لإدانة الطاعن فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغ هو الذى حرضه على ارتكاب الجريمة إذ أن الحكم لم يفصح عن الافعال المادية التي صدرت منه - لا يكون صحيحا .
- 10  عقوبة" تطبيقها". رشوة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
نظر الطعن والحكم فيه. الغرامة المنصوص عليها في المادة 103 عقوبات. ماهيتها؟ قضاء الحكم المطعون فيه بتغريم الطاعن بما يجاوز الحد الأدنى المنصوص عليه في المادة 103 عقوبات رغم أن مبلغ الرشوة لا يجاوز هذا الحد. خطأ في القانون يوجب النقض والتصحيح.
لما كانت عقوبة الغرامة التي نصت عليها المادة 103 من قانون العقوبات تعد عقوبة تكميلية وهى من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 منه وأن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما اعطى أو وعد به وكان الحكم المطعون فيه قد انزل عقوبة الغرامة النسبية على الطاعن بمبلغ ثلاثة آلاف جنية برغم أن ما أعطى للطاعن هو مائتا جنية مما كان يستوجب الحكم عليه بالحد الأدنى لتلك الغرامة فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به بالنسبة لعقوبة الغرامة وتصحيحه بجعل هذه الغرامة مبلغ ألف جنية.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عاما "عامل إصلاح أعطال الكهرباء بالإدارة العامة لشبكات كهرباء ....." طلب وأخذ لنفسه عطية لإداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته بأن طلب من .... مبلغ اربعمائة جنيه أخذ منه مبلغ مائتي جنيه على سبيل الرشوة مقابل إتمام إجراءات تغيير عداد إنارة مسكنه بآخر قوة أعلى منه وإحالته إلي محكمة أمن الدولة العليا بـ..... لمعاقبته طبقاًَ للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 103 مكررا من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاث آلاف جنيه عما أسند إليه
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يستظهر أركان الجريمة وعول الحكم على أقوال كل من شاهدي الإثبات رغم تناقضهما في تحديد المكان من ملابسه الذي وضع فيه الطاعن مبلغ الرشوة أثر تقاضيها والتفتت عن دفاع الطاعن القائم على عدم اختصاصه بالعمل الذي قيل بأخذ الرشوة من أجله فضلا عن أن المبلغ لم يتقدم بطلب لتركيب عداد الإنارة موضوع الرشوة كما أطرح الحكم برد غير سائغ دفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات واستند في قضائه بالإدانة على التسجيلات التي أجرتها الشرطة دون أن تورد مضمونها حيث لا يبين منها تقاضي الطاعن للجعل أو قيمته وسبب ومكان تقاضيه هذا فضلا عن أن الجريمة وقعت نتيجة تدبير وتحريض على ارتكابها كما قضى بتغريمه ثلاثة آلاف جنيه برغم أن الجعل لا يجاوز الحد الأدنى للغرامة النسبية المقررة بالمادة 103 من قانون العقوبات كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها أورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق وأن تحمل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها مادامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها بل أن تناقض أحد الشهود أو تضاربه في أقواله - بفرض حصوله لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصا سائغا لا تناقض فيه لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفي مجموع ما أورده. الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بمقتضى المادتين 103 و103 مكررا من قانون العقوبات على ما هي محددة في القانون كما أورد مؤدى أدلة الإثبات التي عول عليها في إدانة الطاعن وبما تنحسر عنه قالة القصور في التسبيب فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك لا يكون له محل. لما كان ذلك وكانت المادة 103 من قانون العقوبات قد نصت على أن "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قيل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به" كما نصت المادة 103 مكررا المعدلة بالقانون رقم 120 سنة 1962 على أنه "يعتبر مرتشيا ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم انه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه" ويستفاد من الجمع بين النصين في ظاهر لفظهما وواضح عبارتهما أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة - بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها كما تتحقق أيضا ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذبا بصرف النظر عن اعتقاد المجني عليه فيما اعتقد أو زعم، وكان الزعم بالاختصاص يتوفر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به إذ يكفي مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام العمل أو بالامتناع عنه الذي لا يدخل في نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك يفيد ضمنا زعمه ذلك الاختصاص, وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ولو كان العمل الذي يوضع الجعل لتنفيذه أو للامتناع عن أدائه غير حق, ومادام زعمه الاختصاص يكفي لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركنا في الجريمة ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي أستحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها, وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقا للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهم عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة, ولم يقصر في بيان حدود اختصاص الطاعن ونوع العمل المقصود في جريمة الرشوة فقد أثبت واقعة الدعوى بما مفاده "قيام المبلغ بإعطاء الطاعن مبلغ مائتي جنيه نظير تركيب عداد إنارة قوة 3 فاز بشقته على أن يتم تسليمه باقي المبلغ بعد التركيب وعند إعطاء المبلغ الإشارة المتفق عليها وبعد إتمام تسليم المبلغ للمتهم تم القبض عليه وبتفتيشه عثر على المبلغ الثابت أرقامه وفئاته بجيب بنطلونه الأيمن وأنه أقر للضابط بتقاضيه مبلغ الرشوة مقابل تغيير العداد" وهو ما تتوافر به جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادة 103 مكررا من قانون العقوبات - على ما سلف بيانه - والتي دان الطاعن بها فإن الحكم يكون صحيحا في القانون ويكون ما يثيره الطاعن في شأن انتفاء اختصاصه بالعمل غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فأطرحه مقرا للنيابة على ما ارتأته من جديتها وصلاحيتها لإصدار هذا الإذن وكان تقدير جدية التحريات متروكا لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدي المتهم نعيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض تحصيله لأدلة الدعوى مضمون تفريغ الحوار المسجل على الشريط المضبوط وأن تقرير خبير الأصوات قد انتهى إلى تطابق أصوات كل من المبلغ والمتهم على الأصوات المسجلة على الشريط خلافا لما ورد بوجه النعي في هذا الشأن ولا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد هذا فضلا عن أن ما يثيره من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني ومؤدى الحديث المسجل لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها منها وسلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها منها وسلطتها في تقدير الأدلة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا جدوى لما يثيره الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغ في المقهى الذي اتفقا على اللقاء فيه وأنه هو الذي طلب وأخذ مبلغ الرشوة بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة طلب وأخذ الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا لإدانة الطاعن فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغ هو الذي حرضه على ارتكاب الجريمة إذ أن الحكم لم يفصح عن الأفعال المادية التي صدرت منه - لا يكون صحيحا ومن ثم يكون ما يدعيه الطاعن على خلاف ذلك غير قائم على أساس يحمله قانونا ويكون ما يثيره غير سديد. لما كان ذلك, وكانت عقوبة الغرامة التي نصت عليها المادة 103 من قانون العقوبات تعد عقوبة تكميلية وهي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 منه وإن كان الشارع قد ربط لها حدا - أدنى لا يقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به وكان الحكم المطعون فيه قد أنزل عقوبة الغرامة النسبية على الطاعن بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه برغم أن ما أعطى للطاعن هو مائتا جنيه مما كان يستوجب الحكم عليه بالحد الأدنى لتلك الغرامة فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به بالنسبة لعقوبة الغرامة وتصحيحه بجعل هذه الغرامة مبلغ ألف جنيه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 25218 لسنة 59 ق جلسة 1 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ق 165 ص 1050


برئاسة السيد المستشار /محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /صلاح البرجي ومجدى الجندي نائبي رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي وعبد الفتاح حبيب.
-----------
- 1  حكم " حجية الحكم".
حجية الاحكام . لا ترد إلا على المنطوق . شرط امتداد أثرها إلى الأسباب ؟
من المقرر أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان منها مكملا للمنطوق ومرتبطا به ارتباطا وثيقا غير متجزئ، ولا يكون للمنوط قوام إلا به.
- 2 دخول عقار بقصد منع حيازته . نقض " ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه بالنقض".
وجوب فصل الحكم الصادر في الدعوى الجنائية في جرائم انتهاك حرمة ملك الغير في النزاع على الحيازة بناء على طلب النيابة أو أي من الخصوم بتأييد قرار قاضى الحيازة أو إلغائه دون المساس بأصل الحق . المادة 2/373 عقوبات . عدم جواز الطعن بالنقض . إلا في الأحكام المنهية للخصومة أو المانعة من السير في الدعوى . أساس ذلك ؟ إغفال الحكم المطعون فيه الفصل في طلب الطاعن بإلغاء قرار قاضي الحيازة . أثره : عدم جواز الطعن فيه بالنقض .
لما كانت المادة 373 مكررا من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 29 لسنه 82 قد أوجبت في فقرتها الثانية على محكمة الجنح عند نظر الدعوى الجنائية في جرائم انتهاك حرمة ملك الغير أن تفصل في النزاع على الحيازة بناء على طلب النيابة العامة أو المدعى بالحقوق المدنية أو المتهم بحسب الأحوال بعد سماع أقوال ذوى الشأن - بتأييد قرار قاضى الحيازة أو الغائه وذلك كله دون مساس بأصل الحق لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - وإن قضى ببراءة الطاعن من جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازة بالقوة إلا أن المحكمة لم تفصل في الطلب الذى أبداه بدفاعه المكتوب بإلغاء قرار قاضى الحيازة الصادر بتمكن خصمه المجنى عليه من ارض النزاع، ولا يعد فصلا من المحكمة في هذا الطلب ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - في مقام قضائه بالبراءة عن عدم ثبوت الحيازة للمجنى عليه وان الأوراق جاءت خلوا من ثمة ما يفيد حيازة أي من الطرفين للآراض محل النزاع أو قدم كل منهما مستندات وشهودا على ملكيته وحيازته للأرض لما كان ذلك، وكان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض، وفقا للمادتين 30 ، 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنه 1959 لا يجوز إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منهى للخصومة أو مانع من السير في الدعوى، وكان البين من منطوق الحكم المطعون المقدم أن المحكمة لم تفصل في طلب الطاعن الغاء قرار قاضى الحيازة، فإن الطعن المقدم منه بصدد ذلك يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه دخل عقاراً (قطعة أرض) في حيازة كل من ..... و ..... وذلك بقصد منع حيازتهما لها بالقوة علي النحو الوارد بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادتين 1/369، 372 مكرراً من قانون العقوبات. وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ 51 جنيه علي سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم النزهة قضت حضورياً عملاً بالمادة 1/304 إجراءات جنائية ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنفت النيابة العامة والمدعيين بالحقوق المدنية. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية- قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.

--------------
المحكمة
لما كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان منها مكملا للمنطوق ومرتبطا به ارتباطا وثيقا غير متجزئ, ولا يكون للمنطوق قوام إلا به. لما كان ذلك وكانت المادة 373 مكررا من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 29 لسنة 82 قد أوجبت في فقرتها الثانية على محكمة الجنح عند نظر الدعوى الجنائية في جرائم انتهاك حرمة ملك الغير أن تفصل في النزاع على الحيازة بناء على طلب النيابة العامة أو المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم بحسب الأحوال بعد سماع أقوال ذوي الشأن - بتأييد قرار قاضي الحيازة أو إلغائه وذلك كله دون مساس بأصل الحق. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه - وإن قضى ببراءة الطاعن من جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة إلا أن المحكمة لم تفصل في الطلب الذي أبداه بدفاعه المكتوب بإلغاء قرار قاضي الحيازة الصادر بتمكين خصمه المجني عليه من أرض النزاع, ولا يعد فصلا من المحكمة في هذا الطلب ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - في مقام قضائه بالبراءة عن عدم ثبوت الحيازة للمجني عليه وأن الأوراق جاءت خلوا من ثمة ما يفيد حيازة أي من الطرفين للأرض محل النزاع أو قدم كل منهما مستندات وشهودا على ملكيته وحيازته للأرض. لما كان ذلك, وكان الطعن بطريق النقض, وفقا للمادتين 30, 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - لا يجوز إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منهي للخصومة أو مانع من السير في الدعوى، وكان البين من منطوق الحكم المطعون فيه وأسبابه على السياق المتقدم أن المحكمة لم تفصل في طلب الطاعن إلغاء قرار قاضي الحيازة, فإن الطعن المقدم منه بصدد ذلك يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية مما يفصح عن عدم قبول الطعن مع مصادرة الكفالة.

الطعن 25204 لسنة 59 ق جلسة 29 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 163 ص 1039


برئاسة السيد المستشار /جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /أمين عبد العليم وفتحي حجاب نائبي رئيس المحكمة وعمر بريك ورشاد قذافي.
------------
- 1  إجراءات " اجراءات المحاكمة". تقرير التلخيص . حكم " بيانات الحكم . بيانات الديباجة".
إثبات حصول تلاوة تقرير التلخيص بديباجة الحكم دون أسبابه لا عيب متى كان رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم قد وقع عليه .
لما كان الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة تقرير التلخيص فلا يقدح في ذلك أن يكون إثبات هذه التلاوة قد ورد بديباجة الحكم المطعون فيه دون أسبابه ما دام رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم قد وقع عليه طبقا للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية مما يفيد إقراره لما ورد به من بيانات، فإن ما يتطلبه المشرع في هذا الخصوص يكون قد تحقق.
- 2  محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغا
من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
- 3  إثبات " اوراق رسمية". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي. حق محكمة الموضوع في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته اوراق رسمية متى كان يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
من المقرر أن وزن أقوال الشهود مرجعه إليها بغير معقب عليها فيه، كما أن لها أن تلتفت عن الدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
- 4  إيجار اماكن .  نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب". إثبات " بوجه عام.
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية. باقتناع قاضى الموضوع من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين . الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام القانون 49 لسنة 1977 . عدم تطلبها طريقاً خاصاً لإثباتها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض .
إن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وقد جعل القانون من سلطته أن تأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه لما كان ذلك، وكان القانون رقم 49 لسنه 1977 لم يجعل لإثبات العناصر القانونية للجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكامه طريقا خاصا وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبرير رفضه الدفع بأن عقد الإيجار سند الدعوى ورد على شقة مفروشة مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل سائغة في المنطق لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها في الأوراق فإن ما تثيره من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادره عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
- 5  قوة الشيء المحكوم فيه .  دعوى " دعوى جنائية".
الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية . ليس لها قوة الشيء المحكوم فيه فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها . أساس ذلك .التفات المحكمة عن طلب تعليق الفصل في الدعوى الجنائية لحين الفصل في دعوى مدنية خاصة بالمنازعة في طبيعة عقد الايجار . لا عيب .
من المقرر وفقا لنص المادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ذلك أن الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بموجب المادة 221 ومن ذلك القانون بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهى في محاكمة المتهمة عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا يمكن أن تتقيد بأي حكم صادر من أي جهة أخرى مهما كانت، وذلك ليس فقط على أساس أن مثل هذا الحكم لا يكون له قوة الشيء المحكوم به بالنسبة للدعوى الجنائية لانعدام الوحدة في الخصوم أو السبب أو الموضوع، بل لأن وظيفة المحاكم الجنائية والسلطة الواسعة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها اكتشاف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب برئ أو يلفت مجرم يقتضى ألا تكون مقيدة في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه قد إذ التفت عن طلب الطاعنة تعليق الفصل في الدعوى الجنائية لحين الفصل نهائيا في الدعوى المدنية الخاصة بالمنازعة في طبيعة عقد الايجار يكون قد اقترن بالصواب.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها تقاضت من ..... المبلغ المبين بالتحقيقات خارج نطاق عقد الإيجار علي سبيل خلو رجل. وطلبت عقابها بالمادتين 1/26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمة بمبلغ قرش صاغ واحد علي سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أمن الدولة الجزئية ..... قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام أولاً: بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وتغريمهما ثمانية ألاف جنيه وإلزامها بأن ترد للمجني عليه مبلغ أربعة آلاف جنيه ثانياً: بعدم قبول الدعوى المدنية. استأنفت المحكوم عليها ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلي محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى ومحكمة الإعادة (بهيئة أخري) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).

--------------
المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت تلاوة تقرير التلخيص فلا يقدح في ذلك أن يكون إثبات هذه التلاوة قد ورد بديباجة الحكم المطعون فيه دون أسبابه ما دام رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم قد وقع عليه طبقا للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية مما يفيد إقراره لما ورد به من بيانات, فإن ما يتطلبه المشرع في هذا الخصوص يكون قد تحقق مما يتعين مع إطراح ما تثيره الطاعنة في شأن إثبات تلاوة تقرير التلخيص. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وأن وزن أقوال الشهود مرجعه إليها بغير معقب عليها فيه, كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها, وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. لما كان ذلك, وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 لم يجعل لإثبات العناصر القانونية للجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكامه طريقا خاصا وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبرير رفضه الدفع بأن عقد الإيجار سند الدعوى ورد على شقة مفروشة مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل سائغة في المنطق لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها في الأوراق فإن ما تثيره من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرر وفقا لنص المادة 457 من قانون الإجراءات الجنائية أن لا يكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ذلك أن الأصل أن المحكمة الجنائية مختصة بموجب المادة 221 من ذلك القانون بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك, وهي في محاكمة المتهمة عن الجرائم التي يعرض عليها الفصل فيها لا يمكن أن تتقيد بأي حكم صادر من أي جهة أخرى مهما كانت, وذلك ليس فقط على أساس أن مثل هذا الحكم لا يكون له قوة الشيء المحكوم به بالنسبة للدعوى الجنائية لانعدام الوحدة في الخصوم أو السبب أو الموضوع, بل لأن وظيفة المحاكم الجنائية والسلطة الواسطة التي خولها القانون إياها للقيام بهذه الوظيفة بما يكفل لها اكتشاف الواقعة على حقيقتها كي لا يعاقب برئ أو يفلت مجرم يقتضي ألا تكون مقيدة في أداء وظيفتها بأي قيد لم يرد به نص في القانون. لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن طلب الطاعنة تعليق الفصل في الدعوى الجنائية لحين الفصل نهائيا في الدعوى المدنية الخاصة بالمنازعة في طبيعة عقد الإيجار يكون قد اقترن بالصواب, ويكون الطعن على غير أساس متعينا عدم قبوله.

الطعن 21219 لسنة 59 ق جلسة 29 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ق 162 ص 1035


برئاسة السيد المستشار /رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /وفيق الدهشان وبدر الدين السيد نائبي رئيس المحكمة وعبد الرحمن أبو سليمه وسلامه أحمد عبد المجيد.
---------------
- 1  إعلان . دعوى " دعوى مباشرة".
انعقاد الخصومة في الدعوى المباشرة . بتكليف المتهم بالحضور تكليفاً صحيحاً .
الدعوى الجنائية التي يرفعها المدعى بالحقوق المدنية مباشرة لا تنعقد الخصوم فيها بينه وبين المتهم إلا عن طريق تكليفه بالحضور تكليفا صحيحا .
- 2  دعوى " دعوى مباشرة".
ماهية القيد الوارد بالمادة الثالثة إجراءات ونطاقه ؟ . حق المدعى بالحقوق المدنية إقامة الدعوى مباشرة أمام القضاء عن جريمة من الجرائم المبينة بالمادة الثالثة إجراءات خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون ولو دون شكوى سابقة . الادعاء المباشر بمثابة شكوى .
اشتراط تقديم الشكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية هو في حقيقته قيد وارد على النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية لا على ما للمدعى بالحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع بدون شكوى سابقة في خلال الاشهر الثلاثة التي نص عليها القانون لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى.
- 3  إثبات " قرائن". نقض " اسباب الطعن . ما يقبل من اسباب الطعن". دعوى " دعوى مباشرة".
مضى ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بجريمة السب ومرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل عن الشكوى. أثر ذلك وعلته .
من المقرر أن الشارع جعل من مضى ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبها قرينه قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدرة من أن سكوت المجنى عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحا للتهديد أو الابتزاز أو النكاية ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تكون غير مقبولة وبالتالي الدعوى المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذى يدعى المطعون ضده أنه لحقه من الجريمة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه وفقا للمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنه 1959 وإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية .
-----------
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه قام بسبه بألفاظ جارحة تخدش الحياء وتمس الكرامة وطلب عقابه بالمادتين 171، 306 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية -بهيئة استئنافية- قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائتي جنيه والتأييد فيما عدا ذلك
فطعن الأستاذ/........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

-----------
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دفع أمام المحكمة بدرجتيها بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية تأسيسا على أن المدعي بالحق المدني أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر ولم يعلن بالصحيفة إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ الواقعة وقد رد الحكم على ذلك الدفع لما لا يصلح ردا مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعن بناء على أن إعلان النيابة العامة قد تم قبل مضي ثلاثة أشهر. لما كان ذلك وكان المدعي بالحق المدني قد علم بالجريمة ومرتكبها يوم 22 من ديسمبر سنة 1986 أخذا بالثابت بصحيفة الادعاء المباشر وكان الثابت بالمفردات المنضمة أن إعلان الطاعن بالصحيفة المتضمنة للشكوى لم يتم إلا في 1 من أبريل سنة 1987 أي بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها. لما كان ذلك وكانت الدعوى الجنائية التي يرفعها المدعي الحقوق المدنية مباشرة لا تنعقد الخصومة فيها بينه وبين المتهم إلا عن طريق تكليفه بالحضور صحيحا وكان اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية هو في حقيقته قيد وارد على النيابة العمومية في استعمال الدعوى الجنائية لا على ما للمدعي الحقوق المدنية من حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم إذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة ولو بدون شكوى سابقة في خلال الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى ومن ثم فإن الخصومة لم تنعقد بين الطاعن والمطعون ضده إلا في 1 أبريل سنة 1987 أي بعد مضي الأشهر الثلاثة التي نص عليها القانون. يستوي في ذلك أن يكون مبدأ سريان تلك المدة هو يوم 21 من ديسمبر سنة 1986 كما جاء بأقوال الشهود أو يوم 22 من الشهر المذكور كما جاء بمذكرة الأسباب والصحيفة. لما كان ذلك, وكان الشارع جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ومرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتآها حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحا للتهديد أو الابتزاز أو النكاية. ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تكون غير مقبولة وبالتالي الدعوى المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذي يدعي المطعون ضده أنه لحقه من الجريمة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه وفقا للمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر القانون رقم 57 لسنة 1959 وإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.