الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 سبتمبر 2018

الطعن 13303 لسنة 82 ق جلسة 11 / 2 / 2014 مكتب فني 65 ق 8 ص 125

جلسة 11 فبراير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أسامة توفيق عبد الهادي ، مجدي عبد الحليم ، إبراهيم عبد الله وعلي عبد البديع نواب رئيس المحكمة .
-----------
(8)
الطعن 13303 لسنة 82 ق
(1) إثبات " اعتراف " . إكراه . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره قد انتزع منهم بطريق الإكراه . موضوعي . ما دام سائغاً .
مثال لتدليل سائغ على اطراح الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره عن إكراه .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها . موضوعي . أخذ المحكمة بشهادته . مفاده ؟
تناقض المجني عليه وتضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه والتعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ولو خالفت ما شهد به في جلسة المحاكمة . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
النعي بتناقض أقوال المجني عليه أمام المحكمة عنها بتحقيقات النيابة العامة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " بوجه عام " " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
حق محكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً والأخذ منه بما تطمئن إليه واطراح ما عداه . عدم التزامها بنص اعتراف المتهم وظاهره . لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها .
  مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
  لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه والتعويل على اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى . ما دامت قد اطمأنت إليه .
خطأ الحكم في مصدر الدليل . لا يضيع أثره . ما دام له أصل صحيح في الأوراق .
مثال .
(5) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يؤثر في جوهر الواقعة وأدلتها وحسبما حصَّل الحكم وأقام قضاءه .
مثال .
(6) طفل . محكمة الطفل . إثبات " خبرة " . محكمة الجنايات . محكمة أمن الدولة . قانون " تطبيقه " " تفسيره ". إجراءات " إجراءات المحاكمة".
وجوب أن يعاون محكمة الطفل بدرجتيها خبيران أحدهما على الأقل من النساء يحضرا إجراءات المحاكمة ويقدما تقريراً عن الطفل قبل صدور الحكم . عدم وجوب ذلك أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا . التزام أي المحكمتين . مقصور على بحث ظروف الطفل والاستعانة في ذلك بمن تراه . أساس ذلك ؟
(7) طفل . مصاريف . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون".
  قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطفل المصاريف الجنائية . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلغائها . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهمين لصدوره عن إكراه ، فإن هذا الدفع غير سديد ؛ ذلك أن المحكمة تطمئن لاعتراف المتهمين وذلك لأنه صدر طواعية واختياراً حتى وإن عدل عنه المتهمان بعد ذلك ، وقد جاء اعتراف المتهمين مطابقاً للحقيقة والواقع وماديات الدعوى وشهود الإثبات والتقرير الطبي والأوراق خلت من ثمة وسائل إكراه مادي أو معنوي أدى إلى هذا الاعتراف ، ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع في هذا الشأن " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منهم بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله .
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض المجني عليه وتضاربه في أقواله - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به في جلسة المحاكمة ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن ثم فإن النعي بشأن تناقض أقوال المجني عليه أمام المحكمة عنها بتحقيقات النيابة العامة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وهو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض .
3- من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، إذ هي ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين استناداً إلى الأدلة التي عول عليها ومن بينها اعتراف الطاعن الأول ، فإنه لا معقب عليه في تجزئة هذا الاعتراف في شأن ما قرره من أن الطاعن الثاني لم يشترك في ارتكاب الواقعة طالما أنها لم تطمئن إليه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد .
4- لما كان البيِّن من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن – أن الطاعن الثاني قد أقر بارتكابه الواقعة بمحضر جمع الاستدلالات ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ، ولها أن تعول على اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليه ، فإنه لا يقدح من سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أن الطاعن الثاني قد اعترف بارتكابه الواقعة بتحقيقات النيابة العامة مع أنه لم يرد إلا في محضر جمع الاستدلالات ذلك بأن الخطأ في مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- لما كان لا يجدي الطاعنين ما يثيرانه من أن المحكمة أسندت إلى المجني عليه أنه قرر حال سؤاله بالتحقيقات التي أجريت أمامها بمضمون أقواله بتحقيقات النيابة العامة رغم تناقضهما بشأن حقيقة الواقعة ، لأن ذلك الخطأ في الإسناد - بفرض حدوثه - غير مؤثر في سلامة الحكم واستدلاله لأن الحكم المطعون فيه في تحصيله للواقعة وفي إسناد التهمة للطاعنين عول على أقوال المجني عليه بتحقيقات النيابة العامة ، فإن خطأ الحكم المطعون فيه في ذلك في مقام حديثه عن الإدانة وحدها ما دام أنه لا أثر لهذا الخطأ في جوهر الواقعة وأدلتها وحسبما حصل الحكم وأقام قضاءه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون في غير محله .
6- لما كانت المادة 121 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 وإن أوجبت أن يعاون محكمة الطفل خبيران من الأخصائيين أحدهما على الأقل من النساء ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً ، وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، وذلك قبل أن تصدر محكمة الطفل حكمها ، وأنه يتعين مراعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الطفل ، إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الثاني في شأن عدم وجود تقرير مكتوب عن حالته من المراقب الاجتماعي ومناقشته فيه لا يكون له محل .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أورد في منطوقه إلزام الطاعن الثاني الطفل / .... المصاريف الجنائية على خلاف ما توجبه المادة 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والتي تنص على أنه : " لا يُلزم الأطفال بأداء أي رسوم أو مصاريف أمام جميع المحاكم في الدعاوى المتعلقة بهذا الباب . " وحسب المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح ذلك الخطأ بإلغاء عقوبة ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام الطاعن الثاني الطفل / .... المصاريف الجنائية وذلك عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : 1- المتهمين : شرعا وآخر توفى في سرقة الدراجة البخارية المملوكة للمجني عليه / .... من الطريق العام بطريق الإكراه الواقع عليه التارك لآثار جروح به ، بأن استدرجه الثاني بها بزعم توصيله حيث كان الأول والمتوفى في انتظاره ، وباغته الأول ضرباً بسلاح أبيض ( سنجة ) وأعصبوا عينيه وشدوا وثاقه باستخدام أداة " أفيز بلاستيكي " فأحدثوا إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق ، وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من شل مقاومته والاستيلاء على دراجته البخارية إلا أنه قد أوقف بذلك جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو إغاثة الأهالي وضبطهم لهما والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات . 2- المتهم الأول : أحرز بغير ترخيص وبغير مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية سلاحاً أبيض وأداة " سنجة ، أفيز بلاستيكي".
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 ، 46 ، 312 ، 314 ، 315 / ثانياً من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق به والمواد 2 ، 95 ، 111 ، 122 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 . أولاً / بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وألزمته المصاريف الجنائية . ثانياً / بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه الأول هذا الحكم بطريق النقض ، كما طعنت الأستاذة / .... المحامية بصفتها وكيلة عن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن الولي الطبيعي للمحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في السرقة بالإكراه ، ودان الطاعن الأول أيضاً بإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن المدافع عن الطاعن الأول دفع ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لكونه وليد إكراه مادي إلا أن المحكمة اطرحت دفعه بما لا يسوغ ، وعولت في إدانة الطاعن الأول على أقوال المجني عليه رغم تناقض أقواله أمام المحكمة عنها بتحقيقات النيابة العامة بشأن حقيقة الواقعة ، وأغفل الحكم أقوال الطاعن الأول بتحقيقات النيابة العامة والتي قرر بها أن الطاعن الثاني لم يشترك في ارتكاب الواقعة ، وأسند إلى الطاعن الثاني أنه اعترف بارتكاب الواقعة بتحقيقات النيابة العامة رغم عدم صحة ذلك ، وأثبت أن المجني عليه حال سؤاله أمام المحكمة ردد مضمون أقواله بتحقيقات النيابة العامة رغم عدم صحة ذلك إذ نفى أمام المحكمة أن الطاعنين شرعا في سرقته وأن الأمر لا يعدو خلافاً على أجرة التوك توك محل الاتهام ، وأخيراً فإن المحكمة خالفت نص المادة 127 من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 من عدم مناقشة المراقب الاجتماعي بشأن تقرير فحص الطاعن الثاني وهو من الأطفال ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهمين لصدوره عن إكراه ، فإن هذا الدفع غير سديد ؛ ذلك أن المحكمة تطمئن لاعتراف المتهمين وذلك لأنه صدر طواعية واختياراً حتى وإن عدل عنه المتهمان بعد ذلك ، وقد جاء اعتراف المتهمين مطابقاً للحقيقة والواقع وماديات الدعوى وشهود الإثبات والتقرير الطبي والأوراق خلت من ثمة وسائل إكراه مادي أو معنوي أدى إلى هذا الاعتراف ، ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع في هذا الشأن " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منهم بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض المجني عليه وتضاربه في أقواله - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به في جلسة المحاكمة ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن ثم فإن النعي بشأن تناقض أقوال المجني عليه أمام المحكمة عنها بتحقيقات النيابة العامة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وهو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى ، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، إذ هي ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين استناداً إلى الأدلة التي عول عليها ومن بينها اعتراف الطاعن الأول ، فإنه لا معقب عليه في تجزئة هذا الاعتراف في شأن ما قرره من أن الطاعن الثاني لم يشترك في ارتكاب الواقعة طالما أنها لم تطمئن إليه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن الثاني قد أقر بارتكابه الواقعة بمحضر جمع الاستدلالات ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ، ولها أن تعول على اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليه ، فإنه لا يقدح من سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أن الطاعن الثاني قد اعترف بارتكابه الواقعة بتحقيقات النيابة العامة مع أنه لم يرد إلا في محضر جمع الاستدلالات ذلك بأن الخطأ في مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعنين ما يثيرانه من أن المحكمة أسندت إلى المجني عليه أنه قرر حال سؤاله بالتحقيقات التي أجريت أمامها بمضمون أقواله بتحقيقات النيابة العامة رغم تناقضهما بشأن حقيقة الواقعة ، لأن ذلك الخطأ في الإسناد - بفرض حدوثه - غير مؤثر في سلامة الحكم واستدلاله لأن الحكم المطعون فيه في تحصيله للواقعة وفي إسناد التهمة للطاعنين عول على أقوال المجني عليه بتحقيقات النيابة العامة ، فإن خطأ الحكم المطعون فيه في ذلك في مقام حديثه عن الإدانة وحدها ما دام أنه لا أثر لهذا الخطأ في جوهر الواقعة وأدلتها وحسبما حصل الحكم وأقام قضاءه ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 121 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 وإن أوجبت أن يعاون محكمة الطفل خبيران من الأخصائيين أحدهما على الأقل من النساء ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً ، وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ، وذلك قبل أن تصدر محكمة الطفل حكمها ، وأنه يتعين مراعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الطفل ، إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الثاني في شأن عدم وجود تقرير مكتوب عن حالته من المراقب الاجتماعي ومناقشته فيه لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . ولا يفوت المحكمة أن تنوه أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أورد في منطوقه إلزام الطاعن الثاني الطفل / .... المصاريف الجنائية على خلاف ما توجبه المادة 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والتي تنص على أنه : " لا يُلزم الأطفال بأداء أي رسوم أو مصاريف أمام جميع المحاكم في الدعاوى المتعلقة بهذا الباب . " وحسب المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح ذلك الخطأ بإلغاء عقوبة ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام الطاعن الثاني الطفل / .... المصاريف الجنائية وذلك عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق