برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين/ فوزي المملوك، وراغب عبد الظاهر، وعبد الرحيم نافع، وحسن غلاب.
--------
- 1 تهريب جمركي . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". دفوع " الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية". صلح . نقض "
أسباب الطعن . ما يقبل من أسباب الطعن". دعوى " دعوى جنائية : انقضاؤها . بالتصالح".
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية صلحا في جرائم التهريب الجمركي . وجوب
التعرض له وتمحيصه . مخالفة ذلك . قصور .
مؤدى نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك
أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في جرائم التهريب الجمركي في جميع الأحوال
سواء تم الصلح في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات،
ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية، أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح
يعد - في حدود تطبيق هذا القانون - بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في
الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح، ويحدث أثره بقوة القانون، فإنه
يتعين على المحكمة إذا ما تم التصالح أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى أما
إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة
الجنائية المقضي بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع
المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية صلحاً ولم يقل كلمته في الدليل الذي قام
عليه هذا الدفع والمستمد من أقوال الشاهد بأنه تم سداد مبلغ الصلح المستحق كاملاً،
ولا في صفة هذا الشاهد ومدى تمثيله للجهة الإدارية المختصة بإجراء الصلح، وما
توفره هذه الصفة لأقواله من تأثير على وجه الرأي في الدعوى بالنسبة للتهمة الأولى
ومدى مطابقة الصلح المقول بحدوثه لأحكام المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963
فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على
الواقعة، بما يوجب نقضه والإحالة.
- 2 حكم " بيانات الحكم . بيانات التسبيب". إثبات " بوجه عام".
المراد بالتسبيب المعتبر في حكم المادة 310 أ . ج.
الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل
الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر
تحرير الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو من حيث
القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف
على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات معماة، أو وضعه في صورة مجملة
مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة
النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة:
أولا قاما بتهريب التبغ على النحو الموضح بالأوراق. ثانيا: أحرزا وقاما بخلط
الدخان الليبي "الطرابلسي". ثالثا:- الطاعن الأول أيضا بصفته صاحب حانوت
والثاني بصفته تاجرا أحرزا دخانا مغشوشا ومخلوطا. وطلبت عقابهما بالمواد 2، 3، 4
من القانون رقم 92 لسنة 1964 و1 و6/1 من القانون رقم 74 لسنة 1933. و1 و2 و3 و4 من
القانون رقم 160 لسنة 1959، 124 من القانون 66 لسنة 1963. وادعت مصلحة الضرائب
مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 197 ج و655 مليم على سبيل التعويض.
ومحكمة جنح شبرا قضت حضوريا بالنسبة إلى الطاعن الأول وغيابيا بالنسبة
إلى المتهم الثاني عملا بمواد الاتهام بحبس كل منهما ثلاثة أشهر مع الشغل مائة
جنيه والمصادرة وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها وإلزامهما
متضامنين بأن يؤديا للخزانة العامة بمصلحة الضرائب مبلغ 197 و655م والمصروفات
ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف المحكوم عليه الأول (الطاعن الأول) ومحكمة القاهرة الابتدائية
(بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم
المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم.
عارض المحكوم عليه الثاني (الطاعن الثاني) في الحكم الغيابي الابتدائي
الصادر ضده وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف.
ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت بقبول الاستئناف
شكلا وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من
تاريخ الحكم.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.
-----------
المحكمة
وحيث أن مبنى الطعن الأول المقدم من المحكوم عليه ...... هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دانه بوصفه صاحب محل بجرائم تهريب التبغ وإحراز دخان طرابلسي
وإحراز دخان مخلوط مغشوش - فقد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب،
وذلك أنه لم يأخذ بالدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح، ولم
يرد على هذا الدفع. مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث أن مما ينعاه المحكوم عليه الثاني الطاعن بالطعن المضموم 2625
سنة 51 ق أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بوصفه تاجراً بذات الجرائم سالفة البيان
أخذاً بأسباب الحكم الابتدائي على قصورها في بيان عناصر الواقعة روجه استدلال
الحكم على ثبوتها في حقه، ولم ينشئ لنفسه أسباباً جديدة فإنه يكون مشوباً بالقصور
الذي يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أنه يبين من الأوراق أن محكمة أول درجة دانت الطاعنين حضورياً
للأول وغيابياً للثاني بالجرائم الثلاث بحبس كل منهما ثلاثة أشهر مع الشغل
وبتغريمه مائة جنيه والمصادرة وألزمتهما متضامنين بأن يؤديا للخزانة العامة
ولمصلحة الضرائب على الإنتاج مبلغ 655 م و197ج والمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب
المحاماة، وقد طعن المحكوم عليه الأول ................ على هذا الحكم بالاستئناف
ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية صلحاً فأصدرت محكمة ثاني درجة بجلسة 26/5/1979 حكمها
المطعون فيه بالطعن 2861 سنة 51 ق بالتأييد ووقف تنفيذ العقوبة كما عارض المحكوم
عليه الثاني ....... فقضى باعتبار معارضته كأن لم تكن. فاستأنف ومحكمة ثاني درجة
قضت بجلسة 26/1/1980 بتأييد الحكم المستأنف ووقف تنفيذ العقوبة فطعن فيه بالنقض
بالطعن 2625 سنة 51 ق المضموم. لما كان ذلك، ونظراً لوحدة الواقعة وحسن سير
العدالة فقد قررت هذه المحكمة - محكمة النقض - ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول
ليصدر فيهما حكم واحد. لما كان ذلك، وكان الثابت في خصوص الطعن الأول - بمحضر جلسة
26/5/1979 أن المحكوم عليه الأول ...... قد تمسك بالدفع بانقضاء الدعوى الجنائية
بالتصالح استناداً إلى أنه قبل الصلح المعروض عليه من الجهة المختصة وقام بسداد
قيمة مبلغ الصلح كاملاً وإذ كان مؤدى نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963
بإصدار قانون الجمارك أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين في جرائم التهريب
الجمركي في جميع الأحوال سواء تم الصلح في أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد
الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى أمام المحكمة أو وقف تنفيذ
العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد - في حدود تطبيق هذا القانون - بمثابة نزول من
الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح،
ويحدث أثره بقوة القانون، فإنه يتعين على المحكمة إذا ما تم التصالح أثناء نظر
الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى فإنه
يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية
صلحا ولم يقل كلمته في الدليل الذي قام عليه هذا الدفع والمستمد من أقوال الشاهد
بأنه تم سداد مبلغ الصلح المستحق كاملاً، ولا في صفة هذا الشاهد ومدى تمثيله للجهة
الإدارية المختصة بإجراء الصلح، وما توفره هذه الصفة لأقواله من تأثير على وجه
الرأي في الدعوى بالنسبة للتهمة الأولى ومدى مطابقة الصلح المقول بحدوثه لأحكام
المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة
النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة، بما يوجب نقضه والإحالة. لما كان
ذلك، وفي خصوص الطعن الثاني المضموم - فإنه لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من
قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان
باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة له
سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان
جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات
معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب
تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما
صار إثباتها في الحكم وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه
بالطعن 6625 سنة 51 ق المضموم قد اقتصر في إدانة المحكوم عليه الثاني على الأخذ
بتقرير التحليل دون أن يورد الدليل الذي استمد منه صحة إسناد الاتهام إليه عن
التهم الثلاث ومسئوليته عن الدخان الذي جاء في مدونات الحكم أنه ضبط لدى المتهم
الآخر، وليس في متجر الطاعن كما لم يرد على ما أثاره الأخير من دفاع جوهري بأن
المتهم الآخر اشترى الدخان من محله حسبما ورد بفاتورة الشراء المقدمة منه، وأنه
غير مسئول عما قد يكون لحق به من تغيير بعد نقله من محله، ومن ثم وإذ أخذ الحكم
المطعون فيه بهذه الأسباب على قصورها ولم ينشئ لنفسه أسباباً جديدة يتدارك بها هذا
القصور فإنه يكون كذلك معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه
الطعن الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق