جلسة 6 من ديسمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ صلاح
البرجي
نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د.
وفيق دهشان ، نير عثمان ، أحمد عبد القوي أحمد ومحمد منيعم نواب رئيس المحكمة .
--------------
(146)
الطعن 30455 لسنة 69 ق
رجال السلطة العامة
. مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قبض . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض
" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القبض . ماهيته ؟
حظر القانون القبض على أي إنسان إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق
المختصة .
الشرطي السري من
رجال السلطة العامة وليس من مأموري الضبط القضائي . ليس له أن يجري قبضاً . له
إحضار الجاني في الجرائم المتلبس بها وتسليمه إلى أقرب مأمور ضبط قضائي . أساس ذلك
؟
مثال لتدليل سائغ
في حكم صادر بالبراءة لبطلان القبض
لانتفاء حالة التلبس
وبطلان الدليل المستمد منه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم
المطعون فيه بعد أن سرد أدلة الاتهام التي تدور حول ما شهـد بـه النقيب / ..... من
حضور الشرطي السري / ..... ومعه المطعون ضده وأخبره الأول بأنه أثناء تواجده
بالخدمة بسوق ..... جاءه شخص ممسكاً بالمطعون ضده وسلمه له بمقولة أنه سرقه قبل
يومين وقدم المطعون ضده له بطاقته ، وأنه حال تفتيش الضابط للمطعون ضده وقائياً
لاحظ على ذراعه – بالوشم – اسماً مغايراً للاسم المدون بالبطاقة أقر المطعون ضده
للضابط بأن اسمه على يده هو الصحيح وأن البطاقة لا تخصه وأنه استبدل صورته بصورة
صاحب البطاقة . عرض لدفع المطعون ضده ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس
وبطلان الدليل المستمد منه بقوله : " وحيث إنه لما كان المشرع في إطار حرصه
على صون حرمات المواطنين وحمايتها من العدوان قد نظم في الفصل الثالث من الباب الثاني
من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجنائية أحوال القبض على المتهم فنص في
المادة 40 من هذا القانون على أنه لا يجوز القبض على إنسان وحبسه إلا بأمر السلطات
المختصة ، ولا يرد على هذا الحظر إلا ما أجازه المشرع لمأمور الضبط القضائي من
القبض على المتهم الحاضر في أحوال التلبس بالجرائم ومما هو منصوص عليه في المادة
34 من ذات القانون وما أجازه للكافة من سلطة التحفظ المادي على المتهم وتسليمه
لأقرب رجل من رجال السلطة العامة وذلك في أحوال التلبس بالجرائم بالتحفظ المادي
على المتهمين وتسليمهم لأقرب مأمور من مأموري الضبط المنصوص عليه في المادة 38 من
قانون الإجراءات الجنائية ، ولما كان القبض على المتهم .... قد جرى في غير حالة
من حالات التلبس بالجرائم المنصوص عليها في المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية
ومن ثم يكون قد وقع باطلاً لما فيه من افتئات على حريته ومخالفته الصريحة لنصوص
الدستور والقانون ، ولما كانت سائر الإجراءات اللاحقة لذلك القبض الباطل من تفتيش
أسفر عن كشف الجريمة المنسوبة إلى المتهم ومن سؤال بمحضر جمع الاستدلالات تجاوز
الحد القانوني لسلطة مأمور الضبط القضائي قد بنيت على ذلك الإجراء الباطل سالف
الذكر واتصلت به اتصالاً وثيقاً لا يقبل الانفصام ولم تكن تقم لها قائمة بدونه ، الأمر
الذي تبطل معه أيضا تلك الإجراءات اللاحقة وكذلك الدليل المستمد منها بما يتعين
معـه إهـداره ومـن ثم فلا تعول عليه المحكمة في الإثبات الجنائي وإذ كانت الأوراق
قد خلت من ثمة دليل آخر صحيح قانوناً ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المتهم ".
لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن شخصاً حضر إلى الشرطي السري
ممسكاً بالمطعون ضده بمقولة أنه سرقه قبل يومين فقام الشرطي السري باقتياد المطعون
ضده – بعد أخذه لبطاقته – إلى قسم الشرطة ، وكان هذا الذي أثبته الحكم إنما يفيد
أن الشرطي السري قد قبض بالفعل على المطعون ضده ، إذ القبض على الإنسان إنما يعني
تقييد حريته والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيداً لاتخاذ بعض
الإجراءات ضده ، وكان القانون قد حظر القبض على أي إنسان إلا بترخيص منه أو بإذن
من سلطة التحقيق المختصة ، وكان لا يجيز لمثل الشرطي المذكور – وهو ليس من مأموري
الضبط القضائي – أن يباشر هذا الإجراء ، وكل ما خوله القانون إياه – باعتباره من
رجال السلطة العامة – أن يحضر الجاني – في الجرائم المتلبس بها – بالتطبيق لأحكام
المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية ويسلمه إلى أقرب مأمور من مأموري
الضبط القضائي وليس له أن يجري قبضاً على نحو مما فعل في واقعة الدعوى . لما كان
ذلك ، وكان الثابت في الحكم – على الوجه المتقدم – يدل على أن قبضاً وقع على
المطعون ضده في غير حالاته القانونية ومن ثم فإنه يكون قد وقع باطلاً ، وكان الحكم المطعون فيه – لم يخالف
هذا النظر – بما انتهى إليه من بطلان القبض على المطعون ضده وبطلان ما أسفر عنه من
أثار وما ارتبط به من إجراءات ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تأويل القانون ،
ويكون النعي عليه في هذا الصدد لا محل له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه :- أولاً : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب
تزويراً في محرر رسمي هو بدل فاقد البطاقة الشخصية رقم ..... سجل مدني ....
برقم مطبوع ..... والخاصة ..... وذلك بأن نزع صورة صاحبها ووضع صورته بدلاً
منها . ثانياً : استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه للشرطي السري
.... مع علمه بتزويره .
وأحالته إلى محكمة جنايات ....
لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة .... مما نسب إليه وإعدام المحرر
المزور المضبوط .
فطعنت النيابة
العامة في هذا الحكم بطريق النقـض
.... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن النيابة العامة
تنعي على الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة تزوير بطاقة شخصية
واستعمالها قد أخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأن قبضاً على المطعون ضده – بالمعنى القانوني
– لم يقع بل هو الذي قدم لرجل السلطة العامة البطاقة المزورة إثر استيقافه له
لاستكناه أمره عندما كان آخر – يتهمه بالسرقة – ممسكاً به، مما يكون معه ما أجراه
رجل السلطة هو مجرد استيقاف – وليس قبضاً – للمطعون ضده يجيز اصطحابه إلى قسم
الشرطة ، وهذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن
سرد أدلة الاتهام التي تدور حول ما شهد بـه النقيب / ..... من حضور الشرطي السري
/ ..... ومعه المطعون ضده وأخبره الأول بأنه أثناء تواجده بالخدمة بسوق ..... جاءه
شخص ممسكاً بالمطعون ضده وسلمه له بمقولة أنه سرقه قبل يومين وقدم المطعون ضده له
بطاقته ، وأنه حال تفتيش الضابط للمطعون ضده وقائياً لاحظ على ذراعه – بالوشم –
اسماً مغايراً للاسم المدون بالبطاقة أقر المطعون ضده للضابط بأن اسمه على يده هو
الصحيح وأن البطاقة لا تخصه وأنه استبدل صورته بصورة صاحب البطاقة . عرض لدفع
المطعون ضده ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس وبطلان الدليل المستمد منه
بقوله : " وحيث إنه لما كان المشرع في إطار حرصه على صون حرمات المواطنين
وحمايتها من العدوان قد نظم في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الأول من
قانون الإجراءات الجنائية أحوال القبض على المتهم فنص في المادة 40 من هذا القانون
على أنه لا يجوز القبض على إنسان وحبسه إلا بأمر السلطات المختصة ، ولا يرد على
هذا الحظر إلا ما أجازه المشرع لمأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم الحاضر في
أحوال التلبس بالجرائم ومما هو منصوص عليه في المادة 34 من ذات القانون وما أجازه
للكافة من سلطة التحفظ المادي على المتهم وتسليمه لأقرب رجل من رجال السلطة العامة
وذلك في أحوال التلبس بالجرائم بالتحفظ المادي على المتهمين وتسليمهم لأقرب مأمور
من مأموري الضبط المنصوص عليه في المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولما
كان القبض على المتهم .... قد جرى في غير حالة من حالات التلبس بالجرائم
المنصوص عليها في المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يكون قد وقع
باطلاً لما فيه من افتئات على حريته ومخالفته الصريحة لنصوص الدستور والقانون ،
ولما كانت سائر الإجراءات اللاحقة لذلك القبض الباطل من تفتيش أسفر عن كشف الجريمة
المنسوبة إلى المتهم ومن سؤال بمحضر جمع الاستدلالات تجاوز الحد القانوني لسلطة
مأمور الضبط القضائي قد بنيت على ذلك الإجراء الباطل سالف الذكر واتصلت به اتصالاً
وثيقاً لا يقبل الانفصام ولم تكن تقم لها قائمة بدونه ، الأمر الذي تبطل معه أيضا
تلك الإجراءات اللاحقة وكذلك الدليل المستمد منها بما يتعين معـه إهـداره ومـن ثم
فلا تعول عليه المحكمة في الإثبات الجنائي وإذ كانت الأوراق قد خلت من ثمة دليل
آخر صحيح قانوناً ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المتهم ". لما كان ذلك ، وكان
يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن شخصاً حضر إلى الشرطي السري ممسكاً بالمطعون
ضده بمقولة أنه سرقه قبل يومين فقام الشرطي السري باقتياد المطعون ضده – بعد أخذه
لبطاقته – إلى قسم الشرطة ، وكان هذا الذي أثبته الحكم إنما يفيد أن الشرطي السري
قد قبض بالفعل على المطعون ضده ، إذ القبض على الإنسان إنما يعني تقييد حريته
والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده ،
وكان القانون قد حظر القبض على أي إنسان إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق
المختصة ، وكان لا يجيز لمثل الشرطي المذكور – وهو ليس من مأموري الضبط القضائي –
أن يباشر هذا الإجراء ، وكل ما خوله القانون إياه – باعتباره من رجال السلطة
العامة – أن يحضر الجاني – في الجرائم المتلبس بها – بالتطبيق لأحكام المادتين 37
، 38 من قانون الإجراءات الجنائية ويسلمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي
وليس له أن يجري قبضاً على نحو مما فعل في واقعة الدعوى . لما كان ذلك، وكان
الثابت في الحكم – على الوجه المتقدم – يدل على أن قبضاً وقع على المطعون ضده في
غير حالاته القانونية ومن ثم فإنه يكون قد وقع باطلاً ، وكان الحكم المطعون فيه – لم يخالف هذا النظر – بما انتهى إليه من
بطلان القبض على المطعون ضده وبطلان ما أسفر عنه من أثار وما ارتبط به من إجراءات
، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تأويل القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد لا
محل له . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ