جلسة 9 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / يحيى خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عيد سالم ، منصور القاضي ، وائل أنور وحاتم عزمي نواب رئيس المحكمة .
---------------
(8)
الطعن 4307 لسنة 81 ق
(1) تنظيم الاتصالات . إتلاف . جريمة " أركانها " . خطأ
. رابطة السببية . مسئولية جنائية . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير توافر عنصر الخطأ " " سلطتها في تقدير توافر
رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأصل أن من
يشترك في أعمال الهدم أو البناء لا يسأل إلا عن نتائج خطئه كذلك المسئول الذي يعهد
إليه بهذا العمل .
تقدير توافر الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه والسببية بينه والنتيجة أو عدم
توافرهما . موضوعي . ما دام سائغاً .
إلمام
الطاعنين بكافة التعليمات والظروف المحيطة بها . واجب . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب
سائغ للتدليل على توافر ركني الخطأ ورابطة السببية مما رتب المسئولية عن جريمة هدم
وإتلاف بإهمال لخط من خطوط الاتصالات ترتب عليه انقطاع الاتصالات .
(2) إثبات " إقرار " "
خبرة " . فاعل أصلي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الأخذ بإقرار
المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه
. شرط ذلك ؟
الجدل الموضوعي في
تقدير الأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز.
نعي
الطاعن على الحكم باعتباره فاعلاً أصلياً استناداً لإقرار طاعن آخر . غير صحيح . ما دام استند في ذلك
لدليل فني آخر .
مثال .
(3) إثبات
" بوجه عام " . خطأ . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة
ذات الأثر في تكوين عقيدتها . لها تجزئة الدليل واطراح ما لا تثق فيه دون تبرير.
تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث . يوجب
مساءلة كل من أسهم فيه أياً كان قدر خطئه مباشراً أو غير مباشر .
مثال .
(4)
إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء
" . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع تقدير
آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات دون الرد عليها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في
تقدير الدليل أمام محكمة النقض. غير جائز.
(5) إثبات " شهود
" . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل
" " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تكامل عناصر الشهادة بحلف اليمين . أقوال الشاهد بغير
حلف اليمين . شهادة .
الشاهد لغة . هو من اطلع على الشيء وعاينه.
الشهادة . اسم المشاهدة
وهي الاطلاع على الشيء عياناً . المادة 283 إجراءات جنائية .
وصف الحكم أقوال الشاهد بغير
حلف اليمين شهادة . لا يعيبه .
لمحكمة الموضوع الاعتماد في
قضائها بالإدانة على أقوال شاهد بغير حلف اليمين . علة ذلك ؟
مثال .
(6) إثبات " بوجه عام " " شهود
" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها " .
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها
بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . كفاية أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي
إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع
يتلاءم مع ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة
.
تساند
الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(7)
تنظيم الاتصالات . إتلاف . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات . مؤداها ؟
دفاع الطاعنين بأن واقعة إتلاف أو هدم بإهمال لخط من خطوط الاتصالات لا
تشكل جريمة لعدم وقوعه على مبنى أو منشأة وفقاً للمادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 . لا يستند على أساس صحيح من القانون . ظاهر البطلان . أثر ذلك ؟
(8) إثبات " بوجه
عام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم
التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها . استفادة الرد عليها من
القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها .
مثال .
(9)
تنظيم الاتصالات . تعويض . مسئولية مدنية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض .
غير جائز . ما دامت توجد علاقة تعاقدية سابقة بين المضرور والمسئول عنه . علة وحد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالتعويض تأسيساً على ثبوت المسئولية
التقصيرية لارتكاب خطأ في الجريمة المنصوص عليها بالمادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 .
(10) إجراءات " إجراءات
المحاكمة " . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع بعدم قبول
الدعوى المدنية " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المواد
237 ، 238 ، 251 إجراءات جنائية . مفادهم ؟
اطراح الحكم دفع الطاعنين بعدم قبول الدعوى المدنية
الموجهة إليهما في غيبتهما . صحيح . ما دامت قد وجهت في حضور وكيلهما . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
لما كان البيِّن من الحكم الابتدائي
- المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأقوال المبلغ
بمحضر الاستدلالات وتحريات المباحث وما انتهى إليه تقرير الخبير في الدعوى ، استظهر
ركن الخطأ وعلاقة السببية وأثبتهما في حق الطاعنين بقوله : ( .... والمحكمة تطمئن إلى تقرير الخبير المودع ملف الدعوى ، وتأخذ به محمولاً على
أسبابه بشأن ما أثبت فيه أن المتهمين لم يقوما بالالتزام بما جاء بمحضر التعاون بين
الشركة .... للاتصالات وشركة .... ، والذي ذُكر فيه أنهما قد قاما بالمرور على مسار
خط الفرز رقم .... في المنطقة بين محطة الفرز حتى نهاية شارع .... ، ووجدوا عدد 2 نقاط
تعارض بين الكوابل الخاصة بالشركة .... للاتصالات مع مسار شركة .... ، منهما النقطة
التي حدثت عندها الحادثة موضوع القضية ، وقد اتفق الطرفان وألزمت شركة .... نـفـسـها
بعمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة ....
والشركة .... للاتصالات ، وذلك قبل الحفر بيومين ، وتعهدت شركة .... بسداد قيمة
أية تلفيات تنشأ عن الحفر، على أن تقوم .... للاتصالات بتقدير قيمة هذه التلفيات ،
وقد أثبت في تقريره الذي تطمئن إليه المحكمة ، عدم قيام المتهمين بعمل الجسَّات اللازمة
قبل عملية الحفر لتحديد عمق الكوابل ، كما لم يقوموا بإخطار الشركة .... للاتصالات
بالحفر في منطقة الحادث ، كما هو متفق عليه بمحضر تنظيم التعاون المبرم بين الشركتين
مما تسبب في حدوث الحادث ، وقد أثبت في تقريره أيضاً أن قيمة إصلاح التلفيات هي مبلغ
مليون وتسعمائة سبعة وتسعين ألفاً وستة وستين جنيهاً مصرياً وثمانية وسبعين قرشاً ، مما يتوافر أركان الجريمة الواردة بقيد
ووصف النيابة العامة في حق المتهمين ، ويثبت معه في يقين المحكمة قيام المتهمين
بارتكاب الفعل المؤثم بالأوراق ثبوتاً يقيناً لا يدع مجالاً للشك .... ) ، وأضاف الحكم
المطعون فيه أنه بسؤال .... فني مساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... ، قرر بما مفاده
أن شركة .... خالفت التعليمات الصادرة من مركز المعلومات في عملية الحفر ، وبأن أحد
المسئولين بالمركز كان متواجداً أثناء عملية الحفر ، وأبلغ المسئولين عن التنفيذ بالكيفية
والعمق الذي يتم على أساسه الحفر ، إلَّا أن عدم احترازهما أدى إلى إتلاف الكابل ،
وبسؤال رئيس وأعضاء اللجنة المشكلة بمعرفة محافظة .... - بناءً على طلب النيابة العامة
-قرروا بوجود خطأ من جانب شركة .... أثناء عملية الحفر، نتج عنه قطع الكابل التليفوني
، وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف لأسبابه . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر في القانون
أن من يشترك في أعمال الهدم أو البناء ، لا يُسأل إلَّا عن نتائج خطئــه ، فالمسئول
المختص الذي يعهد إليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه ، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية
مرتكبه ، وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية
التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة
مقبولة لها أصلها في الأوراق ، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه ، والمكمل بالحكم
المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها
- والتي لا يجادل الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - أن أعمال
الحفر في مكان الحادث كانت تجري تحت مسئوليتهما ، وانتهى إلى مساءلتهما لأنهما أهملا
في اتخاذ الاحتياطات المعقولة في مكان العمل ، بما يكفل عدم المساس بالكوابل ، مما
أدى إلى تلفها وتـرتـب عـلـى ذلك انقطاع الاتـصالات ، فإن الحكم بذلك يكون
قد أقام مـسئولية الطاعنين على أساس من الواقع والقانون ، ولا ينال من ذلك ما يثيره
الطاعنان بأسباب طعنهما من عدم عملهما بمحضر التعاون بين شركة .... محل عملهما وشركة
الاتصالات ، وما ورد به من التزامات بشأن عمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة
.... وشركة الاتصالات قبل الحفر وإخطار الشركة الأخيرة قبل القيام بعملية الحفر ، إذ
عليهما بحكم وطبيعة عملهما كمسئولين عن التنفيذ بالشركة عن تلك العملية أن يلما بكافة
التعليمات والظروف المحيطة بها ، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير قويم .
2- لما كان للمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ بإقرار المتهم
في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ، ولو عدل عنه بعد ذلك
، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة
من أقوال الشهود ، وتحريات المباحث ، والتقرير الفني ، لا تخرج عن الاقتضاء العقلي
والمنطقي ، ومن إقرار الطاعن الأول بمحضر الاستدلالات ، وهو لا ينازع في صحة ما نقله
الحكم من أقواله التي حصَّلها ، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال
ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول
على الحكم في شأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلـة واستخلاص ما تؤدي إليه ، بما
تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال
في الدعوى المطروحة - فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن
البيِّن من الحكم المطعون فيه إدانته للطاعنين واعتبرهما فاعلين أصليين تأسيساً على
ما ثبت من التقرير الفني من أنهما هما المسئولان عن عملية الحفر، وذلك على خلاف ما
يزعمه الطاعن الثاني بأسباب الطعن من أن الحكم اعتبره فاعلاً أصلياً على سند مما قرره
الطاعن الأول في حق نفسه بمحضر الاستدلالات المؤرخ .... ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا
الشأن يكون غير صحيح .
3- لما كانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها
إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، كما أن لها تجزئة الدليل ، فتطرح ما
لا تثق فيه من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم
من إغفاله ما ورد بتقرير الخبير الفني المنتدب في الدعوى بشأن مسئولية مركز المعلومات
بمحافظة .... عن وقوع الحادث بنسبة 90% لعدم تنفيذه لالتزامه بالكشف عن المرافق أثناء
الحفر ومتابعة التنفيذ ، وخطـأ البيانات المقدمة منه في هذا الشأن لا يكون له محل
، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من
أسهم فيه ، أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه ، يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً
أو غير مباشر في حصوله .
4- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما
يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير
القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، وأنها لا تلتزم بالرد
على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها
ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق
الدفاع لهذا السبب يكون في غير محله ، وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما
تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة
النقض .
5- من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها
قانوناً إلَّا بحلف اليمين ، إلَّا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ،
فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه ، والشهادة اسم المشاهدة ، وهي الاطلاع على
الشيء عياناً ، وقد اعتبر القانون في المادة
283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء
أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال المبلغ
ومحامي شركة الاتصالات اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك - بأنها شهادة ، وإذ
كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سُمع بغير حلف
اليمين ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال ، وكانت المحكمة
قد اطمأنت إلى أقوال المبلغ ومحامي الشركة سالفي الذكر التي أدياها بمحضر الاستدلالات
بغير حلف يمين ، فإنه لا يُقبل مصادرة المحكمة في عقيدتها .
6- لما كان الأصل أنه لا يُشترط في شهادة الشاهد
أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ،
بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ ، تجرية
محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى
المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ
كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية
متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على
حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده
الحكم منها ، ومنتجة فـي اقـتـنـاع الـمـحـكـمـة واطـمـئـنـانـهـا إلـى ما انتهت إليه،
ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بشأن شهادة كل من المُبلغ ومحامي شركة الاتصالات وفني
المساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي ، لا يُقبل
التمسك به أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن المادة 71 من القانون رقم 10 لسنة
2003 بشأن تنظيم الاتصالات تنص على أن : " يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين
ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المباني أو المنشآت
المخصصة لشبكات الاتصالات أو لبنيتها الأساسية أو لخط من خطوط الاتصالات، أو جعلها
كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية بحيث ترتب على ذلك انقطاع الاتصالات
ولو مؤقتاً " ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة محل الدعوى لا تشكل جريمة
لكون الإتلاف أو الهدم لم يقع على مبنى أو منشـأة وفق نص المادة سالفة البيان لا يستند
إلى أساس صحيح من القانون ، ويضحى دفاعهما في هذا الصدد ظاهر البطلان لا على المحكمة
إن أغفلته ولم ترد عليه .
8- لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في
مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من
القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم فإن النعي
على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعنان من منازعة بشأن صدور محضر التعاون المبرم بين شركتي .... و.... للاتصالات مـن ممثل الشركة
الأولى ، على النحو الوارد بوجه الطعن يكون غير مقبول .
9- من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز
الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض
التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة ، لما يترتب على
الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة
بالمسئولية عند عدم تنفيذه ، بما يخل بالقوة الملزمة ، إلَّا أن ذلك رهين بعدم ثبوت
أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد
غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق به في حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه
أخل بالتزام قانوني ، إذ يمتنع عليه أن يرتكب هذا الفعل في جميع الحالات ، سواء كان
متعاقداً أو غير متعاقد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه انتهى
إلى نسبة الخطأ إلى الطاعنين ، وهو ما يشكل في صورة الدعوى المطروحة الجريمة المنصوص
عليها في المادة 71 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، ومن ثم فإن قضاء
الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية على أساس المسئولية التقصيرية - بفرض صحة وجود
علاقة تعاقدية - قد أصاب صحيح القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن غير
سديد .
10- لما كان يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية
أقيمت ضد الطاعنين بوصف أنهما هدما وأتلفا خطاً من خطوط الاتصالات المملوكة للشركة
.... للاتصالات ، بأن جعلاها غير صالحة للاستعمال
وترتب على ذلك انقطاع الاتصالات وكان ذلك بإهمالهما وعدم احترازهما ، وكانت
هذه الجريمة من الجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما طبقاً لنص المادة
71 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، وبعد تداولها بالجلسات أصدرت محكمة أول درجة حكماً حضورياً بتغريم كل متهم ألف جنيه ، وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي المدني قيمة إصلاح التلفيات ، ومبلغ
10001 جنيه كتعويض مدني مؤقت وخمسة وسبعين
جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة والمصروفات ، وحضرا بجلسات المحاكمة الاستئنافية
كل بوكيل عنه ، كما حضر المدعي بالحقوق المدنية ، ثم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه
حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتـأييد الحكم المستأنف
وألزمت كلاً من المستأنفين بمصاريف استئنافه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر على مقتضى
نص المادتين 237 ، 238 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون 170 لسنة
1981 أنه يجب على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور
صدور الحكم به أن يحضر بنفسه أما في الجنح الأخرى وفى المخالفات فيجوز أن يندب عنه
وكيلاً لتقديم دفاعه ، ولما كان المقصود بالحضور في نظر المادة 238 من القانون سالف البيان هو وجود المتهم بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه
في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ، وكان الطاعنان قد مثلا بجلسات المحاكمة الابتدائية
كل بوكيل عنه ، وهو ما يجوز لهما عملاً بالمادة 237/2 من ذلك القانون ، وكانت الفقرة
الثانية من المادة 251 من القانون ذاته تنص على أنه : " يحصل الادعاء مدنياً بإعلان
المتهم على يد مُحضر أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى ، إذا كان المتهم حاضراً ، وإلَّا وجب تأجيل الدعوى ، وتكليف
المدعي بإعلان المتهم بطلباته إليه " . لما كان ذلك ، ولئن كان مفاد هذا
النص يستلزم أن يكون المتهم حاضراً بنفسه بالجلسة عندما يوجه إليه طلب التعويض ، وإلَّا
وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بالحق المدني بإعلان المتهم بطلباته ، إلَّا أنه مما
يغني عن ذلك حضور محامي المتهم أمام محكمة أول درجة في الأحوال التي يجوز فيها ذلك
عملاً بالمادة 237/2 سالفة البيان - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن
توجيه المدعي بالحق المدني لطلب التعويض بالجلسة المحددة لـنظر الدعـوى أمام مـحكمة أول درجة وفـي حـضـور
الـطاعنين بوكيل عنهما يكون صحيحاً ، إذ إن الطاعنين ممثلان
قانوناً في الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى المدنية قد أصاب صحيح القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : هدما وأتلفا
خطاً من خطوط الاتصالات المملوكة للشركة .... للاتصالات بأن جعلاها غير صالحة للاستعمال وترتب على ذلك
انقطاع الاتصالات وكان ذلك بإهمالهما وعدم احترازهما وعلى النحو المبين بالتحقيقات وبأقوال
اللجنة المشكلة على النحو الوارد بالأوراق .
وطلبت عقابهما بالمواد 1 ، 11 ، 70 ، 71 من القانون
رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات.
ومحكمة جنح اقتصادي .... قضت حضورياً بتغريم كل متهم
ألف جنيه ، وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية قيمة إصلاح التلفيات وقدرها
مبلغ مليون وتسعمائة وسبعة وتسعين ألفاً وستة وستين جنيهاً مصرياً وثمانية وسبعين قرشاً
ومبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
استأنفا ومحكمة .... الاقتصادية ( بهيئة استئنافية
) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف
.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعيان على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إتلاف خط من خطوط الاتصالات بإهمال ترتب عليه انقطاع المخابرات التليفونية
، وألزمهما بالتعويض ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وأخطأ في
تطبيق القانون ؛ ذلك بأن خلا من الأسباب التي تكفي للتدليل على توافر أركان الجريمة
في حقهما ، ولم يستظهر علمهما بفحوى محضر التعاون
بين الشركة التي يعملان بها والشركة المدعية بالحقوق المدنية ، والتفت عن دفاعهما
القائم على أن السبب الرئيسي في وقوع الحادث هو قعود مركز المعلومات بمحافظة .... عن
التزاماته ، وفقاً لما انتهى إليه تقرير الخبير المودع في الدعوى ، وعوَّل على ذلك
التقرير دون أن يأبه باعتراضات الطاعنين عليه ، كما ركن الحكم إلى أقوال مرسلة للمبلغ
ومحامي الشركة المشار إليها ، بغير أن يحلف أيهما اليمين القانونية ، وعلى الرغم من
عدم رؤيتهما الحادث إبان حصوله ، وآخذ الطاعن الثاني بما أقر به الطاعن الأول في محضر
جمع الاستدلالات المحرر في .... ، وهو ما لا يصح التعويل عليه في الإدانة ، واعتبار
كل من الطاعنين فاعلاً أصلياً في الجريمة ، واعتد بأقوال فني المساحة بمركز المعلومات
سالف الإشارة إليه ، على الرغم من خلو أقواله من دليل على إدانة الطاعنين ، وأخيراً
قضى الحكم بقبول الادعاء المدني في مواجهة الأخيرين على الرغم من حصوله
في غيبتهما ، وألزمهما بالتعويض على أساس توافر عناصر المسئولية التقصيرية على الرغم
من ثبوت العلاقة التعاقدية بين طرفي الدعوى المدنية ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه
.
ومن حيث إن البيِّن من الحكم
الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأقوال المبلغ بمحضر الاستدلالات
وتحريات المباحث وما انتهى إليه تقرير الخبير في
الدعوى ، استظهر ركن الخطأ وعلاقة السببية وأثبتهما في حق الطاعنين بقوله : (
.... والمحكمة تطمئن إلى تقرير الخبير المودع ملف الدعوى ، وتأخذ به محمولاً على أسبابه
بشأن ما أثبت فيه أن المتهمين لم يقوما بالالتزام بما جاء بمحضر التعاون بين الشركة
.... للاتصالات وشركة .... ، والذي ذُكر فيه أنهما قد قاما بالمرور على مسار خط الفرز
رقم .... في المنطقة بين محطة الفرز حتى نهاية شارع .... ، ووجدوا عدد 2 نقاط تعارض
بين الكوابل الخاصة بالشركة .... للاتصالات مع
مسار شركة .... ، منهما النقطة التي حدثت عندها الحادثة موضوع القضية ، وقد
اتفق الطرفان وألزمت شركة .... نـفسها بعمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة .... والشركة .... للاتصالات ، وذلك قبل الحفر
بيومين ، وتعهدت شركة .... بسداد قيمة أية تلفيات تنشأ عن الحفر، على أن تقوم
.... للاتصالات بتقدير قيمة هذه التلفيات ، وقد أثبت في تقريره الذي تطمئن إليه المحكمة
، عدم قيام المتهمين بعمل الجسَّات اللازمة قبل عملية الحفر لتحديد عمق الكوابل ، كما لم يقوموا بإخطار الشركة ....
للاتصالات بالحفر في منطقة الحادث ، كما هو متفق عليه بمحضر تنظيم التعاون المبرم
بين الشركتين مما تسبب في حدوث الحادث ، وقد أثبت في تقريره أيضاً أن قيمة إصلاح التلفيات
هي مبلغ مليون وتسعمائة سبعة وتسعين ألفاً وستة وستين جنيهاً مصرياً وثمانية وسبعين قرشاً ، مما يتوافر أركان الجريمة الواردة بقيد
ووصف النيابة العامة في حق المتهمين ، ويثبت معه في يقين المحكمة قيام المتهمين
بارتكاب الفعل المؤثم بالأوراق ثبوتاً يقيناً لا يدع مجالاً للشك .... ) ، وأضاف الحكم
المطعون فيه أنه بسؤال .... فني مساحة بمركز معلومات شبكات مرافق .... ، قرر بما مفاده
أن شركة .... خالفت التعليمات الصادرة من مركز المعلومات في عملية الحفر ، وبأن أحد
المسئولين بالمركز كان متواجداً أثناء عملية الحفر
، وأبلغ المسئولين عن التنفيذ بالكيفية والعمق الذي يتم على أساسه الحفر ، إلَّا
أن عدم احترازهما أدى إلى إتلاف الكابل
، وبسؤال رئيس وأعضاء اللجنة المشكلة بمعرفة محافظة .... - بناءً على طلب النيابة
العامة - قرروا بوجود خطأ من جانب شركة .... أثناء عملية الحفـــر، نتج عنه
قطع الكابل التليفوني ، وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف لأسبابه . لما كان ذلك ، وكان
الأصل المقرر في القانون أن من يشترك في أعمال الهدم أو البناء ، لا يُسأل إلَّا
عن نتائج خطئــه ، فالمسئول المختص الذي يعهد إليه بهذا العمل يسأل عن نتائج خطئه
، وتقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه ، وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة
أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ، ما
دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق ، وإذ كان الحكم
الابتدائي المؤيد لأسبابه ، والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التي
أوردها - والتي لا يجادل الطاعنان في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - أن أعمال
الحفر في مكان الحادث كانت تجري تحت مسئوليتهما
، وانتهى إلى مساءلتهما لأنهما أهملا في اتخاذ الاحتياطات المعقولة في مكان العمل
، بما يكفل عدم المساس بالكوابل ، مما أدى إلى تلفها وتـرتب عـلى ذلـك انـقطاع
الاتـصالات ، فـإن الحكم بذلك يكون قد أقـام مـسئولية الطاعنين على أساس من
الواقع والقانون ، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما من عدم عملهما
بمحضر التعاون بين شركة .... محل عملهما وشركة الاتصالات ، وما ورد به من التزامات
بشأن عمل جسَّات عند نقاط التعارض بين خطوط شركة .... وشركة الاتصالات قبل الحفر وإخطار
الشركة الأخيرة قبل القيام بعملية الحفر ، إذ عليهما بحكم وطبيعة عملهما كمسئولين عن
التنفيذ بالشركة عن تلك العملية أن يلما بكافة التعليمات والظروف المحيطة بها ، ومن
ثم فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة سلطة مطلقة
في الأخذ بإقرار المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ، ولو عدل عنه بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى
صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكانت
الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال الشهود ، وتحريات المباحث ، والتقرير الفني ، لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي
، ومن إقرار الطاعن الأول بمحضر الاستدلالات ، وهو لا ينازع في صحة ما نقله
الحكم من أقواله التي حصَّلها ، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال
ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول
على الحكم في شأن ما تقدم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه ، بما تستقل به محكمة الموضوع
بغير معقب ، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة
- فلا يجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن البيِّن من الحكم
المطعون فيه إدانته للطاعنين واعتبرهما فاعلين أصليين تأسيساً على ما ثبت من التقرير
الفني من أنهما هما المسئولان عن عملية الحفر، وذلك على خلاف ما يزعمه الطاعن الثاني
بأسباب الطعن من أن الحكم اعتبره فاعلاً أصلياً على سند مما قرره الطاعن الأول في حق
نفسه بمحضر الاستدلالات المؤرخ .... ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير صحيح
. لما كان ذلك ، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر
في تكوين عقيدتها ، كما أن لها تجزئة الدليل ، فتطرح ما لا تثق فيه من غير أن تكون
ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من إغفاله ما ورد بتقرير
الخبير الفني المنتدب في الدعوى بشأن مسئولية مركز المعلومات بمحافظة .... عن وقوع
الحادث بنسبة 90% لعدم تنفيذه لالتزامه بالكشف عن المرافق أثناء الحفر ومتابعة التنفيذ
، وخطـأ البيانات المقدمة منه في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً عما هو مقرر
من أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيه ، أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه ، يستوي في ذلك أن يكون
سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير
آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة إلى محكمة الموضوع التي
لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة
، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به ، لأن مؤدى
ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون
فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب يكون في غير محله ، وينحل إلى جدل موضوعي
في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها
في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا
تتكامل عناصرها قانوناً إلَّا بحلف اليمين ، إلَّا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي
يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه
، والشهادة اسم المشاهدة ، وهي الاطلاع على الشيء
عياناً ، وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً
بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال المبلغ
ومحامي شركة الاتصالات اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك - بأنها
شهادة ، وإذ كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة
على أقوال شاهد سُمع بغير حلف اليمين ، إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر
الاستدلال ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المبلغ ومحامي الشركة سالفي الذكر
التي أدياها بمحضر الاستدلالات بغير حلف يمين ، فإنه لا يُقبل مصادرة المحكمة في عقيدتها
. لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يُشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة
المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك
الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ ، تجرية محكمة الموضوع يتلاءم به ما
قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان لا يلزم
أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ
كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد
الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته
على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجة فـي اقـتـنـاع
الـمـحـكـمـة واطـمـئـنـانـهـا إلـى ما انتهت إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان
بشأن شهادة كل من المُبلغ ومحامي شركة الاتصالات وفني المساحة بمركز معلومات شبكات
مرافق .... إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي ، لا يُقبل التمسك به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 71 من القانون رقم
10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات تنص على أن : " يعاقب بالسجن وبغرامة
لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من
المباني أو المنشآت المخصصة لشبكات الاتصالات
أو لبنيتها الأساسية أو لخط من خطوط الاتصالات، أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية بحيث ترتب على ذلك انقطاع
الاتصالات ولو مؤقتاً " ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة محل الدعوى
لا تشكل جريمة لكون الإتلاف أو الهدم لم يقع على مبنى أو منشـأة وفق نص المادة سالفة
البيان لا يستند إلى أساس صحيح من القانون ، ويضحى دفاعهما في هذا الصدد ظاهر البطلان لا على المحكمة إن أغفلته ولم ترد عليه
. لما كان ذلك ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي
وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً
إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم
فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعنان من منازعة بشأن صدور محضر
التعاون المبـرم بين شركتي .... و.... للاتصالات مـن ممثل الشركــــة الأولى
، على النحو الوارد بوجه الطعن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر
- في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض
التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة ، كما يترتب على الأخذ
بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية
من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه ، بما يخل بالقوة
الملزمة ، إلَّا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة
فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق به في حقه أركان
المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني ، إذ يمتنع عليه أن يرتكب
هذا الفعل في جميع الحالات ، سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد . لما كان ذلك ، وكان
البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى نسبة الخطأ إلى الطاعنين ، وهو ما يشكل
في صورة الدعوى المطروحة الجريمة المنصوص عليها في المادة 71 من القانون 10 لسنة
2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى المدنية
على أساس المسئولية التقصيرية - بفرض صحة وجود علاقة تعاقدية - قد أصاب صحيح القانون
، ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة
الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد الطاعنين بوصف أنهما هدما وأتلفا خطاً من خطوط
الاتصالات المملوكة للشركة .... للاتصالات ، بأن جعلاها غير صالحة للاستعمال وترتب
على ذلك انقطاع الاتصالات وكان ذلك بإهمالهما وعدم احترازهما ، وكانت هذه الجريمة من
الجنح المعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحداهما طبقاً لنص المادة 71 من القانون رقم
10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، وبعد تداولها بالجلسات أصدرت محكمة أول درجة حكماً
حضورياً بتغريم كل متهم ألف جنيه ، وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي المدني قيمة إصلاح التلفيات،
ومبلغ 10001 جنيه كتعويض مدني مؤقت وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة والمصروفات
، وحضرا بجلسات المحاكمة الاستئنافية كل بوكيل عنه ، كما حضر المدعي بالحقوق المدنية
، ثم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع
برفضهما وتـأييد الحكم المستأنف وألزمت كلاً من المستأنفين بمصاريف استئنافه . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر على مقتضى نص المادتين 237 ، 238 من قانون الإجراءات الجنائية
بعد تعديلها بالقانون 170 لسنة 1981 أنه يجب على
المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن
يحضر بنفسه أما في الجنح الأخرى وفى المخالفات فيجوز أن يندب عنه وكيلاً لتقديم دفاعه
، ولما كان المقصود بالحضور في نظر المادة 238 من القانون سالف البيان هو وجود المتهم
بالجلسة بشخصه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ، وكان الطاعنان قد مثلا
بجلسات المحاكمة الابتدائية كل بوكيل عنه ، وهو ما يجوز لهما عملاً بالمادة 237/2 من
ذلك القانون ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 251 من القانون ذاته تنص على أنه :
" يحصل الادعاء مدنياً بإعلان المتهم على يد مُحضر أو بطلب في الجلسة المنظورة
فيها الدعوى ، إذا كان المتهم حاضراً ، وإلَّا
وجب تأجيل الدعوى ، وتكليف المدعي بإعلان المتهم بطلباته إليه " . لما
كان ذلك ، ولئن كان مفاد هذا النص يستلزم أن يكون المتهم حاضراً بنفسه بالجلسة عندما
يوجه إليه طلب التعويض ، وإلَّا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعي بالحق المدني بإعلان
المتهم بطلباته ، إلَّا أنه مما يغنى عن ذلك حضور محامي المتهم أمام محكمة أول درجة
في الأحوال التي يجوز فيها ذلك عملاً بالمادة 237/2 سالفة البيان - كما هو الحال في
الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن توجيه المدعي بالحق المدني لطلب التعويض بالجلسة المحددة
لـنـظر الـدعوى أمام مـحكمة أول درجة وفي
حـضـور الطاعنين بـوكيـل عـنهـما يكون صحيحاً ، إذ إن الطاعنين
ممثلان قانوناً في الدعوى ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين
بعدم قبول الدعوى المدنية قد أصاب صحيح القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ، مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون
رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق