الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 مارس 2014

الطعن 37392 لسنة 73 ق جلسة 7 /5/ 2005 مكتب فني 56 ق 45 ص 298

جلسة 7 من مايو سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / إبراهيم عبدالمطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / وجيه أديب وحمدي أبوالخير ورفعت طلبة وأحمد صلاح الدين وجدى نواب رئيس المحكمة .
-------------
(45)
الطعن 37392 لسنة 73 ق
(1) اختصاص " الاختصاص الولائي " . جريمة " أنواعها . جرائم النشر " . سب . قذف . صحافة . قانون " تفسيره " . محكمة الجنايات " اختصاصها " .
المادتان 215 , 216 من قانون الإجراءات الجنائية . مفادهما؟
وقوع الجرائم على وجه العموم . مناطه : اقتراف الفاعل السلوك الإجرامي إيجابياً كان أم سلبياً. مؤدى ذلك ؟
جريمة الامتناع عن نشر تصحيح ماورد ذكره خطأً من وقائع قذف وسب في حق المدعى بالحق المدني بصفته الوظيفية. تدور في فلك الجريمة الأصل وهي واقعة القذف والسب بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر باعتبارها فرعاً منها . اختصاص محكمة الجنايات بالفصل فيها محكمة الجنايات. علة ذلك ؟
قواعد التفسير الصحيح للقانون .تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن يتبع الفرع الأصل الذى يدور في فلكه . مؤدى وعلة ذلك ؟
كون الوقائع المنشورة التي نسب المدعى بالحق المدني للطاعن أنها تتضمن قذفاً وسباً في حقه وامتنع عن نشر تصحيح ما ورد ذكره منها بالصحيفة التي يرأس تحريرها تتعلق بصفته الوظيفية وليست موجهة إليه بصفته من آحاد الناس . انعقاد الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة الجنايات . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
 (2) نقض " المصلحة في الطعن " .
المصلحة أساس الدعوى أو الطعن . انعدامها . أثره : عدم قبول الدعوى أو الطعن اعتباراً بأن أيهما في هذه الحالة يعد مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها .
لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات المختصة بنظر الدعوى . علة ذلك ؟
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سب . قذف . صحافة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة سواء كانت مباشرة أم غير مباشرة . متى كان ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي .
تحوط الجاني بعدم ذكر اسم المجنى عليه صراحة في العبارات المنشورة . لا يمنع المحكمة من أن تتعرف على شخص من وجَّهت إليه . المجادلة في ذلك . غير مقبولة .
مثال .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سب . قذف . صحافة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائي " .
استخلاص القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً . موضوعي . مادام سائغاً .
حرية الصحفي جزء من حرية الفرد العادي . لا يمكن تجاوزها إلا بتشريع خاص .
القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً . كفاية توافر القصد العام .
القصد العام في جريمة القذف . مناط تحققه ؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي في جريمة سب وقذف بطريق النشر .
(5) أسباب الإباحة وموانع العقاب " استعمال الحق " . سب . قذف . صحافة . مسئولية جنائية .
إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحبه . نقد مباح . متى لا يعد كذلك ؟
مثال لما لا يعد من قبيل النقد المباح .
 (6) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب . ما لم يدفع به أمامها .
(7) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . صحافة .
القضاء برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية قِبل الطاعن لنشره تصحيح المقال المنشور محل الواقعة قبل تحريك الدعوى الجنائية استناداً إلى أنه لم يقدم ما يثبت قيامه بهذا الإجراء وطبقاً للقواعد المقررة . صحيح .
(8) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . دعوى مدنية . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية " " الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية " . صحافة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم الحصول على إذن من نقابة الصحفيين التي ينتمي إليها الطاعن والمدعى بالحقوق المدنية قبل تحريك الدعوى . لا يستتبع تجريد العمل الإجرائي الذي قام به المدعى بالحقوق المدنية من آثاره القانونية . علة ذلك ؟
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
التفات الحكم عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان . لا يعيبه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحكمة الجزئية تحكم في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ، وتحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس . لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن المدعي بالحقوق المدنية بصفته عضو مجلس شعب أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم الطاعن موضوع الطعن الماثل أمام محكمة الجنايات متهماً إياه بامتناعه عن نشر تصحيح ما أورده خطأ من وقائع قذف وسب في حقه بالصحيفة التي يرأس تحريرها خلال الميعاد القانوني وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادتين 24 ، 28 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ولائحته التنفيذية ، وقد قام دفاع الطاعن على أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن الجرائم عموماً تقع باقتراف فاعلها سلوك إجرامي وقد يكون هذا السلوك إيجابياً أي إتيان الفعل أو السلوك الإجرامي ، وقد يكون سلبياً أي بالامتناع عن مباشرة ذلك السلوك والإحجام عنه والأخير لا يتصور إلا بالنسبة لعمل إيجابي كان الممتنع ملزماً قانوناً بالقيام به فهو صورة للسلوك الإنساني وسبب للعدوان الذى نال مصلحة أو حقاً جديراً بحماية القانون فإذا خالف سلوك الممتنع ما توقعه الشارع فنال العدوان الحق فلا شك أن سبب هذا العدوان هو ذلك السلوك وإذ كانت جريمة الامتناع عن نشر تصحيح ما ورد ذكره خطأ من وقائع قذف وسب في حق المدعي المدني بصفته المار بيانها موضوع الطعن الراهن هي بلا شك من الجرائم ذات السلوك السلبى أي التي تقع بالامتناع عن القيام بعمل قانوني كان الطاعن ملزماً بإتيانه - وهو نشر تصحيح الوقائع الواردة بطريق الخطأ - وهي من الجرائم التي تدور في فلك الجريمة الأصل وهى واقعة القذف والسب في حق المدعي المدني بصفته بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر فهي فرع من الأصل الذى عقد المشرع الاختصاص بالفصل فيه لمحكمة الجنايات لحكمة تغياها حاصلها توفير ضمانات أكثر للخصوم فيها لما تتطلبه طبيعة هذه الجرائم دون أن يخرجها عن إطارها كونها جنحة يجوز الادعاء المباشر فيها أمام محكمة الجنايات ومن ثم فإن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن يتبع الفرع الأصل الذي يدور في فلكه باعتباره من الجنح التي تقع بطريق النشر على غير الأفراد والتي تختص بالحكم فيها محكمة الجنايات دون محكمة الجنح و القول بغير ذلك يؤدي إلى المغايرة في الحكم في ذات المسألة الواحدة بغير مبرر وهو ما يتنزه عنه الشارع ويخرج عن مقصده فلا يتصور أن ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات في الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ويترك في الوقت ذاته الاختصاص لمحكمة الجنح بالنسبة لجريمة الامتناع عن نشر تصحيح الوقائع المنشورة خطأ موضوع الطعن الراهن رغم وحدة المسألة ورغم أن ضمان العدالة أمام محكمة الجنايات أكثر توافراً. لما كان ذلك , وكانت الوقائع المنشورة والتي نسب المدعى المدني للطاعن بصفته أنها تتضمن قذفا وسباً في حقه وامتنع الطاعن عن نشر تصحيح ما ورد ذكره منها بالصحيفة التي يرأس تحريرها إنما تتعلق بصفته عضواً بمجلس الشعب حسبما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته وليست موجهة إليه بصفته من آحاد الناس ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة الجنايات , وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه في هذا الشأن غير سديد .
2 - من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإذا انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن فى هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها وكان لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات التي جرت المحاكمة أمامها والمختصة بنظر الدعوى حيث تتوافر في محاكماتها من الضمانات ما لا يتوافر أمام محكمة الجنح ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بهذا الوجه .
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجنى عليه صراحة في العبارات المنشورة فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف على شخص من وجهت إليه من واقع العبارات ذاتها وظروف الواقعة والملابسات التي اكتنفتها , ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن المحكمة قد استخلصت أن المدعى بالحقوق المدنية هو المقصود بعبارات المقال المنشور وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
4 - من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص قصد التشهير علناً بالمدعى بالحقوق المدنية يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر عنه دعوى القصور فى التسبيب فى هذا الشأن . لما كان ذلك , وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص , وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره ولا يؤثر هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أى معتقداً صحة ما رمى به المجنى عليه من وقائع القذف , ولما كان الثابت من العبارات التي حصلها الحكم نقلاً عن صحيفة .... أنه قصد بها النيل من المدعى بالحقوق المدنية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون النعي على الحكم فى هذا الشأن غير سديد .
5 - من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه , وكانت العبارات التي تضمنها المقال الذى نشرته الجريدة التي يرأس الطاعن تحريرها شائنة ومن شأنها لو صحت استيجاب عقاب المدعى بالحق المدني واحتقاره عند أهل وطنه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن ما نشر إنما هو من قبيل النقد المباح يكون في غير محله .
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لقيامه بنشر تصحيح المقال المنشور محل الواقعة المطروحة قبل تحريك الدعوى الجنائية قبله بما مفاده أن الطاعن لم يقدم ما يثبت قيامه بذلك الإجراء وطبقاً للقواعد المقررة وكان الطاعن لا يماري في صحة ما خلص إليه الحكم فى هذا الشأن فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض هذا الدفع يكون قد اقترن بالصواب .
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم الحصول على إذن من نقابة الصحفيين التى ينتمى إليها الطاعن والمدعى بالحق المدني قبل تحريك الدعوى واطرحه على سند من أنه لا تأثير لذلك على صحة الإجراءات القانونية ولا يصمها بالبطلان وكانت هذه المخالفة بفرض صحتها وحصولها لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي الذي قام به المدعى بالحقوق المدنية من حيث آثاره القانونية إذ لا تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها بطلان ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
9 - لما كان الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان في صورة الواقعة المطروحة يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو التفت عنه و لم يرد عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن و آخر بوصف أنهما : امتنعا عن نشر الرد على المقال المنشور بجريدة .... عملهما ورئاستهما . و طلب عقابهما بالمادتين 24 ، 27 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ ألفان وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة .والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للأول وغيابيا للثاني أولا :بعدم قبول الدعويين الجنائية و المدنية بالنسبة للمتهم الأول ....ثانيا : بمعاقبة ..... بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وبتغريمه ألفى جنيه عما نسب إليه . ثالثا : وفى الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليه المذكور والمسئول عن الحقوق المدنية .... بصفته بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ ألفي وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت . رابعا :بنشر ما تضمنه الحكم في البندين الأخيرين في صحيفة يومية واسعة الانتشار وبصحيفة .... أيضا خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانه .عارض المحكوم عليه .... والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه وتغريم المعارض .... مبلغ ألف جنيه عما نسب إليه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك , وكان مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحكمة الجزئية تحكم في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ، وتحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس . لما كان ذلك ، وكان البين من أوراق الطعن أن المدعى بالحقوق المدنية بصفته عضو مجلس شعب أقام دعوى الجنحة المباشرة ضد المتهم الطاعن موضوع الطعن الماثل أمام محكمة الجنايات متهماً إياه بامتناعه عن نشر تصحيح ما أورده خطأ من وقائع قذف وسب في حقه بالصحيفة التي يرأس تحريرها خلال الميعاد القانوني وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادتين 24 ، 28 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة ولائحته التنفيذية ، وقد قام دفاع الطاعن على أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى . لما كان ذلك ، و كان من المقرر قانوناً أن الجرائم عموماً تقع باقتراف فاعلها سلوك إجرامي وقد يكون هذا السلوك إيجابياً أى إتيان الفعل أو السلوك الإجرامي ، وقد يكون سلبياً أي بالامتناع عن مباشرة ذلك السلوك والإحجام عنه والأخير لا يتصور إلا بالنسبة لعمل إيجابي كان الممتنع ملزماً قانوناً بالقيام به فهو صورة للسلوك الإنساني وسبب للعدوان الذى نال مصلحة أو حقاً جديراً بحماية القانون فإذا خالف سلوك الممتنع ما توقعه الشارع فنال العدوان الحق فلا شك أن سبب هذا العدوان هو ذلك السلوك وإذ كانت جريمة الامتناع عن نشر تصحيح ما ورد ذكره خطأ من وقائع قذف وسب فى حق المدعى المدني بصفته المار بيانها موضوع الطعن الراهن هي بلا شك من الجرائم ذات السلوك السلبى أي التي تقع بالامتناع عن القيام بعمل قانوني كان الطاعن ملزماً بإتيانه (وهو نشر تصحيح الوقائع الواردة بطريق الخطأ) وهي من الجرائم التي تدور في فلك الجريمة الأصل وهي واقعة القذف والسب في حق المدعى المدني بصفته بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر فهي فرع من الأصل الذي عقد المشرع الاختصاص بالفصل فيه لمحكمة الجنايات لحكمة تغياها حاصلها توفير ضمانات أكثر للخصوم فيها لما تتطلبه طبيعة هذه الجرائم دون أن يخرجها عن إطارها كونها جنحة يجوز الادعاء المباشر فيها أمام محكمة الجنايات ومن ثم فإن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن يتبع الفرع الأصل الذى يدور في فلكه باعتباره من الجنح التي تقع بطريق النشر على غير الأفراد والتي تختص بالحكم فيها محكمة الجنايات دون محكمة الجنح والقول بغير ذلك يؤدى إلى المغايرة في الحكم في ذات المسألة الواحدة بغير مبرر وهو ما يتنزه عنه الشارع ويخرج عن مقصده فلا يتصور أن ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات في الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد ويترك في الوقت ذاته الاختصاص لمحكمة الجنح بالنسبة لجريمة الامتناع عن نشر تصحيح الوقائع المنشورة خطأ موضوع الطعن الراهن رغم وحدة المسألة ورغم أن ضمان العدالة أمام محكمة الجنايات أكثر توافراً. لما كان ذلك , وكانت الوقائع المنشورة والتي نسب المدعى المدني للطاعن بصفته أنها تتضمن قذفا وسباً في حقه وامتنع الطاعن عن نشر تصحيح ما ورد ذكره منها بالصحيفة التي يرأس تحريرها إنما تتعلق بصفته عضواً بمجلس الشعب حسبما أثبته الحكم المطعون فيه فى مدوناته وليست موجهة إليه بصفته من آحاد الناس ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد لمحكمة الجنايات , وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه في هذا الشأن غير سديد . هذا إلى أنه من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإذا انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن فى هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها و كان لا مصلحة للطاعن في أن يحاكم أمام محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات التي جرت المحاكمة أمامها والمختصة بنظر الدعوى حيث تتوافر في محاكماتها من الضمانات ما لا يتوافر أمام محكمة الجنح ومن ثم فلا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بهذا الوجه . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجنى عليه صراحة في العبارات المنشورة فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف على شخص من وجهت إليه من واقع العبارات ذاتها وظروف الواقعة والملابسات التي اكتنفتها, ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن المحكمة قد استخلصت أن المدعى بالحقوق المدنية هو المقصود بعبارات المقال المنشور وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك , وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص قصد التشهير علناً بالمدعى بالحقوق المدنية يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن . لما كان ذلك , وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادى ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص , وكان القانون لا يتطلب فى جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذى يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره ولا يؤثر هذا القصد أن يكون القاذف حسن النية أى معتقداً صحة ما رمى به المجنى عليه من وقائع القذف , ولما كان الثابت من العبارات التى حصلها الحكم نقلاً عن صحيفة .... أنه قصد بها النيل من المدعى بالحقوق المدنية فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن بيان القصد الجنائي على وجهه الصحيح ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه , وكانت العبارات التي تضمنها المقال الذى نشرته الجريدة التي يرأس الطاعن تحريرها شائنة ومن شأنها لو صحت استيجاب عقاب المدعى بالحق المدني واحتقاره عند أهل وطنه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة أن ما نشر إنما هو من قبيل النقد المباح يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب فى حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لقيامه بنشر تصحيح المقال المنشور محل الواقعة المطروحة قبل تحريك الدعوى الجنائية قبله بما مفاده أن الطاعن لم يقدم ما يثبت قيامه بذلك الإجراء وطبقاً للقواعد المقررة وكان الطاعن لا يماري في صحة ما خلص إليه الحكم فى هذا الشأن فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض هذا الدفع يكون قد اقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم الحصول على إذن من نقابة الصحفيين التي ينتمي إليها الطاعن والمدعي بالحق المدني قبل تحريك الدعوى واطرحه على سند من أنه لا تأثير لذلك على صحة الإجراءات القانونية ولا يصمها بالبطلان وكانت هذه المخالفة بفرض صحتها وحصولها لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي الذى قام به المدعى بالحقوق المدنية من حيث آثاره القانونية إذ لا تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات التنظيمية التي لا يترتب على مخالفتها بطلان ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك، وكان الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان في صورة الواقعة المطروحة يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو التفت عنه و لم يرد عليه . لما كان ما تقدم , فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9750 لسنة 66 ق جلسة 7 /5/ 2005 مكتب فني 56 ق 44 ص 295

جلسة 7 من مايو سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عاطف عبد السميع فرج ، وجيه أديب ، النجار توفيق نواب رئيس المحكمة ومحمود خضر .
------------
(44)
الطعن 9750 لسنة 66 ق
آثار . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب" . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
سلامة الحكم الصادر بالإدانة في جريمة الاتجار في الآثار . شرطه : بيان كنه ونوع الأثر المضبوط وصلة كل متهم بما تم ضبطه . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . قصور . أساس ذلك ؟
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة فى جريمة الاتجار فى الآثار .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان القانون 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار قد نص في المادة الأولى منه " يعتبر أثراً كل عقار أو نقود أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته العلوم والفنون والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة إلى ما قبل مائة عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية المعاصرة لها ... " ومفاد ما تقدم أنه يلزم لسلامة الحكم بالإدانة بمقتضى هذا القانون أن تبين المحكمة كنه ونوع الأثر المضبوط . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن المضبوطات تخضع لقانون الآثار رقم 117 لسنة 1983 بغير أن يبين ماهيته والقيمة التاريخية التي ينتمي إليها ودون أن يكشف عن سنده في اعتبارها من الآثار محل التجريم في مفهوم أحكام القانون سالف الذكر ودون أن يفصح عن مدى صلة كل متهم بما تم ضبطه فإنه يكون في هذا الخصوص قد جاء مجهلاً مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وهو ما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه و الإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم : أولاً : المتهمون من الأول وحتى الرابع " الطاعنين " قاموا بالاتجار في الآثار المحظور الاتجار فيها . ثانياً : المتهم الخامس تداخل في وظيفة عمومية و لبس علانية كسوة رسمية . وطلبت عقابهم بمواد القانون . ومحكمة جنح ..... قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام أولاً : بمعاقبة المتهمين من الأول وحتى الرابع بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ لكل متهم ومصادرة المضبوطات . ثانياً : بمعاقبة المتهم الخامس بالحبس شهر وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ .
 استأنفوا ومحكمة ..... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف عن التهمة الأولى وبقبول وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة عن التهمة الثانية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون بمذكرتي أسبابهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الإتجار في الآثار قد شابه القصور في التسبيب إذ جاء في عبارات عامة مجهلة وخلا من الأسباب ومن بيان صلة كل من كانوا متواجدين وقت الضبط بالآثار المضبوطة سيما وقد أثاروا منازعة في الاتجار في الآثار لأن التقرير الفني انتهى إلى أن ما ضبط صناعة حديثة وليس آثاراً كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه ولما كان القانون 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار قد نص في المادة الأولى منه " يعتبر أثراً كل عقار أو نقود أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته العلوم والفنون والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة إلى ما قبل مائة عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها وكذلك رفات السلالات البشرية المعاصرة لها ... " ومفاد ما تقدم أنه يلزم لسلامة الحكم بالإدانة بمقتضى هذا القانون أن تبين المحكمة كنه ونوع الأثر المضبوط . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن المضبوطات تخضع لقانون الآثار رقم 117 لسنة 1983 بغير أن يبين ماهيته والقيمة التاريخية التي ينتمي إليها ودون أن يكشف عن سنده في اعتبارها من الآثار محل التجريم في مفهوم أحكام القانون سالف الذكر ودون أن يفصح عن مدى صلة كل متهم بما تم ضبطه , فإنه يكون في هذا الخصوص قد جاء مجهلاً مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وهو ما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10390 لسنة 66 ق جلسة 5 /5/ 2005 مكتب فني 56 ق 43 ص 292

جلسة 5 من مايو سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نير عثمان ،فتحي جودة ، نجاح موسى نواب رئيس المحكمة وعبد الله لملوم .
-------------
(43)
الطعن 10390 لسنة 66 ق
حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها "
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات .
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
تحرير الحكم بخط غير مقروء أو إفراغه في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة . لا يحقق غرض الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام .
استحالة قراءة أسباب الحكم تجعله خالياً من الأسباب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبنى هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلى مفصل يستطاع الوقوف منه على مسوغات ما قضى به ، أما تحرير الحكم بخط غير مقروء أو إفراغه في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا فعلاً من أسبابه لاستحالة قراءة أغلب عباراته ، وكانت ورقة الحكم من الأوراق التي يجب أن تحمل أسباباً وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانونا ، وكان هذا الذى شاب الحكم الابتدائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم والتقرير برأي فيما أثاره الطاعن بأسباب طعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح ... ضد الطاعن بوصف أنه :- وجه للمدعية بالحقوق المدنية سباباً وألفاظاً خادشة للشرف والاعتبار عن طريق صحيفة " ...... " لو صحت لسببت لها احتقاراً عن أهل وطنها وطلبت معاقبته بالمواد 303 ، 306 ، 307 ، 308 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتغريم المتهم مبلغ مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
استأنف ومحكمة .... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب والقذف بواسطة النشر بالصحف قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى أدلة الثبوت فيها مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان الشارع يوجب فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبنى هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ولكى يحقق الغرض منه يجب أن يكون فى بيان جلى مفصل يستطاع الوقوف منه على مسوغات ما قضى به ، أما تحرير الحكم بخط غير مقروء أو إفراغه في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا فعلاً من أسبابه لاستحالة قراءة أغلب عباراته ، وكانت ورقة الحكم من الأوراق التي يجب أن تحمل أسباباً وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانونا ، وكان هذا الذى شاب الحكم الابتدائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم والتقرير برأي فيما أثاره الطاعن بأسباب طعنه فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 23236 لسنة 74 ق جلسة 3 /5/ 2005 مكتب فني 56 ق 42 ص 277

جلسة 3 مايو سنة 2005
برئاسة السيد القاضي / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / طه سيد قاسم ، محمد سامى إبراهيم ، يحيى عبد العزيز ماضي ومحمد مصطفى أحمد العكازي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(42)
الطعن 23236 لسنة 74 ق
(1) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " . قتل عمد .
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات . موضوعي .
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنها .مادامت قد اطمأنت إليها.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل.موضوعي.
مثال لإطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن للإكراه صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
(2) إثبات " اعتراف " " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض "نظر الطعن والحكم فيه " . قتل عمد .
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال للتدليل على انتفاء التناقض بين الدليلين القولي والفني صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
(3) إثبات " اعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي ببطلان اعتراف الطاعن أمام المحكمة .غير مجد. مادام الحكم لم يستند في الإدانة إلي دليل مستمد منه .
(4) دفوع " الدفع ببطلان القبض ". قتل عمد .
مثال لرد سائغ صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في اطراح الدفع ببطلان القبض لعدم صدور إذن به من النيابة العامة في جريمة قتل عمد .
(5) إثبات " بوجه عام " . قتل عمد . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوي " .
اطمئنان المحكمة لأدلة الثبوت . مفاده ؟
مثال لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(6) قتل عمد . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوي" .
قصد القتل . امر خفى . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي تنم عما يضمره الجاني في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال للتدليل علي توافر قصد القتل لحكم صادر من محكمة النقض لدي نظرها موضوع الدعوي .
(7) قتل عمد . ظروف مشددة . سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . نقض " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوي " .
ظرف سبق الإصرار يستلزم أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال . البحث في توافره . موضوعي.
مثال للتدليل من محكمة النقض على توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لدى نظرها موضوع الدعوى .
 (8) قتل عمد . سرقة . اقتران . ظروف مشددة . عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوي " .
ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما . كفايته لتطبيق المادة 234 /2 عقوبات .
مثال لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في التدليل على توافر ظرف الاقتران بين جريمتي القتل عمد مع سبق الإصرار والسرقة مع حمل السلاح ليلاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لانتزاعه منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع . لما كان ذلك وكان ما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه مادى عليه مردوداً عليه بأن المتهم المذكور مثل أمام النيابة العامة للتحقيق في ...... سنة ..... حيث قامت بمناظرة أجزاء جسمه ولم تجد به آثار إصابات وقد أدلى في هذه التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابه للجريمة بالاشتراك مع المتهمين الأول والثاني وخطوات إعدادهم لها ثم تنفيذها وهو في كامل حريته واختياره ومن ثم فإن القول بوقوع إكراه مادى عليه يضحى قولاً عار من دليل أما ما أثير عن وقوع إكراه معنوي عليه مردوداً بأن ذلك القول ليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ، كما وأن القول بعدم صدق هذا الاعتراف أو معقوليته هو في مجمله مردود بأن اعتراف المتهم الثالث جاء تفصيلياً يتفق وما أوردته الأدلة الفنية بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع مما يدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن دفاع المتهمين بشأن بطلان الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من دليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده على ما سلف بيانه ومن ثم تطرح هذا الدفاع وتعول على اعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة العامة كدليل عليه وعلى المتهمين الأول والثاني .
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى اعتراف المتهم الثالث بأن المتهم الأول قام بالاعتداء على المجنى عليه ببلطة على رأسه ثم طعنه بسكين وقام المتهم الثاني بطعنه بسكين في أجزاء متفرقة من جسده وهو ما يتطابق فيه الدليل القولي مع الدليل الفني ومؤداه أن وفاة المجنى عليه ناشئة من الإصابة الطعنية النافذة بيسار البطن والإصابة الطعنية النافذة بمنتصف يسار الظهر وما أحدثاه من تهتك بالأمعاء والغشاء البريتوني والأوعية الدموية الرئيسية بالبطن وتمزق بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثانية والضلع الثاني عشر الأيسر والإصابات جميعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد على لسان المتهم الثالث .
3 - لما كان ما يثيره المدافع عن المتهم الثالث من بطلان الاعتراف المعزو إليه أمام المحكمة لعدم إدراكه ما يترتب على هذا الاعتراف فإنه لا جدوى مما يثار فى هذا الصدد لأن هذه المحكمة لم تعول على هذا الاعتراف في إدانة المتهمين وإنما عولت على اعتراف المتهم المذكور في تحقيقات النيابة العامة الذى تطمئن إلى صدقه وصحته .
4 - حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة فإنه على غير سند من الواقع إذ الثابت من أوراق الدعوى أنه بعد العثور على جثة المجنى عليه قام العقيد ..... مفتش مباحث فرقة ........ بإجراء تحرياته التي دلت على أن المتهمين هم مرتكبي الجريمة وأفرغ هذه التحريات في محضره المؤرخ .... سنة .... والذى صدر بموجبه إذن النيابة العامة المؤرخ في ..... سنة ..... الساعة ..... مساء بضبط وتفتيش المتهمين ومسكنهم وضبط الأدوات والأسلحة والأشياء التي استخدمت في ارتكاب الحادث ونفاذا لهذا الإذن فقد تم ضبط المتهمين بتاريخ ...... سنة ...... الساعة ..... صباحاً.
5 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهمين الأول والثاني وعدول المتهم الثالث عن اعترافه فى تحقيقات النيابة العامة وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سنداً من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئناناً منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة العامة والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذي جاء مصدقاً لها في بيان واضح فضلاً عن أن أقوال الطبيب الشرعي جاءت مؤيدة لذلك وهو ما يتلاءم به جماع الدليل القولي ومؤداه حدوث إصابات المجنى عليه والتي أودت بحياته وفق ما ذهب إليه المتهم الثالث في اعترافاته وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به وتطرح ما عداه من تصويرات .
6 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهمين وتوفرت لديهم من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجتهم الملحة إلى المال لإنهاء ضائقتهم المالية وأن في قتل المجنى عليه والاستيلاء على ما لديه من نقود ما يفك هذه الضائقة وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء بلطة وسكين وقام الأول باستدراجه إلى مكان ارتكاب الجريمة حيث كان كل من المتهمين الثاني والثالث في انتظاره حيث قاما بشل حركته وقام المتهم الأول بضربه بالبلطة والسكين وقام الآخرين بطعنه بالسكين في أجزاء متفرقة وقاتلة من جسده ولم يتركوه حتى أيقنوا هلاكه وإزهاق روحه ثم قاموا بسرقة المبلغ النقدي الذي كان بحوزته .
7 - حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث في توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها وإذ كان ذلك وكان الثابت فى حق المتهمين حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه أن المتهمين تدبروا الأمر قبل الحادث بفترة كافية في هدوء وروية وانتووا قتل المجنى عليه ليتمكنوا من سرقته وأعدوا أدوات الجريمة ثم استدرجه المتهم الأول إلى مكان التنفيذ حيث كان ينتظره كل من المتهمين الثاني والثالث ثم قاموا بقتل المجنى عليه والتخلص من جثته بإلقائها في الطريق العام بعيداً عن مكان ارتكاب الجريمة وكان المتهمون في كل ذلك يتسمون بالهدوء والروية سواء فى إعدادهم لجريمتهم أو فى تنفيذها مما يقطع بتوافر ذلك الظرف لديهم .
8- لما كانت المادة 234 من قانون العقوبات في شقها الأول بنصها على ظرف الاقتران أنه يكفي لانطباقها ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وإذ كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد ارتكبوا جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي استقلت تماماً عن جناية السرقة مع حمل السلاح ليلاً والتي تلتها ببرهة يسيرة فتحقق بذلك شرطا الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :- اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والسرقة بأن اتحدت إرادتهم على قتل المجنى عليه وسرقة ما بحوزته من نقود وقد وقع تنفيذا لذلك الاتفاق الجرائم التالية :- أولاً : قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد المجنى عليه بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على إزهاق روحه والاستيلاء على ما بحوزته من نقود وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء " سكينتين وبلطة " وتنفيذا لذلك توجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه واستدرجه لمسكنه بزعم استرداد بعض المبالغ النقدية المستحقة لأحد أقاربه وما أن ظفر به المتهمان الثاني والثالث اللذان كانا بانتظاره باغتاه بشل حركته وانهال عليه الأول ببلطة وسكين وتابعه الثاني والثالث بطعنه بسكين قاصدين من ذلك إزهاق روحه فاحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته وقد ارتكبوا هذه الجناية بقصد ارتكاب جناية أخرى مرتبطة وهي : أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر أ - سرقوا المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق والمملوك للمجني عليه ليلا حال حملهم لأسلحة بيضاء ظاهرة على النحو المبين بالتحقيقات . ب - حازوا وأحرزوا بدون ترخيص أسلحة بيضاء " بلطة سكينتين " بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهم إلى محكمة جنايات ....... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة بإجماع الآراء إحالة الأوراق بالنسبة لجميع المتهمين إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة .... من .... سنة .... للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً ومصادرة الأسلحة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وبقبول طعن المحكوم عليهم شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة بدائرة أخرى قررت في ..... وبإجماع الآراء إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي بالنسبة للمتهمين الأول والثاني وحددت جلسة ..... من .....سنة ..... للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة حكمت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 232 ، 234 /2 ، 316 من قانون العقوبات و1/1 ، 25 مكرراً /1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق به و 2 ، 112 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات . أولاً : بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما . ثانياً : بمعاقبة المتهم الثالث بالسجن خمسة عشر عاماً عما أسند إليه . ثالثا : بمصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .
ومحكمة النقض قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليهم شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة ...... لنظر الموضوع مع استمرار حبس المتهمين وعلى النيابة إعلان الشهود وإحضار المتهمين من السجن لتلك الجلسة .
وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات نظرت المحكمة القضية حيث سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث قررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة اليوم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن المتهمين ..... و..... و..... (حدث) كانت تربطهم علاقة بالمجني عليه ..... مردها الصداقة والمنشأ ونظراً لمرورهم بضائقة مالية وعلمهم بوجود مبلغ مالي معه ينوى شراء قطعة أرض به ببلدته فقد قادهم تفكيرهم الشيطاني إلى قتله والاستيلاء على ما يملكه من نقود لفك ضائقتهم المالية ، وفى هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها تعجل وضعوا خطتهم ونفاذا لهذه الخطة اعدوا سلاحاً أبيض بلطة وسكين وتوجه الأول إلى مسكن المجنى عليه مساء يوم ..... من ..... سنة ...... واستدرجه إلى مسكنهم حيث كان يتواجد به المتهمان الثاني والثالث وما أن وصلا إلى المسكن حتى قام المتهمان الثاني والثالث بالإمساك به وشل حركته في حين قام المتهم الأول بطعنه بالسكين ثم ضربه بالبلطة ثم تابع الثاني والثالث طعنه بالسكين في أجزاء مختلفة من جسده قاصدين من ذلك إزهاق روحه ثم عندما أيقنوا من موته قاموا بسرقة المبلغ النقدي الذي كان بحوزته واقتسموه فيما بينهم ثم أشعلوا النار في الملابس ومرتبة السرير التي تلوثت بدم المجنى عليه وغسلوا الحجرة محل الحادث ثم قاموا بلف الجثة في بطانية ووضعوها في كرتونة وقام المتهمان الأول والثالث بحملها على دراجة وإلقائها حيث تم العثور عليها .
وحيث إن الواقعة على النحو سالف البيان قد ثبتت جميعها وتوافرت الأدلة على نسبتها إلى المتهمين من شهادة كل من العقيد ..... و..... والطبيب الشرعي ..... ومما ثبت من محضر المعاينة التصويرية وتقرير الصفة التشريحية ومن إرشاد المتهمين عن الأسلحة المستخدمة ومن اعتراف المتهم الثالث (الحدث) في تحقيقات النيابة العامة .
فقد شهد العقيد ..... مفتش مباحث فرقة ...... بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة الأولى المعقودة بتاريخ ..... سنة ..... أنه بعد العثور على جثة المجنى عليه قام بإجراء تحرياته السرية التي دلت على أن المتهمين الثلاثة هم الذين قاموا بارتكاب الجريمة فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطهم وتفتيش أشخاصهم ومحل إقامتهم وبضبطهم ومواجهتهم بتحرياته أقروا له بأنهم نظراً لمرورهم بضائقة مالية اتفقوا فيما بينهم على قتل المجنى عليه وسرقة نقوده التي يحتفظ بها معه لشراء قطعة أرض في بلدته وفى مساء يوم ..... سنة..... توجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه وهناك اتصل المتهم الثاني بالمتهم الأول تليفونيا للاطمئنان على نجاح الخطة وعقب ذلك قام الأخير باصطحاب المجنى عليه إلى مسكن المتهمين بزعم استرداد بعض المبالغ المالية المستحقة لأحد أقاربه بمنطقة ..... ، وبعد وصول المتهم الأول وبصحبته المجنى عليه إلى محل إقامة المتهمين قام المتهمان الثاني والثالث بشل حركته وقام المتهم الأول بطعنه بسكين أعدت سلفا لهذا الغرض عدة طعنات في بطنه وجانبيه ثم واصل الاعتداء عليه ببلطة كان يخفيها بطيات ملابسه ثم قام المتهم الثالث ...... بطعنه أيضاً بسكين كانت بحوزته في أجزاء متفرقة من جسده حتى فارق الحياة ثم قاموا بالاستيلاء على النقود التي كانت معه وقدرها ست جنيهات واقتسموها فيما بينهم وقام المتهمان الأول والثالث بلف الجثة بكوفرتة ووضعها في كرتونة ونقلها على الدراجة الخاصة بالمتهم الأول إلى مكان العثور عليها ثم أخذا الكوفرتة والكرتونة وعادا إلى حجرتهما مرة أخرى وقاما بإحراق المرتبة والملابس الملوثة بالدماء وعند تصاعد الدخان بكثافة قاما بمحاولة إخماد النار بالماء وأضاف الشاهد أنه تم ضبط السكين والبلطة المستخدمتين في الحادث بإرشاد المتهم الأول وتم ضبط الكوفرتة وباقي الكرتونة بإرشاد المتهم الثالث .وشهدت الشاهدة الثانية ...... بتحقيقات النيابة بأنه في حوالى الساعة ..... من مساء يوم ..... سنة ...... حال تواجدها بمنزلها صحبة زوجها المجني عليه حضر المتهم الأول وطلب منه التوجه معه لتحصيل مبلغ مالي من أحد الأشخاص وأثناء ذلك اتصل المتهم الثاني تليفونيا بالمتهم الأول وعقب ذلك اصطحب الأخير زوجها وانصرفا ولم يعد زوجها بعد ذلك إلى أن علمت بوفاته وأضافت بأن زوجها كان بحوزته مبلغاً مالياً سحبا بعضه من دفتر التوفير بغرض شراء قطعة أرض بموطنهما الأصلي وأن المتهم الأول كان يعلم بذلك بعد ترديد المجنى عليه لهذه الرغبة أمام آخر على صلة وثيقة بالمتهم الأول. وشهد الطبيب الشرعي .... بجلسة المحاكمة المعقودة بجلسة .... سنة .... بأن وفاة المجنى عليه ناشئة من الإصابة النافذة الطعنية بالبطن وكذا بمنتصف يسار الظهر وما أدت إليه من تهتك بالأمعاء والغشاء البريتوني والأوعية الرئيسية بالبطن وتهتك بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثانية والضلع الثاني عشر الأيسر وأن إصابات المجنى عليه جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بأقوال المتهم الثالث بالتحقيقات. وأثبت محضر معاينة النيابة العامة التصويرية المؤرخ ..... سنة .... قيام المتهم الثالث بتمثيل ارتكابه والمتهمان الأول والثاني لجريمتهم على نحو مطابق لما جاء بأقواله بتحقيقات النيابة العامة وإرشاده عن الأسلحة المستخدمة فى الاعتداء على المجنى عليه .
وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه أن بالمجنى عليه الإصابات التالية : 1 - كدم بفروة الرأس وآخر بالوجنة اليمنى رضى حيوي حديث حدث كل منهما من المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وكل منهما بسيط ولا يحدث الوفاة . 2 - جروح بأعلى وأسفل مقدم يسار الصدر وأعلى يسار الظهر والجانب الأيسر من الظهر وأعلى الألية اليسرى جميعها جروح قطعية حيوية حديثة حدثت من الإصابة بجسم أو أجسام صلبة ذات حافة حادة أيا كان نوعها وجميعها غير نافذة لا تحدث الوفاة فى حد ذاتها . 3 - جرح بفروة الرأس مصحوب بكسر بعظام الجمجمة وهو عبارة عن إصابة قطعية رضية حيوية وحديثة حدثت من الإصابة بجسم صلب ثقيل ذو حافة حادة أيا كان نوعه ومن شأن تلك الإصابة أن تفقد المجنى عليه الوعى. 4 - جرح بمنتصف يسار البطن وجرح بمنتصف يسار الظهر كل منهما طعني حيوي حديث حدث من الإصابة بجسم صلب ذو حافة حادة وطرف مدبب أيا كان نوعه. 5 - أن الوفاة ناشئة أساساً من الإصابة الطعنية النافذة بيسار البطن والإصابة الطعنية النافذة بمنتصف يسار الظهر وما أحدثتاه من تهتك للأمعاء والغشاء البريتوني والأوعية الدموية الرئيسية بالبطن وتمزق بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثامنة والضلع الثاني عشر الأيسر وأنه قد مضى على الوفاة لحين التشريح الذى حدث يوم ..... مدة حوالى يوم وأن الإصابات جميعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد على لسان المتهم الثالث ..... وفي تاريخ قد يعاصر التاريخ الوارد بالأوراق والمعطى للواقعة .
وأثبت تقرير الإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بمصلحة الطب الشرعي العثور على دم آدمي بالبلطة المضبوطة بإرشاد المتهم الأول كما عثر على دم آدمي على ملابس المتهم الثالث بالقميص وكذلك بالكوفرتة التي ضبطت بإرشاده وبقطعة الكرتون التي أرشد عنها أيضاً وكذلك آثار دماء على ملابس المجنى عليه وثبت أن جميع العينات المأخوذة من التلوثات الآدمية أنها من فصيلة دم ( .... ) وهى ذات فصيلة الدم المأخوذة من المجنى عليه.
ومن حيث إن المتهم الثالث ...... اعترف فى تحقيقات النيابة العامة التي أجريت في ..... من .....سنة ...... بارتكابه جريمة قتل المجني عليه وسرقة النقود التي كانت معه بالاشتراك مع المتهمين الأول والثاني مقرراً أنهم اتفقوا في وقت سابق على تاريخ الجريمة على قتل المجنى عليه وسرقة ما بحوزته من نقود علموا بأنه يحملها معه وحاولوا تنفيذا الجريمة أكثر من مرة حتى قاموا بتنفيذها بتاريخ .... من..... سنة ..... حيث قام المتهم الأول باستدراج المجنى عليه من منزله إلى محل إقامتهم . وبعد حضور المجنى عليه بصحبة المتهم الأول دخلوا جميعاً إلى حجرة حارس قطعة الأرض التي يقيمون بها ثم قام والمتهم الثاني بشل حركته حيث قام الأخير بوضع فوطة على فم المجنى عليه وقام هو بالإمساك بقدميه ثم قام المتهم الأول بضربه على رأسه بالبلطة ثم طعنه هو بالسكين ثم قام المتهم الثاني بطعنه بذات السكين في أجزاء متفرقة من جسمه وكان ذلك بقصد إزهاق روحه وسرقة ما معه من نقود وعندما تأكدوا من موته قاموا بالاستيلاء على المبلغ الذى كان بحوزته واقتسموه فيما بينهم وقاموا بلف الجثة ببطانية وكوفرتة ووضعه في كرتونة وربطوها بحبل غسيل وبعد حوالى ثلاث ساعات قام هو والمتهم الأول بحمله على دراجة والقياه بجوار سور محطة مترو الأنفاق ..... ثم قاموا بغسل ملابسهم الملوثة بالدماء وحرق المرتبة والبطانية وغسل البلطة والسكين ووضعها فى برميل موجود بقطعة الأرض كما قاموا بغسل الحجرة والحائط من الدماء وتخلصوا من الفوطة المستعملة في التنظيف .
ومن حيث إن تقرير الباحث الاجتماعي أورى أن المتهم الثالث انقيادي الشخصية ولا يبالى بعواقب الأمور ويعانى من التفكك الأسري وقد تورط لغياب السلطة الضابطة عن طريق الأسرة لبعده عن أسرته وهو ضحية الظروف الاجتماعية الصعبة .
ومن حيث إن المتهمين حضروا بجلسات المحاكمة أمام هذه المحكمة ومع كل من المتهمين الأول والثاني محام موكل للدفاع عنه وقد ندبت المحكمة للمتهم الثالث الحدث محام للدفاع عنه .
وحيث إنه بجلسات المحاكمة أنكر المتهمان الأول والثاني الاتهام المسند إليهما
واعترف المتهم الثالث بالتهمة المسندة إليه مقرراً أنه ارتكب الجريمة بالاشتراك مع آخر غير المتهمين الأول والثاني ودفع محاميا المتهمين الأخيرين ببطلان الاعتراف المعزو للمتهم الثالث أمام النيابة العامة لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي وعدم صدقه أو معقوليته وتناقضه مع الدليل الفني وعدم صلاحية أداة ارتكاب الجريمة لإحداث الإصابات الواردة بالمجنى عليه وبطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة وأن رواية زوجة المجنى عليه الأولى هى الصادقة والتمسا براءة المتهمان من الاتهام المسند إليهما ، ثم ترافع محامى المتهم الثالث ودفع ببطلان الاعتراف المعزو للمتهم فى الأوراق وأمام المحكمة لكونه لا يدرك ما يترتب على اعترافه وعدم صدق ما ورد بهذا الاعتراف أو ما جاء بأقوال زوجة المجنى عليه وبطلان القبض والتفتيش وعدم وجود اقتران بين القتل والسرقة والتمس براءة المتهم من الاتهام المسند إليه واحتياطياً استعمال الرأفة .
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لانتزاعه منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع . لما كان ذلك وكان ما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه مادى عليه مردوداً عليه بأن المتهم المذكور مثل أمام النيابة العامة للتحقيق في ..... سنة ..... حيث قامت بمناظرة أجزاء جسمه ولم تجد به آثار إصابات وقد أدلى في هذه التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابه للجريمة بالاشتراك مع المتهمين الأول والثاني وخطوات إعدادهم لها ثم تنفيذها وهو في كامل حريته واختياره ومن ثم فإن القول بوقوع إكراه مادى عليه يضحى قولاً عار من دليل أما ما أثير عن وقوع إكراه معنوي عليه مردوداً بأن ذلك القول ليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ، كما وأن القول بعدم صدق هذا الاعتراف أو معقوليته هو فى مجمله مردود بأن اعتراف المتهم الثالث جاء تفصيلياً يتفق وما أوردته الأدلة الفنية بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع مما يدحض ما أثاره الدفاع فى هذا الخصوص . لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن دفاع المتهمين بشأن بطلان الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من دليل وليس فى الأوراق ما يظاهره أو يسانده على ما سلف بيانه ومن ثم تطرح هذا الدفاع وتعول على اعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة العامة كدليل عليه وعلى المتهمين الأول والثاني .
وحيث إنه عن دفاع المتهمين الأول والثاني بتناقض اعتراف المتهم الثالث مع الدليل الفني فهو في غير محله ذلك أن المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى اعتراف المتهم الثالث بأن المتهم الأول قام بالاعتداء على المجنى عليه ببلطة على رأسه ثم طعنه بسكين وقام المتهم الثاني بطعنه بسكين في أجزاء متفرقة من جسده وهو ما يتطابق فيه الدليل القولي مع الدليل الفني ومؤداه أن وفاة المجنى عليه ناشئة من الإصابة الطعنية النافذة بيسار البطن والإصابة الطعنية النافذة بمنتصف يسار الظهر وما أحدثاه من تهتك بالأمعاء والغشاء البريتوني والأوعية الدموية الرئيسية بالبطن وتمزق بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثانية والضلع الثاني عشر الأيسر والإصابات جميعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد على لسان المتهم الثالث .
وحيث إن ما يثيره المدافع عن المتهم الثالث من بطلان الاعتراف المعزو إليه أمام المحكمة لعدم إدراكه ما يترتب على هذا الاعتراف فإنه لا جدوى مما يثار فى هذا الصدد لأن هذه المحكمة لم تعول على هذا الاعتراف فى إدانة المتهمين وإنما عولت على اعتراف المتهم المذكور فى تحقيقات النيابة العامة الذى تطمئن إلى صدقه وصحته .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة فإنه على غير سند من الواقع إذ الثابت من أوراق الدعوى أنه بعد العثور على جثة المجنى عليه قام العقيد ...... مفتش مباحث فرقة ..... بإجراء تحرياته التي دلت على أن المتهمين هم مرتكبي الجريمة وأفرغ هذه التحريات في محضره المؤرخ ... سنة ..... والذي صدر بموجبه إذن النيابة العامة المؤرخ في .... سنة ..... الساعة ..... مساء بضبط وتفتيش المتهمين ومسكنهم وضبط الأدوات والأسلحة والأشياء التي استخدمت فى ارتكاب الحادث ونفاذا لهذا الإذن فقد تم ضبط المتهمين بتاريخ .... سنة ..... الساعة .... صباحاً.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت فى الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهمين الأول والثاني وعدول المتهم الثالث عن اعترافه فى تحقيقات النيابة العامة وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سنداً من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئناناً منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذى جاء مصدقاً لها فى بيان واضح فضلاً عن أن أقوال الطبيب الشرعي جاءت مؤيدة لذلك وهو ما يتلاءم به جماع الدليل القولي ومؤداه حدوث إصابات المجنى عليه والتي أودت بحياته وفق ما ذهب إليه المتهم الثالث في اعترافاته وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به وتطرح ما عداه من تصويرات .
ومن حيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهمين وتوفرت لديهم من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجتهم الملحة إلى المال لإنهاء ضائقتهم المالية وأن فى قتل المجنى عليه والاستيلاء على ما لديه من نقود ما يفك هذه الضائقة وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء بلطة وسكين وقام الأول باستدراجه إلى مكان ارتكاب الجريمة حيث كان كل من المتهمين الثانى والثالث في انتظاره حيث قاما بشل حركته وقام المتهم الأول بضربه بالبلطة والسكين وقام الآخرين بطعنه بالسكين فى أجزاء متفرقة وقاتلة من جسده ولم يتركوه حتى أيقنوا هلاكه وإزهاق روحه ثم قاموا بسرقة المبلغ النقدي الذى كان بحوزته .
وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث في توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها وإذ كان ذلك وكان الثابت فى حق المتهمين حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه أن المتهمين تدبروا الأمر قبل الحادث بفترة كافية فى هدوء وروية وانتووا قتل المجنى عليه ليتمكنوا من سرقته وأعدوا أدوات الجريمة ثم استدرجه المتهم الأول إلى مكان التنفيذ حيث كان ينتظره كل من المتهمين الثاني والثالث ثم قاموا بقتل المجنى عليه والتخلص من جثته بإلقائها في الطريق العام بعيداً عن مكان ارتكاب الجريمة وكان المتهمون في كل ذلك يتسمون بالهدوء والروية سواء فى إعدادهم لجريمتهم أو في تنفيذها مما يقطع بتوافر ذلك الظرف لديهم .
ومن حيث إن المادة 234 من قانون العقوبات فى شقها الأول بنصها على ظرف الاقتران أنه يكفى لانطباقها ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وإذ كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد ارتكبوا جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي استقلت تماماً عن جناية السرقة مع حمل السلاح ليلاً والتي تلتها ببرهة يسيرة فتحقق بذلك شرطا الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات .
ومن حيث إنه وتأسيساً على ما تقدم يكون قد ثبت فى يقين المحكمة على سبيل الجزم أن المتهمين : 1 - ..... 2 - ..... 3 - ...... فى يوم ...... بدائرة قسم ..... محافظة ..... : 1 - قتلوا عمداً مع سبق الإصرار المجنى عليه ...... بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على إزهاق روحه والاستيلاء على ما بحوزته من نقود وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء - سكين وبلطة - وتنفيذاً لذلك توجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه واستدرجه لمسكنه بزعم استرداد بعض المبالغ المستحقة لأحد أقاربه وما أن ظفروا به حتى قام المتهمان الثاني والثالث اللذان كانا بانتظاره بشل حركته وانهال عليه الأول ببلطة وسكين وتابعه الثاني والثالث بطعنه بذات السكين قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى مرتبطة وهى أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر أ - سرقوا المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق والمملوك للمجنى عليه ....... ليلاً حال حملهم لأسلحة بيضاء ظاهرة - بلطة وسكين - على النحو آنفا المؤثمة بالمادة 316 عقوبات . ب - حازوا وأحرزوا بدون ترخيص أسلحة بيضاء - بلطة وسكين - وبغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية على النحو المبين بالتحقيقات الأمر الذى يتعين معه إدانتهم طبقاً للمواد 230، 231، 232، 234/ 2، 316 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2003، 1/1، 25 مكرراً /1، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق به ، والمادتين 2، 112 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وعملاً بالمادة 304 /2 من قانون الإجراءات الجنائية مع توقيع عقوبة واحدة عن التهم الثلاث المسندة إلى كل منهم وهي عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الأشد وذلك لوجود ارتباط بينهم عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات .
وحيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها ما يدعوها إلى النزول بالعقوبة في نطاق ما تقرره المادة 17 من قانون العقوبات .
وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فترى المحكمة إلزام المتهمين الأول والثاني بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ