جلسة 9 من فبراير سنة 1987
برياسة السيد/ المستشار الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم, زكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق، ومحمد السكري.
---------------
(52)
الطعن رقم 255 لسنة 52 القضائية
(1، 2) نقل بحري. حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال".
(1) التزام الناقل البحري. التزام بتحقيق غاية. التحلل من مسئوليته عن ذلك. وسيلته. إقامة الدليل على استلام المرسل إليه البضاعة أو أن العجز أو التلف يرجع إلى عيب فيها أو قوة قاهرة أو خطأ مرسلها.
(2) تفريغ البضاعة من السفينة بمعرفة المرسل إليهم. لا يدل بذاته عن التسليم الفعلي قبل التفريغ. إقامة الحكم قضاءه بنفي مسئولية الناقل عن العجز في البضاعة على سند من أنها وردت تحت نظام "فري أوت" وإهداره دلالة الشهادة الجمركية في إثبات العجز. خطأ. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 729 لسنة 1977 تجاري جزئي الإسكندرية - التي قيدت فيما بعد برقم 3729 لسنة 1977 تجاري كلي الإسكندرية - على الشركة الطاعنة وانتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع مبلغ 9543.840 جنيه وفوائده القانونية، وقالت بياناً لذلك أن المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي استوردت رسالة سماد يوريا داخل 164560 جوالاً شحنت على الباخرة "المنير" التابعة للشركة المطعون ضدها من ميناء "كدنستانزا" ولدى وصول الباخرة في 15/ 2/ 1977 وعند تفريغ الرسالة لتسليمها لأصحابها تبين أن بها عجزاً تقدر قيمته بالمبلغ المطالب به وقد تنازلت المؤسسة صاحبة الرسالة للطاعنة عن كافة حقوقها ودعاويها قبل الغير المسئول عن الحادث بموجب حوالة حق، ولما كانت الشركة المطعون ضدها مسئولة عن تعويض هذا الضرر بصفتها أمينة النقل البحري الملزمة بتسليم الرسالة كاملة وسليمة، فقد أقامت الطاعنة الدعوى بطلباتها السالفة، ومحكمة أول درجة قضت في 14/ 5/ 1979 بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الشركة الطاعنة مبلغ 9543.345 جنيه وفوائده القانونية. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 734 لسنة 35 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت في 28/ 11/ 1981 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بأسباب الطعن الثلاثة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وبياناً لذلك تقول أنه لما كانت مسئولية الناقل البحري لا تنتهي إلا بتسليم الرسالة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه تسليماً فعلياً، وهو ما لا يستفاد من مجرد تفريغ البضاعة من الباخرة بالدائرة الجمركية، ولا ترتفع هذه المسئولية إلا بتقديم الإيصال الدال على تنفيذ الناقل التزامه بالتسليم عملاً بنص المادة 103 من قانون التجارة البحرية أو إثباته توافر عيب ذاتي في البضاعة أو القوة القاهرة أو خطأ الغير، وكان ورود الرسالة تحت نظام "فري أوت" Free Out لا شأن بمسئولية الناقل، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى إلى عدم مسئولية الشركة المطعون ضدها عن العجز في رسالة النزاع، بمقولة أن البضاعة قد وردت تحت هذا النظام الذي يقع التفريغ طبقاً له على عاتق المرسل إليها، وأن ما ورد بالشهادة الجمركية من خصم قيمة العجز لا يعني أن مصلحة الجمارك هي التي قامت بالتحقق من وجوده لدى تفريغ البضاعة وبالتالي فلا ينهض دليلاً على أن العجز كان سابقاً على تسليم الرسالة بالنظر إلى أن تلك الشهادة كانت بعد أكثر من سبعة أشهر من تاريخ وصول السفينة في حين أنها قد تضمنت أن خصم قيمة العجز كان قبل مرور شهر من تاريخ وصول السفينة، الأمر الذي لا ينال من توافر مسئولية الناقل، بما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان التزام الناقل البحري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو التزام بتحقيق غاية هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم، ويقع على عاتق الأخير إثبات عدم تنفيذ هذا الالتزام، فإذا ما قام بذلك عد الناقل مرتبكاً لخطأ يرتب مسئوليته التعاقدية، ولا يمكنه التحلل من هذه المسئولية إلا إذا أقام الدليل على استلام المرسل إليه البضاعة أو أن العجز أو التلف إنما يرجع إلى عيب في ذات الأشياء المنقولة أو بسبب قوة قاهرة أو خطأ مرسلها، وكانت المادة 103 من قانون التجارة البحري قد نصت على أنه "يجب على القبودان أن يطلب ممن استلم البضائع وصلاً باستلامها وإذا لم يكن موجوداً فعليه أن يتحصل على شهادة من ديوان الجمرك تثبت إخراج البضائع المذكورة في سند المشحونات وإلا كان ملزماً بجميع التعويضات لملاك البضائع أو لمستلميها" بما مفاده أن على الناقل تقديم دليل استلام المرسل إليه للبضاعة دفعاً لمسئوليته، ولما كان تفريغ البضاعة من السفينة بمعرفة المرسل إليه لا يدل بذاته على أنه تسلم البضاعة تسليماً فعلياً قبل التفريغ وتمكن من فحصها والتحقق من حالتها على نحو يرتب اعتبار العجز أو التلف الذي يتم اكتشافه بعد التفريغ حصلاً أثناء عملية التفريغ وبسببها، ولما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة قدمت شهادة رسمية صادرة من جمرك المحمودية تحت رقم 537 في 21/ 9/ 1977 تضمنت أن الإجراءات الجمركية قد تمت بالنسبة لرسالة النزاع في 9/ 8/ 1977 وأعطيت عنها شهادة قيمية بعد خصم قيمة عجز لم يرد بعدد 5520 جوال سماد بموجب استمارة مصرفية في 13/ 3/ 1977 - وهو ما يدل على ثبوت العجز في رسالة بعد أقل من شهر من تاريخ وصولها السفينة في 15/ 2/ 1977 وليس في تاريخ تحرير الشهادة الجمركية - وبذلك تكون الشركة الطاعنة قد أقامت الدليل على وجود العجز بالرسالة، وإذ لم تقدم الشركة المطعون ضدها - الناقلة - ما يفيد تسليمها للرسالة كاملة ولم تزعم أن هذا العجز يرجع إلى سبب أجنبي لا يد لها فيه، فإنها تبقى مسئولة عنه، ولا يغير من ذلك أن الرسالة وردت تحت نظام "فري أوت" Free Out ذلك أن هذا النظام وبافتراض صحة الاتفاق عليه يعني أن الناقل لا يتحمل مصروفات التفريغ فحسب ولا شأن لهذا النظام بمسئولية الناقل عن تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن تسليماً قانونياً تم على ظهر السفينة قبل التفريغ، وإذ جرى قضاء الحكم المطعون فيه على أن ورود رسالة النزاع تحت نظام "فري أوت" يدل على استلام المستوردة لها داخل السفينة، وإطراح دلالة الشهادة الجمركية في إثبات العجز بمقولة أنه لا يستفاد منها أن الرسالة سلمت وبها هذا العجز باعتبار أنها كانت في 21/ 9/ 1977 بعد أكثر من سبعة أشهر من تاريخ وصوله السفينة في 15/ 2/ 1977 - رغم ما نقله عن تلك الشهادة من أن قيمة العجز قد خصمت في 13/ 3/ 1977 - ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الشركة الطاعنة، فإنه يكون قد أخطأ فهم الواقع في الدعوى وخالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق