جلسة 29 من مارس سنة 1951
-----------------
(90)
القضية رقم 32 سنة 19 القضائية
(1) الأحكام الصادر من محاكم ابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية في مسألة اختصاص بحسب أحكام المادة 15 من لائحة الترتيب قبل العمل بقانون المرافعات الجديد. الطعن فيها بطريق النقض. لا يجوز إلا فيما قضت به في ذات مسألة الاختصاص، على أن يكون مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون أو تأويله لا لبطلان الإسناد.
(المادة 10 من قانون إنشاء محكمة النقض).
(2) خروج الدعوى عن ولاية المحاكم وفقاً لنص الفقرة العاشرة من المادة 15 من لائحة ترتيبها. مناطه. أن تكون صفة الملك العام خالية من النزاع. قيام نزاع جدي على هذه الصفة. اختصاص المحاكم بنظر الدعوى. خطؤها في تطبيق القانون عند التصدي للموضوع. لا يعتبر خطأ في مسألة متعلقة بالاختصاص.
مثال:
(المادة 15/ 10 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية والمادة 9 من القانون المدني - القديم - ).
الوقائع
في يوم 17 من مارس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة مصر الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية الصادر في 27 من مارس سنة 1948 في القضية المدنية الاستئنافية رقم 93 سنة 1947 بنها وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنتان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر النزاع مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات والأتعاب عن جميع درجات التقاضي. وفي 22 من مارس سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 3 من إبريل سنة 1949 أودعت الطاعنتان أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما. وفي 21 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 31 من أكتوبر سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم جواز الطعن واحتياطياً بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 8 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن وقائع الدعوى تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه أقامها أمام محكمة شبين القناطر الجزئية طالباً الحكم بتثبيت ملكيته لـ 17 قيراطاً و15 سهماً تنازعه الطاعنتان في ملكيتها فقضت المحكمة الجزئية في 18 من فبراير سنة 1946 بندب خبير للاطلاع على مستندات الطرفين وتطبيقها على الطبيعة لمعرفة إن كان المدعي هو الواضع اليد. وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى أن القدر محل الدعوى يدخل فيما آل إلى المدعي (المطعون عليه) بمقتضى حكم رسو مزاد صدر في 23 من إبريل سنة 1940، وأنه في وضع يده، وأنه وفق خرائط المساحة القديمة الموضوعة سنة 1886 يدخل ضمن الخليج الزعفراني (أي من الأملاك العامة) ولكن واضح في الطبيعة أن هناك مسقاة خاصة تجاور الخليج الزعفراني يليها القدر المتنازع عليه وتجعله متصلاً بملك المطعون عليه، وقدم المطعون عليه ما يدل على أن هذه المسقاة كانت موجودة في سنة 1910.. وبعد تقديم تقرير الخبير دفعت الطاعنتان بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى، لأنها نزاع على ملكية الأملاك العامة، فهي خارجة عن ولاية المحاكم وفقاً لنص الفقرة العاشرة من المادة 15 من لائحة ترتيبها، فقضت المحكمة برفض الدفع تأسيساً على أن "خروج النزاع عن ولاية المحاكم منوط بثبوت صفة الملك العام، وخلوه من النزاع. فإذا كان موضوع الدعوى مسألة النظر فيما إذا كان الملك المنازع فيه يدخل في الأملاك العمومية أم لا يدخل فإن المحاكم الأهلية تنظر وتفصل في ذلك... وإن النزاع في الدعوى يقوم في الواقع حول ما إذا كانت أرض النزاع ملكاً عاماً له الضمان الوارد في المادة 9 مدني (قديم) أو ملكاً خاصاً للحكومة تملكه بعد ذلك المدعي ومن تلقى عنه الحق في الملك... لذلك تكون المحاكم مختصة.." أما في الموضوع فرأت المحكمة تثبيت ملكية المدعي للأرض محل النزاع "لأنه إن صح أنها كانت ضمن حرم الخليج الزعفراني فقد خرجت فعلاً عن هذا الحرم بشق مسقى سرسق في سنة 1910 وتحولت إلى أرض زراعية وضع اليد عليها بهذه الصفة وزرعت باستمرار من هذه السنة حتى سنة 1944 وينبني على ذلك أن المدعي ومن تلقى الحق عنه قد وضعوا أيديهم على أرض النزاع بشكل ظاهر مستمر هادئ كملاك على أرض غير مخصصة للمنافع العامة مدة تزيد على 15 سنة" وقد استأنفت الطاعنتان الحكم فقضت محكمة بنها الابتدائية بهيئة استئنافية في 27/ 3/ 1948 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بالنقض لسبب وحيد محصله: أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الملك المخصص للمنفعة العامة تزول عنه هذه الصفة ويتحول إلى ملك خاص للحكومة إذا صدر بذلك قانون أو أمر أو فعل - قد أخطأ في فهم معنى الفعل الذي يخرج الملك العام إلى ملك خاص للدولة، وتوهم أن هذه الفعل قد يكون فعل الاغتصاب من جانب الجمهور مع أن الفعل المقصود في هذا الصدد إنما هو فعل الحكومة نفسها كأن تعرض الحكومة قطاراً قديماً للبيع. ولو صح تفسير الفعل بأنه فعل الأفراد لأصبح من شأن فعل الاغتصاب تجريد الملك العام من صفته وأصبح مما يصح تملكه بالتقادم، وانه ليس في وقائع الدعوى ما يفيد أن الحكومة من جانبها أتت فعلاً أخرج الملك العام عن صفته، بل كل ما ادعى به هو وضع يد الأفراد وإنشاء مسقاة اغتصاباً، وأنه وإن كان صحيحاً أن مناط اختصاص المحاكم بالفصل في ملكية الملك العام هو عدم ثبوت هذه الصفة بشكل ظاهر إلا أن هذه الصفة ثابتة بشكل ظاهر مما لا يدع مجالاً للحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص، كما أن الحكم المطعون فيه قد عاره بطلان في الإسناد، إذ قرر توكيداً لجدية النزاع وخفاء الصفة العامة للملك أنه يبين من الاطلاع على مستندات الخصوم وتقرير الخبير أن القدر محل النزاع مما يدخل ضمن ما رسا مزاده على المطعون عليه في حين أن الخبير قال إنه يدخل في الملك العام.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بوصفه حكماً نهائياً صادراً من محكمة ابتدائية في 27/ 3/ 1948 أي قبل العمل بقانون المرافعات الجديد - لا يجوز الطعن فيه بالنقض إلا فيما قضى به في الدفع بعدم الاختصاص، على أن يكون مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون أو تأويله، لا لبطلان الإسناد. وليس ثمة من خطأ في تطبيق القانون أو تأويله فيما قرره الحكم من رفض الدفع المؤسس على الفقرة العاشرة من المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية، لأن مناط خروج الدعوى عن ولاية المحاكم أن تكون صفة الملك العام خالية من النزاع، فإذا قام النزاع الجدي على هذه الصفة - كما هو الحال في الدعوى - كانت المحاكم مختصة بنظرها، فإن أخطأت في تطبيق القانون عند التصدي للموضوع فإن هذا لا يكون خطأ في مسألة متعلقة بالاختصاص، ومن ثم يكون الطعن متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق