الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 17 مايو 2025

الطعن 83 لسنة 19 ق جلسة 11 / 1 / 1951 مكتب فني 2 ج 2 ق 47 ص 240

جلسة 11 من يناير سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
----------------

(47)

القضية رقم 83 سنة 19 القضائية

إثبات. دليل كتابي. 

القرابة. اعتبارها من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي. مسألة موضوعية.
(المادة 215 من القانون المدني - القديم - ).

-----------------
اعتبار صلة القرابة بين أطراف الخصومة من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي هو من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض. وإذن فمتى كان الواقع هو أن الطاعنتين أقامتا دعواهما على المطعون عليه تطلبان القضاء لهما بريع حصتهماً في تركة مورثهما، فدفعها المطعون عليه بأنه وقد كان أرشد عائلته بعد وفاة أخيه مورث الطاعنتين - وهو والد الأولى منهما وزج الثانية - كان يتولى بالاشتراك مع زوج الأولى إدارة الأطيان المطالب بريعها وكان يسلم الطاعنتين نصيبهما في كل محصول ولم يكن يأخذ عليهما محرراً بذلك لقيام رابطة القرابة بينه وبينهما، وكان الحكم إذ قضى بجواز إثبات تسلم الطاعنتين نصيبهما في الريع بأي طريق من طرق الإثبات بما فيها البينة قد أقام قضاءه على أساسين: الأول - أن المسائل المطلوب إثباتها بالبينة تعتبر مادية. والثاني - أن صلة القرابة بين أطراف الخصومة تعتبر من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي. وكان مبنى ما نعته الطاعنتان على الحكم أنه إذ قرر وجود روكية واشتراكاً في الريع الناتج قد شابه القصور، لأنه فهم دفاع المطعون عليه على غير حقيقته واستخلص منه ما لا تحتمله عبارته، كذلك أخطأ في تطبيق القانون إذ اتخذ من قيام المانع الأدبي بينهما وبين المطعون عليه تكأة لإجازة إثبات تسليم الريع بالبينة بالنسبة إلى الوكيل مع أنه لم يقل بقيام هذا المانع بين هذا الوكيل والمطعون عليه ولم يورد ثمة دليلاً عليه. فإن الطعن برمته يكون متعين الرفض، ذلك لأن الأساس الثاني مما يستقيم به الحكم وحده في قضائه بجواز التحقيق بالبينة.


الوقائع

في يوم 31 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 15 فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 308 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنتان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات. وفي 5 من يونيه سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 16 منه أودعت الطاعنتان أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما، ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً. وفي 30 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنتين بالمصروفات. وفي 28 من ديسمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن واقعة الدعوى كما يستفاد من الحكم المطعون فيه تتحصل في أن الطاعنتين أقامتاها على المطعون عليه لدى محكمة الفيوم الابتدائية تطلبان فيها القضاء لهما بقيمة الريع في تركة مورثهما عن المدة من سنة 1942 حتى نهاية سنة 1947 - فدفعها المطعون عليه بأنه وقد كان أرشد عائلته بعد وفاة أخيه الأكبر مورث الطاعنتين وهو والد الأولى منهما وزوج الثانية - كان يتولى بالاشتراك مع زوج الأولى إدارة الأطيان المطالب بريعها. وكان يسلم الطاعنتين نصيبهما عيناً في كل محصول ولم يكن يأخذ عليهما محرراً بذلك لقيام رابطة القرابة بينه وبينهما والتي تعتبر مانعاً أدبياً من الحصول على دليل كتابي - وطلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات هذا التسليم. إلا أن محكمة أول درجة لم تجبه إلى هذا الطلب، وندبت خبيراً لتقدير الريع. فأستأنف فأخذت محكمة الاستئناف بوجهة نظره وألغت الحكم الابتدائي وأعادت الدعوى إلى محكمة أول درجة للسير فيها على الوجه المبين بأسباب حكمها فقررت الطاعنتان الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن سببي الطعن يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بجواز إثبات تسلم الطاعنتين نصيبهما في الريع بأي طريق من طرق الإثبات بما فيها البينة، قد شابه القصور في التسبيب كما أخطأ في تطبيق القانون، وآية القصور أن الحكم فهم دفاع المطعون عليه على غير حقيقته، واستخلص منه مالاً تحتمله عبارته، ذلك أن جوهر هذا الدفاع كان في كافة مراحل الخصومة يتركز في أن زوج الطاعنة الأولى كان يشترك معه في إدارة الأطيان وأنه كان يتسلم نصيب الطاعنتين في الحاصلات عيناً - إلا أن محكمة الاستئناف فهمت هذا الدفاع على أن "هناك روكية واشتركاً في الريع الناتج" مما تعتبر معه الوقائع المدعى بها وقائع مادية لا سبيل لإثباتها إلا بالبينة، وهذا الفهم الخاطئ الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا سند له في أوراق الدعوى مما يجعله معيباً - أما وجه الخطأ في القانون فهو أن المحكمة إذ قضت بجواز الإثبات بالبينة تأسيساً على وجود مانع أدبي يمنع المطعون عليه من الحصول على سند كتابي من الطاعنتين يفيد براءة ذمته من الريع، في حين أن المطعون عليه كان يدعي أن سلم هذا الريع إلي وكيلهما زوج الطاعنة الأولى لا إليهما، إذ قضت بذلك أخطأت. ذلك أنها اتخذت من قيام هذا المانع بين المطعون عليه والطاعنتين تكأ لإجازة إثبات هذا التسليم بالبينة بالنسبة إلى الوكيل مع أنها لم تقل بقيام هذا المانع بين هذا الوكيل والمطعون عليه ولم تورد ثمة دليلاً عليه.
ومن حيث إن الحكم قال "إن ما ذهب إليه المستأنف (المطعون عليه) من وجوده مع مورث المستأنف عليهما (الطاعنتين) في روكية واحدة حتى وفاته وفي استمرارهما معاً في هذه الروكية ومشاركته في ريع الأطيان مكان مورثهما، هذا الأمر في ذاته واقعة مادية لا سبيل لإثباتها إلا بالبينة ولا يمكن تكليف المستأنف (المطعون عليه) أن يقدم دليلاً كتابياً عليها لأنها لا تحصل بعقد. وهذه الواقعة يجب التثبت منها قبل التفكير في تعيين خبير إذ لو صحت واقعة وضع يد المستأنف عليهما (الطاعنتين) أو وكيلهما الذي يجوز أن تكون وكالته ضمنية لأغنت المحكمة عن تعيين خبير علاوة على أن علاقة القرابة التي بين العم (المطعون عليه) وبنت أخيه المتوفى والدها تجعله في مقام أبيها خصوصاً إذا كانت تقيم في كنفه كما يدعى وتسودهما المودة وطيب المعاملة الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة وجود ما يبرر عدم حصول المستأنف (المطعون عليه) على مخالصة تبرئ ذمته من المطالبة بنصيبهما في ريع الأطيان وبالتالي تبيح له إثبات هذه البراءة بشهادة الشهود". ويبين من ذلك أن محكمة الاستئناف أقامت قضاءها بجواز التحقيق بالبينة على أساسين: الأول أن المسائل المطلوب إثباتها بالبينة تعتبر مادية والثاني أن صلة القرابة بين أطراف الخصومة تعتبر من الموانع الأدبية التي تحول دون الحصول على دليل كتابي - ولما كان الأساس الثاني الذي بني عليه الحكم قضاءه بجواز الإثبات بالبينة من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض ويستقيم به الحكم وحده - لما كان ذلك - كان الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق