الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 10 سبتمبر 2018

الطعن 6991 لسنة 58 ق جلسة 15 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 40 ص 240

جلسة 15 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.

----------------

(40)
الطعن رقم 6991 لسنة 58 القضائية

(1) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". الإضرار العمدي بأموال الدولة. نقض "أثر الطعن".
تغيير المحكمة التهمة المسندة للطاعنين من الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعملون بها إلى التسبيب بخطئهم في إلحاق ضرر جسيم بأموالها. تعديل للتهمة نفسها يوجب لفت نظر الدفاع إليه. مخالفة ذلك. إخلال بحق الدفاع. أساس ذلك؟
اتصال الوجه الذي بني عليه نقض الحكم بمحكوم عليهما آخرين لم يقررا بالطعن بالنقض في الحكم. ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة. توجب امتداد أثر نقض الحكم إليهما.
(2) تسهيل استيلاء. اشتراك. حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. تناقض يعيبه.
مثال.
(3) عقوبة "تقديرها".
وجوب أن يكون الحكم منبئاً بذاته عن قدر العقوبة المحكوم بها لا يكمله أي بيان آخر خارج عنه.
(4) استيلاء على مال عام. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الرد". دعوى جنائية "انقضاؤها بالوفاة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة لا يحول دون القضاء بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 132/ 1، 2، 4، 113/ 1، 114، 115 عقوبات في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة بقدر ما استفاد. أساس ذلك؟
إغفال الحكم التدليل على استفادة كل وارث من الجريمة ومقدار الفائدة في الأموال العامة التي نسب لمورثه الاستيلاء عليها. قصور.
(5) نقض "حالات الطعن مخالفة القانون".
صدارة القصور على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

-----------------
1 - لما كانت الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بصفتهم موظفين عموميين (بالبنك الأهلي فرع.......) أضروا عمداً بأموال تلك الجهة التي يعملون بها، وسهلوا لغيرهم الاستيلاء عليها، وزوروا محرراتها واستعملوها وطلبت النيابة العامة معاقبتهم طبقاً للمواد 113/ 1، 2، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً هـ، 214 من قانون العقوبات، وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعنين بوصف أنهم بصفتهم موظفين عموميين (مستخدمين بالبنك الأهلي...... وهو إحدى الجهات المعتبرة أموالها أموالاً عامة) تسببوا بخطئهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم في أداء وظائفهم وإخلالهم بواجباتها بأن لم يفطنوا إلى تجاوز الموظف "المتوفى"....... لاختصاصه في العمل المسند إليه وإلى تداخله في اختصاصات الآخرين من موظف البنك وظهوره بين أقرانه في جنبات البنك بمظهر يفوق حجمه في العمل مما مكنه أن يضيف لحسابه الشخصي ولحساب غيره دون حق أموال البنك التي تم الاستيلاء عليها، الأمر المنطبق على المادة 116 مكرراً/ 1 من قانون العقوبات وقد دانت المحكمة الطاعنين بهذا الوصف دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساسه. لما كان ذلك، وكان هذا التعديل ينطوي على نسبة الإهمال إلى الطاعنين وهو عنصر لم يرد في أمر الإحالة ويتميز عن ركن تعمد الإضرار الذي أقيمت على أساسه الدعوى الجنائية وكان هذا التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة الخاصة به من تعمد الإضرار إلى الخطأ الذي ترتب عليه ضرر جسيم ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعنين في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراؤه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها بإسناد عنصر جديد لتهمة الإضرار العمدي لم يكن وارداً في أمر الإحالة وهو عنصر إهمال الطاعنين في الإشراف على أعمال مرؤوسيهم مما أتاح له فرصة الاستيلاء لنفسه وتسهيل الاستيلاء لغيره على أموال البنك في غفلة منهم الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة لفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل، وهي إذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لهم ولكل من المحكوم عليهما...... و....... ولو لم يطعنا بالنقض في الحكم المطعون فيه لاتصال الوجه الذي بني عليه النقض بهما ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
2 - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام تحصيله لوقائع الدعوى وما قام به موظف البنك "المتوفى...... قوله" الأمر الذي مكن هذا الأخير من الافتئات على اختصاصات موظف البنك والتدخل فيها قاصداً من ذلك استثمار الوضع لصالح نفسه ولصالح المتهمين السادس ...... والسابع....... (التاسع في الترتيب) وإجراء ما يعن له من عمليات إضافة وخصم مزورة وغير صحيحة أسفرت عن استيلائه من أموال البنك على مبالغ أضيفت بحسابه الشخصي دون وجه حق قدرها 495000 جنيهاً ومبالغ قدرها 191.2473 جنيهاً حمل بها حسابات العملاء..... و....... و...... و....... و...... وأيضاً المتهمين ....... و....... و....... في بعض من حساباتهما على نحو ما جاء بالتحقيقات وذلك دون علم من هؤلاء جميعاً. "عاد في معرض إدانة الطاعنين وأورد قوله" وبعد تحديد مركز المتهمين الخمسة الأول على أساس الخطأ المسبب للضرر الجسيم على نحو ما سلف فإنهما يكونا قد اشتركا مع الموظف المتوفى....... بالاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء لكل منهما على أموال البنك الذي كان يعمل به هذا الموظف كما اشتركا بهذين الطريقين في تزوير المستندات اللازمة لهذا التسهيل وفي جريمة الإضرار العمد بأموال البنك". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لنشاط الموظف المتوفى وعلم الطاعنين بهذا النشاط بالنسبة للخصم والإضافة والذي كان قوام عملية الاستيلاء على أموال البنك يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، فضلاً عما تبين عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه بما يستوجب نقضه.
3 - من المقرر أنه يتعين أن يكون الحكم منبئاً بذاته عن قدر العقوبة المحكوم بها ولا يكمله في ذلك أي بيان خارج عنه.
4 - لما كانت المادة 208 مكرراً/ د من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الأولى على أن "لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة دون قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113، فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 من قانون العقوبات" كما نصت فقرتها الثانية على أن "وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذاً في مال كل منهم بقدر ما استفاد" وكان الحكم المطعون فيه لم يدلل على استفادة كل وارث من الجريمة ولم يحدد مقدار الفائدة، من الأموال العامة التي نسب لمورثه الاستيلاء عليها والتي يعتبر إلزامهم بردها بمثابة عقوبة، فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.
5 - القصور له الصدارة على وجوه الطعن الأخرى المتعلقة بالخطأ في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من المتهمون الأول إلى الخامس أولاً: بصفتهم موظفين عموميين الأول مدير البنك الأهلي فرع....... والثاني نائب مدير الفرع والثالث والرابع رئيسا حسابات الفرع والخامس مراقب خزينة الفرع "سهلوا للمتهمين من السادس حتى الثاني عشر الاستيلاء على مبلغ 2731044 جنيه (مليونان وسبعمائة وواحد وثلاثين ألفاً وأربعة وأربعين جنيهاً) والمملوكة للبنك الأهلي المصري وذلك بإضافته لحسابهم بالفرع من أموال البنك بدون وجه حق وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي التزوير والاستعمال التاليتين ارتباطاً لا يقبل التجزئة. ثانياً: بصفتهم سالفة الذكر ارتكبوا أثناء تأدية وظيفتهم تزويراً في محررات البنك الأهلي إحدى الشركات المساهمة المملوكة للدولة" هي حوافظ الخصم وخطابات الحركة المبينة بالتحقيقات بأن قاموا بالتوقيع عليها واعتماد ما تضمنته من بيانات تخالف الثابت بسجلات الفرع. ثالثاً: استعملوا المحررات المزورة سالفة الذكر بأن جعلوها سنداً من سندات البنك مع علمهم بتزويرها. رابعاً: بصفتهم سالف الذكر أضروا عمداً بأموال الجهة التي يعملون بها بأن قاموا بإضافة المبالغ سالفة البيان إلى حساب العملاء من أموال البنك بدون وجه حق. المتهمون من السادس إلى الثاني عشر: أولاً: اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول للخامس في تسهيل الاستيلاء على أموال البنك الأهلي والبالغ جملتها 2731044 جنيه مليونين وسبعمائة وواحد وثلاثين ألفاً وأربعة وأربعين جنيهاً بأن اتفقوا معهم على ذلك وساعدوهم بأن أمدوهم ببيانات حساباتهم بالفرع فقاموا بإضافة المبالغ لتلك الحسابات فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو الوارد بالتحقيقات. ثانياً: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول للخامس في ارتكاب جريمة التزوير في محررات البنك الأهلي بأن اتفقوا معهم على ذلك وساعدوهم بأن أمدوهم ببيانات حساباتهم فأثبتوها بالمستندات المزورة فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول للخامس في الإضرار بأموال البنك الأهلي بأن اتفقوا معهم على ذلك وساعدوهم بأن قاموا بصرف المبالغ التي أضيفت لحساباتهم من أموال البنك بدون وجه حق. المتهم الثالث عشر: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم ...... في تسهيل الاستيلاء على أموال البنك الأهلي بأن اتفق معه على ذلك وساعده بأن أمده بالشيكات المسحوبة على حساب موكله ..... ببنك القاهرة فرع...... لاستخدامها في إضافة المبالغ لحساب العملاء من أموال البنك بدون وجه حق. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة - بعد أن عدلت وصف التهمة بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والخامس إلى اعتبارهم مرتكبي جريمة التسبب خطأ بإلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها - قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/ 1، 113/ 1 - 2، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً/ هـ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته أولاً: بمعاقبة كل من ...... و....... و....... و....... و....... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه ألف جنيه، وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: بمعاقبة...... بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ أربعين ألف جنيهاً مصرياً ومبلغ ثلاثة وتسعين ألف وثمانمائة وخمسة وأربعين دولاراً أمريكياً وألزمته مبلغ أربعين ألف جنيهاً مصرياً عما هو منسوب إليه. ثالثاً: بمعاقبة...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ ثمانمائة واثنين وعشرين ألف وثمانية وتسعين دولاراً أمريكياً، وألزمته برد مبلغ مماثل عما هو منسوب إليه. رابعاً: في مواجهة ورثة المتوفى...... برد مبلغ أربعمائة وخمسة وتسعين ألف جنيهاً مصرياً بالإضافة إلى مبلغ مليونين وسبعمائة وواحد وثلاثين ألف وأربعمائة وأربعين جنيهاً مصرياً شاملاً ما قضي برده قبل المتهمين السادس والتاسع بالتضامن فيما بينهم. خامساً: رفض الطلب المبدى من المحكوم عليهم برفع التحفظ على أموالهم. سادساً: ببراءة كل من....... و....... و....... و........ و....... و .......
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والخامس والأستاذ الدكتور....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما السادس والتاسع والدكتور....... نيابة عن ورثة....... والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم...... و....... و.......
من حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه أخل بحقهم في الدفاع، ذلك بأن المحكمة دانتهم بجريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون به بدلاً من تهم الإضرار العمد بأموال تلك الجهة وتسهيل الاستيلاء عليها وتزوير محرراتها واستعمال تلك المحررات - وهي التهم التي وجهتها إليهم النيابة العامة والتي جرت المرافعة على أساسها - دون أن تنبه المحكمة الدفاع إلى هذا التعديل، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بصفتهم موظفين عموميين (بالبنك الأهلي فرع.......) أضروا عمداً بأموال تلك الجهة التي يعملون بها، وسهلوا لغيرهم الاستيلاء عليها، وزوروا محرراتها واستعملوها وطلبت النيابة العامة معاقبتهم طبقاً للمواد 113/ 1، 2، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً هـ، 214 من قانون العقوبات، وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعنين بوصف أنهم بصفتهم موظفين عموميين (مستخدمين بالبنك الأهلي...... وهو إحدى الجهات المعتبرة أموالها أموالاً عامة) تسببوا بخطئهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم في أداء وظائفهم وإخلالهم بواجباتهم بأن لم يفطنوا إلى تجاوز الموظف "المتوفى"....... لاختصاصه في العمل المسند إليه وإلى تداخله في اختصاصات الآخرين من موظف البنك وظهوره بين أقرانه في جنبات البنك بمظهر يفوق حجمه في العمل مما مكنه أن يضيف لحسابه الشخصي ولحساب غيره دون حق أموال البنك التي تم الاستيلاء عليها، الأمر المنطبق على المادة 116 مكرراً/ 1 من قانون العقوبات وقد دانت المحكمة الطاعنين بهذا الوصف دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساسه. لما كان ذلك، وكان هذا التعديل ينطوي على نسبة الإهمال إلى الطاعنين وهو عنصر لم يرد في أمر الإحالة ويتميز عن ركن تعمد الإضرار الذي أقيمت على أساسه الدعوى الجنائية وكان هذا التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة الخاصة به من تعمد الإضرار إلى الخطأ الذي ترتب عليه ضرر جسيم ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعنين في أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراؤه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها بإسناد عنصر جديد لتهمة الإضرار العمدي لم يكن وارداً في أمر الإحالة وهو عنصر إهمال الطاعنين في الإشراف على أعمال مرؤوسيهم مما أتاح له فرصة الاستيلاء لنفسه وتسهيل الاستيلاء لغيره على أموال البنك في غفلة منهم الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة لفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل، وهي إذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لهم ولكل من المحكوم عليهما..... و....... ولو لم يطعنا بالنقض في الحكم المطعون فيه لاتصال الوجه الذي بني عليه النقض بهما ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن منهم.


ثانياً: عن الطعن المقدم من...... و.......
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف البنك الأهلي "المتوفى"..... في جريمتي تسهيل الاستيلاء على أموال البنك وتزوير محرراته قد شابه التناقض في التسبيب، ذلك بأنه بعد أن أورد في موضع منه ما يفيد عدم علمهما بعمليات الخصم والإضافة التي تمت في حسابهما وأجراها دون علمهما موظف البنك المذكور والتي تمت بها جريمة التسهيل عاد في موضوع آخر ودانهما بتهمة الاشتراك والمساعدة معه في تلك الجريمة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن مما أورده الحكم المطعون فيه في مقام تحصيله لوقائع الدعوى وما قام به موظف البنك "المتوفى"....... قوله "الأمر الذي مكن هذا الأخير من الافتئات على اختصاصات موظف البنك والتدخل فيها قاصداً من ذلك استثمار الوضع لصالح نفسه ولصالح المتهمين السادس ....... و....... (التاسع في الترتيب) وإجراء ما يعن له من عمليات إضافة وخصم مزورة وغير صحيحة أسفرت عن استيلائه من أموال البنك على مبالغ أضيفت بحسابه الشخصي دون وجه حق قدرها 495000 جنيهاً ومبالغ قدرها 191.2473 جنيهاً حمل بها حسابات العملاء ...... و....... و....... و....... و....... وأيضاً المتهمين....... و ........ في بعض من حساباتهما على نحو ما جاء بالتحقيقات وذلك دون علم من هؤلاء جميعاً". عاد في معرض إدانة الطاعنين وأورد قوله "وبعد تحديد مركز المتهمين الخمسة الأول على أساس الخطأ المسبب للضرر الجسيم على نحو ما سلف فإنهما يكونا قد اشتركا مع الموظف المتوفى......... بالاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء لكل منهما على أموال البنك الذي كان يعمل به هذا الموظف كما اشتركا بهذين الطريقين في تزوير المستندات اللازمة لهذا التسهيل وفي جريمة الإضرار العمد بأموال البنك". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لنشاط الموظف وعلم الطاعنين بهذا النشاط بالنسبة للخصم والإضافة والذي كان قوام عملية الاستيلاء على أموال البنك يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، فضلاً عما تبين عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنين ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين.


ثالثاً: عن الطعن المقدم من ورثة.........
من حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزام كل منهم بقدر ما استفاد من مورثه برد مبلغ أربعمائة وخمسة وتسعين ألف جنيه بالإضافة إلى مبلغ مليونين وسبعمائة وواحد وثلاثين ألف وأربعمائة وأربعين جنيهاً مصرياً شاملاً ما قضى برده قبل المتهمين السادس والتاسع وبالتضامن فيما بينهم قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يقم الدليل على استفادة كل وارث من الجريمة ولم يحدد قدر استفادته قبل الحكم عليه بالرد مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أنه يتعين أن يكون الحكم منبئاً بذاته عن قدر العقوبة المحكوم بها ولا يكمله في ذلك أي بيان خارج عنه. وكانت المادة 208 مكرراً/ د من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الأولى على أن "لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة دون قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113، فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 من قانون العقوبات" كما نصت فقرتها الثانية على أن "وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذاً في مال كل منهم بقدر ما استفاد" وكان الحكم المطعون فيه لم يدلل على استفادة كل وارث من الجريمة ولم يحدد مقدار الفائدة، من الأموال العامة التي نسب لمورثه الاستيلاء عليها والتي يعتبر إلزامهم بردها بمثابة عقوبة، فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه والإعادة - دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن المقدمة منهم.


رابعاً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المحكوم عليهما....... و....... بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع ...... في جريمة تسهيل الاستيلاء على أموال عامة قد انطوى على مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك بأنه لم يقض بتغريم الأول بما يساوي المبلغ الذي دانه بالاستيلاء عليه وألزم الثاني برد مبلغ أقل مما شهد شهود الإثبات أنه استولى عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه في مقام تدليله على ثبوت الجريمة ضد المحكوم عليهما..... و..... - على ما سلف ذكره - قد شابه القصور والتناقض في التسبيب في بيان الواقعة بالنسبة لهما - وكان هذا القصور له الصدارة على وجوه الطعن الأخرى المتعلقة بالخطأ في القانون وهو ما يتسع له وجه الطعن ويعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره الطاعنة بهذا الوجه من طعنها لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والادعاء بالنسبة للمطعون ضدهما......... و........ دون باقي المحكوم عليهم والمحكوم ببراءتهم لأن النيابة العامة الطاعنة لم تنع بشيء على الحكم في هذا الشأن ويكون النقض والإعادة بالنسبة للمحكوم عليهم عدا ...... و...... بناء على طعنهم هم لا طعن النيابة العامة وعلى التفصيل المبين فيما سبق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق