جلسة 17 من مايو سنة 2007
برئاسة السيد القاضي/ محمود رضا الخضيري رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمود سعيد محمود، رفعت أحمد فهمي، نادر السيد نواب رئيس المحكمة وخالد
عبد المجيد.
--------------
(76)
الطعن 5410 لسنة 75 ق
- 1 عقد "أركان العقد وشروط
انعقاده: سلطان الإرادة" "بعض أنواع العقود: عقد الصلح".
العقد. قانون المتعاقدين. لازمه. أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع
صحيحاً لا يخالف النظام العام أو الآداب ملزما للطرفين. عدم استقلال أي منهما
بنقضه أو تعديله. م 147/1 مدني. اقتصار دور القاضي على تفسير إرادتهما بالرجوع إلى
نية المتعاقدين. مؤداه. الخطأ في تطبيق نصوصه أو مخالفتها خطأ في القانون. خضوعه
لرقابة محكمة النقض.
- 2 عقد " أركان العقد وشروط
انعقاده: سلطان الإرادة" "بعض أنواع العقود: عقد الصلح".
عقد الصلح. الأصل فيه عدم قابليته للتجزئة. م 557/1 مدني.
- 3 حكم "عيوب التدليل:
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". دعوى "أنواع من الدعاوي: دعوى صحة
التعاقد" "مصروفات الدعوى".
حضور طرفي التداعي أمام محكمة أول درجة وتقديم الطاعنين عقد صلح يتضمن
إنهاء النزاع صلحاً على عقدي البيع موضوع الدعوى والنص في إحدى بنديه على إقرار
المطعون ضدها البائعة بصحة ونفاذ هذين العقدين والتزام الطاعنين بالمصاريف وصادق
الطرفان على ما جاء بعقد الصلح وطلبا إلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله
في قوه السند التنفيذي وتمسكا بذات الطلب أمام محكمة الاستئناف. مؤداه. التزام
الطاعنين بمصاريف الدعوى يقابله التزام المطعون ضدها بإقرار الصلح. شرطه. تصديق
المحكمة عليه وإلحاقه بمحضر الجلسة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وإلزامه
الطاعنين بالمصاريف أخذاً بإقرارهما بها باتفاق الصلح رغم امتناعه عن التصديق عليه
وعدم فطنته إلى أن الالتزام بالمصاريف جزء من عقد الصلح ولا يمكن فصله عن باقي
الالتزامات الأخرى المنصوص عليها فيه. خطأ.
- 4 حكم "عيوب التدليل:
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى صحة
التعاقد" "مصروفات الدعوى".
عدم لزوم شهر الاتفاق على صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية
العقارية. شرطه. سبق شهر صحيفة هذا التعاقد وعدم تضمن هذا الاتفاق غير ذات الطلبات
الواردة في الصحيفة المشهرة.
-------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة 147/1 من القانون المدني يدل على أن العقد هو قانون المتعاقدين، وهو تطبيق لمبدأ سلطان الإرادة الذي مازال يسود الفكر القانوني، ولازم تلك القاعدة أن ما اتفق عليه العاقدان متى وقع صحيحاً لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزماً للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أي من الطرفين، ولا يجوز ذلك للقاضي لأنه لا يتولى إنشاء العقود على عاقديها، وإنما يقتصر عمله على تفسير إرادتهما بالرجوع إلى نية المتعاقدين، ومن ثم جرى قضاء هذه المحكمة على أن العقد قانون المتعاقدين، فالخطأ في تطبيق نصوصه أو مخالفتها خطأ في القانون يخضع لرقابة محكمة النقض.
2 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن عقد الصلح - وعلى ما جرى به نص المادة 557/1 من القانون المدني - لا يقبل في الأصل التجزئة.
3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطرفين حضرا أمام محكمة أول درجة بجلسة 5 /1/ 2004 وقدم الطاعنان عقد صلح يحمل ذات التاريخ، تضمن انتهاء النزاع صلحاً على عقدي البيع المؤرخين 3/7/1989 موضوع الدعوى، ونص في بنده الثاني على إقرار الشركة المطعون ضدها - البائعة - بصحة ونفاذ هذين العقدين، ونص في بنده الثالث على التزام الطاعنين بالمصاريف، وقد صادق الطرفان على ما جاء باتفاق الصلح، وطلبا إلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي، كما تمسكا بذات الطلب أمام محكمة الاستئناف، وكان مؤدى ما تضمنه هذا الاتفاق - وعلى ما اتجهت إليه إرادة طرفيه - أن التزام الطاعنين بمصاريف الدعوى، يقابله التزام المطعون ضدها بإقرار ذلك الصلح، وأنه مشروط بتصديق المحكمة عليه وإلحاقه بمحضر الجلسة، فإذا امتنعت عن ذلك التصديق، فإنه لا يجوز لها الاستناد إلى عقد الصلح بإلزام أحد طرفيه بالمصاريف، وإلا تكون قد عدلت العقد بالمخالفة لإرادة عاقديه، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وألزم الطاعنين بالمصاريف أخذاً بإقرارهما بها باتفاق الصلح، رغم امتناعه عن التصديق عليه، ولم يفطن الحكم إلى أن الالتزام بالمصاريف جزء مما ورد بذلك الاتفاق ولا يمكن فصله عن باقي الالتزامات الأخرى المنصوص عليها فيه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
4 - المقرر إن شهر الاتفاق على صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية لا يجب ولا يلزم ما دامت صحيفة الدعوى بصحة هذا التعاقد قد سبق شهرها ولم يتضمن هذا الاتفاق غير ذات الطلبات الواردة في الصحيفة المشهرة.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن الطاعنين أقاما على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم...... لسنة 2003
مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 3/7/1989
المتضمنين بيع الشركة المطعون ضدها إليهما الشقتين المبينتين بالصحيفة مقابل ثمن
مقداره 140 ألفاً لكل منهما أمام محكمة أول درجة، وفي 5/1/2004 تاريخ الجلسة
الأولى حضر الطرفان، وقدم الطاعنان عقد صلح يحمل ذات التاريخ، صادق الطرفان على ما
جاء به وطلبا إلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي،
رفضت المحكمة هذا الطلب، وحكمت بصحة ونفاذ عقدي البيع، وألزمت المطعون ضدها
المصاريف. استأنفت الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم...... لسنة 8 ق القاهرة بطلب
إلغاء الحكم المستأنف وإلحاق عقد الصلح المشار إليه بمحضر جلسة محكمة أول درجة،
وأيدها الطاعنان في طلبها، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به
بشأن المصاريف وألزمت الطاعنين بها، وأيدته فيما قضى به بشأن موضوع الدعوى. طعن
الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه،
وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت
النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن التزامهما بمصروفات الدعوى طبقاً لما جاء بعقد
الصلح المقدم فيها، مشروط بإقرار الشركة المطعون ضدها -البائعة- له وتصديق المحكمة
عليه وإلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي وبالمقدار
التي يترتب على هذا التصديق طبقاً لقانون الرسوم القضائية، وهو ربع الرسم المسدد،
وإذ رفضت محكمة أول درجة التصديق على عقد الصلح وإلحاقه بمحضر الجلسة الأولى
المحددة لنظر الدعوى أمامها، وسايرها في ذلك الحكم المطعون فيه ورغم ذلك ألزمهما
بكامل مصاريف الدعوى استناداً إلى إقرارهما المشروط بها رغم عدم تحققه، فإنه يكون
معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 147/1 من القانون
المدني على أن "(1) العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا
باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" مما يدل على أن العقد هو
قانون المتعاقدين، وهو تطبيق لمبدأ سلطان الإرادة الذي مازال يسود الفكر القانوني،
ولازم تلك القاعدة أن ما اتفق عليه العاقدان متى وقع صحيحاً لا يخالف النظام العام
أو الآداب أصبح ملزماً للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أي من
الطرفين، ولا يجوز ذلك للقاضي لأنه لا يتولى إنشاء العقود على عاقديها، وإنما
يقتصر عمله على تفسير إرادتهما بالرجوع إلى نية المتعاقدين، ومن ثم جرى قضاء هذه
المحكمة علي أن العقد قانون المتعاقدين، فالخطأ في تطبيق نصوصه أو مخالفتها خطأ في
القانون يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنه من المقرر، أن عقد الصلح -وعلى ما جرى
به نص المادة 557/1 من القانون المدني- لا يقبل في الأصل التجزئة. لما كان ذلك،
وكان الثابت من الأوراق أن الطرفين حضرا أمام محكمة أول درجة بجلسة 5/1/2004 وقدم
الطاعنان عقد صلح يحمل ذات التاريخ، تضمن انتهاء النزاع صلحاً على عقدي البيع
المؤرخين 3/7/1989 موضوع الدعوى، ونص في بنده الثاني على إقرار الشركة المطعون
ضدها –البائعة- بصحة ونفاذ هذين العقدين، ونص في بنده الثالث على التزام الطاعنين
بالمصاريف، وقد صادق الطرفان على ما جاء باتفاق الصلح، وطلبا إلحاقه بمحضر الجلسة
وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي، كما تمسكا بذات الطلب أمام محكمة
الاستئناف، وكان مؤدى ما تضمنه هذا الاتفاق -وعلى ما اتجهت إليه إرادة طرفيه- أن
التزام الطاعنين بمصاريف الدعوى يقابله التزام المطعون ضدها بإقرار ذلك الصلح, وأنه
مشروط بتصديق المحكمة عليه وإلحاقه بمحضر الجلسة، فإذا امتنعت عن ذلك التصديق،
فإنه لا يجوز لها الاستناد إلى عقد الصلح بإلزام أحد طرفيه بالمصاريف، وإلا تكون
قد عدلت العقد بالمخالفة لإرادة عاقديه، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر
وألزم الطاعنين بالمصاريف أخذاً بإقرارهما بها باتفاق الصلح، رغم امتناعه عن
التصديق عليه، ولم يفطن الحكم إلى أن الالتزام بالمصاريف جزء مما ورد بذلك الاتفاق
ولا يمكن فصله عن باقي الالتزامات الأخرى المنصوص عليها فيه، فإنه يكون معيباً
بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه في خصوص ما تم نقضه،
وكان من المقرر أن شهر الاتفاق على صحة التعاقد علي حق من الحقوق العينية العقارية
لا يجب ولا يلزم ما دامت صحيفة الدعوى بصحة هذا التعاقد قد سبق شهرها ولم يتضمن
هذا الاتفاق غير ذات الطلبات الواردة في الصحيفة المشهرة، وكان الثابت من الأوراق
أن عقد الصلح المؤرخ 5/1/2004 والمقدم من المستأنف ضدهما لا مخالفة فيه للنظام
العام وقد انصب على ذات الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى المشهرة، كما تضمن إنهاء
النزاع بشأن المصاريف موضوع الاستئناف، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإجابة
الطرفين إلى طلبهما بالتصديق على عقد الصلح وإلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه
فيه.