جلسة 19 إبريل سنة 1951
---------------
(111)
القضية رقم 170 س 18 ق
(1) إجارة الأشخاص. المادة 403 من القانون المدني القديم.
(أ) القول بأن هذه المادة لا تنطبق إلا إذا لم يكن للمستخدم المفصول عمل آخر يرتزق منه وأن يكون الفصل قد أدى إلى بطالته بطالة تامة. غير صحيح. نص المادة في هذا الخصوص مطلق.
(ب) تعويض المستخدم وفقاً لهذه المادة عن جميع المدة التي لا يتمكن فيها من الالتحاق بخدمة الغير. عدم التمكن هذا. هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع مستنبطاً هذا تقدير من كافة ما يقدم إليه من أدلة بما في ذلك مجرد القرائن ومستهدياً في ذلك بطبيعة عمل المستخدم وكافة ظروف الدعوى وملابساتها.
مثال. فصل إدارة مستشفى طبيباً قبل انتهاء مدة استخدامه.
(المادة 403 من القانون المدني - القديم).
الوقائع
في يوم 4 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 30 من مايو سنة 1948 في الاستئناف رقم 348 سنة 3 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 8 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن وفي 19 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 3 من أكتوبر سنة 1948 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 من يونيه سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أولاً بعدم قبول السبب الأول واحتياطياً رفضه وثانياً رفض الطعن بالنسبة للسببين الثاني والثالث وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 5 من إبريل سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
من حيث إن وقائع الدعوى تتحصل كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه عين طبيباً بمستشفى المواساة (مستشفى الملك فؤاد الآن) والذي يرأس الطاعن مجلس إدارته - وكان تعيينه في 8 من فبراير سنة 1938 لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد بمرتب شهري بلغ أخيراً 38 جنيهاً - على أن يكون للمطعون عليه حق فتح عيادة خاصة ثم جدد العقد لمدة أخرى - كما أثبت ذلك الحكم المطعون فيه - وأصبح ينتهي في سنة 1948 ولكن المطعون عليه تلقى في 3 من إبريل سنة 1945 خطاباً بفصله اعتباراً من أول إبريل سنة 1945، فأقام دعواه طالباً عدة طلبات منها أجر المدة الباقية من العقد أي مرتب 35 شهراً - وقد قضى له الحكم المطعون فيه بقيمة أجر المدة الباقية من العقد تأسيساً على المادة 403 مدني (قديم) التي تنص على أنه إذا فسخ السيد العقد قبل نهاية مدته كان للمستخدم أجر المدة التي لا يتمكن فيها من العمل لدى الغير.
ومن حيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أسباب تتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق المادة 403 مدني (قديم) كما خالف قواعد الإثبات وشابه قصور وتناقض وذلك لأن المادة 403 مدني (قديم) التي طبقها تفترض إن ليس للمستخدم عمل آخر يرتزق منه مضافاً إلى عمله الأصلي كمزاولة طبيب مهنته الحرة بعيادة خاصة علاوة على وظيفته بل تفترض أن فصل العامل قد أدى إلى بطالته بطالة تامة - كما أن المادة توجب سعي المستخدم لإيجاد عمل له وعلى المحكمة أن تتحقق من أن المستخدم المفصول قام من جانبه بهذا المسعى قبل القضاء بالتعويض وإثبات هذا يقع على عاتق المستخدم الذي يجب عليه أن يقدم الدليل على أنه لم يستطع أن يلتحق طيلة المدة التي يطالب بأجرها بعمل جديد ولا يجوز افتراض قرينة لمصلحة المستخدم وتكليف السيد بنفيها كما ذهب الحكم، كما لا يجوز أن تقضي للمستخدم المفصول بأجر المدة الباقية من العقد بلا قيد ولا شرط بل بأجر المدة التي لا يجد فيها عملاً ومن التناقض أن يعنى الحكم المطعون فيه على حكم محكمة أول درجة فهمه للمادة سالفة الذكر على أنها توجب الحكم للمستخدم بأجر المدة الباقية من العقد ثم يقضي هو للمطعون عليه بأجر هذه المدة.
ومن حيث إن هذه الأسباب مردودة بأن الوجه الأول الخاص بخطأ الحكم في تفسير المادة المشار إليها والقول بأنها لا تنطبق إلا إذا لم يكن للمستخدم المفصول عمل آخر يرتزق منه، وأن يكون الفصل قد أدى إلى بطالته بطالة تامة هذا الوجه مردود بأن نص المادة 403 مطلق في هذا الخصوص لا يرد عليه القيد الذي يقرره الطاعن. أما باقي الأوجه فمردودة بأنه وإن كانت المادة المذكورة تلزم السيد الذي يفسخ عقد الإيجار المحدد المدة بتعويض المستخدم عن جميع المدة التي لا يتمكن فيها من الالتحاق بخدمة الغير إلا أن عدم التمكن هذا هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع مستنبطاً هذا التقدير من كافة ما يقدم إليه من أدلة بما في ذلك مجرد القرائن ومستهدياً في ذلك بطبيعة عمل المستخدم وكافة ظروف الدعوى وملابساتها، ويتضح من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى للمطعون عليه بقيمة أجر المدة الباقية من العقد استناداً إلى المادة 403 سالفة الذكر قدر في خصوص الدعوى أن المدة التي لم يتمكن فيها المطعون عليه من الاستخدام لدى الغير هي المدة الباقية من العقد، لأن المستأنفين (الطاعن وآخر) لم يدعيا أن المدعي (المطعون عليه) التحق بمستشفى آخر أثناء المدة التي قضى له بمرتبه فيها... أما الادعاء بأنه بعد أن فصل من المستشفى أخذ يستخدم الساعات التي كان يقضيها في المستشفى في العمل بعيادته الخاصة فاستفاد من ذلك أكثر مما كان يستفيد من العمل في المستشفى هذا الادعاء لم يقم عليه دليل وإنما هو مجرد فرض قد يوافق الحقيقة وقد يخالفها... وأنه ما دام المستأنفان لم يقيما دليلاً على أن المدعي قد كسب من ناحية أخرى متصلة بعمله مثل ما كان يكسبه من المستشفى فلا مناص من الحكم له بمرتب المدة الباقية على أساس أنه لم يثبت أن المدعي في هذه المدة تمكن من الاستخدام في مستشفى آخر. ويبين من هذا الذي أورده الحكم أن المحكمة لم تخطئ في فهم المادة 403 مدني (قديم) وإنما رأت بما لها من سلطة تقدير الواقع - أن عدم ادعاء الطاعن التحاق المطعون عليه بخدمة جديدة وعدم تمسكه بأن المطعون عليه تقاعس عن السعي في هذا السبيل ودفاعه بأن المطعون عليه كان يكسب من تفرغه لعمله بعيادته الخاصة ما يعوضه عن المرتب الذي كان يتقاضاه من المستشفى الذي فصل منه مع عدم قيام الدليل على ذلك، رأت من ذلك كله تسليماً من الطاعن بأن المطعون عليه لم يوفق إلى الالتحاق بوظيفة جديدة ولا سيما بعد ما ذكره في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف من أن تصرف إدارة المستشفى قبله كان عائقاً له في هذا السبيل ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه لم يخالف المادة 403 ولم يقلب قواعد الإثبات، ولم يشبه قصور أو تناقض بل كل ما ينعاه الطاعن على الحكم هو خطؤه في تقدير قرائن الدعوى التي لا سبيل للتعرض لها متى كان تقديره لها سائغاً كما هو الحال في الدعوى ومن ثم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق