الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

الطعن 4307 لسنة 81 ق جلسة 9 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 8 ص 59

جلسة 9 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / يحيى خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عيد سالم ، منصور القاضي ، وائل أنور وحاتم عزمي نواب رئيس المحكمة .
---------------
(8)
الطعن 4307 لسنة 81 ق
(1) تنظيم الاتصالات . إتلاف . جريمة " أركانها " . خطأ . رابطة السببية . مسئولية جنائية . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر عنصر الخطأ " " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأصل أن من يشترك في أعمال الهدم أو البناء لا يسأل إلا عن نتائج خطئه كذلك المسئول الذي يعهد إليه بهذا العمل .
تقدير توافر الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه والسببية بينه والنتيجة أو عدم توافرهما . موضوعي . ما دام سائغاً .
إلمام الطاعنين بكافة التعليمات والظروف المحيطة بها . واجب . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ركني الخطأ ورابطة السببية مما رتب المسئولية عن جريمة هدم وإتلاف بإهمال لخط من خطوط الاتصالات ترتب عليه انقطاع الاتصالات .
(2) إثبات " إقرار " " خبرة " . فاعل أصلي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه . شرط ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز.
نعي الطاعن على الحكم باعتباره فاعلاً أصلياً استناداً لإقرار طاعن آخر . غير صحيح . ما دام استند في ذلك لدليل فني آخر .
مثال .
 (3) إثبات " بوجه عام " . خطأ . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . لها تجزئة الدليل واطراح ما لا تثق فيه دون تبرير.
تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث . يوجب مساءلة كل من أسهم فيه أياً كان قدر خطئه مباشراً أو غير مباشر .
مثال .
(4) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات دون الرد عليها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض. غير جائز.
(5) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تكامل عناصر الشهادة بحلف اليمين . أقوال الشاهد بغير حلف اليمين . شهادة .
الشاهد لغة . هو من اطلع على الشيء وعاينه.
الشهادة . اسم المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً . المادة 283 إجراءات جنائية .
وصف الحكم أقوال الشاهد بغير حلف اليمين شهادة . لا يعيبه .
لمحكمة الموضوع الاعتماد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد بغير حلف اليمين . علة ذلك ؟
مثال .
(6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
 ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . كفاية أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم مع ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة .
     تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(7) تنظيم الاتصالات . إتلاف . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات . مؤداها ؟
دفاع الطاعنين بأن واقعة إتلاف أو هدم بإهمال لخط من خطوط الاتصالات لا تشكل جريمة لعدم وقوعه على مبنى أو منشأة وفقاً للمادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 . لا يستند على أساس صحيح من القانون . ظاهر البطلان . أثر ذلك ؟
(8) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها . استفادة الرد عليها من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها .
مثال .
(9) تنظيم الاتصالات . تعويض . مسئولية مدنية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض . غير جائز . ما دامت توجد علاقة تعاقدية سابقة بين المضرور والمسئول عنه . علة وحد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالتعويض تأسيساً على ثبوت المسئولية التقصيرية لارتكاب خطأ في الجريمة المنصوص عليها بالمادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 .
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المواد 237 ، 238 ، 251 إجراءات جنائية . مفادهم ؟
اطراح الحكم دفع الطاعنين بعدم قبول الدعوى المدنية الموجهة إليهما في غيبتهما . صحيح . ما دامت قد وجهت في حضور وكيلهما . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  1- لما كان البيِّن من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأقوال المبلغ بمحضر الاستدلالات وتحريات المباحث وما انتهى إليه تقرير الخبير في الدعوى ، استظهر ركن الخطأ وعلاقة السببية وأثبتهما في حق الطاعنين بقوله : ( .... والمحكمة تطمئن إلى تقرير الخبير المودع ملف الدعوى ، وتأخذ به محمولاً على أسبابه بشأن ما أثبت فيه أن المتهمين لم يقوما بالالتزام بما جاء بمحضر التعاون بين الشركة .... للاتصالات وشركة .... ، والذي ذُكر فيه أنهما قد قاما بالمرور على مسار خط الفرز رقم .... في المنطقة بين محطة الفرز حتى نهاية شارع .... ، ووجدوا عدد 2 نقاط تعارض بين الكوابل الخاصة بالشركة .... للاتصالات مع مسار شركة .... ، منهما النقطة التي حدثت عندها الحادثة موضوع القضية ، وقد اتفق الطرفان وألزمت شركة .... نـفـسـها بعمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة .... والشركة .... للاتصالات ، وذلك قبل الحفر بيومين ، وتعهدت شركة .... بسداد قيمة أية تلفيات تنشأ عن الحفر، على أن تقوم .... للاتصالات بتقدير قيمة هذه التلفيات ، وقد أثبت في تقريره الذي تطمئن إليه المحكمة ، عدم قيام المتهمين بعمل الجسَّات اللازمة قبل عملية الحفر لتحديد عمق الكوابل ، كما لم يقوموا بإخطار الشركة .... للاتصالات بالحفر في منطقة الحادث ، كما هو متفق عليه بمحضر تنظيم التعاون المبرم بين الشركتين مما تسبب في حدوث الحادث ، وقد أثبت في تقريره أيضاً أن قيمة إصلاح التلفيات هي مبلغ مليون وتسعمائة سبعة وتسعين ألفاً وستة وستين جنيهاً مصرياً وثمانية وسبعين قرشاً ، مما يتوافر أركان الجريمة الواردة بقيد ووصف النيابة العامة في حق المتهمين ، ويثبت معه في يقين المحكمة قيام المتهمين بارتكاب الفعل المؤثم بالأوراق ثبوتاً يقيناً لا يدع مجالاً للشك .... ) ، وأضاف الحكم المطعون فيه أنه بسؤال .... فني مساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... ، قرر بما مفاده أن شركة .... خالفت التعليمات الصادرة من مركز المعلومات في عملية الحفر ، وبأن أحد المسئولين بالمركز كان متواجداً أثناء عملية الحفر ، وأبلغ المسئولين عن التنفيذ بالكيفية والعمق الذي يتم على أساسه الحفر ، إلَّا أن عدم احترازهما أدى إلى إتلاف الكابل ، وبسؤال رئيس وأعضاء اللجنة المشكلة بمعرفة محافظة .... - بناءً على طلب النيابة العامة -قرروا بوجود خطأ من جانب شركة .... أثناء عملية الحفر، نتج عنه قطع الكابل التليفوني ، وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف لأسبابه . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر في القانون أن من يشترك في أعمال الهدم أو البناء ، لا يُسأل إلَّا عن نتائج خطئــه ، فالمسئول المختص الذي يعهد إليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه ، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه ، وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق ، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه ، والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا يجادل الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - أن أعمال الحفر في مكان الحادث كانت تجري تحت مسئوليتهما ، وانتهى إلى مساءلتهما لأنهما أهملا في اتخاذ الاحتياطات المعقولة في مكان العمل ، بما يكفل عدم المساس بالكوابل ، مما أدى إلى تلفها وتـرتـب عـلـى ذلك انقطاع الاتـصالات ، فإن الحكم بذلك يكون قد أقام مـسئولية الطاعنين على أساس من الواقع والقانون ، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما من عدم عملهما بمحضر التعاون بين شركة .... محل عملهما وشركة الاتصالات ، وما ورد به من التزامات بشأن عمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة .... وشركة الاتصالات قبل الحفر وإخطار الشركة الأخيرة قبل القيام بعملية الحفر ، إذ عليهما بحكم وطبيعة عملهما كمسئولين عن التنفيذ بالشركة عن تلك العملية أن يلما بكافة التعليمات والظروف المحيطة بها ، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير قويم .
  2- لما كان للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ، ولو عدل عنه بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال الشهود ، وتحريات المباحث ، والتقرير الفني ، لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، ومن إقرار الطاعن الأول بمحضر الاستدلالات ، وهو لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقواله التي حصَّلها ، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول على الحكم في شأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلـة واستخلاص ما تؤدي إليه ، بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من الحكم المطعون فيه إدانته للطاعنين واعتبرهما فاعلين أصليين تأسيساً على ما ثبت من التقرير الفني من أنهما هما المسئولان عن عملية الحفر، وذلك على خلاف ما يزعمه الطاعن الثاني بأسباب الطعن من أن الحكم اعتبره فاعلاً أصلياً على سند مما قرره الطاعن الأول في حق نفسه بمحضر الاستدلالات المؤرخ .... ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير صحيح .
  3- لما كانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، كما أن لها تجزئة الدليل ، فتطرح ما لا تثق فيه من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من إغفاله ما ورد بتقرير الخبير الفني المنتدب في الدعوى بشأن مسئولية مركز المعلومات بمحافظة .... عن وقوع الحادث بنسبة 90% لعدم تنفيذه لالتزامه بالكشف عن المرافق أثناء الحفر ومتابعة التنفيذ ، وخطـأ البيانات المقدمة منه في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيه ، أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه ، يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله .
  4- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب يكون في غير محله ، وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
  5- من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلَّا بحلف اليمين ، إلَّا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه ، والشهادة اسم المشاهدة ، وهي الاطلاع على الشيء عياناً ، وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال المبلغ ومحامي شركة الاتصالات اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك - بأنها شهادة ، وإذ كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سُمع بغير حلف اليمين ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المبلغ ومحامي الشركة سالفي الذكر التي أدياها بمحضر الاستدلالات بغير حلف يمين ، فإنه لا يُقبل مصادرة المحكمة في عقيدتها .
  6- لما كان الأصل أنه لا يُشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ ، تجرية محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجة فـي اقـتـنـاع الـمـحـكـمـة واطـمـئـنـانـهـا إلـى ما انتهت إليه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بشأن شهادة كل من المُبلغ ومحامي شركة الاتصالات وفني المساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي ، لا يُقبل التمسك به أمام محكمة النقض .
  7- من المقرر أن المادة 71 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات تنص على أن : " يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المباني أو المنشآت المخصصة لشبكات الاتصالات أو لبنيتها الأساسية أو لخط من خطوط الاتصالات، أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية بحيث ترتب على ذلك انقطاع الاتصالات ولو مؤقتاً " ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة محل الدعوى لا تشكل جريمة لكون الإتلاف أو الهدم لم يقع على مبنى أو منشـأة وفق نص المادة سالفة البيان لا يستند إلى أساس صحيح من القانون ، ويضحى دفاعهما في هذا الصدد ظاهر البطلان لا على المحكمة إن أغفلته ولم ترد عليه .
8- لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعنان من منازعة بشأن صدور محضر التعاون المبرم بين شركتي .... و.... للاتصالات مـن ممثل الشركة الأولى ، على النحو الوارد بوجه الطعن يكون غير مقبول .
  9- من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة ، لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه ، بما يخل بالقوة الملزمة ، إلَّا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق به في حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني ، إذ يمتنع عليه أن يرتكب هذا الفعل في جميع الحالات ، سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى نسبة الخطأ إلى الطاعنين ، وهو ما يشكل في صورة الدعوى المطروحة الجريمة المنصوص عليها في المادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية على أساس المسئولية التقصيرية - بفرض صحة وجود علاقة تعاقدية - قد أصاب صحيح القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن غير سديد .
  10- لما كان يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعنين بوصف أنهما هدما وأتلفا خطاً من خطوط الاتصالات المملوكة للشركة .... للاتصالات ، بأن جعلاها غير صالحة للاستعمال وترتب على ذلك انقطاع الاتصالات وكان ذلك بإهمالهما وعدم احترازهما ، وكانت هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما طبقاً لنص المادة 71 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، وبعد تداولها بالجلسات أصدرت محكمة أول درجة حكماً حضورياً بتغريم كل متهم ألف جنيه ، وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي المدني قيمة إصلاح التلفيات ، ومبلغ 10001 جنيه كتعويض مدني مؤقت وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة والمصروفات ، وحضرا بجلسات المحاكمة الاستئنافية كل بوكيل عنه ، كما حضر المدعي بالحقوق المدنية ، ثم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتـأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المستأنفين بمصاريف استئنافه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر على مقتضى نص المادتين 237 ، 238 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون 170 لسنة 1981 أنه يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه أما في الجنح الأخرى وفى المخالفات فيجوز أن يندب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه ، ولما كان المقصود بالحضور في نظر المادة 238 من القانون سالف البيان هو وجود المتهم بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ، وكان الطاعنان قد مثلا بجلسات المحاكمة الابتدائية كل بوكيل عنه ، وهو ما يجوز لهما عملاً بالمادة 237/2 من ذلك القانون ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 251 من القانون ذاته تنص على أنه : " يحصل الادعاء مدنياً بإعلان المتهم على يد مُحضر أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى ، إذا كان المتهم حاضراً ، وإلَّا وجب تأجيل الدعوى ، وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته إليه " . لما كان ذلك ، ولئن كان مفاد هذا النص يستلزم أن يكون المتهم حاضراً بنفسه بالجلسة عندما يوجه إليه طلب التعويض ، وإلَّا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بالحق المدني بإعلان المتهم بطلباته ، إلَّا أنه مما يغني عن ذلك حضور محامي المتهم أمام محكمة أول درجة في الأحوال التي يجوز فيها ذلك عملاً بالمادة 237/2 سالفة البيان - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن توجيه المدعي بالحق المدني لطلب التعويض بالجلسة المحددة لـنظر الدعـوى أمام مـحكمة أول درجة وفـي حـضـور الـطاعنين بوكيل عنهما يكون صحيحاً ، إذ إن الطاعنين ممثلان قانوناً في الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى المدنية قد أصاب صحيح القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : هدما وأتلفا خطاً من خطوط الاتصالات المملوكة للشركة .... للاتصالات بأن جعلاها غير صالحة للاستعمال وترتب على ذلك انقطاع الاتصالات وكان ذلك بإهمالهما وعدم احترازهما وعلى النحو المبين بالتحقيقات وبأقوال اللجنة المشكلة على النحو الوارد بالأوراق .
وطلبت عقابهما بالمواد 1 ، 11 ، 70 ، 71 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات.
ومحكمة جنح اقتصادي .... قضت حضورياً بتغريم كل متهم ألف جنيه ، وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية قيمة إصلاح التلفيات وقدرها مبلغ مليون وتسعمائة وسبعة وتسعين ألفاً وستة وستين جنيهاً مصرياً وثمانية وسبعين قرشاً ومبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
استأنفا ومحكمة .... الاقتصادية ( بهيئة استئنافية ) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إتلاف خط من خطوط الاتصالات بإهمال ترتب عليه انقطاع المخابرات التليفونية ، وألزمهما بالتعويض ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وأخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأن خلا من الأسباب التي تكفي للتدليل على توافر أركان الجريمة في حقهما ، ولم يستظهر علمهما بفحوى محضر التعاون بين الشركة التي يعملان بها والشركة المدعية بالحقوق المدنية ، والتفت عن دفاعهما القائم على أن السبب الرئيسي في وقوع الحادث هو قعود مركز المعلومات بمحافظة .... عن التزاماته ، وفقاً لما انتهى إليه تقرير الخبير المودع في الدعوى ، وعوَّل على ذلك التقرير دون أن يأبه باعتراضات الطاعنين عليه ، كما ركن الحكم إلى أقوال مرسلة للمبلغ ومحامي الشركة المشار إليها ، بغير أن يحلف أيهما اليمين القانونية ، وعلى الرغم من عدم رؤيتهما الحادث إبان حصوله ، وآخذ الطاعن الثاني بما أقر به الطاعن الأول في محضر جمع الاستدلالات المحرر في .... ، وهو ما لا يصح التعويل عليه في الإدانة ، واعتبار كل من الطاعنين فاعلاً أصلياً في الجريمة ، واعتد بأقوال فني المساحة بمركز المعلومات سالف الإشارة إليه ، على الرغم من خلو أقواله من دليل على إدانة الطاعنين ، وأخيراً قضى الحكم بقبول الادعاء المدني في مواجهة الأخيرين على الرغم من حصوله في غيبتهما ، وألزمهما بالتعويض على أساس توافر عناصر المسئولية التقصيرية على الرغم من ثبوت العلاقة التعاقدية بين طرفي الدعوى المدنية ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن البيِّن من الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأقوال المبلغ بمحضر الاستدلالات وتحريات المباحث وما انتهى إليه تقرير الخبير في الدعوى ، استظهر ركن الخطأ وعلاقة السببية وأثبتهما في حق الطاعنين بقوله : ( .... والمحكمة تطمئن إلى تقرير الخبير المودع ملف الدعوى ، وتأخذ به محمولاً على أسبابه بشأن ما أثبت فيه أن المتهمين لم يقوما بالالتزام بما جاء بمحضر التعاون بين الشركة .... للاتصالات وشركة .... ، والذي ذُكر فيه أنهما قد قاما بالمرور على مسار خط الفرز رقم .... في المنطقة بين محطة الفرز حتى نهاية شارع .... ، ووجدوا عدد 2 نقاط تعارض بين الكوابل الخاصة بالشركة .... للاتصالات مع مسار شركة .... ، منهما النقطة التي حدثت عندها الحادثة موضوع القضية ، وقد اتفق الطرفان وألزمت شركة .... نـفسها بعمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة .... والشركة .... للاتصالات ، وذلك قبل الحفر بيومين ، وتعهدت شركة .... بسداد قيمة أية تلفيات تنشأ عن الحفر، على أن تقوم .... للاتصالات بتقدير قيمة هذه التلفيات ، وقد أثبت في تقريره الذي تطمئن إليه المحكمة ، عدم قيام المتهمين بعمل الجسَّات اللازمة قبل عملية الحفر لتحديد عمق الكوابل ، كما لم يقوموا بإخطار الشركة .... للاتصالات بالحفر في منطقة الحادث ، كما هو متفق عليه بمحضر تنظيم التعاون المبرم بين الشركتين مما تسبب في حدوث الحادث ، وقد أثبت في تقريره أيضاً أن قيمة إصلاح التلفيات هي مبلغ مليون وتسعمائة سبعة وتسعين ألفاً وستة وستين جنيهاً مصرياً وثمانية وسبعين قرشاً ، مما يتوافر أركان الجريمة الواردة بقيد ووصف النيابة العامة في حق المتهمين ، ويثبت معه في يقين المحكمة قيام المتهمين بارتكاب الفعل المؤثم بالأوراق ثبوتاً يقيناً لا يدع مجالاً للشك .... ) ، وأضاف الحكم المطعون فيه أنه بسؤال .... فني مساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... ، قرر بما مفاده أن شركة .... خالفت التعليمات الصادرة من مركز المعلومات في عملية الحفر ، وبأن أحد المسئولين بالمركز كان متواجداً أثناء عملية الحفر ، وأبلغ المسئولين عن التنفيذ بالكيفية والعمق الذي يتم على أساسه الحفر ، إلَّا أن عدم احترازهما أدى إلى إتلاف الكابل ، وبسؤال رئيس وأعضاء اللجنة المشكلة بمعرفة محافظة .... - بناءً على طلب النيابة العامة - قرروا بوجود خطأ من جانب شركة .... أثناء عملية الحفـــر، نتج عنه قطع الكابل التليفوني ، وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف لأسبابه . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر في القانون أن من يشترك في أعمال الهدم أو البناء ، لا يُسأل إلَّا عن نتائج خطئــه ، فالمسئول المختص الذي يعهد إليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه ، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه ، وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق ، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه ، والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا يجادل الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - أن أعمال الحفر في مكان الحادث كانت تجري تحت مسئوليتهما ، وانتهى إلى مساءلتهما لأنهما أهملا في اتخاذ الاحتياطات المعقولة في مكان العمل ، بما يكفل عدم المساس بالكوابل ، مما أدى إلى تلفها وتـرتب عـلى ذلـك انـقطاع الاتـصالات ، فـإن الحكم بذلك يكون قد أقـام مـسئولية الطاعنين على أساس من الواقع والقانون ، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما من عدم عملهما بمحضر التعاون بين شركة .... محل عملهما وشركة الاتصالات ، وما ورد به من التزامات بشأن عمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة .... وشركة الاتصالات قبل الحفر وإخطار الشركة الأخيرة قبل القيام بعملية الحفر ، إذ عليهما بحكم وطبيعة عملهما كمسئولين عن التنفيذ بالشركة عن تلك العملية أن يلما بكافة التعليمات والظروف المحيطة بها ، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ، ولو عدل عنه بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال الشهود ، وتحريات المباحث ، والتقرير الفني ، لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، ومن إقرار الطاعن الأول بمحضر الاستدلالات ، وهو لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقواله التي حصَّلها ، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول على الحكم في شأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه ، بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من الحكم المطعون فيه إدانته للطاعنين واعتبرهما فاعلين أصليين تأسيساً على ما ثبت من التقرير الفني من أنهما هما المسئولان عن عملية الحفر، وذلك على خلاف ما يزعمه الطاعن الثاني بأسباب الطعن من أن الحكم اعتبره فاعلاً أصلياً على سند مما قرره الطاعن الأول في حق نفسه بمحضر الاستدلالات المؤرخ .... ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير صحيح . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، كما أن لها تجزئة الدليل ، فتطرح ما لا تثق فيه من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من إغفاله ما ورد بتقرير الخبير الفني المنتدب في الدعوى بشأن مسئولية مركز المعلومات بمحافظة .... عن وقوع الحادث بنسبة 90% لعدم تنفيذه لالتزامه بالكشف عن المرافق أثناء الحفر ومتابعة التنفيذ ، وخطـأ البيانات المقدمة منه في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيه ، أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه ، يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب يكون في غير محله ، وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلَّا بحلف اليمين ، إلَّا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه ، والشهادة اسم المشاهدة ، وهي الاطلاع على الشيء عياناً ، وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال المبلغ ومحامي شركة الاتصالات اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك - بأنها شهادة ، وإذ كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سُمع بغير حلف اليمين ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المبلغ ومحامي الشركة سالفي الذكر التي أدياها بمحضر الاستدلالات بغير حلف يمين ، فإنه لا يُقبل مصادرة المحكمة في عقيدتها . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يُشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ ، تجرية محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجة فـي اقـتـنـاع الـمـحـكـمـة واطـمـئـنـانـهـا إلـى ما انتهت إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بشأن شهادة كل من المُبلغ ومحامي شركة الاتصالات وفني المساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي ، لا يُقبل التمسك به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 71 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات تنص على أن : " يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المباني أو المنشآت المخصصة لشبكات الاتصالات أو لبنيتها الأساسية أو لخط من خطوط الاتصالات، أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية بحيث ترتب على ذلك انقطاع الاتصالات ولو مؤقتاً " ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة محل الدعوى لا تشكل جريمة لكون الإتلاف أو الهدم لم يقع على مبنى أو منشـأة وفق نص المادة سالفة البيان لا يستند إلى أساس صحيح من القانون ، ويضحى دفاعهما في هذا الصدد ظاهر البطلان لا على المحكمة إن أغفلته ولم ترد عليه . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعنان من منازعة بشأن صدور محضر التعاون المبـرم بين شركتي .... و.... للاتصالات مـن ممثل الشركــــة الأولى ، على النحو الوارد بوجه الطعن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة ، كما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه ، بما يخل بالقوة الملزمة ، إلَّا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق به في حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني ، إذ يمتنع عليه أن يرتكب هذا الفعل في جميع الحالات ، سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى نسبة الخطأ إلى الطاعنين ، وهو ما يشكل في صورة الدعوى المطروحة الجريمة المنصوص عليها في المادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية على أساس المسئولية التقصيرية - بفرض صحة وجود علاقة تعاقدية - قد أصاب صحيح القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعنين بوصف أنهما هدما وأتلفا خطاً من خطوط الاتصالات المملوكة للشركة .... للاتصالات ، بأن جعلاها غير صالحة للاستعمال وترتب على ذلك انقطاع الاتصالات وكان ذلك بإهمالهما وعدم احترازهما ، وكانت هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما طبقاً لنص المادة 71 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، وبعد تداولها بالجلسات أصدرت محكمة أول درجة حكماً حضورياً بتغريم كل متهم ألف جنيه ، وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي المدني قيمة إصلاح التلفيات، ومبلغ 10001 جنيه كتعويض مدني مؤقت وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة والمصروفات ، وحضرا بجلسات المحاكمة الاستئنافية كل بوكيل عنه ، كما حضر المدعي بالحقوق المدنية ، ثم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتـأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المستأنفين بمصاريف استئنافه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر على مقتضى نص المادتين 237 ، 238 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون 170 لسنة 1981 أنه يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن يحضر بنفسه أما في الجنح الأخرى وفى المخالفات فيجوز أن يندب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه ، ولما كان المقصود بالحضور في نظر المادة 238 من القانون سالف البيان هو وجود المتهم بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ، وكان الطاعنان قد مثلا بجلسات المحاكمة الابتدائية كل بوكيل عنه ، وهو ما يجوز لهما عملاً بالمادة 237/2 من ذلك القانون ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 251 من القانون ذاته تنص على أنه : " يحصل الادعاء مدنياً بإعلان المتهم على يد مُحضر أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى ، إذا كان المتهم حاضراً ، وإلَّا وجب تأجيل الدعوى ، وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته إليه " . لما كان ذلك ، ولئن كان مفاد هذا النص يستلزم أن يكون المتهم حاضراً بنفسه بالجلسة عندما يوجه إليه طلب التعويض ، وإلَّا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بالحق المدني بإعلان المتهم بطلباته ، إلَّا أنه مما يغنى عن ذلك حضور محامي المتهم أمام محكمة أول درجة في الأحوال التي يجوز فيها ذلك عملاً بالمادة 237/2 سالفة البيان - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن توجيه المدعي بالحق المدني لطلب التعويض بالجلسة المحددة لـنـظر الـدعوى أمام مـحكمة أول درجة وفي حـضـور الطاعنين بـوكيـل عـنهـما يكون صحيحاً ، إذ إن الطاعنين ممثلان قانوناً في الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى المدنية قد أصاب صحيح القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ، مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 17936 لسنة 76 ق جلسة 9 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 7 ص 56

جلسة 9 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / يحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عيد سالم ووائل أنور نائبي رئيس المحكمة وأحمد فرحان ومحمد علي .
--------------
(7)
الطعن 17936 لسنة 76 ق
 دعوى مباشرة . دعوى جنائية " تركها " . دعوى مدنية " تركها " . قانون " تفسيره " .
المادتان 260 ، 261 إجراءات . مؤداهما ؟
قضاء المحكمة بشطب الدعوى المباشرة لعدم حضور المدعي بالحق المدني والمتهمين وعدم طلب النيابة العامة الفصل في الدعوى الجنائية . حقيقته : حكم باعتبار المدعي تاركاً لدعواه وبترك الدعوى الجنائية . أثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  لما كان المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المتهمين بوصف أنهم ارتكبوا تهمة السب والقذف بطريق النشر ، ومحكمة جنايات .... قضت بجلسة 5 من يناير سنة 2006 - بعد إثبات عدم حضور المدعي بالحقوق المدنية أو وكيل عنه والمتهمين - بشطب الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى ..... ولا يكون لهذا الترك تأثير على الدعوى الجنائية ، ومع ذلك إذا كانت الدعوى قد رفعت بطريق الادعاء المباشر فإنه يجب في حالتي ترك الدعوى المدنية واعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً دعواه الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة الفصل فيها .... " ، كما تقضي المادة 261 من القانون ذاته بأن : " يعتبر تركاً للدعوى عدم حضور المدعي أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلاً عنه ، وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة " . لما كان ذلك، وكان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن المدعي بالحقوق المدنية حضر بوكيل وتأجلت الدعوى في حضور وكيله حتى الجلسة الأخيرة - 5 من يناير سنة 2006 - حيث تخلف المدعي بالحقوق المدنية والمتهمين عن الحضور ولم تطلب النيابة العامة الفصل في الدعوى الجنائية فقضت المحكمة بشطب الدعوى ، وهو في حقيقته حكم باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية وبترك الدعوى الجنائية ، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
   أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد كلٍ من : .... رئيس مجلس إدارة .... و .... رئيس التحرير و .... محرر ، بتهمة السب والقذف بطريق النشر . وطلب القضاء له بالتعويض المدني المؤقت والأتعاب وبالعقوبة المقررة .
        وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 5 من يناير سنة 2006 بعد إثبات عدم حضور المدعي بالحق المدني أو وكيلاً عنه أو أياً من المدعي عليهم قضت بشطب الدعوى .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
    من حيث إن - النيابة العامة - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بشطب الدعوى المقامة بطريق الادعاء المباشر بتهمة السب والقذف بطريق النشر قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، إذ قررت المحكمة شطب الدعوى إعمالاً لنص المادة 82 من قانون المرافعات مخالفة بذلك نص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية ، بما يعيبه ويستــوجب نقضـه .
     ومن حيث إن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المتهمين بوصف أنهم ارتكبوا تهمة السب والقذف بطريق النشر ، ومحكمة جنايات ...... قضت بجلسة 5 من يناير سنة 2006 - بعد إثبات عدم حضور المدعي بالحقوق المدنية أو وكيل عنه والمتهمين - بشطب الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى ..... ولا يكون لهذا الترك تأثير على الدعوى الجنائية ، ومع ذلك إذا كانت الدعـــــوى قد رفعت بطريق الادعاء المباشر فإنه يجب في حالتي ترك الدعوى المدنية واعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً دعواه الحكم بترك الدعوى الجنائية ما لم تطلب النيابة العامة الفصل فيها .... " ، كما تقضى المادة 261 من القانون ذاته بأن : " يعتبر تركاً للدعوى عدم حضور المدعي أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلاً عنه ، وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة " . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة أن المدعي بالحقوق المدنية حضر بوكيل وتأجلت الدعوى في حضور وكيله حتى الجلسة الأخيرة - 5 من يناير سنة 2006 - حيث تخلف المدعي بالحقوق المدنية والمتهمين عن الحضور ولم تطلب النيابة العامة الفصل في الدعوى الجنائية فقضت المحكمة بشطب الدعوى ، وهو في حقيقته حكم باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية وبترك الدعوى الجنائية ، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1707 لسنة 82 ق جلسة 8 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 6 ص 53

جلسة 8 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى محمود ، عصمت عبد المعوض ، ومجدي شبانة نواب رئيس المحكمة وهشام فرغلي .
---------
(6)
الطعن 1707 لسنة 82 ق
(1) أمر الإحالة . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . قبض . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح الحكم المطعون فيه الدفع ببطلان القبض والتفتيش استناداً لتمام القبض نفاذاً لأمر سابق من النيابة العامة بضبط وإحضار الطاعن وتقديمه للمحاكمة الجنائية محبوساً في قضية أخرى . صحيح .
(2) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بإغفال الحكم التعرض للمستندات دون بيان ماهيتها . غير مقبول .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . مواد مخدرة .
النعي على الحكم بالتناقض في شأن قصد الاتجار رغم إيراده بمدوناته ما يفيد توافره . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  1- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيساً على أن القبض تم نفاذاً لأمر الإحالة في الدعوى رقم .... كلي أمن دولة طوارئ .... الصادر من النيابة العامة بتاريخ سابق على واقعـة الضبط ، وكان البيِّن من الاطلاع على أمر الإحالة سالف البيان أنه صدر بتاريخ سابق على الضبط ، وأنه تضمن الأمر بضبط وإحضار الطاعن وتقديمه للمحاكمة الجنائية محبوساً ، فإن ما أورده الحكم يسوغ به اطراحه الدفع ويضحى ما يثيره الطاعن بشأنه على غير أساس .
  2- لما كان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات التي قدمها للمحكمة وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
  3- لما كان البيِّن من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه حصَّل واقعة الدعوى وأقوال الضابط من ضبطه للطاعن وبحوزته المخدر المضبوط ولم ينسب له القول بإحرازه له بقصد الاتجار - خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه - فإن ما يرمي به الحكم من قالة التناقض في التسبيب لا يكون له محل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز جوهراً مخدراً ( حشيش ) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط ، باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر مجرداً من القصود المسماة في القانون قد خالف الثابت بالأوراق ، وشابه القصور والتناقض في التسبيب ؛ ذلك أن ما رد به الحكم على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لا يرتد إلى أصل صحيح في الأوراق إذ عُدل عن قرار ضبطه وإحضاره الصادر في الجناية رقم .... كلى أمن دولة طوارئ والتفت عن المستندات التي تؤيد ذلك الدفاع ، وأخذ بأقوال الضابط ثم عاد وأهدرها في شأن القصد بما يصمه بالتناقض ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيساً على أن القبض تم نفاذاً لأمر الإحالة في الدعوى رقم .... كلي أمن دولة طوارئ .... الصادر من النيابة العامة بتاريخ سابق على واقعـة الضبط ، وكان البين من الاطلاع على أمر الإحالة سالف البيان أنه صدر بتاريخ سابق على الضبط ، وأنه تضمن الأمر بضبط وإحضار الطاعن وتقديمه للمحاكمة الجنائية محبوساً ، فإن ما أورده الحكم يسوغ به اطراحه الدفع ويضحى ما يثيره الطاعن بشأنه على غير أساس . لما كـان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات التي قدمها للمحكمة وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه حصَّل واقعة الدعوى وأقوال الضابط من ضبطه للطاعن وبحوزته المخدر المضبوط ولم ينسب له القول بإحرازه له بقصد الاتجار - خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه - فإن ما يرمي به الحكم من قالة التناقض في التسبيب لا يكون له محل ، مما يضحى معه الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 5172 لسنة 82 ق جلسة 6 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 5 ص 45

جلسة 6 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عاصم عبد الجبار ، هاني عبد الجابر ، معتز زايد وخلف عبد الحافظ نواب رئيس المحكمة .
--------------
(5)
الطعن 5172 لسنة 82 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . المادة 310 إجراءات .
 (2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بمقتضاه . عدم تحديد شكل لصياغة هذا البيان . إشارته للنصوص التي آخذ الطاعن بها . كاف لبيان ذلك . أساس ذلك ؟
مثال .
(3) قانون " تطبيقه " . مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي على الحكم إيراده المادة 7 /1 من القانون 182 لسنة 1960 ضمن مواد العقاب . غير مجد . ما دام أشار إلى المادة 38 /1 من القانون ذاته وأعملها . علة ذلك ؟
(4) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش . موضوعي . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .
 (5) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
دفع الطاعن ببطلان تفتيش منزله دون الإفصاح عن وجهه . غير مقبول .
(6) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بشيوع التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
تتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها . غير لازم .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الموضوع أمام محكمة النقض . غير جائز .
(7) مواد مخدرة . قصد جنائي . استدلالات . إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع الأخذ بتحريات وأقوال شاهدي الإثبات بشأن إسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للطاعن دون الأخذ بها بشأن قصد الاتجار.
(8) مواد مخدرة . وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي . نقض " المصلحة في الطعن " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . اقتصار تعديلها له على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة حيازة المخدر . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة وشرط ذلك ؟
انتفاء مصلحة الطاعن بشأن استبعاد قصد الاتجار .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  1- لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصوغ به المحكمة بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية .
  2- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذى حكم بمقتضاه ، إلَّا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان ، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن حصَّل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن بها بقوله : (وهو الأمر المؤثم بالمواد 1 ، 2 ، 7 /1، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به ) ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون .
 3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم إيراده نص المادة 7 /1 من القانون 182 لسنة 1960 ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها فهي وإن كانت لا تنطبق على واقعة الدعوى إلَّا أنها من جهة أخرى مادة تنظيمية تنظم الحصول على ترخيص لمن يجوز له الاتجار في المواد المخدرة فهي مجرد تزيد من الحكم لا يؤثر في مواد العقاب المنطبقة التي أوردها الحكم من القانون المذكور ، ما دام أنه قد أشار إلى المادة 38 /1 منه والتي أعملها في حق الطاعن باعتبار أن الحيازة مجردة ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص .
  4- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته ، رداً كافياً وسائغاً ، وبأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض .
 5- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية وجه البطلان لدفعه ببطلان تفتيش منزله حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
  6- من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان استخلاصها سائغاً وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ، إذ إنه من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وأن ترد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
  7- من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال شاهدي الإثبات ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الطاعن للجوهر المخدر ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
  8- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة حيازة نبات الحشيش المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت حيازة الطاعن لنبات الحشيش المخدر مجردة من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضى تنبيه الدفاع ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . وإذ كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في استبعاد قصد الاتجار فإن نعيه بخصوص ذلك لا يكـون في محله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً نبات الحشيش الجاف في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7 /1 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ولم يورد مؤدى أدلة ثبوتها ولم يشر إلى نص القانون الذى حكم بموجبه ، فضلاً عن إشارته إلى المادة 7 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ضمن مواد الاتهام لا تنطبق على الجريمة التي دانه بها ، وردَّ بما لا يسوغ على دفوعه ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة الخطأ في سنه ، وبطلان التفتيش الواقع على منزله ، وبشيوع التهمة ، وعدم معقولية تصوير الواقعة ، كما تناقض الحكم باطمئنانه إلى التحريات بشأن حيازة المخدر ولم يطمئن إليها بالنسبة إلى القصد منها ، علاوة على أن المحكمة انتهت إلى أن حيازة المخدر كانت بغير قصد بخلاف الوصف الذى قدمته النيابة به ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
  ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال ضابط الواقعة وما ورد بتقرير المعمل الكيماوي . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصوغ به المحكمة بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذى حكم بمقتضاه ، إلَّا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان ، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن حصَّل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعن بها بقوله : ( وهو الأمر المؤثم بالمواد 1 ، 2 ، 7 /1 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به ) ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم إيراده نص المادة 7/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها فهي وإن كانت لا تنطبق على واقعة الدعوى إلَّا أنها من جهة أخرى مادة تنظيمية تنظم الحصول على ترخيص لمن يجوز له الاتجار في المواد المخدرة فهي مجرد تزيد من الحكم لا يؤثر في مواد العقاب المنطبقة التي أوردها الحكم من القانون المذكور ، ما دام أنه قد أشار إلى المادة 38/ 1 منه والتي أعملها في حق الطاعن باعتبار أن الحيازة مجردة ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته ، رداً كافياً وسائغاً ، وبأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية وجه البطلان لدفعه ببطلان تفتيش منزله حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان استخلاصها سائغاً وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ، إذ إنه من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وأن ترد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال شاهدي الإثبات ما يكفي لإسناد واقعة إحراز الطاعن للجوهر المخدر ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله ، وإذ كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة حيازة نبات الحشيش المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت حيازة الطاعن لنبات الحشيش المخدر مجردة من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضى تنبيه الدفاع ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . وإذ كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في استبعاد قصد الاتجار فإن نعيه بخصوص ذلك لا يكـون في محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاثنين، 17 سبتمبر 2018

الطعن 26503 لسنة 75 ق جلسة 6 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 4 ص 33

جلسة 6 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / سمير مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت أحمد عبد المجيد ، سيد حامد ومحمد قطب نواب رئيس المحكمة وعبد القوي حـفظي .
------------------
(4)
الطعن 26503 لسنة 75 ق
(1)  موظفون عموميون . شركات مساهمة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قانون " تفسيره " .
  المادتان 113 ، 119 مكرراً عقوبات . مؤداهما ؟
  العاملون بعقد عمل لأي مدة بالشركات المساهمة . في حكم الموظفين العموميين . استظهار الحكم هذه الصفة بالطاعنين . النعي بخطئه في تطبيق القانون . غير صحيح .
  مثال .
(2) وصف التهمة . دفوع " الدفع بعدم الاختصاص النوعي " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
  النعي بأن الواقعة جنحة لا تختص محكمة الجنايات بنظرها . منازعة في الصورة التي اعتنقتها محكمة الموضوع لها وجدل في سلطتها في استخلاصها . غر جائز .
  النعي بشأن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(3) إثبات " اعتراف " . بطلان . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن " .
  عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان اعتراف الطاعنين بالتحقيقات الإدارية وبمحضر جمع الاستدلالات . ما دام لم يستند على الدليل المستمد منهما .
  اطراح الحكم المطعون فيه الدفع ببطلان اعتراف الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات الإدارية بما يسوغه . نعيهما بشأنه . غير مقبول .
إثارة الدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته . علة ذلك ؟
  النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
  وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
 أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
 تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
 (5) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
  اطراح المحكمة الدفع بانعدام التحريات استناداً لاطمئنانها لصحة إجراءات الشاهد مجريها وجديتها . كاف .
 حق المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . شرط ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
  تأخر الشاهد في أداء شهادته . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . علة وشرط ذلك؟
(7) استيلاء على أموال أميرية . شركات مساهمة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
  عدم العثور على الأشياء المستولى عليها . لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة . التزام الحكم هذا النظر . صحيح .
(8) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
  الدفع بتلفيق التهمة وعدم معقولية تصوير الشهود للواقعة . موضوعي . لا تستلزم رداً خاصاً اكتفاء بأدلة الثبوت التي تطمئن إليها المحكمة .
رد المحكمة صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم . غير لازم . استفادة الرد من الحكم بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها .
  بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
  تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
  مثال .
(10) قانون " تطبيقه " . استيلاء على أموال أميرية .
  الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون . غير صحيح .
  نعي الطاعنين بعدم إدراج المسئولين بالشركة للمسروقات بدفاتر العهدة أو إثباتهم عدم وجودها . غير صحيح . ما دام خلا من سنده .
(11) إثبات " بوجه عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
  رد محكمة الموضوع على كل دفاع موضوعي للمتهم . غير لازم . كفاية إيرادها لأدلة الثبوت التي تعول عليها في قضائها بالإدانة .
  الجدل في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها أمام محكمة النقض . غير جائز .
  مثال .
(12) استيلاء على أموال أميرية . قانون " تفسيره " . عزل . عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
  المادتان 26 ، 27 عقوبات . مؤداهما ؟
إدانة الحكم الطاعنين بجريمة الاستيلاء على مال عام ومعاملتهما بالرأفة ومعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة والغرامة والعزل من الوظيفة . مخالفة للقانون . توجب تصحيحه بتوقيت العقوبة الأخيرة . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 1- لما كان البيِّن من مدونات الحكم أنه استظهر صفة الطاعنين كمستخدمين عموميين في قوله : " وأسفر الجرد الذي تم بالشركة عن وجود عجز عدد ثلاث رايات وخمس فلنشات وأن المتهمين .... السائق بشركة .... ، و ..... الميكانيكي بالشركة " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات قد نصت على أنه : " يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب (الباب الرابع – اختلاس المال العام والعدوان عليه والعذر) . هـ - رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة " ، وكان قانون العقوبات إذ عاقب – بمقتضى المادة 113 منه – الموظف العام أو من في حكمه إذ استولى بغير حق على مال مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل ذلك لغيره فقد أراد معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلاً والملحقة بها حكماً أياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به ، ولما كان الطاعنان بحكم كونهما سائق وميكانيكي بشركة ..... – إحدى الشركات المساهمة – وهو ما يسلم به الطاعنان في أسباب طعنهما ، يعدان في حكم الموظفين العموميين يستوي في ذلك أن يكون عقد عملهما محدد المدة أو غير محدد لها ، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله .
  2- من المقرر أن النعي على الحكم بأن الواقعة مجرد جنحة لا تختص محكمة الجنايات بنظرها لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فضلاً عن أنه لما كان المدافع عن الطاعنين لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
  3- لما كان الحكم قد اطرح استجواب الطاعنين واعترافهما بالتحقيقات الإدارية ، وبمحضر جمع الاستدلالات ، واعتراف الطاعن الثاني على الأول ، ولم يأخذ بالدليل المستمد منهم وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت الأخرى التي قام عليها ، فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذا الاعتراف ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد عودة للجدل الموضوعي ، فضلاً عن أن الحكم رد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات الإدارية بما يسوغ به الرد ، كما أن البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يثر شيء بشأن أن إكراه معنوي وقع عليهما من مديري الشركة نظراً لكونهما يعملان بعقد مؤقت ولتوقيعهما على المحاضر دون معرفة ما أثبت بها على الأساس الذي يتحدثان عنه في وجه طعنهما ، وكان من المقرر أنه لا يجوز إثارة الدفع ببطلان الاعتراف أمام محكمة النقض – ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته – لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً ينأى عن وظيفة محكمة النقض ، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منها التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
  4- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ودون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون سديداً.
  5- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بانعدام التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد السادس وجديتها ، وهو ما يُعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنان في هذا الخصوص ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون قويماً .
  6- من المقرر أن تأخر الشاهد في أداء شهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ، ما دامت قد اطمأنت إليها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع فإن كل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
  7- من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة عدم العثور على الأشياء المستولى عليها ، وإذ كان الحكم قد أثبت قيام الطاعنين بالاستيلاء على المنقولات المملوكة للشركة المجني عليها ، فإن إدانتهما من أجل الاستيلاء على هذه المنقولات تكون صحيحة ولو لم يتم ضبطها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد .
  8- لما كان الدفع بتلفيق التهمة ، وعدم معقولية تصوير الشهود للواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، واطرحت الدفعين بتلفيق التهمة ، وعدم معقولية الواقعة تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي أشار إليها المدافع عن الطاعنين تدليلاً على تلفيق الاتهام ؛ ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ، ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون سديداً .
  9- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعنين من قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال كل من رئيس وأمناء المخازن بالشركة ، وشاهد الرؤية .... ، وكذا أفراد الأمن المسئولين عن حراسة وتأمين الأبواب وخلص إلى أن هذا النقص يفيد منه المتهمان ، دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
  10- لما كان لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن المسئولين بالشركة لم يقوموا بإدراج المسروقات بدفاتر العهدة بمخازن الشركة ولم يثبتوا عدم وجودها يكون مفتقر إلى سنده .
 11- لما كانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من التفات الحكم عن دفاعهما القائم على نفي التهمة ، وأن أياً من الشهود لم يتهمهما بارتكاب الواقعة، وأن المضبوطات كانت في عهدة الشاهد الرابع أمين مخزن المعدات وعضو لجنة الجرد ، وأنه لم يضبط معهم شيء لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
  12- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مال عام وعاملهما بالرأفة وعاقبهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة والغرامة وعزلهما من وظيفتيهما ، وكانت المادة 26 من قانون العقوبات قد نصت على ألا تزيد مدة العزل عن ست سنين ، كما نصت المادة 27 على أن : " كل موظف عمومي ارتكب جناية مما نُص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضاً بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه " ، وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق عقوبة العزل من الوظيفة ولم يُعمل حكم المادة 27 من قانون العقوبات رغم توافر موجبها فإنه يكون قد خالف القانون ، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصور على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنتين إلى جانب العقوبات الأخرى المقضي بها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
  اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : بصفتهما عاملين الأول " سائق " والثاني " ميكانيكي " بشركة .... إحدى الشركات المساهمة استوليا بغير حق على المعدات المبينة الوصف بالأوراق والبالغ قيمتها 32602 جنيه " اثنين وثلاثين ألفاً وستمائة واثنين جنيهاً " والمملوكة للجهة سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى محامي الشركة مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
  والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113 مكرراً/1 ، 118 ، 118 مكرراً من قانون العقوبات وإعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبعزلهما من وظيفتيهما وبرد المبلغ المستولى عليه وبتغريمهما قيمة مساوية لقيمة ما استوليا عليه وإلزامهما بأن يؤدياً للمدعي بالحق المدني بصفته مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
  فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
  من حيث إن الطاعنين ينعيان بمذكرات أسباب طعنهما الثلاث على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بصفتهما موظفين عموميين بشركة ..... – إحدى الشركات المساهمة – بالاستيلاء على المعدات المملوكة لتلك الشركة قد أخطأ في تطبيق القانون ، وشابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن الحكم لم يدلل على أن الطاعنين موظفان عموميان مما يتعين معه اعتبار الواقعة مجرد جنحة لا تختص محكمة الجنايات بنظرها حيث إنهما يعملان بعقد عمل مؤقت مما ينفي عنهما صفة الموظف العام ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه اطرح بما لا يسوغ دفاع الطاعنين القائم على بطلان اعترافهما بالتحقيقات الإدارية ، وبمحضر جمع الاستدلالات لصدوره إثر استجواب باطل قام به محرر المحضر ، وتحت إكراه معنوي من مديري الشركة نظراً لكون الطاعنين يعملان بعقد مؤقت ولتوقيعهما على المحاضر دون معرفة ما أثبت بها خشية فصلهما من عملهما ، فضلاً عن عدم جواز التعويل على اعتراف الطاعن الثاني على الأول بالاستدلال ، سيما وأنه مجرد قول لمتهم على متهم لا يصلح في الإدانة وقد أنكرا تلك الأقوال أمام النيابة ، وعول على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها مع بعضها بالاستدلالات عنها أمام النيابة العامة في شأن عدد المسروقات والمسئول عنها ومكان تواجدها ، ولم يفصح عن سبب اطمئنانه لها ، كما استند في الإدانة إلى تحريات المباحث وأقوال مجريها رغم كونها مكتبية ولم تجر إلا بعد مضي سنة على الواقعة ولم تتوصل إلى كيفية استيلاء الطاعنين على المعدات المستولى عليها ، ومن قام بشرائها منهما ولم يتم ضبط تلك المعدات ، وأن النيابة لم تسأل مجري التحريات بالتحقيقات إلا بعد مرور أربع سنوات على الواقعة ، واطرح بما لا يسوغ دفعيه بعدم معقولية تصوير الواقعة ، وكيدية الاتهام وتلفيقه بدلالة القرائن التي عددها ، هذا إلى أن تحقيقات النيابة العامة جاءت قاصرة إذ لم يُسأل كل من رئيس وأمناء المخازن بالشركة ، وشاهد الرؤية الوحيد المذكور بالأوراق ، وكذا أفراد الأمن المسئولين عن حراسة وتأمين أبواب الشركة ، كما أن المسئولين بالشركة لم يقوموا بإدراج المسروقات بدفاتر العهدة بمخازن الشركة ولم يثبتوا عدم وجودها ، وأخيراً فإن أياً من الشهود لم يتهم الطاعنين بارتكاب الواقعة ، خاصة وأن المضبوطات كانت في عهدة الشاهد الرابع أمين مخزن المعدات ، ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
  وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم أنه استظهر صفة الطاعنين كمستخدمين عموميين في قوله : " وأسفر الجرد الذي تم بالشركة عن وجود عجز عدد ثلاث رايات وخمس فلنشات وأن المتهمين .... السائق بشركة .... ، و .... الميكانيكي بالشركة " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات قد نصت على أنه : " يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب (الباب الرابع – اختلاس المال العام والعدوان عليه والعذر) . هـ - رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة " ، وكان قانون العقوبات إذ عاقب – بمقتضى المادة 113 منه – الموظف العام أو من في حكمه إذ استولى بغير حق على مال مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل ذلك لغيره فقد أراد معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلاً والملحقة بها حكماً أياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به ، ولما كان الطاعنان بحكم كونهما سائق وميكانيكي بشركة ..... – إحدى الشركات المساهمة – وهو ما يسلم به الطاعنان في أسباب طعنهما ، يعدان في حكم الموظفين العموميين يستوي في ذلك أن يكون عقد عملهما محدد المدة أو غير محدد لها ، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النعي على الحكم بأن الواقعة مجرد جنحة لا تختص محكمة الجنايات بنظرها لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فضلاً عن أنه لما كان المدافع عن الطاعنين لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح استجواب الطاعنين واعترافهما بالتحقيقات الإدارية ، وبمحضر جمع الاستدلالات ، واعتراف الطاعن الثاني على الأول ، ولم يأخذ بالدليل المستمد منهم وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت الأخرى التي قام عليها ، فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذا الاعتراف ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد عودة للجدل الموضوعي ، فضلاً عن أن الحكم رد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات الإدارية بما يسوغ به الرد ، كما أن البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يثر شيء بشأن أن إكراه معنوي وقع عليهما من مديري الشركة نظراً لكونهما يعملان بعقد مؤقت ولتوقيعهما على المحاضر دون معرفة ما أثبت بها على الأساس الذي يتحدثان عنه في وجه طعنهما ، وكان من المقرر أنه لا يجوز إثارة الدفع ببطلان الاعتراف أمام محكمة النقض – ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته – لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً ينأى عن وظيفة محكمة النقض ، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منها التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ودون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بانعدام التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد السادس وجديتها ، وهو ما يُعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنان في هذا الخصوص ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تأخر الشاهد في أداء شهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ، ما دامت قد اطمأنت إليها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع فإن كل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة عدم العثور على الأشياء المستولى عليها ، وإذ كان الحكم قد أثبت قيام الطاعنين بالاستيلاء على المنقولات المملوكة للشركة المجني عليها ، فإن إدانتهما من أجل الاستيلاء على هذه المنقولات تكون صحيحة ولو لم يتم ضبطها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق التهمة ، وعدم معقولية تصوير الشهود للواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، واطرحت الدفعين بتلفيق التهمة ، وعدم معقولية الواقعة تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي أشار إليها المدافع عن الطاعنين تدليلاً على تلفيق الاتهام ؛ ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ، ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعنين من قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال كل من رئيس وأمناء المخازن بالشركة ، وشاهد الرؤية .... ، وكذا أفراد الأمن المسئولين عن حراسة وتأمين الأبواب وخلص إلى أن هذا النقص يفيد منه المتهمان ، دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن المسئولين بالشركة لم يقوموا بإدراج المسروقات بدفاتر العهدة بمخازن الشركة ولم يثبتوا عدم وجودها يكون مفتقر إلى سنده . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي للمتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من التفات الحكم عن دفاعهما القائم على نفي التهمة ، وأن أياً من الشهود لم يتهمهما بارتكاب الواقعة ، وأن المضبوطات كانت في عهدة الشاهد الرابع أمين مخزن المعدات وعضو لجنة الجرد ، وأنه لم يضبط معهم شيء لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مال عام وعاملهما بالرأفة وعاقبهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة والغرامة وعزلهما من وظيفتيهما ، وكانت المادة 26 من قانون العقوبات قد نصت على ألا تزيد مدة العزل عن ست سنين ، كما نصت المادة 27 على أن : " كل موظف عمومي ارتكب جناية مما نُص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضاً بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه "، وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق عقوبة العزل من الوظيفة ولم يُعمل حكم المادة 27 من قانون العقوبات رغم توافر موجبها فإنه يكون قد خالف القانون ، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصور على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنتين إلى جانب العقوبات الأخرى المقضي بها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ