برياسة السيد المستشار/ محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعبد الوهاب الخياط وصلاح عطية
وعبد اللطيف أبو النيل.
---------
- 1 إصابة خطأ . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". خطأ . رابطة
السببية . مسئولية "
مسئولية جنائية".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر السببية بينه وبين
النتيجة . موضوعي . مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة إصابة خطأ
من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر السببية
بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة
الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في
الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد بين ركن الخطأ الذي نسب إلى الطاعن ونجم عنه
الحادث متمثلاً في أنه قاد قطاراً بسرعة كبيرة ودون مراعاة الإشارات التي تأمره
بالوقوف فاصطدم بالسيارة التي كان يستقلها المجني عليه والتي كانت تعبر مزلقان
السكة الحديد مما أدى إلى إصابة المجني عليه وإحداث إصابته، ودلل الحكم على توافر
رابطة السببية بين الخطأ والإصابة وخلص إلى اتصالها اتصال السبب بالمسبب فإن الحكم
يكون قد بين الخطأ الذي وقع من الطاعن وأثبت توافر السببية مستنداً إلى ما له أصله
الثابت في الأوراق ومدللاً تدليلاً سائغاً عليه في العقل وسديداً في القانون ويؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليه.
- 2 محكمة
الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات" بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي . موضوعي .
من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط
البحث، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة
مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
- 3 إتلاف . اختصاص . إصابة
خطأ . دعوى "دعوى مدنية".
دعاوى الحقوق المدنية . الأصل أن ترفع إلى المحاكم المدنية . إباحة
القانون رفعها استثناء إلى المحاكم الجنائية . شرط ذلك توزيع الاختصاص المتعلق
بالولاية من النظام العام . كون الضرر المؤسسة عليه الدعوى المدنية لم ينشأ مباشرة
عن جريمة الإصابة الخطأ موضوع الدعوى الجنائية ، بل عن واقعة إتلاف لم ترفع بها
الدعوى . يوجب على المحكمة أن تقضي بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية .
من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم
المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة
للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون
للجريمة موضوع الدعوى الجنائية المنظورة فإذا لم يكن كذلك سقطت هذه الإباحة وكانت
المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية، ومتى تقرر أن هذه الإباحة مبناها
الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون ويكون توزيع
الاختصاص على هذا النحو من النظام العام المتعلق بالولاية. لما كان ما تقدم، وكانت
الدعوى الجنائية قد رفعت على المتهم بتهمة الإصابة الخطأ فتدخل المطعون ضده مدعياً
بحق مدني للمطالبة ضمن ما طلب بقيمة التلف الذي أصاب السيارة وكان الضرر الذي أسس
عليه دعواه في هذا الشق من الدعوى المدنية لم ينشأ مباشرة عن الجريمة موضوع الدعوى
الجنائية وإنما نشأ عن إتلاف السيارة وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى الجنائية وما
كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لم يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال إلا بعد
تعديل المادة 378 من قانون العقوبات بالقانون رقم 169 لسنة 1981 الصادر بعد وقوع
الفعل. ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية.
- 4 محكمة النقض " سلطة محكمة النقض". نقض " نظر الطعن والحكم فيه".
متى يكون لمحكمة النقض تصحيح الحكم والقضاء وفقا للقانون؟
لما كان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه - بصدد الدعوى المدنية -
مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه على الواقعة كما صار إثباتها في
الحكم فإنه يتعين طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة في الطعن - في خصوص الدعوى
المدنية - وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب خطأ في إصابة...... وكان ذلك
ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته لأصول مهنته وعدم مراعاته للقوانين
واللوائح بأن قاد قطاراً ولم يقف بمحطة السكة الحديد بأسيوط وبسرعة كبيرة دون
مراعاة الإشارات التي أمامه والتي تأمره بالوقوف فصدم سيارة قادمة من طريق جانبي
لتعبر مزلقان السكة الحديد فصدم المجني عليه وأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي
والتي تخلف عنها عاهة مستديمة. وطلبت عقابه بالمادة 238/2 من قانون العقوبات. وادعى
رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر بصفته بمبلغ ستة آلاف جنيه تعويضاً نهائيا.
ومحكمة جنح قسم ثان أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر
مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لوقف التنفيذ وإلزامه بالتضامن مع المسئول عن الحقوق
المدنية بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً نهائيا. استأنف المحكوم عليه ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت
حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم
مائة جنيه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن كل من المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية بصفته في هذا
الحكم بطريق النقض... الخ.
------------
المحكمة
حيث أن الطاعن الأول (المحكوم عليه) ينعي على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمة الإصابة الخطأ قد انطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع,
ذلك بأن دفاعه أمام درجتي التقاضي قائم على انتفاء الخطأ من جانبه وأن تبعة الحادث
تقع على عاتق سائق السيارة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاعه - إيراد له
وردا عليه - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية لجريمة الإصابة الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في
حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان من
المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر السببية بين الخطأ
والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع
بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق,
وكان الحكم المطعون فيه قد بين ركن الخطأ الذي نسب إلى الطاعن ونجم عنه الحادث
متمثلا في أنه قاد قطارا بسرعة كبيرة ودون مراعاة الإشارات التي تأمره بالوقوف
فأصطدم بالسيارة التي كان يستقلها المجني عليه والتي كانت تعبر مزلقان السكة
الحديد مما أدى إلى إصابة المجني عليه وإحداث إصابته, ودلل الحكم على توافر رابطة
السببية بين الخطأ والإصابة وخلص إلى اتصالها اتصال السبب بالمسبب فإن الحكم يكون
قد بين الخطأ الذي وقع من الطاعن وأثبت توافر السببية مستندا إلى ما له أصله
الثابت في الأوراق ومدللا تدليلا سائغا عليه في العقل وسديدا في القانون ويؤدي إلى
ما رتبه الحكم عليه. لما كان ذلك, وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة على بساط البحث, وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا
مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق كما هي الحال في
الدعوى الماثلة, أما ما يثيره الطاعن بشأن إغفال الحكم المطعون فيه دفاعه القائم
على أن الحادث وقع نتيجة خطأ قائد السيارة بعبوره مزلقان السكة الحديد فمردود بأن
ذلك لا يعدو أن يكون دفاعا في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما
أوردته المحكمة تدليلا على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها. لما
كان ما تقدم, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في شأن الدعوى الجنائية يكون على غير
أساسا متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان - المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق
المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي
بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض مدني عن إتلاف السيارة قد أخطأ في تطبيق
القانون, ذلك أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة لا ولاية لها في الفصل في
الدعوى المدنية, إذ أن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم بوصف أنه تسبب خطأ في
إصابة...... في حين أن محل الدعوى المدنية هو إتلاف السيارة رقم 11524 حكومة مما
يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أنه من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى
المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت
تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون
للجريمة موضوع الدعوى الجنائية المنظورة فإذا لم يكن كذلك سقطت هذه الإباحة وكانت المحاكم
الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية, ومتى تقرر أن هذه الإباحة مبناها
الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون ويكون توزيع
الاختصاص على هذا النحو من النظام العام المتعلق بالولاية. لما كان ما تقدم, وكانت
الدعوى الجنائية قد رفعت على المتهم بتهمة الإصابة الخطأ فتدخل المطعون ضده مدعيا
بحق مدني للمطالبة ضمن ما طلب بقيمة التلف الذي أصاب السيارة وكان الضرر الذي أسس
عليه دعواه في هذا الشق من الدعوى المدنية لم ينشأ مباشرة عن الجريمة موضوع الدعوى
الجنائية وإنما نشأ عن إتلاف السيارة وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى الجنائية وما
كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لم يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال إلا بعد
تعديل المادة 378 من قانون العقوبات بالقانون رقم 169 لسنة 1981 الصادر بعد وقوع
الفعل. ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية.
لما كان ذلك, وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه - بصدد الدعوى المدنية -
مقصورا على الخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه على الواقعة كما صار إثباتها في
الحكم فإنه يتعين طبقا للمادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة في الطعن - في خصوص الدعوى المدنية -
وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون, ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء
بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية مع إلزام
المدعي بالحقوق المدنية بمصروفاتها, وذلك بغير حاجة إلى التطرق لبحث سائر ما ينعاه
الطاعنان على الحكم في صددها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق