جلسة 29 من مارس سنة 1951
----------------
(92)
القضية رقم 79 سنة 19 القضائية
حكم. تسبيبه.
قضاؤه بإلزام الطاعن بصفته حارساً قضائياً على شركة بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول قيمة سند وقع عليه المطعون عليه الثاني بصفته مديراً للشركة. إقامته في أساسه على ما استبانته المحكمة من أن العمليات الخاصة بالدين موضوع السند مثبتة في دفاتر الشركة بخط ذات الطاعن. في هذا وحده ما يكفي لدحض ادعاء الطاعن صورية السند، وفيه وحده ما يكفي لإقامة الحكم. كون المحكمة شفعت ذلك بقرينة استخلصتها من دعوى عينتها بالذات منظورة في نفس الجلسة وبين الطاعن والمطعون عليه الثاني. لا يعيبه. الطعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون استناداً إلى أن المحكمة لم تقرر ضم تلك الدعوى وأن المطعون عليه الأول لم يكن خصماً فيها. على غير أساس متى كان الطاعن خصماً في الدعوى المشار إليها.
(المادة 103 من قانون المرافعات - القديم - ).
الوقائع
في يوم 28 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 17 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 210 تجاري سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى، وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 30 من مايو وأول يونيه سنة 1949 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 16 من يونيه سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته، ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً. وفي 8 من نوفمبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 15 من فبراير سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقامها على الطاعن والمطعون عليه الثاني وآخر يطلب الحكم بإلزامهم بصفاتهم بأن يدفعوا إليه مبلغ 3800 جنيه والمصاريف، على أساس أنه يداين شركة مرزوق إخوان بهذا المبلغ بموجب سند إذني مؤرخ في 15/ 8/ 1946 ويستحق الدفع وقت الطلب وموقع من المطعون عليه الثاني بصفته مديراً للشركة، فدفع الطاعن بأن السند صوري حرره المطعون عليه الثاني بعد فصله من عمله في الشركة إضراراً بها وأسند تاريخه إلى ما قبل فصله من عمله كمدير للشركة. وفي 18 من إبريل سنة 1948 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع إلى المدعي مبلغ 3773 جنيهاً و976 مليماً وجاء في حكمها: "إن القاطع في الدلالة على صحة السند أن العمليات التي أشار إليها المدعى عليه الأول (الطاعن) مثبتة في دفاتر اليومية، وقد رحل حسابها بخط المدعى عليه الأول نفسه في صحيفة رقم 119... ولو كانت الشركة سددت شيئاً من الثمن لأثبت ذلك في الدفاتر. وظاهر أن التأخير في المطالبة كان يرجع إلى تغيب المدعي عن القطر المصري. والقول من جانب المدعى عليه الأول (الطاعن) بصورية السند أمر تكذبه دفاتر الشركة نفسها والمحررة بخطه. يضاف إلى هذا أن المدعى عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) هو صاحب الجانب الأكبر من رأس مال الشركة والمدير المتصرف في أعمالها، فإقراره حجة على الشركة ونافذ عليها. ومما لا يتفق ومصلحته - بداهة - بتحميل الشركة بديون جديدة (انظر الدعوى رقم 104 سنة 1947 تجاري كلي مصر المنظورة اليوم مع هذه القضية)". استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 210 سنة 65 ق تجاري. وفي 17 من فبراير سنة 1949 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي استند إليها، ولما جاء في أسباب الاستئناف رقم 205 سنة 65 ق تجاري، فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين: حاصل أولهما - قصور الحكم في التسبيب وخطؤه في تطبيق القانون. أما القصور فقد وقع فيه الحكم إذ استند في قضائه إلى أسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 104 سنة 1947 تجاري كلي مصر وإلى أسباب الحكم الصادر في الاستئناف المرفوع عنه رقم 205 سنة 65 ق تجاري مع أنه لا المحكمة الابتدائية ولا محكمة الاستئناف قررت ضم الدعويين إلى الدعوى موضوع الطعن الحالي، ومع أن المطعون عليه الأول لم يكن طرفاً في أي من الدعويين. وأما الخطأ في القانون فقد وقع فيه الحكم إذ قرر أن المطعون عليه الثاني هو صاحب الجانب الأكبر من رأس مال الشركة والمدير المتصرف في أعمالها، وأن إقراره حجة على الشركة ونافذ عليها، مع أن الإقرار حجة قاصرة على المقر لا يؤاخذ بها غيره، وقد عزل الطاعن المطعون عليه الثاني من وظيفته في الشركة بإنذار مؤرخ في 12 من أكتوبر سنة 1946، فلا محل بعد ذلك لمؤاخذة الطاعن بأي إقرار صادر منه.
ومن حيث إن هذا السبب بشقيه مردود: أولاً - بأن المحكمة أقامت قضاءها في أساسه على ما استبانته من أن العمليات الخاصة بالدين موضوع السند مثبتة في دفاتر الشركة بخط ذات الطاعن. وفي هذا وحده ما يكفي لدحض ادعائه صورية السند، وفيه وحده ما يكفي لإقامة الحكم، ولكن المحكمة شفعت ذلك بقرينة استخلصتها من دعوى أخرى عينتها بالذات منظورة أمامها في نفس الجلسة وبين نفس الطاعن والمطعون عليه الثاني وليس في هذا ما يعيب حكمها، لأن عيب التجهيل لا يتصل بأسبابه. أما تحدي الطاعن بأن المطعون عليه الأول لم يكن طرفاً في تلك الدعوى، وأنه من ثم لا يصح في تسبيب الحكم المطعون فيه الإحالة إلى أسباب الحكمين الصادرين فيها، فإنه غير مقبول منه، ذلك أنه لا صفة له في التحدي بما عساه يكون مقبولاً من خصمه، وقد كان هو خصماً في تلك الدعوى. ومردود: ثانياً - بأن المطعون عليه الثاني وقع سند المديونية بصفته مديراً للشركة في 15 من أغسطس سنة 1946، وكان إذ ذاك يملك حق الإمضاء عنها من غير ما منازعة، ذلك أن إنذار الطاعن له بعزله من وظيفته كمدير للشركة مؤرخ في 12 من أكتوبر سنة 1946 وما أورده الحكم يفيد أن الطاعن عجز عن إثبات ما يدعيه من أن السند قدم تاريخه. ومن ثم يكون على غير أساس من القانون ما يثيره بشأن عدم جواز الاحتجاج عليه بصفته بالسند المذكور.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم قد عاره قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وبطلان في الإسناد، ذلك أن حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يمحص ما قدمه الطاعن من أدلة على صورية سند المديونية من أن المطعون عليه الأول اشترى في 20/ 9/ 1946 من شركة مرزوق إخوان بضائع بثمن قدره 447 جنيهاً دفعه نقداً ولم يخصمه من قيمة السند مع أنه كان مستحق الدفع، ومن أنه سكت عن المطالبة بقيمة السند ما يقرب من تسعة شهور، إذ هو لم يعلن الشركة ببروتستو عدم الدفع إلا في أول مايو سنة 1947 مع أن مبلغ الدين جسيم - لم يمحص الحكم هذا الدفاع الجوهري واكتفى في شأنه بما لا يصلح رداً عليه. أما البطلان في الإسناد فقد شاب الحكم إذ قرر أن الدين ثابت في دفاتر يومية الشركة، وأن الطاعن قد رحله بخط يده في الصحيفة رقم 119 من هذه الدفاتر، مع أن المبالغ المثبتة في دفاتر يومية الشركة لا تتفق قدراً مع المبلغ الثابت في السند، وهي على أية حال نتيجة لعمليات أخرى.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في شقه الأول - بأن ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً في الموضوع مما لا يصح طرحه على هذه المحكمة، ومردود في شقه الثاني - بأن ما يتحدى به الطاعن عار عن الدليل، ذلك أنه لم يقدم إلى هذه المحكمة دفاتر الشركة التي يشير إليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق