الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مارس 2015

الطعن 5655 لسنة 70 ق جلسة 28 /6 /2006 مكتب فني 57 ق 123 ص 646

جلسة 28  من يونيو سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / شكري العميري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الصمد عبد العزيز، زكريا إسماعيل، محمود العتيق نواب رئيس المحكمة ود . مصطفى سعفان.
-----------
(123)
الطعن 5655 لسنة 70 ق
(1) نقض " الخصوم في الطعن بالنقض : الخصوم بصفة عامة".
الطعن بالنقض . عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه .
(2) قرار إداري " ماهيته " .
القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله . ماهيته .
(3 ، 4) قرار إداري " ماهيته : مثال لما يعد قراراً إدارياً " .
(3) الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم . سلطتها في الترخيص للأفراد بإقامة المباني أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها . المادة 4 ق 106 لسنة 76 المعدل . رفضها الترخيص لأي من الأعمال التي عددها . اعتباره قرار إداري . اختصاص جهة القضاء الإداري به طالما لم يلحق القرار عيب ينحدر به إلى درجة العدم .
(4) امتناع الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم عن إصدار ترخيص تعلية للعقار موضوع النزاع . قرار إداري . اختصاص مجلس الدولة بهيئة إدارية بطلب التمكين من تنفيذ إعمال البناء ومنع التعرض لما يتطلبه ذلك من إلغاء القرار أو وقف تنفيذه . مخالفة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاءه باختصاص القضاء العادي بقالة إن القرار الإداري قرار معدوم . خطأ ومخالفة للقانون .
(5) نقض "أثر نقض الحكم: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم المطعون فيه لمخالفة قواعد الاختصاص . اقتصار المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص . عند الاقتضاء تعين المحكمة الواجب التداعي إليها بإجراءات جديدة . م 269/1 مرافعات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه .
       2 - إن القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه مصلحة عامة .
3 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن القانون 106 لسنة 1976 المعدل قد ناط في المادة الرابعة منه . بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم سلطة الترخيص للأفراد بإقامة المباني أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها ، كما حظر القيام بأي عمل من الأعمال المذكورة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك منها ، وكان رفض الجهة الإدارية بعمل من تلك الأعمال التي عددها القانون يعتبر قراراً إدارياً صدر من الجهة الإدارية المختصة في حدود سلطتها وبقصد إحداث أثر قانوني وإن ما ينسب إلى القرار من عيوب عدم المشروعية يكون النظر فيه من اختصاص جهة القضاء الإداري طالما كان القرار لم يلحقه عيب ينحدر به إلى درجة العدم .
       4 - إذ كان البين من الأوراق أن الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم – والتي يمثلها الطاعن الثاني بصفته – قد رفضت إصدار ترخيص بتعلية العقار موضوع النزاع - وذلك بامتناعها – وإذ كان هذا يعد منها قراراً إدارياً صدر منها في حدود سلطتها وبقصد إحداث أثر قانوني فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون هو الجهة المختصة في طلب التمكين من تنفيذ أعمال البناء ومنع التعرض لما يتطلبه ذلك من إلغاء هذا القرار أو وقف تنفيذه ، ولا يعتبر من هذا النظر ما ذكره الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه من أن القرار المذكور قرار معدوم لصدوره استناداً لعدم مطابقة طلب ترخيص التعلية لاشتراطات البناء لشركة المعادي حال أن تلك الاشتراطات تم إلغاؤها قبل تقديم طلب الترخيص ؛ ذلك أن هذا القرار وقد صدر من الجهة الإدارية المختصة على ما سلف بيانه فإنه – وأيا كان وجه الرأي في شأن المخالفة المشار إليها – يكون قد استكمل في ظاهره مقومات القرار الإداري غير مشوب بعيب بالغ الجسامة وظاهر الوضوح بحيث يجرده من الصفة الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم ، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى المرفوعة بالطلبات آنفة الذكر باعتبار أن القرار الإداري محلها هو قرار إداري معدوم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
5 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ، والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم عدا الخامس والسادس أقاموا على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم ...... لسنة 1999 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينهم من تنفيذ أعمال البناء المقررة بطلب الترخيص المقدم منهم ومنع تعرضهما لهم في ذلك وقالوا بياناً لذلك إنهم يمتلكون قطعة الأرض الفضاء المبينة بالصحيفة والصادر لها ترخيص البناء رقم .... لسنة 1991 والمعدل بالترخصين رقمي ... ، .... لسنة 1996 ، ونفاذاً لهذا الترخيص قاموا ببناء بدروم ودور أرضى وأربعة أدوار متكررة ودور خامس خدمات ، وإعمالا للمادة 81/1 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 3 لسنة 1982 تقدموا بتاريخ 27/4/1995 بطلب للطاعن الثاني بصفته للترخيص لهم بتعلية هذا العقار إلا أنه رفض بقالة إن الاشتراطات البنائية للمنطقة الكائن بها العقار لا تسمح بتلك التعلية حال أنه تم إلغاء تلك الاشتراطات بموجب قرار محافظ القاهرة رقم 17/1991 وهو ما يكون معه قرار الرفض منعدماً لفقدانه أركان النية والمحل والسبب وماسة بمركز قانوني مستقر لهم هو قيام الموافقة القانونية على طلب الترخيص لعدم البت فيه خلال ثلاثين يوما ، فأقاموا الدعوى ، قضت المحكمة بالطلبات استأنف الطاعنان بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 116 ق القاهرة وبتاريخ 23/8/2000 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه , وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الخامس والسادس فهو في محله . ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه ، لما كان ذلك . وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهما المذكورين سلفاً ليسا خصمين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون اختصامهما في الطعن بالنقض غير مقبول .
وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك يقولان إنهما امتنعا عن الموافقة على طلب المطعون ضدهم بالترخيص لهم بتعلية العقار محل التداعي إلى الحد الأقصى للارتفاع المسموح به وذلك لمخالفته أحكام القانون والقرارات الصادرة في هذا الشأن ، وإذ يعد هذا الرفض قراراً إدارياً سلبياً بالامتناع عن إصدار الترخيص المذكور ومن ثم فإن الاختصاص بنظر النزاع بشأنه ينعقد لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة وينحسر عنه اختصاص القضاء العادي . وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى على سند من أن القرار الإداري السلبي بالامتناع عن الترخيص قرار منعدماً مما يختص بنظر النزاع عنه القضاء العادي مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً وكان الباعث عليه مصلحة عامة وكان القانون 106 لسنة 1976 المعدل قد ناط في المادة الرابعة منه . بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم سلطة الترخيص للإفراد بإقامة المباني أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها ، كما حظر القيام بأي عمل من الأعمال المذكورة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك منها ، وكان رفض الجهة الإدارية بعمل من تلك الأعمال التي عددها القانون يعتبر قراراً إدارياً صدر من الجهة الإدارية المختصة في حدود سلطتها وبقصد إحداث أثر قانوني وإن ما ينسب إلى القرار من عيوب عدم المشروعية يكون النظر فيه من اختصاص جهة القضاء الإداري طالما كان القرار لم يلحقه عيب ينحدر به إلى درجة العدم ، لما كان ذلك . وكان البين من الأوراق أن الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم – والتي يمثلها الطاعن الثاني بصفته – قد رفضت إصدار ترخيص بتعلية العقار موضوع النزاع - وذلك بامتناعها – وإذ كان هذا يعد منها قراراً إدارياً صدر منها في حدود سلطتها وبقصد إحداث أثر قانوني فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون هو الجهة المختصة في طلب التمكين من تنفيذ أعمال البناء ومنع التعرض لما يتطلبه ذلك من إلغاء هذا القرار أو وقف تنفيذه ، ولا يعتبر من هذا النظر ما ذكره الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه من أن القرار المذكور قرار معدوم لصدوره استناداً لعدم مطابقة طلب ترخيص التعلية لاشتراطات البناء لشركة المعادي حال أن تلك الاشتراطات تم إلغاؤها قبل تقديم طلب الترخيص ؛ ذلك أن هذا القرار وقد صدر من الجهة الإدارية المختصة على ما سلف بيانه فإنه – وأيا كان وجه الرأي في شأن المخالفة المشار إليها – يكون قد استكمل في ظاهره مقومات القرار الإداري غير مشوب بعيب بالغ الجسامة وظاهر الوضوح بحيث يجرده من الصفة الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم ، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى المرفوعة بالطلبات آنفة الذكر باعتبار أن القرار الإداري محلها هو قرار إداري معدوم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب ودون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .
وحيث إنه لما كانت المادة 269 /1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة ، ولما سلف فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الطعون 8023 ، 8005 لسنة 74 ق و58 ، 910 لسنة 75 ق جلسة 27/ 6/ 2006 س 57 ق 122 ص 640)

برئاسة السيد المستشار / السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد أحمد شعلة , حسن يحيى فرغل ، عز العرب عبد الصبور حسانين وعبد البارى عبد الحفيظ حسن نواب رئيس المحكمة .
-------------
(1) دعوى " شروط قبول الدعوى : الصفة : الصفة الإجرائية : صاحب الصفة في تمثيل مصلحة الشهر العقاري " .
طلب محو التسجيلات موجه لمصلحة الشهر العقاري . وزير العدل . الرئيس الأعلى والممثل للمصلحة أمام القضاء . رئيس مأمورية الشهر العقاري . تابع له . مؤداه . اختصام الأخير في الطعن بالنقض . غير مقبول .
(2) بيع " صورية عقد البيع : أثرها " . خلف " الخلف الخاص : للخلف الخاص التمسك بالعقد الصوري " . صورية " العقود والتصرفات القانونية التي ترد عليها الصورية : الصورية في عقد البيع " . عقد " آثار العقد : أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص " " صورية العقد " .
إبرام عقد صوري . للخلف الخاص ولدائني المتعاقدين ومنهم المشترى بعقد غير مسجل التمسك بالعقد الصوري دون الحقيقي . شرطه . حسن النية وقت التعاقد . 244/1 مدنى . علة ذلك .
(3) دعوى " نظر الدعوى أمام المحكمة : إجراءات نظر الدعوى : الدفاع في الدعوى : الدفاع الجوهري " .
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم . قصور في أسبابه الواقعية . مقتضاه . بطلان الحكم . مؤداه . التزام المحكمة بنظر أثر الدفاع المطروح عليها وتقدير مدى جديته للوقوف على أثره في قضائها .
(4) بيع " صورية عقد البيع : أثرها " . حكم " عيوب التدليل : القصور في التسبيب " . خلـف " الخلف الخاص : للخلف الخاص التمسك بالعقد الصوري " . صورية " العقود والتصرفات القانونية التي ترد عليها الصورية : الصورية في عقد البيع " . عقد " آثار العقد : أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص " " صورية العقد".
تمسك الطاعن بحسن نيته وقت تعاقده مع المطعون ضدها البائعة له وبالعقد المشهر سند ملكيتها لأرض النزاع الظاهر له ولو كان التصرف صورياً باعتباره من الغير بالنسبة لذلك العقــد . دفاع جوهري . قضاء الحكم المطعون فيه بصورية العقد المشهر وبشطب التسجيلات المترتبة عليه وبصحة ونفاذ عقد بيع ذات الأرض بين آخرين ملتفتاً عن بحث ذلك الدفاع . إخلال بحق الدفاع وقصور .
(5) نقض " أثر نقض الحكم " .
        نقض الحكم . أثره . زواله واعتباره كأن لم يكن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن طلب محو التسجيلات موجه أصلاً إلى مصلحة الشهر العقاري – التي يمثلها وزير العدل بصفته الرئيـس الأعلى لها – التي قامت بإجراء تلك التسجيلات وهى المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها . لما كان ذلك ، وكان المطعون ضده السادس بصفته " وزير العدل " هو الذي يمثل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء في حين أن المطعون ضده السابع بصفته " رئيس مأمورية الشهر العقاري بمدينة نصر " تابع له ومن ثم فلا يجوز له تمثيل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء مما يكون معه اختصامه في الطعن غير مقبول .
2 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 244 من القانون المدني أنه إذا أبرم عقد صوري ، فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانوا حسنى النية ، أن يتمسكوا بالعقد الصوري ، فيجوز للخلف الخاص ولدائني المتعاقدين ومنهم المشترى بعقد غير مسجل أن يتمسك – متى كان حسن النية وقت التعاقد - بالعقد الصوري المبرم بين مدينهما دون العقد الحقيقي وذلك حماية لحسن النية الذي لازم التصرف وهو الأمر الذي يقتضيه استقرار المعاملات .
3 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياَ ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه ، وعلى ذلك فإنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى ، فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها .
4 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه كان حسن النية وقت تعاقده مع المطعون ضدها الثالثة – البائعة له - ، وأنه تمسك بالعقد المشهر برقم .... سنة 2001 في 13/2/2001 سند ملكيتها للأرض موضوع النزاع وهو العقد الظاهر بالنسبة له حتى ولو كان التصرف صورياً وذلك باعتباره من الغير بالنسبة لهذا العقد وذلك عملاً بنص المادة 244/1 من القانون المدني وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بصورية العقد المشهر برقم .... سنة 2001 في 13/2/2001 شهر عقاري شمال القاهرة وبشطب التسجيلات المترتبة عليه وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/8/1999 ( عقد بيع أرض النزاع بين آخرين ) دون أن يعرض لهذا الدفاع ولم يعن بفحصه وتمحيصه مع أنه دفاع جوهري من شــــأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأى في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
5 - إذ كانت المحكمة " محكمة النقض " قضت بنقض هذا الحكم ( الحكم المطعون فيه ) وكان نقض الحكم المطعون فيه يترتب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعن رقم 8023 لسنة 74 ق . أقام الدعوى رقم .. لسنة 2001 مدنى شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم الثاني ، الثالثة ، السادس والسابع بصفتيهما وأدخل فيها الطاعن والمطعون ضدهما الرابعة والخامس بطلب الحكم – وفقاً لطلباته الختامية – بصورية عقدي البيع المشهرين برقمي .... لسنة 2001 في 13/2/2001 توثيق شمال القاهرة ، ..... لسنة 2001 في 18/9/2001 توثيق شمال القاهرة وشطب التسجيلات المترتبة عليهما وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 25/8/1999 والتسليم وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد البيع الأخير اشترى من المطعون ضده الخامس بصفته وكيلاً عن المطعون ضده الثاني الأرض الفضاء البالغ مساحتها 600م2 ( ستمائة متر مربع ) والمبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل ثمن مدفوع مقداره مليون جنيه ، وأن البائع امتنع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية وباع ذات الأرض إلى ابنته المطعون ضدها الثالثة بيعاً صورياً بمقتضى عقد أشهر في 13/2/2001 برقم ...... سنة 2001 والتي باعتها إلى الطاعن والمطعون ضدها الرابعة بعقد أشهر في 18/9/2001 برقم ....... سنة 2001 وأن هذين العقدين صوريان صورية مطلقة ومن ثم فقد أقام الدعوى . أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته . استأنف المطعون ضدهم الثاني والثالثة والرابعة هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 8 ق ( مأمورية شمال القاهرة ) كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ..... لسنة 8 ق ( مأمورية شمال القاهرة ) وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للاستئناف الأول قضت بتاريخ 18/11/2004 بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعون أرقام 8023 لسنة 74ق و 58 ، 910 لسنة 75 ق . كما طعن المطعون ضدهم الثاني والثالثة والرابعة في الطعون السابقة على هذا الحكم أيضاً بطريق النقض بالطعن رقم 8005 لسنة 74 ق وقدمت النيابة مذكرتين في الطعون الأربعة دفعت في المذكرة المقدمة في الطعون الثلاثة الأول بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده السابع بصفته وأبدت الرأي في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وفى المذكرة المقدمة في الطعن الرابع دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الخامس بصفته وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن ، وعرضت الطعون الأربعة على هذه المحكمة في غرفة مشورة فقررت ضم الطعون أرقام 8023 لسنة 74 ق و 58، 910 لسنة 75 ق إلى الطعن رقم 8005 لسنة 74 ق للارتباط وحددت جلسة لنظرهم وفيها التزمت النيابة رأيها .
أولاً : الطعن رقم 8023 لسنة 74 ق .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده السابع بصفته لأنه لا يمثل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء والتي يمثلها قانوناً المطعون ضده السادس بصفته " وزير العدل " مما يكون اختصامه في الطعن غير مقبول .
       وحيث إن هذا الدفع في محله ، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن طلب محو التسجيلات موجه أصلاً إلى مصلحة الشهر العقاري – التي يمثلها وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لها – التي قامت بإجراء تلك التسجيلات وهى المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها . لما كان ذلك ، وكان المطعون ضده السادس بصفته " وزير العدل " هو الذي يمثل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء في حين أن المطعون ضده السابع بصــفته " رئيس مأمورية الشهر العقاري بمدينة نصر " تابع له ومن ثم فلا يجوز له تمثيل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء مما يكون معه اختصامه في الطعن غير مقبول .
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه يعتبر من الغير حسن النية بالنسبة لعقد بيع الأرض موضوع النزاع المشهر برقم ..... سنة 2001 في 13/2/2001 شهر عقاري شمال القاهرة – المدعى بصوريته – سند ملكية البائعة له وأنه يتمسك به باعتباره العقد الظاهر عملاً بحكم المادة 244 من القانون المدني إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري ولم يعن بفحصه وتمحيصه وقضى بصورية العقد المشار إليه وبشطب التسجيلات المترتبة عليه وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/8/1999 بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أنه لما كان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 244 من القانون المدني أنه إذا أبرم عقد صوري ، فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانوا حسنى النية ، أن يتمسكوا بالعقد الصوري ، فيجوز للخلف الخاص ولدائني المتعاقدين ومنهم المشترى بعقد غير مسجل أن يتمسك – متى كان حسن النية وقت التعاقد - بالعقد الصوري المبرم بين مدينهما دون العقد الحقيقي وذلك حماية لحسن النية الذي لازم التصرف وهو الأمر الذي يقتضيه استقرار المعاملات . وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياَ ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه ، وعلى ذلك فإنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى ، فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها . لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه كان حسن النية وقت تعاقده مع المطعون ضدها الثالثة – البائعة له - ، وأنه تمسك بالعقد المشهر برقم .... سنة 2001 في 13/2/2001 سند ملكيتها للأرض موضوع النزاع وهو العقد الظاهر بالنسبة له حتى ولو كان التصرف صورياً وذلك باعتباره من الغير بالنسبة لهذا العقد وذلك عملاً بنص المادة 244/1 من القانون المدني وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بصورية العقد المشهر برقم .... سنة 2001 في 13/2/2001 شهر عقاري شمال القاهرة وبشطب التسجيلات المترتبة عليه وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/8/1999 دون أن يعرض لهذا الدفاع ولم يعن بفحصه وتمحيصه مع أنه دفاع جوهري من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .
ثانياً : الطعون أرقام 8005 لسنة 74 ق و 58 ، 910 لسنة 75 ق .
حيث إنه لما كان الثابت من الحكم الصادر في الطعن السالف رقم 8023 لسنة 74 ق المقام من " .... " طعناً على الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت بنقض هذا الحكم ، وكان نقض الحكم المطعون فيه يترتب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن ، فإن الطعون الحالية يكون قد زال محلها ولم تعد هناك خصومة بين أطرافها مما يتعين معه القضاء باعتبارها منتهية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم دستورية الاعتداد بملاءة الموكل في تقدير اتعاب المحاماة

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 12 فبراير سنة 1994الموافق 2رمضان سنة 1414ه
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور/ محمد إبراهيم أبوالعينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبدالرحيم غنيم وعبدالرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور/ عبد المجيد فياض
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد              أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
 فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 23 لسنة 14 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد / أمير لطفى المندراوى
السيدة/تغريد فوزى سليمان
ضد
 السيد / رئيس الجمهورية
السيد / رئيس الوزراء السيد المستشار / وزير العدل
السيد / نقيب المحامين
 السيد / عبد الرحمن طه طه
" الإجراءات "
بتاريخ 2 ديسمبر 1992 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبين الحكم بعدم دستورية المادة (82) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 مع مايترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع –على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعيين أقاما هذه الدعوى بصحيفة خلصا فى ختامها إلى طلب الحكم بعدم دستورية المادة (82) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، وقالا شرحاً لذلك أنهما وكلاعنهما المدعى عليه الخامس محامياً لمباشرة بعض الدعاوى المتعلقة بهما، إلا أنه اخل بواجباته المهنية وعرضهما لأخطار فادحة. وإذ تقدما بشكوى ضده إلى النيابة العامة، فقد استصدر ضدهما من نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة أمر تقدير لأتعابه بمبلغ خمسة وسبعين ألف جنيه مستغلاً فى ذلك الأوراق التى تحت يده، وحضوره فى القضايا التى كان يقيمها لصالحهما والتى لم تستكمل إجراءاتها بعد. وقد طعنا فى هذا الأمر كما طعن هو فيه وذلك أمام محكمة استئناف القاهرة التى قررت ضم الاستئنافين إلى بعضهما، وإذ دفع الحاضر عنهما بعدم دستورية المادة (82) من قانون المحاماة المشار إليه، وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية دفاعهما وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقاما الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (82) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على مايأتى:
فقرة أولى: "للمحامى الحق فى تقاضى أتعاب لمايقوم به من أعمال المحاماة والحق فى استرداد ماأنفقه من مصروفات فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها".
فقرة ثانية: "ويتقاضى المحامى أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله.وإذ تفرع عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى، حق للمحامى أن يطالب بأتعابه عنها".
فقرة ثالثة: "ويدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى والجهد الذى بذله المحامى والنتيجة التى حققها وملاءة الموكل وأقدمية درجة قيد المحامى، ويجب ألا تزيد الأتعاب على عشرين فى المائة وألاتقل عن خمسة فى المائة من قيمة ماحققه المحامى من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير".
فقرة رابعة: "وفى جميع الأحوال لايجوز أن يكون أساس تعامل المحامى مع موكله أن تكون أتعابه حصة عينية من الحقوق المتنازع عليها".   
وحيث إن المدعيين ينعيان على المادة (82) المشار إليها مخالفتها للدستور بمقولة إن الدستور ضمن حق التقاضى للناس كافة فى المادة (68)، ونص فى المادة (69)- التى كفل بها حق الدفاع أصالة أو بالوكالة- على أن يوفر المشرع لغير القادرين مالياً وسائل الإلتجاء إلى القضاء للدفاع عن حقوقهم. غير أن النص التشريعى المطعون فيه أطلق لكل محام العنان فى اقتضاء أتعابه، محدداً عناصر تقديرها بغير حساب، ودون مااعتداد بمقدم الأتعاب أو غيره من المبالغ التى يكون قد تقاضاها أثناء نظر الدعوى، وبغير تربص بالقضايا التى يكون الموكل قد أقامها ضده للفصل فيما هو منسوب إليه من الجرائم التى ارتكبها والمستوجبة لمسئوليته الجنائية والمدنية، هذا بالإضافة إلى أن نقابة المحامين متعاطفه دائماً مع أعضائها مما يعد افتئاتاًعلى حقوق المواطنين مستوجباً تقرير الضوابط اللازمة لإعمال النص التشريعى المطعون عليه.

ومن حيث إن المدعى عليه الخامس دفع بعدم قبول الدعوى الدستورية بمقولة عدم اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها ارتكاناً من جانبه إلى أن الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعيان لاتجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافيه، وكان يتعين - وباعتباره من الدفوع الإجرائية - أن يطرح أمام محكمة أول درجة ابتداء وقبل تعرضها لموضوع النزاع الذى تتولى الفصل فيه.  
وحيث إن هذا الدفع مردود بما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن الشرعية الدستورية التى تقوم بمراقبة التقيد بها، غايتها ضمان أن تكون النصوص التشريعية المطعون عليها أمامها مطابقة لأحكام الدستور. ذلك أن لهذه الشرعية - فى موقعها من البنيان القانونى فى الدولة - مقام الصدارة، وانفاذها وبلوغ مقاصدها فرع من خضوع الدولة -بكافة تنظيماتها- للقانون وإلتزامها بمضمونه وفحواه. ولايجوز بالتالى لأية محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى - إعمال نص تشريعى لازم للفصل فى النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور من وجهة مبدئية قوامها ظاهر الأمر فى المطاعن الدستورية الموجهه إليه دون إنزلاق إلى أغوارها، ذلك أن قيام هذه الشبهه لديها، يلزمها أن تستوثق من صحتها عن طريق عرضها على المحكمة الدستورية العليا وفقاً لنص المادة (29) من قانونها لتتولى دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية المطروحة عليها، متقصية أبعادها، محيطه بجوانبها متعمقة دخائلها بالغه ببحثها منتهاه، بمامؤداه: أنه لايجوز لأية جهه تتولى الفصل فى الخصومة القضائية المطروحة عليها أن تتجاهل مظنه الخروج على أحكام الدستور ولا أن تنحيها جانباً، بل يتعيين عليها أن تنزل القواعد الدستورية المنزلة الأعلى التى تتبوؤها، وإلا آل أمر الإعراض عنها إلى إعمالها لنصوص تشريعية لازمة للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها ولو داخلتها شبهه ترجح مخالفتها للدستور بخروجها على زواجره ونواهيه، وهو مايناقض سيادة القانون- والدستور على القمة من مدارجه -ويخل كذلك بضرورة أن تكون الشرعية الدستورية راسية أسسها تتكامل عناصرها، وتتواصل حلقاتها دون انقطاع، وينقض من جهة أخرى دور المحكمة الدستورية العليا فى مباشرة رقابتها على هذه الشرعية بوصفها أمينة عليها حافظة لها، غير مجاوزة لتخومها، لتفرض بأحكامها كلمة الدستور على المخاطبين بها، فلاينسلخون منها أو يحيدون عنها. متى كان ذلك، وكان الدفع بعدم دستورية نص تشريعى يطرح بالضرورة -ومن أجل الفصل فى هذا الادعاء- مابين القواعد القانونية من تدرج يفرض عند تعارضها إهدار القاعدة الأدنى تغليباً للقاعدة التى تعلوها، وكان من المقرر وعلى ماسلف البيان - أن القواعد الدستورية تحتل من القواعد القانونية مكاناً علّياً لأنها تتوسد منها المقام الأسمى كقواعد آمره لاتبديل فيها إلا بتعديل الدستور ذاته، فإن الدفع بعدم الدستورية لايكون من قبيل الدفوع الشكلية أو الإجرائية، بل يتغيا فى مضمونه ومرماه مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور ترجيحاً لها على ماعداها وتوكيداً لصلتها الوثقى بالنظام العام، وهى أجدر قواعده وأولاها بالإعمال، بمامؤداه: جواز إثارة هذا الدفع فى أية حالة تكون عليها الدعوى، وأمام أية محكمة أياً كان موقعها من التنظيم القضائى الذى يضمها.
ومن حيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطه بها، والمطروحة على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لامصلحة للمدعيين فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة (82) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، ولا على الفقرتين الثانية والرابعة منها،ذلك إن الفقرة الأولى من المادة (82) المشار إليها تقرر أمرين: أولهما حق المحامى فى الحصول على أتعاب عن أعمال المحاماة التى قام بها: وثانيهما الحق فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها. وكلا الأمرين لاخلاف عليه فى النزاع الراهن، ذلك أن الأعمال القانونية التى يقوم بها المحامى ممثلاً فيها لموكله، تعتبر من أعمال الوكالة وتسرى عليها أحكامها، كأصل عام. وقد يقوم المحامى إلى جانبها ببعض الأعمال المادية، ويظل كذلك - حتى فى هذه الحالة- خاضعاً لقواعد الوكالة ملتزماً ضوابطها كلما كان العنصر الأغلب فى هذين النوعين من الأعمال، متصلاً بالأعمال القانونية والأصل المقرر فى الوكالة أنها تبرعية مالم يوجد اتفاق على الأجربين كل من الموكل والوكيل سواء كان هذا الاتفاق صريحاً أم كان ضمنياً. وتكون الوكالة مأجورة ضمناً إذا كان الوكيل ممن يحترفون مهنة يتكسبون منها، وكان العمل الموكل فيه يدخل فى إطار أعمال هذه المهنه. ويدل الواقع على أن الوكالة المأجورة هى الأكثر وقوعاً فى العمل، وأن الوكيل لايقوم بأعمال الوكالة تفضلاً أو مجاملة إلا بدليل قاطع من الظروف المحيطة بها، وهو يؤجر على مابذل من جهد فى تنفيذ أعمال الوكالة، ولو لم يكن قد بلغ نتيجة بذاتها، باعتبار أن إلتزامه الناشئ عقد الوكالة لايعدو أن يكون إلتزاماً ببذل عناية، وليس بتحقيق غاية. وسواء قام الطرفان بتعيين أجر الوكالة من البداية أم أغفلا تحديده، فإن تقديره فى النهاية مرده إلى القاضى عند الخلاف على مقداره، وهو مالا يتصور إذا كان أجر الوكالة قد دفع تطوعاً بعد تنفيذها.
متى كان كذلك، وكانت الأتعاب التى طلبها محامى المدعيين قد عرض أمرها على مجلس النقابة الفرعية إعمالاً لنص المادة (84) من قانون المحاماه الذى يسرى عند وقوع خلاف بشأنها بين الموكل ومحاميه ولايكون مقدارها محدداً بالاتفاق عليها كتابة، وكان المدعيان قد نعيا على هذا التقدير إرتكانه إلى عناصر بذواتها حددتها الفقرة الثالثة من المادة (82) فى إطلاق لايعتد بما قد يكون المحامى قد اقتضاه بالفعل من موكله من مبالغ يتعين خصمها من الأتعاب المحكوم بها، فإن المدعيين يكونان قد أقرا بأن الوكالة الماثلة غير تطوعية، وليس لهما من بعد أن ينازعا فى أصل الحق فى الأجر عن الأعمال القانونية التى قام بها الوكيل، ولا أن يعارضا حق الوكيل فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها، ذلك أن الأعمال القانونية التى يقوم بها المحامى فى إطار مهنته تعتبر إعمالاً مأجورة ولولم تكن متعلقة بخصومة قضائية، بل منصرفة إلى غيرها من الأعمال التى يفيد منها الموكل، وتكون ضرورية لتأمين الأغراض النهائية للوكالة. أما المصروفات التى يكون قد أنفقها بما لايجاوز متطلبات تنفيذ الأعمال التى وكل فيها، فإن حجبها عنه يعتبر إفقاراً له بمقدارها دون مسوغ من اتفاق أو من نص فى القانون، وهو مالا يجوز بإعتباره إثراء يصيب الموكل بلا سبب.
وحيث إنه لامصلحة أيضاً للمدعيين فى إطراح الفقرتين الثانية والرابعة من المادة (82) من قانون المحاماة المطعون عليهما، ذلك أن ماتنص عليه الفقرة الرابعة منها من أنه لايجوز فى أية حال أن يكون أساس تعامل المحامى مع موكله، أن تكون أتعابه حصة عينية من الحقوق المتنازع عليها، إنما يتمحض عن مزية تعود فائدتها - فى الحدود التى قررتها هذه الفقرة- عليهما. اذ كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى الدستورية ينبغى أن تؤكد بماهية الخصومة التى تتناولها، التعارض بين المصالح المثارة فيها بما يعكس حدة التناقض بينها، ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض، حقيقة المسألة الدستورية التى تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، اذ كان ذلك وكان من المسلم أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة فى ذاتها، ولا يتصور أن تعمل فى فراغ، وإنه أياً كان وزنها أو دورها أو أهميتها فى بناء النظام القانونى للدولة ودعم حرياته المنظمة، فإن تقريرها تغيا دوماً توفير الحماية التى تقتضيها مواجهة الأضرار الناشئة عن الإخلال بها، يستوى فى ذلك أن تكون هذه الحقوق من طبيعة موضوعية أو إجرائية. ولايكفى بالتالى لتوافر المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية، مجرد إنكار أحد الحقوق المنصوص عليها فى الدستور أو محض الخلاف حول مضمون هذا الحق، بل يجب أن يكون للخصم الذى أقامها مصلحة واضحة فى اجتناء الفائدة التى يتوقعها منها باعتبارها الترضية القضائية التى يرد بها عن الحقوق التى يدعيها مضار فعلية أصابتها أو تهددها من جراء أعمال النص التشريعى المطعون عليه فى حقه، وترتيبه لآثار قانونية بالنسبه إليه. ولاكذلك إفادة المدعيين من مزايا نص تشريعى معين، إذ يكون الطعن عليه من قبلهما غير جائز. وحيث إنه لامصلحة للمدعيين كذلك فى الطعن على الفقرة الثانية من المادة (82) من قانون المحاماة، ذلك أن ماتنص عليه من أن للمحامى أن يتقاضى أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله، وأنه إذ تفرعت عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى، كان للمحامى أن يحصل على أتعابه عنها، مؤداه: أن الأصل هو ألايتقاضى المحامى أكثر من الأتعاب التى تم الاتفاق عليها كتابة، فإذا لم يكن ثمة اتفاق، أو كان الاتفاق قد تناول دعوى بذاتها، ولكن أعمالاً أخرى غير التى ورد الاتفاق بشأنها قد تفرعت عنها، فإن أتعاب المحامى -فى هاتين الحالتين- تقدر على ضوء العناصرالتى حددتها الفقرة الثالثة من المادة (82) المطعون عليها. وهذه العناصر وحدها هى التى ينحصر نطاق الطعن فيها بالنظر إلى تعلقها بموضوعه، بالإضافة إلى أن ذلك أكفل لمقاصد المدعيين اللذين ركزا مناعيهما عليها بمقولة إطلاقها دون قيد، وأن الغاية منها هى تمكين المحامين من الضغط على موكليهم وتطويعهم لمصالحهم بالمخالفة للواقع والقانون.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماة -التى انحصر فيها نطاق الطعن على النحو المتقدم- تنص على أن يدخل فى تقدير أتعاب المحامى أهمية الدعوى والجهد الذى بذله المحامى والنتيجة التى حققها وملاءة الموكل وأقدمية درجة قيد المحامى ويجب ألا تزيد الأتعاب على عشرين فى المائه وألاتقل عن خمسة فى المائه من قيمة ماحققه المحامى من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير.
وحيث إن المدعيين ينعيان على الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماة مخالفتها لنص المادة (69) من الدستور.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الدستور نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه مقرراً كفالته كضمانه مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصيه ولصون الحرية فى مظاهرها المختلفة و الحقوق جميعها، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها الدستور أو التى كفلتها النظم المعمول بها، فاورد فى شأن هذا الحق حكماً قاطعاً حين نص فى الفقرة الأولى من المادة (69) منه على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، وكان ضمان هذا الحق يفترض أن يكون الدفاع فعالاً محيطاً بالخصومة التى يتناولها التوكيل، فلا تكون المعاونة التى يقدمها المحامى لموكله دون مستوياتها الموضوعية التى يمليها التبصر وتفرضها العناية الواجبة، ولاينزلق المحامى بتقصيره فى أدائها إلى أخطاء مهنية لوكان قد تداركها فى حينها لكان من الأرجح أن تتخذ الخصومة مساراً مختلفاً، وكان الدستور تعزيزاً منه لضمانه الدفاع على هذا النحو، لم يجز للسلطة التشريعية إهدار هذا الحق أو تقليص محتواه بما يعطل فعاليته أو يحد منها، كاشفاً بذلك عن أن ضمانه الدفاع لم تعد ترفاً يمكن التجاوز عنه، وأن التعلق بأهدابها الشكلية دون تعمق فى حقائقها الموضوعية، يعتبر تراجعاً عن مضمونها الحق مصادماً لمعنى العدالة منافياً لمتطلباتها، وأن إنكار ضمانة الدفاع أوتقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها،ليس إلا هدماً للعدالة ذاتها بما يحول دون وقوفها سوية على قدميها، سواء كان نقضها أو إعاقتها منصرفاً إلى حق الدفاع بالأصالة بما يقوم عليه من ضمان حق كل فرد فى أن يعرض وجهه نظره فى شأن الواقعة محل التداعى مبيناً حكم القانون بصددها، أم كان متعلقاً بالدفاع بالوكالة حين يقيم الشخص باختياره محامياً يطمئن إليه لخبرته وقدراته ويراه لثقته فيه أقدر على تأمين المصالح التى يرمى إلى حمايتها، وكان الدستور بعد أن قرر أصل الحق فى ضمانة الدفاع - أصالة أو بالوكالة - قد خطا خطوة أبعد بإقراره الفقرة الثانية من المادة (69) منه التى تنص على أن تكفل الدولة لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم مخولاً المشرع بموجبها تقرير الوسائل الملائمة التى يعين بها المعوزين على صون حقوقهم وحرياتهم من خلال تأمين ضمانة الدفاع عنها، وكان المدعيان لايقولان بإنكار حقهما فى اللجوء إلى القضاء للحصول على الترضية القضائية التى يقتضيها رد العدوان الذى ذهبا إلى وقوعه على حقوقهما المالية، ولايدعيان أنهما من المعوزين الذين يلوذون بالمعونه القضائية لتأمين ضمانه الدفاع عن حقوقهم هذه، وكانت الوكالة بالخصومة غايتها أن يقوم محام من اختيارهما بإدارة الدفاع عنهما وتوجيهه، وتفترض هذه الوكالة أنها مأجورة لاتبرعيه باعتبار أن الأعمال موضوعها تدخل فى إطار مهنة المحاماة التى احترفها وكيلهما، وكان المدعيان قد أيدا ذلك بإقرارهما انهما دفعا لهذا الوكيل جزءاً من مقدم أتعابه، فإن قالة سريان الفقرة الثانية من المادة (69) من الدستور فى حقهما- وقوامها معاونة الدولة للمعسرين وفقاً للقانون وبما لايجاوز الحق فى تمثيل ملائم يرعى مصالحهم ويرد غائلة العدوان عنها عن طريق من يندبون المحامين لهذا الغرض- لايكون لها محل.  
وحيث إن المدعيين ينعيان كذلك على الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماة تحيفها، وممالأتها لمصالح المحامين وتقريرها حقوقاً لهم تجاوز حد الاعتدال مما آل إلى الركون إليها للضغط من خلالها على موكليهم وتطويعهم لإرادتهم بالمخالفة للقانون.   
وحيث إن الأصل المقرر قانوناً هو أن تتكافأ الأتعاب التى يحصل عليها المحامى تنفيذاً لعقد الوكالة مع قيمة الأعمال التى أداها فى نطاقها، ذلك أن الوكالة من عقود القانون الخاص التى تتوازن المصالح فيها، ولا تميل الحقوق الناشئة عنها فى اتجاه أحد طرفيها، ويتعين بالتالى أن يكون تقدير أجر المحامى عن الأعمال التى قام بها - فى إطار عقد الوكالة وتنفيذاً لمقتضاها - معقولاً، فلا يكون أجر الوكيل عنها مبالغاً فيه مرهقاً الموكل فى غيرمقتض وإلاكان تقديره تحكمياً مجاوزاً الأسس الموضوعية التى يتعين أن يتحدد على ضوئها توصلاً إلى تقديره دون زيادة أونقصان، وبعيداً عن شبهة الممالأة أوالتحامل. ولازم ذلك أن يكون أجر المحامى متناسباً مع الأعمال التى أداها، وان يقدر بمراعاة أهميتها، وعلى ضوء مختلف الظروف ذات العلاقة المحيطة بها ويندرج تحتها بوجه خاص القيمه الفنيه لهذه الأعمال، والجهد الذى بذله المحامى فى إنجازها عمقاً وزمناً، والعوارض الاستثنائية التى تكون قد واجهته فى تنفيذها، وصعوبة أو تعقد الأعمال التى أداها ومظاهرتشعبها، والنتائج التى حققها من خلالها، وماعاد على الوكيل منها من فائدة. ومن ثم تكون حقيقة الأعمال التى قام بها المحامى هى ذاتها مناطاً لتحديد أجره، ويتعين بوجه عام أن يكون مرد الاعتداد بها عائداً إلى العناصر الواقعيه المختلفة التى يتحدد بها نطاقها ووزنها، وبما لاإخلال فيه بالظروف الموضوعية المتصلة بها. ودون ذلك، فإن تقدير أجرالمحامى يكون منطوياًعلى عدوان على الحقوق المالية للموكل، وهى حقوق حرص الدستور على صونها، ومن ثم كان ضرورياً أن يقدر أجر المحامى بمراعاة كل العوامل التى تعين على تحديده تحديداً منصفاً، وهى بعد عوامل لاتستغرقها قائمة محددة من أجل ضبطها وحصرها، وإن جاز أن يكون من بينها، أولاً: حقيقة الجهد والزمن الذى بذله المحامى وكان لازماً لإنجاز الأعمال التى وكل فيها. ثانياً: جدة المسائل التى قام ببحثها ودرجة تشابكها أو تعقدها. ثالثاً: ما اقتضاه تنفيذها بالدقة الكافية من الخبرة والمهارة الفنية. رابعاً: ما إذا كان تنفيذ الأعمال التى عهد إليه الموكل بها قد حال دون مزاولته لأعمال أخرى. خامساً: الأجر المقرر عرفاً مقابلاً معقولاً لها. سادساً: القيود الزمنية التى يكون الموكل قد فرضها على المحامى لإنجاز الوكالة وكذلك تلك التى أملتها ظروفها. سابعاً: النتائج التى يكون محاميه قد بلغها فى شأن المبالغ التى يتردد النزاع حولها. ثامناً: مكانة المحامى ومقدرته وشهرته العامة. تاسعاً: طبيعة العلاقة المهنية بين الموكل ومحاميه وعمق امتدادها فى الزمان. عاشرا: الأتعاب التى تقررت لغيره من المحامين فى الدعاوى المماثلة. حادى عشر: ماإذا كان المحامون يعرضون عادة عن قبول الدعوى التى وكل فيها بالنظر إلى ملابساتها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت العوامل الموضوعية وحدها هى التى يعتد بها فى تقدير أتعاب المحامى باعتبارها مرتبطة بطبيعة الأعمال التى أداها ومبلغ أهميتها ومحصلتها النهائية وغير ذلك من الظروف ذات العلاقة المحيطة بها، ووثيقة الاتصال بالتالى بقيمة هذه الأعمال منظوراً فى ذلك إلى عناصرها الواقعية والجهد الذى لازمها وكان يلزم عقلاً أن يبذل فيها، وجب استبعاد ماعداها مما لايندرج تحتها.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماة قد أوردت ضمن العناصر التى تدخل فى تقدير أتعاب المحامى أهمية الدعوى والجهد الذى بذله فى سبيلها والنتيجه التى حققها وأقدمية قيده - وجميعها عوامل موضوعية تٌعين على تقدير هذه الأتعاب تقديراً منصفاً، إلا أن نص هذه الفقرة ذاتها - إذ اعتد بملاءة الموكل كأحد عناصر هذا التقدير، فإنه يكون قد جاوز فى هذا النطاق الأسس المعقولة التى يتعين أن تتحدد الأتعاب على ضوئها، ذلك أن ثروة الموكل منقطعة الصلة بالأعمال التى باشرها الوكيل، ولا يجوز أن يكون لها من أثر على تقييمها. وليس منطقياً أو معقولاً أن تزيد قيمة هذه الأعمال وأن تتصاعد أهميتها تبعاً ليسار الموكل وليس بالنظر إلى طبيعتها وفحواها. يؤيد ذلك أنه وإن صح القول بأن الأتعاب المتنازع عليها لا يجوز أن تنحدر على نحو يكون مثبطاً لهمم الأكفاء من المحامين، فإن من الصحيح كذلك أنها لا يجوز أن تكون مستعلية فى غير مقتض بافتقارها إلى العوامل الموضوعية اللازمة لحملها.   
وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم، فإن ما قررته الفقرة الثالثة من المادة (82) المشار إليها من أنه لايجوزأن تقل أتعاب المحامى عن 5 % من قيمة ما حققه من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير، مؤداه: أنه أياً كان مقدارالجهد الذى بذله المحامى فى أداء هذا العمل، فإن الحدود الدنيا لأتعابه لايجوز أن تقل عن 5% من الفائدة التى حققها، وهو مايخرج بتقييم الأعمال التى باشرها عن الأسس الموضوعية التى يجب أن تكون قواماً لها.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان وفقاً لنص المادة (34) منه، لاتعتبر منحصرة فى الملكية الفردية كحق عينى أصلى تتفرع عنه الحقوق العينية جميعها ويعتبر جماعهاوأوسعها نطاقاً، بل تمتد هذه الحماية إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أوالفنية أوالصناعية، وكان ما يميز الملكية الفردية عن الحقوق الشخصية هو أنه بينما تخول الملكية الفردية صاحبها السلطة المباشرة على الشئ محلها تصرفاً واستغلالاً واستعمالاً لتعود إليه دون غيره ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها يستخلصها منها دون وساطه أحد، فإن الحقوق الشخصية ترتبط بمدين معين أو بمدينين معينين، وبوساطتهم يكون اقتضاء الدائن لها، وكان التمييز بين الملكية الفردية والحقوق الشخصية على هذا النحو لاينال من كونهما من الأموال، ذلك ان الحقوق العينية التى تقع على عقار -بما فى ذلك حق الملكية- تعتبر مالاً عقارياً أما الحقوق العينية التى تقع على منقول وكذلك الحقوق الشخصية - أياً كان محلها- فانها تعد مالاً منقولاً. ويتعين بالتإلى ان تمتد الحماية المنصوص عليها فى المادة (34) من الدستور إلى الحقوق الشخصية والعينيه على سواء، ذلك أن التمييز بينهما فى مجال هذه الحماية ينافى مقاصد الدستور فى سعيها لتأمين الأموال جميعها من العدوان عليها وبما يردع مغتصبيها.
متى كان ما تقدم، وكان تعيين أتعاب المحامين على ضوء عنصرين غير موضوعيين- أحدهما ملاءة الموكل وثانيهما حد أدنى تقرر بقاعدة عامة مجرده يلزم تطبيقها فى كل حال لضمان عدم النزول بمبلغهاعن قدر معين- مؤداه: اعتبار مايقابلهما من مبالغ إلتزاماً مترتباً فى ذمة الموكل منذ نشوئه، وكان كل إلتزام يعتبر قيمة مالية سلبية حال أن هذين العنصرين منفصمان عن حقيقة الأعمال التى قام بها الوكيل ولايغلان بالتالى أية قيمة مالية يتصور معها أن يقعا عبئاً فى مال المدين بمايجرد ذمته المالية - وهى لا تتناول إلا مجموع الحقوق والديون التى تكون لها قيمة مالية- من بعض عناصرها الإيجابية، إذ كان ذلك، فإن النص التشريعى المطعون فيه يكون مخالفاً من هذه الناحية للمادة (34) من الدستور.
وحيث إن ما قرره المدعيان من أن الفقرة الثالثة من المادة (82 ) آنفة البيان تسقط من حسابها مقدار المبالغ التى يكون قد دفعها مقدماً لمحاميه، مردود بأن حكمها لايفيد ذلك، إذ لا تتناول هذه الفقرة بالتنظيم غير الأسس التى قدر المشرع ضرورة تحديد أتعاب الوكيل على ضوئها بافتراض عدم وجود اتفاق كتابى بشأنها والخلاف عليها، ولايحول بذاته دون استنزال أية مبالغ منها يكون الموكل قد أداها للوكيل كلما قام الدليل عليها.   
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 من الاعتداد بملاءة الموكل كأحد العناصر التى تدخل فى تقديرأتعاب محاميه وكذلك ما قررته من أن لا تقل الأتعاب المستحقه عن 5% من قيمة ما حققه من فائدة لموكله فى العمل موضوع طلب التقدير، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية لجان تقدير الاتعاب للمحامين 2

القضية رقم 5 لسنة 31 ق " دستورية " جلسة 2 / 1 / 2011
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من يناير سنة 2011م ، الموافق السابع والعشرين من المحرم سنة 1432 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور حسن عبد المنعم البدراوى                      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن    أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 31 قضائية " دستورية " ، المحالة من محكمة رشيد الجزئية ، بحكمها الصادر بجلسة 30/11/2008 فى الدعوى رقم 404 لسنة 2007 مدنى جزئى رشيد .
المقامة من
السيد / منشاوى غانم جابر
ضد
1- السيد / محمد عبد النبى رمضان إبراهيم     
2- السيد / رمضان محمد عبدالنبى رمضان
3- السيد / محمد عبدالنبى رمضان
4- السيدة / علا محمد عبدالنبى رمضان
5- السيد / شريف محمد عبدالنبى رمضان
6- السيدة / إيمان محمد محمد السكرى
7- السيدة / حنان محمد محمد السكرى
8- السيد / أحمد أحمد حمزه السكرى
9- السيد / ذكى أحمد حمزة السكرى
10- السيدة / حنان أحمد حمزة السكرى
الإجراءات
    بتاريخ السادس من شهر يناير سنة 2009 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، ملف الدعوى رقم 404 لسنة 2007 مدنى جزئى رشيد ، تنفيذًا لحكم محكمة رشيد الجزئية الصادر بجلسة 30/11/2008 ، بوقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة (84) من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 197 لسنة 2008 .
         وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين ، طلبت فى الأولى الحكم برفض الدعوى ، وفى الثانية الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى ، واحتياطيًا برفضها .
    وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
   ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن السيد / منشاوى غانم جابر كان قد أقام الدعوى الموضوعية بداية فى 14/12/2004 ، أمام محكمة رشيد الكلية ، وقيدت برقم 478 لسنة 2004 مدنى كلى رشيد ، بطلب إلزام المدعى عليهم أن يؤدوا له مبلغاً مقداره خمسة عشر ألف جنيه ، مقابل أتعابه عن الأعمال القانونية التى باشرها لصالحهم كمحام ، ووكيل عنهم أمام جهات القضاء المختلفة بموجب توكيلات عامة رسمية ، وذلك بعد أن رفضوا سداد هذا المبلغ إليه . وبجلسة 4/11/2007 ، أحيلت الدعوى إلى محكمة رشيد الجزئية للاختصاص ، وأعيد قيدها برقم 404 لسنة 2007 مدنى جزئى رشيد . وعند نظرها ارتأت المحكمة أن المادة (84) من القانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه ، فيما تضمنته فقرتاها الأولى والثانية من أحكام تتعلق بتشكيل لجنة لتحديد أتعاب المحامى عند الخلاف مع الموكل حول تقديرها ، ومباشرتها لاختصاصها ، فيه شبهة مخالفة الدستور . ومن ثم ، فقد أوقفت الدعوى ، وأحالت أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية هذا النص .
وحيث إن البين من استعراض تاريخ النص المحال أن المشرع كان قد أورد فى المواد من ( 83 ) إلى ( 87 ) من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنظيمًا لأتعاب المحامى وأوضاع حسم الخلاف بشأنها عند حدوثه ، وعهد بمقتضاه فى المادة (84) مهمة فض النزاع إلى لجنة نقابية يشكلها مجلس النقابة الفرعية التى يتبعها المحامى المتضرر ، وبناء على طلب منه ، على أن تتولى اللجنة مهمة الوساطة بين المحامى وموكله ، فإذا لم يقبل الطرفان ما تعرضه عليهما من تسوية ، فصلت اللجنة فى موضوع الطلب خلال ستين يومًا على الأكثر بقرار مسبب ، وإلا جاز لكل من الطرفين أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة المختصة . كما وضع المشرع فى المادة (85) من القانون ذاته تنظيمًا للطعن فى قرارات تلك اللجان ، مقتضاه عدم جواز الطعن فيها إلا بطريق الاستئناف أمام المحكمة الابتدائية التى يقع بدائرتها مكتب المحامى إذا كانت قيمة الطلب خمسمائة جنيه فأقل ، وإلى محكمة الاستئناف إذا جاوزت هذه القيمة ، على أن يتم ذلك خلال عشرة أيام ، ولا يكون التقدير نافذًا إلا بانتهاء ميعاد الاستئناف ، أو صدور حكم فيه . وكان قد طعن بعدم دستورية هذه الأحكام أمام المحكمة الدستورية العليا ، فى القضية الدستورية رقم 153 لسنة 19 القضائية ، وقضت فيها المحكمة بجلسة 5/6/1999 ، بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة (84) السالف الإشارة إليها ، وبسقوط كل من فقرتها الثالثة ، والمادة (85) من القانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه . وقد استندت المحكمة فى ذلك إلى أن اللجنة التى خولها المشرع الفصل فى النزاع يخلو تشكيلها من العنصر القضائى ، وتنتمى إلى التنظيم النقابى كلية ، بما يثير الشكوك حول حيدتها واستقلالها ؛ فضلا عن أن المشرع لم يكفل لطرح النزاع أمامها الضمانات الجوهرية للتقاضى ، بل قصر اللجوء إليها على المحامى دون موكله ، مرهقًا بذلك مباشرة الحق فى التقاضى ؛ ممايزًا فى مجال ممارسة هذا الحق بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية ، دون أن يستند هذا التمييز إلى أسس موضوعية تبرره ؛ ومعتديًا على استقلال السلطة القضائية . وفى توجه للمشرع لعلاج الأوضاع بعد صدور هذا الحكم ، فقد أصدر القانون رقم 197 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون المحاماه ، متضمنًا تعديل المادتين (84) و (85) منه على النحو الآتى :
المادة (84) :
للمحامى أو للموكل إذا وقع خلاف بينهما بشأن تحديد الأتعاب أن يتقدم بطلبه إلى لجنة مكونة من رئيس محكمة ابتدائية رئيسًا وأحد قضاتها عضوًا ينتدبهما رئيس المحكمة الابتدائية التى يوجد بها مقر النقابة الفرعية ، وعضوية أحد أعضاء مجلس النقابة الفرعية يصدر بتعيينه قرار من مجلس النقابة الفرعية المختصة لمدة سنة قابلة للتجديد .
وعلى اللجنة أن تتولى الوساطة بين المحامى وموكله ، فإذا لم يقبل الطرفان ما تعرضه عليهما ، فصلت فى الطلب بقرار مسبب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ تقديمه ، وتسرى أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية على ما يتبع أمامها من إجراءات .
وإذا قبل الطرفان ما تعرضه عليهما اللجنة ، حرر ذلك بمحضر يوقع منهما مع رئيس اللجنة ، وتوضع الصيغة التنفيذية على محضر الصلح بواسطة قاضى الأمور الوقتية المختص بدون رسوم .
المادة (85) :
         لا يجوز الطعن فى قرارات التقدير التى تصدرها اللجان المشار إليها فى المادة (84) إلا بالاستئناف الذى يخضع للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات من حيث الاختصاص والإجراءات والمواعيد .
         وحيث إنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – قائمة أو محتملة وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع . وهذا الشرط الذى يحدد للخصومة الدستورية نطاقها ، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية ، وليس من معطياتها النظرية ، أو تصوراتها المجردة . وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ، فلا يمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيه . ومؤدى ذلك أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به ، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه ، فإذا كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه أو كان من غير المخاطبين بأحكامه دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الحالة ، لن يُحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها . وإذ كان ذلك ، وكان المدعى يهدف من دعواه الموضوعية أن تفصل محكمة الموضوع مباشرة فى طلبه إلزام المدعى عليهم بدفع الأتعاب المطلوبة ؛ الأمر الذى تتوافر معه مصلحته الشخصية المباشرة فى القضاء بعدم دستورية النص المحال ، فيما أوردته فقرتاه الأولى والثانية اللتين شملهما قرار الإحالة ، من إلزام المحامى وموكله باللجوء إلى اللجنة المشكلة طبقًا لأحكامه عند إثارة النزاع حول الأتعاب ، بحسبان أن القضاء فى مدى دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية ، والطلبات المطروحة فيها ، وولاية محكمة الموضوع بنظرها والفصل فيها .
         وحيث إن النص المحال قد عقد الاختصاص للجنة المشكلة طبقًا لأحكامه بحسم الخلاف بين المحامى وموكله حول تحديد الأتعاب ، جاعلا من تلك اللجنة درجة ابتدائية فى التقاضى ، يطعن فى قراراتها أمام محكمة الاستئناف المختصة، بصريح نص المادة (85) من قانون المحاماه السالف الإشارة إليها . وبذلك ، فقد أصبح تحريك المنازعة أمام تلك اللجنة هو الطريق الواجب ولوجه بداية فى مثل هذه المنازعات ، ووفقًا للإجراءات التى رسمها النص المحال ، باعتبار أن هذه اللجنة وحدها هى جهة الاختصاص التى أسند إليها النص المحال دون غيرها الاختصاص بنظر تلك المنازعات والفصل فيها ، وأن اللجوء إلى القضاء إنما يكون للطعن فى القرار الصادر عنها فى هذه المنازعات . ومن ثم ، فإن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لعدم إنغلاق الحق فى اللجوء مباشرة إلى المحاكم العادية ، يكون غير صحيح ، ويتعين – تبعًا لذلك – طرحه .
         وحيث إن حكم الإحالة نعى على النص المحال إفراده الخلاف بشأن تحديد أتعاب المحامى بنظام قضائى خاص دون مبرر منطقى ؛ وإشراكه فى عضوية اللجنة المختصة أحد أعضاء النقابة الفرعية الذى ينتخبه زملاؤه المحامون فى الأصل لرعاية مصالحهم ، دون أن يشرك على التوازى ممثلا للمدعى فى عضوية هذه اللجنة ؛ وتخويله هذه اللجنة أمر الفصل فى النزاع بعد توليها الوساطة فيه ، بما يكشف بالضرورة عن رأيها المسبق بشأنه ؛ وإلزامه باختيار العضوين القضائيين فى تشكيل اللجنة بالمخالفة للقواعد المقرة فى قانون السلطة القضائية ؛ الأمر الذى ينطوى فى مجموعه على إخلال بالحق فى التقاضى ، ومبدأ القاضى الطبيعى ، وينال من استقلال القضاء وحيدته ، ويخل بمبدأ المساواة أمام القانون الواجب توافره بين المحامى وخصمه فى إطار المنازعة بينهما حول تحديد الأتعاب ؛ ويتعارض تبعًا لذلك وأحكام المواد ( 40 و65 و68 و165) من الدستور .
         وحيث إن هذه المناعى سديدة فى جوهرها ، ذلك أن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة –أنها سلطة تقديرية ، وذلك ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط محددة تحد من إطلاقها ، وتعتبر تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها ؛ وأن الحق فى التقاضى هو أحد الحقوق الدستورية التى يجوز للمشرع أن يتدخل ، وفى دائرة سلطته التقديرية ، بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه ، وهى تحقيق العدالة ، ورد الحقوق إلى أصحابها ، دون أن يتجاوز هذا التنظيم حدود غايته ، فينقلب إلى قيد يصيب الحق الدستورى فى أصل مضمونه ، أو جوهر وجوده .
وحيث إنه من المقرر كذلك فى قضاء هذه المحكمة أن الدستور ، فى إطار تنظيمه للولاية القضائية ، وبعد أن قرر فى المادة (68) منه حق كل مواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى ، عهد فى المادة (167) منه إلى القانون بتحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها ، فدل بذلك على أن الحق فى التقاضى – فى أصل شرعته – هو حق للناس كافة ، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن مصالحهم الذاتية ، وبحيث لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها . إذ إنه ينبغى دومًا أن تكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها، أو الدفاع عنها ، أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها . ومقتضى ذلك ، أنه يمتنع على المشرع إيلاء سلطة الفصل فى منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعى إلا فى أحوال استثنائية تكون الضرورة فى صورتها الملجئة هى مدخلها ، وصلتها بالمصلحة العامة ، فى أوثق روابطها ، مقطوعًا بها ، ومبرراتها الحتمية لا شبهة فيها ، وهو ما يتم تحت رقابة هذه المحكمة ، والتزامًا بأحكام الدستور ، وضمانًا لعدم الالتفاف حولها . ذلك أن ما قرره الدستور فى المادة (167) منه من أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ، لا يجوز اتخاذه موطئًا لاستنزاف اختصاص المحاكم ، أو التهوين من اختصاص الدستور بعضها بمنازعات بذواتها باعتبارها قاضيها الطبيعى ، وصاحبة الولاية العامة بالفصل فيها . إذ إن الاختصاص المقرر دستوريًا لأية جهة من جهات القضاء ، ليس محض حق لهذه الجهة أو تلك ، وإنما هو ولاية خولها إياها الدستور باعتبارها الجهة القضائية التى ارتأى أنها الأجدر بنظر نوع معين من المنازعات ، والأصلح فى التدقيق فى الحقوق المتنازع عليها أمامها .
وحيث إن الدستور وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة حين كفل مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون فى المادة (40) منه ، فقد فرض على سلطة التشريع قيدًا مؤداه أن لا تقر هذه السلطة تشريعًا من شأنه أن يخل بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها ، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها الدستور ، أو التى كفلها المشرع . ومن ثم ، جاء هذا المبدأ عاصمًا من النصوص القانونية التى يقيم بها المشرع تمييزًا غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التى تتوافق عناصرها ، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلا لوحدة تنظيمها ، بل تكون القاعدة التى تحكمها ، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها . فتكافؤ المتماثلين فى الحماية القانونية مؤداه أن هذه الحماية ينبغى أن تسعهم جميعًا ، فلا يقصر مداها عن بعضهم ، ولا يمتد لغير فئاتهم ، ولا يجوز تبعًا لذلك أن تكون هذه الحماية تعميمًا مجاوزًا نطاقها الطبيعى ، ولا أن يقلص المشرع من دائرتها بحجبها عن نفر ممن يستحقونها .
         وحيث إن استقلال القضاء وحيدته – وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – هما ضمانتان متلازمتان لا ينفصلان فى مجال العدالة ، كفلهما الدستور فى المادتين (165) و (166) منه ، توقيًا لأى تأثير محتمل قد يميل بالقاضى انحرافاً عن ميزان الحق . ونص الدستور كذلك على أنه لا سلطان على القضاة فى قضائهم لغير القانون . وهذا المبدأ الأخير لا يحمى فقط استقلال القضاء ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائى وليد نزعة شخصية غير متجردة . ومن ثم ، تكون حيدة القاضى شرطًا لازمًا لضمان ألا يخضع فى عمله لغير سلطان القانون .
وحيث إن المشرع قد استهدف من استحداثه للنص المحال تلافى العيوب التى اعتورت النص قبل تعديله ، وأدت إلى القضاء بعدم دستوريته بحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 5/6/1999 ، فى القضية الدستورية رقم 153 لسنة 19 القضائية السالف الإشارة إليها ، فاستبدل باللجنة النقابية لجنة ثلاثية يغلب على تشكيلها العنصر القضائى ، وفتح باب اللجوء إليها للمحامى والموكل على حد سواء ، وألزمها فى عملها بمراعاة الإجراءات والضمانات القضائية المقررة ، مخضعًا القرار الصادر عنها للطعن القضائى طبقًا للقواعد العامة . وعلى الرغم من أهمية الإصلاحات التى أتى بها المشرع فى هذا الشأن ، فقد بقى تدخله قاصرًا عن تحقيق شرط الحماية القانونية المتكافئة بين المتماثلين فى مراكزهم القانونية . فقد ميز المحامى عن موكله بوجود ممثل للأول دون الثانى فى عضوية اللجنة الثلاثية ؛ كما خص الخلاف بينهما حول تحديد الأتعاب وهو خلاف بين أصيل ووكيل فى إطار عقد الوكالة بتنظيم خاص قائم بذاته ، ومختلف فى مضمونه عما تخضع له غير ذلك من المنازعات فيما بين الأصيل والوكيل بأجر ، خاصة فى النقابات المهنية الأخرى ، من قواعد حاكمة ، وذلك على الرغم من اتحاد هذه المنازعات جميعها فى جوهرها ، وتماثلها فى طبيعتها ؛ وهو ما يعد افتئاتًا على ولاية المحاكم العادية فى نظر هذه المنازعات ، وانتهاكًا لاستقلالها تبعًا لذلك. وقد جاء ذلك ، وفى غيبة من أية مبررات منطقية ، أو ضرورة ملجئة ، من شأن اجتماعها أن تسمح للمشرع بإحداث هذا التمييز غير المبرر فى أصله .
وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم ، فإن النص المحال قد عهد إلى اللجنة الثلاثية بمباشرة الوساطة بين أطراف النزاع المعروض عليها ، وألزمها بعرض تصوراتها لفض النزاع عليهم ، فإن لم يقبلوا بها ، قامت اللجنة بالفصل فى النزاع . وإذ كان ذلك ، فإن قرار اللجنة يأتى بالضرورة متأثرًا بالرأى الذى سبق أن أبداه أعضاؤها فى مرحلة الوساطة ؛ الأمر الذى يتناقض وأسس مباشرة العمل القضائى وضوابطه ، وينال بالضرورة من حيدة القضاء واستقلاله ، بالمخالفة لأحكام الدستور .
وحيث إنه لا يقيل النص المحال من عثرته التذرع بالوضعية الخاصة للرابطة التى تجمع المحامى بموكله فى إطار قدسية مهنة المحاماه ، ودورها فى تحقيق العدالة فى المجتمع . ذلك أن هذه الخصوصية أيًا ما كانت أهميتها ، لا ينبغى أن تؤدى الآثار التى ترتبها إلى تعطيل أحكام الدستور ، ولا المساس بالحقوق التى كفلها .
وترتيبًا على ما تقدم ، ومتى كان النص المحال قد تجاوز الضوابط الدستورية المقررة على ما سبق بيانه ؛ وأخل بالحق فى التقاضى ، وحق المواطن فى أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى ، والحق فى مساواة المواطنين أمام القانون ، ومبدأ استقلال القضاء ، وذلك بالخروج على أحكام المواد ( 40 و 65 و 68 و 165 ) من الدستور ؛ فإنه يتعين القضاء بعدم دستوريته ، مع القضاء بسقوط نصى الفقرة الثالثة من المادة (84) ، والمادة (85) من القانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه ، معدلاً بالقانون رقم 197 لسنة 2008 ، وذلك لارتباطهما بالنص المقضى بعدم دستوريته ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة .
فلهذه الأسباب
   حكمت المحكمة بعدم دستورية نصى الفقرتين الأولى والثانية من المادة (84) من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 معدلاً بالقانون رقم 197 لسنة 2008 ، وسقوط نص الفقرة الثالثة من المادة ذاتها ، والمادة (85) منه .